إيعال/ قلعة مصطفى بربر آغا

في بلدة الشمالية الواقعة على بعد نحو ستة كيلومترات إلىالجنوب الشرقي من زغرتا، ترتفع أطلال الحصينة التي أقامها مصطفى بربر آغا في أوائل القرن التاسع عشر.

فقد كان هذا الأخير مغامراً صلب المراس على الرغمن من ضعة نسبه، فخدم في خيالة الأمير يوسف شهاب الذي تولى حكم جبل لبنان بين عامي 1770 و1788، ثم انخرط في سلك الإنكشارية ودخل في خدمة والي عكا أحمد باشا الجزار الذي جعله متسلماً على طرابلس في أواخر القرن الثامن عشر، بين عامي 1798 و 1800. وتمكن بربر بدهائه وقوة عزيمته من التغلب على الصعوبات التي واجهته في مهمته، بحيث استمر في حكم طرابلس ولو بصورة متقطعة، حتى عام 1833، تارة محظياً وتارة مقصياً، بحسب الظروف التي واجهته والتي أثرت فيها نزاعات ولاة عكا ودمشق وأهواءهم. ثم ما لبث أن توفي عام 1835 في قلعته التي بناها في إيعال حيث قبره.

كانت بلدة إيعال في غضون القرن السابع عشر مركز مقدمين، وهو لقب رؤساء القرى والمناطق في تلك الأيام، وكانت تتميز بموقع استراتيجي يسمح لصاحبها بالسيطرة على معظم المنطقة المحيطة بها. وعام 1812، عمد بربر إلى شراء معظم القرية حيث بنى على التلة المشرفة عليها قلعة عظيمة امتدت على مساحة نحو خمسة آلاف متر مربع.

كان يحيط بهذه القلعة التي تم بناؤها بين عامي 1812و1814، أسوار عالية من الحجر الصلب وكانت منشآتها القائمة على زواياها الأربع بمثابة أبراج دفاعية. أما داخل القلعة فكان موزعاً بين مستودعات الأسلحة والذخائر والمؤن ومراقد الجنود واسطبلات الخيول ومجالس الحكم وردهات الاستقبلا، بالإضافة إلى جناح مخصص لسكن بربر وحريمه ومسجد صغير. وكانت فيها أيضاً آبار وخزانات لحفظ المياه التي جرها إليها البربر من نبع يخرج من سفح تلة مزيارة الواقعة إلى الجنوب الشرقي من إيعال.

أما مدفن بربر فيقع إلى الجهة الغربية من مسجد القعلة، وحوله قبور المخلصين من رجاله ومماليكه وبعض أفراد أسرته.

ولا بد من الإشارة إلى أن هذه القلعة التي بنيت في الوقت عينه الذي بني فيه قصر الأمير بشير الثاني في بيت الدين، حظيت في ذلك الحين بتقاريظ كبار شعراء العصر، ويمكن تصور زخارفها ومتاعها وأثاثها على أنها كانت مشابهة لما كان عليه ذلك القصر. بيد أن الزمن جار عليها وحولها إلى أثر بعد عين، باستثناء بعض أجزائها التي ما زال أصحابها، ورثة مماليك بربر يقطنوها ويحاولون المستحيل للإبقاء على معالمها.