الباب الرابع: باب الثاء المثلثة - الفصل الرابع: فصل الثاء المثلثة مع نفسها

فصل الثاء المثلثة مع نفسها

ث - ل - ث
الثلث ، بضم فسكون وبضمتين ويقال: بضمة ففتحة- كأمثاله-: لغة أو تخفيفا، وهو كثير في كلامهم، وإن أغفله المصنف تبعا للجوهري، كذا قاله شيخنا :سهم أي حظ ونصيب من ثلاثة أنصباء كالثليث يطرد ذلك عند بعضهم في هذه الكسور، وجمعها، أثلاث. ونص الجوهري: فإذا فتحت الثاء زدت ياء، فقلت: ثليث، مثل: ثمين وسبيع وسديس وخميس ونصيف، وأنكر أبو زيد منها خميسا وثليثا. قلت: وقرأت في معجم الدمياطي ما نصه: قال ابن الأنباري: قال اللغويون: في الربع ثلاث لغات: يقال: هو الربع والربع والربيع، وكذلك العشر والعشر والعشير، يطرد في سائر العدد، ولم يسمع الثليث، فمن تكلم به أخطأ، فالمصنف جرى على رأى الأكثر، وقالوا: نصيف بمعنى النصف، لكن المعروف في النصف الكسر، بخلاف غيره من الأجزاء، فإنها على ما قلنا. وعن الأصمعي: الثليث: بمعنى الثلث، ولم يعرفه أبو زيد، وأنشد شمر:

توفي الثليث إذا ما كان في رجب     والحي في خاثر منهـا وإيقـاع

صفحة : 1221

الثلث بالكسر من قولهم: سقى نخله الثلث- بالكسر- أي بعد الثنيا . وثلث الناقة أيضا: ولدها الثالث ، وطرده ثعلب في ولد كل أنثى، وقد أثلثت، فهي مثلث، ولا يقال: ناقة ثلث. وفي قول الجوهري: ولا تستعمل أي الثلث بالكسر إلا في الأول - يعني في قولهم: هو يسقي نخله الثلث- نظر كأنه نقص كلامه بما حكاه من ثلث الناقة: ولدها الثالث، وهذا غير وارد عليه؛ لأن مراد الجوهري أن الثلث في الأظماء غير وارد، ونص عبارته: والثلث بالكسر من قولهم: هو يسقي نخله الثلث، ولا يستعمل الثلث إلا في هذا الموضع، وليس في الورد ثلث؛ لأن أقصر الورد الرفه: وهو أن تشرب الإبل كل يوم، ثم الغب: وهو أن ترد يوما وتدع يوما، فإذا ارتفع من الغب فالظمء الربع، ثم الخمس، وكذلك إلى العشر، قاله الأصمعي. انتهى. فعرف من هذا أن مراده أن الأظماء ليس فيها ثلث، وهو صحيح متفق عليه، ووجود ثلث النخل، أو ثلث الناقة- لولدها الثالث- لا يثبت هذا، ولا يحوم حوله، كما هو ظاهر، فقوله: فيه نظر، فيه نظر. كما حققه شيخنا. جاءوا ثلاث ثلاث ومثلث مثلث، أي ثلاثة ثلاثة. وقال الزجاج:- في قوله تعالى: فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع معناه: اثنتين اثنتين، وثلاثا ثلاثا، إلا أنه لم ينصرف؛ لجهتين: وذلك أنه اجتمع علتان: إحداهما أنه معدول عن اثنين اثنين وثلاث ثلاث، والثانية أنه عدل عن تأنيث. وفي الصحاح: ثلاث ومثلث غير مصروف للعدل والصفة، والمصنف أشار إلى علة واحدة، وهي العدل، وأغفل عن الوصفية فقال: معدول من ثلاثة ثلاثة إلى ثلاث ومثلث، وهو صفة؛ لأنك تقول: مررت بقوم مثنى وثلاث، وهذا قول سيبويه. وقال غيره: إنما لم يصرف لتكرر العدل فيه: في اللفظ، والمعنى لأنه عدل عن لفظ اثنين إلى لفظ مثنى وثناء، وعن معنى اثنين إلى معنى اثنين اثنين إذا قلت: جاءت الخيل مثنى، فالمعنى: اثنين اثنين، أي جاءوا مزدوجين، وكذلك جميع معدول العدد، فإن صغرته صرفته، فقلت: أحيد ونثى وثليث وربيع؛ لأنه مثل حمير، فخرج إلى مثال ما ينصرف، وليس كذلك أحمد وأحسن؛ لأنه لا يخرج بالتصغير عن وزن الفعل؛ لأنهم قد قالوا- في التعجب-: ما أميلح زيدا، وما أحيسنه. وفي الحديث: لكن اشربوا مثنى وثلاث ورباع وسموا الله تعالى يقال: فعلت الشيء مثنى وثلاث ورباع، غير مصروفات، إذا فعلته مرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا، وأربعا أربعا. وثلثت القوم أثلثهم ثلثا، كنصر: أخذت ثلث أموالهم ، وكذلك جميع الكسور إلى العشر. ثلثت ،كضرب أثلث ثلثا :كنت ثالثهم، أو كملتهم ثلاثة، أو ثلاثين، بنفسي . قال شيخنا: أو هنا بمعنى الواو، أو للتفصيل والتخيير، ولا يصح كونها لتنويع الخلاف. انتهى. قال ابن منظور: وكذلك إلى العشرة، إلا أنك تفتح: أربعهم وأسبعهم وأتسعهم فيها جميعا؛ لمكان العين. وتقول: كانوا تسعة وعشرين فثلثتهم، أي صرت بهم تمام ثلاثين وكانوا تسعة وثلاثين فربعتهم، مثل لفظ الثلاثة والأربعة، كذلك إلى المائة، وأنشد ابن الأعرابي قول الشاعر في ثلثهم إذا صار ثالثهم، قال ابن برى: هو لعبد الله بن الزبير الأسدي يهجو طيئا:

صفحة : 1222


فإن تثلثوا نربع وإن يك خامس    يكن سادس حتى يبيركم القتل أراد بقوله: تثلثوا، أي تقتلوا ثالثا. وبعده:

وإن تسبعوا نثمن وإن يك تاسـع     يكن عاشر حتى يكون لنا الفضل يقول: إن صرتم ثلاثة صرنا أربعة، وإن صرتم أربعة صرنا خمسة، فلا نبرح نزيد عليكم أبدا. يقال: رماه الله بثالثة الأثافي ، وهي الداهية العظيمة، والأمر العظيم، وأصلها أن الرجل إذا وجد أثفيتين لقدره، ولم يجد الثالثة جعل ركن الجبل ثالثة الأثفيتين. و ثالثة الأثافي: الحيد النادر من الجبل يجمع إليه صخرتان، فينصب عليها القدر . وأثلثوا: صاروا ثلاثة ، عن ثعلب، وكانوا ثلاثة فأربعوا، كذلك إلى العشرة. وفي اللسان: وأثلثوا: صاروا ثلاثين، كل ذلك عن لفظ الثلاثة، وكذلك جميع العقود إلى المائة، تصريف فعلها كتصريف الآحاد. والثلوث من النوق :ناقة تملأ ثلاثة أوان ، وفي اللسان: ثلاثة أقداح إذا حلبت ، ولا يكون أكثر من ذلك، عن ابن الأعرابي؛ يعني لا يكون الملء أكثر من ثلاثة. هي أيضا: ناقة تيبس ثلاثة من أخلافها وذلك أن تكوى بنار حتى ينقطع، ويكون وسما لها، هذه عن ابن الأعرابي. هي التي صرم خلف من أخلافها، أو بمعنى الواو، وليست لتنويع الخلاف، فإنها مع ما قبلها عبارة واحدة، تحلب من ثلاثة أخلاف ، وعبارة اللسان: ويقال- للناقة التي صرم خلف من أخلافها، وتحلب من ثلاثة أخلاف: تلوث أيضا، وقال أبو المثلم الهذلي:

ألا قولا لعبد الجهل إن ال     صحيحة لا تحالبها الثلوث وقال ابن الأعرابي: الصحيحة: التي لها أربعة أخلاف، والتلوث: التي لها ثلاثة أخلاف. وقال ابن السكيت: ناقة ثلوث إذا أصاب أحد أخلافها شيء فيبس وأنشد قول الهذلي أيضا. وكذلك أيضا ثلث بناقته، إذا صر منها ثلاثة أخلاف، فإن صر خلفين قيل: شطر بها، فإن صر خلفا واحدا قيل: خلف بها، فإن صر أخلافها جمع قيل: أجمع بناقته وأكمش. وفي التهذيب: الناقة إذا يبس ثلاثة أخلاف منها، فهي ثلوث. وناقة مثلثة: لها ثلاثة أخلاف، قال الشاعر:

فتقنع بالقليل تراه غنمـا     ويكفيك المثلثة الرغوث

صفحة : 1223

والمثلوثة: مزادة من ثلاثة آدمة، وفي الصحاح: من ثلاثة جلود . والمثلوث: ما أخذ ثلثه ، وكل مثلوث منهوك. وقيل: المثلوث: ما أخذ ثلثة، والمنهوك: ما أخذ ثلثاه، وهو رأى العروضيين في الرجز والمنسرح. والمثلوث من الشعر: الذي ذهب جزآن من ستة أجزائه. المثلوث :حبل ذو ثلاث قوى ، وكذلك في جميع ما بين الثلاثة إلى العشرة، إلا الثمانية والعشرة. وعن الليث: المثلوث من الحبال: ما فتل على ثلاث قوى، وكذلك ما ينسج أو يضفر. والمثلث ؛ كمعظم :شراب طبخ حتى ذهب ثلثاه ، وقد جاء ذكره في الحديث. أرض مثلثة: لها ثلاثة أطراف، فمنها المثلث الحاد، ومنها المثلث القائم. و شيء مثلث: ذو ثلاثة أركان قاله الجوهري. وقال غيره: شيء مثلث: موضوع على ثلاث طاقات، وكذلك في جميع العدد ما بين الثلاثة إلى العشرة. وقال الليث: المثلث: ما كان من الأشياء على ثلاثة أثناء. ويثلث، كيضرب أو يمنع، وتثليث، وثلاث، كسحاب، وثلاثان- بالضم-: مواضع ، الأخير قيل: ماء لبنى أسد. قال امرؤ القيس:

قعدت له وصحبتي بين ضارج     وبين تلاع يثلث فالـعـريض

وقال الأعشى:

كخذول ترعى النواصف من تث    ليث قفرا خلا لهـا الأسـلاق

وفي شرح شيخنا، قال الأعشى:

وجاشت النفس لما جاء جمعهم     وراكب جاء من تثليث معتمر وقال آخر:

ألا حبذا وادي ثلاثان     إننـي وجدت به طعم الحياة يطيب والثلثان، كالظربان ، نقل شيخنا عن ابن جني في المحتسب، أن هذا من الألفاظ التي جاءت على فعلان- بفتح الفاء وكسر العين- وهي: ثلثان، وبدلان، وشقران، وقطران، لا خامس لها، ويحرك : شجرة عنب الثعلب ، قال أبو حنيفة: أخبرني بذلك بعض الأعراب، قال: وهو الربرق أيضا، وهو ثعالة، وقوله: ويحرك، الصواب ويفتح، كما ضبطه الصاغاني. من المجاز: التقت عرى ذي ثلاثها ذو ثلاث. بالضم هو وضين البعير . قال الطرماح:

وقد ضمرت حتى بدا ذو ثلاثهـا     إلى أبهرى درماء شعب السناسن

صفحة : 1224

ويقال: ذو ثلاثها: بطنها، والجلدتان العليا، والجلدة التي تقشر بعد السلخ. وفي الأساس: وروى حتى ارتقى ذو ثلاثها أي ولدها، والثلاث: السابياء، والرحم، والسلى، أي صعد إلى الظهر. من المجاز أيضا: يوم الثلاثاء وهو بالمد، ويضم كان حقه الثالث، ولكنه صيغ له هذا البناء؛ ليتفرد به، كما فعل ذلك بالدبران، وحكى عن ثعلب: مضت الثلاثاء بما فيها، فأنت، وكان أبو الجراح يقول: مضت الثلاثاء بما فيهن، يخرجها مخرج العدد، والجمع: ثلاثاوات وأثالث. حكى الأخيرة المطرزي عن ثعلب. وحكى ثعلب عن ابن الأعرابي: لا تكن ثلاثاويا، أي ممن يصوم الثلاثاء وحده. وفي التهذيب: والثلاثاء لما جعل اسما جعلت الهاء التي كانت في العدد مدة، فرقا بين الحالين، وكذلك الأربعاء من الأربعة، فهذه الأسماء جعلت بالمد توكيدا للاسم، كما قالوا: حسنة وحسناء، وقصبة وقصباء، حيث ألزموا النعت إلزام الاسم، وكذلك الشجراء والطرفاء، والواحد من كل ذلك بوزن فعلة. وثلث البسر تثليثا: أرطب ثلثه وهو مثلث. قال ابن سيده: ثلث الفرس: جاء بعد المصلى ، ثم ربع، ثم خمس. وقال علي- رضي الله عنه- سبق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وثنى أبو بكر، وثلث عمر، وخبطتنا فتنة، فما شاء الله . قال أبو عبيد: ولم أسمع في سوابق الخيل- ممن يوثق بعلمه- اسما لشيء منها إلا الثاني، والعاشر، فإن الثاني اسمه المصلى، والعاشر السكيت، وما سوى ذينك إنما يقال: الثالث والرابع، وكذلك إلى التاسع. وقال ابن الأنباري: أسماء السبق من الخيل: المجلى، والمصلى، والمسلى، والتالي، والحظى، والمؤمل، والمرتاح، والعاطف، واللطيم، والسكيت. قال أبو منصور: ولم أحفظها عن ثقة، وقد ذكرها ابن الأنباري، ولم ينسبها إلى أحد، فلا أدري أحفظها لثقة أم لا. في حديث كعب أنه قال لعمر: أنبئني ما المثلث ? حين قال له: شر الناس المثلث .- أي كمحدث ويخفف قال شمر: هكذا رواه لنا البكراوي عن عوانة بالتخفيف وإعرابه بالتشديد مثلث من تثليث الشيء- فقال عمر: المثلث لا أبالك، هو الساعي بأخيه عند وفي نسخة إلى السلطان، لأنه يهلك ثلاثة: نفسه وأخاه والسلطان وفي نسخة: وإمامه، أي بالسعي فيه إليه. والرواية: هو الرجل يمحل بأخيه إلى إمامه، فيبدأ بنفسه فيعنتها، ثم بأخيه ثم بإمامه، فذلك المثلث، وهو شر الناس.

ومما يستدرك عليه: الثلاثة من العدد: في عدد المذكر معروف، والمؤنث ثلاث. وعن ابن السكيت: يقال: هو ثالث ثلاثة، مضاف إلى العشرة، ولا ينون، فإن اختلفا: فإن شئت نونت، وإن شئت أضفت، قلت: هو رابع ثلاثة، ورابع ثلاثة، كما تقول: ضارب زيد، وضارب زيدا؛ لأن معناه الوقوع، أي كملهم بنفسه أربعة. وإذا اتفقا، فالإضافة لا غير، لأنه في مذهب الأسماء، لأنك لم ترد معنى الفعل، وإنما أردت هو أحد الثلاثة، وبعض الثلاثة، وهذا ما لا يكون إلا مضافا. وقد أطال الجوهري في الصحاح، وتبعه ابن منظور، وغيره، ولابن برى هنا في حواشيه كلام حسن. قال ابن سيده: وأما قول الشاعر:

يفديك يا زرع أبي وخالي
قد مر يومان وهذا الثالي
وأنت بالهجران لا تبالـي

صفحة : 1225

فإنه أراد الثالث، فأبدل الياء من الثاء. وفي الحديث: دية شبه العمد أثلاثا أي ثلاث وثلاثون حقة، وثلاث وثلاثون حقة، وثلاث وثلاثون جذعة، وأربع وثلاثون ثنية. والثلاثة بالضم: الثلاثة عن ابن الأعرابي. وأنشد:

فما حلبت إلا الثلاثة والثنى       ولا قيلت إلا قريبا مقالها هكذا أنشده بضم الثاء من الثلاثة. والثلاثون من العدد ليس على تضعيف الثلاثة، ولكن على تضعيف العشرة، قاله سيبويه. والتثليث: أن تسقي الزرع سقية أخرى بعد الثنيا. والثلاثي: منسوب إلى الثلاثة، على غير قياس. وفي التهذيب: الثلاثي: ينسب إلى ثلاثة أشياء، أو كان طوله ثلاثة أذرع: ثوب ثلاثي ورباعي، وكذلك الغلام، يقال: غلام خماسي ولا يقال: سداسي؛ لأنه إذا تمت له خمس صار رجلا. والحروف الثلاثية: التي اجتمع فيها ثلاثة أحرف. والمثلاث: من الثلث، كالمرباع من الربع. وأثلث الكرم: فضل ثلثه وأكل ثلثاه. وإناء ثلثان: بلغ الكيل ثلثه، وكذلك هو في الشراب وغيره. وعن الفراء: كساء مثلوث: منسوج من صوف ووبر وشعر، وأنشد:

مدرعة كساؤها مثلوث وفي الأساس: أرض مثلوثة: كربت ثلاث مرات، ومثنية: كربت مرتين. و قد ثنيتها وثلثتها. وفلان يثنى ولا يثلث، أي يعد من الخلفاء اثنين، وهما الشيخان، ويبطل غيرهما. وفلان يثلث ولا يربع، أي يعد منهم ثلاثة، ويبطل الرابع. وشيخ لا يثنى ولا يثلث، أي لا يقدر في المرة الثانية ولا الثالثة أن ينهض. ومن المجاز: عليه ذو ثلاث، أي كساء عمل من صوف ثلاث من الغنم. وتثنية الثلاثاء ان، عن الفراء، ذهب إلى تذكير الاسم. وثليث- مصغرا مشددا- موضع على طريق طيىء إلى الشام.

ث - و - ث
ثوث. هذه المادة أهملها المصنف والجوهري وغيرهما، وذكرها ابن منظور في اللسان. قال: يقال: برد ثوثي، كفوفي، وحكي يعقوب أن ثاءه بدل.