جزيرة أرواد

تقع هذه الجزيرة المأهولة تجاه طرطوس وعلى بعد 3.5كم، يبلغ أقصى طولها 750م وأقصى عرضها 450م، تمتاز بمبانيها المتلاصقة وشوارعها الضيقة جداً والمخصصة للمشاة فقط، وتتجمع مبانيها حول الميناء. يعمل سكانها بصيد السمك والإسفنج وبممارسة الإبحار بمراكبهم إلى شواطئ البحر المتوسط. ويمتازون بصناعة المراكب والشباك وبالصناعات السياحية الصغيرة، فهي موئل هام للسياح لفرادة وضعها ولوجود قلعتين في حالة سليمة فيها. ولقد رممتا مؤخراً وأنيرت القلعة المركزية التي تقع وسط الجزيرة قرب شاطئها الشرقي، ومن المؤكد أنها أنشئت على أنقاض بناء فينيقي. 

لقد أفادها موقعها الجغرافي في توسيع نطاق علاقاتها مع الدول والمدن المجاورة مثل جزيرة قبرص وجزر بحر إيجه. وحول الجزيرة خمس جزر صغيرة غير قابلة للإسكان كانت ملاجئ للسفن عند هيجان البحر ولم يعثر فيها على أي أثر معماري، ولعلها كانت مقالع للأحجار. وعدا هذه الجزر كان موقع عمريت مستقلاً عن الأرواديين، كذلك كان الساحل المقابل لجزيرة أرواد موضعاً لدفن الموتى من أرواد.

ولقد خضعت أرواد للظروف السياسية الدولية وللتطور التاريخي الذي تم في الساحل السوري وكانت أرواد جزءً من فينيقيا، أو كانت مهيمنة على الساحل أحياناً واشترك أسطولها مع الفرس في معركة سلامين ضد اليونان. وتوالت على أرواد عصور كثيرة، فتحها العرب عام 640م، واحتلها فرسان الهيكل وبنوا فيها الأسوار والحصون، وفي عام 1302م حررها قلاوون. وإبان الانتداب الفرنسي أصبحت القلعة سجناً للثوار ورجال الحركة التحررية الوطنية في سورية وفي لبنان.  

يتألف بناء القلعة المركزية من قسمين، القسم الواقع على الشاطئ الشرقي ويشرف على الميناء، يتألف من باحة مكشوفة تحيط بها مجموعة غرف معقودة ومحصّنة، ويتميز هذا القسم بأبراجه الأربعة، وقد حول أحدها إلى منارة، يحيط بالقلعة والجزيرة سور حجري يحميها من العدوان والأعداء. وفي القسم الأول من القلعة تم إقامة متحف خاص بمكتشفات الجزيرة وبعض الشواهد المعاصرة.

وفي واجهة الجزيرة قرب الميناء تقوم عمارة ضخمة تسمى القلعة الساحلية أو القلعة الأيوبية ولقد رممت وأصبحت مقراً للجرار الكثيرة التي تم اكتشافها غارقة مع مركبها قرب شواطئ طرطوس، وقامت بعثة يابانية بانتشالها وتعود إلى العصور الرومانية أو قبلها وكانت الجرار مخصصة لحفظ الزيوت والخمور.

ويقع الحمام الأثري على الطرف الغربي من الجزيرة، ويعود بناؤه إلى العصر العثماني وتعلوه قبة ذات رقبة ونوافذ ويبدو أن جدرانه الداخلية كانت مزينة وملونة.

سور المدينة: القديم أقيم هذا السور حول الجزيرة لحمايتها من العواصف البحرية، ولقد تهالك هذا السور مع الأيام على الرغم من التجديدات التي تمت فيه، ويعود هذا السور إلى بداية الألف الثاني قبل الميلاد، وإن تجديداته تمت في القرن الثاني عشر. ولقد استفاد الأرواديون من حجارة السور المهدم والتي يبلغ وزن بعضها عشرين طناً في إقامتها في أطراف الجزيرة وبعضها مازال قائماً مبعثراً في مياه البحر، ومازالت أقسام من السور واضحة في مكانها القديم.

وفي الجهة الغربية من الجزيرة آثار منشأة لعلها كانت مخازن للبضائع. وهناك صخرة بالقرب من السور من جهة الغرب أيضاً تسمى "بنت الجزيرة" كانت متصلة بالجزيرة وفصلت عنها بسبب حتّ الصخور وعوامل الطبيعة. وفي هذا المكان آثار بوابة كانت تصل الجزيرة بالبحر، إضافة لبوابات ثلاث في الجهة ذاتها تستخدم لرسو السفن والزوارق. ولقد أبانت العالمة الأثرية فروست أن ثمة منشآت معمارية أخرى عثر عليها تحت ماء البحر بالقرب من الجزيرة.

مرفأ جزيرة أرواد

بعد أن استعادت الجزيرة استقرارها ونشاطها البحري، كان لابد من إعداد مرفأ يسهل عمليات الرسو والإقلاع لجميع المراكب الشراعية والتجارية. والمرفأ مؤلف من مكسرين، المكسر الشمالي طوله 475م والمكسر الجنوبي طوله 115م، وإلى جانبهما رصيفان للركاب والبضائع، طول الرصيف الأول 80م وطول الثاني 50م، واستغرق بناء هذا المرفأ 18شهراً. كما أنشئ ميناء آخر مشابه على شواطئ طرطوس مقابل الجزيرة، لتسهيل الانتقال المتبادل بين الجزيرة والساحل. 

لقد كان الأرواديون ومازالوا يمارسون مهنة الملاحة وصيد الأسماك بمهارة متفوقة كما اشتهروا ببناء المراكب وبعقد الشباك، وتعتبر أرواد أول مركز لبناء أجمل السفن الشراعية على البحر المتوسط.ولقد كان صيد الإسفنج البحري من المهن الأساسية، وكان الصيادون يغوصون إلى عمق 12-45م في منطقة واسعة على الساحل السوري حتى تركيا.

ولصيد الإسفنج برنامج خاص فهو يتم في موسم واحد كل سنتين أو كل ثلاث سنوات، وتجري عملية قطف الإسفنج من الصخور البحرية قبيل العصر. وقد يتعرض الصيادون للشلل بسبب تغير الضغط المفاجئ عند صعودهم من قاع البحر.