الباب الثالث: باب التاء - الفصل الثاني والعشرون: فصل اللام مع المثناة الفوقية

فصل اللام مع المثناة الفوقية

ل - ب - ت
لبت يده: لواها ، أهمله الجوهري والصاغاني، وأثبته في اللسان. لبت فلانا لبتا : ضرب صدره وبطنه وأقرابه أي خواصره بالعصا . وفي التهذيب في ترجمة ب أ س: إذا قال الرجل لعدوه: لا بأس عليك فقد أمنه؛ لأنه نفى البأس عنه، وهو في لغة حمير لبات عليك، أي لا بأس، قال شاعرهم:

شربنا اليوم إذ عصبت غلاب     بتسهيد وعقـد غـير بـين
تنادوا عند غدرهـم لـبـات     وقد بردت معافر ذي رعين

قال: كذا وجدته في كتاب شمر.

ل - ت - ت
اللت: الدق، قال امرؤ القيس يصف الحمر:

تلت الحصى لتا بسمر رزينة      موارن لا كزم ولا معرات قال: تلت أي تدق بحوافر سمر، وذلك أصلب لها، والكزم القصار، وقال هميان:

حطما على الأنف ووسما علبا
وبالعصا لتا وخنقـا سـأبـا

قال أبو منصور: وهذا حرف صحيح اللت : الشد والإيثاق ، يقال: لت الشىء يلته إذا شده وأوثقه. عن ابن الأعرابي: اللت : الفت اللت : السحق ، زاده الصاغاني. ولت السويق والأقط ونحوهما يلته لتا: جدحه، وقيل: بسه بالماء ونحوه، وأنشد ابن الأعرابي:

سف العجوز الأقط الملتوتا

صفحة : 1165

وعن الليث: اللت بل السويق، والبس أشد منه، يقال: لت السويق، أي بله. واللتات بالضم: ما فت من قشور الخشب، ويروى عن الشافعي -رضي الله عنه- أنه قال في باب التيمم: ولا يجوز التيمم بلتات الشجر ، وهو ما فت من قشره اليابس الأعلى، قال الأزهري: لا أدري، لتات أم لتات، وفي الحديث: ما أبقى مني إلا لتاتا كأنه قال: ما أبقى مني المرض إلا جلدا يابسا كقشرة الشجر اللتات : ما لت به ، وفي كتاب الليث: اللت: الفعل من اللتات، وكل شىء يلت به سويق أو غيره نحو السمن ودهن الألية. في حديث مجاهد -في قوله تعالى: أفرأيتم اللات والعزى قال: كان رجلا يلت السويق لهم، وقرأ: أفرأيتم اللات والعزى مشددة التاء ، وهو صنم . قال الفراء: والقراءة اللات بتخفيف التاء قال: وأصله اللات بالتشديد وقرأ بها ابن عباس و مولاه عكرمة ومجاهد وجماعة ، كمنصور بن المعتمر والأعمش والسختياني، ونقله الفراء عن البزي ويعقوب. سمن بالذي كان يلت عنده السويق بالسمن أي يخلطه به ثم خفف وجعل اسما للصنم. وفي اللسان: اللات -فيما زعم قوم من أهل اللغة- صخرة كان عندها رجل يلت السويق للحاج، فلما مات عبدت، قال ابن سيده: ولا أدري ما صحة ذلك. وفي النهاية وذكر أن التاء في الأصل مخففة للتأنيث، وليس هذا بابها، وكان الكسائي يقف عند اللات بالهاء، قال أبو إسحاق: وهذا قياس، والأجود اتباع المصحف، والوقوف عليها بالتاء، قال أبو منصور: وقول الكسائي يوقف عليها بالهاء يدل على أنه لم يجعلها من اللت، وكان المشركون الذين عبدوها عارضوا باسمها اسم الله، تعالى الله علوا كبيرا عن إفكهم ومعارضتهم وإلحادهم في اسمه العظيم. قلت: وعلى قراءة التخفيف قول آخر حكاه أهل الاشتقاق، وهو أن يكون اللات فعلة من لوى؛ لأنهم كانوا يلوون عليها، أي يطوفون بها، قال شيخنا: وبه صدر البيضاوى تبعا للزمخشري، أي وعليه فموضعه المعتل. وفي الروض للسهيلي: أن الرجل الذي كان يلت السويق للحج هو عمرو بن لحى، ولما غلبت خزاعة على مكة ونفت جرهم جعلته العرب ربا وأنه اللات الذي كان يلت السويق للحجيج على صخرة معروفة تسمى صخرة اللات، وفيل: إن الذي كان يلت السويق من ثقيف، فلما مات قال لهم عمرو بن لحى: إنه لم يمت، ولكنه دخل الصخرة، ثم أمرهم بعبادتها وبنى بيتا عليها يسمى اللات، يقال: إنه دام أمره وأمر ولده من بعده على هذا ثلاثمائة سنة، فلما هلك سميت تلك الصخرة اللات، مخففة التاء، واتخذت صنما تعبد. وأشار المفسرون إلى الخلاف: هل كانت لثقيف في الطائف، أو لقريش في النخلة، كما في الكشاف والأنوار وغيرهما، كذا في شرح شيخنا. وقول شيخنا فيما بعد -عند قول المصنف: ثم خفف-: قد علمت أن الذي خففوه لم يقولوا: أصله التشديد، بل قالوا: هو معتل من لواه، إذا طاف به، إنما هو نظرا إلى ما صدر به القاضي، وإلا فابن الأثير، والأزهري، وغيرهما، نقلوا عن الفراء وغيره التخفيف من التشديد، كما سبق آنفا. قد لت فلان بفلان إذا لزبه أي شد وأوثق وقرن معه . واللتلتة: اليمين الغموس ، نقله الصاغاني عن ابن الأعرابي، وهو في الأساس أيضا. وأصابنا مطر من صبير لت ثيابنا لتا، فأروضت منه الأرض كلها، أي بلها، كذا في الأساس.

ل - ح - ت

صفحة : 1166

لحته بالعصا، كمنعه لحتا : ضربه بها. لحت العصا لحتا: بشرها و قشرها ، كنحتها، عن ابن الأعرابي، وقال: هذا رجل لا يضيرك عليه نحتا ولحتا، أي ما يزيدك عليه نحتا للشعر، ولحتا له. ولحته بالعذل لحتا، مثله. وفي الحديث: إن هذا الأمر لا يزال فيكم، وأنتم ولاته ما لم تحدثوا أعمالا، فإذا فعلتم كذا بعث الله عليكم شر خلقه، فلحتوكم كما يلحت القضيب ، اللحت: القشر. ولحته، إذا أخذ ما عنده ولم يدع له شيئا. واللحت واللتح واحد، مقلوب، وفي رواية فالتحوكم . قال الأزهري: برد بحت لحت أي صادق ، ونقله الصاغاني عن أبي الفرج، وهو إتباع، كما صرحوا.

ل - خ - ت
اللخت ، أهمله الجوهري، وقال الليث: هو العظيم الجسيم ، هكذا في مسختنا، وفي بعضها الجسم، وهو الصواب. اللخت المرأة المفضاة ، نقله الصاغاني. يقال: حر سخت لخت ، أي شديد قاله الليث، وقال ابن سيده: وأراه معربا

ل - ز - ت
لزت، بالضم والزاي، وفي نسخة بالراء المهملة، ومثله في التكملة : ع، أو قبيلة بالأندلس .

ل - ص - ت
اللصت بالفتح ويثلت: اللص ، عن الفراء، في لغة طيئ ج: لصوت ، وعلى الفتح اقتصر الجوهري، وغيره وزاد -كابن منظور-: وهم الذين يقولون: للطس طست، وأنشد أبو عبيد:

فتركن نهدا عيلا أبنـاؤهـم     وبنى كنانة كاللصوت المرد قال شيخنا: البيت أنشده ابن السكيت في كتاب الإبدال على أن أصله كاللصوص، فأبدلت الصاد تاء، ونسبه لرجل من طيئ؛ لأنها لغتهم، كما قاله الفراء، ونقله أيضا في كتاب المذكر والمؤنث له، لكن عن بعض أهل اليمن، والصاغاني في عبابه نسب البيت إلى عبد الأسود الطائي، وثال ابن الحاجب في أماليه على المفصل: هؤلاء تركوا هذه القبيلة فقراء، ونهد: قبيلة، والعيل: جمع عائل، كركع جمع راكع. ووقع في جمهرة ابن دريد، فتركن جرما، وهي أيضا قبيلة، ورواه ابن جنى في سر الصناعة: فتركت بضمير المتكلم والمرد: جمع مارد وهو المتمرد. انتهى.

وفي الصحاح: قال الزبير بن عبد المطلب:

ولكنا خلقنا إذ خـلـقـنـا    لنا الحبرات والمسك الفتيت
وصبر في المواطن كل يوم    إذا خفت من الفزع البيوت
فأفسد بطن مكة بعد أنـس     قراضبة كأنهم اللصـوت

ل - ف - ت
لفته يلفته لفتا: لواه على غير جهته. واللفت: لي الشيء عن جهته، كما تقبض على عنق إنسان فتلفته. يقال: اللفت: الصرف، يقال: لفته عن الشىء يلفته لفتا: صرفه قال الفراء- في قوله عز وجل: أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا -: اللفت: الصرف، يقال: ما لفتك عن فلان? أي ما صرفك عنه? وقيل: اللى، أن ترمى به إلى جانبك. ومن المجاز: لفته عن رأيه: صرفه، ومنه الألتفات، والتلفت لكن الثاني أكثر من الأول. وتلفت إلى الشىء والتفت إليه: صرف وجهه إليه، قال:

أرى الموت بين السيف والنطع كامنا      يلاحظني من حيث ما أتـلـفـت

وقال:
فلما أعادت من بعيد بنظرة         إلى التفاتا أسلمتها المحاجر

صفحة : 1167

وقوله تعالى: ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك أمر بترك الالتفات؛ لئلا يرى عظيم ما ينزل بهم من العذاب، وفي الحديث -في صفته صلى الله عليه وسلم-: فإذا التفت التفت جميعا أراد أنه لا يسارق النظر، وقيل: أراد لا يلوى عنقه يمنة ويسرة إذا نظر إلى الشىء، وإنما يفعل ذلك الطائش الخفيف، ولكن كان يقبل جميعا، ويدبر جميعا. من المجاز: لفت اللحاء عن الشجر ، وعبارة الأساس: عن العود : قشره وفي الصحاح: وفي حديث حذيفة إن من أقرإ الناس للقرآن منافقا لا يدع منه واوا ولا ألفا، يلفته بلسانه كما تلفت البقرة الخلى بلسانها هكذا نص الجوهري، والذي في الغربيبن للهروى من أقرإ الناس منافق وفي التذيب للأزهرى بخطه: من أقرإ الناس منافق يقال: فلان يلفت الكلام لفتا، أي يرسله ولا يبالي كيف جاء المعنى، وهو مجاز. لفت الريش على السهم: وضعه حالة كونه غير متلائم، بل كيف اتفق، نقله الصاغاني. واللفت، بالكسر: نبات معروف، كما في المصباح، ويقال له: السلجم ، قاله الفارابي والجوهري، وقال الأزهري: لم أسمعه من ثقة، ولا أدري أعربي أم لا، قال شيخنا: وصرح ابن الكتبي في كتابه ما لا يسع الطبيب جهله بأنه نبطى. اللفت : شق الشىء وصغوه أي جانبه، وسيأتي. اللفت : البقرة ، عن ثعلب. اللفت : الحمقاء اللفت : حياء اللبؤة ، نقله الصاغاني. اللفت : ثنية جبل قديد بين الحرمين الشريفين، هكذا ضبطه القاضي عياض في شرح مسلم، وهو رواية الحافظ ابن الحسين بن سراج، ويفتح هو رواية القاضي أبي على الصدفي، ورواها بالتحريك أيضا عن جماعة، وأنشد الأبى في إكمال الإكمال:

مررنا بلفت والثريا كأنهـا    قلائد در حل عنها خضابها

صفحة : 1168

والألفت من التيس: الملتوى أحد قرنية على الآخر، وهو بين اللفت، كما في الصحاح. الألفت: القوى اليد الذي يلفت من عالجه، أي يلويه. والألفت والألفك في كلام تميم : الأعسر، سمى بذلك لأنه يعمل بجانبه الأميل. في كلام قيس : الأحمق مثل الأعفت، والأنثى لفتاء. كاللفات، كسحاب وهو الأحمق العسر الخلق، كما هو نص الصحاح. ووجدت في الهامش ما نصه: ذكر أبو عبيد في المصنف: الهفاة واللفاة، بتخفيف الفاء، يكتبان بالهاء؛ لأن الوقف عليهما بالهاء، وسيأتي زيادة الكلام في ه ف ت. واللفوت ، كصبور، من النساء: امرأة لها زوج، و لها ولد من غيره فهي تلفت إلى ولدها، وتشتغل به عن الزوج، وفي حديث الحجاج أنه قال لامرأة: إنك كتون لفوت ، أي كثيرة التلفت إلى الأشياء. وقال عبد الملك بن عمير: اللفوت: التي إذا سمعت كلام الرجل التفتت إليه، وفي حديث عمر، رضى الله عنه، حين وصف نفسه بالسياسة فقال: إني لأربع وأشبع، وأنهز اللفوت، وأضم العنود، وألحق العطوف، وأزجر العروض. اللفوت : العسر الخلق ، وقد تقدم عن الصحاح ما يخالفه. وقال أبو جميل الكلابي: اللفوت : الناقة الضجور عند الحلب تلتفت إلى الحالب فتعضه، فينهزها بيده فتدر، وذلك إذا مات ولدها، فتدر؛ تفتدى باللبن من النهز، وهو الضرب. فضربها مثلا للذي يستعصى ويخرج عن الطاعة. عن ثعلب: اللفوت : التي لا تثبت عينها في موضع واحد، وإنما همها أن تغفل أنت عنها فتغمز غيرك . وبه فسر قول رجل لابنه: إياك والرقوب الغضوب القطوب اللفوت. واللفتاء: هي الحولاء اللفتاء أيضا: العنز التي اعوج قرناها ، وتيس ألفت كذلك، وقد تقدم. لفت الشىء لفتا: عصده، كما يلفت الدقيق بالسمن وغيره. اللفيتة : أن يصفى ماء الحنظل الأبيض، ثم تنصب به البرمة، ثم يطبخ حتى ينضج ويخثر، ثم يذر عليه دقيق. عن أبي حنيفة، وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أنه ذكر أمره في الجاهلية، وأن أمه اتخذت لهم لفيتة من الهبيد قال ابن الأثير وغيره: اللفيتة: العصيدة المغلظة ، والهبيد: الحنظل، وهكذا قاله أبو عبيد. هي مرقة تشبه الحيس ، وقيل: اللفت كالفتل، وبه سميت العصيدة لفيتة؛ لأنها تلفت أي تفتل وتلوى. وهو يلقت الكلام لفتا، أي يرسله ولا يبالي كيف جاء المعنى. ويقال: يلفت الراعي الماشية لفتا، أي يضربها و لا يبالي أيها أصاب، و منه قولهم: هو لفتة، كهمزة ، أي كثير اللفت.

ومما يستدرك عليه: المتلفتة: أعلى عظام العاتق مما يلى الرأس، كذا في لسان العرب.

ل - و - ت

صفحة : 1169

لات ، أهمله الجوهري، وقال غيره: لات الرجل لوتا، إذا أخبر بالشيء على غير وجهه. وقيل: هو أن يعمى عليه الخبر فيخبره بغير ما يسأل عنه . قال الأصمعي: إذا عمى عليه الخبر قيل: قد لاته يليته ليتا، فجعله يائيا، ومثله في اللسان، ودليل ذلك أيضا ما نقله ابن منظور، وقيل للأسدية: ما المداخلة? فقالت: أن تليت الإنسان شيئا قد عمله، أي تكتمه وتأتي بخبر سواه. فانظر ذلك مع سياق المصنف. لات الخبر: كتمه وأتى بخبر سواه، قاله خالد بن جنبة. ولواتة، بالفتح ، وفي بعض النسخ: كسحابة: ع، بالأندلس أو بلدة بها، بل في العدوة. وقبيلة بالبربر ، سميت تلك البلدة أو الموضع بمن نزلها من هذه القبيلة، وقد نسب إليها جماعة من المحدثين وغيرهم.

ل - ه - ت
ومما يستدرك عليه: لاهوت، يقال: لله، كما يقال: ناسوت للإنسان، استدركه شيخنا بناء على ادعاء بعضهم أصالة التاء، وفيه نظر.

ل - ي - ت
ليت ، بفتح اللام: كلمة تمن أي حرف دال على التمنى، وهو طلب ما لا طمع فيه، أو ما فيه عسر، تقول: ليتني فعلت كذا وكذا، وهي من الحروف الناصبة تنصب الاسم وترفع الخبر مثل كأن وأخواتها؛ لأنها شابهت الأفعال بقوة ألفاظها، واتصال أكثر المضمرات بها، وبمعانيها، تقول: ليت زيدا ذاهب، وأما قول الشاعر:

يا ليت أيام الصبا رواجعا فإنما أراد يا ليت أيام الصبا لنا رواجع، نصبه على الحال، كذا في الصحاح. ووجدت في الحاشية ما نصه: رواجعا نصب على إضمار فعل، كأنه قال: أقبلت، أو عادت، أو ما يليق بالمعنى، كذا قال سيبويه، تتعلق بالمستحيل غالبا، وبالممكن قليلا وهو نص الشيخ ابن هشام في المغنى، ومثله بقول الشاعر:

فياليت الشباب يعود يوما     فأخبره بما فعل المشيب وقد نظر فيه الشيخ بهاء الدين السبكي في عروس الأفراح ، ومنع أن يكون هذا من المستحيل. نقله شيخنا. وقد حكى النحويون عن بعض العرب أنها تنزل منزلة وجدت فيعديها إلى مفعولين، ويجريها مجرى الأفعال فيقال: ليت زيدا شاخصا فيكون البيت على هذه اللغة، كذا في الصحاح. قال شيخنا: وهذه لغة مشهورة حكاها الفراء وأصحابه عن العرب، ونقلها الشيخ ابن مالك في مصنفاته، واستدلوا بشواهد حملها بقية البصريين على التأويل. ويقال: ليتى وليتنى ، كما قالوا: لعلنى ولعلى وإني وإنني، قال ابن سيده: وقد جاء في الشعر ليتى، أنشد سيبويه لزيد الخيل:

تمنى مزيد زيدا فـلاقـى      أخا ثقة إذا اختلف العوالي
كمنية جابر إذ قال لـيتـى     أصادفه وأتلف بعض مالي

صفحة : 1170

قلت: هكذا في النوادر، والذي في الصحاح أغرم جل مالي في المصراع الأخير. وقال شيخنا -عند قول المصنف، ويقال: ليتى وليتني-: أراد أن نون الوقاية تلحقها كإلحاقها بالأفعال حفظا لفتحتها، ولا تلحقها إبقاء لها على الأصل، وظاهره التساوى في الإلحاق وعدمه، وليس كذلك، وفي تنظير الجوهري لها بلعل أنهما في هذا الحكم سواء، وأن النون تلحق لعل كليت، ولا تلحقها، وليس كذلك، بل الصواب أن إلحاق النون لليت أكثر، بخلاف لعل، فإن الراجح فيها عدم إلحاق النون، إلى آخر ما قال. والليت، بالكسر: صفحة العنق وقيل: الليتان: أدنى صفحتى العنق من الرأس، عليهما بنحدر القرطان، وهما وراء لهزمتي اللحيين، وقيل: هما موضع المحجمتين، وقيل: هما ما تحت القرط من العنق، والجمع أليات وليتة، وفي الحديث: ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا أي أمال صفحة عنقه. ولاته يليته ويلوته ليتا، أي حبسه عن وجهه وصرفه قال الراجز:

وليلة ذات ندى سـريت
ولم يلتني عن سراها ليت

وقيل: معنى هذا: لم يلتني عن سراها أن أتندم، فأقول: ليتني ما سريتها. وقيل: معناه: لم يصرفني عن سراها صارف، أي لم يلتني لائت، فوضع المصدر موضع الاسم. وفي التهذيب: أي لم يثنني عنها نقص ولا عجز عنها. كألاته عن وجهه، فعل وأفعل بمعنى واحد. ولاته حقه يليته ليتا، وألاته: نقصه، والأول أعلى، وفي التنزيل العزيز وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا قال الفراء: معناه لا ينقصكم، ولا يظلمكم من أعمالكم شيئا، وهو من لات يليت، قال: والقراء مجتمعون عليها، قال الزجاج: لاته يليته وألاته يليته، إذا نقصه. في اللسان: يقال: ما ألاته من عمله شيئا: ما نقصه، كما ألته بكسر اللام وفتحها، وقرىء قوله وما ألتناهم بكسر اللام من عملهم من شىء قال الزجاج: لاته عن وجهه أي حبسه، يقول: لا نقصان ولا زيادة، وقيل في قوله -ما ألتناهم- قال: يجوز أن تكون من ألت ومن ألات. وقال شمر، فيما أنشده من قول عروة بن الورد:

فبت أليت الحق والحق مبتلى

صفحة : 1171

أي أحيله وأصرفه، ولاته عن أمره ليتا، وألاته: صرفه. وعن ابن الأعرابي: سمعت بعضهم يقول: الحمد لله الذي لا يفات ولا يلات. ولا تشتبه عليه الأصوات. يلات: من ألات يليت، لغة في لات يليت إذا نقص، ومعناه: لا ينقص ولا يحبس عنه الدعاء. وقال خالد بن جنبة: لايلات، أي لا يأخذ فيه قول قائل، أي لا يطيع أحدا، كذا في اللسان. والتاء في قوله تعالى: ولات حين مناص زائدة كما زيدت في ثمت وربت، وهو قول المؤرج، كذا في الصحاح، واللسان، أو شبهوها أي لات بليس ، قاله الأخفش، كذا بخط الجوهري في الصحاح، وفي الهامش صوابه: سيبويه، فأضمر وعبارة الصحاح: وأضمروا فيها اسم الفاعل. قال: ولا تكون لات إلا مع حين قال ابن بري: هذا القول نسبه الجوهري إلى الأخفش، وهو لسيبويه؛ لأنه يرى أنها عاملة عمل ليس، وأما الأخفش فكان لا يعملها، ويرفع ما بعدها بالابتداء إن كان مرفوعا، وينصبه بإضمار فعل إن كان منصوبا، قال: وقد تحذف أي لفظة حين في الشعر، وهي أي تلك اللفظة مرادة فتقدر، وهو قول الصاغاني، والجوهري، وإياهما تبع المصنف كقول مازن بن مالك: حنت ولات هنت وأنى لك مقروع فحذف الحين، وهو يريده. ووجدت في الهامش أن هذا ليس بشعر، وإنما هو كلام تمثل به، وله حكاية طويلة قال شيخنا: وقد تعقبوه، يعني القول الذي تبع فيه الشيخين، فقالوا: إن أرادوا الزمان المحذوف معموله فلا يصح؛ إذ لا يجوز حذف معموليها، كما لا يجوز جمعهما، وإن أرادوا أنها مهملة وأن الزمان لا بد منه لتصحيح استعمالها، فلا يصح أيضا؛ لأن المهملة تدخل على غير الزمان. قلت: هو الذي صرح به أئمة العربية، قال أبو حيان -في ارتشاف الضرب من لسان العرب-: وقد جاءت لات غير مضاف إليها حين ولا مذكور بعدها حين، ولا ما رادفه في قول الأودى

ترك الناس لنا أكنـافـنـا     وتولوا لات لم يغن الفرار

صفحة : 1172

إذ لو كانت عاملة لم يحذف الجزآن بعدها، كما لا يحذفان بعد ما، ولا العاملتين عمل ليس، وصرح به ابن مالك في التسهيل والكافية وشروحهما، ثم قال: وقد أجحفوا بهذا اللفظ في حقيقته وعمله، فكان الأولى تركه أو عدم التعرض لبسط الكلام فيه، وإنما يقتصرون على قولهم: ولات النافية العاملة عمل ليس. وحاصل كلام النحاة فيها يرجع، إلى أنهم اختلفوا في كل من حقيقتها وعملها: فقالوا: في حقيقتها أربعة مذاهب: الأول: أنها كلمة واحدة، وأنها فعل ماض، واختلف هؤلاء على قولين: أحدهما: أنها في الأصل لات بمعنى نقص. ومنه لا يلتكم من أعمالكم ، ثم استعملت للنفي، كقل، قاله أبو ذر الخشنى في شرح كتاب سيبويه، ونقله أبو حيان في الارتشاف، وابن هشام في المغنى، وغير واحد. ثانيهما: أن أصلها ليس بالسين، كفرح، فأبدلت سينها تاء، ثم انقلبت الياء ألفا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها، فلما تغيرت اختصت بالحين، وهذا نقله المرادى عن ابن الربيع. والمذهب الثاني: أنها كلمتان: لا النافية، لحقتها تاء التانيث؛ لتأنيث اللفظ، كما قاله ابن هشام والرضى، أو لتأكيد المبالغة في النفي، كما في شرح القطر لمصنفه، وهذا هو مذهب الجمهور. الثالث: أنها حرف مستقل، ليس أصله ليس ولا لا، بل هو لفظ بسيط موضوع على هذه الصيغة، نقله الشيخ أبو إسحاق الشاطبى، في شرح الخلاصة، ولم يذكره غيره من أهل العربية على كثرة استقصائها. الرابع: أنها كلمة وبعض كلمة، لا النافية، والتاء مزيدة في أول حين، ونسب هذا القول لأبي عبيد وابن الطراوة، ونقله عنهما في المغنى، وقال: استدل أبو عبيد بأنه وجدها متصلة في الإمام، أي مصحف عثمان، ولا دليل فيه؛ لأن في خطه أشياء خارجة عن القياس، ويشهد للجمهور أنه يوقف عليها بالتاء والهاء، وأنها ترسم منفصلة من حين، وأن تاءها قد تكسر على أصل التقاء الساكنين، وهو معنى قول الزمخشري. وقرئ بالكسر كجير، ولو كان ماضيا لم يكن للكسر وجه. قلت: وقد حكى أيضا فيها الضم وقرئ بهن؛ فالفتح تخفيفان وهو الأكثر، والكسر على أصل التقاء الساكنين، والضم جبرا لوهنها بلزوم حذف أحد معموليها، قاله البدر الدمامينى في شرح المغنى، فهي مثلثة التاء، وإن أغفلوه. ثم قال شيخنا: وأما الاختلاف في عملها، ففيه أربعة مذاهب أيضا: الأول: أنها لا تعمل شيئا؛ فإن وليها مرفوع فمبتدأ حذف خبره، أو منصوب فمفعول حذف فعله الناصب له، وهو قول الأخفش، والتقدير عنده: لا أرى حين مناص، نصبا، ولا حين مناص كائن لهم، رفعا. والثاني: أنها تعمل عمل إن، وهو قول آخر للأخفش والكوفيين. والثالث: أنها حرف جر عند الفراء، على ما نقله عنه الرضى وابن هشام وغيرهما. والرابع: أنها تعمل عمل ليس، وهو قول الجمهور، وقيده ابن هشام بشرطين: كون معموليها اسمى زمان، وحذف أحدهما. انتهى