الجزء الثاني - كتاب الجوهرة الثانية في أعاريض الشعر - باب الأسباب والأوتاد

باب الأسباب والأوتاد

وبعد ذا الأسبابُ والأَوتادُ فإنها لقولنا عِمادُ فالسببُ الخفيف إذ يعدّ محرّك وساكن لا يَعْدُو والسببُ الثقيلُ في التبيينِ حركتان غير ذي تَنوينِ والوتد المَفروق والمَجموعُ كلاهما في حَشوه مَمنوعُ وإنما اعتلَّ من الأجزاء في الفصل والغائي والابتداءِ فالوتد المَجموع منها فافهمنْ حركتان قبل حَرف قد سَكَنْ والوتد المَفروق من هذينِ مُسكَنٌ بين مُحركينِ وإنما عَروض كُل قافيه جار على أجزائه الثَّمانية وهاكَها بيّنة مصوَّره لكُل مَن عاينها مفسَّره الفواصل فاعلن فعولن مستفعلن فاعلاتن مفاعيلن مفاعلتن متفاعلن مفعولات‏.‏

هذي التي بها يقول المُنشد في كُل مَا يَرْجُز أو يُقَصِّد كُل عروض يَعتزي إليها وإنما مَدارهُ عليها منها خمُاسيّان في الهِجاءِ وغيرها مُسبَّع البِناءِ يدخلُها النُقصان بالزّحافِ في الحشو والعروض والقوافي وإنما تدخل في الأسبابِ لأنها تُعرف باضطرابِ باب الزحاف في موضعين فكُل جزءٍ زَال منه الثاني من كُل ما يبدو على اللَسانِ وكان حرفاً شانُه السكون فإنه عندي اسمُه مخْبونُ وإن وجدت الثاني المَنْقوصَا محركاً سميتَه المَوْقوصَا وإن يكُن مُحرَّكاً فسكِّنا فذلك المُضمَر حقاً بَيّنَا والرابع الساكن إذ يَزول فذلك المطويُ لا يَحُولُ وإن يكن هذا الذي يزولُ مُحركَّاً فإنه المعقولُ وإن يكُن محرّكاً سكّنتَهُ فسمِّه المَعصوب إن سميته وإن أزلت سابعَ الحُروفِ سميتَه إذ ذاك بالمَكْفوفِ باب الزحاف الذي يكون في موضعين من الجزء كُل زحاف كان في حَرفين حَلَّ من الجزء بمَوْضعين فإنه يُجحِف بالا جزاءِ وهو يسمى أقبحَ الأسماءَ فكُل ما سُكِّن منه الثاني وأسقط الرّابع في اللِّسانِ فذلك المَخزول وهو يَقْبُح فحيثما كان فليس يَصلُحُ وإن يَزُل رابعُه والثاني ذاك وذا في الجُزء ساكِنانِ فإنه عندي اسمُه المَخبولُ يُقصِّر الجُزءَ الذي يطولُ وكل جُزء في الكتاب يُدركُ يَسكُن منه الخامس المُحركُ وأسقط السابع وهو يسكنُ فذلك المَنقوص ليس يَحْسُن باب العلل والعِللُ التي تجوز أجمعُ وليس في الحَشو لهنّ موضعُ ثلاثة تُدعى بالابتداءِ والفَصل والغَاية في الأجزاء والاعتماد خارجٌ عن شَكلها وفِعْله مُخالف لفعلها لأنهم قد تَركوا التزامَهْ وجاز فيه القَبضُ والسلامهْ ومثلُ ذاك جائزٌ في الحَشْوِ فَنحو هذا غير ذاك النحوِ وكُل مُعتلّ فغيرُ جائزِ في الحَشو والقَصِيد والأراجزِ وإنما أجاَزه الخَليلُ مُجازفاً إذ خانه الدَّليلُ وكُل حيّ من بني حَوّاءِ فغيرُ مَعْصوم من الخَطَاءِ فأول البَيت إذا ما اعتلا سميته بالابتداء كُلاّ وغاية الضَّرب تسمَى غايهْ وليس في الحَشو لها حِكايهْ وكُل ما يَدخل في العَروض من عِلّة تَجوزُ في القَريض والخَرم في أوائل الأبياتِ يُعرف بالأسماء والصفاتِ نُقصان حَرف من أوائل العَددْ في كُل ما شَطْر يُفكِّ من وَتدْ خَمسة أشطار من الشُّطور يُحزم منها أول الصُّدورِ منها الطِّويل أول الدوائرِ وأطْول البِناء عند الشاعر يَدْخله الخَرم فيُدعَى أثلمَا فإنْ تلاه القَبْض سُمّي أثَرْمَا والوافر الذي مَدار الثانِيهْ عليه قد تَعيه أذْن واعِيَهْ يَدخله الخَرمُ في الابتداءِ في أول الجُزء من الأجزاءِ وهو يسمى أعضباً فكُلما ضمّ إليه العَصبُ سمى أَقْصما وإن يكن أعصب ثم يُعْقلُ فذلك الأجمّ ليس يُجهلُ والهَزَج الذي هو السّوارُ عليه للثالثة المَدارُ يدخله الخَرْم فيُدعى أخرمَا وهو قَبيح فاعلمنّ وافْهمَا حتى إذا ما كف بعد الخَرم سميته أخْرب إذ تُسمي ولا يجوز الخَرم فيه وحده إلا بقَبض أو بكَفٍّ بعدهُ لعلة التَّراقب المَذكور خُصّ به من أجمع الشُطورِ والمُتقارب الذي في الآخر تَحلو به خامسة الدَّوائر يَدخله ما يدخُل الطويلاً من خَرمه وليس مُسْتحيلاً هذا جميع الخَرم لا سواهُ وهو قبيح عند من سَمّاهُ يدخل في أوائل الأشعارِ ما قيل في ذي الخمسة الأَشطارِ لأنّ في أول كل شَطْرٍ حَركتين في اْبتداء الصَّدرِ وإنما يَنفكّ في الأوتاد فلم يَضرها الخرمُ في التَّمادِي لقوّة الأوتاد في أجزائها وأنها تَبرأ من أدْوائها سالمةً من أجمع الزِّحافِ في كُل مَجْزوء وكل وافِي والجُزء ما لم تر فيه خرْمَا فإنه المَوْفورُ قد يُسمّى باب علل الأعاريض والضروب والعِلل المسميات اللاتي تُعرف بالفُصول والغاياتِ تَدْخل في الضرَّب وفي العَروض وليس في الحَشْو من القَريض منها الذي يُعرف بالمَحْذوفِ وهو سُقوط السَّبب الخَفيف في آخر الجُزء الذي في الضرب أو في العَروض غير قول الكذبِ ومثله المَعروف بالمَقطَوف لولا سكون آخر الحروف وكل جُزء في الضُّروب كائنِ اسقط منه آخر السَّواكنِ وسكن الآخر من باقِيه ما يجيزون الزَحافَ فيه فذلك المَقصورُ حين يُوصفُ وإن يكن آخرُه لا يُزْحف من وَتد يكون حين لا سَببْ فذلك المَقطوع حين يَنْتسبْ وكل ما يحذف ثم يُقطعُ فذلك الأبترُ وهو أشنعُ وإن يَزُل من آخر الجُزء وَتدْ إن كان مَجموعاً فذلك الأحَدْ وأن يكُن محرَّكاً فاذْهِبا فذلك المَكسوف حقّاً مُوجِبَاً وبعده التَشعيث في الخَفيفِ في ضَربه السالم لا المَحْذوفِ يُقطع منه الوَتد المُوسَّطُ وكُل شيء بعده لا يَسقُط باب التعاقب والتراقب وبعد ذا تَعاقب الجُزأينِ في السببين المُتقابلين لا يسقطان جُملةً في الشِّعرِ فإنّ ذاك من أشدّ الكَسْرِ ويثبتان أيّما ثَباتِ وذاك من سَلامة الأبياتِ وأن يَنَل بعضهما إزالَهْ عاقَبه الآخر لا مَحالَهْ فكُل ما عاقبه ما قَبلهُ سُمِّي صَدراً فافهمنِّ أصلَهُ وكُل ما عاقَبه ما بعدَه فهو يُسمَّى عَجُزاً فعُدَّه وإن يكُن هذا وذا مُعاقبَاً فهو يُسمى طَرفين واجبَاً يَدخل في المَديد والخفيفِ والرَّمل المَجزوء والمَحْذوفِ وهكذا إن قِسْتَه التعاقبُ وليس مثلَ ذلك التَّراقبُ لأنه لم يأت من جُزأينِ في السببين المُتجاورينِ لكنّه جاء بجزء واحَدِ في أول الصَّدر من القَصائدِ والسببان غير مَزْحوفينِ في جُزئه وغيرُ سالمينِ إن زال هذا كان ذا مكَانَه فاسمَعْ مقالي وافهمنْ بيانَه فهكذا التراقُب المَوصوفُ وكُله في شَطره مَعْروفُ يدخُل أولَ المُضارع السبب وبعدَه يدخُل صدرَ المُقتضبْ الزيادات على الأجزاء ثم الزِّيادات على الأجزاء مَوجودة تُعرف بالأسماءِ وإنما تَكون في الغاياتِ تُزاد في أواخر الأبياتِ وكُلها في شَطره مَوجودُ منها المُرفل الذي يَزيدُ حَرْفين في الجزء على اعْتدالِه مُحرَّكاً وساكناً في حالِه وهو الذي يَزيد حرفاَ ساكنَا على اعتدال جُزئه مُباينَا ومثله المُسبغ من هذي العِللْ حَرْف تَزيده على شَطر الرَّمَلْ