موقعة قادش بين مصر والحثيين

لم تكن سورية في الألف الثالث والثاني ق.م مستقلة سياسياً، ولكنها كانت ممالك مجزأة للعموريين كما ذكرنا وهم سكان الغرب، ولعلهم جاءوا من بلاد أكاد، وكانت عاصمتهم ماري التي قضى عليها حمورابي البابلي عام 1800ق.م.

لعب العموريون دوراً كبيراً في الشمال في الألف الثالث وأوائل الألف الثاني ق.م ثم انتقل نفوذهم إلى الجنوب، ولقد تعرضت بلاد عمورو لضغط الحثيين من الشمال، وضغط المصريين من الجنوب.

وقد عبد العموريون الإله "حدد" أو "أدد" ويعرف باسم "رمانو" أي صانع الصواعق وهو إله المطر والعواصف، ثم أصبح اسمه البعل الأعظم ثم الإله "رب". وعبدوا كذلك الإله "دجان" إله الحنطة. وكانت "عاشيرات" شريكة الإله "عمورو" وهي تشبه "عشتار". وكان رمز ديانتهم العمود المقدس يوضع في مكان ظاهر.

في بداية القرن 14ق.م تقدم الحثيون من الشمال لاحتلال سورية بقيادة "شوبيلو ليوماش"، فخضعت له جميع المناطق من الفرات إلى البحر ووصل إلى "قادش" التي كانت أقصى حدود سلطة مصر. و"قادش" النبي مندو تقع جنوب غرب حمص وكانت مملكة مستقلة.

ولأن الحثيين لم يستطيعوا الاستقرار في سورية بسبب حروبهم مع الميتانيين، عادوا إلى سورية في حرب ثانية للسيطرة على الميتانيين ولوضع حد نهائي لتدخلهم في سورية.

لقد أسس ملك الحثيين نظاماً جديداً في سورية يقوم على حكم الولايات من أهل البلاد، وكان لتقدم هؤلاء الحكام تحت جناح الحثيين أثره في إثارة مصر إذ كانت دمشق واقعة على حدود مصر أيام "أمنحوتب الرابع" أخناتون.

وفي عصر "مور شيليوش" ابن "شوبيلو ليوماش" الذي مات في عصر "توت عنخ أمون" عام 1310ق.م حافظت الإمبراطورية الحثية على حدودها. ولكن "سيتي الأول" تسلم الحكم في مصر وقاتل الحثيين لوقف توسع نفوذهم، ولعله لم يحسم النزاع، إذ أن ابنه "رمسيس الثاني" الذي استلم الحكم سنة 1290ق.م، قرر خوض الحرب ضد "مواتاليش" ملك الحثيين في "قادش"، وقد عرفت هذه المعركة أكثر من غيرها: كما كتب ورسم عنها في حينها.

ومن الرسوم المنقوشة ما نراه في معبد الأقصر على البوابة الكبرى الخاصة برمسيس الثاني، وعلى الحائطين الجنوبي والجنوبي الشرقي للردهة، وكذلك على الحائط الغربي من الخارج لردهة "أمنحوتب الثالث".

في معبد الكرنك، نقشت لوحة قادش على الحائط الخارجي لردهة العمد الكبرى، وعلى الحائط الخارجي بين البوابتين التاسعة والعاشرة. وفي معبد "الرامسيوم" نقشت هذه المعركة على البوابة الثانية.