الباب الثالث: باب التاء - الفصل الحادي والعشرون: فصل القاف مع المثناة الفوقية

فصل القاف مع المثناة الفوقية

ق - ت - ت

صفحة : 1146

القت: نم الحديث ، وهو إبلاغه على جهة الفساد، وهو يقت الأحاديث قتا، أي ينمها نما، وكذا قت بينهم قتا كالتقتيت ، نقله الصاغاني، والذي في اللسان: وتقتت الحديث: تتبعه وتسمعه، وقيل: إن القت الذي هو النميمة مشتق منه. والقتقتة، والقتيتى مثال الهجيري، وهو تتبع، النمائم القت: الإسفست ، بالكسر، وهي الفصفصة، أي الرطبة من علف الدواب، كذا في النهاية، أو يابسه ، وبه صدر الفيومي في المصباح، وفي اللسان: القت الفصفصة، وخص بعضهم به اليابسة منها، وهو جمع عند سيبويه، واحدته قتة، قال الأعشى:

ويأمر لليحموم كل عشـية     بقت وتعليق فقد كاد يسنق وفي التهذيب: القت: الفسفسة بالسين، والقت يكون رطبا و يكون يابسا، الواحدة قتة، مثال تمرة وتمر، وفي حديث ابن سلام: فإن أهدى إليك حمل تبن أو حمل قت فإنه ربا . القت: الكذب المهيأ، وقول مقتوت، أي مكذوب، قال رؤبة:

قلت وقولي عندهم مقتوت    مقالة إذ قلتهـا قـويت وقيل: مقتوت: موشى به منقول، وقيل: إن أمري عندهم زرى كالنميمة والكذب. القت: اتباعك الرجل سرا وهو لا يراك لتعلم منه ما يريد القت: شم الراعي بول البعير المهيوم وهو الذي أصابه داء الهيام، نقله الصاغاني. والقتيون: جماعة محدثون نسبوا إلى بيع القت، وكلامه يقتضى أن يكون نسبتهم هكذا، وليس كذلك، وإنما يعرفون بالقتات، وعبارة الصاغاني سالمة من ذلك، فإنه قال: والقتات: من يبيع القت، وممن ينسب من المحدثين إلى بيع القت فيهم كثرة. قلت: فلم يذكر أحد من أئمة النسب فلانا القتى، وإنما هو القتات. منهم: أبو يحيى القتات، عن مجاهد، ومحمد بن جعفر القتات الكوفي، عن أبي نعيم، والحسين ابن جعفر أخوه، عن أحمد بن يونس اليربوعي، وعنهما الطبراني، وربيع ابن النعمان القتات، وعمر بن يزيد الرقى القتات، وغيرهم. وقته قتا: قده ، وعن أبي زيد: يقال: هو حسن القد، وحسن القت، بمعنى واحد، وأنشد:

كأن ثدييها إذا ما ابرنتي      حقان من عاج أجيدا قتا

صفحة : 1147

ابرنتي، أي انتصب جعله فعلا للثدي قته: قلله قته: هيأه قته: جمعه قليلا قليلا قت أثره يقته قتا: قصه وتتبعه. يقال: رجل قتات ككتان، وقتوت كصبور وقتيتي كهجيري، وهذا استعملوه مصدرا وصفة :نمام، أو الذي يسمع أحاديث الناس من حيث لا يعلمون، سواء نمها أم لم ينمها . وقال خالد بن جنبة: القتات الذي يتسمع أحاديث الناس فيخبر أعداءهم، وقيل: هو الذي يكون مع القوم يتحدثون فينم عليهم، وامرأة قتاتة وقتوت: نموم، والقساس: الذي يسأل عن الأخبار ثم ينمها، وفي الحديث: لا يدخل الجنة قتات ويجمع على قتات، بالضم، ككتاب. والتقتيت: جمع الأفاويه كلها في القدر وطبخها ، ولا يقال: قتت، إلا الزيت بهذه الصفة، قال الأزهري: ينش بالنار كما ينش الشحم والزبد، وقال: والأفواه من الطيب كثيرة. وزيت مقتت ، إذا أغلى بالنار ومعه أفواه الطيب. ودهن مقتت: مطيب طبخ فيه الرياحين يتعالج به للرياح أو خلط بأدهان طيبة غيرها، وهذا عن ثعلب. وفي الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم ادهن بزيت غير مقتت وهو محرم أي غير مطيب، وقيل: الذي فيه الرياحين، يطبخ بها الزيت بحتا لا يخالطه طيب، قاله ابن الأثير. وقال خالد بن جنبة: مقتت المدينة لا يوفى به شيء، أي لا يغلو بشيء. وقته، كضبة : اسم أم سليمان بن حبيب المحاربي التابعي المشهور يعرف بابن قتة، وهو القائل في رثاء الحسين عليه السلام:

وإن قتيل الطف من آل هاشم     أذل رقاب المسلمين فذلـت واقتته ، إذا استأصله ، قال ذو الرمة:

سوى أن ترى سوداء من غير خلقةتخاطأها واقتت جاراتها النقل قتات كغراب: ع، باليمن ومما يستدرك عليه: قال الأزهري: القت: حب برى لا ينبته الآدمي، فإذا كان عام قحط، وفقد أهل البادية ما يقتاتون به من لبن وتمر ونحوه، دقوه، وطبخوه، واجتزوا به على ما فيه من الخشونة، نقله عنه شيخنا

ق - ر - ت
قرت الدم، كنصر، وسمع الثاني عن الصاغاني، يقرت ويقرت قرتا، وقروتا بالضم: يبس بعضه على بعض، أو مات في الجرح، قاله أبو زيد، وأنشد الأصمعي: للنمر بن تولب:

يشن عليه الزعفران كأنـه    دم قارت تعلى به ثم يغسل ودم قارت: قد يبس بين الجلد واللحم. وقرت الدم: اخضر تحت الجلد من أثر الضرب ، وعبارة اللسان وقرت جلده: اخضر عن الضرب. وقرت الرجل ، كفرح: تغير وجهه من حزن أو غيظ ، وكذا قرت الوجه: تغير. والقارت من المسك ، عن الليث، وكذا القرات، بالتشديد :أجوده وأجفه بالجيم، هكذا في النسخ، وفي بعضها بالخاء المعجمة، وكلاهما صحيحان، قال: يعل بقرات من المسك قاتن قال الصاغاني: هكذا أنشده الليث وهو مغير من شعر الطوماح، والرواية،

كطوف متلى حجة بين غبغب     وقرة مسود من النسك قاتن

صفحة : 1148

القارت: الذي يأكل ، وفي التكملة: يأخذ كل شيء وجده، كالمقترت ، نقله الصاغاني. وقرتيا، محركة مع تشديد التحتية : د، بفلسطين نقله الصاغاني. وقرتان محركة: ع، م ، أي موضع معروف، نقله الصاغاني وقاروت: حصن على عبر دارين. والقرت محركة الجمد ، نقله الصاغاني. والقريت: القريس نقله الصاغاني، وكأن التاء بدل عن السين. قرات كغراب: واد بين تهامة والشأم، م أي معروف، كانت به وقعة.

ومما يستدرك عليه: قرت الظفر: مات فيه الدم وقرت قروتا: سكت، ومنه قول تماضر امرأة زهير بن جذيمة لأخيها الحارث: إنه ليريبني إكباباتك وقروتك، كذا في اللسان.

ق - ر - ب - ت
قربوت السرج ، أهمله الجوهري، وقال اللحياني: هو قربوسه ،قال ابن سيده: وأرى التاء بدلا من السين فيه.

ق - ل - ت
القلت ، بإسكان اللام : النقرة في الجبل تمسك الماء، وفي التهذيب: كالنقرة تكون في الجبل يستنقع فيها الماء، والوقب نحو منه، وكذلك كل نقرة في أرض أو بدن، أنثى، والجمع قلات، وفي الحديث ذكر قلات السيل، وهي جمع قلت، وهو النقرة في الجبل يستنقع فيها الماء إذا انصب السيل، ومنه قولهم: أبرد من ماء القلت، والقلات. القلت: الرجل القليل اللحم كالقلت، ككتف: وذا عن اللحياني. القلت: بالتحريك: الهلاك مصدر قلت كفرح يقلت قلتا، وتقول: ما انفلتوا، ولكن قلتوا وقال أعرابي: إن المسافر ومتاعه لعلى قلت إلا ما وقى الله. وأصبح علي قلت، أي على شرف هلاك، أو خوف شيء يغره بشر. وأمسى على قلت، أي على خوف. والمقلتة: المهلكة وزنا ومعنى. والمقلتة: المكان المخوف، وفي حديث أبي مجلز: لو قلت لرجل وهو على مقلتة: اتق الله، رعته، فصرع، غرمته أي على مهلكة فهلك غرمت ديته. والمقلات: ناقة بها قلت. وقد أقلتت، وهو أن تضع واحدا ثم تقلت رحمها فلا تحمل ، قاله الليث، وأنشد:

لنا أم بها قلت ونـزر     كأم الأسد كاتمة الشكاة قال: وامرأة مقلات :لا يعيش لها ولد ، وعبارة الليث: التي ليس لها إلا ولد واحد، وأنشد:

وجدي بها وجد مقلات بواحدها     وليس يقوى محب فوق ما أجد وقيل: المقلات: هي التي لم يبق لها ولد، قال بشر بن أبي خازم:
تظل مقاليت النـسـاء يطـأنـه     يقلن ألا يلقى على المرء مئزر وكانت العرب تزعم أن المقلات إذا وطئت رجلا كريما قتل غدرا عاش ولدها، وقيل: هي التي تلد واحدا ثم لا تلد بعد ذلك، وكذلك الناقة، ولا يقال ذلك للرجل، قال اللحياني: وكذلك كل أنثى إذا لم يبق لها ولد، ويقوى ذلك قول كثير أو غيره:

بغاث الطير أكثرها فراخا     وأم الصقر مقلات نزور

صفحة : 1149

فاستعمله في الطير، فكأنه أشعر أنه يستعمل في كل شيء، والاسم القلت، واستشهد به شيخنا عند قوله: وامرأة لا يعيش لها ولد، وهو بعيد، وفي حديث ابن عباس تكون المرأة مقلاتا فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده ولم يفسره ابن الأثير بغير قوله: ما تزعم العرب من وطئها الرجل الكريم المقتول غدرا. وقد أقلتت المرأة والناقة إقلاتا، فهي مقلت، ومقلات، وفي الحديث. إن الحزاة يشتريها أكايس النساء للخافية والإقلات الخافية: الجن. يقال: شاة قلتة ، بالفتح: ليست بحلوة اللبن ، نقله الصاغاني. والقلتين برفع النون وخفضها كالبحرين: ة، باليمامة ، نقله الصاغاتي ودارة القلتين: ع ، قال بشر بن أبي خازم:

سمعت بدارة القلتين صوتا     لحنتمة الفؤاد به مضوع وقلتة، بالضم: ة، بمصر من أعمال المنوفية، وقد دخلتها، والعامة يحركونها. وأقلته الله فقلت أي أهلكه ، وأقلته السفر البعيد أو أقلته، إذا عرضه للهلاك ؛ وجعله مشرفا عليه، قاله الكسائي.

ومما يستدرك عليه: قلات الصمان، قال أبو منصور: هي نقر في رؤوس قفافها يملؤها ماء السماء في الشتاء، قال: وقد وردتها، وهي مفعمة، فوجدت القلتة منها تأخذ ملء مائة راوية وأقل وأكثر، وهي حفر خلقها الله في الصخور الصم. والقلت أيضا: حفرة يحفرها ماء واشل يقطر من سقف كهف على حجر لين فيوقب على ممر الأحقاب فيه وقبة مستديرة، وكذلك إن كان في الأرض الصلبة فهو قلت. ومن المجاز: غاض قلت عينها، أي نقرتها. وطعنه في قلت خاصرته، أي حق وركه، وعن أبي زيد: القلت: المطمئن من الخاصرة وضربه في قلت ركبته وهي عينها، واجتمع الدسم في قلت الثريدة، وهي الوقبة، وهي أنقوعتها والقلت: ما بين الترقوة والعنق، وقلت الفرس: ما بين لهواته إلى محنكه. وقلت الكف: ما بين عصبة الإبهام والسبابة، وهي البهرة التي بينهما، وكذلك نقرة الترقوة وقلت الإبهام: النقرة التي في أسفلها. وقلت الصدغ. كذا في لسان العرب، وبعضها في الأساس والصحاح. والقلتة: مشق ما بين الشاربين بحيال الوترة، وهي الخنعبة، والنونة، والثومة، والهزمة، والوهدة

ق - ل - ع - ت
اقلعت الشعر اقلعتاتا و اقلعد كلاهما بمعنى جعد، وقد أهمله الجماعة وكذا اقلعط، نقله ابن القطاع.

ق - ل - ه - ت
قلهت ، أهمله الجوهري، وهو هكذا بالتاء المطولة في النسخ، وفي بعضها بالمدورة يقال فيه: قلهات أيضا، ذكره ابن دريد في الرباعي، وجعل التاء أصلية: موضعان ، الصواب موضع، بل مدينة في أعالي حضرموت، وقدوردها ابن بطوطة، وذكرها في رحلته، وفي اللسان قلهة وقلهات موضع، كذا حكاه أهل اللغة في الرباعي، قال ابن سيده: وأراه وهما، ليس في الكلام فعلال إلا مضاعفا غير الخزعال.

ق - ن - ت

صفحة : 1150

القنوت: الطاعة ، هذا هو الأصل، ومنه قوله تعالى: والقانتين والقانتات كذا في المحكم، والصحاح. قلت: وهو قول الشعبي، وجابر،وزيد، وعطاء، وسعيد بن جبير، في تفسير قوله تعالى: وقوموا لله قانتين وقال الضحاك: كل قنوت في القرآن فإنما يعني به الطاعة، وروى مثل ذلك عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه. وقنت الله يقنته: أطاعه، وقوله تعالى كل له قانتون أي مطيعون، ومعنى الطاعة هنا أن من في السموات والأرض مخلوقون بإرادة الله تعالى، لا يقدر أحد على تغيير الخلقة ولا ملك مقرب ، فآثار الخلقة والصنعة تدل على الطاعة، وليس يعنى بها طاعة العبادة؛ لأن فيهما مطيعا وغير مطيع، وإنما هي طاعة الإرادة والمشيئة. كذا في اللسان. القنوت: السكوت ، قال زيد بن أرقم: كنا نتكلم في الصلاة- يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه- حتى نزلت وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام، فأمسكنا عن الكلام. قال الزجاج: المشهور في اللغة أن القنوت الدعاء ، قلت: وهو المروي عن ابن عباس. قال الزجاج: وحقيقة القانت، أنه القائم بأمر الله، فالداعي إذا كان قائما خص بأن يقال له: قانت؛ لأنه ذاكر لله وهو قائم على رجليه، فحقيقة القنوت: العبادة الدعاء لله عز وجل في حال القيام، ويجوز أن يقع في سائر الطاعة؛ لأنه إن لم يكن قيام بالرجلين، فهو قيام بالشيء بالنية. قال ابن سيده: والقانت: القائم بجميع أمر الله تعالى. وقيل: القانت: العابد، وكانت من القانتين أي من العابدين. وقال أبو عبيد: أصل القنوت في أشياء، فمنها: القيام، وبهذا جاءت الأحاديث في قنوت الصلاة ؛ لأنه إنما يدعو قائما، وأبين من ذلك حديث جابر قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الصلاة أفضل? قال: طول القنوت يريد طول القيام. وزعم ثعلب أن أصل القنوت القيام، نقله ابن سيده. والقنوت أيضا الصلاة، ويقال للمصلى: قانت، وفي الحديث مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القانت الصائم أي المصلي، وقيل: القنوت القيام بالطاعة التي ليس معها معصية. القنوت: : الإمساك عن الكلام في الصلاة أو مطلقا. وأقنت: دعا على عدوه ، عن ابن الأعرابي، ومنه دعاؤه صلى الله عليه وسلم على رعل وذكوان. أقنت: أطال القيام في صلاته ، عن ابن الأعرابي أيضا، وفي التنزيل وقوموا لله قانتين كذا فسرها بعضهم. وقد تكرر ذكر القنوت في الحديث، ويرد لمعان متعددة: كالطاعة والخشوع والصلاة والدعاء والعبادة والقيام، وطول القيام، والسكوت، فيصرف كل واحد من هذه المعاني إلى ما يحتمله لفظ الحديث الوارد فيه. وقال ابن الأنباري: القنوت على أربعة أقسام: الصلاة، وطول القيام وإقامة الطاعة، والسكوت. أقنت، إذا أدام الحج ، عن ابن الأعرابي أيضا. أقنت: أطال الغزو ، عن ابن الأعرابي أيضا. أقنت، إذا تواضع لله تعالى عن ابن الأعرابي أيضا. فتحصل لنا مما تقدم من كلام المؤلف في معنى القنوت معان تسعة، وهي: الطاعة، والسكوت، والدعاء، والقيام، والإمساك عن الكلام، وطول القيام، وإدامة الحج، وإطالة الغزو، والتواضع. ومما زيد عليه: العبادة، والصلاة، وقد تقدم شاهدهما. والإقرار بالعبودية، والخشوع، هذا عن مجاهد. وقد يقال: إن السكوت والإمساك عن الكلام واحد، وإن الخشوع داخل في التواضع، وإدامة

صفحة : 1151

الحج وإطالة الغزو داخلان في عموم دوام الطاعة؛ فإنهما من أعظم الطاعة. وقال الراغب: القنوت: لزوم الطاعة مع الخضوع، فيمكن أن يجعل لزوم الطاعة أيضا من جملة معانيه، فيقال: الطاعة ولزومها، كما قالوا: القيام وطوله. قال شيخنا: وقد أوسع الكلام عليه القاضي أبو بكر بن العربي في العارضة وغيره من مصنفاته، وقال: إن القنوت له عشرة معان، ونقله الإمام الحافظ الزين العراقي، وزاد عليه، ونظم المعاني كلها في ثلاثة أبيات، ونقلها الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني في أواخر باب الوتر من فتح الباري وهي:الحج وإطالة الغزو داخلان في عموم دوام الطاعة؛ فإنهما من أعظم الطاعة. وقال الراغب: القنوت: لزوم الطاعة مع الخضوع، فيمكن أن يجعل لزوم الطاعة أيضا من جملة معانيه، فيقال: الطاعة ولزومها، كما قالوا: القيام وطوله. قال شيخنا: وقد أوسع الكلام عليه القاضي أبو بكر بن العربي في العارضة وغيره من مصنفاته، وقال: إن القنوت له عشرة معان، ونقله الإمام الحافظ الزين العراقي، وزاد عليه، ونظم المعاني كلها في ثلاثة أبيات، ونقلها الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني في أواخر باب الوتر من فتح الباري وهي:

ولفظ القنوت أعدد معانيه تـجـد    مزيدا على عشر معاني مرضيه
دعاء خشوع والعـبـادة طـاعة    إقامتها إقراره بـالـعـبـوديه
سكوت صلاة والقيام وطـولـه     كذاك دوام الطاعة الرابح النـيه

قلت: وقد ألحق شيخنا المرحوم بيتا رابعا جامعا لما زاده المجد.

دوام لحج، طول غزو، تواضع      إلى الله خذها ستة وثمـانـيه قال ابن سيده: وجمع القانت من ذلك كله قنت، قال العجاج: رب البلاد والعباد القنت وامرأة قنيت بينة القناتة: قليلة الطعم ، كقتين، نقله الصاغاني. وسقاء قنيت أي مسيك ، على وزن سكيت، كما في نسختنا، أي يمسك الماء، وهو الصواب، وسيأتي في الكاف، ويوجد في بعض النسخ: مسيل على صيغة اسم الفاعل، من أسال الماء، وهكذا رأيته أيضا مضبوطا في نسخة التكملة، فلينظر.

ومما يستدرك عليه أيضا: قنت له، إذا ذل وقنتت المرأة لبعلها أقرت. والاقتنات: الانقياد.

ق - ن - ع - ت
رجل قنعات، بالكسر ، أهمله الجوهري والصاغاني، وقال صاحب اللسان: أي كثير شعر الوجه والجسد.

ق - و - ت

صفحة : 1152

القوت ، بالضم: ما يمسك الرمق من الرزق. وفي المحكم: القوت والقيت والقيتة بكسرهما، والقائت، والقوات بالضم، وهذا عن اللحياني، قال ابن سيده: ولم يفسره، وعندي أنه من القوت، وهو: المسكة من الرزق . وفي الصحاح: هو ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام. وجمع القوت أقوات ويقال: ما عنده قوت ليلة، وقيت ليلة، وقيتة ليلة- لما كسرت القاف صارت الواو ياء- وهي البلغة، وفي الحديث: اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا أي بقدر ما يمسك الرمق من المطعم، وفي حديث الدعاء: وجعل لكل منهم قيتة مقسومة من رزقه وهي فعلة من القوت، كميتة من الموت. وقاتهم يقوت قوتا بالفتح، وقال ابن سيده: قاته ذلك قوتا وقوتا بالضم، الأخيرة عن سيبويه وقياتة بالكسر ككتابة: عالهم، وأنا أقوته، أي أعوله برزق قليل، وقتهم فاقتاتوا ، كما تقول: رزقته فارتزق، وفي الحديث: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت أراد من تلزمه نفقته من أهله وعياله وعبيده، ويروى من يقيته على اللغة الأخرى وفي حديث آخر: قوتوا طعامكم يبارك لكم فيه سئل الأوزاعي عنه فقال: هو صغر الأوعية، وقال غيره: هو مثل قوله: كيلوا طعامكم . وتقوت بالشيء، واقتات به، واقتاته جعله قوته.

وحكى ابن الأعرابي أن الاقتيات هو القوت، جعله اسما له، قال ابن سيده: ولا أدري كيف ذلك، قال: وقول طفيل: يقتات فضل سنامها الرحل قال: عندي أن يقتات هنا بمعنى يأكل فيجعله قوتا لنفسه، وأما ابن الأعرابي فقال: معناه يذهب به شيئا بعد شيء، قال: ولم أسمع هذا الذي حكاه ابن الأعرابي إلا في هذا البيت وحده، فلا أدري أتأول منه أم سماع سمعه، قال ابن الأعرابي: وحلف العقيلي يوما فقال : لا وقائت نفسي القصير، ما فعلت، قال: هو من قوله:

يقتات فضل سنامها الرحل قال: والاقتيات والقوت واحد، قال أبو منصور: لا وقائت نفسي، أراد بنفسي روحه، والمعنى: أنه يقبض روحه نفسا بعد نفس، حتى يتوفاه كله، وقوله:

يقتات فضل سنامها الرحل أي يأخذ الرحل- وأنا راكبه- شحم سنام الناقة قليلا قليلا حتى لا يبقى منه شيء، لأنه ينضيها. والقائت: الأسد ، وذا من التكملة القائت من العيش: الكفاية يقال: هو في قائت من العيش، أي في كفاية والمقيت: الحافظ للشيء والشاهد له وأنشد ثعلب للسموأل بن عادياء:

رب شتم سمعته وتـصـامـم     ت وعى تركته فـكـفـيت
ليت شعري وأشعرن إذا مـا      قربوها منشـورة ودعـيت
ألى الفضل أم علـى إذا حـو    سبت إنى على الحساب مقيت

صفحة : 1153

أي أعرف ما علمت من السوء، لأن الإنسان على نفسه بصيرة. وحكى ابن برى عن أبي سعيد السيرافي قال: الصحيح رواية من روى: ... ربى على الحساب مقيت قال: لأن الخاضع لربه لا يصف نفسه بهذه الصفة، قال ابن برى: الذي حمل السيرافي على تصحيح هذه الرواية أنه بنى على أن مقيتا بمعنى مقتدر، ولو ذهب مذهب من يقول: إنه الحافظ للشيء والشاهد له- كما ذكر الجوهري- لم ينكر الرواية الأولى. المقيت في أسماء الله الحسنى: الحفيظ. وقال الفراء: المقيت المقتدر والمقدر كالذي يعطي كل أحد وكل شيء- وفي بعضها كل رجل، وهو نص عبارة الفراء- قوته . وقيل: المقيت: هو الذي يعطى أقوات الخلائق، من أقاته يقيته، إذا أعطاه قوته، وأقاته أيضا، إذا حفظه، وفي التنزيل العزيز وكان الله على كل شيء مقيتا وقال الزجاج: المقيت القدير، وقيل: الحفيظ قال وهو بالحفيظ أشبه، لأنه مشتق من القوت، يقال: قت الرجل أقوته قوتا، إذا حفظت نفسه بما يقوته والقوت: اسم الشيء الذي يحفظ نفسه ولا فضل فيه على قدر الحفظ، فمعنى المقيت: الحفيظ الذي يعطى الشيء قدر الحاجة من الحفظ، ومثله قول الزجاج، وقيل في تفسير بيت السموأل:

إني على الحساب مقيت أي موقوف على الحساب، وقال آخر:

ثم بعد الممات ينشرني مـن    هو على النشر يا بني مقيت أي مقتدر. وقال أبو عبيدة: المقيت- عند العرب-: الموقوف على الشيء، وفي الصحاح: وأقات على الشيء: اقتدر عليه، قال أبو قيس بن رفاعة اليهودي، وقيل: ثعلبة بن محيصة الأنصاري، وهو جاهلي، وقد روى أنه للزبير بن عبد المطلب عم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنشده الفراء:

وذي ضغن كففت النفس عنه    وكنت على إساءته مقـيتـا أي مقتدرا. وقرأت في هامش نسخة الصحاح بخط ياقوت، ما نصه: ذكر أبو محمد الأسود الغندجاني أن هذا البيت في قصيدة مرفوعة، ورواه. على مساءته أقيت . وأورد القصيدة وآخرها:

وإن قروم خطـمة أنـزلـتـنـي    بحيث ترى من الحضض الخروت

قلت: وفي التكملة بعدهما:

يبيت الليل مرتفقا ثـقـيلا     على فرش القناة وما أبيت
تعن إلى مـنـه مـؤذيات     كما تبرى الجذامير البروت

ونفخ في النار نفخا قوتا، واقتات لها، كلاهما: رفق بها. واقتت لنارك قيتة ، بالكسر، أي أطعمها الحطب ، قال ذو الرمة:

فقلت له ارفعها إليك وأحيها     بروحك واقتته لها قيتة قدرا وفي اللسان: إذا نفخ نافخ في النار قيل له: انفخ نفخا قوتا، واقتت لها نفخك قيتة، يأمره بالرفق والنفخ القليل، ومثله في التكملة. واستقاته: سأله القوت . وفلان يتقوت بكذا. وأقاته أي الشيء وأقات عليه: أطاقه فهو مقيت، أنشد ابن الأعرابي:

ربما أستفيد ثـم أفـيد ال    مال إني امرؤ مقيت مفيد ومما يستدرك عليه في المجاز: فلان يقتات الكلام اقتياتا، إذا أقله والحرب تقتات الإبل، أي تعطي في الديات، كذا في الأساس. وفي أمثالهم: جد امرىء في قائته أي يتبين جده. فيما يقوته، كذا في شرح شيخنا، وفي التكملة: القياتة: من الأعلام، والأصل قواتة.