الباب الأول: باب الهمزة - الفصل الثالث عشر: فصل الشين المعجمة مع الهمزة

فصل الشين المعجمة مع الهمزة

ش أ ش أ
شأشأ وشؤشؤ قال ابن الأعرابي: هو دعاء الحمار إلى الماء، وقال أبو عمرو: الشأشأ: زجر الحمار، وكذلك السأسأ. وقال أبو زيد: شأشأت بالحمار إذا دعوته، وقلت له تشأشأ وزجر الغنم والحمار للمضي أو اللحوق بقوله شأشأ وتشؤ تشؤ، وقال رجل من بني الحرماز تشأ تشأ وفتح الشين أو أن شؤشؤ بالضم دعاء للغنم لتأكل أو تشرب، وشأشأ شأشأة كدحرجة وشئشاء بالقياس قال ذلك أي شأشأ أو شؤشؤ. وشأشأت النخلة شئشاء، قياسا على صئصاء كما سيأتي لم تقبل اللقاح ولم يكن لبسرها نوى، والشأشاء: الشيص وهو التمر الرديء، ضد البرني، والنخل الطوال. وتشأشئوا: تفرقوا، وتشأشأ أمرهم: اتضع نقيض ارتفع وشأ إشارة إلى أنه يستعمل ثلاثيا ورباعيا، فلا يكون تكرارا لما مر كما زعم شيخنا، وفي الحديث أن رجلا قال لبعيره: شأ لعنك الله. فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن لعنه، قال أبو منصور: هو زجر وبعض العرب يقول: جأ بالجيم، وهما لغتان.

ش ب أ
الشبأة، بالفتح ذكر الفتح مستدرك: فراشة القفل عن ابن الأعرابي، كذا في العباب. ومما بقي على المصنف:

ش ر أ
شرأ الجرادة، بالشين والراء والهمز: بيضها، ذكره الإمام السهيلي وغيره، استدركه شيخنا. قلت: أخاف أن يكون تصحيفا من سرء بفتح السين وكسرها، على اختلاف فيه سبق، فراجعه.

ش س أ
الشاسئ قال شيخنا: في أكثر النسخ إعجام الثانية كالأولى، وسكت عليه. قلت: وهو خطأ، قال أبو منصور: مكان شئس، وهو الخشن من الحجارة، قال: وقد تخفف فيقال للمكان الغليظ شأس وشأز، أي بقلب السين زايا لقرب المخرج، ويقال مقلوبا مكان شاسئ أي الجاسئ أي اليابس الغليظ: الجافي، كذا في التهذيب.

ش ط أ

صفحة : 144

الشطء، ويحرك: فراخ النخل والزرع أو هو ورقه أي الزرع ج شطوء كقعود وشطأ الزرع والنخل كمنع يشطأ شطأ وشطوءا: أخرجها أي فراخ الزرع، قال ابن الأعرابي: شطؤه: فراخه، وقال الجوهري: شطء الزرع والنبات: فراخه، وفي التنزيل كزرع أخرج شطأه قيل أي طرفه قاله الأخفش، وقال الفراء: شطؤه: السنبل، تنبت الحبة عشرا وثمانيا وسبعا، فيقوى بعضه ببعض، فذلك قوله فآزره أي فأعانه، وقال الزجاج أخرج شطأه: نباته، وفي حديث أنس: شطؤه: نباته وفراخه. والشطء من الشجر: ما خرج حول أصله ج أشطاء كفرخ وأفراخ. وأشطأ الشجر بغصونه: أخرجها، وأشطأت الشجرة بغصونها إذا أخرجت غصونها، وأشطأ الزرع فهو مشطئ إذا فرخ، وأشطأ الزرع: خرج شطؤه. وفي الأساس: ولها قد كالشطأة، وهي السعفة الخضراء، وأعطني شطأة من سنام أو أديم، قطعة منه تقطع طولا وشطأه: قطعه طولا. وشطء الوادي والنهر: شطه وشقته، وقيل: جانبه ج شطوء كفلوس كشاطئة، ويقال: شاطئ النهر: طرفه، وشاطئ البحر: ساحله، وفي الصحاح: شاطئ الوادي: شطه وجانبه، وتقول: شاطئ الأودية، ولا يجمع، كذا قاله بعضهم، والصحيح أن ج شواطئ سماعا وقياسا وشطآن بالضم كراكب وركبان، وفي المحكم: على أن شطآنا قد يكون جمع شطء، قال الشاعر:

وتصوح الوسمي من شطآنه      بقل بظاهره وبقل متانـه

وشطأ مشى عليه أي شاطئ النهر. وشطأ الرجل الناقة يشطؤها شطأ: شد عليها الرحل عن أبي عمرو. وشطأ امرأته يشطؤها: جامعها، قال:

يشطؤها بفيشة مثل أجا
لو وجئ الفيل به لما وجا

وشطأ البعير بالحمل شطأ: أثقله، وقال ابن السكيت: شطأ الرجل، وفي لسان العرب شطأت الناقة بالحمل: قوي عليه وبكليهما فسر قول أبي حزام غالب بن الحارث العكلي:

لأرؤدهـا ولـزؤبـهــا     كشطئك بالعبء ما تشطؤه

وشطأت الأم به، وقال: لعن الله ما شطأت به، وفطأت به أي طرحته. وشطأ الرجل فلانا: قهره. وشطأ الوادي بالتشديد تشطيئا على القياس، فهو مشطئ: سال شاطئاه أي جانباه عن ابن الأعرابي، ومنه قول بعض العرب ملنا لوادي كذا وكذا فوجدناه مشطئا. وشطيأ الرجل في رأيه وأمره: رهيأ أي ضعف، وزنا ومعنى. وشاطأته أي الرجل: مشى كل منا على شاطئ أي مشيت على شاطئ ومشى هو على الشاطئ الآخر.

ش ق أ
شقأ نابه أي البعير كجعل يشقأ شقأ وشقوءا كقعود: طلع وظهر، ولين ذو الرمة همزه فقال:

كأني إذا انجابت عن الركـب لـيلة     على مقرم شاقي السديسين ضارب

وشقأ رأسه: شقه أو فرقه أي الرأس بالمشقاء كمحراب، كذا هو مضبوط عن الليث، وضبطه شيخنا كمنبر وشقأ فلانا بالعصا شقأ: أصاب مشقأه ضبطه الجوهري بالفتح، وضبط في بعض النسخ بالكسر، وهو خطأ، يعني لمفرقه، وقال الفراء: المشقئ بكسر القاف المفرق كالمشقإ بفتحها، فهذا يكون موافقا للفظ المفرق، فإنه يقال المفرق والمفرق، كذا في العباب والمشقأة: المدرأة بكسر الميم، كذا هو في غالب كتب اللغة، وفي نسختنا المدرأة، بضم الميم، على وزن المصدر، وكذا في نسخة شيخنا وعليها شرح، وقال: هي المشط، كما في قول امرئ القيس:

تضل المداري في مثنى ومرسل

صفحة : 145

وقيل: هي غير المشط، بل هي عود تدخله المرأة في شعرها، وفسره المصنف بالقرن المعد لذلك، كما يأتي. والمشقأ كمنبر والمشقاء مثل محراب والمشقأة، مثل مكنسة: المشط بضم الميم كالمشقئ بكسر الميم مهموز مقصور قالع ابن الأعرابي، فيكون على تليين الهمزة، وروى أبو تراب عن الأصمعي: ابل شويقئة وشويكئة، حين يطلع نابها، من شقأ نابه وشكأ، وشاك أيضا، وأنشد:

شويقئة النابين يعـدل دفـهـا    بأعدل من سعدانة الزؤر بائن

ش ك أ
شكأ ناب البعير: كشقأ قال الأصمعي: إذا طلع فشق اللحم وشكئ ظفره كفرح: تشقق عن ابن السكيت. وفي أظفاره شكاء، كسحاب، إذا تشققت، كذا في أفعال ابن القوطية، وفي التهذيب عن سلمة قال: به شكأ شديد: تقشر، وقد شكئت أصابعه، وهو التقشر بين اللحم والأظفار شبيه بالتشقق، مهموز مقصور، أي على وزن جبل. وقال أبو حنيفة: أشكأت الشجرة بغصونها: أخرجتها وعن الأصمعي: إبل شويقئة وشويكئة، حين يطلع نابها، من شقأ نابه وشكأ وشاك أيضا وأنشد:

على مستظلات العيون سواهم     شويكئة يكسو براها لغامهـا

وقيل: أراد بقوله شويكئة شويقئة، فقلبت القاف كافا، من شقأ نابه إذا طلع، كما قيل كشط عن الفرس الجل وقشط، وقيل: شويكية بغير همز: إبل منسوبة، وإنما سقت هذه العبارة بتمامها لما فيها من الفوائد التي خلا عنها القاموس، وأغفلها شيخنا مع سعة نظره واطلاعه، فسبحان من لا يشغله شأن عن شأن.

ش ن أ
شنأه كمنعه وسمعه الأولى عن ثعلب، يشنؤه فيهما شنأ ويثلث، قال شيخنا: أي يضبط وسطه أي عينه بالحركات الثلاث، قلت: وهو غير ظاهر، بل التثليث في فائه، وهو الصواب، فالفتح عن أبي عبيدة، والكسر والضم عن أبي عمرو الشيباني، وشنأة كحمزة ومشنأة بالفتح مقيس في البابين ومشنؤة كمقبرة مسموع فيهما وشنآنا بالتسكين وشنآنا بالتحريك فهذه ثمانية مصادر، وذكرها المصنف، وزيد: شناءة ككراهة، قال الجوهري: وهو كثير في المكسور، وشنأ محركة، ومشنأ كمقعد، ذكرهما أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الصفاقسي في إعراب القرآن، ونقل عنه الشيخ يس الحمصي في حاشية التصريح، ومشنئة بكسر النون. وشنان، بحذف الهمزة، حكاه الجوهري عن أبي عبيدة، وأنشد للأحوص:

وما العيش إلا ما تلذ وتشتهي    وإن لام فيه ذو الشنان وفندا

صفحة : 146

فهذه خمسة، صار المجموع ثلاثة عشر مصدرا، وزاد الجوهري شناء كسحاب، فصار أربعة عشر بذلك، قال شيخنا: واستقصى ذلك أبو القاسم ابن القطاع في تصريفه، فإنه قال في آخره: وأكثر ما وقع من المصادر للفعل الواحد أربعة عشر مصدرا نحو شنئت شنأ، وأوصل مصادره إلى أربعة عشر، وقدر، ولقي، وورد، وهلك، وتم، ومكث، وغاب، ولا تاسع لها، وأوصل الصفاقسي مصادر شنئ إلى خمسة عشر، وهذا أكثر ما حفظ، وقرئ بهما، أي شنآن بالتحريك والتسكين قوله تعالى ولا يجرمنكم شنآن قوم فمن سكن فقد يكون مصدرا ويكون صفة كسكران، أي مبغض قوم، قال: وهو شاذ في اللفظ، لأنه لم يجيء شيء من المصادر عليه، ومن حرك فإنما هو شاذ في المعنى، لأن فعلان إنما هو بناء ما كان معناه الحركة والاضطراب، كالضربان والخفقان. وقال سيبويه: الفعلان بالتحريك مصدر ما يدل على الحركة كجولان، ولا يكون لفعل متعد فيشذ فيه من وجهين، لأنه متعد، ولعدم دلالته على الحركة، قال شيخنا: فإن قيل إن في الغضب غليان القلب واضطرابه فلذا ورد مصدره كما نقله الخفاجي وسلم. قلت: لا ملازمة بين البغض والغضب، إذ قد يبغض الإنسان شخصا وينطوي على شنآنه من غير غضب، كما لا يخفى، انتهى. وفي التهذيب: الشنآن مصدر على فعلان كالنزوان والضربان. وقرأ عاصم شنآن بإسكان النون، وهذا يكون اسما، كأنه قال: ولا يجرمنكم بغيض قوم، قال أبو بكر: وقد أنكر هذا رجل من البصرة يعرف بأبي حاتم السجستاني، معه تعد شديد وإقدام على الطعن في السلف، قال فحكيت ذلك لأحمد بن يحيى فقال: هذا من ضيق عطنه وقلة معرفته، أما سمع قول ذو الرمة:

فأقسم لا أدري أجـولان عـبـرة     تجود بها العينان أحرى أم الصبر

صفحة : 147

قال: قلت له: هذا وإن كان مصدرا فيه الواو، فقال: قد قالت العرب: وشكان ذا، فهذا مصدر وقد أسكنه، وحكى سلمة عن الفراء: من قرأ شنآن قوم، فمعناه بغض قوم، شنئته شنآنا وشنآنا، وقيل قوله شنآن قوم، لي بغضاؤهم، ومن قرأ شنآن قوم، فهو الاسم، لا يحملنكم بغض قوم. وقال شيخنا في شرح نظم الفصيح، بعد نقله عبارة الجوهري: والتسكين شاذ في اللفظ، لأنه لم يجيء شيء من المصادر عليه، قلت: ولا يرد لواه بدينه ليانا بالفتح في لغة، لأنه بمفرده لا تنتقص به الكليات المطردة، وقد قالوا لم يجيء من المصادر على فعلان بالفتح إلا ليان وشنآن، لا ثالث لهما، وإن ذكر المصنف في زاد زيدانا فإنه غير معروف: أبغضه به فسره الجوهري والفيومي وابن القوطية وابن القطاع وابن سيده وابن فارس وغيرهم وقال بعضهم: اشتد بغضه إياه ورجل شنانية كعلانية وفي نسخة شنائية بالياء التحتية بدل النون، وشنآن كسكران وهي أي الأنثى شنآنة بالهاء وشنأى كسكرى، ثم وجدت في أخرى عن الليث: رجل شناءة وشنائية بوزن فعالة وفعالية أي مبغض سيئ الخلق. والمشنوء كمقروء: المبغض كذا هو مقيد عندنا بالتشديد في غير ما نسخ، وضبطه شيخنا كمكرم من أبغض الرباعي، لأن الثلاثي لا يستعمل متعديا ولو كان جميلا كذا في نسختنا، وفي الصحاح والتهذيب ولسان العرب: وإن كان جميلا وقد شنئ الرجل بالضم فهو مشنوء. والمشنأ كمقعد: القبيح الوجه وقال ابن بري: ذكر أبو عبيد أن المشنأ، مثل المشنع: القبيح المنظر وإن كان محببا، قال شيخنا: الواقع في التهذيب والصحاح: وإن كان جميلا، قلت: إنما عبارتهما تلك في المشنوء لا هنا يستوي فيه الواحد والجمع والذكر والأنثى قاله الليث أو المشنأ وكذا المشناء كمحراب، على قول علي بن حمزة الأصبهاني، الذي يبغض الناس. والمشناء كمحراب من يبغضه الناس عن أبي عبيد، قال شيخنا نقلا عن الجوهري: هو مثل المشنإ السابق، فهو مثله في المعنى، فإفراده على هذا الوجه تطويل بغير فائدة. قلت: وإن تأملت في عبارة المؤلف حق التأمل وجدت ما قاله شيخنا مما لا يعرج عليه، ولو قيل: من يكثر ما يبغض لأجله لحسن قال أبو عبيد لأن مشناء من صيغ الفاعل، وقوله الذي يبغضه الناس في قوة المفعول، حتى كأنه قال المشناء المبغض، وصيغة المفعول لا يعبر بها عن صيغة الفاعل، فأما روضة محلال فمعناه أنها تحل الناس أو تحل بهم، أي تجعلهم يحلون، وليست في معنى محلولة، وفي حديث أم معبد: لا تشنؤه من طول، قال ابن الأثير كذا جاء في رواية، أي لا يبغض لفرط طوله. وروي: لا يتشنى، أبدل من الهمزة ياء يقال شنئته أشنؤه شنأ وشنآنا، ومنه حديث علي رضي الله تعالى عنه: ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني، وفي التنزيل إن شانئك هو الأبتر أي مبغضك وعدوك، قاله الفراء، وقال أبو عمرو: الشانئ: المبغض، والشنء والشنء بالكسر والضم: البغضة، قال أبو عبيدة: والشنء، بإسكان النون: البغضة، وقال أبو الهيثم: يقال شنئت الرجل أي أبغضته، ولغة ردية شنأت بالفتح، وقولهم: أي لمبغضك، قال ابن السكيت: هي كناية عن قولك أبا لك. والشنوء ممدود مقصور المتقزز بالقاف والزايين، على صيغة اسم الفاعل، وفي بعض النسخ المتعزز، بالعين، وهو تصحيف والتقزز من الشيء هو التناطس والتباعد عن الأدناس وإدامة التطهر، ورجل فيه شنوءة وشنوءة أي تقزز، فهو مرة صفة ومرة اسم، وغفل المؤلف هنا عن توهيمه للجوهري حيث اقتصر على معنى الصفة، كما لم يصرح المؤلف بالقصر في الشنوءة، وسكت شيخنا مع سعة اطلاعه، ويضم لو قال بدله: ويقصر كان أحسن، لأنهم لم

صفحة : 148

يتعرضوا للضم في كتبهم ومنه سمي أزد شنوءة بالهمز، على فعولة ممدودة، وقد تشدد الواو غير مهموز قاله ابن السكيت: قبيلة من اليمن سميت لشنآن أي تباغض وقع بينهم، أو لتباعدهم عن بلدهم، وقال الخفاجي لعلو نسبهم وحسن أفعالهم، من قولهم: رجل شنوءة، أي طاهر النسب ذو مروءة، نقله شيخنا، قلت: ومثله قول أبي عبيدة، وهكذا رأيته في أدب الكاتب لابن قتيبة، وفي شرح النبتيتي على معراج الغيطي. والنسبة إليها شنئي بالهمز على الأصل أجروا فعولة مجرى فعيلة، لمشابهتها إياها من عدة أوجه، منها أن كل واحد من فعولة وفعيلة ثلاثي، ثم إن ثالث كل واحد منهما حرف لين يجري مجرى صاحبه، ومنها أن في كل واحد من فعولة وفعيلة تاء التأنيث، ومنها اصطحاب فعولة وفعيلة على الموضع الواحد، نحو أثوم وأثيم ورحوم ورحيم، فلما استمرت حال فعولة وفعيلة هذا الاستمرار جرت واو شنوءة مجرى ياء حنيفة، فكما قالوا: حنفي قياسا، قالوا: شنئي، قاله أبو الحسن الأخفش، ومن قال شنوة بالواو دون الهمز جعل النسبة إليها شنوي، تبعا للأصل، نقله الأزهري عن ابن السكيت وقال:وا للضم في كتبهم ومنه سمي أزد شنوءة بالهمز، على فعولة ممدودة، وقد تشدد الواو غير مهموز قاله ابن السكيت: قبيلة من اليمن سميت لشنآن أي تباغض وقع بينهم، أو لتباعدهم عن بلدهم، وقال الخفاجي لعلو نسبهم وحسن أفعالهم، من قولهم: رجل شنوءة، أي طاهر النسب ذو مروءة، نقله شيخنا، قلت: ومثله قول أبي عبيدة، وهكذا رأيته في أدب الكاتب لابن قتيبة، وفي شرح النبتيتي على معراج الغيطي. والنسبة إليها شنئي بالهمز على الأصل أجروا فعولة مجرى فعيلة، لمشابهتها إياها من عدة أوجه، منها أن كل واحد من فعولة وفعيلة ثلاثي، ثم إن ثالث كل واحد منهما حرف لين يجري مجرى صاحبه، ومنها أن في كل واحد من فعولة وفعيلة تاء التأنيث، ومنها اصطحاب فعولة وفعيلة على الموضع الواحد، نحو أثوم وأثيم ورحوم ورحيم، فلما استمرت حال فعولة وفعيلة هذا الاستمرار جرت واو شنوءة مجرى ياء حنيفة، فكما قالوا: حنفي قياسا، قالوا: شنئي، قاله أبو الحسن الأخفش، ومن قال شنوة بالواو دون الهمز جعل النسبة إليها شنوي، تبعا للأصل، نقله الأزهري عن ابن السكيت وقال:
نحن قريش وهم شنوه بنا قريشا ختم النبوه

واسم الأزد عبد الله أو الحارث بن كعب، وأنشد الليث:

فمـا أنـتـم بـالأزد أزد شـنـوءة     ولا من بني كعب بن عمرو بن عامر

صفحة : 149

وسفيان بن أبي زهير واسمه القرد، قاله خليفة، وقيل نمير بن مرارة ابن عبد الله بن مالك النمري الشنائي بالمد والهمز كذلك في صحيح البخاري، وفي رواية الأكثر، ويقال الشنوي كذا في رواية السمرقندي وعبدوس، وكلاهما صحيح، وصرح به ابن دريد وعند الأصيلي: الشنوي، بضم النون، قال عياض: ولا وجه له إلا أن يكون ممدودا على الأصل وزهير بن عبد الله الشنوي قاله الحمادان وهشام، وشذ شعبة فقال: هو محمد بن عبد الله بن زهير وقال أبو عمر: زهير بن أبي جبل هو زهير بن عبد الله بن أبي جبل صحابيان أما الأول فحديثه في البخاري من رواية عبد الله بن الزبير عنه، وروى أيضا من طريق السائب بن يزيد عنه، قال: هو رجل من أزد شنوءة، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من اقتنى كلبا الحديث، وأما الثاني فقد ذكره البغوي وجماعة في الصحابة، وهو تابعي، قال ابن أبي حاتم في المراسيل: حديثه مرسل، ثم إن ظاهر كلام المصنف أنه إنما يقال الشنوي بالوجهين في هذين النسبين، لأن ذكرهما فيهما، واقتصر في الأول على الشنائي بالهمز فقط، وليس كذلك، بل كل منسوب إلى هذه القبيلة يقال فيه الوجهان، على الأصل وبما رواه الأصيلي توسعا. وقال أبو عبيد شنئ له حقه كفرح: أعطاه إياه، وقال ثعلب: شنأ إليه، أي كمنع، وهو أي الفتح أصح، فأما قول العجاج:

زل بنو العوام عن آل الحكم
وشنئوا الملك لملك ذي قدم

فإنه لملك ولملك، فمن رواه لملك فوجهه شنئوا: أخرجوا من عندهم، كما في العباب، ومن رواه لملك فالأجود شنئوا أي تبرؤوا إليه وشنئ به: أقر، قال الفرزدق:

فلو كان هذا الأمر في جاهلـية     عرفت من المولى القليل حلائبه

ولو كان هذا الأمر في غير ملككم شنئت به أو غص بالماء شاربه

صفحة : 150

أو أعطاه حقه وتبرأ منه، ولا يخفى أن الإعطاء مع التبري من معاني شنأ بالفتح إذا عدي بإلى، كما قاله ثعلب، فلو قال: وإليه: أعطاه وتبرأ منه كان أجمع للأقوال كشنأ أي كمنع، وقضية اصطلاحه أن يكون ككتب ولا قائل به، قاله شيخنا، ثم إن ظاهر قوله يدل على أن شنأ كمنع في كل ما استعمل شنئ بالكسر، ولا قائل به، كما قد عرفت من قول أبي عبيد وثعلب، ولم يستعملوا كمنع إلا في المعدى بإلى دون به وله، وقد أغفله شيخنا. وشنأ الشيء: أخرجه من عنده، وقال أبو عبيد: شنئ حقه، أي كعلم إذا أقر به وأخرجه من عنده. وفي المحكم شوانئ المال: التي لا يضن أي لا يبخل بها عن ابن الأعرابي نقلا من تذكرة أبي علي الفارسي، وقال: كأنها شنئت أي بغضت فجيد بها أي أعطي بها لعدم عزتها على صاحبها، فهو يجود بها لبغضه إياها، وقال: أخرجه مخرج النسب فجاء به على فاعل، قال شيخنا: ثم الظاهر أن فاعلا هنا بمعنى مفعول، أي مشنوء المال ومبغضه، فهو كماء دافق وعيشة راضية. والشنآن بن مالك محركة رجل شاعر من بني معاوية بن حزن بن عبادة بن عقيل بن كعب. ومما بقي على المؤلف: المشنيئة ففي حديث عائشة رضي الله عنها: عليكم بالمشنيئة النافعة التلبينة، تعني الحساء وهي مفعولة من شنئت إذا أبغضت، قال الرياشي: سألت الأصمعي عن المشنيئة فقال: البغيضة، قال ابن الأثير: وهي مفعولة من شنئت إذا أبغضت، وهذا البناء شاذ بالواو ولا يقال في مقرو وموطو مقري وموطي ووجهه أنه لما خفف الهمزة صارت ياء فقال مشنئ كمرضي، فلما أعاد الهمزة استصحب الحال المخففة، وقولها: التلبينة، هي تفسير للمشنيئة وجعلتها بغيضة لكراهتها. وفي حديث كعب يوشك أن يرفع عنكم الطاعون ويفيض فيكم شنآن الشتاء قيل: ما شنآن الشتاء? قال: برده استعار الشنآن للبرد لأنه بغيض في الشتاء، وقيل: أراد بالبرد سهولة الأمر والراحة، لأن العرب تكني بالبرد عن الراحة، والمعنى: يرفع عنكم الطاعون والشدة، ويكثر فيكم التباغض أو الراحة والدعة. وتشانئوا أي تباغضوا كذا في العباب.

ش و أ
شاءني: سبقني. وشاءني فلان: حزنني، وأعجبني ضد، وتقول في مضارعه يشوء على الأصل ويشيء كيبيع، إن كان مضارعا لشاء، وزعم أنه مقلوب أيضا لشأى يشئي كرمى يرمي فهو غلط، لأن مادة شأى مهموز العين معتل اللام بالتحتية مهملو، وإن أراد أنه استعمل كباع يبيع بمعنى يبق فالمادة الآتية متصلة بهذه، ولم يذكر هو ولا غيره أن الشيء كالبيع بمعنى السبق ولا لهم شاء كباع، إنما قالوا: شاء يشاء كخاف يخاف، قاله شيخنا قلب شآني كدعاني بمعنى سبقني فيهما وزنا ومعنى. والشيئان كشيعان في وزان تثنية السيد: البعيد النظر الكثير الاستشراف إما على حقيقته أو كناية عن الرجل صاحب التأني والتفكر والناظر عواقب الأمور، وقد ذكره الصاغاني في المادة التي تليها. وشؤت به كقلت: أعجبت بحسن سمته وفرحت به، عن الليث، كذا في العباب.

ش ي أ

صفحة : 151

شئته أي الشيء أشاؤه شيأ ومشيئة كخطيئة ومشاءة ككراهة ومشائية كعلانية: أردته قال الجوهري: المشيئة: الإرادة، ومثله في المصباح والمحكم، وأكثر المتكلمين لم يفرقوا بينهما، وإن كانتا في الأصل مختلفتين فإن المشيئة في اللغة: الإيجاد والإرادة: طلب أومأ إليه شيخنا ناقل عن القطب الرازي، وليس هذا محل البسط والاسم منه الشيئة كشيعة عن اللحياني، ومثله في الروض للسهيلي وقالوا: كل شيء بشيئة الله تعالى بكسر الشين، أي بمشيئته، وفي الحديث: أن يهوديا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تنذرون وتشركون فتقولون: ما شاء الله وشئت، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت وفي لسان العرب وشرح المعلقات: المشيئة، مهموزة: الإرادة، وإنما فرق بين قوله: ما شاء الله وشئت، وما شاء الله ثم شئت لأن الواو تفيد الجمع دون الترتيب، وثم تجمع وترتب، فمع الواو يكون قد جمع بين الله وبينه في المشيئة، ومع ثم يكون قد قدم مشيئة الله على مشيئته. والشيء م بين الناس، قال سيبويه حين أراد أن يجعل المذكر أصلا للمؤنث: ألا ترى أن الشيء مذكر، وهو يقع على كل ما أخبر عنه، قال شيخنا: والظاهر أنه مصدر بمعنى اسم المفعول، أي الأمر المشيئ أي المراد الذي يتعلق به القصد، أعم من أن يكون بالفعل أو بالإمكان، فيتناول الواجب والممكن والممتنع، كما اختاره صاحب الكشاف، وقال الراغب: الشيء: عبارة عن كل موجود إما حسا كالأجسام، أو معنى كالأقوال، وصرح البيضاوي وغيره بأنه يختص بالموجود، وقد قال سيبويه: إنه أعم العام، وبعض المتكلمين يطلقه على المعدوم أيضا، كما نقل عن السعد وضعف، وقالوا: من أطلقه محجوج بعدم استعمال العرب ذلك، كما علم باستقراء كلامهم وبنحو كل شيء هالك إلا وجه إذ المعدوم لا يتصف بالهلاك وبنحو وإن من شيء إلا يسبح بحمده إذ المعدوم لا يتصور منه التسبيح. انتهى. ج أشياء غير مصروف وأشياوات جمع الجمع لشيء، قاله شيخنا وكذا أشاوات وأشاوى بفتح الواو، وحكي كسرها أيضا، وحكى الأصمعي أنه سمع رجلا من أفصح العرب يقول لخلف الأحمر: إن عندك لأشاوي وأصله أشايي بثلاث ياءات خففت الياء المشددة، كما قالوا في صحاري صحار فصار أشاي ثم أبدل من الكسرة فتحة ومن الياء ألف فصار أشايا كما قالوا في صحار صحارى، ثم أبدلوا من الياء واوا، كما أبدلوا في جبيت الخراج جباية وجباوة، كما قاله ابن بري في حواشي الصحاح وقول الجوهري إن أصله أشائي بياءين بالهمز أي همز الياء الأولى كالنون في أعناق إذا جمعته قلت أعانيق، والياء الثانية هي المبدلة من ألف المد في أعناق تبدل ياء لكسر ما قبلها، والهمزة هي لام الكلمة، فهي كالقاف في أعانيق، ثم قلبت الهمزة لتطرفها، فاجتمعت ثلاث ياءات، فتوالت الأمثال فاستثقلت فحذفت الوسطى وقلبت الأخيرة ألفا، وأبدلت من الأولى واوا، كما قالوا: أتيته أتوة، هذا ملخص ما في الصحاح قال ابن بري: وهو غلط منه لأنه لا يصح همز الياء الأولى لكونها أصلا غير زائدة وشرط الإبدال كونها زائدة كما تقول في جمع أبيات أباييت ثبتت ياؤها لعدم زيادتها، وكذا ياء معايش فلا تهمز أنت الياء التي بعد الألف لأصالتها، هذا نص عبارة ابن بري. قال شيخنا: وهذا كلام صحيح ظاهر، لكنه ليس في كلام الجوهري الياء الأولى حتى يرد عليه ما ذكر، وإنما قال: أصله أشائي فقلبت الهمزة ياء فاجتمعت ثلاث ياءات. قال: فالمراد بالهمزة لام الكلمة لا الياء التي هي عين الكلمة، إلى آخر ما قال. قلت: وبما سقناه من نص الجوهري آنفا يرتفع إيراد شيخنا الناشئ عن عدم تكرير النظر في عبارته، مع ما

صفحة : 152

تحامل به على المصنف عفا الله وسامح عن جسارته، ويجمع أيضا على أشايا بإبقاء الياء على حالها دون إبدالها واوا كالأولى، ووزنه على ما اختاره الجوهري أفائل، وقيل أفايا وحكي أشيايا أبدلوا همزته ياء وزادوا ألفا، فوزنه أفعالا، نقله ابن سيده عن اللحياني وأشاوه بإبدال الهمزة هاء، وهو غريب أي نادر، وحكى أن شيخا أنشد في مجلس الكسائي عن بعض الأعراب:ل به على المصنف عفا الله وسامح عن جسارته، ويجمع أيضا على أشايا بإبقاء الياء على حالها دون إبدالها واوا كالأولى، ووزنه على ما اختاره الجوهري أفائل، وقيل أفايا وحكي أشيايا أبدلوا همزته ياء وزادوا ألفا، فوزنه أفعالا، نقله ابن سيده عن اللحياني وأشاوه بإبدال الهمزة هاء، وهو غريب أي نادر، وحكى أن شيخا أنشد في مجلس الكسائي عن بعض الأعراب:

وذلك ما أوصيك يا أم معمـر     وبعض الوصايا في أشاوه تنفع

صفحة : 153

قال اللحياني: وزعم الشيخ أن الأعرابي قال: أريد أشايا، وهذا من أشذ الجمع لأنه ليس في الشيء هاء وعبارة اللحياني، لأنه لا هاء في الأشياء وتصغيره شييء مضبوط عندنا في النسخة بالوجهين معا، أي بالضم على القياس، كفلس وفليس، وأشار الجوهري إلى الكسر كغيره، وكأن المؤلف أحال على القياس المشهور في كل ثلاثي العين، قال الجوهري ولا تقل شوي بالواو وتشديد الياء أو لغية حكيت عن إدريس بن موسى النحوي بل سائر الكوفيين، واستعملها المولدون في أشعارهم، قال شيخنا: وحكاية الإمام أبي نصر الجوهري رحمه الله تعالى عن إمام المذهب الخليل بن أحمد الفراهيدي أن أشياء فعلاء، وأنها معطوف على ما قبله جمع على غير واحده كشاعر وشعراء كون الواحد على خلاف القياس في الجمع إلى آخره أي آخر ما قال وسرد حكاية مختلة، وفي بعض النسخ بدون لفظ حكاية أي ذات اختلال وانحلال ضرب فيها أي في تلك الحكاية مذهب الخليل على مذهب أبي الحسن الأخفش ولم يميز بينهما أي بين قولي الإمامين وذلك أن أبا الحسن الأخفش يرى ويذهب إلى أنها أي أشياء وزنها أفعلاء كما تقول هين وأهوناء، إلا أنه كان في الأصل أشيئاء كأشيعاع، فاجتمعت همزتان بينهما ألف فحذف الهمزة الأولى، وفي شرح حسام زاده على منظومة الشافية: حذفت الهمزة التي هي اللام تخفيفا كراهة همزتين بينهما ألف، فوزنها أفعاء، انتهى. قال الجوهري: وقال الفراء: أصل شيء شيئ على مثال شيع، فجمع على أفعلاء مثل هين وأهيناء ولين وأليناء، ثم خفف فقيل شيء، كما قال: هين ولين، فقالوا أشياء، فحذفوا الهمزة الأولى، وهذا قول يدخل عليه أن لا يجمع على أشاوى وهي جمع على غير واحده المستعمل المقيس المطرد كشاعر وشعراء، فإنه جمع على غير واحده، قال شيخنا: هذا التنظير ليس من مذهب الأخفش كما زعم المصنف، بل هو من تنظير الخليل، كما جزم الجوهري وأقره العلم السخاوي، وبه صرح ابن سيده في المخصص وعزاه إلى الخليل. قلت: وهذا الإيراد نص كلام ابن بري في حواشيه، كما سيأتي، وليس من كلامه، فكان ينبغي التنبيه عليه لأن فاعلا لا يجمع على فعلاء لكن صرح ابن مالك وابن هشام وأبو حيان وغيرهم أن فعلاء يطرد في وصف على فعيل بمعنى فاعل غير مضاعف ولا معتل ككريم وكرماء وظريف وظرفاء، وفي فاعل دال على معنى كالغريزة كشاعر وشعراء وعاقل وعقلاء وصالح وصلحاء وعالم وعلماء، وهي قاعدة مطردة، قال شيخنا: فلا أدري ما وجه إقرار المصنف لذلك كالجوهري وابن سيده وأما الخليل بن أحمد فيرى أنها أي أشياء اسم الجمع وزنها فعلاء أصله شيئاء، كحمراء فاستثقل الهمزتان، فقلبوا الهمزة الأولى إلى أول الكلمة، فجعلت لفعاء، كما قلبوا أنوق فقالوا أينق، وقلبوا أقوس إلى قسي، قال أبو إسحاق الزجاج: وتصديق قول الخليل جمعهم أشياء على أشاوى وأشايا وقول الخليل هو مذهب سيبويه والمازني وجميع البصريين إلا الزيادي منهم، فإنه كان يميل إلى قول الأخفش، وذكر أن المازني ناظر الأخفش في هذا فقطع المازني الأخفش، قال أبو منصور: وأما الليث فإنه حكى عن الخليل غير ما حكى عنه الثقات، وخلط فيما حكى وطول تطويلا دل على حيرته، قال: فلذلك تركته فلم أحكه بعينه. نائبة عن أفعال وبدل منه، قال ابن هشام: لم يرد منه إلا ثلاثة ألفاظ: فرخ وأفراخ، وزند وأزناد وحمل وأحمال، لا رابع لها، وقال غيره: إنه قليل بالنسبة إلى الصحيح، وأما في المعتل فكثير وجمع لواحدها وقد تقدم من مذهب سيبويه أنا اسم جمع لا جمع فليتأمل، المستعمل المطرد وهو شيء وقد عرفت أنه شاذ قليل، وأما الكسائي فيرى أنها أي أشياء أفعال كفرخ وأفراخ أي من غير ادعاء كلفة، ومن ثم استحسن كثيرون مذهبه، وفي شرح الشافية، لأن فعلا

صفحة : 154

معتل العين يجمع على أفعال. قلت: وقد تقدمت الإشارة إليه، فإن قلت: إذا كان الأمر كذلك فكيف منعت من الصرف وأفعال لا موجب لمنعه. قلت: إنما ترك صرفها لكثرة الاستعمال فخفت كثيرا، فقابلوا خفتها بالتثقيل وهو المنع من الصرف لأنها أي أشياء شبهت بفعلاء مثل حمراء في الوزن، وفي الظاهر، وفي كونها جمعت على أشياوات فصارت كخضراء وخضراوات وصحراء وصحراوات، قال شيخنا: قوله: لأنها شبهت، إلخ من كلام المصنف جوابا عن الكسائي، لا من كلام الكسائي. قلت: قال أبو إسحاق الزجاج في كتابه في قوله تعالى لا تسألوا عن أشياء في موضع الخفض إلا أنها فتحت لأنها لا تنصرف، قال: وقال الكسائي: أشبه آخرها آخر حمراء وكثر استعمالها فلم تصرف، انتهى. فعرف من هذا بطلان ما قاله شيخنا، وأن الجوهري إنما نقله من نص كلام الكسائي، ولم يأت من عنده بشيء فحينئذ لا يلزمه أي الكسائي أن لا يصرف أبناء وأسماء كما زعم الجوهري قال أبو إسحاق الزجاج: وقد أجمع البصريون وأكثر الكوفيين على أن قول الكسائي خطأ في هذا وألزموه أن لا يصرف أبناء وأسماء. انتهى. فقد عرفت أن في مثل هذا لا ينسب الغلط إلى الجوهري كما زعم المؤلف لأنهم لم يجمعوا أبناء وأسماء بالألف والتاء فلم يحصل الشبه. وقال الفراء: أصل شيئ شيئ على مثال شيع، فجمع على أفعلاء مثل هين وأهيناء ولين وأليناء، ثم خفف فقيل: شيئ كما قاولا هين ولين، فقالوا أشياء، فحذفوا الهمزة الأولى، هكذا نص الجوهري، ولما كان هذا القول راجعا إلى كلام أبي الحسن الأخفش لم يذكره المؤلف مستقلا ولذا ترى في عبارة أبي إسحاق الزجاج وغيره نسبة القول إليهما معا، بل الجاربردي عزا القول إلى الفراء ولم يذكر الأخفش، فلا يقال: إن المؤلف بقي عليه مذهب الفراء كما زعم شيخنا، وقال الزجاج عند ذكر قول الأخفش والفراء: وهذا القول غلط لأن شيئا فعل، وفعل لا يجمع على أفعلاء، فأما هين فأصله هين فجمع على أفعلاء كما يجمع فعيل على أفعلاء مثل نصيب وأنصباء انتهى. قلت: وهذا هو المذهب الخامس الذي قال شيخنا فيه إنه لم لتعرض له اللغويون وهو راجع إلى مذهب الأخفش والفراء، قال شيخنا في تتمات هي للمادة مهمات: فحاصل ما ذكر يرجع إلى ثلاثة أبنية تعرف بالاعتبار والوزن بعد الحذف فتصير خمسة أقوال، وذلك أن أشياء هل هي اسم جمع وزنها فعلاء أو جمع على فعلاء ووزنه بعد الحذف أفعاء أو أفلاء أو أفياء أو أصلها أفعال، وبه تعلم ما في القاموس والصحاح والمحكم من القصور، حيث اقتصر الأول على ثلاثة أقوال مع أنه البحر، والثاني والثالث على أربعة، انتهى. وحيث انجر بنا الكلام إلى هنا ينبغي أن نعلم أي المذاهب منصور مما ذكر. فقال الإمام علم الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي الدمشقي في كتابه سفر السعادة وسفير الإفادة: وأحسن هذه الأقوال كلها وأقربها إلى الصواب قول الكسائي، لأنه فعل جمع على أفعال، مثل سيف وأسياف، وأما منع الصرف فيه فعلى التشبيه بفعلاء، وقد يشبه الشيء بالشيء فيعطى حكمه، كما أنهم شبهوا ألف أرطى بألف التأنيث فمنعوه من الصرف في المعرفة، ذكر هذا القول شيخنا وأيده وارتضاه. قلت: وتقدم النقل عن الزجاج في تخطئة البصريين وأكثر الكوفيين هذا القول، وتقدم الجواب أيضا في سياق عبارة المؤلف، وقال الجاربردي في شرح الشافية: ويلزم الكسائي مخالفة الظاهر من وجهين: الأول منع الصرف بغير علة، الثاني أنها جمعت على أشاوى. وأفعال لا يجمع على أفاعل. قلت: الإيراد الثاني هو نص كلام الجوهري، وأما الإيراد الأول فقد عرفت جوابه. وذكر الشهاب الخفاجي في طراز المجالس أن شبه العجم وشبه العلمية وشبه الألف مما نص النحات على

صفحة : 155

أنه من العلل، نقله شيخنا وقال: المقرر في علوم العربية أن من جملة موانع الصرف ألف الإلحاق، لشبهها بألف التأنيث، ولها شرطان: أن تكون مقصورة، وأما ألف الإلحاق الممدودة فلا تمنع وإن ضمت لعلة أخرى، الثاني أن تقع الكلمة التي فيها الألف المقصورة علما، فتكون فيها العلمية وشبه ألف التأنيث، فأما الألف التي للتأنيث فإنها تمنع مطلقا، ممدودة أو مقصورة، في معرفة أو نكرة، على ما عرف. انتهى. وقال أبو إسحاق الزجاج في كتابه الذي حوى أقاويلهم واحتج لأصوبها عنده وعزاه للخليل فقال: قوله تعالى لا تسألوا عن أشياء في موضع الخفض إلا أنها فتحت لأنها لا تنصرف. ونص كلام الجوهري: قال الخليل: إنما ترك صرف أشياء لأن أصله فعلاء، جمع على غير واحده، كما أن الشعراء جمع على غير واحده، لأن الفاعل لا يجمع على فعلاء، ثم استثقلوا الهمزتين في آخره نقلوا الأولى إلى أول الكلمة فقالوا أشياء، كما قالوا أينق وقسي فصار تقديره لفعاء، يدل على صحة ذلك أنه لا يصرف، وأنه يصغر على أشياء، وأنه يجمع على أشاوى، انتهى. وقال الجاربدي بعد أن نقل الأقوال: ومذهب سيبويه أولى، إذ لا يلزمه مخالفة الظاهر إلا من وجه واحد، وهو القلب، مع أنه ثابت في لغتهم في أمثلة كثيرة. وقال ابن بري عند حكاية الجوهري عن الخليل إن أشياء فعلاء جمع على غير واحده كما أن الشعراء جمع على غير واحده: هذا وهم منه، بل واحدها شيئ، قال: وليست أشياء عنده بجمع مكسر، وإنما هي اسم واحد بمنزلة الطرفاء والقصباء والحلفاء، ولكنه يجعلها بدلا من جمع مكسر بدلالة إضافة العدد القليل إليها، كقولهم: ثلاثة أشياء، فأما جمعها على غير واحدها فذلك مذهب الأخفش، لأنه يرى أن أشياء وزنها أفعلاء وأصلها أشيئاء فحذفت الهمزة تخفيفا، قال: وكان أبو علي يجيز قول أبي الحسن على أن يكون واحدها شيئا، ويكون أفعلاء جمعا لفعل في هذا، كما جمع فعل على فعلاء في نحو سمح وسمحاء، قال: وهو وهم من أبي علي، لأن شيئا اسم، وسمحا صفة بمعنى سميح، لأن اسم الفاعل من سمح قياسه سميح، وسميح يجمع على سمحاء، كظريف وظرفاء، ومثله خصم وخصماء، لأنه في معنى خصيم، والخليل وسيبويه يقولان أصلها شيئاء، فقدمت الهمزة التي هي لام الكلمة إلى أولها فصارت أشياء فوزنها لفعاء، قال: ويدل على صحة قولهما أن العرب قالت في تصغيرها أشياء، قال: ولو كانت جمعا مكسرا كما ذهب إليه الأخفش لقيل في تصغيرها شييئات كما يفعل ذلك في الجموع المكسرة، كجمال وكعاب وكلاب، تقول في تصغيرها جميلات وكعيبات وكليبات، فتردها إلى الواحد ثم تجمعها بالألف والتاء. قال فخر الدين أبو الحسن الجاربردي: ويلزم الفراء مخالفة الظاهر من وجوه: الأول أنه لو كان أصل شيء شيئا كبين، لكان الأصل شائعا كثيرا، ألا ترى أن بينا أكثر من بين وميتا أكثر من ميت، والثاني أن حذف الهمزة في مثلها غير جائز إذ لا قياس يؤدي إلى جواز حذف الهمزة إذا اجتمع همزتان بينهما ألف. الثالث تصغيرها على أشياء، فلو كانت أفعلاء لكانت جمع كثرة، ولو كانت جمع كثرة لوجب ردها إلى المفرد عند التصغير، إذ ليس لها جمع القلة. الرابع أنها تجمع على أشاوى، وأفعلاء لا يجمع على أفاعل، ولا يلزم سيبويه من ذلك شيء، لأن منع الصرف لأجل التأنيث، وتصغيرها على أشياء لأنها اسم جمع لا جمع، وجمعها على أشاوى لأنها اسم على فعلاء فيجمع على فعالى كصحار أو صحارى. انتهى. قلت: قوله ولا يلزم سيبويه شيء من ذلك على إطلاقه غير مسلم، إذ يلزمه على التقدير المذكور مثل ما أورد على الفراء من الوجه الثاني، وقد تقدم، فإن اجتماع همزتين بينهما ألف واقع في كلام الفصحاء،

صفحة : 156

قال الله تعالى إنا برآء منكم وفي الحديث أنا وأتقياء أمتي برآء من التكلف قال الجوهري: إن أبا عثمان المازني قال لأبي الحسن الأخفش: كيف تصغر العرب أشياء? فقال: أشياء، فقال له: تركت قولك، لأن كل جمع كسر على غير واحده وهو من أبنية الجمع فإنه يرد بالتصغير إلى واحده، قال ابن بري: هذه الحكاية مغيرة، لأن المازني إنما أنكر على الأخفش تصغير أشياء، وهي جمع مكسر للكثير من غير أن يرد إلى الواحد، ولم يقل له إن كل جمع كسر على غير واحده، لأنه ليس السبب الموجب لرد الجمع إلى واحده عند التصغير هو كونه كسر على غير واحده، وإنما ذلك لكونه جمع كثرة لا قلة. وفي هذا القدر مقنع للطالب الراغب فتأمل وكن من الشاكرين، وبعد ذلك نعود إلى حل ألفاظ المتن، قال المؤلف: والشيآن أي كشيعان تقدم ضبطه ومعناه، أي أنه واوي العين ويائيها، كما يأتي للمؤلف في المعتل إيماء إلى أنه غير مهموز، قاله شيخنا، وينعت به الفرس، قال ثعلبة بن صعير: تعالى إنا برآء منكم وفي الحديث أنا وأتقياء أمتي برآء من التكلف قال الجوهري: إن أبا عثمان المازني قال لأبي الحسن الأخفش: كيف تصغر العرب أشياء? فقال: أشياء، فقال له: تركت قولك، لأن كل جمع كسر على غير واحده وهو من أبنية الجمع فإنه يرد بالتصغير إلى واحده، قال ابن بري: هذه الحكاية مغيرة، لأن المازني إنما أنكر على الأخفش تصغير أشياء، وهي جمع مكسر للكثير من غير أن يرد إلى الواحد، ولم يقل له إن كل جمع كسر على غير واحده، لأنه ليس السبب الموجب لرد الجمع إلى واحده عند التصغير هو كونه كسر على غير واحده، وإنما ذلك لكونه جمع كثرة لا قلة. وفي هذا القدر مقنع للطالب الراغب فتأمل وكن من الشاكرين، وبعد ذلك نعود إلى حل ألفاظ المتن، قال المؤلف: والشيآن أي كشيعان تقدم ضبطه ومعناه، أي أنه واوي العين ويائيها، كما يأتي للمؤلف في المعتل إيماء إلى أنه غير مهموز، قاله شيخنا، وينعت به الفرس، قال ثعلبة بن صعير:

ومغيرة سوم الجراد وزعتها قبل الصباح بشيآن ضامر وأشاءه إليه لغة في أجاءه أي ألجأه، وهو لغة تميم يقولون: شر ما يشيئك إلى مخة عرقوب، أي يجيئك ويلجئك، قال زهير بن ذؤيب العدوي:

فيا لتميم صابر قد أشـئتـم     إليه وكونوا كالمحربة البسل

والمشيأ كمعظم وهو المختلف الخلق المختله القبيح، قال الشاعر:

فطيئ ما طيئ ما طيئ
شيأهم إذا خلق المشيئ

وما نقله شيخنا عن أصول المحكم بالباء الموحدة المشددة وتخفيف اللام فتصحيف ظاهر، والصحيح هو ما ضبطناه على ما في الأصول الصحيحة وجدناه، وقال أبو سعيد: المشيأ مثل الموبن، قال الجعدي:

زفير المتم بالمشيإ طرقت     بكاهله مما يريم الملاقيا

ويا شيئ كلمة يتعجب بها، قال:

يا شيء مالي من يعمر    يفنه مر الزمان عليه والتقليب

صفحة : 157

ومعناه التأسف على الشيء يفوت وقال لي اللحياني: معناه: يا عجبي، وما في موضع رفع تقول: يا شيء مالي كياهيء مالي، وسيأتي في باب المعتل إن شاء الله تعالى نظرا إلى أنهما لا يهمزان، ولكن الذي قال الكسائي يا في مالي ويا هي مالي، لا يهمزان، ويا شيء مالي ويا شي مالي يهمز ولا يهمز، ففي كلام المؤلف نظر، وإنما لم يذكر المؤلف يا شي مالي في المعتل لما فيه من الاختلاف في كونه يهمز ولا يهمز، فلا يرد عليه ما نسبه شيخنا إلى الغفلة، قال الأحمر: يا فيء مالي، ويا شيء مالي، ويا هيء مالي معناه كله الأسف والحزن والتلهف، قال الكسائي: وما في كلها في موضع رفع، تأويله يا عجبا مالي، ومعناه التلهف والأسف، وقال: ومن العرب من يقول شيء وهيء وفيء ومنهم من يزيد ما فيقول يا شيء ما، ويا هيء ما ويا فيء ما، أي ما أحسن هذا. وشئته كجئته على الأمر: حملته عليه، هكذا في النسخ، والذي في لسان العرب شيأته بالتشديد، عن الأصمعي وقد شيأ الله تعالى خلقه ووجهه أي قبحه وقالت امرأة من العرب:

إني لأهوى الأطولين الغلبا
وأبغض المشيئين الزغبا

وتشيأ الرجل إذا سكن غضبه، وحكى سيبويه عن قول العرب: ما أغفله عنك شيئا أي دع الشك عنك، قال ابن جني: ولا يجوز أن يكون شيئا هنا منصوبا على المصدر حتى كأنه قال ما أغفله عنك غفولا ونحو ذلك، لأن فعل التعجب قد استغنى بما حصل فيه من معنى المبالغة عن أن يؤكد بالمصدر، قال وأما قولهم: هو أحسن منك شيئا فإنه منصوب على تقدير بشيء، فلما حذف حرف الجر أوصل إليه ما قبله، وذلك أن معنى: هو أفعل منه، في المبالغة كمعنى ما أفعله، فكما لم يجز ما أقومه قياما، كذلك لم يجز هو أقوم منه قياما، كذا في لسان العرب، وقد أغفله المصنف. وحكي عن الليث: الشيء: الماء، وأنشد:

ترى ركبه بالشيء في وسط قفرة

قال أبو منصور: لا أعرف الشيء بمعنى الماء ولا أدري ما هو ولا أعرف البيت، وقال أبو حاتم: قال الأصمعي: إذا قال لك الرجل ما أردت? قلت لا شيئا، وإن قال لك لم فعلت ذلك? قلت: للا شيء، وإن قال لك: ما أمرك? قلت: لا شيء، ينون فيهن كلهن. وقد أغفله شيخنا كما أغفله المؤلف.