المزمار

المزمار هو أهمّ الآلات الهوائية على اختلاف أنواعها وأشكالها. وقد ذكر الفارابي في مؤلّفه "كتاب الموسيقى" الكبير مناسبات نغم المزامير تبعًا لإختلاف أطوالها وتجويفها ومعاطفها (ثقوبها) ، فقال: "متى فرضنا مزامير كثيرةً وجعلنا تجويفاتها متساوية الأقطار والمَلاسة، وجعلنا مقادير أطوالها متفاضلةً على نسب معلومةٍ أو نفخٍ فيها بقوّةٍ واحدةٍ، سمعنا النّغم منها متناسبًا نسبة الأطوال. وكذلك متى فرضنا أيضًا مزامير كثيرة وجعلنا أطوالها وملامسة تجويفاتها ومتخلّصات الهواء منها باستقامةٍ متفاضلةٍ وعلى نسب التّجويفات والمتخلّصات على استقامة واضحة تامة، وكذلك إذا فرضنا مزامير ذوات معاطف متفاضلةٍ وعلى نسب معلومةٍ وأبعادٍ من القوّة النافخة متساوية وكذلك تجويفاتها وملامساتها، فإنّ النّغم التي تُسمَع منها أيضًا متناسبة.

يُتّضحُ ممّا تقدّم، أنّ الفارابي هو أوّل مَن أعطى نسب أبعاد الأصوات التي تعطيها المزامير، ولم يسبقه إلى ذلك أحد، بل إنّ المزامير كانت تعتمد على الزّامر بحيث يعطي لكلّ ثقبٍ النّغمة التي توافقه دون ما تحديدٍ علميٍ لذلك. ثم يتابع الفارابي وصفه للمزامير ويفصل بين النّاي والسّرناي والمزمار المزدوج، فيقول: "إنّ المشهور هنا استعمال مزمارٍ واحدٍ بجعل المعاطف عليه متحاذيةً على خطٍ واحدٍ مستقيمٍ، ويفرض في نهايته متخلّص الهواء على استقامة، ثم يجعل على ظهر المعاطف السّبعة ثقبًا متساوية الأقطار، ويجعل بين أعلى معطف فيه وبين الذي يليه معطف آخر من الجانب المقابل للذي فيه المعاطف السّبعة، وكذلك بجعل بين المعطف الأخير وبين المتخلص الذي هو على استقامةٍ من الجانب الآخر معطف آخر، فيصير جميع الثقب الذي فيه عشر ثقب".

السّرناي هي أيضًا صنفٌ من المزامير. وقد جرت عادة مستعمليها أنّ يجعلوا على محدبها ثمانية معاطفٍ. وتوجد بها أيضًا ثلاثة معاطف إضافيةٍ، وكذلك فتحة عريضة من الأسفل. وبِذَا فإنّ مجموع النغمات الخارجة منها اثنتا عشرة نغمةٍ.

المزمار المزدوج ويقول عنه الفارابي: "وكثيرٌ من الناس يستعملون مزمارين، يقرنون أحدهما بالآخر، ويُعرَف هذا الصّنف بالمزمار المُثنّى وبالمزاوج وبالدّوناي، وليست شهرته في هذه البلاد مثل شهرة الأوّل". ثمّ يتابع وصفه للمزدوج مُبيّنًا نغمات الثقوب وأبعادها مع مقابلتها مع نغمات العود.