الباب الأول: باب الهمزة - الفصل الثالث والعشرون: فصل النون مع الهمزة

فصل النون مع الهمزة

ن أ ن أ
نأنأه إذا أحسن غذاءه، ونأنأه عن الشيء إذا كفه ونهنهه، قال الأموي: نأنأت الرجل نأنأة إذا نهيته عما يريد وكففته، في لسان العرب: كأنه يريد: إني حملته على أن ضعف عما أراد وتراخى ونأنأ في الرأي نأنأة ومنأنأة أي ضعف فيه ولم يبرمه، كذا قاله ابن سيده، وعبارة الجوهري: إذا خلط فيه تخليطا ولم يبرمه، قال عبد هند بن زيد التغلبي، جاهلي:

فلا أسمعن منكم بـأمـر مـنـأنـإ     ضعيف ولا تسمع به هامتي بعـدي
فإن السنان يركـب الـمـرء حـده    من الخزي أو يعدو على الأسد الورد

صفحة : 228

ونأنأ عنه: قصر وعجز، وقال أبو عمرو: النأنأة: الضعف، وروى عكرمة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: طوبى لمن مات في النأنأة. مهموزة، يعني أول الإسلام قبل أن يقوى ويكثر أهله وناصره والداخلون فيه، فهو عند الناس ضعيف كتنأنأ في الكل، يقال: تنأنأ الرجل إذا ضعف واسترخى، قال أبو عبيد: ومن ذلك قول علي رضي الله عنه لسليمان بن صرد، وكان قد تخلف عنه يوم الجمل ثم أتاه بعد، فقال له: تنأنأت وتراخيت، فكيف رأيت صنع الله? يريد ضعفت واسترخيت. وفي الأساس: أي فترت وقصرت. قلت: وقرأت في كتاب الأنساب للبلاذري في خبر الجمل: حدثني أبو زكريا يحيى بن معين، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا أبو عوانة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه، عن عبيد بن نضيلة، عن سليمان بن صرد قال: أتيت عليا حين فرغ من الجمل فقال لي: تريضت ونأنأت. قلت: إن الشوط بطين يا أمير المؤمنين، وقد بقي من الأمور ما تعرف به صديقك من عدوك. هكذا هو مضبوط، كأنه من التأني. ثم ساق رواية أخرى وفيها: نأنأت وتربصت وتأخرت. والنأنأ بالقصر كفدفد: المكثر تقليب الحدقة قال في المحكم: والمعروف رأراء والعاجز الجبان الضعيف كالنأناء بالمد والنؤنوء كعصفور وفي بعض النسخ بالقصر، والمنأنإ كمعنعن على صيغة اسم المفعول، وإنما قيل للضعيف ذلك لكونه مكفوفا عما يقوم عليه القوي،قال امرؤ القيس:

لعمرك ما سعد بـخـلة آثـم    ولا نأنإ عند الحفاظ ولا حصر

ن ب أ
النبأ محركة الخبر وهما مترادفان، وفرق بينهما بعض، وقال الراغب: النبأ:خبر ذو فائدة عظيمة، يحصل به علم أو غلبة ظن، ولا يقال للخبر في الأصل نبأ حتى يتضمن هذه الأشياء الثلاثة ويكون صادقا، وحقه أن يتعرى عن الكذب، كالمتواتر وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولتضمنه معنى الخبر يقال: أنبأته بكذا، ولتضمنه معنى العلم يقال: أنبأته كذا. قال: وقوله تعالى: إن جاءكم فاسق بنبإ الآية، فيه تنبيه على أن الخبر إذا كان شيئا عظيما فحقه أن يتوقف فيه، وإن علم وغلب صحته على الظن حتى يعاد النظر فيه ويتبين فضل تبين يقال نبأته وأنبأته، ج أنباء كخبر وأخبار، وقد أنباه إياه إذا تضمن معنى العلم، وأنبأ به إذا تضمن معنى الخبر، أي أخبره، كنبأه مشددا، وحكى سيبويه: أنا أنبؤك، على الاتباع. ونقل شيخنا عن السمين في إعرابه قال: أنبأ ونبأ وأخبر، متى ضمنت معنى العلم عديت لثلاثة وهي نهاية التعدي، وأعلمته بكذا مضمن معنى الإحاطة، قيل: نبأته أبلغ من أنبأته، قال تعالى: من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير لم يقل أنبأني، بل عدل إلى نبأ الذي هو أبلغ، تنبيها على تحقيقه وكونه من قبل الله تعالى. قاله الراغب. واستنبأ النبأ: بحث عنه، ونابأه ونابأته أنبؤة وأنبأته أي أنبأ كل منهما صاحبه، قال ذو الرمة يهجو قوما:

زرق العيون إذا جاورتهم سرقوا      ما يسرق العبد أو نابأتهم كذبوا

صفحة : 229

والنبيء بالهمز مكية، فعيل بمعنى مفعل، كذا قاله ابن بري، هو المخبر عن الله تعالى، فإن الله تعالى أخبره بتوحيده، وأطلعه على غيبه وأعلمه أنه نبيه. وقال الشيخ السنوسي في شرح كبراه: النبيء، بالهمز، من النبإ، أي الخبر لأنه أنبأ عن الله أي أخبر، قال: ويجوز فيه تحقيق الهمز وتخفيفه، يقال نبأ ونبأ وأنبأ. قال سيبويه: ليس أحد من العرب إلا ويقول تنبأ مسيلمة، بالهمز،غير أنهم تركوا في الهمز النبي كما تركوه في الذرية واليرية والخابية، إلا أهل مكة فإنهم يهمزون هذه الأحرف، ولا يهمزون في غيرها، ويخالفون العرب في ذلك، قال: والهمز في النبي لغة رديئة، أي لقلة استعمالها، لا لكون القياس يمنع ذلك وترك الهمز هو المختار عند العرب سوى أهل مكة، ومن ذلك حديث البراء: قلت: ورسولك الذي أرسلت، فرد علي وقال: ونبيك الذي أرسلت، قال ابن الأثير، وإنما رد عليه ليختلف اللفظان ويجمع له الثناء بين معنى النبوة والرسالة، ويكون تعديدا للنعمة في الحالتين وتعظيما للمنة على الوجهين. والرسول أخص من النبي لأن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا ج أنبياء قال الجوهري: لأن الهمز لما أبدل وألزم الإبدال جمع جمع ما أصل لامه حرف العلة، كعيد وأعياد، كما يأتي في المعتل ونبآء ككرماء، وأنشد الجوهري للعباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه:

يا خاتم النبآء إنـك مـرسـل     بالخير كل هدى السبيل هداكا
إن الإله بنى علـيك مـحـبة     في خلقه ومحمدا سمـاكـا

وأنباء كشهيد وأشهاد، قال شيخنا وخرجت عليه آيات مبحوث فيها، والنبيئون جمع سلامة، قال الزجاج القراءة المجمع عليها في النبيين والأنبياء طرح الهمز، وقد همز جماعة من أهل المدينة جميع ما في القرآن من هذا، واشتقاقه من نبأ وأنبأ، أي أخبر، قال: والأجود ترك الهمز، انتهى. والاسم النبوءة بالهمز، وقد يسهل، وقد يبدل واوا ويدغم فيها، قال الراغب: النبوة: سفارة بين الله عز وجل وبين ذوي العقول الزكية لإزاحة عللها. وتنبأ بالهمز على الاتفاق، ويقال تنبى، إذا ادعاها أي النبوة، كما تنبى مسيلمة الكذاب وغيره من الدجالين، قال الراغب: وكان من حق لفظه في وضع اللغة أن يصح استعماله في النبيء إذا هو مطاوع نبأ كقوله زينه فتزين وحلاه فتحلى وجمله فتجمل لكن لما تعورف فيمن يدعي النبوة كذبا جنب استعماله في المحق ولم يستعمل إلا في المتقول في دعواه. ومنه المتنبئ أبو الطيب الشاعر أحمد بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي الكندي، وقيل مولاهم، أصله من الكوفة خرج إلى بني كلب ابن وبرة من قضاعة بأرض السماوة، وتبعه خلق كثير، ووضع لهم أكاذيب وادعى أولا أنه حسني النسب ثم ادعى النبوة فشهد بالضم عليه بالشأم يعني دمشق وحبس دهرا بحمص حين أسره الأمير لؤلؤ نائب الإخشيد بها، وفرق أصحابه، وادعى عليه بما زعمه فأنكر ثم استتيب وكذب نفسه وأطلق من الحبس وطلب الشعر فقاله وأجاد، وفاق أهل عصره، واتصل بسيف الدولة بن حمدان، فمدحه، وسار إلى عضد الدولة بفارس، فمدحه، ثم عاد إلى بغداد فقتل في الطريق بقرب النعمانية سنة 354 في قصة طويلة مذكورة في محلها، وقيل: إنما لقب به لقوة فصاحته، وشدة بلاغته، وكمال معرفته، ولذا قيل:

لم ير الناس ثاني المتـنـبـي     أي ثان يرى لبكر الـزمـان
هو في شعره نبـي ولـكـن      ظهرت معجزاته في المعاني

صفحة : 230

وكانوا يسمونه حكيم الشعراء، والذي قرأت في شرح الواحدي نقلا عن ابن جني إنما لقب بقوله:

أنا في أمة تداركها اللـه     غريب كصالح في ثمود

ونبأ كمنع ونبوءا: ارتفع، قال الفراء: النبي هو من أنبأ عن الله، فترك همزه، قال: وإن أخذت من النبوة والنباوة وهي الارتفاع عن الأرض أي أنه أشرف على سائر الخلق فأصله غير الهمز. ونبأ عليهم ينبأ نبأ ونبوءا: هجم وطلع وكذلك نبه ونبع، كلاهما على البدل، ونبأت على القوم نبأ إذا اطلعت عليهم، ويقال: نبأ من أرض إلى أرض أخرى أي خرج منها إليها. والنابئ: الثور الذي ينبأ من أرض إلى أرض، أي يخرج، قال عدي بن زيد يصف فرسا:

وله النعجة المري تجاه الر     كب عدلا بالنابئ المخراق

أراد بالنابئ ثورا خرج من بلد إلى بلد يقال نبأ وطرأ وشط إذا خرج من بلد إلى بلد، وسيل نابئ: جاء من بلد آخر، ورجل نابئ، أي طارئ من حيث لا يدرى، كذا في الأساس، قال الأخطل:

ألا فاسقياني وانفيا عنـي الـقـذى         فليس القذى بالعود يسقط في الخمر
وليس قذاها بالـذي قـد يريبـهـا         ولا بذباب نزغـه أيسـر الأمـر
ولكن قذاها كل أشـعـث نـابـئ         أتتنا به الأقدار من حيث لا نـدري

صفحة : 231

من هنا ما جاء في حديث أخرجه الحاكم في المستدرك، عن أبي الأسود، عن أبي ذر وقال إنه صحيح على شرط الشيخين قول الأعرابي له صلى الله عليه وسلم يا نبيء الله، بالهمز، أي الخارج من مكة إلى المدينة فحينئذ أنكره أي الهمز عليه على الأعرابي، لأنه ليس من لغة قريش، وقيل: إن في رواته حسين الجعفي وليس من شرطهما، ولذا ضعفه جماعة من القراء والمحدثين، وله طريق آخر منقطع، رواه أبو عبيد: حدثنا محمد بن سعد عن حمزة الزيات عن حمران بن أعين أن رجلا فذكره، وبه استدل الزركشي أن المختار في النبي ترك الهمز مطلقا، والذي صرح به الجوهري والصاغاني، بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أنكره لأنه أراد يا من خرج من مكة إلى المدينة، لا لكونه لم يكن من لغته، كما توهموا، ويؤيده قوله تعالى: لا تقولوا راعنا فإنهم إنما نهوا عن ذلك لأن اليهود كانوا يقصدون استعماله من الرعونة لا من الرعاية، قاله شيخنا، وقال سيبويه: الهمز في النبي لغة رديئة، يعني لقلة استعمالها، لا لأن القياس يمنع من ذلك، ألا ترى إلى قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قيل له يا نبيء الله فقال له إنا معشر قريش لا ننبر ، ويروى: لا تنبز باسمي كذا في النسخ الموجودة، من النبز وهو اللقب، أي لا تجعل لاسمي لقبا تقصد به غير الظاهر. والصواب: لا تنبر، بالراء أي لا تهمز، كما سيأتي فإنما أنا نبي الله، أي بغير همز، وفي رواية فقال: لست بنبيء الله ولكن نبي الله، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام أنكر الهمز في اسمه، فرده على قائله، لأنه لم يدر بما سماه، فأشفق أن يمسك على ذلك، وفيه شيء يتعلق بالشرع، فيكون بالإمساك عنه مبيح محظور أو حاظر مباح. كذا في اللسان، قال أبو علي الفارسي: وينبغي أن تكون رواية إنكاره غير صحيحة عنه عليه السلام، لأن بعض شعرائه وهو العباس بن مرداس السلمي قال: يا خاتم النبآء ولم يرد عنه إنكاره لذلك، فتأمل. والنبيء على فعيل: الطريق الواضح يهمز ولا يهمز، وقد ذكره المصنف أيضا في المعتل، كما سيأتي، قال شيخنا: قيل: ومنه أخذ الرسول، لأنه الطريق الموضح الموصل إلى الله تعالى، كما قالوا في: اهدنا الصراط المستقيم هو محمد صلى الله عليه وسلم، كما في الشفا وشروحه. قلت: وهو مفهوم كلام الكسائي فإنه قال: النبيء: الطريق، والأنبياء: طرق الهدى. والنبيء: المكان المرتفع الناشز المحدودب يهمز ولا يهمز كالنابئ وذكره ابن الأثير في المعتل، وفي لسان العرب: نبأ نبأ ونبوءا إذا ارتفع ومنه ما ورد في بعض الأخبار وهي من الأحاديث التي لا طرق لها لا تصلوا على النبيء بالهمز، أي المكان المرتفع المحدودب، ومما يحاجى به: صلوا على النبيء، ولا تصلوا على النبئ، وغلط الملا علي في ناموسه، إذ وهم المجد في ذكره في المهموز، اغترارا بابن الأثير، وظنا أنه من النبوة معنى الارتفاع، وقد نبه على ذلك شيخنا في شرحه. والنبأة: النشز في الأرض، والصوت الخفي أو الخفيف، قال ذو الرمة:

وقد توجس ركزا مقفـر نـدس    بنبأة الصوت ما في سمعه كذب

الركز: الصوت، والمقفر: أخو القفرة، يريد الصائد. والندس: الفطن وفي التهذيب: النبأة: الصوت ليس بالشديد، قال الشاعر:

آنست نبأة وأفزعها الـقـن     اص قصرا وقد دنا الإمساء

صفحة : 232

أراد صاحب نبأة أو النبأة صوت الكلاب، قال الحريري في مقاماته: فسمعنا نبأة مستنبح، ثم تلتها صكة مستفتح، وقيل: هي الجرس أيا كان، وقد نبأ الكلب كمنع نبأ. ونبيئة بالضم كجهينة ابن الأسود العذري وضبطه الحافظ هكذا، وقال: هو زوج بثينة العذرية صاحبة جميل بن معمر، وابنه سعيد بن نبيئة، جاءت عنه حكايات، وتصغير النبيء نبيئ مثال نبيع ويقولون في التصغير كانت نبيئة مسيلمة مثال نبيعة، نبيئة سوء تصغير النبوءة وكان نبيئ سوء بالفتح، وهو تصغير نبيء بالهمز، قال ابن بري: الذي ذكره سيبويه: كان مسيلمة نبوته نبيئة سوء، فذكر الأول غير مصغر ولا مهموز، ليبين أنهم قد همزوه في التصغير وإن لم يكن مهموزا في التكبير، قال ابن بري: ذكر الجوهري في تصغير النبيء نبيئ، بالهمز على القطع بذلك، قال: وليس الأمر كما ذكر، لأن سيبويه قال: هذا فيمن يجمعه أي نبيئا على نبآء ككرماء، أي فيصغره بالهمز وأما من يجمعه على أنبياء فيصغره على نبي بغير همز، يريد: من لزم الهمز في الجمع لزمه في التصغير، ومن ترك الهمز في الجمع تركه في التصغير، كذا في لسان العرب وأخطأ الجوهري في الإطلاق حسبما ذكرنا، وهو إيراد ابن بري، ولكن ما أحلى تعبيره بقوله: وليس الأمر كذلك، فانظر أين هذا من قوله أخطأ، على أنه لا خطأ، فإنه إنما تعرض لتصغير المهموز فقط، وهو كما قال، وهناك جواب آخر قرره شيخنا. ويقال: رمى فلان فأنبأ، أي لم يشرم ولم يخدش، أو أنه لم ينفذ نقله الصاغاني، وسيأتي في المعتل أيضا. ونابأهم منابأة: ترك جوارهم وتباعد عنهم، قال ذو الرمة يهجو قوما:

زرق العيون إذا جاورتهم سرقوا       ما يسرق العبد أو نابأتهم كذبوا

ويروى ناوأتهم، كما سيأتي. ومما يستدرك عليه: نبأت به الأرض: جاءت به، وقال حنش بن مالك:

فنفسك أحرز فإن الحـتـو       ف ينبأن بالمرء في كل واد

ونباء كغراب: موضع بالطائف. ويقال: هل عندكم من نابئة خمر. والنباءة كثمامة: موضع بالطائف وقع في الحديث هكذا بالشك: خطبنا بالنباءة، أو بالنباوة. وأبو نبيئة الهذلي شاعر.

ن ت أ
نتأ الشيء كمنع ينتأ نتأ ونتوءا إذا انتبر، من النبر وهو الارتفاع. وانتفخ، وكل ما ارتفع من نبت وغيره فقد نتأ، وهو ناتئ ونتأ من بلد إلى بلد ارتفع ونتأ عليهم: اطلع مثل نبأ بالموحدة ونتأت القرحة: ورمت ونتأت الجارية: بلغت بالاحتلام أو السن أو الحيض، وهذا يرجع لمعنى الارتفاع، ونتأ الشيء: خرج من موضعه من غير أن يبين أي ينفصل، وهو النتوء. وانتتأ أي انبرى وارتفع وبكليهما فسر قول أبي حزام العكلي:

فلما انتتـأت لـدريئهـم    نزأت عليه الوأى أهذؤه

صفحة : 233

لدريئهم أي لعريفهم، نزأت عليه أي هيجت عليه ونزعت، الوأى وهو السيف. أهذؤه: أقطعه. وفي المثل: تحقره وينتأ أي يرتفع، يقال هذا للذي ليس له شاهد منظر وله باطن مخبر، أي تزدريه لسكونه وهو يحاذيك، وقيل: معناه: تستصغره ويعظم، وقيل: تحقره وينتو، بغير همز، وسيأتي في المعتل إن شاء الله تعالى، وفي الأساس: هذا المثل فيمن يتقدم بالنكر ويشخص به وأنت تحسبه مغفلا. والنتأة كهمزة كذا في النسخ وضبطه ياقوت كعمارة: ماء لبني عميلة بن طريف بن سعيد أو نخل لبني عطارد قاله الحفصي، أو جبل في حمى ضرية بين إمرة والمتالع، قاله نصر، وقيل: ماء لغني بن أعصر. قلت: وهذا الأخير هو الذي قاله البلاذري، وعليها قتل شاس بن زهير العبسي عند منصرفه من عند الملك النعمان بن المنذر، والقاتل له رياح بن حراق الغنوي، وأنشد ياقوت لزهير بن أبي سلمى:

لعلك يوما أن تراعي بفاجع          كما راعني يوم النتاءة سالم

يعني ابنه يرثيه.

ن ج أ
نجأه، كمنعه نجأة: أصابه بالعين، كانتجأه عن اللحياني وتنجأه تعينه، وهو نجؤ العين، كندس أي بفتح فضم ونجوء مثل صبور ونجئ مثل كتف ونجيء مثل أمير أي خبيثها وشديد الإصابة بها ورد عنك نجأة هذا الشيء أي شهوتك إياه، وذلك إذا رأيت شيئا فاشتهيته. وفي التهذيب يقال: ادفع عنك نجأة السائل كنجعة شهوته أي أعطه شيئا مما تأكل لتدفع به عنك شدة نظره، قال الكسائي: وأما قوله في الحديث ردوا نجأة السائل باللقمة فقد تكون الشهوة، وقد تكون الإصابة بالعين. والنجأة: شدة النظر، أي إذا سألكم عن طعام بين أيديكم فأعطوه لئلا يصيبكم بالعين، وردوا شدة نظره إلى طعامكم بلقمة تدفعونها إليه، قال ابن الأثير: المعنى أعطه اللقمة لتدفع بها شدة النظر إليك، قال: وله معنيان: أحدهما أن تقضي شهوته وترد عينه من نظره إلى طعامك رفقا به ورحمة، والثاني أن تحذر إصابته نعمتك بعينه لفرط تحديقه وحرصه. وأنت تنجأ أموال الناس، أي تتعرض لتصيبها بعينك حسدا وحرصا على المال.

ن د أ

صفحة : 234

ندأه أي الشيء كمنعه إذا كرهه، هذا ما ذكره الجوهري عن الأصمعي، أو هو غير صحيح، والصواب فيه: بذأه بالباء الموحدة والذال المعجمة وقد نفاه أقوام وجعلوه خطأ ووهم الجوهري بناء على ذلك القيل، وفي الحقيقة لا وهم ولا اعتراض، لأنه نقل كل من اللفظين، كذا أشار إليه شيخنا وندأ اللحم يندؤه ندأ: ألقاه في النار، أو ندأه، وكذلك القرص في الملة: دفنه فيها لينضج. قال ابن الأثير والندئ الاسم مثال الطبيخ، ولحم ندئ ويقال: ندأه يندؤه ندءا إذا خوفه وذعره، وندأه: ضرب به الأرض فصرعه، نقله الصاغاني، وندأ عليهم: طلع نقله الصاغاني، وندأ اللحم في الملة والجمر: عمله وندأ الملة بفتح الميم يندؤها: ملها، أي عملها. والندأة بالفتح ويضم أوله: الكثرة من المال مثل الندهة والندهة، أي على الإبدال. قال شيخنا: وقد فسرتا بعشرين من الغنم، ونقل عن بعض النسخ: الكثرة من الماء، وهو غلط والندأة والندأة: هما قوس الله، ونهي أن يقال قوس قزح قاله أبو عمرو، وسيأتي ذلك للمصنف في ق س ط وهما أيضا: الحمرة تكون في الغيم إلى غروب الشمس أو طلوعها، وقيل: الحمرة إلى جنب الشمس عند طلوعها وغروبها. وفي التهذيب: إلى جنب مغرب الشمس أو مطلعها كالندئ فيهما حكي عن كراع وهما أيضا دارة الشمس، والهالة حول القمر. والندأة بالضم: الطريقة في اللحم المخالفة للونه قال شيخنا: صرح غير واحد أنه مجاز. وفي التهذيب: الندأة في لحم الجزور: طريقة مخالفة للون اللحم، والندأتان: طريقتا لحم في بواطن الفخذين، عليهما بياض رقيق من عقب كأنه نسج العنكبوت يفصل بينهما مضيغة واحدة، فتصير كأنهما مضيغتان والندأة أيضا: ما فوق السرة من الفرس والندأة أيضا الدرجة من الصوف التي يحشى بها خوران بالضم الناقة ثم تخلل تلك الدرجة إذا عطفت على ولد بالجر مضاف إلى غيرها أو على بو أعد لها، قاله ابن الأعرابي. والندأة واحدة من القطع المتفرقة من النبت كالنفأة كالندأة، كهمزة ج ندأ كتخمة وتخم في الوزن. ونودأ بزيادة الواو للإلحاق بدحرج نودأة مثال دحرجة: عدا نقله الصاغاني.

ن ز أ
نزأ بينهم كمنع ينزأ نزءا ونزوءا: حرش وأفسد بينهم، وكذلك نزغ بينهم، ونزأ الشيطان بينهم: ألقى الشر. والنزء الإغراء، والنزيء مثال فعيل: فاعل ذلك، ونزأ عليه: حمل، يقال: ما نزأك على هذا? أي ما حملك عليه? حكاه الجوهري عن الكسائي. ونزأ فلانا عليه أي صاحبه: حمله عليه، ونزأه عن كذا أي قوله أو فعله: رده وكفه عنه. ونزئ كعني، صرح به أرباب الأفعال وهو منزوؤ به أي مولع، ورجل نزاء، وإذا كان الرجل على طريقة حسنة أو سيئة فتحول عنها إلى غيرها قلت مخاطبا لنفسك إنك لا تدري علام، أصله على ما حذفت ألفها لدخول حرف الجر، ورواه الجوهري: بم ينزأ بالبناء للمفعول هرمك مضبوط في نسختنا ككتف، وهو الموجود بخط الصغاني، وفي نسخة شيخنا بالتحريك بم أي على أي شيء أو بأي شيء يولع عقلك ونفسك قاله ابن السكيت ومعناه أنك لا تدري إلام إلى أي شيء يؤول حالك من حسن أو قبيح. ومما يستدرك عليه: النزئ على فعيل: السقاء الصغير، عن ابن الأعرابي، ونزأ لغة في نزع.

ن س أ
نسأه، كمنعه: زجره وساقه، الذي قاله الجوهري وغيره، نسأ الإبل زجرها ليزداد سيرها، وفي لسان العرب: نسأ الدابة والناقة والإبل ينسؤها نسأ: زجرها وساقها. قال الشاعر:

وعنس كألواح الإران نسأتها    إذا قيل للمشبوبتين هما هما

صفحة : 235

والمشبوبتان: الشعريان. كنسأه تنسئة، نقله الجوهري، قال الأعشى:

وما أم خشف بالعلاية شـادن     تنسئ في برد الظلال غزالها
بأحسن منها يوم قام نـواعـم     فأنكرن لما واجهتهن حالهـا

صفحة : 236

ونسأ الشيء: أخره ينسؤه نسأ ومنسأة، كأنسأه فعل وأفعل بمعنى. وفي الفصيح: ويقال: نسأ الله في أجله وأنسأ الله أجلك أي أخره وأبقاه، من النسأة، وهي التأخير، عن كراع في المجرد، وهو اختيار الأصمعي. وقال ابن القطاع: نسأ الله أجله وأنسأ في أجله. فعكسه، قاله شيخنا، والاسم النسيئة والنسيء وقيل: نسأه: كلأه بمعنى أخره، وأيضا: دفعه عن الحوض وفي اللسان: ونسأ الإبل: دفعها في السير وساقها، ونسأتها أيضا عن الحوض إذا أخرتها عنه، ونسأ اللبن نسأ ونسأه له ونسأه إياه: خلطه له بماء، واسمه النسء وسيأتي. ونسأت الظبية غزالها إذا رشحته بالتشديد ونسأ فلانا: سقاه النسء أي اللبن المخلوط بالماء أو الخمر ونسأ فلان في ظمء الإبل: زاد يوما في وردها وعليه اقتصر في الأساس أو يومين أو أكثر من ذلك، وعبارة المحكم: نسأ الإبل: زاد في وردها أو أخره عن وقته، كذا في لسان العرب. ونسأت الدابة والماشية تنسأ نسأ: سمنت وقيل: بدأ سمنها، وهو حين نبات وبرها بعد تساقطه أي الوبر ونسأ الشيء: باعه بتأخير، تقول: نسأته البيع وأنسأته فعل وأفعل بمعنى. وبعته بنسأة بالضم وبعته بكلأة ونسيئة على فعيلة أي بعته بأخرة محركة، والنسيئة، والنسيء بالمد: الاسم منه. والنسيء المذكور في قول الله تعالى: إنما النسيء زيادة في الكفر شهر كانت تؤخره العرب في الجاهلية فنهى الله عز وجل عنه في كتابه العزيز حيث قال إنما النسيء زيادة في الكفر الآية، وذلك أنهم كانوا إذا صدروا من منى يقوم رجل من كنانة فيقول: أنا الذي لا يرد لي قضاء، فيقولون: أنسئنا شهرا، أي أخر عنا حرمة المحرم واجعلها في صفر فيحل لهم المحرم، كذا في الصحاح. وفي اللسان: النسيء المصدر ويكون المنسوء، مثل قتيل ومقتول، والنسيء فعيل بمعنى مفعول، من قولك: نسأت الشيء فهو منسوء، إذا أخرته، ثم يحول منسوء إلى نسيء، كما يحول مقتول إلى قتيل. ورجل ناسئ وقوم نسأة مثل فاسق وفسقة. وقرأت في كتاب الأنساب للبلاذري ما نصه: فمن بني فقيم جنادة، وهو أبو ثمامة، وهو القلمس بن أمية بن عوف بن قلع بن حذيفة بن عبد بن فقيم نسأ الشهور أربعين سنة، وهو الذي أدرك الإسلام منهم، وكان أول من نسأ قلع، نسأ سبع سنين، ونسأ أمية إحدى عشرة سنة، وكان أحدهم يقوم فيقول: إني لا أحاب ولا أعاب، ولا يرد قولي. ثم ينسأ الشهور، وهذا قول هشام بن الكلبي، وحدثني عبد الله بن صالح، عن أبي كناسة، عن مشايخه قالوا: كانوا يحبون أن يكون يوم صدرهم عن الحج في وقت واحد من السنة، فكانوا ينتسئونه، والنسيء: التأخير، فيؤخرونه في كل سنة أحد عشر يوما، فإذا وقع في عدة أيام من ذي الحجة جعلوه في العام المقبل، لزيادة أحد عشر يوما من ذي الحجة، ثم على تلك الأيام، يفعلون كذلك في أيام السنة كلها، وكانوا يحرمون الشهرين اللذين يقع فيهما الحج والشهر الذي بعدهما، ليواطئوا في النسيء بذلك عدة ما حرم الله، وكانوا يحرمون رجبا كيف وقع الأمر، فيكون في السنة أربعة أشهر حرم، وقال عمرو بن بكير: قال المفضل الضبي: يقال لنسأة الشهور: القلامس، واحدهم قلمس، وهو الرئيس المعظم، وكان أولهم حذيفة ابن عبد بن فقيم بن عدي بن عامر ابن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة، ثم ابنه قلع بن حذيفة، ثم عباد بن قلع، ثم أمية بن قلع، ثم عوف بن أمية، ثم جنادة بن أمية بن عوف بن قلع. قال: وكانت خثعم وطيئ لا يحرمون الأشهر الحرم، فيغيرون فيها ويقاتلون، فكان من نسأ الشهور من الناسئين يقوم فيقول: إني لا أحاب ولا أعاب ولا يرد ما

صفحة : 237

قضيت به، وإني قد أحللت دماء المحللين من طيئ وخثعم، فاقتلوهم حيث وجدتموهم إذا عرضوا لكم، وأنشدني عبد الله بن صالح لبعض القلامس: به، وإني قد أحللت دماء المحللين من طيئ وخثعم، فاقتلوهم حيث وجدتموهم إذا عرضوا لكم، وأنشدني عبد الله بن صالح لبعض القلامس:

لقـد علـمت عـلـيا كـنـانة أننـا        إذا الـغصن أمـسـى مـورق العود أخـضرا
أعـزهم سربـا وأمـنعهـم حمـى          وأكـرمهـم فـي أول الـدهـر عـنـصرا
وأنـا أرينـاهـم مـنـاســك دينـهـم     وحزنـا لهـم حـظـا مـن الـخــير أوفـرا
وأن بنا يستقبل الأمر مقبلا                     وإن نحن أدبرنا عن الأمر أدبرا

وقال بعض بني أسد:

لهم ناسئ يمشون تحت لوائه     يحل إذا شاء الشهور ويحرم

وقال عمير بن قيس بن جذل الطعان:

ألسنا الناسئين على مـعـد    شهور الحل نجعلها حراما

وأنسأه الدين مثل البيع: أخره به، أي جعله له مؤخرا، كأنه جعله له بأخرة، واسم ذلك الدين النسيئة، وفي الحديث إنما الربا في النسيئة هي البيع إلى أجل معلوم، يريد أن بيع الربويات بالتأخير من غير تقابض هو الربا وإن كان بغير زيادة. قال ابن الأثير: وهذا مذهب ابن عباس، كما يرى بيع الربويات متفاضلة مع التقابض جائزا، وأن الربا مخصوص بالنسيئة. واستنسأه: سأله أن ينسئه دينه أي يؤخره إلى مدة، أنشد ثعلب:

قد استنسأت حقي ربيعة للحيا      وعند الحيا عار عليك عظـيم
وإن قضاء المحل أهون ضيعة    من المخ في أنقاء كل حلـيم

قال: هذا رجل كان له على رجل بعير، فطلب منه حقه، قال: فأنظرني حتى أخصب، فقال: إن أعطيتني اليوم جملا مهزولا كان لك خيرا من أن تعطيه إذا أخصبت إبلك. وتقول: استنسأته الدين فأنسأني ونسأت عنه دينه: أخرته نساء بالمد. والمنسأة كمكنسة ومرتبة بالهمز وبترك الهمز فيهما: العصا العظيمة التي تكون مع الراعي، قال أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم في الهمز:

أمن أجل حبل لا أباك ضربته     بمنسأة قد جر حبلك أحبـل

وقال آخر في ترك الهمز:

إذا دببت على المنساة من هرم    فقد تباعد عنك اللهو والغزل

صفحة : 238

وإنما سمي بها لأن الدابة تنسأ بها، أي تزجر ليزداد سيرها، أو تدفع أو تؤخر، قال ابن سيده: وأبدلوا همزها إبدالا كليا فقالوا: منساة، وأصلها الهمز، ولكنه بدل لازم، حكاه سيبويه، وقد قرئ بهما جميعا، ومن ذلك قول الفراء في قوله عز وجل تأكل منسأته فيما نقله عنه ابن السيد البطليوسي ما نصه يجوز، يعني في الآية المذكورة من سأته، بفصل من عن سأته على أنه حرف جر، والسأة لغة في سية القوس، قال ابن عادل والسية: العصا أو طرفها، أي تأكل من طرف عصاه، وقد روي أنه اتكأ على خضراء من خرنوب، وإلى هذه القراءة أشار البيضاوي وغيره من المفسرين، ونقل شيخنا عن الخفاجي في العناية أنه قرئ من سأته، بمن الجارة، وسأته بالجر بمعنى طرف العصا، وأصلها: ما انعطف من طرفي القوس، استعيرت لما ذكر، إما استعارة اصطلاحية، لأنه قيل: إنها كانت خضراء فاعوجت بالاتكاء عليها، أو لغوية باستعمال المقيد في المطلق، انتهى، ثم قال: وهذه القراءة مروية عن سعيد بن جبير وعن الكسائي. تقول العرب سأة القوس وسئتها، بالفتح والكسر، قال ابن السيد البطليوسي لما نقل هذه القراءة عن الفراء رادا عليه، وتبعه المصنف فقال: فيه بعد وتعجرف، لا يجوز أن يستعمل في كتاب الله عز وجل ما لم تأت به رواية ولا سماع، ومع ذلك هو غير موافق لقصة سيدنا سليمان عليه السلام، لأنه لم يكن معتمدا على قوس، وإنما كان معتمدا على العصا، انتهى المقصود من كلام البطليوسي، وهو منقوض بما تقدم، فتأمل. والنسء بالفتح مهموزا: الشراب المزيل للعقل، قال عروة بن الورد العبسي:

سقوني النسء ثم تكنفوني    عداة الله من كذب وزور

وبه فسر ابن الأعرابي النسء هنا قال: إنما سقوه الخمر، يقوي ذلك رواية سيبويه: سقوني الخمر، وسيأتي خبر ذلك في ي س ت ع ر واللبن الرقيق الكثير الماء وفي التهذيب: الممذوق بالماء، ويقال نسأت اللبن نسأ ونسأته له ونسأته إياه: خلطته له بماء، واسمه النسء كالنسيء مثال فعيل، راجع إلى اللبن، قاله شيخنا، ولا بعد إذا كان راجعا إليهما، بدليل قول صاحب اللسان: قال ابن الأعرابي مرة: هو النسيء، بالكسر والمد، وأنشد:

يقولون لا تشرب نسيئا فإنه    عليك إذا ما ذقته لوخـيم

وقال غيره: النسيء، بالفتح، وهو الصواب، قال: والذي قاله ابن الأعرابي خطأ، لأن فعيلا ليس في الكلام إلا أن يكون ثاني الكلمة أحد حروف الحلق. قلت: وستأتي الإشارة إلى مثله في شهد، إن شاء الله تعالى. والنسء أيضا: السمن أو بدؤه، يقال: جرى النسء في الدواب، يعني السمن، قال أبو ذؤيب يصف ظبية:

به أبلت شهري ربيع كليهمـا     فقد مار فيها نسؤها واقترارها

صفحة : 239

أبلت: جزأت بالرطب عن الماء ومار: جرى والشيء بدء السمن، واقترارها: نهاية سمنها عن أكل اليبيس. والنسء بالتثليث: المرأة المظنون بها الحمل، يقال: امرأة نسء كالنسوء على فعول، تسمية بالمصدر، وقال الزمخشري: ويروى نسوء بضم النون، عن قطرب، وفي الحديث كانت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت أبي العاص بن الربيع، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أرسلها إلى أبيها، وهي نسوء، أي مظنون بها الحمل. يقال: امرأة نسوء ونسء، ونسوة نساء، أي تأخر حيضها ورجي حبلها، وهو من التأخير، وقيل: هو بمعنى الزيادة، من نسأت اللبن إذا جعلت فيه الماء تكثره به، والحمل زيادة، أو التي ظهر بها حملها، كأنه أخذ من الحديث، وهو أنه صلى الله عليه وسلم دخل على أم عامر بن ربيعة، وهي نسوء، وفي رواية: نسء، فقال لها: أبشري بعبد الله خلفا من عبد الله فولدت غلاما فسمته عبد الله. والنسئ بالكسر وهو الرجل المخالط للناس ويقال هو نسئ نساء أي حدثهن وخدنهن بكسر أولهما والنساء كالسحاب: طول العمر ونسأ الله في أجله: أخره. وحكى ابن دريد: أمد له في الأجل: أنسأه فيه، قال ابن سيده: ولا أدري كيف هذا، والاسم النساء، وأنسأه الله أجله، ونسأه في أجله بمعنى، كما في الصحاح، وفي الحديث عن أنس بن مالك من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ في أجله، فليصل رحمه النسء: التأخير يكون في العمر والدين، ومنه الحديث صلة الرحم مثراة في المال، منسأة في الأثر هي مفعلة منه، أي مظنة له وموضع، وفي حديث ابن عوف وكان قد أنسئ له في العمر أي أخر، والنسأة، بالضم مثل الكلأة: التأخير، وقال فقيه العرب: من سره النساء ولا نساء، فليخفف الرداء، وليباكر الغداء، وليكر العشاء، وليقل غشيان النساء، أي تأخر العمر والبقاء ومصدر نسأ الرجل دينه أخره، ويقال: إذا أخرت الرجل بدينه قلت: أنسأته، فإذا زدت في الأجل زيادة يقع عليها تأخير قلت: قد نسأتك في أيامك، ونسأتك في أجلك، وكذلك تقول للرجل: نسأ الله في أجلك، لأن الأجل مزيد فيه، ولذلك قيل للبن النسيء، لزيادة الماء فيه. ونسأ كجبل، مهموز، كما صرح به الإسنوي وابن خلكان والسبكي، وهي بلد بخراسان، منها صاحب السنن الإمام الحافظ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، توفي سنة 330. ومن النسء بمعنى السمن كل ناسئ من الحيوان: سمين، وعبارة اللسان:وكل سمين ناسئ، وهو أولى. وانتسأ القوم إذا تباعدوا، وفي حديث عمر رضي الله عنه: ارموا فإن الرمي جلادة، وإذا رميتم فانتسوا عن البيوت، أي تأخروا، قال ابن الأثير: يروى هكذا بلا همز، قال: والصواب انتسئوا، بالهمز، ويروى فبنسوا أي تأخروا، ويقال: بنست، أي تأخرت، وانتسأ البعير في المرعى أي تباعد، وانتسأت عنه تأخرت وتباعدت. قال ابن منظور: وكذلك الإبل إذا تباعدت في المرعى، ويقال: إن لي عنك لمنتسأ، أي منتأى وسعة. وقيل: نسئت المرأة بالبناء للمفعول كعني تنسأ نسأ وذلك عند أول حبلها، وذلك إذا تأخر حيضها عن وقته المعتاد لأجل الحمل فرجي أنها حبلى، نقله السهيلي عن الخليل، وقيل: تأخر حيضها وبدأ حملها، وقال الأصمعي: يقال للمرأة أول ما تحمل: قد نسئت. ونسئت المرأة إذا حبلت، جعلت زيادة الولد فيها كزيادة الماء في اللبن، وهي امرأة نسء، والجمع أنساء ونسوء، بالضم، وقد يقال: نساء نسء على الصفة بالمصدر لا نسيء كأمير، كذا ظاهر السياق، والصواب بالكسر والمد ووهم الجوهري حيث جوزه تبعا لابن الأعرابي، والمصنف في

صفحة : 240

هذا التوهيم تابع لابن بري، حيث قال: الذي قاله ابن الأعرابي خطأ، لأن فعيلا ليس في الكلام إلا أن يكون ثاني الكلمة أحد حروف الحلق، فالصواب الفتح. وقال كراع في المجرد: ماله نسأه الله، أي أخزاه، ويقال أخره الله، وإذا أخره الله فقد أخزاه. وأنسأت سربتي: أبعدت مذهبي، قال الشنفرى يصف خروجه وأصحابه إلى الغزو وأنهم أبعدوا المذهب:ذا التوهيم تابع لابن بري، حيث قال: الذي قاله ابن الأعرابي خطأ، لأن فعيلا ليس في الكلام إلا أن يكون ثاني الكلمة أحد حروف الحلق، فالصواب الفتح. وقال كراع في المجرد: ماله نسأه الله، أي أخزاه، ويقال أخره الله، وإذا أخره الله فقد أخزاه. وأنسأت سربتي: أبعدت مذهبي، قال الشنفرى يصف خروجه وأصحابه إلى الغزو وأنهم أبعدوا المذهب:

عدونا من الوادي الذي بين مشعل    وبين الحشا هيهات أنسأت سربتي

ويروى: أنشأت، بالشين المعجمة، فالسربة في روايته بالسين المهملة: المذهب وفي روايته بالشين المعجمة: الجماعة، وهي رواية الأصمعي والمفضل، والمعنى عندهما: أظهرت جماعتي من مكان بعيد لمغزى بعيد. قال ابن بري: أورده الجوهري: عدون من الوادي. والصواب: عدونا، وكذلك أنشده الجوهري أيضا على الصواب في سرب.

ن ش أ
نشأ، كمنع ونشؤ مثل كرم ينشأ وينشؤ نشأ ونشوءا ونشاء كسحاب ونشأة كحمزة ونشاءة بالمد، وفي التنزيل النشأة الأخرى أي البعثة، وقرأه أبو عمرو بالمد، وقال الفراء في قوله تعالى ثم الله ينشئ النشأة الآخرة القراء مجمعون على جزم الشين وقصرها إلا الحسن البصري فإنه مدها في كل القرآن، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: النشاءة ممدودا حيث وقعت، وقرأ عاصم ونافع وابن عامر وحمزة والكسائي النشأة بوزن النشعة حيث وقعت. ونشأ ينشأ: حيي، زاد شمر: وارتفع. ونشأ ينشأ نشأ ونشاء: ربا وشب ونشأت في بني فلان ومنشئي فيهم، نشأ ونشوءأ: شببت فيهم، ونشأت السحابة نشأ ونشوءا: ارتفعت وبدت، وذلك في أول ما تبدأ، ومنه قولهم نشأ غمام النصر وتهيأ، وضعف أمر العدو وترهيأ، وسيأتي، ونشئ وانتشئ كذا في النسخة وفي بعض وأنشئ بدل انتشئ، وهو الصواب بمعنى واحد، وقرأ الكوفيون غير أبي بكر، ونسبه الفراء إلى أصحاب عبد الله: أومن ينشأ، في الحلية مشددة من باب التفعيل، وقرأ عاصم وأهل الحجاز ينشأ من باب منع أي يرشح وينبت. والناشئ: فويق المحتلم، وقيل: هو الغلام والجارية وقد جاوزوا حد الصغر، وكذلك الأنثى ناشئ، بغير هاء أيضا، وقال ابن الأعرابي: الناشئ: الغلام الحسن الشباب، وعن أبي عمرو: غلام ناشئ، وجارية ناشئة. وعن أبي الهيثم: الناشئ: حين نشأ، أي بلغ قامة الرجل ج نشء مثل صاحب وصحب ويحرك نادرا مثل طالب وطلب، قال نصيب في المؤنث:

ولولا أن يقال صبا نصيب    لقلت بنفسي النشأ الصغار

صفحة : 241

وفي الحديث نشأ يتخذون القرآن مزامير يروى بفتح الشين جمع ناشئ كخادم وخدم، يريد جماعة أحداثا. وقال أبو موسى: المحفوظ بسكون الشين، كأنه تسمية بالمصدر، وفي الحديث ضموا نواشئكم في ثورة العشاء أي صبيانكم وأحداثكم،قال ابن الأثير: كذا رواه بعضهم والمحفوظ: فواشيكم، بالفاء، وسيأتي في المعتل، فقول شيخنا إن النواشئ عندي جمع لناشئ بمعنى الجارية، لا كما أطلقوا، فيه نظر، نعم تبع فيه صاحب الأساس، فإنه قال: من جوار نواشئ، وقال الليث: النشء: أحداث الناس يقال للواحد أيضا هو نشء سوء وهؤلاء نشء سوء، والناشئ: الشاب، يقال: فتى ناشئ قال: ولم أسمع هذا النعت في الجارية، قال الفراء: يقولون: هؤلاء نشئ صدق ورأيت نشء صدق ومررت بنشء صدق فإذا طرحوا الهمزة قالوا: هؤلاء نشو صدق، ورأيت نشا صدق ومررت بنشي صدق، وعن أبي الهيثم يقال للشاب والشابة إذا بلغوا هم النشأ والناشئون، وأنشد بيت نصيب:

لقلت بنفسي النشأ الصغار وقال بعده: فالنشأ قد ارتفعن عن حد الصبا إلى الإدراك أو قربن منه، نشأت تنشأ نشأ، وأنشأها الله تعالى إنشاء، قال: وناشئ ونشأ: جماعة، مثل خادم وخدم. والناشئ: كل ما حدث بالليل وبدا أي ظهر، أو مهموزا بمعنى حدث، فيكون عطف تفسير ج ناشئة قال شيخنا، وهو غريب، لأنه لم يعرف جمع فاعل على فاعلة أو هي أي الناشئة مصدر جاء على فاعلة وهو بمعنى النشو، وهو القيام مثل العافية بمعنى العفو والعاقبة بمعنى العقب والخاتمة بمعنى الختم، قاله أبو منصور في ناشئة الليل. أو الناشئة: أول النهار والليل أي أول ساعاتهما، أو هي أول ساعات الليل فقط، أو هي ما ينشأ في الليل من الطاعات أو هي كل ساعة قامها قائم بالليل وعن أبي عبيدة: ناشئة الليل: ساعاته، وهي آناء الليل ناشئة بعد ناشئة، وقال الزجاج: ناشئة الليل: ساعات الليل كلها، وما نشأ منه، أي ما حدث، فهو ناشئة، وقال أبو منصور: ناشئة الليل: قيام الليل، وقد تقدم، أو هي القومة بعد النومة أي إذا نمت من أول الليل نومة، ثم قمت، فمنه ناشئة الليل كالنشيئة على فعيلة. والنشء بسكون الشين: صغار الإبل، حكاه كراع ج نشأ محركة، قال شيخنا: وهو أيضا من غرائب الجموع، والنشء: السحاب المرتفع من نشأ: ارتفع أو أول ما ينشأ منه ويرتفع كالنشيء على فعيل، وقيل: النشء: أن ترى السحاب كالملاءة المنشورة، ولهذا السحاب نشء حسن، يعني أول ظهوره، وعن الأصمعي: خرج السحاب له نشء حسن، وذلك أول ما ينشأ، وأنشد:

إذا هم بالإقلاع همت به الصبا        فعاقب نشء بعدها وخـروج

صفحة : 242

وفي الحديث إذا نشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة وفي حديث آخر كان إذا رأى ناشئا في أفق السماء أي سحابا لم يتكامل اجتماعه واصطحابه، ومنه: نشأ الصبي ينشأ فهو ناشئ، إذا كبر وشب ولم يتكامل، أي فيكون مجازا. والنشء: ريح الخمر، حكاه ابن الأعرابي. وأنشأ فلان يحكي حديثا، أي جعل يحكيه، وهو من أفعال الشروع. وأنشأ يفعل كذا، ويقول كذا: ابتدأ وأقبل، وأنشأ منه: خرج، يقال من أين أنشأت، أي خرجت وأنشأت الناقة وهي منشئ: لقحت، لغة هذلية، رواها أبو زيد، وأنشأ دارا: بدأ بناءها وقال ابن جني، في تأدية الأمثال على ما وضعت عليه: يؤدى ذلك في كل موضع على صورته التي أنشئ في مبدئه عليها، فاستعمل الإنشاء في العرض الذي هو الكلام. وأنشأ الله تعالى السحاب: رفعه، في التنزيل وينشئ السحاب الثقال وأنشأ فلان الحديث: وضعه. وقال الليث: أنشأ فلان حديثا، أي ابتدأ حديثا ورفعه، وأنشأ فلان: أقبل، وأنشد قول الراجز:

مكان من أنشا على الركائب أراد أنشأ، فلم يستقم له الشعر فأبدل، وعن ابن الأعرابي: أنشأ، إذا أنشد شعرا أو خطب بخطبة فأحسن فيهما، وأنشأه الله: خلقه، ونشأه.وأنشأ الله الخلق، أي ابتدأ خلقهم. وقال الزجاج في قوله تعالى وهو الذي أنشأ جنات معروشات أي ابتدعها وابتدأ خلقها. والنشيئة هو أول ما يعمل من الحوض. يقال: هو بادي النشيئة، إذا جف عنه الماء وظهرت أرضه، قال ذو الرمة:

هرقناه في بادي النشيئة داثر     قديم بعهد الماء بقع نصائبه

الضمير للماء، والمراد ببادي النشيئة الحوض والنصائب: ما نصب حوله حجارة تنصب، والنصائب يأتي ذكره والنشيئة: الرطب من الطريفة فإذا يبس فهو طريفة والنشيئة: نبت النصي كغني والصليان بكسر الصاد المهملة واللام وتشديد الياء ذكره المصنف في المعتل، قال ابن منظور: والقولان مقتربان، وعن أبي حنيفة. النشيئة التفرة إذا غلظت قليلا وارتفعت وهي رطبة، وقال مرة: أو النشيئة: ما نهض من كل نبات، ولكنه لم يغلظ بعد كما في المحكم كالنشأة في الكل، وأنشد أبو حنيفة لابن مياد في وصف حمير وحش:

أرنات صفر المناخر والأش     داق يخضدن نشأة اليعضيد

والنشيئة: الحجر الذي يجعل في أسفل الحوض، ونشيئة البئر: ترابها المخرج منها، ونشيئة الحوض: ما وراء النصائب من التراب، وقيل: هي أعضاد الحوض، والنصائب: ما نصب حول الحوض لسد ما بينها من الخصاص بالمدرة المعجونة، واحدها نصيبة. وروى ابن السكيت عن أبي عمرو: تنشأ فلان لحاجته: نهض فيها ومشى، وأنشد:

فلما أن تنشأ قـام خـرق      من الفتيان مختلق هضوم

صفحة : 243

قال ابن الأعرابي: وسمعت غير واحد من الأعراب يقول: تنشأ فلان غاديا، إذا ذهب لحاجته. واستنشأ الأخبار: تتبعها وبحث عنها وتطلبها. وفي الأساس: استنشأته قصيدة فأنشأها لي، واستنشأ العلم: رفعه والمستنشئة في حديث عائشة رضي الله عنها أنه خطبها ودخل عليها مستنشئة من مولدات قريش. قال ابن الأثير: هي اسم تلك الكاهنة، وقال غيره: هي الكاهنة، سميت بذلك لأنها تستنشئ الأخبار، أي تبحث عنها، من قولك: رجل نشآن للخبر. ومستنشية تهمز ولا تهمز، وفي خطبة المحكم: ومما يهمز مما ليس أصله الهمز من جهة الاشتقاق قولهم للذئب: يستنشئ الريح، وإنما هو من النشوة. وقال ابن منظور: من نشيت الريح إذا شممتها. والاستنشاء يهمز ولا يهمز، وقيل هو من الإنشاء: الابتداء. والكاهنة تستحدث الأمور وتجدد الأخبار، ويقال: من أين نشيت هذا الخبر بالكسر من غير همز، أي من أين علمته، وقال الأزهري مستنشئة: اسم علم لتلك الكاهنة التي دخلت عليها، ولا ينون للتعريف والتأنيث. والمنشأ والمستنشأ من أنشأ العلم في المفازة والشارع واستنشأه: المرفوع المحدد من الأعلام والصوى وهو في الأساس، وبه فسر قول الشماخ:

عليها الدجى مستنشآت كأنهـا     هوادج مشدود عليها الجزائز

وقال الزجاج في قوله تعالى وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام هي السفن المرفوعة الشرع والقلوع وإذا لم يرفع قلعها فليست بمنشآت، وقرئ المنشئآت، أي الرافعات الشرع. وقال الفراء: من قرأ المنشئات فهن، اللاتي يقبلن ويدبرن، ويقال: المنشئآت: المبتدئات في الجري، قال: والمنشآت: أقبل بهن وأدبر. ومما يستدرك عليه: نشوءة: جبل حجازي، نقله ياقوت.

ن ص أ
نصأه كمنعه، أهمله الجوهري، وقال الفراء: أي أخذ بناصيته لغة في نصاه المعتل، وبهذا سقط ما قال شيخنا: تعقبوه بأن الناصية معتلة، فكيف يذكر في المهموز? ولذا لم يذكره الجوهري وغيره، فتأمل. ونصأ البعير ينصؤه نصأ إذا زجره ونصأ الشيء بالهمز نصأ رفعه لغة في نصصت، عن الكسائي وأبي عمرو. قال طرفة:

أمون كألواح الإران نصأتها    على لاحب كأنه ظهر برجد

وفي بعض النسخ: دفعه، بناء على أنه معطوف على زجره، والأول هو الصواب.

ن ف أ
النفأ، كصرد هي القطع المتفرقة من النبت هنا وهنا أو رياض مجتمعة تنقطع من معظم الكلإ وتربي عليه، قال الأسود بن يعفر:

جادت سواريه وآزر نبته      نفأ من الصفراء والزباد

ورواه ابن بري: من القراص والزباد، هما نبتان من العشب واحدته نفأة كصبرة. ونفء كنفع: ع نقله الصاغاني ولم يعينه.

ن ك أ
النكأة، محركة والنكأة كهمزة لغة في نكعة الطرثوث والنكعة بفتح فسكون، نبت يشبه الطرثوث، وقيل زهرة حمراء في رأسها وسيأتي، ونكأ القرحة، كمنع ينكؤها نكأ: قشرها مطلقا، أو قشرها قبل أن تبرأ فنديت بالكسر، قال متمم بن نويرة:

قعيدك أن لا تسمعيني ملامة    ولا تنكئي قرح الفؤاد فييجعا

صفحة : 244

ونقل شيخنا عن ابن درستويه: بعد البرء، قال: وهو غير صواب، كما قاله اللبلي وغيره من شراح الفصيح، والذي قاله المصنف حكاه صاحب الموعب، وأبو حاتم في تقويم المفسد، عن الأصمعي، وفي الأساس: فانتكأت بعد البرء. ونكأ العدو بالهمز، لغة في نكاهم معتلا، والذي في الفصيح: نكأ القرحة، مهموز، ونكا العدو، معتل، بل قال المطرز: نكيت العدو بالياء لا غير، وقال غيره: نكأت القرحة، بالهمز لاعيد ونسب لابن درستويه ترك الهمزة للعامة وفي التهذيب: نكأت في العدو نكاية، وقال ابن السكيت في باب الحروف التي تهمز فيكون لها معنى ولا تهمز فيكون لها معنى آخر: نكأت القرحة أنكؤها إذا قرفتها، وقد نكيت في العدو أنكي نكاية، أي هزمته وغلبته فنكي كفرح ينكى نكى ومن هنا أخذ الملا علي في ناموسه. وعن ابن شميل: نكأ فلانا حقه وزكأه، نكأ وزكأ، أي قضاه إياه، وازدكأ منه حقه وانتكأه: أخذه وقبضه، ويقال: هو زكأة نكأة كهمزة فيهما: يقضي ما عليه من الحق ولا يمطل رب الدين. وبقي على المصنف: قولهم: هنيت ولا تنكأ، أي هناك الله بما نلت ولا أصابك بوجع. ويقال: لا تنكه، مثل أراق وهراق. وفي التهذيب: أي أصبت خيرا ولا أصابك الضر. يدعو له. وقال أبو الهيثم: يقال في هذا المثل: لا تنكه ولا تنكه جميعا، فمن قال لا تنكه، فالأصل لا تنك، بغير هاء، فإذا وقفت على الكاف اجتمع ساكنان فحرك الكاف وزيدت الهاء يسكتون عليها، قال: وقولهم: هنيت، أي ظفرت، بمعنى الدعاء، وقولهم: لا تنك، أي لا نكيت أي لا جعلك الله منكيا منهزما مغلوبا، كذا في لسان العرب.

ن م أ
النمأ والنمء كجبل وحبل أهمله الجوهري، قال ابن الأعرابي: هو بالتحريك مهموزا مقصورا صغار القمل، واللغة الثانية حكاها كراع في المجرد، وهي قليلة.

ن ه أ
نهئ اللحم كسمع ونهؤ مثل كرم ينهأ وينهؤ نهأ بفتح فسكون ونهأ محركة ونهاءة ممدود على فعالة ونهوأة بالضم على فعولة ونهوءا كقبول ونهاوة، وهذه أي الأخيرة شاذة، فهو نهئ على فعيل أي لم ينضج وهو بين النهوء، ممدود مهموز، وبين النيوء مثل النيوع وأنهأه هو إنهاء، فهو منهأ إذا لم ينضجه، وقال ابن فارس: هذا عندنا في الأصل أنياه، من النيء فقلبت الياء هاء وأنهأ الأمر: لم يبرمه. وشرب فلان حتى نهأ كمنع أي امتلأ. وفي المثل ما أبالي ما نهئ من ضبك ولا ما نضج أي ما يؤثر في ما أصابك من خير أو شر. وعن ابن الأعرابي: الناهئ: الشبعان الريان.

ن و أ
ناء بحمله ينوء نوأ وتنواء بفتح المثناة الفوقية ممدود على القياس: نهض مطلقا وقيل: نهض بجهد ومشقة قال الحارثي:

فقلنا لهم تلكم إذا بعـد كـرة    تغادر صرعى نوؤها متخاذل

ويقال: ناء بالحمل إذا نهض به مثقلا، وناء به الحمل إذا أثقله وأماله إلى السقوط كأناءه مثل أناعه، كما يقال: ذهب به وأذهبه بمعنى، والمرأة تنوء بها عجيزتها، أي تثقلها، وهي تنوء بعجيزتها، أي تنهض بها مثقلة. وقال تعالى ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة أي تثقلهم، والمعنى أن مفاتحه تنوء بالعصبة، أي تميلهم من ثقلها، فإذا أدخلت الباء قلت تنوء بهم، وقال الفراء: لتنيء العصبة: تثقلها، وقال:

إني وجدك لا أقضي الغريم وإن     حان القضاء وما رقت له كبدي
إلا عصا أرزن طارت برايتهـا     تنوء ضربتها بالكف والعضـد

صفحة : 245

أي تثقل ضربتها الكف والعضد. وقيل: ناء فلان إذا أثقل فسقط، فهو ضد، صرح به ابن المكرم وغيره، وقد تقدم في س و أ قولهم ما ساءك وناءك بإلقاء الألف لأنه متبع لساءك، كما قالت العرب: أكلت طعاما فهنأني ومرأني، ومعناه إذا أفرد: أمرأني. فحذف منه الألف لما أتبع ما ليس فيه الألف، ومعناه ما ساءك وأناءك. وقالوا: له عندي ما ساءه وناءه. أي أثقله، وما يسوءه وما ينوءه، وإنما قال ناءه وهو لا يتعدى لأجل ساءه، وليزدوج الكلام، كذا في لسان العرب. والنوء: النجم إذا مال للغروب وفي بعض النسخ: للمغيب ج أنواء ونوآن مثل عبد وعبدان وبطن وبطنان، قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:

ويثرب تعلم أنا بـهـا     إذا أقحط الغيث نوآنها

أو هو سقوط النجم من المنازل في المغرب مع الفجر وطلوع رقيبه وهو نجم آخر يقابله من ساعته في المشرق في كل ليلة إلى ثلاثة عشر يوما، وهكذا كل نجم منها إلى انقضاء السنة ما خلا الجبهة فإن لها أربعة عشر يوما، فتنقضي جميعها مع انقضاء السنة، وفي لسان العرب: وإنما سمي نوءا لأنه إذا سقط الغارب ناء الطالع، وذلك الطلوع هو النوء، وبعضهم يجعل النوء هو السقوط، كأنه من الأضداد، قال أبو عبيد: ولم يسمع في النوء أنه السقوط إلا في هذا الموضع، وكانت العرب تضيف الأمطار والرياح والحر والبرد إلى الساقط منها. وقال الأصمعي: إلى الطالع منها في سلطانه، فتقول: مطرنا بنوء كذا، وقال أبو حنيفة: نوء النجم: هو أول سقوط يدركه بالغداة إذا همت الكواكب بالمصوح، وذلك في بياض الفجر المستطير. وفي التهذيب: ناء النجم ينوء نوءا، إذا سقط. وقال أبو عبيد: الأنواء ثمانية وعشرون نجما، واحدها نوء، وقد ناء الطالع بالمشرق ينوء نوءا، أي نهض وطلع، وذلك النهوض هو النوء، فسمي النجم به، وكذلك كل ناهض بثقل وإبطاء فإنه ينوء عند نهوضه، وقد يكون النوء السقوط، قال ذو الرمة:

تنوء بأخراها فـلأيا قـيامـهـا     وتمشي الهوينى عن قريب فتبهر أخراها:

عجيزتها تنيئها إلى الأرض لضخمها وكثرة لحمها في أردافها. وقد ناء النجم نوءا واستناء واستنأى الأخيرة على القلب قال:

يجر ويستنئي نشاصـا كـأنـه        بغيقة لما جلجل الصوت حالب

صفحة : 246

قال أبو حنيفة: استناءوا الوسمي: نظروا إليه، وأصله من النوء، فقدم الهمزة. وفي لسان العرب: قال شمر: ولا تستنيء العرب بالنجوم كلها، إنما يذكر بالأنواء بعضها، وهي معروفة في أشعارهم وكلامهم، وكان ابن الأعرابي يقول: لا يكون نوء حتى يكون معه مطر، وإلا فلا نوء. قال أبو منصور: أول المطر الوسمي، وأنواؤه العرقوتان المؤخرتان، هما الفرغ المؤخر، ثم الشرط، ثم الثريا، ثم الشتوي، وأنواؤه الجوزاء، ثم الذراعان ونثرتهما، ثم الجبهة، وهي آخر الشتوي وأول الدفئي والصيفي، ثم الصيفي، وأنواؤه السماكان الأعزل والرقيب، وما بين السماكين صيف، وهو نحو أربعين يوما ثم الحميم، وليس له نوء، ثم الخريفي وأنواؤه النسران، ثم الأخضر، ثم عرقوتا الدلو الأوليان، وهما الفرغ المقدم، قال: وكل مطر من الوسمي إلى الدفئي ربيع. وفي الحديث من قال سقينا بالنجم فقد آمن بالنجم وكفر بالله قال الزجاج: فمن قال مطرنا بنوء كذا وأراد الوقت ولم يقصد إلى فعل النجم فذلك - والله أعلم - جائز كما جاء عن عمر رضي الله عنه أنه استسقى بالمصلى ثم نادى العباس: كم بقي من نوء الثريا? فقال: إن العلماء بها يزعمون أنها تعترض في الأفق سبعا بعد وقوعها. فوالله ما مضت تلك السبع حتى غيث الناس. فإنما أراد عمر: كم بقي من الوقت الذي جرت به العادة أنه إذا تم أتى الله بالمطر? قال ابن الأثير: أما من جعل المطر من فعل الله تعالى وأراد بقوله مطرنا بنوء كذا، أي في وقت كذا وهو هذا النوء الفلاني، فإن ذلك جائز، أي أن الله تعالى قد أجرى العادة أن يأتي المطر في هذه الأوقات. ومثل ذلك روي عن أبي منصور. وفي بعض نسخ الإصلاح لابن السكيت: ما بالبادية أنوأ منه، أي أعلم بالأنواء منه ولا فعل له. وهذا أحد ما جاء من هذا الضرب من غير أن يكون له فعل وإنما هو كأحنك الشاتين وأحنك البعيرين، على الشذوذ، أي من بابهما، أي أعظمهما حنكا. ووجه الشذوذ أن شرط أفعل التفضيل أن لا يبنى إلا من فعل وقد ذكر ابن هشام له نظائر، قاله شيخنا. وناء بصدره: نهض. وناء إذا بعد، كنأى، مقلوب منه، صرح به كثيرون، أو لغة فيه، أنشد يعقوب:

أقول وقد ناءت بهم غربة النوى      نوى خيتعور لا تشـط ديارك

وقال ابن بري: وقرأ ابن عامر أعرض وناء بجانبه على القلب، وأنشد هذا البيت، واستشهد الجوهري في هذا الموضع بقول سهم بن حنظلة:

من إن رآك غنيا لان جانبه         وإن رآك فقيرا ناء واغتربا

قال ابن المكرم: ورأيت بخط الشيخ الصلاح المحدث رحمه الله أن الذي أنشده الأصمعي ليس على هذه الصورة، وإنما هو:

إذا افتقرت نأى واشتد جانبه         وإن رآك غنيا لان واقتربا

وناء الشيء واللحم يناء أي كيخاف، والذي في النهاية والصحاح والمصباح ولسان العرب ينيء مثل يبيع، نيئا مثل بيع فهو نيء بالكسر مثل نيع بين النيوء بوزن النيوع والنيوأة وكذلك نهئ اللحم وهو بين النهوء أي لم ينضج أو لم تمسه نار، كذا قاله ابن المكرم، هذا هو الأصل، وقيل إنها يائية أي يترك الهمز ويقلب ياء، فيقال ني مشددا، قال أبو ذؤيب:

عقار كماء الني ليست بخمطة       ولا خلة يكوي الشروب شهابها

صفحة : 247

شهابها: نارها وحدتها وذكرها هنا وهم للجوهري قال شيخنا: لا وهم للجوهري، لأنه صرح عياض وابن الأثير والفيومي وابن القطاع وغيرهم بأن اللام همزة، وجزموا به ولم يذكروا غيره، ومثله في عامة المصنفات، وإن أريد أنه يائية العين فلا وهم أيضا لأنه إنما ذكره بعد الفراغ من مادة الواو. قلت: وهو صنيع ابن المكرم في لسان العرب. واستناءه: طلب نوأه كما يقال سام برقه أي عطاءه، وقال أبو منصور: الذي يطلب رفده، ومنه المستناء بمعنى المستعطى الذي يطلب عطاؤه، قال ابن أحمر:

الفاضل العادل الهادي نقيبتـه       والمستناء إذا ما يقحط المطر

وناوأه مناوأة ونواء ككتاب: فاخره وعاداه يقال: إذا ناوأت الرجال فاصبر، وربما لم يهمز وأصله الهمز، لأنه من ناء إليك ونؤت إليه، أي نهض إليك ونهضت إليه، قال الشاعر:

إذا أنت ناوأت الرجال فلم تنـؤ     بقرنين غرتك القرون الكوامل
ولا يستوي قرن النطاح الذي به     تنوء وقرن كلما نـؤت مـائل

والنواء والمناوأة: المعاداة، وفي الحديث في الخيل ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء لأهل الإسلام أي معاداة لهم، وفي حديث آخر: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على من ناوأهم أي ناهضهم وعاداهم، ونقل شيخنا عن النهاية أنه من النوى، بالقصر، وهو البعد، وحكى عياض فيه الفتح والقصر، والمعروف أنه مهموز، وعليه اقتصر أبو العباس في الفصيح وغيره ونقل أيضا عن ابن درستويه أنه خطأ من فسر ناويت بعاديت، وقال: إنما معناه مانعت وغالبت وطالبت، ومنه قيل للجارية الممتلئة اللحيمة إذا نهضت قد ناءت وأجاب عنه شيخنا بما هو مذكور في الشرح. والنوء: النبات، يقال: جف النوء، أي البقل، نقله ابن قتيبة في مشكل القرآن، وقال: هو مستعار، لأنه من النوء يكون.

ن ي أ
نيأ الرجل الأمر، أهمله، الجوهري هنا، وقال الصاغاني: أي لم يحكمه. وأنيأ اللحم: لم ينضجه نقله ابن فارس، قال: والأصل فيه أناء اللحم ينيئه إناءة، إذا لم ينضجه ولحم نيء كنيع بين النيوء والنيوأة بالضم فيهما: لم تمسه النار، وفي الحديث: نهى عن أكل اللحم النيء، هو الذي لم يطبخ، أو طبخ أدنى طبخ ولم ينضج، والعرب تقول: لحم ني، فيحذفون الهمز، وأصله الهمز، والعرب تقول للبن المحض ني، فإذا حمض فهو نضيج، وأنشد الأصمعي:

إذا ما شئت باكرني غلام      بزق فيه ني أو نضـيج

أراد بالني خمرا لم تمسها النار، وبالنضيج المطبوخ، وقال شمر: الني من اللبن ساعة يحلب قبل أن يجعل في السقاء، وناء اللحم ينيء نوءا ونيا، لم يهمز نيا، فإذا قالوا الني بفتح النون، فهو الشحم دون اللحم، قال الهذلي:

فظلت وظل أصحابي لديهم     غريض اللحم ني أو نضيج

وذكره في تركيب ن و أ، وهم للجوهري وهو كذلك، إلا أن الجوهري لم يذكره إلا في مادة نيأ بعد ذكر، ن و أ، وتبعه في ذلك صاحب اللسان وغيره من الأئمة، فلا أدري من أين جاء للمصنف حتى نسبه إلى ما ليس هو فيه، فتأمل، ثم رأيت في بعض النسخ إسقاط قوله - للجوهري - فيكون المعنى وهم ممن ذكره فيه تبعا لشمر وغيره.