الهكسوس وانتقال النظام العموري من سورية إلى مصر

لعل الظروف الحربية القاسية في البلاد العمورية وبخاصة في إيبلا، كانت السبب في نزوح السكان إلى مصر على موجات متتالية، وكان العموريون يحتلون بعض المواقع مثل "قطنة" المشرفة شمال حمص، وكانت عاصمتهم "شكيم" نابلس و"أريحا" تل السلطان حتى استقر بهم الأمر في سـيناء ومنها ساروا إلى مصر حيث تمكنوا من الاستيلاء على الحكم خلال 1785ق.م-1580ق.م. وكان المصريون يطلقون عليهم اسم "مينوساتي" أي رعاة آسيا، وأطلق عليهم اليونان فيما بعد اسم "الهكسوس" أي الملوك الرعاة، وجرى على هذا الاسم المؤرخون.

كان "الهكسوس" محاربين أشداء وكانت مواقعهم في سورية محصنة ومسورة ومحاطة بخنادق المياه. وفي مصر أقام زعيمهم "سلاطيس" أولا في "ممف" وفرض الجزية على مصر العليا والسفلى، وأقام فيها المعاقل لصد الأشوريين عن وادي النيل، ثم بنى مدينة "أوراس" في ولاية "حمان" وحصنها بالأبراج والقلاع والأسوار وأكثر من حاميتها التي بلغ عددها 240ألف مقاتل. وكان "سلاطيس" يأتي إليها صيفاً لجمع الحنطة ودفع رواتب الجند والإشراف على تنظيم الجيش وتدريبه لحماية سلطانه على مصر. وكان "الهكسوس" قد أدخلوا إلى مصر استعمال الخيل والعربات الحربية التي تجرها الخيول، مما ساعدهم على الفتح والاحتلال وفرض القوة والهيبة على المصريين الذين لم يألفوا هذا النوع من العتاد والسلاح، كالسيف المقوس المصنوع من الحديد والقوس المركب، كما أدخلوا تحسينات هامة في صناعة المعدن.

وكان اسم الإله "إيل" شائعاً عند "الهكسوس"، ولكنهم لم يفرضوه على المصريين، إلا أن العقيدة بالإله الواحد قد تسربت عنهم إلى المصريين، فكانت ثورة "أخناتون" التي جعلت "آتون" الإله الذي وراء الشمس وصانعها عوضاً عن "أمون" إله الشمس فقط.

وفي عام 1580ق.م استطاع الفرعون "أحمس الأول" أن يقضي على سلطان "الهكسوس" وينتهي حكمهم في مصر.