طـــنــجــة

بوابة المغرب، تقع على ربوة عالية مطلة على مضيق جبل طارق بمواجهة الشاطئ الاسباني، بين البحر الابيض والمحيط الأطلسي، أغدق عليها الخالق سبحانه وتعالى بسخاء ودون حساب، وأضفى عليها عبق التاريخ نكهة خاصة بأساطيره المثيرة الممتعة.

ان بقايا عمائر ومباني طنجة القديمة، بأشكالها الرومانية والأندلسية والأوروبية، مازالت خير شاهد على تاريخ الموجات البشرية المتتالية التي مرت بها، فقد سمعت طرقات المدينة وقع حوافر خيول الفينيقيين والقرطاجيين والرومان والوندال والعرب.. كلهم جاءوها وتركوا بصماتهم فيها. 

ثم كان الفتح الاسلامي في عام 707م على يد موسى بن نصير الذي ولّى عليها القائد طارق بن زياد الذي انطلق من طنجة على رأس الجيش الاسلامي عابرا المضيق «الذي أخذ اسمه» ليفتح الأندلس عام 711م، ومنذ ذلك اليوم عظم شأن طنجة وأصبح اسمها يطلق على المغرب الأقصى كله بعد ان تحولت الى مركز وجسر تعبر منه قوافل الجيوش والعلماء والأدباء وكل من يود التوجه الى الأندلس.

وكان
ابن بطوطه أشهر رحالة العرب- وهو من مواليد طنجة عام 1304م - خير داعية لمدينته أثناء رحلاته الثلاث التي استغرقت 29 عاما زار خلالها مختلف أرجاء العالم الذي كان معروفا آنذاك.

وبعد نكبة العرب الكبرى في الأندلس احتضنت طنجة المهاجرين الأندلسيين فأقاموا فيها وصبغوا حياتها بالصبغة الأندلسية المرهفة.

ثم دخلت طنجة حلبة الصراع العالمي فسقطت في قبضة البرتغاليين الذين قدموها عام 1662 هدية زواج الملك شارل الثاني ملك انجلترا من كاترين أميرة البرتغال، وقد جعل موقع طنجة عند مجمع البحرين بحر الروم (
الابيض المتوسط) وبحر الظلمات (المحيط الأطلسي) منها جنة السياح وقبلتهم من شتى بقاع العالم، فهي تجمع بين السهل والجبل، الى جانب شاطئ رملي من اجمل شواطئ العالم، أقيمت عليه قرى اصطياف دولية متكاملة، يقضي فيها السياح معظم أوقاتهم، ولايغادرونها إلا للقيام بزيارات لأسواق طنجة ومعالمها، ويتميز الشاطئ المطل على المحيط الأطلسي بمخيماته الخاصة ومشاريعه السياحية المتناثرة فوق رماله الذهبية، والمجهزة بكل الأدوات الترفيهية والرياضية. لقد جذب جمال طنجة مجموعات من أشهر الفنانين العالميين ورجالات الفكر والأدب فاتخذوها مكانا ملائما لابداعاتهم، على ان بعضهم استقر بها بمجرد ان لمست قدماه ترابها، وإضافة الى روعة جمالها فطنجة غنية بمعالمها الأثرية وأهمها مغارة هرقل وهي عبارة عن كهوف كلسية تتكسر عليها أمواج البحر عند كل مدّ. وكانت مساكن لانسان ما قبل التاريخ.

وضمن المعالم التاريخية نجد حديقة «المندوبية» والتي كانت مقرا للمندوب السامي الاسباني، ويحيط بهذه الحديقة ثلاثون مدفعا من البرونز وهي من بقايا الأسطولين الاسباني والفرنسي. وبزيارة «رأس ملاباطا» على بعد عشرة كيلومترات شرق طنجة حيث تتعانق مياه الابيض المتوسط بمياه المحيط الأطلسي، ومن خلال شرفة بمنارة قصر ملاباطا يمكن للسائح مشاهدة خليج طنجة ومضيق جبل طارق وسواحل الأندلس بالعين المجردة حين يكون الجو صحوا. ولا يمكن الحديث عن طنجة دون ذكر حي «مرشان» التاريخي ببناياته التاريخية، ويعتبر السوق الكبير بمثابة المركز الرئيسي لطنجة وتدب فيه الحياة ليلا ونهارا حيث المقاهي التقليدية التي تجمع السكان والسياح معا كذلك في المطاعم التي تفوح منها رائحة المأكولات الشهية والمتنوعة من المطبخ المغربي الشهي.