الباب الثاني: باب الباء الموحدة - الفصل الأول: فصل الهمزة مع الباء

فصل الهمزة مع الباء

أ ب ب

صفحة : 273

الأب: الكلأ، وهو العشب رطبه ويابسه، وقد مر أو المرعى كما قاله ابن اليزيدي، ونقله الهروي في غريبه، وعليه اقتصر البيضاوي والزمخشري، وقال الزجاج: الأب: جميع الكلإ الذي تعتلفه الماشية، وفي التنزيل العزيز وفاكهة وأبا قال أبو حنيفة: سمى الله تعالى المرعى كله أبا، قال الفراء: الأب ما تأكله الأنعام، وقال مجاهد: الفاكهة: ما أكله الناس، والأب: ما أكلت الأنعام، فالأب من المرعى للدواب كالفاكهة للإنسان، قال الشاعر:

جذمنا قيس ونجد دارنا     ولنا الأب به والمكرع

أو كل ما أنبتت الأرض أي ما أخرجته من النبات، قاله ثعلب، وقال عطاء: كل شيء ينبت على وجه الأرض فهو الأب والخضر من النبات، وقيل التبن، قاله الجلال، أي لأنه تأكله البهائم، هكذا في النسخ، والخضر ككتف، وعليه شرح شيخنا، وهو غلط، والصواب: الخصر، بالصاد المهملة الساكنة، كما قيده الصاغاني، ونسبه لهذيل، وفي حديث أنس، أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنهما، قرأ قوله عز وجل وفاكهة وأبا وقال: فما الأب: ثم قال: ما كلفنا أو ما أمرنا بهذا. والأب: المرعى المتهيىء للرعي والقطع، ومنه حديث قس بن ساعدة فجعل يرتع أبا وأصيد ضبا وفي الأساس: وتقول: فلان راع له الحب وطاع له الأب. أي زكا زرعه واتسع مرعاه.

والأب، بالتشديد: لغة في الأب، بالتخفيف بمعنى الوالد، نقله شيخنا عن ابن مالك في التسهيل، وحكاه الأزهري في التهذيب وغيرهما، وقالوا: استأببت فلانا، ببائين، أي اتخذته أبا. نبه على ذلك شيخنا مستدركا على المصنف.

قلت: إنما لم يذكره لندرته ومخالفته للقياس، قال ابن الأعرابي: استئب أبا: اتخذه، نادر، وإنما قياسه استأب.

و أب: د باليمن قال أبو سعد: بليدة باليمن ينسب إليها أبو محمد عبد الله بن الحسن بن الفياض الهاشمي، وقال أبو طاهر السلفي: هي بكسر الهمزة، قال: سمعت أبا محمد عبد العزيز بن موسى بن محسن القلعي يقول: سمعت عمر بن عبد الخالق الإبي يقول: بناتي كلهن حضن لتسع سنين، كذا في المعجم.

قلت: ونسب إليها أيضا الفقيه المحدث أبو العباس أحمد بن سلمان بن أحمد بن صبرة الحميري، مات سنة 728 ولي قضاء مدينة أب، ترجمه الجندي وغيره.

و إب بالكسرة: باليمن من قرى ذي جبلة؛ قال أبو طاهر؛ وكذا يقوله أهل اليمن بالكسر، ولا يعرفون الفتح، كذا في المعجم، وقال الصاغاني: هي من مخلاف جعفر.

وأب للسير يئب، بالكسر على القياس في المضعف اللازم، ويؤب، بالضم على خلاف القياس، واقتصر عليه الجوهري وتبعه على ذلك ابن مالك في لامية الأفعال، واستدركه شيخنا في حواشي ابن الناظم على أبيه أنه جاء بالوجهين، فالأولى ذكره في قسم ما ورد بالوجهين، أبا وأبيبا على فعيل وأبابا كسحاب وأبابة كسحابة: تهيأ للذهاب وتجهز، قال الأعشى:

صرمت ولم أصرمكم وكصارم     أخ قد طوى كشحا وأب ليذهبا

أي صرمتكم في تهيئي لمفارقتكم، ومن تهيأ للمفارقة فهو كمن صرم، قال أبو عبيد: أببت أؤب أبا، إذا عزمت على المسير وتهيأت كائتب من باب الافتعال.

وأب إلى وطنه يؤب أبا وإبابة، كسحابة وأبابا كسحاب أيضا: اشتاق.

والأب: النزاع إلى الوطن، عن أبي عمرو، قاله الجوهري، والمعروف عند ابن دريد يئب، بالكسر، وأنشد لهشام أخي ذي الرمة:

صفحة : 274

وأب ذو المحضر البادي أبابته     وقوضت نية أطناب تخـييم

وأب يده إلى سيفه: ردها ليسله، وفي بعض النسخ: ليستله، وذكره الزمخشري في آب بالمد، وقال الصاغاني، وليس بثبت.

وهو في أبابه بالفتح، وأبابته، أي في جهازه بفتح الجيم وكسرها.

وأب أبه أي قصد قصده، نقله الصاغاني وأبت أبابته بالفتح ويكسر أي استقامت طريقته فالأبابة بمعنى الطريقة.

والأباب بالفتح: الماء، والسراب عن ابن الأعرابي، وأنشد:

قومن ساجا مستخف الحمل

تشق أعراف الأباب الحفل

أخبر أنها سفن البر.

والأباب بالضم: معظم السيل، والموج كالعباب قال:

أباب بحر ضاحك هزوق قال شيخنا: صرح أبو حيان، وتلميذه ابن أم قاسم أن همزتها بدل من العين، وأنها ليست بلغة مستقلة انتهى، وأنكره ابن جنى، فقال: ليست الهمزة فيه بدلا من عين عباب وإن كنا قد سمعناه، وإنما هو فعال من أب، إذا تهيأ.

قلت: ومن الأمثال: وقالوا للظباء: إن أصابت الماء فلا عباب وإنء لم تصب الماء فلا أباب أي لم تأتب له ولا تتهيأ لطلبه، راجعه في مجمع الأمثال .

وفي التهذيب: الوب: التهيؤ للحملة في الحرب، يقال: هب، ووب، إذا تهيأ للحملة، قال أبو منصور: الأصل فيه أب، فقلبت الهمزة واوا.

وعن ابن الأعرابي أب إذا هزم بحملة، وفي بعض النسخ: بجملة، بالجيم، وهو خطأ لا مكذوبة بالنصب، وهو مصدر كذب كما يأتي، فيها أي الحملة.

وأبة: اسم أي علم لرجل، كما هو صنيعه في الكتاب، فإنه يريد بالاسم العلم وبه سميت أبة العليا وأبة السفلى وهما قريتان بلحج، بفتح فسكون، بلدة بعدن أبين من اليمن، أي كما سميت أبين بأبين بن زهير.

وأبة بالضم: د بإفريقية بينها وبين القيروان ثلاثة أيام، وهي من ناحية الأربس موصوفة بكثرة الفواكه وإنبات الزعفران، ينسب إليها أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد المعطي بن أحمد الأنصاري، روى عن أبي حفص عمر بن إسماعيل البرقي، كتب عنه أبو جعفر أحمد بن يحيى الجارودي بمصر، وأبو العباس أحمد بن محمد الأبي، أديب شاعر، سافر إلى اليمن، ولقى الوزير العبدي، ورجع إلى مصر فأقام بها إلى أن مات في سنة 598، كذا في المعجم.

قلت: أما عبد الرحمن بن عبد المعطي المذكور فالصواب في نسبته الأبيي منسوب إلى جده أبي، نبه على ذلك الحافظ ابن حجر.

وممن نسب إليها من المتأخرين، الإمام أبو عبد الله محمد بن خليفة التونسي الأبي شارح مسلم تلميذ الإمام ابن عرفة، ذكره شيخنا.

وأبب، إذا صاح، والعامة تقول هبب.

وتأبب به أي تعجب وتبجح، نقله الصاغاني.

صفحة : 275

وأبى بفتح الهمزة وتشديد الباء والقصر كحتى: نهر بين الكوفة وبين قصر ابن هبيرة بني مقاتل، هكذا في النسخ، وصوابه ابن مقاتل وهو ابن حسان بن ثعلبة بن أوس بن إبراهيم بن أيوب التيمي، من زيد مناة، وسيأتي ذكره ينسب إلى أبى ابن الصامغان من ملوك النبط ذكره الهيثم بن عدي. ونهر من أنهار البطيحة بواسط العراق وهو من أنهارها الكبار، وورد في الحديث عن محمد بن إسحاق، عن معبد بن كعب بن مالك قال: لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم بني قريظة، ونزل على بئر من أبيارهم في ناحية من أموالهم، يقال لها بئر أبى وهي بئر بالمدينة قال الحازمي: كذا وجدته مضبوطا مجودا بخط أبي الحسن بن فرات أو هي وفي نسخة هو أنا بالنون مخففة كهنا قال الحازمي: كذا سمعته من بعض المحصلين، كذا في المعجم، وسيأتي ذكره في محله، إن شاء الله تعالى.

ومما يستدرك عليه: أب إذا حرك، عن ابن الأعرابي، وائتب إذا اشتاق.

وأبى بن جعفر النجيرمي محدث ضعيف.

وسالم بن عبد الله بن أبى أندلسي، روى عن ابن مزين، وسيأتي في آخر الكتاب.

أ ت ب
الإتب بالكسر، كذا في النسخ الكثيرة، وفي بعضها بلا ضبط، فيكون على مقتضى قاعدته بالفتح والمئتبة كمكنسة: برد أو ثوب يؤخذ ويشق في وسطه فتلبسه المرأة: أي تلقيه في عنقها من غير جيب ولا كمين، تثنية كم، وقال الجوهري: الإتب البقيرة، وسيأتي بيانها، والإتب: درع المرأة، وقيل: الإتب: ما قصر من الثياب فنصف الساق، أي بلغ إلى نصفه، أو هو النقبة، وهو سراويل بلا رجلين، أو هو قميص بلا كمين، كما قاله بعضهم، وفي حديث النخعي أن جارية زنت فجلدها خمسين وعليها إتب لها وإزار الإتب بالكسر: بردة تشق فتلبس من غير كمين ولا جيب، وعليه اقتصر جماهير أهل اللغة، وقيل: الإتب غير الإزار لا رباط له، كالتكة، وليس على خياطة السراويل، ولكنه قميص غير مخيط الجانبين، ج آتاب، على القياس في فعل، بالكسر، وإتاب بالكسر وأتوب بالضم كفلوس وآتب كأفلس، على القياس في فعل بالفتح.
وأتب الثوب تأتيبا أي صير إتبا، قال كثير عزة:

هضيم الحشا رؤد المطى بخترية    جميل عليها الأتحمي المؤتـب

وقد تأتب به وائتب أي لبسه، وأتبه به وأتبه إياه تأتيبا كلاهما: ألبسه إياه، أي الإتب فلبسه، وعن أبي زيد: أتبت الجارية تأتيبا إذا درعتها درعا، وائتتبت الجارية فهي مؤتتبة إذا لبست الإتب.

وإتب الشعير بالكسر: قشره قال شيخنا ضبطه هنا بالكسر يدل على أن الأول مطلق بالفتح وإلا كان هو تكرارا، كما هو ظاهر.

والتأتب: الاستعداد والتصلب أيضا، نقله الصغاني وعن أبي حنيفة: هو أن تجعل حمال القوس بالكسر، في صدرك وتخرج منكبيك منها فيصير القوس على منكبيك.

ورجل مؤتب الظهر كمعظم: معوجه، نقله الصاغاني.

أ ث ب

صفحة : 276

المئثب بالثاء المثلثة، كمنبر أهمله الجوهري، وقال غيره: هو المشمل وزنا ومعنى، وكأن الصحيح عن الجوهري أنه بالتاء المثناة الفوقية، كما هو رأي كثيرين، وقال الليث: المئثب: الأرض السهلة، وقال أبو عمرو: المئثب: الجدول أي نهر صغير، وفي نوادر الأعراب المئثب: ما ارتفع من الأرض، وقال ثعلب عن ابن الأعرابي في هذا كله بترك الهمز، نقله الصاغاني والمآثب جمعه، و: ع قال كثير عزة، وأنشده أبو حنيفة في كتاب الأنواء:

وهبت رياح الصيف يرمين بالسفا    تلية باقي قرمل بـالـمـآثـب

وزعم شيخنا أنه في شعر كثير اسم لماء كما قاله شراحه.

قلت: بل هو واد من أودية الأعراض التي تسيل من الحجاز في نجد، اختلط فيه عقل بن كعب وزبيد من اليمن، أو جبل كان فيه صدقاته صلى الله عليه وسلم.

والأثب محركة: شجر، مخفف الأثأب بوزن أفعل، ونظيره شمل وشمأل، فإن الأول: لغة في الثاني الذي هي الريح الشامية ثم نقلوا الهمزة إلى الساكن قبلها، فبقي شمل، كما ذكره النحاة وبعض اللغويين، قاله شيخنا، وسيأتي في أثأب أنها ليست بلغة في أثب، ومن ظنها لغة فقد أخطأ.

ومما يستدرك عليه: الأثيب: مويهة في رمل الضاحي قرب رمان في طرف سلمى أحد الجبلين، كذا في معجم البلدان.

أ د ب
الأدب، محركة: الذي يتأدب به الأديب من الناس، سمي به لأنه يأدب الناس إلى المحامد وينهاهم عن المقابح، وأصل الأدب: الدعاء، وقال شيخنا ناقلا عن تقريرات شيوخه: الأدب ملكة تعصم من قامت به عما يشينه، وفي المصباح: هو تعلم رياضة النفس ومحاسن الأخلاق. وقال أبو زيد الأنصاري: الأدب يقع على كل رياضة محمودة يتخرج بها الإنسان في فضيلة من الفضائل، ومثله في التهذيب، وفي التوشيح: هو استعمال ما يحمد قولا وفعلا، أو الأخذ أو الوقوف مع المستحسنات أو تعظيم من فوقك والرفق بمن دونك، ونقل الخفاجي في العناية عن الجواليقي في شرح أدب الكاتب: الأدب في اللغة: حسن الأخلاق وفعل المكارم، وإطلاقه على علوم العربية مولد حدث في الإسلام، وقال ابن السيد البطليوسي: الأدب أدب النفس والدرس. والأدب: الظرف بالفتح، وحسن التناول، وهذا القول شامل لغالب الأقوال المذكورة، ولذا اقتصر عليه المصنف، وقال أبو زيد: أدب الرجل كحسن يأدب أدبا فهو أديب، ج أدباء وقال ابن بزرج: لقد أدبت آدب أدبا حسنا، وأنت أديب، وأدبه أي علمه، فتأدب تعلم، واستعمله الزجاج في الله عز وجل فقال: والحق في هذا ما أدب الله تعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم.

صفحة : 277

وفلان قد استأدب بمعنى تأدب، ونقل شيخنا عن المصباح: أدبته أدبا، من باب ضرب: علمته رياضة النفس ومحاسن الأخلاق، وأدبته تأديبا مبالغة وتكثير، ومنه قيل: أدبته تأديبا، إذا عاقبته على إساءته، لأنه سبب يدعو إلى حقيقة الأدب، وقال غيره: أدبه، كضرب وأدبه: راض أخلاقه وعاقبه على إساءته لدعائه إياه إلى حقيقة الأدب، ثم قال: وبه تعلم أن في كلام المصنف قصورا من وجهين. والأدبة، بالضم، والمأدبة، بضم الدال المهملة، كما هو المشهور، وصرح بأفصحيته ابن الأثير وغيره وأجاز بعضهم المأدبة بفتحها، وحكى ابن جنى كسرها أيضا، فهي مثلثة الدال، ونصوا على أن الفتح أشهر من الكسر: كل طعام صنع لدعوة، بالضم والفتح، أو عرس وجمعه المآدب، قال صخر الغي يصف عقابا:

كأن قلوب الطير في قعر عشهانوى القسب ملقى عند بعض المآدب قال سيبويه: قالوا: المأدبة من الأدب، وفي الحديث عن ابن مسعود إن هذا القرآن مأدبة الله في الأرض فتعلموا من مأدبته يعني مدعاته، قال أبو عبيد، يقال: مأدبة ومأدبة، فمن قال مأدبة أراد به الصنيع يصنعه الرجل فيدعو إليه الناس، شبه القرآن بصنيع صنعه الله للناس، لهم فيه خير ومنافع، ثم دعاهم إليه. ومن قال مأدبة جعله مفعلة من الأدب، وكان الأحمر يجعلها لغتين مأدبة ومأدبة بمعنى واحد، وقال أبو زيد: آدبت أودب إيدابا، وأدبت آدب أدبا، والمأدبة للطعام، فرق بينها وبين المأدبة للأدب.

وآدب البلاد يؤدب إيدابا: ملأها قسطا وعدلا، وآدب القوم إلى طعامه يؤدبهم إيدابا، وأدب: عمل مأدبة.

والأدب، بالفتح: العجب، محركة، قال منظور بن حبة الأسدي يصف ناقته:

غلابة للناجيات الغلب
حتى أتى أزبيها بالأدب

الأزبي: السرعة والنشاط، قال ابن المكرم: ورأيت في حاشية في بعض نسخ الصحاح: المعروف الإدب بكسر الهمزة، وجد ذلك بخط أبي زكريا في نسخته، قال: وكذلك أورده ابن فارس في المجمل، وعن الأصمعي جاء فلان بأمر أدب، مجزوم الدال، أي بأمر عجيب، وأنشد:

سمعت من صلاصل الأشكال
أدبا على لباتها الحوالي

قلت: وهذا ثمرة قوله: بالفتح إشارة إلى المختار من القولين عنده، وغفل عنه شيخنا فاستدركه على المصنف، وقال: إلا أن يكون ذكره تأكيدا، ودفعا لما اشتهر أنه بالتحريك، وليس كذلك أيضا، بل هو في مقابلة ما اشتهر أنه بالكسر، كما عرفت، كالأدبة بالضم.

والأدب، بفتح فسكون أيضا مصدر أدبه يأدبه، بالكسر إذا دعاه إلى طعامه، والآدب: الداعي إلى الطعام، قال طرفة:

نحن في المشتاة ندعو الجفلى     لا ترى الآدب فينا ينتـقـر

والمأدوبة في شعر عدي: التي قد صنع لها الصنيع. ويجمع الآدب على أدبة مثال كتبة وكاتب. وفي حديث علي: أما إخواننا بنو أمية فقادة أدبة . كآدبه إليه يؤدبه إيدابا، نقلها الجوهري عن أبي زيد وكذا أدب القوم يأدب، بالكسر، أدبا، محركة أي عمل مأدبة، وفي حديث كعب: إن لله مأدبة من لحوم الروم بمرج عكا أراد أنهم يقتلون بها فتنتابهم السباع والطير تأكل من لحومهم.

صفحة : 278

وأدب البحر بالتحريك كثرة مائه، عن أبي عمرو، يقال: جاش أدب البحر، وأنشد:

عن ثبج البحر يجيش أدبه وهو مجاز.

وأدبي كعربي وغلط من ضبطه مقصورا، قال في المراصد: جبل قرب عوارض، وقيل: في ديار طيئ حذاء عوارض، وأنشد في المعجم للشماخ:
كأنها وقد بـدا عـوارض
وأدبي في السراب غامض
والليل بين قنوين رابـض
بجيزة الوادي قطا نواهض

وقال نصر: أدبي جبل حذاء عوارض وهو جبل أسود في ديار طيئ وناحية دار فزارة.

ومما يستدرك عليه: جمل أديب، إذا ريض وذلل، وكذا مؤدب، وقال مزاحم العقيلي:

فهن يصرفن النوى بين عالجونجران تصريف الأديب المذلل أذرب

ومما يستدرك عليه أذرب قال ابن الأثير في حديث أبي بكر رضي الله عنه لتألمن النوم على الصوف الأذربي كما يألم أحدكم النوم على حسك السعدان الأذربي: منسوب إلى أذربيجان، على غير قياس، قال: هكذا يقوله العرب، والقياس أن يقول: أذري، بغير ياء كما يقال في النسب إلى رامهرمز: رامي، قال: وهو مطرد في النسب إلى الأسماء المركبة، وذكره الصغاني.

أرب
الإرب، بالكسر والسكون هو: الدهاء والبصر بالأمور كالإربة، بالكسر ويضم فيقال: الأربة، وزاد في لسان العرب: والأرب، كالضرب. والنكر هكذا في النسخ بالنون مضمومة، والذي في لسان العرب وغيره من الأمهات اللغوية: المكر، بالميم والخبث والشر والغائلة ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الحيات فقال: من خشي خبثهن وشرهن وإربهن فليس منا أصل الإرب بكسر فسكون: الدهاء والمكر، أي من توقى قتلهن خشية شرهن فليس ذلك من سنتنا، قال ابن الأثير: أي من خشي غائلتها وجبن عن قتلها الذي قيل في الجاهلية إنها تؤذي قاتلها أو تصيبه بخبل فقد فارق سنتنا وخالف ما نحن عليه، وفي حديث عمرو بن العاص فأربت بأبي هريرة ولم تضرر بي إربة أربتها قط قبل يومئذ قال: أربت به.

صفحة : 279

أي احتلت عليه وهو من الإرب: الدهاء والمكر، والعضو الموفر الكامل الذي لم ينقص منه شيء ويقال لكل عضو إرب، يقال قطعته إربا إربا، أي عضوا عضوا، وعضو مؤرب: موفر، والجمع آراب يقال: السجود على سبعة آراب، وأرآب أيضا، وأرب الرجل، إذا سجد على آرابه متمكنا، وفي حديث الصلاة كان يسجد على سبعة آراب أي أعضاء واحدها إرب، بكسر فسكون، قال: والمراد بالسبعة الجبهة واليدان والركبتان والقدمان. والآراب: قطع اللحم والعقل والدين كلاهما عن ثعلب، وضبط في بعض النسخ: الدين بفتح الدال المهملة، والفرج قاله السلمي في تفسير الحديث الآتي، قيل: وهو غير معروف، وفي بعض النسخ: الفرح، محركة آخره حاء مهملة والإرب الحاجة كالإربة بالكسر والضم، وفيه لغات أخر غير ما ذكرت منها الأرب محركة والمأربة مثلثة الراء كالمأدبة مثلثة الدال، وفي حديث عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أملككم لأربه أي لحاجته، تعني أنه صلى الله عليه وسلم كان أغلبكم لهواه وحاجته، أي كان يملك نفسه وهواه، وقال السلمي: هو الفرج ها هنا وقال ابن الأثير: أكثر المحدثين يروونه بفتح الهمزة والراء يعنون الحاجة، وبعضهم يرويه بكسرها وسكون الراء وله تأويلان: أحدهما أنه الحاجة، والثاني أرادت به العضو، وعنت به من الأعضاء الذكر خاصة، وقوله في حديث المخنث كانوا يعدونه من غير أولي الإربة أي النكاح، والإربة والأرب والمأرب كله كالإرب، تقول العرب في المثل مأربة لا حفاوة قال الزمخشري والميداني أي إنما يكرمك لأرب له فيك لا محبة. والمأربة: الحاجة. والحفاوة: الاهتمام بالأمر والمبالغة في السؤال عنه، وهي الآراب والإرب والمأربة والمأربة قاله ابن منظور وجمعها مآرب، قال الله تعالى: ولي فيها مآرب أخرى وقال تعالى: غير أولي الإربة من الرجال قال سعيد بن جبير: هو المعتوه. ولقد أرب الرجل يأرب إربا كصغر يصغر صغرا إذا صار ذا دهاء وأرب أرابة ككرامة أي عقل، فهو أريب من قوم أرباء وأرب ككتف.

وأرب بالشيء كفرح: درب به وصار فيه ماهرا بصيرا، فهو أرب، ككتف قال أبو عبيد: ومنه الأريب، أي ذو دهاء وبصر، قال أبو العيال الهذلي يرثي عبد بن زهرة:

يلف طوائف الأعدا     ء وهو بلفهم أرب

وقد أرب الرجل إذا احتاج إلى الشيء وطلبه، يأرب أربا قال ابن مقبل:

وإن فينا صبوحا إن أربت به     جمعا بهيا وآلافا ثمانـينـا

جمع ألف أي ثمانين ألفا، أربت به، أي احتجت إليه وأردته.

وأرب الدهر: اشتد ورد في الحديث: قالت قريش: لا تعجلوا في الفداء لا يأرب عليكم محمد وأصحابه أي يتشددون عليكم فيه. قال أبو دواد الإيادي يصف فرسا:

أرب الدهر فـأعـددت لـه    مشرف الحارك محبوك الكتد

قال في التهذيب : أي أراد ذلك منا وطلبه، وقولهم: أرب الدهر، كأن له أربا يطلبه عندنا فيلح لذلك.

وأرب الرجل أربا: أنس.

وأرب بالشيء: ضن به وشح.

وأرب به: كلف وعلق ولزمه قال ابن الرقاع:

صفحة : 280

وما لأمرئ أرب بـالـحـيا     ة، عنها محيص ولا مصرف أي كلف.

وأربت معدته: فسدت. وأرب عضوه أي سقط، وأرب الرجل جذم وتساقطت آرابه، أي أعضاؤه وقد غلب في اليد، وأرب الرجل قطع إربه، وفي حديث عمر رضي الله عنه: أنه نقم على رجل قولا قاله فقال له: أربت عن ذي يديك معناه: ذهب ما في يديك حتى تحتاج، وفي التهذيب أربت من ذي يديك وعن ذي يديك وقال شمر: سمعت عن ابن الأعرابي يقول: أربت في ذي يديك، ومثله عن أبي عبيد، وجعل شيخنا من يديك، بمن الجارة، تحريفا من النساخ، وهو هكذا في التهذيب بالوجهين، أي سقطت آرابك من وفي نسخة: عن اليدين خاصة، وقيل: سقطت من يدك، قال ابن الأثير: وقد جاء في رواية أخرى لهذا الحديث: خررت عن يديك ، وهي عبارة عن الخجل مشهورة، كأنه أراد: أصابك خجل، ومعنى خررت: سقطت. وأما قولهم في الدعاء: ماله أربت يده فقيل: قطعت، أو افتقر فاحتاج إلى ما بأيدي الناس قاله الأزهري وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: دلني على عمل يدخلني الجنة، فقال: أرب ماله وفي خبر ابن مسعود دعوا الرجل أرب، ماله قال ابن مسعود دعوا الرجل أرب، ماله قال ابن الأعرابي: احتاج فسأل فماله. وقال القتيبي أي سقطت أعضاؤه وأصيبت، وقال ابن الأثير: في هذه اللفظة ثلاث روايات: إحداها: أرب بوزن علم ومعناه الدعاء عليه، كما يقال: تربت يداك، يذكر في معنى التعجب، ثم قال: ماله، أي أي شيء به وما يريد، والرواية الثانية: أرب ماله. بوزن جمل، أي حاجة له، وما زائدة للتقليل، أي حاجة يسيرة، وقيل: معناه حاجة جاءت به، فحذف ثم سأل فقال: ماله: والرواية الثالثة أرب بوزن كتف، وهو الحاذق الكامل، أي هو أرب، فحذف المبتدأ، ثم سأل فقال: ماله، أي ما شأنه، ومثله في حديث المغيرة بن عبد الله عن أبيه.

والأربة بالضم هي العقدة قاله ثعلب أو هي التي لا تنحل حتى تحل حلا، وقد يحذف منها الهمز فيقال ربة، قال الشاعر:
هل لك يا خدلة في صعب الربه
معترم هامته كالحبحبه

قال أبو منصور: هي العقدة، وأظن الأصل كان الأربة فحذف الهمز.

والأربة: القلادة أي قلادة الكلب التي يقاد بها، وكذلك الدابة، في لغة طييء. والأربة: أخية الدابة، والأربة: حلقة الأخية تؤرى في الأرض، وجمعها أرب، قال الطرماح:

ولا أثر الدوار ولا المـآلـي     ولكن قد ترى أرب الحصون

والإربة بالكسر: الحيلة والمكر، وقد تقدم في أول المادة، فذكره هنا ثانيا مستدرك.

والأربية بالضم: أصل الفخذ يكون فعلية، ويكون أفعولة، وستأتي الإشارة إليها في بابها إن شاء الله تعالى.

والأرب بالفتح قال شيخنا: ذكره مستدرك، لأن الإطلاق كاف، وهو الفرجة التي ما بين إصبعي الإنسان السبابة والوسطى، نقله الصاغاني.

والأرب بالضم: صغار البهم بالفتح فالسكون ساعة ما تولد.

صفحة : 281

والإربيان بالكسر: سمك، عن ابن دريد، وقال أحسبه عربيا، وأيضا: بقلة، والألف والياء والنون زوائد. وأراب، مثلثة أي ككتاب وسحاب وغراب: ع أو جبل أو ماء لبني رياح بن يربوع، كذا بخط اليزيدي، والذي في المعجم أنه ماء من مياه البادية.

ويوم إراب من أيامهم، غزا فيه هذيل بن هبيرة الأكبر التغلبي بني رياح بن يربوع، والحي خلوف فسبى نساءهم وساق نعمهم، وقال مساور بن هند:

وجلبته من أهل أبضة طائعا    حتى تحكم فيه أهل إراب

وقال منقذ بن عرفطة يرثي أخاه أهبان وقتلته بنو عجل يوم إراب:

بنفسي من تركت ولم يرشـد    بقف إراب وانحدروا سراعا
وخادعت المنية عنك سـرا      فلا جزع تلان ولا رواعـا

وقال الفضل بن العباس اللهبي:

أتبكي أن رأيت لأم وهـب    مغاني لا تحاورك الجوابا
أثافي لا يرمن وأهل خـيم    سواجد قد خوين على إرابا

قلت: وفي أنساب البلاذري أنشدت امرأة من بني رياح:

وكانت أراب لـنـا مـرة     فأضحت أراب بني العنبر

ومأرب، كمنزل، ووقع في كلام المقدسي كمنبر، وهو غلط، قال شيخنا: ولا تنصرف في السعة، للتأنيث والعلمية، ويجوز إبدال الهمزة ألفا، وربما التزم هذا التخفيف، ومن هنا جعل ابن سيده ميمها أصلية وألفها زائدة، وقد أعادها المؤلف في الميم بناء على هذا القول: ع، وفي المصباح: مدينة باليمن من بلاد الأزد في آخر جبال حضرموت وكانت في الزمن الأول قاعدة التبابعة، فإنها مدينة بلقيس، بينها وبين صنعاء نحو أربع مراحل، وزاد في المراصد: وقيل: هو اسم قصر كان لهم، وقيل: اسم لملك سبإ، وهي كورة بين حضرموت وصنعاء، مملحة، مفعلة من الملح، ومنه ملح مأرب، أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم أبيض بن حمال وأنشد في الأساس:

في ماء مأرب للظمآن مأربة وقال أبو عبيد آرب عليهم مثال أفعل يؤرب إيرابا: فاز وفلج قال لبيد:

قضيت لبانـات وسـلـيت حـاجة    ونفس الفتى رهن بقمرضة مؤرب

أي غالب يسلبها.

وأرب عليه: قوي، قال أوس بن حجر:

ولقد أربت على الهموم بجسرة    عيرانة بالردف غير لجـون

أي قويت عليها واستعنت بها.

وأرب العقد، كضرب يأربه أربا: أحكمه، وكذا أربه، أي عقده وشده، قال أبو زبيد:

على قتيل من الأعداء قد أربواأني لهم واحد نائي الأناصير أربوا أي وثقوا أني لهم واحد، وأناصيري ناؤون عني، وكأن أربوا من تأريب العقدة أي من الأرب. وقال أبو الهيثم: أي أعجبهم ذاك فصار كأنه حاجة لهم في أن أبقى مغتربا نائيا عن أنصاري.

وأرب فلانا: ضربه على إرب، بالكسر، أي عضو له.

وقال ابن شميل: أرب في الأمر، أي بلغ فيه جهده وطاقته وفطن له، وقد تأرب في أمره.

والأربي بفتح الراء والموحدة مع ضم أوله مقصورا، هكذا ضبطه ابن مالك وأبو حيان وابن هشام: الداهية أنشد الجوهري لابن أحمر:

فلما غسى ليلي وأيقنت أنهاهي الأربى جاءت بأم حبوكرى

صفحة : 282

قلت: وهي كشعبى وأرمى، ولا رابع لها، وستأتي.

والتأريب الإحكام، يقال: أرب عقدتك، أنشد ثعلب لكناز بن نفيع يقوله لجرير:

غضـبت علـينا أن عـلاك ابـن غـالـب     فهلا على جديك في ذاك تـغـضـب
هما حين يسعى المرء مسعاة جده                أناخا فشداك العقال المؤرب

والتأريب التحديد والتحريش والتفطين والتوفير والتكميل أي تمام النصيب، أنشد ابن بري:

شم مخاميص تنسيهـم مـراديهـم ضرب القداح وتأريب على اليسر وهي أحد أيسار الجزور، وهي الأنصباء.

والتأريب أيضا: الشح والحرص، قاله أبو عبيد، وأرب العضو: قطعه موفرا يقال: أعطاه عضوا مؤربا، أي تاما لم يكسر، وعضو مؤرب أي موفر وفي الحديث: أنه أتي بكتف مؤربة فأكلها وصلى ولم يتوضأ المؤربة هي الموفرة التي لم ينقص منها شيء وقد أربته تأريبا إذا وفرته، مأخوذ من الإرب، وهو العضو وقيل: كل ما وفر فقد أرب، وكل موفر: مؤرب .

ومن المجاز: تأرب علينا فلان، أي تأبى وتشدد وتعسر، وتأرب علي إذا تعدى، وكأنه من الأربة: العقدة. وفي حديث سعيد بن العاص قال لابنه عمرو لا تتأرب على بناتي أي لا تشدد وتتعد.

وتأرب أيضا: تكلف الدهاء والمكر والخبث، قال رؤبة:

فانطق بإرب فوق من تأربا
والإرب يدهي خب من تخببا

والمستأرب، بفتح الراء على صيغة المفعول، كذا ضبطه الجوهري، من استأرب الوتر إذا اشتد، وهو الذي قد أحاط الدين أو غيره من النوائب بآرابه من كل ناحية. ورجل مستأرب، وهو المديون كأن الدين أخذ بآرابه، قال:

وناهزوا البيع من ترعية رهقمستأرب عضه السلطان مديون هكذا أنشده محمد بن أحمد المفجع، أي أخذه الدين من كل ناحية والمناهزة في البيع: انتهاز الفرصة، وناهزوه، أي بادروه، والرهق: الذي به خفة وحدة، وعضه السلطان، أي أرهقه وأعجله وضيق عليه الأمر. والترعية: الذي يجيد رعي الإبل، وفي بعض النسخ: المستأرب، بكسر الراء.

والمؤارب: هو المداهي، والمؤاربة: المداهاة، وفلان يؤارب صاحبه، أي يداهيه، قال الزمخشري: وفي الحديث مؤاربة الأريب جهل وعناء أي أن الأريب وهو العاقل لا يختل عن عقله.

والأربان بضم الهمزة لغة في العربان بالعين، وسيأتي في ع ر ب.

وقدر بالكسر، أريبة، ككتيبة أي واسعة.

وأربة، محركة: اسم مدينة بالغرب من أعمال الزاب، يقال إن حولها ثلاثمائة وستين قرية.

أ ز ب
أزبت الإبل، كفرح تأزب أزبا: لم تجتر فهي إبل أزبة أي ضامزة بجرتها لا تجتر، قاله المفضل والإزب بالكسر فالسكون: القصير عن الفراء، وقيل: هو الغليظ من الرجال قال:

وأبغض من قريش كل إزب      قصير الشخص تحسبه وليدا
كأنهم كلى بقر الأضـاحـي     إذا قاموا حسبتهم قـعـودا

صفحة : 283

والإزب: الداهية يقال: رجل إزب حزب أي داهية، والإزب: اللئيم و: القصير الدميم، وقال الليث: الإزب: الدقيق بالدال المهملة فيهما، من الدمامة ودقة الجسم كذا في النسخ، وفي أخرى: الرقيق المفاصل الضاوي الضئيل الذي لا تزيد عظامه ولا ألواحه، وإنما زيادته في بطنه وسفلته كأنه ضاوي محثل. وفي حديث العقبة هو شيطان اسمه إزب العقبة وهو الحية، إن كان بكسر الهمزة وسكون الزاي، كما في لسان العرب وسيرة الحلبي، فلا يخفى أن محل ذكره هنا، وإن كان بفتح الهمزة وتشديد الموحدة، فإنه يأتي ذكره في ز ب ب، ووهم من ذكره هنا كابن منظور وغيره، لأن همزته زائدة.

والأزب، ككتف: الطويل كالأزيب والآزب، فعلى هذا يكون ضدا.

والأزبة لغة في الأزمة، وهي الشدة والقحط، يقال: أصابتنا أزبة وآزبة، أي شدة، ويقال للسنة الشديدة: أزبة وأزمة ولزبة، بمعنى واحد، وفي حديث أبي الأحوص لتسبيحة في طلب حاجة خير من لقوح صفي في عام أزبة، أو لزبة يقال: أصابتهم أزبة ولزبة، أي جدب ومحل.

وإزاب بالكسر: ماء لبني العنبر من بني تميم، قال مساور بن هند:

وجلبته من أهل أبضة طائعا     حتى تحكم فيه أهل إزاب

ويروى إراب بالمهملة.

قلت: ورأيت في أسماء البقاع: وآزاب، بالمد والزاي المعجمة: موضع جاء ذكره في شعر لسهيل بن علي، فليعلم.

وأزب الماء كضرب مثل وزب بالواو: جرى، قيل: ومنه المئزاب، أي المرزاب، وهو المثعب الذي يبول الماء، وفي الترشيح: هو ما يسيل منه الماء من موضع عال، ومنه ميزاب الكعبة، وهو مصب ماء المطر، أو هو فارسي معرب، قاله الجواليقي، أي بل الماء وربما لم يهمز، وجمعه المآزيب والميازيب، ويقال: المرزاب بتقديم الراء على الزاي. قال شيخنا: ومنعه ابن السكيت والفراء وأبو حاتم، وفي التهذيب عن ابن الأعرابي: يقال للميزاب: مرزاب ومزراب، بتقديم الراء وتأخيرها، ونقله الليث وجماعة.

وإبل آزبة، أي ضامزة بجرتها لا تجتر، قاله المفضل، وأنشد في التهذيب قول الأعشى:

ولبون معزاب أصبت فأصبحت     غرثى وآزبة قضبت عقالهـا

قال الليث: هكذا رضواه أبو بكر الإيادي بالباء الموحدة، قال: وهي التي تعاف الماء وترفع رأسها، ورواه ابن الأعرابي بالياء التحتية، وقال: هي العيوف القذور، وكأنها تشرب من الإزاء وهو مصب الدلو، وسيأتي. وتأزبوا المال بينهم إذا اقتسموه، نقله الصاغاني.

أ س ب
الإسب بالكسر قيل همزتها مبدلة من واو: شعر الركب، محركة، أو هو شعر الفرج قاله ثعلب، وجمعه أسوب، أو هو شعر الاست. اقتصر عليه الجوهري، وحكى ابن جنى في جمعه آساب، قال الهيثم: العانة منبت الشعر من قبل المرأة والرجل، والشعر النابت عليها يقال له: الشعرة، والإسب، وأنشد:

لعمر التي جاءت بكم من شفلحلدى نسييها ساقط الإسب أهلبا وقيل: إن همزته منقلبة عن الواو فأصله الوسب، وهو كثرة العشب والنبات، فقلبت الواو همزة، كما قالوا: إرث وورث، ومنه قولهم كبش مؤسب، كمعظم، أي كثير الصوف، وقد آسبت، وفي نسخة أوسبت الأرض، إذا أعشبت فهي مؤسبة.

أ ش ب

صفحة : 284

أشبه يأشبه أشبا: خلطه، كذا في المحكم، وأشب فلانا أشبا: عابه ولامه، يأشبه بالكسر ويأشبه بالضم وهذه عن الأخفش، وقيل: قذفه وخلط عليه الكذب، وأشبته آشبه: لمته، قال أبو ذؤيب الهذلي:

ويأشبني فيها الذين يلونـهـا    ولو علموا لم يأشبوني بطائل

وفي الصحاح: بباطل، والأول أصح وقيل: أشبته: عبته ووقعت فيه، وأشبه بشر إذا رماه بعلامة من الشر يعرف بها، وهذه عن اللحياني، وقيل: رماه وخلطه، وقولهم بالفارسية: زور وآشوب، ترجمه سيبويه فقال: زور وأشوب، قاله ابن المكرم. قلت أما زور بالضمة الممالة بمعنى القوة، وآشوب بالمد بمعنى رفع الصوت والخصام والاختلاط.

وأشب الشجر، كفرح أشبا فهو أشب: التف، كتأشب وقال أبو حنيفة الأشب: شدة التفاف الشجر وكثرته حتى لا يجاز فيه، يقال فيه: موضع أشب أي كثير الشجر: وغيضة أشبة، وعيص أشب أي ملتف، وأشبت الغيضة: بالكسر أي التفت، وعدد أشب، ومن المجاز قولهم: عيصك منك وإن كان أشبا أي وإن كان ذا شوك مشتبك غير سهل، كذا في الأساس، وقولهم بعرق ذي أشب أي ذي التباس.

وأشبته أي الشر بينهم تأشيبا قاله الليث، وأشب الكلام بينهم أشبا: التف، كما تقدم في الشجر، وأشبه هو.

والأشابة من الناس بالضم: الأخلاط، وهو مجاز، والأشابة من وفي نسخة: في الكسب: ما خالطه الحرام الذي لا خير فيه والسحت، وهو مجاز، ويقال: هؤلاء أشابة، أي ليسوا من مكان واحد، ج الأشائب، قال النابغة الذبياني:

وثقت له بالنصر إذ قيل قد غزت     قبائل من غسان غير أشـائب
بنو عمه دنيا وعمرو بن عامـر      أولئك قوم بأسهم غـير كـاذب

ويقال: بها أوباش من الناس وأوشاب، وهم الضروب المتفرقون، وقال ابن المكرم: الأشابة: أخلاط الناس تجتمع من كل أوب.

وقرأت في كتاب معجم البلدان: أشابة موضع بنجد قريب من الرمل.

)والأشباني، محركة: الأحمر جدا( وقيل: هو بالباء الموحدة بدل النون، وقد أغفله كثير من الأئمة واستبعدوه كما قاله شيخنا، قلت، وهذا قد نقله الصاغاني.

وقرأت في كتاب الأنساب للبلاذري عند ذكر ابن ميادة الشاعر ما نصه: وقال سماعة بن أشول النعامي من بني أسد.

لعل ابن أشبانية عارضـت بـه     رعاء الشوي من مريح وعازب

والأشبان من الصقالبة، ويروى: ابن فرانية، انتهى.

والتأشيب: التحريش بين القوم، من أشبت الشر بينهم، وأشبه هو، وقيل: أشبت القوم تأشيبا إذا خلطت بعضهم بعضا وتأشبوا: اختلطوا أو اجتمعوا، كائتشبوا، فيهما، وتأشبوا إليه: انضموا والتأشب هو التجمع من هنا ومن هنا. يقال: جاء فلان فيمن تأشب إليه أي انضم إليه والتف عليه. وفي الحديث: أنه قرأ يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم فتأشب أصحابه إليه أي اجتمعوا إليه وأطافوا به. وفي حديث العباس يوم حنين حتى تأشبوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أطافوا به.

وهو أي الرجل مأشوب الحسب: غير محض، قاله ابن سيده، وأنشد البلاذري للحارث بن ظالم المري:

صفحة : 285

أنا أبو ليلى وسيفي المعلـوب
ونسبي في الحي غير مأشوب

ومؤتشب أي مخلوط، وفي نسخة مؤشب كمكرم: غير صريح في نسبه وفي حديث الأعشى الحرمازي يخاطب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن امرأته:

وقذفتني بين عيص مؤتشب
وهن شر غالب لمن غلب

المؤتشب: الملتف، والعيص: أصل الشجر.

وأشبة بالضم: اسم من أسماء الذئب. وفي حديث عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه إني رجل ضرير بيني وبينك أشب فرخص لي في كذا وكذا الأشب محركة: كثرة الشجر، يقال بلدة أشبة إذا كانت ذات شجر، ويريد هنا النخيل الملتفة.

ومما يستدرك عليه: آشب كأحمد: صقع من ناحية طالقان كان الفضل بن يحيى نزله، شديد البرد عظيم الثلوج، عن نصر.
وآشب بكسر الشين المعجمة كانت من أجل قلاع الهكارية ببلد الموصل، أخربها زنكي بن آقسنقر، وبنى عوضها العمادية بالقرب منها فنسبت إليه، كذا في المعجم.

أ ص ط ب
ومما يستدرك عليه أيضا: أصطب: في النهاية لابن الأثير رأيت أبا هريرة وعليه إزار فيه علق وقد خيطه بالأصطبة قال: هي مشاقة الكتان، والعلق: الخرق.

أ ل ب
ألب القوم إليه، أي أتوه من كل جانب، وألب الإبل يألبها ويضألبها ألبا: جمعها وساقها سوقا شديدا، وألبت الجيش، إذا جمعته، وألبت الإبل هي إذا طاوعت وانساقت وانضم بعضها إلى بعض أنشد ابن الأعرابي:

ألم تعلمي أن الأحاديث في غدوبعد غد يألبن ألب الطرائد أي ينضم بعضها إلى بعض وقيل يسرعن، وسيأتي وألب الحمار طريدته يألبها: طردها طردا شديدا، كألبها، مضعفا، وألب الجيش والإبل: جمع، وألب الشيء يألب ويألب ألبا إذا اجتمع، قاله ثعلب، وبه فسر قول الشاعر:

وحل بقلبي من جوى الحب ميتة   كمامات مسقي الضياح على ألب

وقيل: تجمع، بدل اجتمع، وتألبوا: اجتمعوا، وقد تألبوا عليه تألبا إذا تضافروا عليه. وألبهم تأليبا: جمعهم.

وألب أسرع، ومنه الألوب والمئلب، وسيأتي، يألب ويألب، وفسر قول الشاعر وهو مدرك بن حصن:

ألم تريا أن الأحاديث في غدو   بعد غد يألبن ألب الطرائد

أي يسرعن، نقله الصاغاني.

وألب إليه: عاد ورجع، وهو من حد ضرب، نقله الصاغاني وألبت السماء تألب وهي ألوب: دام مطرها.

والتألب، كثعلب، صريح في أن تاءه زائدة وسيأتي له في التاء أن محل ذكره هناك، ولم ينبه هنا، فهو عجيب منه، قاله شيخنا: هو الشديد الغليظ المجتمع منا. وقال بعضهم هو من حمر الوحش، والتألب: الوعل، وهي أي أنثاه تألبة بهاء تاؤه زائدة، والتألب: شجر.

والإلب، بالكسر: الفتر في اليد

صفحة : 286

ما بين الإبهام والسبابة، عن ابن جنى والإلب: شجرة شاكة كالأترج ومنابتها ذرا الجبال وهي سم يؤخذ خضبها وأطراف أفنانها فيدق رطبا ويقشب به اللحم ويطرح للسباع كلها فلا يلبثها إذا أكلته، فإن هي شمته ولم تأكله عميت عنه وصمت منه، كذا في لسان العرب. وقال أبو حنيفة: وأخبث الإلب إلب حفرضض، وهو جبل من السراة في شق تهامة، قاله أبو الحسن المقدسي ونقله شيخنا.

والألب، بالفتح: نشاط الساقي، وميل النفس إلى الهوى يقال ألب فلان مع فلان، أي صفوه معه والألب: العطش يقال: ألب الرجل ألبا إذا حام حول الماء ولم يقدر أن يصل إليه، عن الفارسي والألب: التدبير على العدو من حيث لا يعلم.

والألب: مسك السخلة، بالفتح، أي جلدها والألب: السم القاتل والألب: الطرد الشديد وقد ألبتها ألبا مثل غلبتها غلبا. والألب: شدة الحمى والحر، والألب: ابتداء برء الدمل وألب الجرح ألبا، وألب يألب ألبا، كلاهما: برأ أعلاه وأسفله نغل فانتقض.

والألب، محركة: لغة في اليلب، سيأتي ذكره.

ويقال: ريح ألوب أي باردة تسفي التراب، وسماء ألوب: دائم مطرها ورجل ألوب هو الذي يسرع، عن ابن الأعرابي، وقيل: هو سريع إخراج الدلو، عن ابن الأعرابي أيضا، وأنشد:

تبشري بماتح ألوب
مطرح لدلوه غضوب

أو رجل ألوب أي نشيط من الألب، وهو نشاط الساقي، وألب ألوب متجمع كبير، قال البريق الهذلي:

بألـب ألـوب وحـرابة    لدى متن وازعها الأورم

وألبهم: جمعهم، والألب: الجمع الكثير من الناس، وهم عليه ألب واحد، بالفتح وإلب واحد، بالكسر، والأول أعرف، ووعل واحد وصدع واحد وضلع واحد أي مجتمعون عليه بالظلم والعداوة وفي الحديث إن الناس كانوا علينا إلبا واحدا الإلب بالفتح والكسر: القوم يجتمعون على عداوة إنسان، قال رؤبة:

قد أصبح الناس علينا إلبا
فالناس في جنب وكنا جنبا

والألبة بالضم في حديث عبد الله ابن عمرو حين ذكر البصرة فقال: أما إنه لا يخرج منها أهلها إلا الألبة ، هي المجاعة مأخوذ من التالب: التجمع، كأنهم يجتمعون في المجاعة ويخرجون أرسالا، وقال أبو زيد: أصابت القوم ألبة وجلبة، أي مجاعة شديدة.

والألبة بالتحريك لغة في اليلبة، عن ابن المظفر، هما البيض من جلود الإبل، وقال بعضهم: الألب هو الفولاذ من الحديد مثل اليلب.

والتأليب: التحريض والإفساد.

وألب بينهم: أفسد، يقال: حسود مؤلب، قال ساعدة بن جؤبة الهذلي:

بيناهم يوما هنالك راعهم    ضبر لباسهم القتير

مؤلب الضبر: الجماعة يغزون، والقتير: مسامير الدرع، وأراد بها هنا الدروع نفسها، وراعهم: أفزعهم.

والمئلب كمنبر، قال أبو بشر عن ابن بزرج: هو السريع قال العجاج:

وإن تناهبه تجده منهـبـا
في وعكة الجد وحينا مئلبا

صفحة : 287

وألبان كأنه تثنية ألب: د ولكن الذي في المعجم أنه جمع لبن كأجمال وجمل في شعر أبي قلابة الهذلي، ورواه بعضهم أليان بالياء آخر الحروف، فمحله حينئذ النون لا الباء، وفي مختصر المراصد: هي على مرحلتين من غزنين، بينها وبين كابل، وأهله من نسل الأزارقة الذين شردهم المهلب، وهم إلى الآن على مذهب أسلافهم إلا أنهم يذعنون للسلاطين وفيهم تجار مياسير وأدباء وعلماء يخالطون ملوك السند والهند الذين يقربون من بلدهم، ولكل واحد من رؤسائهم اسم بالعربية واسم بالهندية، انتهى وألاب كسحاب: ع وفي المعجم: شعبة واسعة في ديار مزينة قرب المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.

أ ن ب
أنبه تأنيبا: عنفه ولامه ووبخه أو بكته والتأنيب: أشد العذل وهو التوبيخ والتثريب، وفي حديث طلحة: لما مات خالد بن الوليد استرجع عمر، فقلت يا أمير المؤمنين.

ألا أراك بعيد الموت تندبنـي وفي حياتي ما زودتني زادي فقال عمر: لا تؤنبني التأنيب: المبالغة في التوبيخ والتعنيف، ومنه حديث الحسن بن علي لما صالح معاوية قيل له: قد سودت وجوه المؤمنين: فقال: لا تؤنبني. ومنه حديث توبة كعب بن مالك مازالوا يؤنبونني أو أنبه: سأله فنجهه كذا في النسخ، أي رده أقبح رد، وفي بعض: فجبهه.

والأنب محركة: الباذنجان. نقله الصاغاني قال شيخنا: هو تفسير بمجهول، فإنه لم يذكر الباذنجان في مظنته، قلت: ولكن الشهرة تكفي في هذا القدر، والله أعلم. واحدته أنبة، عن أبي حنيفة، قلت: وهو ثمر شجر باليمن كبير يحمل كالباذنجان، يبدو صغيرا ثم يكبر، حلو ممزوج بالحموضة، والعامة يسكنون النون، وبعضهم يقلب الهمزة عينا، وقد ذكره الحكيم داوود في التذكرة، وسيأتي ذكره في الجيم.

والأناب كسحاب: المسك. عن أبي زيد، أو عطر يضاهيه، عن ابن الأعرابي، وأنشد أبو زيد:

تعل بالعـنـبـر والأنـاب
كرما تدلى من ذرا الأعناب  

يعني جارية تعل شعرها بالأناب. وفي الأساس تقول: بلد عبق الجناب، كأنه ضمخ بالأناب أي المسك، وأصبحت مؤتنبا، وهو مؤتنب بصيغة اسم الفاعل، أي يشتهي الطعام.

والأنابيب: الرماح، واحدها أنبوب هنا ذكره ابن المكرم.

ومما يستدرك عليه: إنب، بالكسر وتشديد النون والباء موحدة: حصن من أعمال عزاز من نواحي حلب، له ذكر.

أ و ب
الأوب والإياب ككتاب، ويشدد وبه قريء في التنزيل إن إلينا إيابهم بالتشديد، قاله الزجاج، وهو فيعال، من أيب فيعل من آب يؤوب، والأصل إيوابا، فأدغمت الياء في الواو وانقلبت الواو إلى الياء، لأنها سبقت بسكون، وقال الفراء: هو بتخفيف الياء، والتشديد فيه خطأ، وقال الأزهري: لا أدري من قرأ إيابهم بالتشديد، والقراء على إيابهم بالتخفيف، قلت التشديد نقله الزجاج عن أبي جعفر، وقال الفراء: التشديد فيه خطل، نقله الصاغاني.

صفحة : 288

والأوبة والأيبة، على المعاقبة، والإيبة بالكسر، عن اللحياني. والتأويب والتأييب والتأوب والائتياب من الافتعال كما يأتي: الرجوع، وآب إلى الشيء رجع، وأوب وتأوب وأيب كله: رجع، وآب الغائب يؤوب مآبا: رجع، ويقال: ليهنك أوبة الغائب، أي إيابه، وفي الحديث آيبون تائبون هو جمع سلامة لآيب، وفي التنزيل وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب أي حسن المرجع الذي يصير إليه في الآخرة، قال شمر: كل شيء رجع إلى مكانه فقد آب يؤوب فهو آيب، وقال تعالى: يا جبال أوبي معه أي رجعي التسبيح معه وقرىء أوبي أي عودي معه في التسبيح كلما عاد فيه.

والأوب السحاب، نقله الصاغاني و: الريح نقله الصاغاني أيضا و: السرعة. وفي الأساس: يقال للمسرع في سيره: الأوب الأوب.

والأوب: رجع القوائم، يقال: ما أحسن أوب ذراعي هذه الناقة، وهو رجعها قوائمها في السير، وما أحسن أوب يديها، ومنه ناقة أووب، على فعول، والأوب: ترجيع الأيادي والقوائم، قال كعب بن زهير:

كأن أوب ذراعيها وقد عرقت    وقد تلفع بالقور العسـاقـيل
أوب يدي فاقد شمطاء معولة     ناحت وجاوبها نكد مثاكـيل

والأوب: القصد والعادة والاستقامة وما زال ذلك أوبه، أي عادته وهجيراه والأوب: جماعة النحل وهو اسم جمع، كأن الواحد آيب قال الهذلي:

رباء شماء لا يدنو لقلتها إلا     السحاب وإلا الأوب والسبل

وقال أبو حنيفة: سميت أوبا لإيابها إلى المباءة، قال: وهي لا تزال في مسارحها ذاهبة وراجعة، حتى، إذا جنح الليل آبت كلها حتى لا يتخلف منها شيء.

والأوب: الطريق والجهة والناحية، وجاءوا من كل أوب أي من كل طريق ووجه وناحية، وقيل، أي من كل مآب ومستقر، وفي حديث أنس فآب إليه ناس أي جاءوا إليه من كل ناحية. والأوب: الطريقة، وكنت على صوب فلان وأوبه أي على طريقته، كذا في الأساس. وما أدري في أي أوب، أي طريق أو جهة أو ناحية أو طريقة، وقال ذو الرمة يصف صائدا رمى الوحش:

طوى شخصه حتى إذا ما تودقت     على هيلة من كل أوب تهالهـا

على هيلة أي فزع من كل أوب أي من كل وجه، ورمى أوبا أو أوبين، أي وجها أو وجهين، ورمينا أوبا أو أوبين، أي رشقا أو رشقين، وسيأتي في ندب.

والأوب: ورود الماء ليلا أبت الماء وتأوبته، إذا وردته ليلا، والآيبة: أن ترد الإبل الماء كل ليلة، أنشد ابن الأعرابي:
لا تردن الـمـاء إلا آيبـه
أخشي عليك معشرا قراضبه
سود الوجوه يأكلون الآهبـه

وقيل: الأوب جمع آيب يقال: رجل آيب من قوم أوب، ويقال: إنه اسم للجمع، كالأواب والأياب بالضم والتشديد فيهما.

صفحة : 289

ورجل أواب: كثير الرجوع إلى الله تعالى من ذنبه. والأواب: التائب. في لسان العرب: قال أبو بكر: في قولهم رجل أواب سبعة أقوال، تقدم منها اثنان، والثالث المسبح قاله سعيد ابن جبير، والرابع المطيع، قاله قتادة، والخامس: الذي يذكر ذنبه في الخلاء فيستغفر الله منه، والسادس الحفيظ، قالهما عبيد بن عمير، والسابع الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب، قلت: ويريد بالمسبح: صلاة الضحى عند ارتفاع النهار وشدة الحر، ومنه صلاة الأوابين حين ترمض الفصال.
وآبه الله: أبعده، دعاء عليه، وذلك إذا أمرته بخطة فعصاك ثم وقع فيما يكره فأتاك فأخبرك بذلك، فعند ذلك تقول له: آبك الله، وأنشد:

فآبك هلا والليالي بغـرة     تلم وفي الأيام عنك غفول

ويقال لمن تنصحه ولا يقبل ثم يقع فيما حذرته منه: آبك، وكذلك آب لك، مثل ويلك.

وائتاب مثل آب، فعل وافتعل بمعنى قال الشاعر:

ومن يتق فإن الله مـعـه     ورزق الله مؤتاب وغادي

وقال ساعدة بن العجلان:

ألا يا لهف أفلتني حصيب      فقلبي من تذكـره بـلـيد
فلو أني عرفتك حين أرمي    لآبك مرهف منها حـديد

يجوز أن يكون آبك متعديا بنفسه أي جاءك مرهف، ويجوز أن يكون أراد آب إليك، فحذف وأوصل.

وآبت الشمس تؤوب إيابا وأيوبا، الأخيرة عن سيبويه، أي غابت في مآبها أي في مغيبها كأنها رجعت إلى مبدئها، قال تبع:

فرأى مغيب الشمس عند مآبها     في عين ذي خلب وثأط حرمد

وقال آخر:

يبادر الجونة أن تؤوبا وفي الحديث شغلونا عن صلاة الوسطى حتى آبت الشمس، ملأ الله قلوبهم نارا أي غربت، من الأوب: الرجوع، لأنها ترجع بالغروب إلى الموضع الذي طلعت منه وفي لسان العرب: ولو استعمل ذلك في طلوعها لكان وجها، لكنه لم يستعمل.

وتأوبه وتأيبه، على المعاقبة: أتاه ليلا، والمصدر الميمي القياسي المتأوب والمتأيب كلاهما على صيغة المفعول.

وفلان سريع الأوبة، وقوم يحولون الواو ياء فيقولون سريع الأيبة، وأبت إلى بني فلان وتأوبتهم إذا أتيتهم ليلا، كذا في الصحاح، وتأوبت، إذا جئت أول الليل فأنا متأوب ومتأيب. وائتيبت الماء، من باب الافتعال مثل أبته وتأوبته: وردته ليلا قال الهذلي:

أقب رباع بنزه الفـلا     ة لا يرد الماء إلا ائتيابا

ومن رواه انتيابا فقد صحفه.

وأوب كفرح: غضب، وأوأبته مثال أفعلته، نقله الصاغاني.

والتأويب في السير نهارا نظير الإسآد ليلا، أو هو السير جميع النهار والنزول بالليل، قال سلامة ابن جندل:

يومان يوم مقامـات وأنـدية     ويوم سير إلى الأعداء تأويب

صفحة : 290

قال ابن المكرم: التأويب عند العرب سير النهار كله إلى الليل، يقال: أوب القوم تأويبا، أي ساروا بالنهار. وأسأدوا، إذا ساروا بالليل، أو هو تباري الركاب في السير. قال شيخنا: غير معروف في الدواوين والمعروف الأول، قلت: هو في لسان العرب والأساس والتكملة كالمآوبة مفاعلة، راجع للمعنى الأخير، كما هو عادته قال:

وإن تؤاوبه تجده مئوبا وريح مؤوبة: تهب النهار كله. والذي قاله ابن بري: مؤوبة في قول الشاعر:

قد حال بـين دريسـيه مـؤوبة     مسع لها بعضاه الأرض تهزيز

وهو ريح تأتي عند الليل.

والآيبة بالمد: شربة القائلة، نقله الصاغاني.

وآبة قرأت في معجم البلدان قال أبو سعد: قال الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه: هي من قرى أصبهان، قال: وقال غيره: إنها: د ويقال: قرية من ساوة منها جرير بن عبد الحميد الآبي، سكن الري، قال: قلت أنا: أما آبة بليدة تقابل ساوة، تعرف بين العامة بآوة فلا شك فيها، وأهلها شيعة، وأهل ساوة سنة، ولا تزال الحروب بينهما قائمة على المذهب، قال أبو طاهر السلفي: أنشدني القاضي أبو نصر بن العلاء الميمندي بأهر من مدن أذربيجان لنفسه:

وقائلة أتبـغـض أهـل آبـه     وهم أعلام نظم والكـتـابـه
فقلت إليك عني إن مـثـلـي     يعادي كل من عادى الصحابه

وإليها فيما أحسب ينسب الوزير أبو سعد منصور بن الحسين الآبي، صحب الصاحب بن عباد، ثم وزر لمجد الدولة رستم بن فخر الدولة بن ركن الدولة بن بويه، وكان أديبا شاعرا مصنفا، وهو مؤلف كتاب نثر الدرر وتاريخ الري، وأخوه أبو منصور محمد كان من عظماء الكتاب، وزر لملك طبرستان، انتهى، ورأيت في بعض التواريخ أن جرير بن عبد الحميد المتقدم ذكره نسبته إلى قرية بأصبهان، كما تقدم أولا، وهو القاضي أبو عبد الله الرازي الضبي، نسبه الدارقطني.

وآبة: د بإفريقية نقله الصاغاني، وما رأيته في المعجم، وإنما قال فيه، وآبة أيضا: قرية من قرى البهنسا من صعيد مصر: أخبرني بذلك القاضي المفضل قاضي الجيوش بمصر قلت وكذا رأيتها في كتاب القوانين لابن الجيعان وذكر أنها مشتملة على 1434 فدانا وعبرتها 9600 دينار وتذكر مع بسقنون، وهما الآن وقف على الحرمين الشريفين، ثم ظهر أنه تصحف ذلك على الصاغاني وتبعه المصنف، فإنما هي أبه بضم فشد موحدة، وقد تقدم ذكرها في أ ب ب.

ومآب: د وفي لسان العرب: موضع بالبلقاء من أرض الشأم، قال عبد الله بن رواحة:

فلا وأبي مآب لنأتـينـهـا     وإن كانت بها عرب وروم

وفي المراصد: هي مدينة في طرف الشأم من أرض البلقاء.

والمؤوب هو المدور والمقور، بالقاف، كذا في النسخ، وفي بعضها بالغين المعجمة، الململم، وأوب الأديم: قوره، عن ثعلب ومنه المثل: أنا حجيرها بتقديم الحاء المهملة على الجيم تصغير حجر، وهو الغار المؤوب، المقور، وعذيقها المرجب، عن ابن الأعرابي.

صفحة : 291

وآب شهر عجمي معرب من الشهور الرومية، وقد جاء ذكره في أشعار العرب كثيرا.

والمآب في قوله تعالى طوبى لهم وحسن مآب أي حسن المرجع وحسن المنقلب والمستقر.

وقولهم بينهما ثلاث مآوب أي ثلاث رحلات بالنهار نقله الصاغاني.

والأوبات هي من الدابة القوائم واحدتها: أوبة.

ومآبة البئر: مثل مباءتها حيث يجتمع إليه الماء فيها.

وقيل: لا يكون الإياب إلا الرجوع إلى أهله ليلا.

وفي التهذيب يقال للرجل يرجع بالليل إلى أهله: قد تأوبهم، وائتابهم فهو مؤتاب ومتأوب.

ومخيس كمحدث ابن ظبيان الأوابي، تابعي روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره نسبة إلى بني أواب: قبيلة من تجيب، ذكره ابن يونس.

واستدرك شيخنا على المصنف: أيوب، قيل هو فيعول من الأوب كقيوم، وقيل: هو فعول كسفود، قال البيضاوي: كان أيوب روميا من أولاد عيص بن إسحاق عليه الصلاة والسلام، وأول من سمي بهذا الاسم من العرب جد عدي بن زيد بن حمان ابن زيد بن أيوب، من بني امرىء القيس بن زيد مناة بن تميم، قاله أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني.

قلت: وأيوب الذي ذكره: بطن بالكوفة، وهو ابن مجروف بن عامر ابن العصبة بن امرىء القيس بن زيد مناة، فولد أيوب إبراهيم وسلم وثعلبة وزيد، منهم عدي بن زيد بن حمان ابن زيد بن أيوب بن مجروف الشاعر ومنهم مقاتل بن حسان بن ثعلبة بن أوس بن إبراهيم بن أيوب الذي نسب إليه قصر مقاتل، وقال ابن الكلبي، لا أعرف في الجاهلية من العرب أيوب وإبراهيم غير هذين، وإنما سميا بهذين الاسمين للنصرانية، كذا قال البلاذري.

أ ه ب
الأهبة، بالضم: العدة، كالهبة بالضم أيضا، وأخذ لذلك الأمر أهبته، أي هبته وعدته وقد أهب للأمر تأهيبا وتأهب: استعد، وأهبة الحرب: عدتها، والجميع: أهب.

والإهاب ككتاب: الجلد من البقر والغنم والوحش، أو هو ما لم يدبغ، وفي الحديث: أيما إهاب دبغ فقد طهر ج في القليل آهبة بالمد، عن ابن الأعرابي، وأنشد:

سود الوجوه يأكلون الآهبه وفي الكثير أهب بضم الأولين، وقد ورد في حديث عائشة رضي الله عنها وحقن الدماء في أهبها أي في أجسادها، وفي نسخة بسكون الهاء أيضا، وأهب محركة، وفي نسخة آهب بالمد وضم الهاء: وفي أخرى كأدم وفي لسان العرب قال سيبويه أهب اسم للجمع وليس بجمع إهاب، لأن فعلا ليس مما يكسر عليه فعال، وفي الحديث وفي بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أهب عطنة أي جلود في دباغها.

وإهاب بن عمير: راجز أي شاعر م.

وبنو إهاب وأهيب: بطنان بالبصرة من بني عبد الله بن رباح، منهم عقيل بن سمير.

وأبو إهاب بن عزيز بفتح العين المهملة وبزائين منقوطتين ابن قيس بن سويد بن ربيعة بن زيد بن عبد الله بن دارم الدارمي التميمي حليف بني نوفل بن عبد مناف صحابي، ذكره المستغفري وغيره فيهم وقال: له في النهي عن الأكل متكئا، أورده النسائي.

صفحة : 292

وفي الحديث ذكر أهاب كسحاب وهو: ع قرب المدينة هكذا ضبطه الصاغاني، وقال شيخنا: وضبطه ابن الأثير والقاضي عياض وصاحب المراصد بكسرش الهمزة، وأوهم المصنف في روايته الفتح، وقد عرفت أنه قلد الصاغاني فيما رواه، وقال ابن الأثير: ويقال فيه: يهاب، بالياء التحتية.

وأهبان كعثمان اسم صحابي إن أخذ من الإهاب فإن كان من الهبة فالهمزة بدل من الواو، وسيأتي في موضعه، وهو أهبان بن أوس الأسلمي أبو عقبة أحد أصحاب الشجرة، وأهبان بن صيفي الغفاري، ويقال فيه: وهبان، اختلف فيه، وأهبان بن عياذ الخزاعي مكلم الذئب، صحابيان، كذا في المعجم لابن فهد.

وأيهب على وزن فيعل: ع من بلاد بني أسد، لا يكاد يوجد فيه ماء.

أ ي ب
الأياب ككتان عن ابن الأثير في حديث عكرمة قال: كان طالوت أيابا قال: قال الخطابي جاء في تفسيره في الحديث أنه السقاء، كذا في لسان العرب.

والأيبة: الأوبة على المعاقبة، بمعنى الرجوع والتوبة، ظاهر أنه من آب يئيب كباع يبيع، وقد قالوا: إنها مادة مهملة وإنما خفف كما ذكرنا، فذكر المؤلف له هنا مستدرك، قاله شيخنا.