بعلبك- الهرمل

تقع بعلبك على بعد 85 كلم إلى الشرق من بيروت فوق أعلى مرتفعات سهل البقاع، وعلى مفترق عدد من طرق القوافل القديمة التي كانت تصل الساحل المتوسطي بالبر الشامي وشمال سورية بشمال فلسطين. وقد استفادت عبر تاريخها الطويل من هذا الموقع المميز لتصبح محطة تجارية هامة وحجاً دينياً مرموقاً. وبعد أن ملك الرومان المنطقة في أواسط القرن الأول ق.م.، أنشأ الامبراطور أوغسطس مستعمرتي بيروت وبعلبك عام 15 ق.م.، ونظراً لأهمية المدينة على الصعيدين الاقتصادي والديني، أسس أغسطس لمشروع عظيم يجعل من بعلبك واجهة دعائية تبرز صورة روما وعظمتها وقدرتها بين صفوف التجار والحجاج الذين يقصدونها فينشرون تلك الصورة في أوطانهم. كان ذلك جزءاً من سياسة الدولة في ترسيخ السيطرة الرومانية على المنطقة. وكان من أبرز  نتائج تلك السياسة أن ارتفعت معابد بعلبك العملاقة التي يمكن اعتبارها من عجائب العالم القديم، لا سيما وأن العمل فيها استمر زهاء نيف وثلاثة قرورن من الزمن وتعاقب على تحقيقه وتمويله عدد لا يستهان به من كبار أباطرة الرومان.

قد تكون معابد بعلبك رومانية الشكل والزخرف. بيد أن من يمعن التدقيق في تصاميمها وبعض تفاصيلها لا بد له من ملاحظة الكثير من التأثيرات السامية المحلية عليها. ومما لا شك فيه أن تلك التأثيرات كانت ناجمة عن تدخل مباشر من قبل الكهنوت البعلبكي في التخطيط كي تتوافق البنى الجديدة مع متطلبات العبادة المحلية، لا سيما وأن الرومان كانوا يحرصون على عدم استعداء السكان المحليين في المسائل الدينية. فجوبيتير الروماني لم يكن أكثر من غلاف لحدد رب الرعود والبروق المحلي، والزهراء الرومانية لم تكن إلا وجهاً من أوجه الإلهة الأم السورية، وكذلك عطارد الذي لم يكن إلا صورة لإله بعلبكي شاب كان يهيمن على الزروع والقطعان التي كانت تشكل ثروة بعلبك في تلك الأيام.

رحلة عبـر التـاريخ

جار الزمن على معابد بعلبك، وعبثت بها يد الطبيعة والبشر، وتعرضت للزلازل والتخريب والتحوير طيلة القرون الوسطى والعصور الحديثة، غير أنها ظلت تستوقف الرحالة والزوار وتثير الإعجاب وتغذي الأساطير. ولم تخرج هياكلها من سباتها إلا في العاشر من تشرين الثاني 1898، عندما زارها غليوم الثاني امبراطور ألمانيا ووجه إليها، بموافقة الدولة  العثمانية، بعثة علمية عملت على إجراء مسح علمي شامل فيها، بالإضافة إلى بعض أعمال الحفر والترميم. ثم قام المهندسون والأثريون الفرنسيون بمتابعة هذه الاعمال طيلة فترة الانتداب الفرنسي على لبنان، وهي أعمال ما تزال المديرية العامة للآثار اللبنانية تقوم بها منذ تاريخ نيل لبنان الاستقلال وحتى اليوم.

أقيمت معابد بعلبك على تل أثري يرقى إلى أواخر الألف الثالث ق.م. على الأقل. وعلى الرغم من الغموض الذي يشوب تاريخ الموقع، بسبب عدم إجراء الحفريات التي توضح تعاقب المستويات السكنية التي يتألف منها التل، فإنه يكاد يكون من المؤكد أن قمة التل أعدت في غضون الألف الأول ق.م. لتكون مكان عبادة يتألف من حرم يتوسطه مذبح على غرار المشارف السامية التي ورد ذكرها في التوراة.

في غضون الحقبة المتأغرقة التي عقبت فتوحات الإٍسكندر (333-64 ق.م.) وبدفع من بطالسة مصر الذين ملكوا المدينة فترة من الزمن، تأثرت عبادات بعلبك بتأثيرات اللاهوت الشمسي الذي كانت مدينة هيليوبوليس المصرية عاصمته التاريخية، فاصطبغت آلهتها بصفات شمسية وتحول اسمها إلى هيليوبوليس أو مدينة الإله الشمس. وجرى آنذاك تعديل على مخطط المشرف من خلال توسيع الحرم القديم وإنشاء دكة عند طرفه الغربي بهدف إقامة هيكل على الطراز الإغريقي فوقها. بيد أن هذا الهيكل لم يبصر النور. وما تزال بعض البنى العمائرية التي تم الكشف عنها تنبئ ببعض جوانب هذا المشروع.

بدأ العمل في بناء الهيكل الكبير في أيام الامبراطور أوغسطس في أواخر القرن الأول ق.م. وكان الانتهاء منه في أواخر عهد الامبراطور نيرون (37-68 ب.م.). أما البهو الكبير، بأروقته وإيواناته ومذابحه وأحواضه، فقد بدأ العمل فيه وانتهى في غضون القرن الثاني ب.م. وقد شهد القرن الثاني أيضاً بدء العمل ببناء الهيكل الصغير المنسوب إلى الإله باخوس. أما القرن الثالث، وفي عهد الأسرة الساويرية (193-235 ب.م.) على وجه التحديد، فقد شهد إقامة الرواق المقدم والبهو المسدس. ويبدو أن الأعمال الأساسية التي تناولت هذين الصرحين، وكذلك الهيكل المستدير المنسوب إلى الزهرة قد تم إنجازها في أواسط القرن عينه.

بيد أن جميع أعمال الزخرف والنقش وغيرها من الترتيبات الثانوية لم تكن بعد قد انتهت في بدايات القرن الرابع عندما قام الامبراطور قسطنطين الكبير بإعلان مرسوم ميلانو الشهير عام 313 الذي اعترف بالمسيحية ديانة رسمية في الدولة. فتعطل العمل في معابد بعلبك، بعد مرور أكثر من ثلاثة قرون على البدء به. وما أن شارف القرن الرابع على الانتهاء حتى كان الامبراطور ثيودوسيوس يغلق المعابد ويدمر مذابحها التي كانت تعتبر أقدس مقدساتها، ويقيم على أنقاضها، في وسط البهو الكبير، كنيسة عظيمة، ما تزال آثار محاربيها محفورة في الدرج المؤدي إلى الهيكل الكبير، وقد كانت في حينه تتجه صوب الغرب.

وعلى أثر الفتح العربي عام 636 م. تحولت هياكل المدينة إلى قلعة هو الاسم الذي ما زالت تحمله حتى اليوم. وتوالى الزمن على بعلبك، فانتقلت من يد الأمويين إلى العباسيين فالطولونيين والفاطميين والأيوبيين إلى أن نهبها المغول واستردها منهم المماليك عام 1260، فعرفت في أيامهم فترة عز ورخاء.

زيارة الأطلال

يتألف مجمع بعلبك الديني من ثلاثة صروح رئيسة هي: معبد جوبيتير الكبير والمعبد الصغير المنسوب إلى باخوس والمعبد المستدير المنسوب إلى الزهرة. وهناك بقايا معبد رئيسي رابع كان يقوم فوق تلة الشيخ عبد الله إلى الجنوب من المدينة.

المعبد الكبير أو معبد جوبيتير: قد تكون صورة أعمدة بعلبك الستة من بين أكثر الصور رسوخاً في الأذهان. فهذه الأعمدة التي يبلغ ارتفاعها 22 متراً، بما في ذلك قواعدها وتيجانها، تعطي فكرة عن الهيكل الذي كانت تشكل جزءاً من رواقه الخارجي.

كان المعبد الكبير مكرساً لعبادة الثالوث البعلبكي في صيغته العلنية التي لم تكن ممنوعة على أحد. وكان هذا المجمع الضخم يتألف من أربعة أقسام رئيسية هي: الرواق المقدم وكان يشكل المدخل العمائري، يليه البهو المسدس، فالبهو الكبير فالهيكل.

يتألف الرواق المقدم من بينة أشبه ما تكون ببوابة محصنة أقيم على طرفيها برجان يصل بينهما رواق يرتكز على صف من اثني عشر عموداً من الغرانيت، وأمامها درج عظيم تحيط به بنية نصف دائرية ذات مقاعد حجرية كانت معدة لإقامة بعض الاحتفالات التمهيدية. وكان هذا الرواق مزيناً بالتماثيل وكان في جداره الداخلي ثلاثة أبواب، بينها أدراج لولبية يصعد منها إلى سقف الرواق والبهو المسدس الذي يليه.

تفضي أبواب الرواق المقدم الثلاثة إلى البهو المسدس، وهو فناء مكشوف للشمس تحيط به ستة أروقة ترتكز على ثلاثين عموداً من الغرانيت. وفي نهاية القرن الرابع أو بداية القرن الخامس، سقف البهو بقبة نحاسية مطلية بالذهب بعد تحويله إلى كنيسة. ويستفاد من بعض المصادر أن هذه القبة قد اقتلعت من موضعها ونقلت إلى بيت المقدس لتنصب على الصخرة.

أما البهو الكبير فيبلغ طوله 134 متراً وعرضه 112 متراً ويحتوي أهم البنى الدينية وأقدسها، وقد حل في غضون القرن الثاني محل المشارف التي أقيمت في الموضع عينه في الفترات السابقة. ونظراً لكونه يقوم على تل اصطناعي يمثل تراكم المستويات السكنية التي تعاقبت في الموقع، فقد عمد المهندسون إلى تدعيمه مخافة أن ينهار بعض أجزائه أو ينزلق بعضها الآخر تحت وطأة الأثقال التي كان من المفترض أن يحتملها. وتمثلت عملية التدعيم هذه بإقامة أقبية ضحمة لحصر جوانبه الشرقية والشمالية والجنوبية، فيما كانت دكة الهيكل تحصره من الجهة الغربية. وبالإضافة إلى وظيفتها هذه، كانت من شأن تلك الأقبية أن تستعمل كممرات سفلية ومستودعات واسطبلات، فيما استعمل ظهرها لحمل الأروقة والإيوانات المحيطة بالبهو، ويبلغ عدد هذه الإيوانات اثنا عشر إيواناً، أربعة منها على شكل نصف دائرة وثمانية على هيئة مستطيلة، وجميعها مزين بمشكاوات كانت مأهولة بالتمثايل.

وترتفع في وسط البهو الكبير بنيتان رئيستان: إحداهما تتمثل بالمذبح وهي الأقرب إلى الهيكل، فيما تتمثل الأخرى ببرج ضخم لم يبق منه إلا بعض مداميكه السفلى. ويشكل هذا البرج أقدم بنية البهو عهداً، إذ إنه يعود إلى النصف الاول من القرن الأول، أي إلى الفترة التي كان يجري فيها بناء الهيكل الكبير. ويبدو أنه كان بمثابة منصة عملاقة يرتقيها الحجاج لأداء بعض الفرائض أو لمشاهدة ما يجري حولهم من طقوس. ويقوم على جانبي البرج عمودان منفردان، أحدهما من الغرانيت الأحمر والآخر من الغرانيت الرمادي. ويحيط بالبرج والمذبح الذي يليه حوضان خصصا لمياه التبريك والوضوء. وقد دمرت هذه المعالم في نهاية القرن الرابع لتقوم مكانها كنيسة الامبراطور ثيودوسيوس.

بعد اجتياز الرواق المقدم والبهو المسدس والبهو الكبير، يجد الزائر نفسه عند أعتاب الهيكل الكبير، وقد وصله بعد اجتاز عدد من المراحل التي كانت تفرضها أصول العبادات السامية القديمة. ويبلغ طول الهيكل 88 متراً وعرضه 48 متراً، وكان يقوم على دكة عظيمة يبلغ ارتفاعها 20 متراً فوق أرض المدينة الرومانية المجاورة وسبعة أمتار فوق أرضية البهو، وقد بنيت بحجارة ضخمة، من بينها ثلاثة أحجار في حائطها الغربي وقد ذاعت شهرتها منذ القدم. ويبلغ طول الواحد من هذه الحجارة 20 متراً وعلوه 4 أمتار وسماكته 3 أمتار. ويصعد إلى الهيكل بدرج عظيم ذي ثلاث مساطب. وكان يحيط به رواق من أربعة وخمسين عموداً يعلوها إفريز مزخرف تزينه رؤوس الثيران والأسود.

الهيكل الصغير أو هيكل باخوس: بمحاذاة الهيكل الكبير يقوم هيكل آخر بني في غضون القرن الثاني ب.م. ويمتاز بكونه من أفضل الهياكل الرومانية حفظاً ومن أبدعها نقشاً وزخرفاً على الإطلاق. ويرتفع الهيكل على دكة يبلغ ارتفاعها خمسة أمتار ويصعد إليه بدرج عظيم يتألف من ثلاث وثلاثين درجة.

وبعكس المعبد الكبير الذي كان مكرساً لعبادة الثالوث البعلبكي من خلال إقامة الشعائر العامة والعلنية، فإن الهيكل الصغير كان مكرساً لإقامة بعض الطقوس المسمارية التي لا يشترك فيها إلا المسارون الذين تفقهوا في الأسرار. وكانت هذه الطقوس والعبادات تتمحور حول إله بعلبك الشاب الذي كان يشرف على نمو النبات والقطعان. ولما كانت قد أسبغت عليه من ثم صفات شمسية، فإن عبادته كطفل إلهي في كنف الثالوث البعلبكي قد ارتبطت ارتباطاً وثيقاً في أذهان المؤمنين بمسألة الولادة والنمو والذبول والموت مع الأمل ببلوغ حياة أخرى. وكانت الطقوس تتضمن في ما تتضمن تناول بعض المخدرات، كالخمرة والأفيون لتمكن المؤمنين من بلوغ النشوة المقدسة. وهذا ما يفسر وجود نقوش تمثل الكرمة وسنابل القمح وعناقيد العنب وجراء الخشخاش وبعض المشاهد المستوحاة من حلقات النشوة على بوابة الهيكل وفي داخله، الأمر الذي حدا ببعضهم لأن ينسبوا هذا الهيكل إلى الإله باخوس.

وعند زاوية الهيكل الجنوبية الشرقية من عصر المماليك، وقد بني في القرن الخامس عشر ليكون مقراً لنواب السلطنة في بعلبك، وما يزال الهيكل والبرج الملاصق له يعرفان حتى اليوم بدار السعادة.

الهيكل المستدير أو هيكل الزهرة: إلى الجنوب الشرقي من القلعة يقوم هيكل صغير مستدير لا مثيل لتصميمه في جميع أنحاء العالم الروماني على الإطلاق، وقد بني في غضون القرن الثالث. وكان هذا الهيكل مكرساً لتكريم الإلاهة التي تمثل مدينة بعلبك وتشفع بها أمام آلهة المدينة العظام. وهذا ما يفسر توجيه المعبد باتجاه المعبد الكبير وتحوليه في العصر البيزنطي إلى كنيسة على اسم القديسة بربارة التي تعتبر شفيعة المدينة، وتقول التقاليد المحلية فيها إنها ولدت واستشهدت في بعلبك. وما يزال أهالي بعلبك يطلقون اسم البربارة على هذا الهيكل حتى اليوم. وعلى مقربة من هذا الهيكل، بقايا هيكل آخر يرجع تاريخه إلى بدايات القرن الأول ب.م.، وكان مكرساً لعبادة الموسات ربات الفنون والآداب.

جـولة في أنحاء بعلبك

إلى جانب هياكل القلعة تزخر بعلبك بعدد لا بأس به من المعالم الأثرية الرومانية أو الإسلامية الأخرى.

الجامع الأموي الكبير: يقوم هذا الجامع إلى الشرق من مدخل المعبد الكبير ويتألف من بهو مربع يحيط به رواق ويتوسطه حوض ماء كان في ما مضى مقبباً. وتتألف قاعة الصلاة فيه من ثلاثة صفوف من الأعمدة وقد نقلت مع تيجانها من المعابد والبنى الرومانية المجاورة. أما تاريخ بنائه فيرجع إلى بدايات العهد الأموي، وتشير بعض الدلائل الأثرية إلى أنه أقيم في موضع الساحة الرومانية العامة ومن ثم كنيسة القديس يوحنا البيزنطية.

منشآت رومانية عامة: إلى الجنوب من القلعة وفي الموضع المعروف ببستان الخان، كشفت أعمال التنقيب الأثري عن بقايا  تعود إلى بعض المنشآت المدنية الرومانية. ومن بين هذه البقايا جرى ترميم بعضها، الحمامات وبناء آخر يعتقد بأنه كان مخصصاً للاجتماعات العامة.

رأس العين: يقع نبع رأس العين إلى الجنوب الشرقي من المدينة، وكان في ما مضى يؤمن بعض احتياجات المدينة من المياه إلى جانب نبع اللجوج الشهير. وما يزال محيطه يحتفظ ببعض البنى الأثرية، ومنها بقايا مزار روماني صغير وبعض المداميك التي كانت تشكل جزءاً من التجهيزات التي أقيمت لضبط مخارج المياه. وعلى مقربة من النبع أطلال جامع من عهد المماليك بني عام 1277.

المقالع الرومانية: تمتاز ضواحي بعلبك بجودة حجرها الذي مكن الرومان من قطعه بقياسات كبيرة دونما خوف من تفتته. ومن بين المقالع التي ما تزال تنبئ بمهارتهم وقدرتهم، مقلع يقع عند مدخل المدينة الجنوبي، وهو مشهور باحتوائه حجراً عظيماً يبلغ طوله 21م. ومتوسط عرضه 4.8م. وارتفاعه 4.2م. فيما يصل وزنه إلى حوالى 1000 طن يقال له حجر الحبلى. وهناك مقلع آخر في محلة الكيال إلى الجنوب الغربي من المدينة، بمحاذاة الطريق التي تعبر سهل البقاع باتجاه رأس بعلبك حمص.

قبة الأمجد: على تلة الشيخ عبد الله المشرفة على بعلبك من جهة الجنوب، قبة تتألف من مسجد صغير وزاوية، وفيها قبر الشيخ عبد الله اليونيني الذي تعرف التلة باسمه. وقد أقيمت هذه القبة في أيام الملك الأمجد بهرام شاه حفيد صلاح الدين الأيوبي، الذي ولي بعلبك بين عام 1182 و1230 للميلاد، وبنيت من حجارة هيكل عطارد القريب.

البوابة الرومانية: إلى الشمال الغربي من القلعة وعلى مقربة من الثكنة العسكرية، تقوم بوابة عظيمة محصنة وهي من بقايا التحصينات التي كانت تحيط بالمدينة في عصرها الروماني.

قبة السعادين: على مسافة من البوابة الرومانية ضر يح مقبب يتألف من حجرتين، وقد بني عام 1409م. في زمن السلطان الملك الناصر فرج ليكون مدفناً لنواب السلطنة في بعلبك.

قبة دورس: يرجع تاريخ هذا الضريح إلى العصر الأيوبي وكانت له قبة فوق ثمانية أعمدة من الغرانيت الأحمر. وتقع على يسار مدخل المدينة الجنوبي، في منطقة أصبحت اليوم عامرة بالبنايات، بعد أن كانت في ما مضى جبانة عظيمة تعود أصولها إلى العصر الروماني.

إيعات: ترجع تسمية هذه البلدة إلى اللغة السريانية وتعني الشرفة، أو البرج الذي يقام إلى جانب قصر أو قلعة بغية المراقبة. ارتبطت إيعات تاريخياً بقلعة بلعبك عبر طرقات وأقنية كانت تستخدم أيام الرومان في الموصلات والاستحمام. الأمر الذي يؤكد قدم عهدها، مما يدفع المؤرخين إلى القول أن تاريخ وجودها قريب من تاريخ وجود مدينة الشمس بعلبك. 

من الآثار في هذه البلدة عمود كلسي مهشم الرأس حفرت عليه كتابات رومانية. وقد تم مؤخراً اكتشاف مغارة أثرية في داخلها مدفن بيزنطي إلى جانب نواويس محفورة عند حوافي الجدران الصخرية، ولا تزال في البلدة بقايا معاصر قديمة للعنب والزيتون.

بشوات: تعود التسمية إلى اللغة السامية القديمة وتعني المكان الممهد والمسوى. تشتهر هذه البلدة بكنيسة سيدة بشوات التي يرى بعض المنقبين والباحثين أنها بنيت على أنقاض معبد وثني قديم، على أيدي سكانها الأوائل الذي قدموا من منطقة بشري مع بدايات القرن السابع عشر للميلاد. تتوزع داخل البلدة وفي جوارها بقايا معاصر عنب قديمة إلى جانب آبار ومدافن أثرية، كما تكثر في حراج هذه البلدة المغاور التي استخدمت قديماً كمدافن محفورة في الصخر، وقد عثر في داخل بعضها على جرار وأوان من الفخار.

رأس بعلبك: الرأس في العربية تعني المرتفع والبارز أو المميز، وتسمية هذه البلدة تنسب إلى بعلبك. كانت عرف في القديم باسم كونيا، إذ كانت تشكل مركزاً أسقفياً بيزنطياً مهما. توجد في وسط البلدة أساسات كنيسة قديمة كبيرة. إضافة إلى خرائب كنيسة أخرى توجد في الجانب الغربي من رأس بعلبك. يروى أن إحدى الكنيستين كانت للقديسة بربارة. من اللافت أن صليب قسطنطين منقوش على عتبة الكنيسة الحالية في البلدة. وعند أعلى نقطة مرتفعة يقوم مزار مار كونيا أو مار كونا. لا بد للزائر والسائح من التوقف في رأس بعلبك عند المحترف المخصص لصناعة الآلات الموسيقية كالعود والقيثارة والكمان والبزق. 

عرسـال: تعود تسمية هذه البلدة إلى اللغة الآرامية وتعني عرش الله.وعرسال غنية بالآثار القديمة وبقايا القصور والحصون: إذ توجد في وادي التون من خراجها أنقاض حصن مهجول التاريخ، وتتوزع في أرجاء البلدة بقايا مصاطب وأنقاض كثيرة، وتزخر ضواحيها ببقايا مساكن ومقابر تعود في تاريخها إلى عصور هجرة بعض القبائل العربية التي استوطنت المنطقة قبيل العصر الروماني.

تشتهر عرسال حالياً بصناعة السجاد التي تعمل فيها نحو 150 فتاة من البلدة.

دير الأحمر: يتداول الباحثون عدة روايات عن أصل التسمية، لكن أكثرها رجحناها هو وجود دير كبير للرهبان في المنطقة مبني بالحجر الأحمر. تمتاز البلدة بكنائسها الثماني الأثرية القديمة وبمركز مطرانية بعلبك دير الأحمر.

وقد ارتبط تاريخ دير الأحمر بتاريخ كنيسة سيدة البرج التي أعيد تشييدها وأضحت شفيعة البلدة، التي ينقل أبناء البلدة حدوث الكثير من العجائب بفضلها. وتحتضن البلدة آثار  عديدة تدل على حضارة وعظمة الشعوب التي سكنتها منذ عصور سحيقة. ومن أبرز هذه الآثار معبد جوبيتير الذي لم يبق منه سوى حائطين وأحجار كبيرة بينما شيدت مكان القسم المدمر كنيسة سيدة البرج.

وكذلك قصر البنات وهو قصر روماني كانت تسكنه البنات العذارى، وعمود إيعات الذي شيد تخليداً لذكرى المعارك والانتصارات القديمة، والطريق الرومانية التي شيدت في عهد الآشوريين لكن الرومان قاموا بتحسينها وأصبحت أساسية لسير جيوشهم بين الداخل السوري وساحل البحر المتوسط.

حدث بعلبك: تعود التسمية إلى اللغة السريانية وتعني الجديد. وقد نسبت إلى بعلبك لقربها منها فبات اسمها يعني بعلبك الجديدة. في هذه البلدة بقايا معبد قديم كان مكرساً لعبادة الإله أبولون بعود تاريخه إلى أواخر القرن الميلادي الأول. ويتألف من بهو مستطيل تنتشر فيه وحوله حجار منحوتة أو منقوشة بزخارف كثيرة. وعلى مسافة قريبة من البهو توجد آثار مذبح مزخرف ويبلغ ارتفاعه نحو المترين.

النبي شيت: أخذت هذه البلدة تسميتها من مقام النبي شيت الواقع فيها، رغم أن شيت غير مدفون هناك، إذ تقول المرويات الشعبية والتاريخينة أن رجلا من سكان هذه البلدة كان في القديم قد زار مقاماً للنبي شيت في العراق، ولما عاد إلى بلدته شيد فيها مقاماً رديفاً يحمل الاسم نفسه.

من الآثار التي تلفت نظر السواح وزوار هذه البلدة، نواويس وآبار محفورة في الصخر.

اللبوة: تعود التسمية إلى اللغة الآرامية وتعني القلب أو الوسط. ولكن هناك من الباحثين من يرى أن التسمية عربية في الأساس بمعنى اللبوة، أنثى الأسد على  اعتبار أن الأسود تواجدت قديماً في لبنان. في وسط بلدة اللبوة ثلاث مغاور تحوي في داخلها عدة نواويس يعود تاريخها إلى الحقبة الرومانية- البيزنطية. وهناك بقايا معبد روماني لا يزال يحتفظ بجزء من جداره الغربي وبعض أرضيته. وتتبعثر إلى جانب تلك المغاور بقايا حصن بيزنطي. كما يوجد هناك أيضاً سد روماني يعود إلى حقبة الملكة زنوبيا، وبعض الآثار التي استدل المنقبون منها على وجود أقنية لجر المياه من اللبوة إلى تدمر.

شـليفا: تعود التسمية أساساً إلى اللغة السريانية وتعني الشلال. ربما نسبة إلى الشلال الشهير في البلدة. من الملاحظ أن شليفا قد احتفظت ببقايا أبنية إغريقية ورومانية، من أبرزها قصر بنت الملك وكنيسة سيدة البشارة  التي يعود تاريخ بنائها إلى أكثر من 250 سنة.

القـاع: اسمها الكامل قاع بعيون، ومعروف أن كلمة قاع أو بقاع تعني في اللغة العربية الأرض السهلة المنبسطة قد انفرجت عنها الجبال،  أما كلمة بعيون فهي دمج لعبارة أبو عيون إشارة إلى كثرة عيون الماء أو الينابيع. من أبرز الآثار في هذه البلدة بقايا قلعة القاع التي بنيت في عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني حوالى العام 1630.

الهرمل: تقع الهرمل في القسم الشمالي من سهل البقاع اللبناني وهي تبعد حوالى 140 كلم عن العاصمة بيروت وتعلو عن سطح البحر حوالى 700م متاخمة للحدود السورية. تتمتع بمناخ معتدل وفصول أربعة وهي غنية بالآثار والمناظر الطبيعية وكثرة الينابيع، خاصة نهر العاصي الذي ينبع بالقرب منها ويمر بمحاذاتها متجهاً شمالاً عكس الأنهار اللبنانية.

قاموع الهرمل:  يتربع هذا الأثر التاريخي على إحدى التلال المحيطة بالهرمل في أعلى نقطة من سهل البقاع ويبعد عن مدينة الهرمل حوالى 6 كلم حيث يطل عليها من الغرب ويفصله عنها وادي العاصي، ويطل من الشرق على بلدة  القاع ويفصلها عنها وادي الخنزير . وقصة بناء هذا الهرم حسب المؤرخين تعود إلى 175 ق.م. إلى زمن الحاكم الروماني أليسندر مانو. ويتألف قاموع الهرمل وهو على شكل هرم من قاعدة مؤلفة من ثلاث طبقات من الرخام الأسود شيد فوقها الهرم ويبلغ ارتفاعه حوالى 27 م. تبرز هندسة هذا الأثر على جوانبه الثلاثة لوحات منقوشة تمثل صوراً ووجوهاً لبعض الملوك وهم يمارسون النصب.

دير مار مارون: دير مار مارون أو مغارة الراهب كما تعرف. ففي باطن صخور الجبل في وادي العاصي وعلى ارتفاع 90 متراً من النهر شيدت هذه المغارة الكيرة والتي تتألف من ثلاث طبقات تصل فيما بينها سلالم وأدراج، وكل طبقة تضم عدة غرف، وقد لجأ إليها في القرن الرابع للميلاد القديس مار مارون مؤسس الطائفة المارونية مع بعض الرهبان المسيحيين من أتباعه.

يعد هذا البناء معجزة هندسية ويقصدها الزوار والمعجبون بفن الهندسة كما أنها محج بعض المتدينين من أتباع هذا القديس.

شلالات الدردارة: يتميز نهر العاصي بهذه الشلالات التي يبلغ ارتفاعها أكثر من 7 أمتار وعلى بعد حوالى 5 كلم من جسر العاصي وهي تشبه شلالات نياغرا الكندية الشهيرة. وقد سميت باسم الدردارة نظراً لنمو شجرة الدردارة بقربها.

ويقام على حافة هذه الشلالات أشهر المقاصف والمنتزهات وتنتشر الزوارق السريعة ليتمتع بجمالها عن قرب.

رياضة الكانوي- كاياك: إن غزارة مياه العاصي وطبيعة مجراه من العوامل الفريدة التي جعلت منه النهر الوحيد تقريباً في الشرق الأوسط لممارسة الرياضة المائية الكانوي - كاياك الوافدة حديثاً والتي يستطيع ممارستها أفراداً أو جماعات. كباراً وصغاراً. وإن وجود بعض الأندية والكوادر الرياضية المنتشرة على ضفتي النهر مكنت جميع الزوار والسياح من التمتع برحلة عبر نهر العاصي، فيغادر الزائر على أمل العودة والتمتع مرة أخرى برحلة جميلة عبر نهر العاصي.

غابة الأرز في السويسة: تقع على السفوح الغربية من جبال الهرمل وعلى بعد حوالى 15 كلم من الهرمل المدينة. وتشكل هذه الغابة زناراً أخضراً وهي لا تقل أهمية عن غابة أرز  الباروك الشهيرة.

آثار بريصا: في سفوح جبال الهرمل وعلى بعد حوالى 9 لكم من المدينة تقع منطقة بريصا والتي تحتضن أهم الآثار التاريخية ولاتي من ضمنها لوحتي نبوخذ نصر، الملك الكلداني. فعلى هاتين الصخرتين نقش بالكتابة المسمارية وروسوم لعدة أشخاص يعتقد المؤرخون بأنها تجسد أخبار الحملة التي قام بها هذا الملك الكلداني القادم من بلاد ما بين النهرين وصولاً  إلى نهر الكلب وتخليداً لذكرى شهداء حملته وإعجاباً بهذه المنطقة التي سحرته بجمالها.

وهي بالطبع لا تقل أهمية تاريخية عن لوحة نهر الكلب.

كنيسة بريصا البيزنطية من أكبر الكنائس التي انتشرت في جرود الهرمل. تبلغ مساحتها حولى 200 متر وتقع في منطقة بريصا الأثرية وتبعد عن الهرمل المدينة حوالى 9 كلم. يقصدها السياح والزوار المهتمون بالثقافة والتاريخ.

نبع عين الزرقا: وهي من أهم روافد نهر العاصي حيث تمتاز بصفاء وبرودة مياهها الشديدة وعذوبتها التي يندر وجود مثيل لها في لبنان. وعلى ضفتي هذا النبع أشجار يعود عمرها إلى أكثر من ألف سنة، وبالقرب منه وعلى ارتفاع 90 متر لجأ القديس مار مارون وبعض الرهبان إلى مغارة سميت باسمه. ويعتبر هذا الموقع الذي يبعد حوالى 4 كلم عن الهرمل المدينة موقعاً مميزاً وسياحياً ومثالياً للراغبين في إقامة النزهات والتمتع بالمناظر الطبيعية لضفتي نهر العاصي.

طاحونة العميرية: وهي من المعالم التي تدل على التراث اللبناني الأصيل والحياة المعيشية، كما أنها روعة في الهندسة من حيث تشييدها فوق نهر العاصي وتقع على الحدود مع سوريا. أما جسر العميرية الأثري فقد شيد فوق نهر العاصي ليربط الأراضي اللبنانية بالسورية كما يربط ضفتي نهر العاصي مغادراً الأراضي اللبنانية.

شلالات أو سد حيرة: ويقع هذا السد الطبيعي على بعد 2كلم من شلالات الدردارة وهو من أهم السدود وأشهرها من حيث علوه (أكثر من 15 م) ومن حيث موقعه التاريخي وما يدور حوله من روايات.

قناة زنوبيا: تبعد عن الهرمل 10 كلم وتبدأ من وادي العاصي وصولاً إلى مدينة تدمر في سوريا، وحفرت على شكل آبار  متصلة ببعضها البعض. عمق البئر 35 م. وهي تمد مملكة تدمر بالمياه العذبة الغزيرة من مياه نهر العاصي.