فصل الغين المعجمة مع الهمزة
غ أ غ أ
الغأغاء كسلسال: صوت الغواهق جنس من الغربان الجبلية لسكناها بها. وغأغأ
غأغأة كدحرج دحرجة.
غ ب أ
غبأ له يغبأ غبأ و غبأ إليه كمنع إذا قصد له، ولم يعرفها الرياشي بالغين
معجمة، كذا في لسان العرب.
غ ر ق أ
الغرقئ، كزبرج: القشرة الملتزقة ببياض البيض وقال غيره: قشر البيض الذي تحت
القيض، والقيض: ما تفلق من قشور البيض الأعلى، قال الفراء: همزته زائدة،
لأنه من الغرق، وكذلك الهمزة في الكرفئة والطهلئة زائدتان، وقد نبه عليه
الجوهري، فلم يرد عليه شيء مما قاله المصنف في غ ر ق، أو البياض الذي يؤكل
وهو قول ضعيف، ويقال من ذلك غرقأت البيضة أي خرجت وعليها قشرها الرقيق،
وكذا غرقأت الدجاجة إذا فعلت ذلك ببيضها وسيأتي في غرق مزيد لذلك إن شاء
الله تعالى.
ف أ ف أ
صفحة : 175
الفأفأ، كفدفد عن اللحياني والفأفاء مثل بلبال يقال: رجل فأفاء وفأفأ يمد
ويقصر، وقد فأفأ، وامرأة فأفأة، كذا في لسان العرب، فسقط بذلك ما قاله
شيخنا إن المعروف هو المد، وأما القصر فلا يعرف في الوصف إلا في شعر على
جهة الضرورة: هو الذي يكثر ترداد الكلام إذا تكلم أو هو مردد الفاء ومكثره
في كلامه إذا تكلم، وهو قول المبرد وفيه فأفأة أي حبسة في اللسان وغلبة
الفاء على الكلام، وقال الليث: الفأفأة في الكلام كأن الفاء تغلب على
اللسان.
ف ب أ
الفبأة، المطرة السريعة تأتي ساعة ثم تنقشع وتسكن كذا في العباب.
ف ت أ
ما فتأ، مثلثة التاء أي عين الفعل، أما الكسر والنصب فلغتان مشهورتان،
الأول أشهر من الثاني، وأما الضم فلم يثبت عند أئمة اللغة والنحو، وكأنه
نقله من بعض الدواوين اللغوية، وهو مستبعد، قاله شيخنا. قلت: والضم نقله
الصاغاني عن الفراء، والعجب من شيخنا كيف استبعده وهو في العباب، تقول: ما
فتئ وما فتأ يفتأ فتأ وفتوءا: ما زال وما برح كما أفتأ لغة بني تميم، رواه
عنهم أبو زيد، يقال: ما أفتأت أذكره إفتاء، وذلك إذا كنت لا تزال تذكره،
لغة في ذلك. وفي نوادر الأعراب: فتئ عنه أي الأمر كسمع إذا نسيه وانقذع عنه
أي تأثر منه، وفي بعض النسخ بالفاء والمهملة والمعجمة، أي لان بعد يبس، وما
فتئ لا يستعمل إلا في النفي أو ما في معناه أو خاص بالجحد، أي لا يتكلم به
إلا مع الجحد، فإن استعمل بغير ما ونحوها فهي منوية، على حسب ما يجيء عليه
أخواتها وربما حذفت العرب حرف الجحد من هذه الألفاظ وهو منوي، وهو كقوله
تعالى قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين أي ما
تفتا كذا في سائر النسخ، والصواب: لا تفتأ، كما قدره جميع النحاة
والمفسرين، ولا اعتبار بما قدره المصنف وإن تبع فيه كثيرا من اللغويين،
لأنه غفلة، قاله شيخنا. وقال ساعدة بن جؤية:
أند من قارب درج قوائمه صم حوافره ما تفتأ الدلجا
أراد: ما تفتأ من الدلج. وفتأ كمنع تكون تامة بمعنى سكن، وقيل كسر وأطفأ وهذه عن إمام النحو أبي عبد الله محمد بن مالك ذكره في كتابه جمع اللغات المشكلة، وعزاه أي نسبه للفراء، وهو صحيح أورده ابن القوطية وابن القطاع، قال الفراء: فتأته عن الأمر: سكنته، وفتأت النار أطفأتها وغلط الإمام أثير الدين أبو حيان الأندلسي وغيره في تغليطه إياه حيث قال: إنه وهم وتصحيف عن فثأ، بالثاء المثلثة، قالوا: وهذا من جملة تحاملات أبي حيان المنبئة على قصوره، قاله شيخنا.
ف ث أ
فثأ الرجل الغضب كمنع يفثؤه فثأ: سكنه بقول أو غيره وكسره. وفي الأساس: ومن
المجاز فثأت غضبه وكان زيد مغتاظا عليك ففثأته عنك ومن أمثالهم، أي اليسير
من البر إن الرثيئة تفثأ الغضب انتهى وقد تقدم معنى المثل في رث أو في حديث
زياد: لهو أحب إلي من رثيئة فثئت بسلالة، أي خلطت به وكسرت حدته، وفثئ هو
أي كفرح: انكسر غضبه وفثأ القدر يفثؤه فثأ وفثؤا المصدران عن اللحياني: سكن
غليانها بماء بارد أو قدح بالمقدحة، قال الجعدي رضي الله عنه:
تفور علينا قدرهم فـنـديمـهـا
ونفثؤها عنا إذا حمـيهـا غـلا
بطعن كتشهاق الجحاش شهـيقـه
وضرب له ما كان من ساعد خلا
صفحة : 176
وكذلك أنشده الجوهري وابن القوطية وابن القطاع، ونسبه في التهذيب إلى
الكميت. وقدرهم، أي حربهم. وسكن بالتضعيف، وغليانها منصوب على المفعولية،
وفي بعض النسخ بالتخفيف، وغليانها مرفوع، وهو غلط، وتقول: غلت برمتكم
ففثأتها، أي سكنت غليانها. ومن المجاز: أطفأ فلان النائرة، وفثأ القدور
الفائرة، كذا في الأساس. وفثأ الشيء يفثؤه فثأ وفثوءا سكن بالتضعيف برده
بالتسخين وفثأت الماء فثأ إذا ما سخنته، عن أبي زيد، وكذلك كل ما سخنته
وفثأت الشمس الماء فثوءا: كسرت برده وفثأ الشيء عنه يفثؤه فثأ: كفه ومنعه.
وفثأت عني فلانا فثأ إذا كسرته عنك بقول أو غيره وفثأ اللبن يفثأ فثأ إذا
أغلي فارتفع له زبد وتقطع من التغير فهو فاثئ، عن أبي حاتم، وجوز شيخنا نصب
اللبن. وعدا الرجل حتى أفثأ أي أعيا وانبهر وفتر قالت الخنساء:
ألا من لعيني لا تجف دموعها إذا قلت أفثت تستهل فتحفل
أرادت أفثأت، فخففت وأفثأ الحر: سكن وفتر، وزعم شيخنا أن فيه إيجازا بالغا ربما يؤدي إلى التخليط وهو على بادئ النظر كذلك، ولكن فتر معطوف على أعيا وسكن، وما بعده ليس من معناه، كما بينا، فلا يكون تخليطا، وأما الإيجاز فمن عادته المسلوفة لا يؤاخذ في مثله وأفثأ بالمكان: أقام به، يقال: قد نويتم المسير حتى أقمتم عنه وأفثأتم، وأطبقت السماء ثم أفثأت أي أجهت وما تفثأ تفعل كذا بمعنى التاء، كل ذلك في الأساس. وافثئوا للمريض أي أحموا له حجارة ورشوا عليها الماء فأكب عليها الوجع أي المريض ليعرق أي يأخذه العرق، وهذا كان من عادتهم والتركيب يدل على تسكين شيء يغلي ويفور.
ف ج أ
فجأه الأمر كسمعه ومنعه والأول أفصح، يفجؤه فجأ بالفتح وفجاءة بالضم: هجم
عليه من غير أن يشعر به، وقيل: إذا جاءه بغتة من غير تقدم سبب، وكل ما هجم
عليك من أمر فقد فجئك كفاجأه يفاجئه مفاجأة وافتجأه افتجاء، وعن ابن
الأعرابي: أفجأ إذا صادف صديقه على فضيحة. والفجاءة بالضم والمد: ما فاجأك،
وموت الفجاءة: ما يفجأ الإنسان من ذلك، وورد في الحديث في غير موضع، وقيده
بعضهم بفتح الفاء وسكون الجيم من غير مد على المرة. ولقيته فجاءة، وضعوه
موضع المصدر، واستعمله ثعلب بالألف واللام ومكنه فقال: إذا قلت خرجت فإذا
زيد، فهذا هو الفجاءة فلا يدرى أهو من كلام العرب أم هو من كلامه، كذا في
لسان العرب. وفجاءة والد أبي نعامة قطري محركة الشاعر المازني التميمي رئيس
الخوارج، سلم عليه بالخلافة ثلاث عشرة سنة وقتل سنة 179 وعن الأصمعي وابن
الأنباري: يقال فجئت الناقة كفرح إذا عظم بطنها والمصدر الفجأ مهموزا
مقصورا وفي الأساس والعباب: فجأ كمنع يفجؤها فجأ جامع وزاد في الأساس:
وفاجأه أي عاجله. والمفاجئ هو الأسد ذكره الصاغاني في رسالته التي ألفها في
أسماء الأسد.
ف د أ
الفندأية بالكسر: الفأس وعليه فوزنها فنعلية، وأصلها من فدأ، والمعروف أنها
فعلأية، قاله شيخنا ج فناديد، على غير قياس، وأما الفندأوة بالواو فإنه
مزيد يذكر في ف ن د والمشهور عند أئمة الصرف أنهما متحدان، فليعلم.
ف ر أ
الفرأ مهموزا مقصورا كجبل والفراء مثل سحاب قال الكوفيون: يمد ويقصر: حمار
الوحش وقال ابن السكيت: الحمار الوحشي، وكذا في الصحاح والعباب أو فتيه،
والمشهور الإطلاق ج أفراء جمع قلة وفراء بالكسر، جمع كثرة، قال مالك بن
زغبة الباهلي:
وضرب كآذان الفراء فضولـه
وطعن كإيزاغ المخاض تبورها
صفحة : 177
الإيزاغ: إخراج البول دفعة بعد دفعة. وتبورها: تختبرها. وحضر الأصمعي وأبو
عمرو الشيباني عند ابن السمراء فأنشد الأصمعي:
بضرب كآذان الفراء فضولـه وطعن كتشهاق العفا هم بالنهق
ثم ضرب بيده إلى فرو كان بقربه يوهم أن الشاعر أراد فروا، فقال أبو عمرو: أراد الفرو. فقال الأصمعي هذا روايتكم. وأمر فرئ كفري وقرأ أبو حيوة لقد جئت شيئا فريئا وفي المثل كل الصيد في جوف الفرا ضبطه ابن الأثير بالهمز، وكذا شراح المواهب، وقيل بغير همز وقد سقط من بعض النسخ، وفي الحديث: أن أبا سفيان استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فحجبه ثم أذن له فقال له: ما كدت تأذن لي حتى تأذن لحجارة الجلهمتين فقال: يا أبا سفيان أنت كما قال القائل: كل الصيد في جوف الفرا مقصور، ويقال في جوف الفراء ممدود، وأراد النبي صلى الله عليه وسلم بما قاله لأبي سفيان تألفه على الإسلام فقال: أنت في الناس كحمار الوحش في الصيد. وقال أبو العباس: معناه: إذا حجبتك قنع كل محجوب ورضي، لأن كل صيد أقل من الحمار الوحشي، فكل صيد لصغره يدخل في جوف الحمار، وذلك أنه حجبه وأذن لغيره، فيضرب هذا المثل للرجل تكون له حاجات، منها واحدة كبيرة، فإذا قضيت تلك الكبيرة لم يبال أن لا تقضى باقي حاجاته. انتهى. وأما قولهم أنكحنا الفرا فسنرى، فإنما هو على التخفيف البدلي مواقفة لسنرى، لأنه مثل، والأمثال موضوعة على الوقف فلما سكنت الهمزة أبدلت ألفا لانفتاح ما قبلها، ومعناه: قد طلبنا عالي الأمور فسنرى أمرنا بعد. قال ذلك ثعلب، وقال الأصمعي: يضرب مثلا للرجل إذا غرر بأمر فلم ير ما يحب. أي ضيعنا الحزم فآل بنا إلى عاقبة سوء، وقيل معناه: إنا قد نظرنا في الأمر، فسننظر عما ينكشف، ومعنى كل الصيد في جوف الفرا أي كله دونه لا يصل إلى مرتبته ولا يحصل به مثل ما بالفرا من كثرة اللحم، وفرأ محركة: جزيرة باليمن من جزائر البحر ما بين عدن والسرين.
ف س أ
فسأ الثوب، كجمع يفسؤه فسأ: شقه وفي العباب: مده حتى تفزر كفسأه تفسئة
فتفسأ أي تشقق، وتفسأ الثوب أي تقطع وبلي وفسأ فلانا يفسؤه فسأ: ضرب ظهره
بالعصا وعن أبي زيد: يقال: فسأته بالعصا إذا ضربت به ظهره كتفسأه، وفسأ
فلان عنه أي منعه وقال ابن سيده في المحكم: الأفسأ هو الأبزخ. بالباء
الموحدة والزاي والخاء المعجمتين أو الذي وفي لسان العرب: هو الذي خرج صدره
ونتأت ارتفعت خثلته بفتح الخاء المعجمة وسكون الثاء المثلثة وفتحهما معا:
ما بين السرة والعانة والأنثى من ذلك فسآء كحمراء أو الأفسأ هو الذي إذا
مضى كأنه يرجع استه، كالمفسوء أنشد ثعلب:
قد خطئت أم حبين بأذن
بخارج الخثلة مفسوء القطن
وفي التهذيب:
بناتئ الجبهة مفسوء القطن ومثله في العباب أو الأفسأ: من إذا قعد لا يستطيع
أن يقوم إلا بجهد شديد، كذا في بعض الحواشي، وبه صدر في العباب أو الأفسأ:
من دخل صلبه في وركيه والأفقأ: من خرج صدره، وفي وركيه فسأ، كل ذلك عن ابن
الأعرابي، وفسئ كفرح، وفي الكل مما ذكر، والاسم من الكل فسأ محركة. وتفسأ
الرجل تفاسؤا بهمز وغير همز: أخرج عجيزته وظهره وتفسأ فيهم المرض إذا انتشر
بهم وعمهم.
ف ش أ
تفشأ فيهم المرض إذا انتشر بهم وعمهم كتفشأ بالشين المعجمة. قاله أبو زيد
وأنشد:
وأمر عظيم الشأن يرهب هوله
ويعيا به من كان يحسب راقيا
صفحة : 178
تفشأ إخوان الثقات فعـمـهـم فأسكت
عني المعولات البواكيا
والفشئ: الفخر قاله بزرج، يقال فشأ الرجل كمنع وأفشأ إذا استكبر قال أبو حزام العكلي:
وندك مفشئ ريخت منـه نؤوا آض رئد نؤور عوط
وتفشأ فلان به إذا سخر منه واستهزأ به.
وبقي على المؤلف:
ف ص أ
بالصاد المهملة، يقال: فصأ الثوب كفسأ، وتفصأ كتفسأ: تقطع، مثله، كذا في
لسان العرب.
ف ض أ
أفضأته أي الرجل بالمعجمة أي أطعمته، رواه أبو عبيد عن الأصمعي في باب
الهمز، ومنه شمر أو الصواب بالقاف قال أبو منصور: أنكر شمر هذا الحرف وحق
له أن ينكره.
ف ط أ
فطأه: ضربه على ظهره، عن أبي زيد مثل حطأه في معانيها وقد تقدم وفطأ الشيء:
شدخه وفطأ به الأرض: صرعه، وفطأ بسلحه: رمى به، وربما جاء بالثاء لغة أو
لثغة، كما في العباب. وفطأ الرجل القوم إذا ركبهم بما لا يحبون. والفطأ
محركة والفطأة بالضم الفطسة، هو دخول الظهر وقيل: دخول وسط الظهر وخروج
الصدر، فطئ كفرح فطأ فهو أفطأ أفطس، والأنثى فطآء والفطأ محركة: الفطس ورجل
أفطأ بين الفطإ، وفي حديث ابن عمر أنه رأى مسيلمة أصفر الوجه أفطأ الأنف
دقيق الساقين. وبعير أفطأ الظهر كذلك. وفطأ ظهر بعيره، كمنع أي حمل عليه
حملا ثقيلا كذا في النسخ، وفي بعضها: ثقلا فاطمأن ودخل، وفطئ ظهر البعير
إذا تطامن خلقة. وتفاطأ فلان إذا تقاعس أو هو أي التفاطؤ أشد من التقاعس
وبه صدر غير واحد من أهل اللغة وتفاطأ عنه إذا تأخر، ويقال تفاطأ فلان عنهم
بعد ما حمل عليهم تفاطؤا، وذلك إذا انكسر ورجع عنهم، وتبازخ عنهم تبازخا في
معناها. وفطأ بها: حبق، وفطأ المرأة يفطؤها فطأ: نكحها. وأفطأ الرجل: أطعم،
وعن ابن الأعرابي أفطأ: جامع جماعا كثيرا وأفطأ إذا اتسعت حاله كل ذلك عن
ابن الأعرابي، وزاد في العباب: فطأت الغنم بأولادها: ولدتها.
ف ق أ
صفحة : 179
فقأ العين والبثرة ونحوهما كالدمل والقرح، كذا في نسختنا بالتثنية، وفي
نسخة شيخنا: ونحوها، فتكلف في معناه كمنع يفقؤها فقأ: كسرها كذا في لسان
العرب والأساس. وبه فسر غير واحد من أئمة اللغة، فلا يلتفت إلى ما قاله
شيخنا: لا يعرف تفسير الفقء بالكسر ولا قاله أحد من اللغويين ولا يظهر له
معنى ولا هناك شيء يتصف بالكسر، ولا حاجة لدعوى المجاز وكفى بالزمخشري وابن
منظور حجة فيما قالاه أو قلعها وقيل: أي أخرج حدقتها التي تبصر بها، وقال
ابن القطاع: أطفأ ضوءها، وقيل: أعماها وعورها بأن أدخل فيها أصبعا فشقها،
أو بخقها كذا في النسخ، وهو أيضا في لسان العرب عن اللحياني، وفي المصباح:
بخصها، بالصاد المهملة بدل القاف، قال: قال السرقسطي: بخص العين: أدخل
أصبعه فيها وأخرجها، وقال ابن القطاع: أطفأ ضوءها، وقال غير واحد: شقها
كفقأها تفقئة، إلحاقا للمهموز بالمعتل فانفقأت وتفقأت وفي أحكام الأساس:
وفقئت عين عدي بن حاتم يوم الجمل وكانت به بثرة فانفقأت وفقأ ناظريه أي
أذهب غضبه، قيل: هو من المجاز. وفي الحديث لو أن رجلا اطلع في بيت قوم بغير
إذنهم ففقئوا عينه لم يكن عليهم شيء أي شقوها. والفقء: الشق والبخص، وفي
حديث موسى عليه السلام أنه فقأ عين ملك الموت، ومنه الحديث كأنما ففئ في
عينه حب الرمان، أي بخص. ومما بقي على المصنف: قول النحويين: تفقأ زيد
شحما، تنصبه على التمييز، أي تفقأ شحمه، وهو من مسائل كتاب سيبويه، قال:
تفقأت شحما كما الإوز
من أكلها البهط بالأرز
وقال الليث: انفقأت العين وانفقأت البثرة، وبكى حتى كاد ينفقئ بطنه، أي ينشق، وفي أحكام الأساس: أكل حتى كاد بطنه يتفقأ، انتهى. وكانت العرب في الجاهلية إذا بلغ إبل الرجل منهم ألفا فقأ عين بعير منها وسرحه لا ينتفع به، وأنشد:
غلبتك بالمفقئ والمعنـي وبيت المحتبي والخافقات
قال الأزهري: ليس معنى المفقئ في هذا البيت ما ذهب إليه الليث، وإنما أراد به الفرزدق قوله لجرير:
ولست ولو فقأت عينك واجدا أبا لك إن عد المساعي كدارم
وقال ابن جني: ويقال للضعيف الوادع: إنه لا يفقئ البيضة. والذي في الأساس: وفلان لا يرد الراوية ولا ينضج الكراع ولا يفقأ البيضة، يقال ذلك للعاجز، وفقأت البهمى وهي نبت فقوءا كقعود، كذا في النسخ، والذي في لسان العرب فقأ. ويقال: تفقأت تفقؤا، وبه صدر غير واحد، وجعل الثلاثي قولا، بل سكت الجوهري عن ذكر الثلاثي، ومثله في الأفعال، أي انشقت لفائفها عن نورها، وفقأت إذا تشققت لفائفها عن ثمرتها، وفسره المؤلف بقوله: تربها المطر والسيل فلا تأكلها النعم، ولم يذكر ذلك أحد من أهل اللغة، كما نبه عليه شيخنا. قلت: كيف يكون ذلك وهو موجود في العباب ونصه: وفقأت البهمى فقوءا إذا حمل عليها المطر أو السيل ترابا فلا تأكلها النعم حتى يسقط عنها وكذلك كل نبت. وتفقأ الدمل والقرح، وتفقأت السحابة عن مائها: تشققت، وتفقأت تبعجت بمائها، قال عمرو بن أحمر الباهلي:
بهجل من قسا ذفر الخزامى
تهادى الجربياء به الحنينـا
تفقأ فوقه القلع السـواري
وجن الخازباز به جنـونـا
صفحة : 180
الهجل: هو المطمئن من الأرض، والجربياء: الشمال. وقال شيخنا: صرح شراح
الفصيح بأن استعمال الفقوء في النبات والأرض والسحاب ونحوها كله من المجاز،
مأخوذ من فقأ العين وظاهر كلام المصنف والجوهري أنه من المشترك، انتهى. وفي
أحكام الأساس: ومن المجاز: فقأ الله عنك عين الكمال، وتفقأت السحابة: تبعجت
عن مائها. والفقء بالفتح، والفقأة بالضم، ويقال أيضا بالتحريك عن الكسائي
والفراء، ويوجد هنا في بعض النسخ تشديد القاف مع الضم والمد وكذا الفاقياء
الثلاثة بمعنى السابياء هي أي السابياء على ما يأتي في المعتل التي تتفقأ
وفي نسخة شيخنا: تنفقئ من باب الانفعال، أي تنشق عن رأس الولد، وفي الصحاح:
وهو الذي يخرج على رأس الولد، والجمع فقوء، وحكى كراع في جمعه فاقياء، قال:
وهذا غلط، لأن مثل هذا لم يأت في الجمع، قال: وأرى الفاقياء لغة في الفقء
كالسابياء وأصله فاقئاء بالهمزتين، فكره اجتماع الهمزتين ليس بينهما إلا
ألف، فقلبت الأولى ياء وعن الأصمعي: الماء الذي يكون على رأس الولد، وعن
ابن الأعرابي: السابياء: السلى الذي يكون فيه الولد. وكثر سابياؤهم العام:
كثر نتاجهم، والفقء: الماء الذي في المشيمة، وهو السخد والنخط. أو جليدة
وهو تفسير للفقأة، عن ابن الأعرابي، ففي كلام المؤلف لف ونشر رقيقة تكون
على أنفه أي الولد إن لم تكشف عنه مات الولد. ويقال: أصابتنا فقأة أي سحابة
لا رعد فيها ولا برق ومطرها متقارب، وهو مجاز. والفقأى كسكرى هي ناقة بها
الحقوة وهي داء يأخذها فلا تبول ولا تبعر وربما شرقت عروقها ولحمها بالدم
فانتفخت وربما انفقأت كرشها من شدة انتفاخها. وفي الحديث أن عمر رضي الله
عنه قال في ناقة منكسرة: ما هي بكذا ولا كذا، ولا هي بفقأى فتشرق عروقها
والجمل فقيء كقتيل هو الذي يأخذه داء في البطن فإن ذبح وطبخ امتلأت القدر
منه دما، وفعيل يقال للذكر والأنثى والفقيء أيضا: الداء بعينه وهو داء
الحقوة، والفقأ: خروج الصدر. والفسأ: دخول الصلب، وعن ابن الأعرابي: أفقأ
إذا انخسف صدره من علة. والفقء بالفتح: نقر في حجر أو غلظ معطوف على حجر أو
على نقر يجمع الماء وفي بعض النسخ: يجتمع فيه الماء، وقال شمر: هو كالحفرة
يكون في وسط الحرة، وقيل في وسط الجبل، وشك أبو عبيد في الحفرة أو الجفرة،
قال: وهما سواء كالفقيء كأمير، أنشد ثعلب:
في صدره مثل الفقيء المطمئن ورواه بعضهم بصيغة التصغير، وجمع الفقيء، فقآن. والفقء: ع. وافتقأ الخرز بفتح فسكون أعاد عليه وهذا المعنى عن اللحياني في قفأ، بتقديم القاف على الفاء على ما سيأتي، وأنا أتعجب من شيخنا كيف لم ينبه على ذلك، فإن ابن منظور وغيره ذكروه في قفأ وجعل بين الكلبتين كلبة أخرى بالضم: السير والطاقة من الليف، وفي الصحاح هو جليدة مستديرة تحت عروة المزادة تخرز مع الأديم، وسيأتي زيادة تحقيق إن شاء الله تعالى في قفأ. والمفقئة هي الأودية التي تشق الأرض شقا، وأنشد للفرزدق:
أتعدل دارما ببني كليب وتعدل بالمفقئة الشعابا
ف ل أ
فلأه، كمنعه: أفسده.
ف ن أ
الفنأ محركة: الكثرة يقال: مال ذو فنإ، أي كثرة كفنع بالعين، وقال: أرى
الهمزة بدلا من العين وأنشد أبو العلاء بيت أبي محجن الثقفي:
وقد أجود وما لي بذي فـنـإ وأكتم السر فيه ضربة العنق
ورواية يعقوب في الألفاظ: بذي فنع. والفنء بالسكون: الجماعة من الناس، كأنه مأخوذ من معنى الكثرة، يقال: جاء فنء منهم أي جماعة.
ف ي أ
صفحة : 181
الفيء: ما كان شمسا فينسخه الظل وفي الصحاح: الفيء: ما بعد الزوال من الظل،
قال حميد بن ثور يصف سرحة وكنى بها عن امرأة:
فلا الظل من برد الضحى تستطيعه ولا الفيء من برد العشي تـذوق
فقد بين أن الفيء بالعشي ما انصرفت عنه الشمس وقد يسمى الظل فيئا لرجوعه من جانب إلى جانب. وقال ابن السكيت: الظل ما نسخته الشمس. والفيء: ما نسخ الشمس. وحكى أبو عبيدة عن رؤبة قال: كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو فيء وظل، وما لم يكن عليه الشمس فهو ظل. وسيأتي في ظل مزيد البيان إن شاء الله تعالى، ج أفياء كسيف وأسياف، وهو من المعتل العين واللام كثير، وفي الصحيح قليل وفيوء مقيس، قال الشاعر:
لعمري لأنت البيت أكرم أهله وأقعد في أفيائه بالأصـائل
ويقال: فلان لا يقرب من أفيائه، ولا يطمع في أشيائه، وزيد يتتبع الأفياء. والموضع من الفيء مفيأة بفتح الميم والياء وتضم ياؤه تارة فيقال مفيؤة، ويرسم بالواو، وهكذا في النسخ، وفي أخرى وتضم فاؤه أي فيقال مفوءة كمقولة، قال شيخنا: وهو وهم، لأنه غير مسموع. انتهى. وفي لسان العرب: وهي المفيوءة أي كمسموعة، جاءت على الأصل، وحكى الفارسي عن ثعلب المفيئة أي كمنيعة، ونقل الأزهري عن الليث المفيؤة بالفاء هي المقنؤة بالقاف، وقال غيره: يقال مقنأة ومقنؤة للمكان الذي لا تطلع عليه الشمس، قال: ولم أسمع مفيؤة بالفاء لغير الليث. قال: وهو يشبه الصواب، وسيذكر إن شاء الله تعالى في قنأ. والمفيوء: المعتوه، لزمه هذا الاسم من طول لزومه الظل، قال شيخنا نقلا عن مجمع الأمثال للميداني المفيأة والمفيؤة يهمزان ولا يهمزان: هما المكان لا تطلع عليه الشمس، وفي المثل المشهور قولهم: مفيأة رباعها السمائم أي ظل في ضمنه سموم، يضرب للعريض الجاه العزيز الجانب يرجى عنده الخير، فإذا أوي إليه لا يكون له حسن معونة ونظر، وقد أهمله المصنف والجوهري. انتهى. والفيء: الغنيمة وقيدها بعضهم بالتي لا تلحقها مشقة، فتكون باردة كالظل، وهو المأخوذ من كلام الراغب، قاله شيخنا والخراج وقد تكرر في الحديث ذكر الفيء على اختلاف تصرفه، وهو ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد. والفيء: القطعة من الطير ويقال لها عرقة وصف أيضا. وأصل الفيء: الرجوع وقيده بعضهم بالرجوع إلى حالة حسنة، وبه فسر قوله تعالى فإن فاءت فأصلحوا بينهما قاله شيخنا، ومنه قيل للظل الذي يكون بعد الزوال فيء، لأنه يرجع من جانب الغرب إلى جانب الشرق، وسمي هذا المال فيئا لأنه رجع إلى المسلمين من أموال الكفار عفوا بلا قتال، وقوله تعالى في قتال أهل البغي حتى تفيء إلى أمر الله أي ترجع إلى الطاعة. كالفيئة بالفتح والفيئة بالكسر والإفاءة كالإقامة والاستفاءة كالاستقامة. وفاء: رجع إلى الأمر يفيء. وفاءه فيأ وفيوءا: رجع إليه وأفاءه غيره: رجعه، ويقال فئت إلى الأمر فيئا إذا رجعت إليه النظر، ويقال للحديدة إذا كلت بعد حدتها: فاءت، وفي الحديث الفيء على ذي الرحم أي العطف عليه والرجوع إليه بالبر، وقال أبو زيد: يقال: أفأت فلانا على الأمر إفاءة إذا أراد أمرا فعدلته إلى أمر. وقال غيره: وأفاء واستفاء كفاء، قال كثير عزة:
فأقلع من عشر وأصبح مزنه أفاء وآفاق السماء حواسـر
وأنشدوا:
عقوا بسهم فلم يشعر به أحـد
ثم استفاءوا وقالوا حبذا الوضح
صفحة : 182
وفي الحديث: جاءت امرأة من الأنصار بابنتين لها فقالت: يا رسول الله، هاتان
ابنتا فلان، قتل معك يوم أحد، وقد استفاء عمهما مالهما وميراثهما. أي
استرجع حقهما من الميراث وجعله فيئا له، وهو استفعل من الفيء، ومنه حديث
عمر رضي الله عنه: فلقد رأيتنا نستفيء سهمانها، أي نأخذها لأنفسنا فنقتسم
بها. وفي الأساس: ويقال ما لزم أحد الفيء، إلا من حرم الفيء. ومن المجاز:
تفيأت بفيئك: التجأت إليك. انتهى. ونقل شيخنا عن الخفاجي في العناية في
حواشي النحل: فاء الظل: رجع، لازم، يتعدى بالهمز أو التضعيف كفيأه الله
وأفاءه فتفيأ هو، وعداه أبو تمام بنفسه في قوله:
فتفيأت ظله ممدودا قال: وهو خارج عن القياس، وقال قبل هذه العبارة بقليل. وبقي على المصنف: فاءت الظلال، وقد أشار الجوهري لبعضها فقال: فيأت الشجرة تفيئة، وتفيأت أنا في فيئها وتفيأت الظلال. انتهى. قلت: أي تقلبت وفي التنزيل العزيز يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل والتفيؤ تفعل من الفيء، وهو الظل بالعشي، وتفيؤ الظلال: رجوعها بعد انتصاف النهار والتفيؤ لا يكون إلا بالعشي، والظل بالغداة، وهو ما لم تنله الشمس. وتفيأت الشجرة وفيأت وفاءت تفيئة: كثر فيؤها، وتفيأت أنا في فيئها. وفيأت المرأة شعرها: حركته من الخيلاء. والريح تفيئ الزرع، والشجر: تحركهما. وفي الحديث مثل المؤمن كخامة الزرع تفيئها الريح مرة هنا ومرة هنا وفي رواية كالخامة من الزرع، من حيث أتتها الريح تفيئها أي تحركها وتميلها يمينا وشمالا، ومنه الحديث إذا رأيتم الفيء على رؤوسهن - يعني النساء - مثل أسنمة البخت فأعلموهن أن لا تقبل لهن صلاة شبه رؤوسهن بأسنمة البخت لكثرة ما وصلن به شعورهن، حتى صار عليها من ذلك ما يفيئها، أي يحركها خيلاء وعجبا. وقال نافع الفقعسي:
فلئن بليت فقد عمرت كأنني غصن تفيئه الرياح رطيب
وتفيأت المرأة لزوجها: تثنت عليه وتكسرت له تدللا وألقت نفسها عليه. من الفيء. وهو الرجوع، ويقال تقيأت، بالقاف، قال الأزهري: وهو تصحيف، والصواب الفاء، ومنه قول الراجز:
تفيأت ذات الدلال والخفـر
لعابس حافي الدلال مقشعر
صفحة : 183
وسيأتي إن شاء الله تعالى، وأفأت إلى قوم فيئا، إذا أخذت لهم سلب قوم آخرين
فجئتهم به. وأفأت عليهم فيئا، إذا أخذت لهم فيئا أخذ منهم. والفيء: التحول،
فاء الظل: تحول. والفئة، كجعة: الفرقة من الناس في الأصل، والطائفة هكذا في
الصحاح وغيره، وفي المصباح: الجماعة، ولا واحد لها من لفظها، وقيل: هي
الطائفة التي تقاتل وراء الجيش، فإن كان عليهم خوف أو هزيمة التجئوا إليهم،
وقال الراغب: الفئة: الجماعة المتظاهرة، التي يرجع بعضهم إلى بعض في
التعاضد. قاله شيخنا. والهاء عوض من الياء التي نقصت من وسطه، وأصلها فيء
كفيع لأنه من فاء والجمع فئون على الشذوذ، وفئات مل شيات ولدات على القياس،
وجعل المكودي كليهما مقيسين، قال الشيخ أبو محمد ابن بري: هذا الذي قاله
الجوهري سهو، وأصله فئو مثل فعو، فالهمزة عين لا لام، والمحذوف هو لامها
وهو الواو، قال: وهي من فأوت، أي فرقت، لأن الفئة كالفرقة، انتهى، كذا في
لسان العرب. وفي الحديث - كذا في النهاية وعبارة الهروي في غريبه نقلا عن
القتيبي في حديث بعض السلف - لا يؤمر ، كذا في النسخ، وفي بعضها بالنون،
وهو غلط وفي عبارة الفائق: لا يحل لامرئ أن يؤمر، وفي لسان العرب والنهاية:
لا يلين مفاء على مفيء أي مولى على عربي، المفاء: الذي افتتحت بلدته وكورته
فصارت فيئا للمسلمين. يقال: أفأت كذا، أي صيرته فيئا فأنا مفيء، وذلك الشيء
مفاء، كأنه قال: لا يلين أحد من أهل السواد على الصحابة والتابعين الذين
افتتحوه عنوة، فصار السواد لهم فيئا. والعرب تقول: يا فيء مالي كلمة تعجب
على قول بعضهم، أو كلمة تأسف وهو الأكثر، قال:
يا فيء مالي من يعمر يبله
مر الزمان عليه والتقليب
صفحة : 184
واختار اللحياني يا في مالي، وروي أيضا يا هيء، قال أبو عبيد: وزاد الأحمر:
يا شيء، وهي كلها بمعنى، وقد تقدم طرف من الإشارة في شيء، وسيأتي أيضا إن
شاء الله تعالى. وفاء المولي من امرأته أي كفر عن يمينه، وفي بعض النسخ كفر
يمينه ورجع إليها أي الامرأة، قال الله تعالى فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم
قال المفسرون: الفيء في كتاب الله تعالى على ثلاثة معان، مرجعها إلى أصل
واحد، وهو الرجوع، قال الله تعالى في المولين من نسائهم فإن فاءوا فإن الله
غفور رحيم وذلك أن المولي حلف أن لا يطأ امرأته، فجعل الله لهذه أربعة أشهر
بعد إيلائه، فإن جامعها في الأربعة أشهر فقد فاء، أي رجع عما حلف عليه من
أن لا يجامعها إلى جماعها، وعليه احنث كفارة يمين، وإن لم يجامعها حتى
تنقضي أربعة أشهر من يوم آلى فإن ابن عباس وجماعة من الصحابة أوقعوا عليها
تطليقة، وجعلوا عن الطلاق انقضاء الأشهر، وخالفهم الجماعة الكثيرة من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم من أهل العلم وقالوا: إذا انقضت أربعة
أشهر ولم يجامعها وقف المولي فإما أن يفيء، أي يجامع ويكفر، وإما أن يطلق،
فهذا هو الفيء من الإيلاء، وهو الرجوع إلى ما حلف أن لا يفعله، قال ابن
منظور: وهذا هو نص التنزيل العزيز للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر
فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم وقال
شيخنا: قوله فاء المولي إلى آخره، ليس من اللغة في شيء، بل هو من
الاصطلاحات الفقهية ككثير من الألفاظ المستعملة في الفنون، فيوردها على
أنها من لغة العرب، وإلا فلا يعرف في كلام العرب فاء: كفر، انتهى. قلت:
لعله لملاحظة أن معناه يؤول إلى الرجوع، فوجب التنبيه على ذلك، وقد تقدمت
الإشارة إليه في كلام المفسرين. وقد فئت كخفت الغنيمة فيئا واستفأت هذا
المال، أي أخذته فيئا وأفاء الله تعالى علي يفيء إفاءة، قال الله تعالى ما
أفاء الله على رسوله من أهل القرى في التهذيب: الفيء: ما رد الله على أهل
دينه من أموال من خالف أهل دينه بلا قتال، إما بأن يجلوا عن أوطانهم
ويخلوها للمسلمين، أو يصالحوا على جزية يؤدونها عن رؤوسهم أو مال غير
الجزية يفتدون به من سفك دمائهم، فهذا المال هو الفيء في كتاب الله تعالى
فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب أي لم توجفوا عليه خيلا ولا ركابا. نزلت
في أموال بني النضير حين نقضوا العهد وجلوا عن أوطانهم إلى الشام، فقسم
رسول الله صلى الله عليه وسلم أموالهم من النخيل وغيرها في الوجوه التي
أراها الله تعالى أن يقسمها فيها. وقسمة الفيء غير قسمة الغنيمة التي أوجف
الله عليها بالخيل والركاب. وفي الأساس: فلان يتفيأ الأخبار ويستفيئها.
وأفاء الله عليهم الغنائم، ونحن نستفيء المغانم، انتهى. والفيئة: طائر
كالعقاب فإذا خاف البرد انحدر إلى اليمن، كذا في لسان العرب. ويقال لنوى
التمر إذا كان صلبا: ذو فيئة، وذلك أنه تعلفه الدواب فتأكله ثم يخرج من
بطونها كما كان نديا، وقال علقمة بن عبدة يصف فرسا:
سلاءة كعصا النهدي غل لهـا
ذو فيئة من نوى قران معجوم
صفحة : 185
والفيئة أيضا: الحين يقال: جاءه بعد فيئة، أي بعد حين. وفلان سريع الفيء من
غضبه، وفاء من غضبه: رجع، وإنه لسريع الفيء والفيئة والفيئة أي الرجوع،
الأخيرتان عن اللحياني، وإنه لحسن الفيئة بالكسر، مثل الفيعة، أي حسن
الرجوع. وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت عن زينب: كل خلالها محمود ما
عدا سورة من حد تسرع منها الفيئة. وهو بوزن الفيعة: الحالة من الرجوع عن
الشيء الذي يكون قد لابسه الإنسان وباشره. وفي الأساس: وطلق امرأته وهو
يملك فيئتها: رجعتها، وله على امرأته فيئة وهو سريع الغضب سريع الفيئة،
انتهى. وقولهم دخل فلان على تفيئة فلان، وهو من حديث عمر رضي الله عنه أنه
دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه، ثم دخل أبو بكر على تفيئة ذلك أي
على أثره ومثله على تئيفة ذلك، بتقديم الياء على الفاء، وقد تشدد، والتاء
فيها زائدة على أنها تفعلة، وقيل هو مقلوب منه وتاؤها إما أن تكون مزيدة أو
أصلية، قال الزمخشري: ولا تكون مزيدة والبنية كما هي من غير قلب، فلو كانت
التفيئة تفعلة من الفيء لخرجت على وزن تهنئة، فهي إذا لولا القلب فعيلة
لأجل الإعلاء ولامها همزة، ولكن القلب عن التئيفة هو القاضي بزيادة التاء،
فيكون تفعلة، كذا في لسان العرب.