الباب الأول: باب الهمزة - الفصل الرابع والعشرون: فصل الواو مع الهمزة

فصل الواو مع الهمزة

و أ و أ
الوأواء بالفتح كدحداح أهمله الجوهري وصاحب اللسان، وقال أبو عمرو: هو صياح ابن آوى، حيوان معروف. وفي الأساس: وأوأ الكلب: صاح، تقول: ما سمعت إلا وعوعة الذئاب ووأوأة الكلاب، وقد عرف به أنه لا اختصاص فيه لابن آوى، كما يفيده ظاهر سياق المصنف تبعا لأبي عمرو.

و ب أ

صفحة : 248

الوبأ محركة بالقصر والمد والهمزة، يهمز ولا يهمز: الطاعون. قال ابن النفيس: الوباء: فساد يعرض لجوهر الهواء لأسباب سماوية أو أرضية، كالماء الآسن والجيف الكثيرة، كما في الملاحم، ونقل شيخنا عن الحكيم داؤود الأنطاكي رحمه الله تعالى أن الوباء حقيقة تغير الهواء بالعوارض العلوية، كاجتماع كواكب ذات أشعة والسفلية كالملاحم وانفتاح القبور وصعود الأبخرة الفاسدة، وأسبابه مع ما ذكر تغير فصول الزمان والعناصر وانقلاب الكائنات، وذكروا له علامات، منها الحمى والجدري والنزلات والحكة والأورام وغير ذلك، ثم قال: وعبارة النزهة تقتضي أن الطاعون نوع من أنواع الوباء وفرد من أفراده، وعليه الأطباء، والذي عليه المحققون من الفقهاء والمحدثين أنهما متباينان، فالوباء: وخم يغير الهواء فتكثر بسببه الأمراض في الناس، والطاعون هو الضرب الذي يصيب الإنس من الجن، وأيدوه بما في الحديث أنه وخز أعدائكم من الجن أو كل مرض عام، حكاه القزاز في جامعه، وفي الحديث إن هذا الوبأ رجز ج أي المقصور المهموز أو باء كسبب وأسباب ويمد مع الهمز وحينئذ ج أوبية كهواء وأهوية، ونقل شيخنا عن بعضهم أن المقصور بلا همز يجمع على أوبية، والمهموز على أوباء، قال: هذه التفرقة غير مسموعة سماعا ولا جارية على القياس. قلت: هو كما قال. وفي شرح الموطإ: الوباء، بالمد: سرعة الموت وكثرته في الناس. وقد وبئت الأرض كفرح تيبأ بالكسر، وتيبأ بالفتح وتوبأ بالواو وبأ محركة، و وبؤ ككرم وباء ووباءة بالمد فيهما وأباء وأباءة، على البدل، و وبئ بالمبني للمفعول كعني وبأ على فعل وأوبأت، وسياقه هذا لا يخلو من قلق ما، فإن الذي في لسان العرب وغيره من كتب اللغة أن وبئت الأرض كفرح توبأ، بالواو على الأصل، وبأ محركة، ووبؤت ككرم وباء ووباءة بالمد فيهما، وأباء وأباءة، على البدل والمد فيهما، وأوبأت إيباء ووبئت كعني تيبأ، أي بقلب الواو ياء، فلزم كسر علامة المضارعة لمناسبة الياء، وباء بالمد. ونقل شيخنا عن أبي زيد في كتاب الهمز له: وبئت بالكسر في الماضي مع الهمز لغة القشيريين، قال: وفي المستقبل تيبأ، بكسر التاء مع الهمز أيضا، وحكى صاحب الموعب وصاحب الجامع: وبيت، بالكسر بغير همز تبيا وتوبا، بفتح التاء فيهما وبالواو من غير همز. انتهى. وهي أي الأرض وبئة على فعلة ووبيئة على فعيلة وموبوءة ذكره ابن منظور، وموبئة كمحسنة أي كثيرته أي الوباء، والاسم منه البئة كعدة. واستوبأت الماء والبلد وتوبأته: استوخمته، وهو ماء وبيء على فعيل، وفي حديث عبد الرحمن بن عوف وإن جرعة شروب أنفع من عذب موب ، أي مورث للوباء. قال ابن الأثير: هكذا روي بغير همز، وإنما ترك الهمز ليوازن به الحرف الذي قبله وهو الشروب، وهذا مثل ضربه لرجلين: أحدهما أرفع وأضر، والآخر أدون وأنفع. وفي حديث علي أمر منها جانب فأوبأ أي صار وبيئا. واستوبأها أي استوخمها ووجدها وبيئة. والباطل وبيء لا تحمد عاقبته، وعن ابن الأعرابي: الوبيء: العليل. ووبأه يوبؤه. قال شيخنا: هذا مخالف للقياس ولقاعدة المصنف، لأن قاعدته تقتضي أن يكون مثل ضرب، حيث أتبع الماضي بالآتي، وليس ذلك بمراده هنا ولا صحيح في نفس الأمر، والقياس يقتضي حذف الواو، لأنه إنما فتح لمكان حرف الحلق، فحقه أن يكون كوهب، وكلامه ينافي الأمرين، كما هو ظاهر، انتهى وقد سقط من بعض النسخ ذكر يوبؤه، فعلى هذا لا إشكال. ووبأه بمعنى المتاع وعبأه بمعنى واحد، وقد تقدم كوبأه مضعفا. ووبأ إليه: أشار كأوبأ لغة في ومأ وأومأ،

صفحة : 249

بالميم، أو الإيباء هو الإشارة بالأصابع من أمامك ليقبل، والإيماء بالميم: هو الإشارة بالأصابع من خلفك ليتأخر، وهذا الفرق الذي ذكره مخالف لما نقله أئمة اللغة. ففي لسان العرب: وبأ إليه وأوبأ، لغة في ومأت وأومأت إذا أشرت، وقيل: الإيماء: أن يكون أمامك فتشير إليه بيدك وتقبل بأصابعك نحو راحتك تأمره بالإقبال إليك، وهو أومأت إليه، والإيباء: أن يكون خلفك فتفتح أصابعك إلى ظهر يدك، تأمره بالتأخر عنك، وهو أوبأت، قال الفرزدق: أو الإيباء هو الإشارة بالأصابع من أمامك ليقبل، والإيماء بالميم: هو الإشارة بالأصابع من خلفك ليتأخر، وهذا الفرق الذي ذكره مخالف لما نقله أئمة اللغة. ففي لسان العرب: وبأ إليه وأوبأ، لغة في ومأت وأومأت إذا أشرت، وقيل: الإيماء: أن يكون أمامك فتشير إليه بيدك وتقبل بأصابعك نحو راحتك تأمره بالإقبال إليك، وهو أومأت إليه، والإيباء: أن يكون خلفك فتفتح أصابعك إلى ظهر يدك، تأمره بالتأخر عنك، وهو أوبأت، قال الفرزدق:

ترى الناس إن سرنا يسيرون خلفنا     وإن نحن وبأنا إلى الناس وقفوا

وروي أوبأنا، ونقل شيخنا هذا الفرق عن كراع في المجرد، وابن جني وابن هشام اللخمي وأبي جعفر اللبلي في شرح الفصيح، ومثله عن ابن القطاع، قال: وفي القاموس سبق قلم، لمخالفته الجمهور، واعترض عليه كثير من الأئمة، وأشار إليه المناوي في شرحه. قلت: وقال ابن سيده: وأرى ثعلبا حكى وبأت بالتخفيف. قال: ولست منه على ثقة. وقال ابن بزرج: أومأت بالحاجبين والعينين، وأوبأت باليدين والثوب والرأس. وأوبئ الفصيل: سنق أي بشم لامتلائه. والموبئ كمحسن: القليل من الماء والمنقطع منه، وماء لا يوبئ مثل لا يؤبي، وكذلك المرعى، وركية لا تؤبي أي لا تنقطع. ووبأت ناقتي إليه تبأ، أي بحذف الواو وبالفتح، لمكان حرف الحلق، أي حنت إليه نقله الصاغاني.

و ت أ
وتأ في مشيته يتأ، كان في أصله يوتأ، وتأ، وقد أهمله الجوهري والصاغاني وصاحب اللسان، أي تثاقل كبرا أو خلقا بالضم. ومما يستدرك عليه: واتأه على الأمر مواتأة ووتاء: طاوعه.

و ث أ

صفحة : 250

الوثء بالفتح والوثاءة بالمد: وصم يصيب اللحم ولكن لا يبلغ العظم فيرم، وعليه اقتصر الجوهري، أو هو توجع في العظم بلا كسر، وعليه اقتصر ابن القوطية وابن القطاع، أو هو الفك، وهو انفراج المفاصل وتزلزلها وخروج بعضها عن بعض، وهو في اليد دون الكسر، وعليه اقتصر بعض أهل الغريب، وقال أبو منصور: الوثء: شبه الفسخ في المفصل، ويكون في اللحم كالكسر في العظم، وقال ابن الأعرابي: من دعائهم اللهم ثأ يده. والوثء: كسر اللحم لا كسر العظم. قال الليث: إذا أصاب العظم وصم لا يبلغ الكسر قيل: أصابه وثء ووثأة مقصور، والوثء: الضرب حتى يرهص الجلد واللحم ويصل الضرب إلى العظم من غير أن ينكسر. وثئت يده كفرح حكاها ابن القطاع وغيره، وأنكره بعضهم، كذا قاله شيخنا. وقال أبو زيد: وثأت يد الرجل تثأ وثأ، ووثئت وثأ، ووثأ محركة فهي وثئة كفرحة ووثئت كعني وهو الذي اقتصر عليه ثعلب والجوهري، وهي اللغة الفصيحة فهي موثوأة ووثيئة على فعيلة ووثأتها متعديا بنفسه وأوثأتها بالهمز، قال اللحياني: قيل لابن الجراح: كيف أصبحت? قال: أصبحت مرثوءا، وفسره فقال: كأنه أصابه وثء، من قولهم: وثئت يده، قال الجوهري: وبه وثء، ولا تقل وثي أي بالياء، كما تقوله العامة، قال شيخنا: وقولهم: وقد لا يهمز ويترك همزه، أي يحذف ويستعمل استعمال يد ودم. قال صاحب المبرز عن الأصمعي: أصابه وثء، فإن خففت قلت وث، ولا يقال وثي، ولا وثو، ثم قال: وقد أغفل المصنف من لغة الفعل وثؤ ككرم، نقلها اللبلي في شرح الفصيح عن الصولي. ومن المصادر الوثوء، كالجلوس، والوثأة كضربة، عن صاحب الواعي، انتهى. ووثأ اللحم كوضع يثؤه: أماته، ومنه: هذه ضربة قد وثأت اللحم أي رهصته. وفي الأساس: ومن المجاز: وثأ الوتد: شعثه، والميثأة: الميتدة.

و ج أ

صفحة : 251

وجأه باليد والسكين، كوضعه وجأ مقصور: ضربه، ووجأ في عنقه، كذلك، كتوجأه بيده ووجأت عنقه: ضربته. وفي حديث أبي راشد: كنت في منائح أهلي فنزا منها بعير فوجأته بحديدة. يقال: وجأته بالسكين: ضربته بها. وفي حديث أبي هريرة من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم . ووجأ المرأة: جامعها وهو مجاز، كذا في الأساس ووجأ التيس وجأ بالفتح، وفي بعض النسخ: بالقصر، ووجاء ككتاب ووجئ هو، بالضم فهو موجوء ووجيء على فعيل إذا دق عروق خصييه بين حجرين دقا شديدا ولم يخرجهما أي مع سلامتهما أو هو رضهما حتى تنفضخا، فيكون شبيها بالخصاء. وذكر التيس مثال، فمثله غيره من فحول النعم بل وغيرها، والحجر كذلك. وفي اللسان: الوجأ أن ترض أنثيا الفحل رضا شديدا يذهب شهوة الجماع وينزل في قطعه منزلة الخصي. وقيل: هو أن توجأ العروق والخصيتان بحالهما، وقيل: الوجء المصدر والوجاء، الاسم. وفي حديث الصوم إنه له وجاء ممدود. فإن أخرجهما من غير أن يرضهما فهو الخصاء تقول منه: وجأت الكبش. وفي الحديث ضحى بكبشين موجوءين أي خصيين، ومنهم من يرويه موجأين، بوزن مكرمين، وهو خطأ، ومنهم من يرويه موجيين، بغير همز على التخفيف، ويكون من وجيته وجيا فهو موجي، قال أبو زيد: يقال للفحل إذا رضت أنثياه: قد وجئ وجأ، فأراد أنه يقطع النكاح، وروي وجا، كعصا، يريد التعب والحفى وذلك بعيد إلا أن يراد فيه معنى الفتور، لأن من وجئ فتر عن المشي، فشبه الصوم في باب النكاح بالتعب في باب المشي، وفي الحديث:فليأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة، فليجأهن أي فليدقهن. ومنه سميت الوجيئة. وفي الأساس أنه مجاز، وهي أي الوجيئة تمر أو جراد يدق ويلت وفي بعض النسخ: ثم يلت، كما في لسان العرب بسمن أو زيت فيؤكل، وقيل: هي تمر يبل بلبن أو سمن ثم يدق حتى يلتئم. وفي الحديث أنه عاد سعدا فوصف له الوجيئة: التمر يدق حتى يخرج نواه ثم يبل بلبن أو بسمن حتى يتدن ويلزم بعضه بعضا ثم يؤكل، قال كراع: ويقال: الوجية، بغير همز، قال ابن سيده: إن كان هذا على تخفيف الهمز فلا فائدة فيه، لأن هذا مطرد في كل فعيلة كانت لامه همزة، وإن كان وصفا أو بدلا فليس هذا بابه. والوجيئة: البقرة، عن ابن الأعرابي. وماء وجء ووجأ محركة ووجاء بالمد، الأخير عن الفراء، أي لا خير عنده. وأوجأ عنه: دفع ونحى، وأوجأ: جاء في طلب حاجته أو صيد فلم يصبه كأوجى، وسيأتي في المعتل. وأوجأت الركية: كأوجت: انقطع ماؤها أو لم يكن فيها ماء. ووجأها توجيئا: وجدها وجأة. واتجأ التمر من باب الافتعال أي اكتنز وخزن. وفي الأساس: ومن المجاز: وجأ التمر فاتجأ: دقه حتى تلزج.

و د أ
ودأه، كودعه أي سواه، وودأ بهم: غشيهم بالإساءة. والشتم، وفي التهذيب: ودأ الفرس يدأ، بوزن ودع يدع إذا أدلى كودى يدي، عن الكسائي، وقال أبو الهيثم: وهذا وهم، ليس في ودي الفرس إذا أدلى همز. ودأني مثل دعني وزنا ومعنى، نقله الفراء عن بعض بني نبهان من طيئ سماعا، وقيل: إنها لغية. والودأ محركة: الهلاك مهموز مقصور، وقد ودئ، كفرح. وتودأت عليه الأرض أي استوت عليه مثل ما تستوي على الميت، قال الشاعر:

وللأرض كم من صالح قد تودأت     عليه فوارته بلـمـاعة قـفـر

صفحة : 252

أو تهدمت، أو اشتملت، أو تكسرت، وتودأت عليه، وتودأت عنه الأخبار: انقطعت دونه، كودئت بالكسر، وهذه عن الصاغاني، وقيل: تودأت، أي توارت. وتودأ زيد على ماله إذا أخذه وأحرزه، قاله أبو مالك. وقال أبو عمرو: المودأة، كمعظمة: المهلكة والمفازة جاءت على لفظ المفعول به، وأنشد شمر:

كائن قطعنا إليكم من مودأة    كأن أعلامها في آلها القزع

وقال ابن الأعرابي: المودأة: حفرة الميت، والتودئة: الدفن، وأنشد:

لو قد ثويت مودأ لـرهـينة     زلج الجوانب راكد الأحجار

وودأ عليه الأرض توديئا: سواها عليه، قال زهير بن مسعود الضبي يرثي أخاه أبيا:

أأبي إن تصبح رهين مـودإ     زلج الجوانب قعره ملحـود
فلرب مكروب كررت وراءه    فطعنته وبنو أبـيه شـهـود

هكذا أنشده ابن مكرم هنا، وقال الكميت:

إذا ودأتنا الأرض إن هي ودأت     وأفرخ من بيض الأمور مقوبها

ودأتنا الأرض: غيبتنا، يقال: تودأت عليه الأرض فهي مودأة، وهذا كما قيل: أحصن فهو محصن، وأسهب فهو مسهب، وألفج فهو ملفج. وتودأ عليه: أهلكه، وقال ابن شميل: يقال: تودأت عليه الأرض، وهو ذهاب الرجل في أباعد الأرض حتى لا يدرى ما صنع، وقد تودأت عليه إذا مات أيضا وإن مات في أهله، وأنشد:

فما أنا إلا مثل من قد تودأتعليه البلاد غير أن لم أمت بعد وتودأت عليه الأرض: غيبته وذهبت به. وسكت عن ذلك كله شيخنا. ومما يستدرك عليه: برقة وداء، ككتان: موضع، وسيأتي في القاف.

و ذ أ
وذأه، كودعه يذؤه وذأ: عابه وحقره وزجره، فاتذأ هو، أي انزجر، وأنشد أبو زيد لأبي سلمة المحاربي:

ثممت حوائجي ووذأت بشـرا    فبئس معرس الركب السغاب

ثممت: أصلحت، وفي حديث عثمان أنه بينما يخطب ذات يوم فقام رجل فنال منه، ووذأه ابن سلام فاتذأ، فقال له رجل: لا يمنعنك مكان ابن سلام أن تسبه فإنه من شيعته. قال الأموي: يقال: وذأت الرجل إذا زجرته، فاتذأ، أي انزجر، قال أبو عبيد: وذأه، أي زجره، وذمه، قال: وهو في الأصل العيب والحقارة، وقال ساعدة بن جؤية:

أند من القلى وأصون عرضي    ولا أذأ الصديق بمـا أقـول

ووذأت العين عن الشيء: نبت، نقله الصاغاني وابن القطاع. والوذء: المكروه من الكلام شتما كان أو غيره. وقال أبو مالك: من أمثالهم: ما به وذأة ولا ظبظاب، أي لا علة به بالهمز، وقال الأصمعي: ما به وذية، وسيأتي في المعتل إن شاء الله تعالى.

و ر أ

صفحة : 253

ورأه، كودعه: دفعه. وورأ من الطعام: امتلأ منه. ووراء، مثلثة الآخر مبنية، وكذا الوراء معرفة مهموز لا معتل لتصريح سيبويه بأن همزته أصلية لا منقلبة عن ياء، ووهم الجوهري، قال ابن بري: وقد ذكرها الجوهري في المعتل، وجعل همزتها منقلبة عن ياء، قال: وهذا مذهب الكوفيين، وتصغيرها عندهم ورية، بغير همز. قال شيخنا: والمشهور الذي صرح به في العين ومختصره وغيرهما أنه معتل، وصوبه الصرفيون قاطبة، فإذا كان كذلك فلا وهم. قلت: والعجب من المصنف كيف تبعه في المعتل، غير منبه عليه، قال ثعلب: الوراء: الخلف، ولكن إذا كان مما تمر عليه فهو قدام، هكذا حكاه، الوراء، بالألف واللام، ومن كلامه أخذ، وفي التنزيل من ورائه جهنم أي بين يديه، وقال الزجاج: وراء يكون خلف وأمام، ومعناها ما توارى عنك أي ما استتر عنك، ونقل شيخنا عن القاضي في قوله تعالى ويكفرون بما وراءه : وراء في الأصل مصدر جعل ظرفا، ويضاف إلى الفاعل فيراد به ما يتوارى به، وهو خلف، وإلى المفعول، فيراد به ما يواريه، وهو قدام ضد وأنكره الزجاج والآمدي في الموازنة، وقيل: إنه مشترك، أما أمام، فلا يكون إلا قدام أبدا، وقوله تعالى وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا قال ابن عباس: كان أمامهم، قال لبيد:

أليس ورائي إن تراخت منيتـي     لزوم العصا تحنى عليه الأصابع

وعن ابن السكيت: الوراء الخلف، قال: يذكر ويؤنث، وكذا أمام وقدام، ويصغر أمام فيقال: أميم ذلك، وأميمة ذلك، وقديدم ذلك، وقديدمة ذلك، وهو وريئ الحائط ووريئة الحائط. وقال اللحياني: وراء مؤنثة، وإن ذكرت جاز، قال أبو الهيثم: الوراء ممدود: الخلف، ويكون الأمام، وقال الفراء: لا يجوز أن يقال لرجل وراءك هو بين يديك، ولا لرجل بين يديك وراءك، إنما يجوز ذلك في المواقيت من الليالي والأيام والدهر، تقول: وراءك برد شديد، وبين يديك برد شديد، لأنك أنت وراءه، فجاز، لأنه شيء يأتي، فكأنه إذا لحقك صار من ورائك، وكأنه إذا بلغته كان بين يديك، فلذلك جاز الوجهان، من ذلك قوله تعالى وكان وراءهم ملك أي أمامهم، وكان كقوله من ورائه جهنم أي أنها بين يديه، وقال ابن الأعرابي في قوله عز وجل بما وراءه وهو الحق أي بما سواه، والوراء: الخلف، والوراء: القدام، وعند سيبويه تصغيرها وريئة والهمزة عنده أصلية غير منقلبة عن ياء، وهو مذهب البصريين. والوراء: ولد الولد، ففي التنزيل ومن وراء إسحاق يعقوب قاله الشعبي. وما ورئت، بالضم وقد يشدد، والذي في لسان العرب: وما أورئت بالشيء، أي ما شعرت قال:

من حيث زارتني ولم أورأ بها قال: وأما قول لبيد:

تسلب الكانس لم يوأر بهـا     شعبة الساق إذا الظل عقل

قال: وقد روي: لم يورأ بها، قال: وريته، وأورأته، إذا أعلمته، وأصله من ورى الزند، إذا ظهرت نارها، كأن ناقته لم تضئ للظبي الكانس ولم تبن له فيشعر بها لسرعتها حتى انتهت إلى كناسه فند منها جافلا، وقال الشاعر:

دعاني فلم أورأ به فأجبته     فمد بثدي بيننا غير أقطعا

صفحة : 254

أي دعاني ولم أشعر به. وتورأت عليه الأرض مثل تودأت وزنا ومعنى، حكى ذلك عن أبي الفتح ابن جني. ومما يستدرك عليه: نقل عن الأصمعي: استأورت الإبل، إذا ترابعت على نفار واحد. وقال أبو زيد: ذلك إذا نفرت فصعدت الجبل، فإذا كان نفارها في السهل، قيل: استورأت، قال: وهذا كلام بني عقيل. والوراء: الضخم الغليظ الألواح، عن الفارسي.

و ز أ
وزأ اللحم، كودع وزأ: أيبسه وقيل: شواه ووزأ القوم بالرفع والنصب دفع بعضهم يحتمل الرفع والنصب عن بعض في الحرب وغيرها. ووزأ الوعاء توزئة وتوزيئا إذا شد كنزه، ووزأ القربة توزيئا: ملأها، فتوزأت ريا، وكذا وزأت الإناء: ملأته. ووزأت الفرس والناقة به أي براكبها توزئة: صرعته وقد وزأ فلانا: حلفه بكل يمين أو حلفه بيمين مغلظة. وقال أبو العباس: الوزأ، محركة، من الرجال مهموز: هو القصير السمين، أو الشديد الخلق، وأنشد لبعض بني أسد:

يطفن حول وزأ وزواز

و ص أ
وصئ الثوب، كوجل: اتسخ، كما في المحكم، وقرأت في كتاب بغية الآمال لأبي جعفر اللبلي قال في باب المهموز العين واللام: صئئ الثوب كفرح اتسخ، وهو مقلوب.

و ض أ
الوضاءة: الحسن والنظافة والبهجة وقد وضؤ ككرم يوضؤ وضاءة، بالفتح والمد، وعلى هذا الفعل اقتصر الجوهري، وحكى بعضهم وضئ، بالكسر، كفرح، قال اللبلي في شرح الفصيح،: قال ابن عديس ونقلته من خطه، وفعل الرجل من ذلك وضؤ يوضؤ ووضئ يوضئ، بضم الضاد وكسرها، ومثله ذكره ابن الزبيدي في كتاب الهمز، والقزاز في الجامع، قاله شيخنا فهو وضيء على فعيل من قوم أوضياء كتقي وأتقياء إلحاقا له بالمعتل ووضاء بالكسر والمد. وهو وضاء كرمان من قوم وضائين جمع مذكر سالم، قال أبو صدقة الدبيري:

والمرء يلحقه بفتيان النـدى     خلق الكريم وليس بالوضاء

وحكى ابن جني وضاضئ جاءوا بالهمزة في الجمع لما كانت غير منقلبة بل موجودة في وضؤت ووضئت فهي وضيئة، وفي حديث عائشة:لقلما كانت امرأة وضيئة عند رجل يحبها وحكى اللحياني: إنه لوضيء، في فعل الحال، وما هو بواضئ، في المستقبل، أي بوضيء، وقول النابغة:
فهن إضاء صافيات الغلائل

صفحة : 255

يجوز أن يكون أراد وضاء، أي حسان نقاء، فأبدل الهمزة من الواو المكسورة، وسيذكر في موضعه. قال أبو حاتم: وتوضأت للصلاة وضوءا، وتطهرت طهورا ويقال توضأت أتوضأ توضؤا ووضوءا من الوضاءة، وهي الحسن، قال ابن الأثير: وضوء الصلاة معروف، وقد يراد به غسل بعض الأعضاء. وفي الحديث توضؤوا مما غيرت النار أراد به غسل الأيدي والأفواه من الزهومة، وقيل: أراد به وضوء الصلاة، وقيل: معناه نظفوا أبدانكم من الزهومة، وعن قتادة: من غسل يده فقد توضأ. ولا تقل: توضيت بالياء بدل الهمز، قاله غير واحد. وقال الجوهري: وبعضهم يقوله، وهو مراد المصنف من قوله لغية أو لثغة. وتوضأ وضوءا حسنا، وقد توضأ بالماء ووضأ غيره، ونقل شيخنا عن اللبلي: ذكر قاسم عن الحسن أنه قال يوما: توضيت، بالياء، فقيل له: أتلحن يا أبا سعيد? فقال: إنها لغة هذيل وفيهم نشأت. والميضأة بالكسر والقصر، وقد يمد: الموضع الذي يتوضأ فيه عن اللحياني، ومنه نقله الصاغاني، وقال الليث: هي المطهرة، بالكسر، التي يتوضأ منها أو فيها، وقد ذكر الشامي في سيرته القصر والمد، نقل عنه شيخنا. قلت: وقد جاء ذكره في حديث أبي قتادة سحر ليلة التعريس، احفظ عليك ميضأتك فسيكون لها نبأ. والوضوء بالضم الفعل، وبالفتح ماؤه المعد له، وهو مأخوذ من كلام أبي الحسن الأخفش حكى عنه ابن منظور في قوله تعالى وقودها الناس والحجارة فقال: الوقود، بالفتح: الحطب، والوقود، بالضم: الاتقاد، وهو الفعل، قال: ومثل ذلك الوضوء، هو الماء، والوضوء هو الفعل ومصدر أيضا من توضأت للصلاة، مثل الولوع والقبول، وقيل الوضوء بالضم المصدر وحكي عن أبي عمرو بن العلاء القبول بالفتح مصدر لم أسمع غيره. ثم قال الأخفش: أو إنهما لغتان بمعنى واحد كما زعموا قد يجوز أن يعنى بهما المصدر، وقد يجوز أن يعنى بهما الماء، وقيل القبول والولوع مفتوحان وهما مصدران شاذان، وما سواهما من المصادر فمبني على الضم. وفي التهذيب: الوضوء: الماء، والطهور مثله، قال: ولا يقال فيهما بضم الواو والطاء ولا يقال الوضوء والطهور، قال الأصمعي: قلت لأبي عمرو: ما الوضوء? قال: الماء الذي يتوضأ به، قلت: فما الوضوء? بالضم، قال: لا أعرفه. وقال ابن جبلة: سمعت أبا عبيد يقول: لا يجوز الوضوء، إنما هو الوضوء، وقال ثعلب: الوضوء المصدر، والوضوء: ما يتوضأ به. قلت: والفعول في المصادر بالفتح قليل جدا غير خمسة ألفاظ فيما سمعت ذكرها ابن عصفور، وثعلب في الفصيح، وهي الوضوء، والوقود، والطهور، والولوع، والقبول، وزيد العكوف بمعنى الغبار، والسدوس بمعنى الطيلسان، والنسوء بمعنى التأخير، ومن طالع كتابنا كوثري النبع، لفتى جوهري الطبع، فقد ظفر بالمراد. وتوضأ الغلام والجارية: أدركا أي بلغ كل منهما الاحتلام، عن أبي عمرو، وهو مجاز. وواضأه فوضأه يضؤه أي كوضع يضع، وهو من الشواذ، لما تقرر أن أفعال المبالغة كلها كنصر، وشذ خصم فإنه كضرب، كما يأتي، وبعض الحلقيات كهذا على رأي الكسائي وحده، قاله شيخنا، أي فاخره بالوضاءة الحسن والبهجة فغلبه فيها. ومما يستدرك عليه: الوضيء كأمير، لقب عبد الله بن عثمان بن وهب بن عمرو بن صفوان الجمحي، وأبو الوضيء عباد بن نسيب، عن أبي برزة الأسلمي، وأيضا كنية محمد بن الوضيء بن هلال البعلبكي من شيوخ ابن عدي.

و ط أ

صفحة : 256

وطئه، بالكسر، يطؤه وطأ: داسه برجله، ووطئنا العدو بالخيل، أي دسناهم، قال سيبويه: وأما وطئ يطأ فمثل ورم يرم، ولكنهم فتحوا يفعل وأصله الكسر، كما قالوا: قرأ يقرأ، وقرأ بعضهم طه وما أنزلنا عليك القرآن لتشقى بتسكين الهاء، وقالوا: أراد طإ الأرض بقدميك جميعا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع إحدى رجليه في صلاته، قال ابن جني: فالهاء على هذا بدل من همزة طأ، كوطأه مضعفا، قال شيخنا: التضعيف للمبالغة، وأغفله الأكثر، وتوطأه حكاه الجوهري وابن القطاع، وهذا مما جاء فيه فعل وفعل وتفعل. قال الجوهري: ولا يقال توطيت، أي بالياء بدل الهمزة. ووطئ المرأة يطؤها: جامعها قال الجوهري: وطئت الشيء برجلي وطأ، ووطئ الرجل امرأته يطأ، فيهما، سقطت الواو من يطأ، كما سقطت من يسع لتعديهما، لأن فعل يفعل مما اعتل فاؤه لا يكون إلا لازما فلما جاءا من بين أخواتهما متعديين خولف بهما نظائرهما. ووطؤ، ككرم، يوطؤ على القياس في المضموم، يقال: وطؤت الدابة وطأ. ووطؤ الموضع يوطؤ طئة ووطوءة وطاءة أي صار وطيئا سهلا. ووطأته توطئة، وقد وطأها الله. والوطيء من كل شيء: ما سهل ولان، وفراش وطيء: لا يؤذي جنب النائم. وتوطأته بقدمي. واستوطأه أي المركب: وجده وطيئا بين الوطاءة بالفتح ممدود والوطوءة بالضم ممدود، وكلاهما مقيس والطئة بالكسر والطأة بالفتح كالجعة والجعة، وأنشدوا للكميت:

أغشى المكاره أحيانا ويحملني      منه على طأة والدهر ذو نوب

صفحة : 257

أي على حالة لينة وهو مجاز. وقال ابن الأعرابي: دابة وطيء بين الطأة، بالفتح، ونعوذ بالله من طئة الذليل، معناه: من أن يطأني ويحقرني، قاله اللحياني. وأوطأه غيره وأوطأه فرسه أي حمله عليه فوطئه وأوطأت فلانا دابتي حتى وطئها. وأوطأه العشوة بالألف واللام، وأوطأه عشوة من غير اللام بتثليث العين فيهما، أي أركبه على غير هدى من الطريق، يقال: من أوطأك عشوة. والوطأة مثل الضغطة أو الأخذة الشديدة. وفي الأساس: ومن المجاز وطئهم العدو وطأة منكرة. وفي الحديث اللهم اشدد وطأتك على مضر أي خذهم أخذا شديدا. ووطئنا العدو وطأة شديدة، ووطئهم وطأ ثقيلا. قلت: وكان حماد بن سلمة يروي هذا الحديث اللهم اشدد وطدتك على مضر . والوطد: الإثبات والغمز في الأرض. وفي الحديث وإن آخر وطأة وطئها الله بوج والمعنى أن آخر أخذة ووقعة أوقعها الله بالكفار كانت بوج. والوطء في الأصل: الدوس بالقدم، سمي به الغمز والقتل، لأن من يطأ على الشيء برجله فقد استقصى في هلاكه وإهانته. وثبت الله وطأته، وهو في عيش وطيء، وأحب وطاءة العيش. والوطأة: موضع القدم، كالموطإ بالفتح شاذ، والموطئ بالكسر على القياس، وهذه عن الليث، يقال: هذا موطئ قدمك، قال الليث: وكل شيء يكون الفعل منه على فعل يفعل مثل سمع يسمع فإن المفعل منه مفتوح العين، إلا ما كان من بنات الواو على بناء وطئ يطأ. قال في المشوف: وكأن الليث نظر إلى أن الأصل هو الكسر، كما قال سيبويه فيكون كالموعد، لكن هذا أصل مرفوض فلا يعتد به، وإنما يعتبر اللفظ المستعمل، فلذلك كان الفتح هو القياس، انتهى. وفي حديث عبد الله لا يتوضأ من موطإ أي ما يوطأ من الأذى في الطريق، أراد أن لا يعيد الوضوء منه، لا أنهم كانوا لا يغسلونه، ووطأه بالتخفيف: هيأه ودمثه بالتشديد وسهله، الثلاثة بمعنى، كوطأه في الكل، كذا في نسختنا، وفي نسخة شيخنا: كواطأه، من المفاعلة، ولا تقل وطيت، فاتطأ أي تهيأ، وفي الحديث أن جبريل صلى بي العشاء حين غاب الشفق واتطأ العشاء وهو افتعل من وطأته، أراد أن الظلام كمل. وفي الفائق: حين غاب الشفق وائتطى العشاء، قال: وهو من قول بني قيس: لم يأتط الجداد ومعناه: لم يأت حينه وقد ائتطى يأتطي كأتلى يأتلي بمعنى المساعفة الموافقة، وفيه وجه آخر مذكور في لسان العرب. والوطاء، ككتاب هو المشهور الوطاء مثل سحاب حكي عن الكسائي، نسبه إليه خروجا عن العهدة إذ أنكره كثيرون: خلاف الغطاء، والوطء بالفتح والوطاء كسحاب والميطأ على مفعل، قال غيلان الربعي يصف حلبة:

أمسوا فعادوهن نحو الميطا

صفحة : 258

ما انخفض من الأرض بين النشاز بالكسر جمع نشز محركة والأشراف جمع شرف، والمراد بهما الأماكن المرتفعة، وفي بعض النسخ ضبط الإشراف بالكسر، ويقال: هذه أرض مستوية لا رباء فيها ولا وطاء، أي لا صعود فيها ولا انخفاض. وقد وطأها الله تعالى، وفي حديث القدر وآثار موطوءة أي مسلوك عليها بما سبق به القدر من خير أو شر. وواطأه على الأمر مواطأة ووطاء: وافقه، كتواطأه، وتوطأه، وفلان يواطئ اسمه اسمي، وتواطؤوا عليه توافقوا، وقوله تعالى ليواطئوا عدة ما حرم الله هو من واطأت. وتواطأنا عليه وتواطأنا: توافقنا، والمتواطئ: المتوافق، وفي حديث ليلة القدر أرى رؤياكم قد تواطت في العشر الأواخر قال ابن الأثير: هكذا روي بترك الهمز، وهو من المواطأة، وحقيقته كأن كلا منهما وطئ ما وطئه الآخر، وفي الأساس: وكل أحد يخبر برسول الله صلى الله عليه وسلم بغير تواطؤ ونقل شيخنا عن بعض أهل الاشتقاق أن أصل المواطأة أن يطأ الرجل برجله مكان رجل صاحبه، ثم استعمل في كل موافقة. انتهى. قلت: فتكون المواطأة على هذا من المجاز. وفي لسان العرب: ومن ذلك قوله تعالى إن ناشئة الليل هي أشد وطاء بالمد أي مواطأة، قال: وهي المواتاة، أي مواتاة السمع والبصر إياه، وقرئ أشد وطأ أي قياما. وفي التهذيب قرأ أبو عمرو وابن عامر وطاء، بكسر الواو وفتح الطاء والمد والهمز، من المواطأة هي الموافقة وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وحمزة والكسائي: وطأ بفتح الواو ساكنة الطاء مقصورة مهموزة، والأول اختيار أبي حاتم، وروى المنذري عن أبي الهيثم أنه اختارها أيضا. والوطيئة، كسفينة قال ابن الأعرابي: هي الحيسة، وفي الصحاح أنها ضرب من الطعام، أو هي تمر يخرج نواه ويعجن بلبن، وقيل: هي الأقط بالسكر. وفي التهذيب: الوطيئة: طعام للعرب يتخذ من التمر، وهو أن يجعل في برمة ويصب عليه الماء والسمن إن كان، ولا يخلط به أقط، ثم يشرب كما تشرب الحيسة. وقال ابن شميل: الوطيئة: مثل الحيس، تمر وأقط يعجنان بالسمن. وروى عن المفضل: الوطيء والوطيئة: العصيدة الناعمة، فإذا ثخنت فهي النفيتة، فإذا زادت قليلا فهي النفيثة، فإذا زادت فهي اللفيتة، فإذا تعلكت فهي العصيدة، وقيل: الوطيئة شيء كالغرارة أو هي الغرارة يكون فيها القديد والكعك وغيرهما، وفي الحديث فأخرج إلينا ثلاث أكل من وطيئة أي ثلاث قرص من غرارة. وواطأ الشاعر في الشعر، وأوطأ فيه، وأوطأه إيطاء ووطأ، وآطأ على إبدال الألف من الواو وأطأ: كرر القافية لفظا ومعنى مع الاتحاد في التعريف والتنكير، فإن اتفق اللفظ واختلف المعنى فليس بإيط، وكذا لو اختلفا تعريفا وتنكيرا، وقال الأخفش: الإيطاء: رد كلمة قد قفيت بها مرة، نحو قافية على رجل، وأخرى على رجل، في قصيدة، فهذا عيب عند العرب، لا يختلفون فيه، وقد يقولونه مع ذلك، قال النابغة:

أو أضع البيت في سوداء مظلمة    تقيد العير لا يسري بها الساري

ثم قال:

لا يخفض الرز عن أرض ألم بها      ولا يضل على مصباحه الساري

صفحة : 259

قال ابن جني: ووجه استقباح العرب الإيطاء أنه دال عندهم على قلة مادة الشاعر، ونزارة ما عنده حتى اضطر إلى إعادة القافية الواحدة في القصيدة بلفظها ومعناها، فيجري هذا عندهم لما ذكرناه مجرى العي والحصر، وأصله أن يطأ الإنسان في طريقه على أثر وطء قبله، فيعيد الوطء على ذلك الموضع، وكذلك إعادة القافية من هذا، وقال أبو عمرو بن العلاء: الإيطاء ليس بعيب في الشعر عند العرب، وهو إعادة القافية مرتين. وروي عن ابن سلام الجمحي أنه قال: إذا كثر الإيطاء في قصيدة مرات فهو عيب عندهم. والوطأة محركة ككتبة في جمع كاتب والواطئة: المارة والسابلة سموا بذلك لوطئهم الطريق، وفي التهذيب: الوطأة: هم أبناء السبيل من الناس، لأنهم يطؤون الأرض. وفي الحديث أنه قال للخراص احتاطوا لأهل الأموال في النائبة والواطئة يقول: استظهروا لهم في الخرص لما ينوبهم وينزل بهم من الضيفان. واستطأ، كذا في النسخ والصواب اتطأ كافتعل إذا استقام وبلغ نهايته وتهيأ، مطاوع وطأه توطئة. وفي الأساس: ومن المجاز يقال للمضياف: رجل موطأ الأكناف، كمعظم ووطيئها، وتقول: فيه وطاءة الخلق ووضاءة الخلق: سهل الجوانب دمث كريم مضياف ينزل به الأضياف فيقريهم، ورجل وطيء الخلق، على المثل أو رجل يتمكن في ناحيته صاحبه، بالرفع فاعل يتمكن غير مؤذى ولا ناب به موضعه كذا في النهاية، وفي الحديث ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجالس يوم القيامة? أحاسنكم أخلاقا، الموطؤون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون قال ابن الأثير: هذا مثل، وحقيقته من التوطئة، وهي التمهيد والتذليل. وفي حديث عمار أن رجلا وشى به إلى عمر فقال: اللهم إن كان كذب علي فاجعله موطأ العقب يقال: رجل موطأ العقب أي سلطان يتبع ويوطأ عقبه أي كثير الأتباع، دعا عليه بأن يكون سلطانا أو مقدما فيتبعه الناس ويمشون وراءه. وفي الحديث أن رعاء الإبل ورعاء الغنم تفاخروا عنده فأوطؤوهم رعاء الإبل، أي غلبوهم، وقهروهم بالحجة، وأصله أن من صارعته أو قاتلته فصرعته فقد وطئته وأوطأته غيرك. والمعنى جعلوهم يوطؤون قهرا وغلبة. وفي حديث علي كنت أطأ ذكره أي أغطي خبره، وهو كناية عن الإخفاء والستر. وقيل: الواطئة: سقاطة التمر، هي فاعلة بمعنى مفعولة، لأنها تقع فتوطأ بالأقدام، وقيل: هي من الوطايا، جمع وطيئة، تجري مجرى العرية، سميت بذلك لأن صاحبها وطأها لأهلها، أي ذللها ومهدها، فلا تدخل في الخرص. وكان المناسب ذكرها عند ذكر الوطيئة. وهم أي بنو فلان يطؤهم الطريق أي أهله، والمعنى ينزلون بقربه فيطؤهم أهله حكاه سيبويه، فهو من المجاز المرسل، وقال ابن جني: فيه من السعة إخبارك عما لا يصح وطؤه بما يصح وطؤه، فنقول قياسا على هذا: أخذنا على الطريق الواطئ لبني فلان. ومررنا بقوم موطوئين بالطريق، ويا طريق طأ بنا بني فلان أي أدنا إليهم، قال: ووجه التشبيه إخبارك عن الطريق بما تخبر به عن سالكيه، فشبهته بهم، إذ كان المؤدي له، فكأنه هم، وأما التوكيد فلأنك إذا أخبرت عنه بوطئه إياهم كان أبلغ من وطء سالكيه لهم، وذلك أن الطريق مقيم ملازم، وأفعاله مقيمة معه، وثابتة بثباته، وليس كذلك أهل الطريق، لأنهم قد يحضرون فيه، وقد يغيبون عنه، وأفعالهم أيضا حاضرة وقتا، وغائبة آخر، فأين هذا مما أفعاله ثابتة مستمرة? ولما كان هذا كلاما كان الغرض فيه المدح والثناء اختاروا له أقوى اللفظين، لأنه يفيد أقوى

صفحة : 260

المعنيين، كذا في اللسان. قال أبو زيد: ايتطأ الشهر بوزن ايتطع، وذلك قبل النصف بيوم وبعده بيوم. والموطأ: كتاب الإمام مالك إمام دار الهجرة، رضي الله عنه، وأصله الهمز.نيين، كذا في اللسان. قال أبو زيد: ايتطأ الشهر بوزن ايتطع، وذلك قبل النصف بيوم وبعده بيوم. والموطأ: كتاب الإمام مالك إمام دار الهجرة، رضي الله عنه، وأصله الهمز.

و ك أ
توكأ عليه أي الشيء: تحمل واعتمد وهو متوكئ، كأوكأ، وهذه عن نوادر أبي عبيدة. وتوكأت الناقة: أخذها الطلق فصرخت، وقال الليث: تصلقت عند مخاضها. والتكأة، كهمزة: العصا يتكأ عليها في المشي، وفي الصحاح: ما يتكأ عليه ولو غير عصا، كسيف أو قوس، يقال: هو يتوكأ على عصاه ويتكئ. وعن أبي زيد: أتكأت الرجل إتكاء، إذا وسدته حتى يتكئ. وفي الحديث هذا الأبيض المتكئ المرتفق يريد الجالس المتمكن في جلوسه، وفي الحديث التكأة من النعمة والتكأة، كهمزة أيضا: الرجل الكثير الاتكاء والتاء بدل من الواو، وبابها هذا الباب، كما قالوا: تراث وأصله وراث. وأوكأه إيكاء: نصب له متكأ، وأتكأه: إذا حمله على الاتكاء وقرئ وأعتدت لهن متكأ قال الزجاج: هو ما يتكأ عليه لطعام أو شراب أو حديث. وقال المفسرون: أي طعاما، وهو مجاز، ومنه اتكأنا عند زيد أي طعمنا، وقال الأخفش: متكأ هو في معنى مجلس. وفي الأساس: ومن المجاز ضربه فأتكأه وطعنه فأتكأه كأخرجه على أفعله أي ألقاه على هيئة المتكئ، أو أتكأه: ألقاه على جانبه الأيسر. وأتكأ: جعل له متكأ، وإنما قيل للطعام متكأ، لأن القوم إذا قعدوا على الطعام اتكؤوا، وقد نهيت هذه الأمة عن ذلك ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم آكل كما يأكل العبد وفي حديث آخر أما أنا فلا آكل متكئا أي جالسا على هيئة المتمكن المتربع ونحوها من الهيئات المستدعية لكثرة الأكل، لأن المتكئ في العربية كل من استوى قاعدا على وطاء متمكنا بل معنى الحديث كما قال ابن الأثير: كان جلوسه للأكل مقعيا مستوفزا للقيام غير متربع ولا متمكن، كمن يريد الاستكثار منه وليس المراد منه أي في الحديث الميل إلى شق معتمدا عليه كما يظنه عوام الطلبة ومن حمل الاتكاء على الميل إلى أحد الشقين تأوله على مذهب الطب، فإنه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلا، ولا يسيغه هنيئا، وربما تأذى به. ومما يستدرك عليه: واكأ مواكأة ووكاء إذا تحامل على يديه ورفعهما ومدهما في الدعاء. ورجل تكأة، كهمزة: ثقيل.

و م أ
ومأ إليه، كوضع يمأ ومأ: أشار كأومأ، وومأ الأخيرة عن الفراء، أنشد القناني:

فقلنا السلام فاتقت من أميرها    فما كان إلا ومؤها بالحواجب

قال الليث: الإيماء: أن تومئ برأسك أو بيدك كما يومئ المريض برأسه للركوع والسجود، وقد تقول العرب: أومأ برأسه أي قال: لا، قال ذو الرمة:

قياما تذب البق عن نخراتهـا    بنهز كإيماء الرءوس الموانع

وأنشد الأخفش في كتابه الموسوم بالقوافي:

إذا قل مال المرء قل صديقه    وأومت إليه بالعيوب الأصابع

صفحة : 261

أراد أومأت، فخفف تخفيف إبدال وتقدم الكلام في و ب أ والفرق بين الإيباء والإيماء، وتقدم ما يتعلق بهما. ويقال: وقع في وامئة. الوامئة: الداهية قال ابن سيده أراه اسما، لأنه لم يسمع له فعل، وذهب ثوبي فما أدري ما كانت وامئته، أي لا أدري من أخذه، كذا حكاه يعقوب في الجحد ولم يفسره، قال ابن سيده: وعندي أن معناه ما كانت داهيته التي ذهبت به، ويقال أيضا: ما أدري من ألمأ عليه. وهذا تقدم في ل م أ قال ابن المكرم: وهذا قد يتكلم به بغير حرف جحد. وفلان يوامئ فلانا، ويوائمه إما أنهما لغتان عن الفراء أو مقلوبة، نقل من تذكرة أبي علي الفارسي واختاره ابن جني وأنشد ابن شميل:

فأنا الغداة موامئه قال النضر: زعم أبو الخطاب أي معاينه.