الباب الأول: باب الهمزة - الفصل الثاني والعشرون: فصل الميم مع الهمزة

فصل الميم مع الهمزة

م أ م أ
مأمأت الشاة والظبية أهمله الجوهري، وقال ابن دريد: أي واصلت وفي نسخة: وصلت صوتها فقالت مئ مئ بالكسر وسكون الهمزة، وفي التسهيل بالمد مبنيا على الكسر، نقله شيخنا.

م ت أ

صفحة : 219

متأه بالعصا، كمنعه: ضربه بها، والظاهر أن العصا مثال ومتأ الحبل يمتؤه متأ: مده لغة في متوته، كما في العباب.

م ر أ

صفحة : 220

مرؤ الرجل ككرم يمرؤ مروءة بضم الميم فهو مريء على فعيل كما في الصحاح أي ذو مروءة وإنسانية. وفي العباب: المروءة: الإنسانية وكمال الرجولية. ولك أن تشدد، قال الفراء: ومن المروءة مرؤ الرجل. وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى: خذ الناس بالعربية، فإنه يزيد في العقل ويثبت المروءة. وقيل للأحنف: ما المروءة? فقال: العفة والحرفة. وسئل آخر عنها فقال: هي أن لا تفعل في السر أمرا وأنت تستحيي أن تفعله جهرا. وفي شرح الشفاء للخفاجي: هي تعاطي المرء ما يستحسن، وتجنب ما يسترذل، انتهى. وقيل: صيانة النفس عن الأدناس، وما يشين عند الناس، أوالسمت الحسن وحفظ اللسان، وتجنب المجون. وفي المصباح: المروءة: نفسانية، تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات، نقله شيخنا. وتمرأ فلان: تكلفها أي المروءة. وقيل: تمرأ: صار ذا مروءة، وفلان تمرأ بهم أي طلب المروءة بنقصهم وعيبهم نقله الجوهري عن ابن السكيت، واقتصر في العباب على النقص، وغيره على العيب والمصنف جمع بينهما. وقد مرأ الطعام مثلثة الراء قال الأخفش كفقه وفقه، والفتح ذكره ابن سيده وابن منظور مراءة ككرم كرامة واستمرأ فهو مريء أي هنيء حميد المغبة بين المرأة كتمرة نقل شيخنا عن الكشاف في أوائل النساء: الهنيء والمريء صفتان من هنأ الطعام ومرأ، إذا كان سائغا لا تنغيص فيه، وقيل: الهنيء: ما يلذه الآكل، والمريء: ما يحمد عاقبته. وقال غيره: الهنيء من الطعام والشراب ما لا يعقبه ضرر وإن بعد هضمه. والمريء: سريع الهضم. انتهى. وقال الفراء: مرؤ الرجل مروءة ومرؤ الطعام مراءة، وليس بينهما فرق إلا اختلاف المصدرين. وفي حديث الاستسقاء اسقنا غيثا مريئا مريعا وقالوا: هنئني الطعام ومرئني وهنأني ومرأني بغير ألف في أوله على الإتباع، أي إذا أتبعوها هنأني قالوا مرأني فإن أفرد عن هنأني فأمرأني ولا يقال أهنأني، يقال: مرأني الطعام وأمرأني إذا لم يثقل على المعدة وانحدر عنها طيبا. وفي حديث الشرب فإنه أهنأ وأمرأ قال: أمرأني الطعام إمراء، وهو طعام ممرئ، ومرئت الطعام، بالكسر: استمرأته، وما كان مريئا ولقد مرؤ، وهذا يمرئ الطعام. وقال ابن الأعرابي: ما كان الطعام مريئا ولقد مرؤ وما كان الرجل مريئا ولقد مرؤ. وقال شمر عن أصحابه: يقال مرئ لي هذا الطعام مراءة، أي استمرأته، وهنئ هذا الطعام، وأكلنا هذا الطعام حتى هنئنا منه، أي شبعنا ومرئت الطعام فاستمرأته، وقلما يمرأ لك الطعام. وكلأ مريء: غير وخيم، ومرؤت الأرض مراءة فهي مريئة أي حسن هواؤها. والمريء كأمير: مجرى الطعام والشراب، وهو رأس المعدة والكرش اللاصق بالحلقوم الذي يجري فيه الطعام والشراب ويدخل فيه ج أمرئة ومرؤ مهموزة بوزن مرع، مثل سرير وسرر، وكلاهما مقيس مسموع، وفي حديث الأحنف: يأتينا في مثل مريء نعام. المريء: مجرى الطعام والشراب من الحلق ضربه مثلا لضيق العيش وقلة الطعام، وإنما خص النعام لدقة عنقه، ويستدل به على ضيق مريئه، وأصل المريء رأس المعدة المتصل بالحلقوم، وبه يكون استمراء الطعام، ويقال هو مريء الجزور والشاة للمتصل بالحلقوم الذي يجري فيه الطعام والشراب. قال أبو منصور: أقرأني أبو بكر الإيادي، المريء لأبي عبيد، فهمزه بلا تشديد. قال: وأقرأني المنذري: المري، لأبي الهيثم فلم يهمزه وشدد الياء. والمرء: مثلثة الميم لكن الفتح هو القياس خاصة والأنثى مرأة: الإنسان

صفحة : 221

أي رجلا كان أو امرأة أو الرجل، تقول هذا مرؤ وكذلك في النصب والخفض بفتح الميم، هذا هو القياس ومنهم من يضم الميم في الرفع، ويفتحها في النصب، ويخفضها في الكسر، يتبعها الهمز، على حد ما يتبعون الراء إياها إذا أدخلوا ألف الوصل، فقالوا: امرؤ، وقال أبو خراش الهذلي:ي رجلا كان أو امرأة أو الرجل، تقول هذا مرؤ وكذلك في النصب والخفض بفتح الميم، هذا هو القياس ومنهم من يضم الميم في الرفع، ويفتحها في النصب، ويخفضها في الكسر، يتبعها الهمز، على حد ما يتبعون الراء إياها إذا أدخلوا ألف الوصل، فقالوا: امرؤ، وقال أبو خراش الهذلي:

جمعت أمورا ينفذ المرء بعـضـهـا     من الحلم والمعروف والحسب الضخم

هكذا رواه السكري بكسر الميم، وزعم أن ذلك لغة هذيل. ولا يكسر هذا الاسم ولا يجمع من لفظه جمع سلامة، فلا يقال أمراء ولا أمرؤ ولا مرؤون ولا أمارئ، ولكن يثنى فيقال: هما مرآن صالحان، بالكسر لغة هذيل ويصغر فيقال مريء ومريئة. وفي الحديث تقتلون كلب المرئية وهي تصغير المرأة أو سمع مرؤون جمع سلامة، كما في حديث الحسن أحسنوا أملاءكم أيها المرؤون قال ابن الأثير: هو جمع المرء، وهو الرجل، ومنه قول رؤبة لطائفة رآهم: أين يريد المرؤون? وقال في المشوف: هو نادر. وربما سموا الذئب امرأ، كذا قاله الجوهري، وصرح الزمخشري وغيره بأنه مجاز، وذكر يونس أن قول الشاعر:

وأنت امرؤ تعدو على كل غرة     فتخطئ فيها مرة وتـصـيب

صفحة : 222

يعني به الذئب وهي الأنثى بهاء ويخفف تخفيفا قياسيا ويقال: وفي بعض النسخ ويقل، أي في كلام أهل اللسان مرة بترك الهمز وفتح الراء وهذا مطرد، قال سيبويه: وقد قالوا: مراة وذلك قليل، ونظيره كماة، قال الفارسي: وليس بمطرد، كأنهم توهموا حركة الهمزة على الراء فبقي مرأة ثم خفف على هذا اللفظ، وألحقوا ألف الوصل في المؤنث أيضا فقالوا: امرأة، فإذا عرفوها قالوا المرأة وقد حكى أبو علي الامرأة أيضا بدخول ال على امرأة المقرون بهمزة الوصل من أوله أنكرها أكثر شراح الفصيح، ومن أثبتها حكم بأنها ضعيفة، وزاد ابن عديس: وامراة، بألف غير مهموزة بعد الراء، نقله اللبلي وغيره، قاله شيخنا، وقال الليث: امرأة تأنيث امرئ، وقال ابن الأنباري: الألف في امرأة وامرئ ألف وصل. قال: وللعرب في المرأة ثلاث لغات، يقال: هي امرأته، وهي مرأته، وهي مرته، وحكى ابن الأعرابي أنه يقال للمرأة إنها لامرؤ صدق، كالرجل، قال: وهذا نادر، وفي حديث علي رضي الله عنه لما تزوج فاطمة عليها السلام، قال له يهودي أراد أن يبتاع منه ثيابا: لقد تزوجت امرأة. يريد امرأة كاملة، كما يقال: فلان رجل، أي كامل في الرجال. وفي امرئ مع ألف الوصل ثلاث لغات: فتح الراء دائما على كل حال، كإصبع ودرهم رفعا ونصبا وجرا، حكاها الفراء وضمها دائما على كل حال، وإعرابها دائما على كل حال، أي اتباعها حركة الإعراب في الحرف الأخير، قاله شيخنا وتقول: هذا امرؤ ومرء بالإتباع فيهما، الأولى بالألف، والثانية بحذف همزه ورأيت امرأ ومرأ، ومررت بامرئ وبمرء، معربا من مكانين أي العين واللام بالنسبة إلى امرإ الذي أوله همزة وصل، أو الفاء واللام بالنسبة إلى مرء المجرد منها، قال الكسائي والفراء: امرؤ معرب من الراء والهمزة، وإنما أعربت من مكانين، والإعراب الواحد يكفي من الإعرابين لأن آخره همزة، والهمزة قد تترك في كثير من الكلام، فكرهوا أن يفتحوا الراء ويتركوا الهمزة فيقولوا امرو، فتكون الراء مفتوحة والواو ساكنة، فلا تكون في الكلمة علامة للرفع، فعربوه من الراء، ليكونوا إذا تركوا الهمز آمنين من سقوط الإعراب. قال الفراء: ومن العرب من يعربه من الهمز وحده ويدع الراء مفتوحة فيقول: قام امرأ وضربت امرأ ومررت بامرإ. وقال أبو بكر: فإذا أسقطت العرب من امرئ الألف فلها في تعريبه مذهبان: أحدهما التعريب من مكانين، والآخر التعريب من مكان واحد، فإذا عربوه من مكانين قالوا: قام مرؤ، ورأيت مرأ ومررت بمرء، قال: ونزل القرآن بتعريبه من مكان واحد، قال الله تعالى يحول بين المرء وقلبه على فتح الميم. ومرأ الإنسان وفي بعض النسخ زيادة كمنع: طعم يقال: ما لك لا تمرأ? أي ما لك لا تطعم، وقد مرأت أي طعمت، والمرء: الإطعام على بناء دار أو تزويج. ومرأ: استمرأ. في قول ابن الأعرابي ومرأ: جامع امرأته، وتقول مرأت المرأة: نكحتها. ومرئ الطعام كفرح استمرأه، عن أبي زيد. ومرئ الرجل - ورجلت المرأة - صار كالمرأة هيئة وحديثا أي كلاما وبالعكس، وفي بعض النسخ: أو حديثا، وهو المخنث خلقة أو تصنعا، والنسبة إلى امرئ مرائي بفتح الراء، ومنه المرائي الشاعر، وأما الذين قالوا مرئي فكأنهم أضافوا إلى مرء، فكان قياسه على ذلك مرئي، ولكنه نادر معدول النسب، قال ذو الرمة:

إذا المرئي شب له بنات     عقدن برأسه إبة وعارا

صفحة : 223

وقد أغفله المؤلف، وتعرض شيخنا لنسبة امرئ وغفل عن نسبة مرء تقصيرا، وقد أوضحنا لك النسبتين. ومرآة وهو فعلاة من مرأ: اسم لقرية مأرب كانت ببلاد الأزد، وهي التي أخرجهم منها سيل العرم. ومرأة كهمزة: أخرى، وقد قيل إنه منها هشام المرئي وفيها يقول ذو الرمة:

ولما دخلنا جوف مرأة غلقت     دساكر لم ترفع لخير ظلالها

وفي العباب والتكملة بالضبط الأخير وإياه تبع شيخنا، ولكن هذه غير التي تقدمت فتأمل ذلك. وامرؤ القيس من أسمائهم، ويأتي ذكره والنسبة إليه في حرف السين المهملة إن شاء الله تعالى، وأنه في الأصل اسم ثم غلب على القبيلة.

م س أ
مسأ، كمنع يمسأ مسأ بالفتح ومسوءا بالضم إذا مجن والماسئ: الماجن. ومسأ الطريق: ركب وسطه أو متنه، ذكره ابن بري، وهو قول أبي زيد، وسيأتي للمصنف في المعتل. ومسأ الطريق: وسطه، ومسأ بينهم: حرش وأفسد، كأمسأ رباعيا، مثل مأس قاله الصاغاني في الكل ومسأ فلان: أبطأ، ومسأ خدع، ومسأ على الشيء مسأ إذا مرن عليه، ومسأ حقه: أنسأه أي أخره، ومسأ القدر: فثأها، وقد تقدم معناه ومسأ الرجل بالقول: لينه، وذكر الرجل مثال، كما تفيده بعض العبارات. وتمسأ الثوب إذا تفسأ أي بلي، كل ذلك ذكره ابن بري والصاغاني، وقال أبو عبيد عن الأصمعي: الماس، خفيف غير مهموز، وهو الذي لا يلتفت إلى موعظة أحد ولا يقبل قوله، يقال رجل ماس، وما أمساه، قاله أبو منصور، كأنه مقلوب، كما قالوا: هار وهار وهائر، قال أبو منصور: ويحتمل أن يكون الماس في الأصل ماسئا، وهو مهموز في الأصل، كذا في لسان العرب، وسيأتي ذكره في السين إن شاء الله تعالى، وفي المعتل أيضا.

م ط أ
مطأها، كمنع أهمله الجوهري، وقال ابن الفرج: سمعت الباهليين يقولون: سطأ الرجل المرأة ومطأها بالهمز إذا جامعها أي وطئها، قال أبو منصور: وشطأها بالشين بهذا المعنى لغة، وستأتي في المعتل أيضا.

م ق أ
ماقئ العين وموقئها أهمله الجوهري، وقال اللحياني، أي مؤخرها أو مقدمها على اختلاف فيه، هذا أي باب الهمزة موضع ذكره بناء على أن لامه همزة، وهو رأي بعض اللغويين والصرفيين، ووهم الجوهري فذكره في ماق، على ما اختاره الأكثرون، وجزم ابن القطاع بزيادة همزتها أو الياء، وقد تبع المؤلف الجوهري في حرف القاف من غير تنبيه عليه، وهو عجيب، وقد يقال: إن الجوهري لم يذكر هناك هذين اللفظين يعني بالهمز في آخرهما، فلا يرد عليه شيء مما ذكر، فتأمل ذلك. وفي مأق العين لغات عشرة، يأتي بيانها في القاف إن شاء الله تعالى. ومما يستدرك عليه:

م ك أ
المكء بالفتح: جحر الثعلب والأرنب، أو مجثمهما، يهمز ولا يهمز، وقال ثعلب: هو جحر الضب، قال الطرماح:

كم به من مكء وحشية    قيض في منتثل أو هيام

عنى بالوحشية هنا الضبة، لأنه لا يبيض الثعلب ولا الأرنب، وإنما تبيض الضبة. وقيض معناه حفر وشق، ومن رواه من مكن وحشية وهو البيض، فقيض عنده: كسر بيضه فأخرج ما فيه، والمنتثل: ما يخرج منه من التراب، والهيام: التراب الذي لا يتماسك أن يسيل من اليد. والمكء أيضا: مجل اليد من العمل، نقله أبو علي القالي، وهو يهمز ولا يهمز، والعجب من الشيخ المناوي كيف تعرض لمكأ الطير يمكأ ومنه المكاء، لكثرة صفيره، في هذه المادة وهو معتل بالإجماع.

م ل أ

صفحة : 224

ملأه أي الشيء كمنع يملؤه ملأ وملأة وملأة أي بالفتح والكسر وملأه تملئة فامتلأ وتملأ، في العبارة لف ونشر، وذلك أن امتلأ مطاوع ملأه وملئه بالفتح والكسر. وتملأ مطاوع ملأه كعلمه فتعلم وملئ بالكسر كسمع، وإنه لحسن الملأة أي الملء بالكسر لا التملؤ لأن المقصود الهيئة وهو أي الإناء ملآن وهي أي الأنثى ملأى على فعلى، كما في الصحاح وملآنة بهاء ج ملاء ككرام، كذا في النسخ وأملاء، كما في اللسان، والعامة تقول إناء ملا ماء، والصواب ملآن ماء، قال أبو حاتم: حب ملآن، وقربة ملأى، وحباب ملاء، قال: وإن شئت خففت الهمزة فقلت في المذكر ملان، وفي المؤنث ملا، ودلو ملا، ومنه قوله:

وحبذا دلوك إذ جاءت ملا أراد ملأى، ويقال ملأته ملأ بوزن ملعا فإن خففت قلت ملا، وقد امتلأ الإناء امتلاء. وامتلا وتملأ بمعنى. والملاءة ممدودا والملاء كغراب والملأة كمتعة بضمهن: الزكام يصيب من الامتلاء أي امتلاء المعدة، وقد ملئ كعني مبنيا للمفعول وملؤ مثال كرم وأملأه الله تعالى إملاء، أي أزكمه فهو مملوء. كذا في النسخ وفي بعضها فهو ملآن ومملوء وهذا خلاف القياس يحمل على ملئ، فهو حينئذ نادر لأن القياس في مفعول الرباعي مفعل كمكرم، وفي الأساس: ومن المجاز: به ملأة وهو ثقل يأخذ بالرأس وزكمة امتلاء المعدة وملئ الرجل وهو مملوء انتهى وقال الليث: الملاء، وهو ثقل يأخذ في الرأس كالزكام من امتلاء المعدة، وقد تملأ من الطعام والشراب تملؤا، وتملأ غيظا وشبعا وامتلأ. قلت: وهو من المجاز. وقال ابن السكيت: تملأت من الطعام تملؤا، وتمليت العيش تمليا، إذا عشت مليا، أي طويلا. والملأ، كجبل: التشاور يقال: ما كان هذا الأمر عن ملإ منا، أي تشاور واجتماع، وفي حديث عمر رضي الله عنه حين طعن: أكان هذا عن ملإ منكم? أي عن مشاورة من أشرافكم وجماعتكم. فهو مجاز، صرح به الزمخشري وغيره، والملأ: الأشراف أي من القوم ووجوههم ورؤساؤهم ومقدموهم الذين يرجع إلى قولهم والعلية بالكسر، ذكره أبو عبيدة في غريبه، وهو كعطف تفسير لما قبله، والجمع أملاء، وفي الحديث هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى? يريد الملائكة المقربين، ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا من الأنصار وقد رجعوا من غزوة بدر يقول: ما قتلنا إلا عجائز صلعا. فقال عليه السلام: أولئك الملأ من قريش لو حضرت فعالهم لاحتقرت فعلك أي أشراف قريش. والملأ الجماعة أي مطلقا، ولو ذكره عند التشاور كان أولى للمناسبة والملأ: الطمع والظن. والجمع أملاء، أي جماعات، عن ابن الأعرابي، وبه فسر قول الشاعر:

وتحدثوا ملأ لتصبح أمنـا      عذراء لا كهل ولا مولود

وبه فسر أيضا قول الجهني الآتي ذكره:

فقلنا أحسني ملأ جهينا أي أحسني ظنا، وقال أبو الحسن: ليس الملأ من باب رهط، وإن كانا اسمين للجمع، لأن رهطا لا واحد له من لفظه، ثم قال: والملأ إنما هم القوم ذوو الشارة، والتجمع للإدارة، ففارق باب رهط لذلك، والملأ على هذا صفة غالبة. والملأ الخلق، وفي التهذيب: الخلق المليء بما يحتاج إليه، وما أحسن ملأ بني فلان، أي أخلاقهم وعشرتهم، قال الجهني:
تنادوا يال بهثة إذ رأونا     فقلنا أحسني ملأ جهينا

صفحة : 225

أي أحسني أخلاقا يا جهينة، والجمع أملاء، وفيه وجوه أخر، ذكر منها وجه، وسيأتي وجه آخر، وفي حديث أبي قتادة: لما ازدحم الناس على الميضأة في بعض الغزوات قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسنوا الملأ فكلكم سيروى قال ابن الأثير: وأكثر قراء الحديث يقرؤونها أحسنوا الملء بكسر الميم وسكون اللام، قال: وليس بشيء ومنه ما جاء في الحديث أيضا حين ضربوا الأعرابي الذي بال في المسجد: أحسنوا أملاءكم أي أخلاقكم وتقدم في م ر أ حديث الحسن البصري: لما ازدحموا عليه فقال: أحسنوا أملاءكم أيها المرؤون. والملاء كغراب: سيف سعد بن أبي وقص الزهري رضي الله عنه، قال ابن النويعم يرثي عمر بن سعد حين قتله المختار أبي عبيد:

تجرد فيها والملاء بكـفـه    ليخمد منها ما تشذر واستعر

والملاءة بهاء كنيتها أم المرتجز هي فرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره الصاغاني في التكملة. والملاء بالكسر والمد ككرام والأملئاء، بهمزتين كأنصباء والملآء ككبراء، كلاهما عن اللحياني وحده هم: الأغنياء المتمولون ذوو الأموال، أو هم الحسنو القضاء منهم أي من الأغنياء في إعطاء الدين وتسليمه لطالبه ومتقاضيه بلا مشقة، ولو لم يكونوا في الحقيقة أغنياء، والملآء أيضا الرؤساء، سموا بذلك لأنهم ملآء بما يحتاج إليه، الواحد مليء ككريم مهموز: كثير المال، أو الثقة الغني، قاله الجوهري. أو الغني المقتدر، قاله الفيومي. وحكى أحمد بن يحيى: رجل مالئ: جليل يملأ العين بجهرته، وشاب مالئ العين إذا كان فخما حسنا. ويقال: فلان أملأ لعيني من فلان، أي أتم في كل شيء منظرا وحسنا، وهو رجل مالئ للعين إذا أعجبك حسنه وبهجته، وقد ملأ الرجل كمنع وكرم، والمشهور الضم، يملؤ ملاءة ككرامة وملاء كسحاب وهذه عن كراع فهو مليء: صار مليئا، أي ثقة، فهو غني مليء بين الملاء والملاءة، ممدودان، وفي حديث الدين إذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع المليء بالهمز أي الثقة الغني. وقد أولع فيه الناس بترك الهمز وتشديد الياء كذا في النهاية، ونقل شيخنا عن الجلال في الدر النثير، وقد: يسهل. وفي المصباح: ويجوز البدل والإدغام، وهو المسموع في أكثر الروايات. واستملأ في الدين: جعل دينه في ملآء بالضم والمد، كذا هو مضبوط في نسختنا. وهذا الأمر أملأ بك، أي أملك. والملأة بالضم كالمتعة: رهل محركة، يصيب البعير من طول الحبس بعد السير. والملاءة بالضم والمد وهي الإزار والريطة بالفتح هي الملحفة ج ملاء وقال بعضهم: إن الجمع ملأ، بغير مد، والواحد ممدود، والأول أثبت، وفي حديث الاستسقاء فرأيت السحاب يتمزق كأنه الملاء حين يطوى شبه تفرق الغيم واجتماع بعضه إلى بعض في أطراف السماء بالإزار إذا جمعت أطرافه وطوي. ثم إن الملاءة والريطة، قيل: مترادفان وقيل الملاءة: هي الملحفة ذات اللفقين، فإن كانت ليست ذات لفقين فهي ريطة، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى. وتملأت: لبست الملاءة. وتصغير الملاءة مليئة، ورد في حديث قيلة وعليه أسمال مليتين تصغير ملاة مثناة مخففة الهمز. والملاء المحض في قول أبي خراش الهذلي بمعنى الغبار الخالص:

كأن الملاء المحض خلف ذراعه    صراحية والآخني المـتـحـم

شبهه بالملاء من الثياب، وفي المعجم: الملاءة: القشرة التي تعلو اللبن، وأنشد قول مطر:

ومعرفة بالكف عجلى وجفنة    ذوائبها مثل الملاءة تضرب

صفحة : 226

وفي أحكام الأساس: ومن المجاز قولهم: عليه ملاءة الحسن. وجمش فتى من العرب حضرية فتشاحت عليه، فقال لها: والله مالك ملاءة الحسن ولا عموده ولا برنسه، فما هذا الامتناع? ملاءة الحسن: البياض. وعموده: الطول، وبرنسه: الشعر. وملأه على الأمر كمنعه، ليس بمشهور عند اللغويين: ساعده وشايعه أي أعانه وقواه، كمالأه عليه ممالأة. وتمالئوا عليه أي اجتمعوا، قال الشاعر:

وتحدثوا ملأ لتصبح أمنـا     عذراء لا كهل ولا مولود

أي تشاوروا وتحدثوا متمالئين على ذلك ليقتلونا أجمعين، فتصبح أمنا كالعذراء التي لا ولد لها. قال أبو عبيد: يقال للقوم إذا تتابعوا برأيهم على أمر: قد تمالئوا عليه. وعن أبي الأعرابي: مالأه، إذا عاونه، ولامأه، إذا صحبه أشباهه. وفي حديث علي: والله ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله. أي ما ساعدت ولا عاونت. وفي حديث عمر: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لأقدتهم به. أي لو تضافروا عليه وتعاونوا وتساعدوا. ويقال:

أحسني ملأ جهينا أي أحسني ممالأة، أي معاونة، من مالأت فلانا: ظاهرته. والملء بالكسر: اسم ما يأخذه الإناء إذا امتلأ يقال: أعطه أي القدح ملأه وملأيه وثلاثة أملائه وحجر ملء الكف. وفي دعاء الصلاة لك الحمد ملء السموات والأرض ، هذا تمثيل، لأن الكلام لا يسع الأماكن، والمراد به كثرة العدد. وفي حديث إسلام أبي ذر قال: لنا كلمة تملأ الفم، أي أنها عظيمة شنيعة، لا يجوز أن تحكى وتقال، فكأن الفم ملآن بها، لا يقدر على النطق. ومنه في الحديث املئوا أفواهكم من القرآن وفي حديث أم زرع: ملء كسائها وغيظ جارتها. أرادت أنها سمينة، فإذا تغطت بكسائها ملأته. والملأة بهاء: هيئة الامتلاء وإنه لحسن الملأة، وقد تقدم، ومصدر ملأه بالفتح، وقد تقدم أيضا، فذكره كالاستدراك. وفي حديث عمران: إنه ليخيل إلينا أنها أشد ملأة منها حين ابتدئ فيها. أي أشد امتلاء، والملأة أيضا الكظة مضبوط عندنا بالكسر، وضبطه شيخنا بالفتح من الطعام هو ما يعتري الإنسان من الكرب عند الامتلاء منه. ومن المجاز، كذا في الأساس وتبعه المناوي أملأ النزع في قوسه وملأ مضعفا إذا أغرق في النزع، وقيل ملأ في قوسه: غرق النشابة والسهم، وأملأت النزع في القوس، إذا شددت النزع فيها. وفي التهذيب: يقال: أملأ فلان في قوسه إذا أغرق في النزع. وملأ فلان فروج فرسه، إذا حمله على أشد الحضر. وقد أغفله المؤلف. والمملئ: شاة في بطنها ماء وأغراس جمع غرس، بالكسر، جلدة على جبهة الفصيل، وسيأتي، فتحسبها حاملا لامتلاء بطنها. ومن المجاز: نظرت إليه فملأت منه عيني، وهو ملآن من الكرم وملئ وملئ رعبا. وفلان ملأ ثيابي، إذا رش عليه طينا أو غيره، كذا في الأحكام.

م ن أ
المنيئة على فعيلة، هو الجلد أول ما يدبغ، ثم هو أفيق، ثم أديم. قال حميد بن ثور:

إذا أنت باكرت المنيئة باكرت      مداكا لها من زعفران وإثمدا

صفحة : 227

والمدبغة، نقله الجوهري عن الأصمعي والكسائي وقول أبي علي الفارسي: إن المنيئة مفعلة من اللحم النيء قاله ابن سيده في المحكم: أنبأني عنه بذلك أبو العلاء. قال: وهذا يأباه منأ أي يدفعه ولا يقبله، انتهى. ومراده بأبي العلاء صاعد اللغوي الوارد عليهم في العراق، كما في المشوف. والمنيئة أيضا: الجلد ما كان في الدباغ. وبعثت امرأة من العرب بنتا لها إلى جارتها فقالت: تقول لك أمي: أعطيني نفسا أو نفسين أمعس به منيئتي فإني أفدة. وفي حديث عمر رضي الله عنه: وآدمة في المنيئة. أي في الدباغ. كذا فسروه. قلت: لعله في المدبغة، ويقال للجلد ما دام في الدباغ منيئة، ففي حديث أسماء بنت عميس: وهي تمعس منيئة لها. والممنأة: الأرض السوداء يهمز وقد لا يهمز، وأما المنية من الموت فمن باب المعتل. ومنأه أي الجلد كمنعه يمنؤه إذا نقعه في الدباغ حتى اندبغ. ومنأته: وافقته، على مثال فعلته، وهو مستدرك عليه.

م و أ
ماء أهمله الجوهري، قال اللحياني: ماء السنور، وفي العباب: الهر، وهو أخصر يموء مؤاء بالضم في أوله وهمزتين وصريح عبارته أن المؤاء مصدر، وقال شيخنا: وهو القياس في مصادر فعل المفتوح الدال على صوت الفم، كما في الخلاصة، وظاهر عبارة اللسان وغيره من كتب اللغة أن مصدره موء، كقول والصوت المؤاء، وفي بعض النسخ المواء، بالواو قبل الألف: صاح، به فسره غير واحد، فهو أي السنور مؤوء كمعوع أي بالهمزة قبل الواو الساكنة، وتجد هنا في بعض النسخ مووء بالواوين. والمائئة، بهمزتين، والمائية بتشديد الياء ويخفف فيقال مائية كماعية، وهو قول ابن الأعرابي، وبه صدر في اللسان، فلا يلتفت إلى قول شيخنا: فلا معنى لذكر التخفيف، كما هو ظاهر: السنور أهليا كان أو وحشيا. وأموأ السنور إذا صاح، حكاه أبو عمرو، والرجل: صاح صياحه أي السنور نقله الصاغاني.