الجزء الثاني - كتاب الياقوتة الثانية في علم الألحان واختلاف الناس فيه - باب من رقائق الغناء

باب من رقائق الغناء

قال الزبير بن بكار‏:‏ سألت إسحاق هل تغني من شعر الراعي شيئاً قال‏:‏ وأين أنت من قوله‏:‏ فلم أر مظلوماً على حال عزة أقل انتصاراً باللسان وباليد سوى ناظرٍ ساجٍ بعين مريضة جرت عبرة منها ففاضت بإثمد ومن شعر ابن الدمينة وهو عبيد الله بن عبد الله والدمينة أمه وهو من أرق شعراء المدينة بعد كثير عزة وقيس بن الخطيم‏:‏ ولم يعتذر عذر البريء ولم تزل له بهتة حتى يقال مريب جرى السيل فاستبكاني السيل إذ جرى وفاضت له من مقلتي غروب وما ذاك إلا أن تيقنت أنه يمر بوادٍ أنت منه قريب يكون أجاجاً قبلكم فإذا انتهى إليكم تلقى طيبكم فيطيب أيا ساكني شرقي دجلة كلكم إلى القلب من أجل الحبيب حبيب ومن قول يزيد بن الطثرية وغنى به ابن صياد المغني وغيره‏:‏ بنفسي من لو مر برد بنابه على كبدي كانت شفاءً أنامله ومن هابني في كل شيء وهبته فلا هو يعطيني ولا أنا سائله ومما يغنى به قول جرير‏:‏ أتذكر إذ تودعنا سليمى بعود بشامة سقي البشام بنفسي من تجنبه عزيزٌ علي ومن زيارته لمام ومن أمسى وأصبح لا أراه ويطرقني إذا هجع النيام متى كان الخيام بذي طلوح سقيت الغيث أيتها الخيام وما أوحش الناس في عيني وأقبحهم إذا نظرت فلم أبصرك في الناس ومما يغني به معبد ذي الرمة‏.‏

وهو من أرق شعر يغنى به قوله‏:‏ لئن كانت الدنيا علي كما أرى تباريح من ذكراك فالموت أروح وأكثر ما كان يغني معبد بشعر الأحوص ومن جيد ما غنى به له قوله‏:‏ كأني من تذكر أم حفص وحبل وصالها خلق رمام صريع مدامة غلبت عليه تموت لها المفاصل والعظام سلام الله يا مطرٌ عليها وليس عليك يا مطر السلام فإن يكن النكاح أحل شيئاً فإن نكاحها مطراً حرام ومن شعر المتوكل بن عبد الله بن نهشل وكان كوفيا في عصر معاوية وهو القائل‏:‏ لا تنه عن خلق وتأتي مثله قفي قبل التفرق يا أماما وردي قبل بينكم السلاما ترجيها وقد شطت نواها ومنتك المنى عاماً فعاما فلا وأبيك لا أنساك حتى تجاوب هامتي في القبر هاما ولقد أصبت من المعيشة لذةً ولقيت من شظف الخطوب شدادها وعلمت حتى ما أسائل عالماً عن حرف واحدة لكي أزدادها