باب التعاقب
والتراقب
اعلم أن التعاقب يدخل بين السببين المتقابلين في حشو الشعر حيثما كانا ولا
يكونان من جميع العروض إلا في أربعة أشطار: في المديد والرمل والخفيف
والمجتث.
وقد بينّا جميع ذلك في موضعه.
فما عاقبه ما قبله فهو صَدر.
وما عاقبه ما بعده فهو عَجز.
وما عاقبه ما قبله وما بعده فهو طرفان.
وما لم يُعاقبه ما قبله ولا ما بعده فهو بريء.
والتراقب بين السببين المُتقابلين مع فاصلة واحدة.
ولا يدخل التراقب من جميع العروض إلا في المضارع والمُقتضب.
وقد فسّرناه هنالك.
وقد نظمنا جميع ما ذكرناه من هذه الأبواب في أرجوزة ليسهل حفظُها على
المتعلم إذ كان حفظ المنظوم أسهلَ من حفظ المنثور وذكرنا فيها كُل الدوائر
الخمس وما ينفكّ في كل دائرة من عدد الشُطور التي قالت عليها العرب والتي
لم تقل عليها وموضع الزَحاف منها.
واعلم أن الدائرة الأولى مؤلّفة من أربعة أجزاء سُباعيّين مع خُماسيين
وهي: فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن.
والدائرة الثانية من ثلاثة أجزاء سباعية وهي: مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن.
والدائرة الثالثة مؤلفة من ثلاثة أجزاء سباعية وهي: مفاعيلن مفاعيلن
مفاعيلن.
والدائرة الرابعة مؤلفة من ثلاثة أجزاء سباعية وهي: مستفعلن مفعولات
مستفعلن.
والدائرة الخامسة مؤلفة من أربعة أجزاء خماسية وهي: فعولن فعولن فعولن
فعولن.
واعلم أنّ كل دائرة من هذه الدوائر ينفكّ من رأس كل سَبب وكل وتد فيها
شطر.
وقد بينّا جميع ذلك في الدوائر وأسماء الشطور التي تنفكّ عنها.
بالله نبدا وبه التمامُ وباسمه يُفتتَح الكلامُ يا طالبَ العِلْم هو
المِنهاجِ قد كثُرت من دونه الفِجاج وكُل عِلْم فله فُنونُ وكُل فَنّ فله
عُيون أولها جوامعُ البيَانِ وأصلها معرفةُ اللِّسان فإنّ في المجَاز
والتأويل ضلّت أساطيرُ ذوي العُقول حتى إذا عَرَفتَ تلك الأبنية واحدَها
وجَمعها والتَّثنية طلبتَ ما شئتَ من العلوم ما بين مَنثور إلى مَنظوم
فَداوِ بالأعراب والعَروض داءك في الأمْلال والقَريض كلاهما طِبّ لداء
الشَعرِ واللّفظ من لَحن به وكَسْرِ ما فَلْسف النَّيطس جالينوسُ وصاحبُ
القانون بَطْليْموس ولا الذي يَدْعونه بهرْمس وصاحب الأركند والإقليدس
فَلسفَة الخَليل في العَروض وفي صَحيح الشِّعر والمَريض هذا اختصار الفَرش
من مَقالي وبعدَه أقولُ في المِثال أوله والله أستعينُ أن يُعرف التحريكُ
والسكُونُ من كُل ما يبدو على اللَسان لا كُل ما تَخُطه اليدانِ ويَظهر
التَّضعيفُ في الثقيلِ تَعُدُّه حَرفين في التَّفصيل مُسكنَاً وبعدهُ
مُحركاً كنون كُنّا وكراء سَركا