باب الثاء والفاء، القاف، الكاف

ثفأ

ثَفَأَ القِدْرَ: كَسَرَ غَلَيانَها.
والثُّفَّاءُ على مثال القُرَّاء: الخَرْدل، ويقال الحُرْف، وهو فُعّال، واحدته ثُفَّاءَةٌ بلغة أَهل الغَوْر، وقيل بل هو الخَرْدَلُ المُعالَجُ بالصِّباغ، وقيل: الثُّفَّاء: حَبُّ الرَّشاد؛ قال ابن سيده: وهمزته تحتمل أَن تكون وضعاً وأن تكون مُبْدلة من ياءٍ أَو واو، إِلا أَنَّا عامَلْنا اللفظ إِذْ لم نجد له مادّة. وفي الحديث: أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: ماذا في الأَمَرَّيْن مِن الشِّفاءِ الصَّبرِ والثُّفَّاءِ، هو مِن ذلك. الثُّفَّاءُ: الخَرْدَلُ، وقيل الحُرْفُ، ويسمِّيه أَهْلُ العِراق حَبَّ الرَّشادِ، والواحدةُ ثُفَّاءَة، وجعلَهُ مُرّاً للحُروفة التي فيه ولَذْعِه اللّسانَ.

ثفا

ثَفَوْتُه: كنت معه على إِثره. وثَفاه يَثْفيه: تَبِعَه. وجاء يَثْفُوه أَي يَتْبَعه. قال أَبو زيد: تَأَثَّفَكَ الأَعداء أَي اتَّبعوك وأَلَحُّوا عليك ولم يزالوا بك يُغْرُونَك بي أَبو زيد: خامَرَ الرجلُ المكان إذا لم يَبْرَحْه، وكذلك تأَثَّفَه. ابن بري: يقال ثَفاه يَثْفُوه إذا جاء في إِثره؛ قال الراجر:

يُبادِرُ الآثارَ أَن يؤوبـا،

 

وحاجِبَ الجَوْنَة أَنْ يَغِيبا

بمُكْرَباتٍ قُعِّبَتْ تَقْعِيبـا،

 

كالذِّئْبِ يَثْفُو طَمَعاً قريبا

والأُثْفِيَّة: ما يوضع عليه القِدْر، تقديره أُفْعُولة، والجمع أَثافيُّ وأَثاثيُّ؛ الأَخيرة عن يعقوب، قال: والثاء بدل من الفاء، وقال في جمع الأَثافي: إِن شئت خففت؛ وشاهد التخفيف قول الراجز:

يا دارَ هِنْدٍ عَفَت إِلاَّ أَثافِـيهـا،

 

بينَ الطَّوِيِّ، فصاراتٍ، فَوادِيها

وقال آخر:

كأَنَّ، وقد أَتَى حَوْلٌ جدِيدٌ،

 

أَثافِيَها حَماماتٌ مُثُـولُ

وفي حديث جابر: والبُرْمَة بين الأَثافيِّ، وقد تخفف الياءُ في الجمع، وهي الحجارة التي تنصب وتجعل القدر عليها، والهمزة فيها زائدة. وثَفَّى القدر وأَثْفاها: جعلها على الأَثافي. وثَفَّيْتها: وضعتها على الأَثافي.وأَثَّفْت القِدْرَ أَي جعلت لها أَثافيَّ؛ ومنه قول الكميت:

وَما اسْتُنْزِلَتْ في غَيرِنا قِدْرُ جارِنا،

 

ولا ثُفِّيَتْ إِلا بنا، حينَ تُنْـصَـب

وقال آخر:

وذاكَ صَنِيعٌ لم تُثَفَّ له قِدْرِي

وقول حُطامٍ المجاشعي:

لم يَبْقَ من آيٍ بها يُحَلَّيْنْ

غَيرُ خِطامٍ ورَمادٍ كِنْفَيْنْ

وصالِياتٍ كَكَما يُؤَثْفَـيْنْ

جاء به على الأَصل ضرورة ولولا ذلك لقال يُثْفَيْن؛ قال الأَزهري: أَراد يُثْفَيْنَ من أَثْفَى يُثْفِي، فلما اضطرَّه بناء الشعر رده إِلى الأَصل فقال يُؤَثْفَيْن، لأَنك إذا قلت أَفْعل يُفْعِل علمتَ أَنه كان في الأَصل يُؤَفْعِل؛ فحذفت الهمزة لثقلها كما حذفوا أَلف رأَيت من أَرى، وكان في الأَصل أَرْأَى، فكذلك من يَرَى وتَرَى ونَرَى، الأَصل فيها يَرْأَى وتَرْأَى ونَرْأَى، فإِذا جاز طرح همزتها، وهي أَصلية، كانت همزة يُؤَفْعِلُ أَولى بجواز الطرح لأَنها ليست من بناء الكلمة في الأَصل؛ ومثله قوله:

كُرات غُلامٍ من كِساءٍ مُؤَرْنَبِ

ووجه الكلام: مُرْنَب، فردّه إِلى الأَصل. ويقال: رجل مُؤَنْمَل إذا كان غليظ الأَنامل، وإِنما أَجمعوا على حذف همزة يُؤَفْعِل استثقالاً للهمزة لأَنها كالتقَيُّؤِ، ولأَن في ضمة الياء بياناً وفصلاً بين غابر فِعْل فَعَلَ وأَفْعَل، فالياء من غابر فعَل مفتوحة، وهي من غابر أَفْعل مضمومة، فأَمنوا اللبس واستحسنوا ترك الهمزة إِلا في ضرورة شعر أَو كلام نادر. ورماه الله بثالثة الأَثافِي: يعني الجبل لأَنه يجعل صخرتان إِلى جانبه وينصب عليه وعليهما القدر، فمعناه رماه الله بما لا يقوم له. الأَصمعي:من أَمثالهم في رَمْي الرجل صاحبه بالمعْضِلات: رماه الله بثالثة الأَثافي؛ قال أَبو عبيدة: ثالثة الأَثافي القطعة من الجبل يجعل إِلى جانبها اثنتان، فتكون القطعة متصلة بالجبل؛ قال خُفافْ بن نُدْبَة:

وإِنَّ قَصِيدَةً شَنْعاءَ مِـنِّـي،

 

إِذا حَضَرَت، كثالثةِ الأَثافي

وقال أَبو سعيد: معنى قولهم رماه الله بثالثة الأَثافي أَي رماه بالشرّ كُلّه فجعله أُثْفِية بعد أُثْفِية حتى إذا رُمي بالثالثة لم يترك منها غاية؛ والدليل على ذلك قول علقمة:

بل كلّ قوم، وإِن عزُّوا وإِن كَرُمُوا،

 

عَرِيفُهم بأَثافي الشـرّ مَـرْجـوم

أَلا تراه قد جمعها له؟ قال أَبو منصور: والأُثْفِيّة حجر مثل رأْس الإِنسان، وجمعها أَثافيُّ، بالتشديد، قال: ويجوز التخفيف، وتُنصب القدور عليها، وما كان من حديد ذي ثلاث قوائم فإِنه يسمى المِنْصَب، ولا يسمى أُثْفِيّة. ويقال: أَثْفَيْت القِدْر وثَفَّيتها إذا وضعتها على الأَثافي، والأُثْفِيّة: أُفْعُولة من ثَفَّيْت، كما يقال أُدْحِيّة لِمَبيض النعام من دَحَيْت. وقال الليث: الأُثْفِيّة فُعْلوية من أَثّفْت، قال: ومن جعلها كذلك قال أَثَّفْت القدر، فهي مُؤَثَّفة، وقال آثَفْت القدر فهي مُؤَثَفَة؛ قال النابغة:

لا تَقْذِفَنِّي برُكْنٍ لا كِفاءَ له،

 

ولو تَأَثَّفَك الأَعْداءُ بالرِّفْـدِ

وقوله: ولو تأَثَّفَك الأَعْداء أَي ترافدوا حولك مُتضافرِين عليَّ وأَنت النارُ بينهم؛ قال أَبو منصور: وقول النابغة:

ولو تأَثَّفَك الأَعْداءُ بالرِّفَدِ

قال: ليس عندي من الأُثْفِية في شيء، وإِنما هو من قولك أَثَفْت الرجل آثِفُه إذا تَبِعْته، والآثِفُ التابع. وقال النحويون: قِدْر مُثْفاة من أَثْفَيْت. والمُثَفَّاة المرأَة التي لزوجها امرأَتان سواها، شبهت بأَثافي القدر.وثُفِّيت المرأَة إذا كان لزوجها امرأَتان سواها وهي ثالثتهما، شبهن بأَثافي القدر؛ وقيل: المُثَفَّاة المرأَة التي يموت لها الأَزواج كثيراً، وكذلك الرجل المُثَفَّى، وقيل: المُثَفَّاة التي مات لها ثلاثة أَزواج.والمُثَفَّى: الذي مات له ثلاث نسوة. الجوهري: والمُثَفِّية التي مات لها ثلاثة أَزواج، والرجل مُثَفٍّ. والمُثَفَّاة: سمة كالأَثافي.
وأُثَيْفِيَات: موضع، وقيل: أُثَيْفِيات أَحْبل صغار شبهت بأَثافي القدر؛ قال الرّاعي:

دَعَوْن قُلوبَنا بأُثَيْفِيَاتٍ،

 

فأَلْحَقْنا قَلائِصَ يَعْتَلِينا

وقولهم: بقيت من فلان أُثْفِيَة خَشْناء أَي بقي منهم عدد كثير.

ثفج

ثَفَجَ الرجلُ ومَفَجَ: حَمُقَ؛ عن الهروي في الغريبين.

ثفد

ابن الأَعرابي: الثَّفافِيدُ سحائبُ بيضٌ بعضها فوق بعض.
والثَّفافِيدُ: بطائن كل شيء من الثياب وغيرها. وقد ثَفَّدَ درعه بالحديد أَي بَطَّنَهُ؛ قال أَبو العباس وغيره: تقول فَثافِيدُ. غيره: المَثافِدُ والمثافيدُ ضرب من الثياب؛ وقيل: هي أَشياء خفية توضع تحت الشيء؛ أَنشد ثعلب:

يُضِيُّ شَماريخَ قَدْ بُطِّنَـتْ

 

مَثافِيدَ بِيضاً، ورَيْطاً سِخانَا

وإِنما عنى هنا بطائن سحاب أَبيض تحت الأَعلى، واحدها مُثْفَدٌ فقط؛ قال ابن سيده: ولم نسمع مِثْفاداً فأَمَّا مثافيد، بالياء، فشاذ.

ثفر

الثَّفَرُ، بالتحريك: ثَفَرُ الدابة. ابن سيده: الثَّفَرُ السَّيْرُ الذي في مؤَخر السَّرْج، وثَفَر البعير والحمار والدابة مُثَقَّلٌ؛ قال امرؤ القيس:

لا حِمْـيَرِيٌّ وفَـى ولا عَـدَسٌ،

 

ولا اسْتُ عَيْرٍ يَحُكُّها ثَفَرُهْ وأَثْفَرَ

الدابة: عَمِلَ لها تَفَراً أَو شدّها به. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَمر المستحاضة أَن تَسْتَثْفِرَ وتُلْجِمَ إذا غلبها سيلان الدم، وهو أن تَشُدَّ فرجها بخرقة عريضة أَو قطنة تحتشي بها وتُوثِقَ طرفيها في شيء تَشُدُّه على وسطها فتمنع سيلان الدم، وهو مأْخود من ثَفَرِ الدابة الذي يجعل تحت ذنبها؛ وفي نسخة: وتوثق طرفيها ثم تربط فوق ذلك رباطاً تشدّ طرفيه إِلى حَقَبٍ تَشُدُّه كما تشدّ الثَّفَرَ تحت ذَنَبِ الدابة؛ قال: ويحتمل أَن يكون مأْخوذاً من الثَّفْرِ، أُريد به فرجها وإِن كان أَصله للسباع، وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

لا سَلَّم اللهُ على سَلاَمَهْ

زِنْجِيَّةٍ، كَأَنَّها نَعامَهْ

مُثْفَرَةٌ بِرِيشَتَيْ حَمامَهْ

أَي كَأَنَّ أَسْكَتَيْها قد أُثْفِرتا بِرِيشَتَيْ حمامة. والمِثْفَارُ من الدواب: التي ترمي بسرجها إِلى مؤخرها. والاستثفار: أَن يدخل الإِنسان إِزاره بين فخذيه ملويّاً ثم يخرجه. والرجل يَسْتَثْفِرُ بإِزاره عند الصِّراع إذا هو لواه على فخذيه ثم أَخرجه بين فخذيه فشد طرفيه في حُجْزَتِه. واسْتَثْفَرَ الرجلُ بثوبه إذا ردَّ طرفه بين رجليه إِلى حجزته.
واسْتَثْفَرَ الكلب إذا أَدخل ذنبه بين فخذيه حتى يُلْزِقَهُ ببطنه، وهو الاستثفار؛ قال النابغة:

تَعْدُو الذِّئابُ على مَنْ لا كِلابَ له،

 

وتَتَّقِي مَرْبِضَ المُسْتَثْفِرِ الحامِي

ومنه حديث ابن الزبير في صفة الجن: فإِذا نَحْنُ برجالٍ طِوالٍ كأَنهم الرِّماح مُسْتَثْفِرينَ ثيابهم، قال: هو أَن يدخل الرجل ثوبه بين رجليه كما يفعل الكلب بذنبه.
والثُّفْرُ والثَّفْرُ، بسكون الفاء أَيضاً، لجميع ضروب السباع ولكل ذاتِ مِخْلَبٍ كالحياءِ للناقة، وفي المحكم: كالحياء للشاة، وقيل: هو مسلك القضيب فيها، واستعاره الأَخطل فجعله للبقرة فقال:

جَزَى اللهُ فيها الأَعْوَرَيْنِ مَلامَةً،

 

وفَرْوَةَ ثَفْرَ الثَّوْرَةِ المُتَضَاجِـمِ

المتضاجم: المائل؛ قال: إِنما هو شيء استعاره فأَدخله في غير موضعه كقولهم مشافر الحَبَشِ وإِنما المِشْفَرُ للإِبل؛ وفروة: اسم رجل، ونصب الثَّفْر على البدل منه، وهو لقبه، كقولهم عبدالله قفة وإِنما خفض المتضاجم، وهو من صفة الثَّفْرِ على الجوار، كقولك جحر ضب خرب؛ واستعاره الجعدي أَيضاً للبرذونة فقال:

بُرَيْذِينَةٌ بَلَّ البَراذِينُ ثَـفْـرَهـا،

 

وقد شَرِبَتْ من آخرِ الصَّيْفِ إِبَّلا

واستعاره آخر فجعله للنعجة فقال:

وما عَمْرُو إِلاَّ نَعْجَةٌ ساجِسِـيَّةٌ،

 

تُخَزَّلُ تحتَ الكبشِ، والثَّفْرُ وارِدُ

ساجسية: منسوبة، وهي غنم شامية حمر صغار الرؤوس؛ واستعاره آخر للمرأَة فقال:

نَحْنُ بَنُو عَمْرَةَ في انْتِسابِ،

بِنْتِ سُوَيْدٍ أَكْرَمِ الضِّـبـابِ،

جاءتْ بِنَا من ثَفْرِها المُنْجَابِ

وقيل: الثُّفْر والثَّفْر للبقرة أَصل لا مستعار.
ورجل مِثْفَرٌ ومِثْفار: ثناء قبيح ونَعْتُ سَوْء، وزاد في المحكم: وهو الذي يُؤْتى.

ثفرق

الأَصمعي: الثُّفْرُوق قِمَع البُسْرة والتمرة؛ وأَنشد أَبو عبيد:

قُراد كثُفْرُوقِ النَّواة ضَئيل

وقال العَدَبّس: الثفروق هو ما يلزق به القِمع من التمرة. وقال الكسائي:الثَّفارِيقُ أَقماع البُسر. والثُّفروق: عِلاقة ما بين النواة والقمع.وروي عن مجاهد أَنه قال في قوله تعالى: وآتُوا حقَّه يوم حَصاده، قال:يُلْقى لهم من الثَّفاريق والتمر. ابن شميل: العُنقود إذا أُكل ما عليه فهو ثُفروق وعُمْشُوش؛ وأَراد مجاهد بالثفاريق العناقيد يُخْرط ما عليها فتبقى عليها التمرة والتمرتان والثلاث يُخْطِئها المِخْلب فتُلقى للمساكين.
الليث: الثُّفْرُوق غِلاف ما بين النَّواة والقِمَع. وفي حديث مجاهد:إذا حضر المساكينُ عند الجَداد أُلقي لهم من الثَّفاريق والتمر؛ الأَصل في الثفاريق الأَقْماع التي تَلْزَق بالبُسر، واحدتها ثُفروق ولم يردها ههنا، وإِنما كنى بها عن شيء من البُسر يُعْطَوْنه؛ قال القتيبي: كأن الثُّفروق على معنى هذا الحديث شُعبة من شمراخ العِذْق. ابن سيده: الذُّفْروق لغة في الثُّفْروق.

ثفل

ثُفْل كلِّ شيء وثافِلُه: ما استقرَّ تحته من كَدَره. الليث: الثُّفْل ما رَسَب خُثَارته وعَلا صَفْوُه من الأَشياءِ كلها، وثُفْلُ الدواء ونحوِه. والثُّفْل: ما سَفَل من كلِّ شيء. والثافل: الرَّجِيع، وقيل: هو كناية عنه. والثُّفْل: الحَبُّ. ووجدت بني فلان متثافلين أَي يأْكلون الحَبَّ وذلك أَشدُّ ما يكون من الشَّظَف؛ وفي الصحاح: وذلك إذا لم يكن لهم لَبَن. قال أَبو منصور: وأَهل البَدْوِ إذا أَصابوا من اللبن ما يكفيهم لقُوتهم فهم مُخْصِبون، لا يختارون عليه غِذاء من تمر أَو زبيب أَو حَبٍّ، فإِذا أَعْوَزَهم اللبنُ وأَصابوا من الحب والتمر ما يَتَبَلَّغون به فهم مُثافلون، ويسمُّون كل ما يؤكل من لحم أَو خبز أَو تمر ثُفْلاً.
ويقال: بَنُو فلان مُثَافلون، وذلك أَشَدُّ ما يكون حالُ البدوي. أَبو عبيد وغيره: الثِّفال، بالكسر، الجِلْد الذي يُبْسط تحت رَحَى اليد لِيَقي الطَّحِين من التراب، وفي الصحاح: جِلْدٌ يبسط فتوضع فوقه الرَّحَى فيُطْحَن باليد ليسقط عليه الدقيق؛ ومنه قول زهير يصف الحرب:

فتَعْرُكْكُمُ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِها

 

وتَلْقَحْ كِشَافاً ثم تُنْتَجْ فتُـتْـئِمِ

قال: وربما سمي الحَجَر الأَسفل بذلك. وفي حديث علي: وتَدُقُّهم الفِتَن دَقَّ الرَّحَى بثِفالها، هو من ذلك، والمعنى أَنها تَدُقُّهم دَقَّ الرَّحَى للحَبِّ إذا كانت مُثْفَّلة ولا تُثَفَّل إِلاَّ عند الطَّحن. وفي حديثه الآخر: اسْتَحارَ مَدَارُها واضطرب ثِفَالها. وفي حديث غزوة الحديبية: من كان معه ثُفْل فَلْيَصْطَنِع؛ أَراد بالثُّفْل الدقيقَ والسويق ونحوهما، والاصطناع: اتخاذ الصَّنِيع، أَراد فليَطْبُخ وليختبز؛ ومنه كلام الشافعي، رضي الله عنه، قال: وبيَّن في سنَّته، صلى الله عليه وسلم، أَن زكاة الفطر من الثُّفْل مما يَقْتات الرجلُ، ومما فيه الزكاة، وإِنما سُمِّي ثُفْلاً لأَنه من الأَقوات التي يكون لها ثُفْل بخلاف المائعات؛ ومنه الحديث: أَنه كان يحب الثُّفْل؛ قيل: هو الثريد؛ وأَنشد:

يحلف بالله، وإِن لم يُسْأَل

 

ما ذاق ثُفْلاً منذُ عام أَول

ابن سيده: الثُّفْل والثِّفَال ما وقيت به الرحى من الأَرض، وقد ثَفَّلَها، فإِن وُقيَ الثِّفَالُ من الأَرض بشيء آخر فذلك الوِفَاض، وقد وَفَّضها. وبعير ثَفَال: بَطِيء، بالفتح. وفي حديث حذيفة: أَنه ذكر فتنة فقال: تكون فيها مثل الجَمَل الثَّفَال وإِذا أُكْرِهْت فتباطأْ عنها؛ الثَّفَال: البطيء الثقيل الذي لا يَنْبعث إِلاَّ كَرْهاً، أَي لا تتحرك فيها؛ قال ابن بري: وكذلك الثافل؛ قال مدرك:

جَرُورُ القِيَادِ ثـافِـلٌ لا يَرُوعُـه

 

صِيَاحُ المُنَادِي، واحْتِثاثُ المُرَاهِن

وفي حديث جابر: كنت على جمل ثَفَال. والثَّفْلُ: نَثْرُك الشيء كله بمرَّة.
والثِّفالة: الإِبريق. وفي حديث ابن عمر رضي الله عنه: أَنه أَكل الدَّجْر وهو اللُّوبِياء ثم غَسَل يديه بالثِّفَالة، وهو في التهذيب الثِّفال، قال ابن الأَعرابي: الثِّفال الإِبريق؛ وذكره ابن الأَثير في النهاية بالكسر والفتح: الثِّفال الإِبريق. أَبو تراب عن بعض بني سليم: في الغِرَارة ثُفْلة من تمر وثُمْلة من تمر أَي بَقِيَّةٌ منه.

ثفن

الثَّفِنةُ من البعير والناقة: الرُّكْبة وما مَسَّ الأَرضَ من كِرْكِرتِه وسَعْداناتِه وأُصول أَفخاذه، وفي الصحاح: هو ما يقع على الأَرض من أَعضائه إذا استناخ وغلُظ كالرُّكْبَتين وغيرهما، وقيل: هو كل ما وَلِيَ الأَرض من كل ذي أَربعٍ إذا بَرَك أَو رَبَض، والجمع ثَفِنٌ وثَفِناتٌ، والكِرْكِرةُ إحدى الثَّفِنات وهي خَمْسٌ بها؛ قال العجاج:

خَوَى على مُسْتَوياتٍ خَمْسِ:

 

كِرْكِرةٍ وثَفِنـاتٍ مُـلْـسِ

قال ذو الرمة فجعل الكِرْكِرة من الثَّفِنات:

كأَنَّ مُخَوَّاها، على ثَفِـنـاتِـهـا،

 

مُعَرَّسُ خَمْسٍ من قَطاً مُتجـاوِر.

وقَعْنَ اثنتَينِ واثـنـتَـينِ وفَـرْدةً،

 

جرائداً هي الوسطى لتغليس حائر

قال الشاعر يصف ناقة:

ذات انْتِباذٍ عن الحادي إذا بَرَكَت،

 

خَوَّتْ على ثَفِناتٍ مُـحْـزَئِلاّت

وقال عمر بن أَبي ربيعة يصف أَربعَ رَواحِلَ وبُروكَها:

على قلَوصَينِ مِن رِكابِهـم،

 

وعَنْتَرِيسَين فيهما شَـجَـعُ

كأَنَّما غادَرَتْ كَلاكِـلُـهـا،

 

والثَّفِناتُ الخِفافُ، إذ وَقَعُوا

مَوْقِعَ عشرينَ من قَطاً زُمَرٍ،

 

وَقعْنَ خمساً خمسا معاً شِبَعُ.

قال ابن السكيت: الثَّفينةُ مَوْصِل الفخذ في الساق من باطِنٍ ومَوْصل الوَظيف في الذراع، فشبَّه آبارَ كراكِرها وثَفِناتها بمَجاثِم القَطا، وإنما أَراد خِفَّةَ بُروكِهن. وثَفَنَتْه الناقةُ تَثْفِنُه، بالكسر، ثَفْناً: ضربَتْه بثَفِناتها، قال: وليس الثَّفِناتُ مما يخُصُّ البعير دون غيره من الحيوان، وإنما الثَّفِناتُ من كل ذي أَربع ما يُصيب الأَرضَ منه إذا بَرك، ويحصل فيه غِلظٌ من أَثر البُروك، فالرُّكبتان من الثَّفِنات، وكذلك المِرْفَقان وكِركرة البعير أيضاً، وإنما سميت ثفِنات لأَنها تَغْلُظُ في الأَغلب من مباشرة الأَرض وقتَ البُروك، ومنه ثَفِنتْ يدُه إذا غَلُظت من العمل. وفي حديث أنَس: أَنه كان عند ثَفِنة ناقةِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عامَ حَجَّة الوداع. وفي حديث ابن عباس في ذكر الخوارج وأَيديهم: كأَنها ثَفِنُ الإِبل؛ هو جمع ثَفِنة. والثَّفِنةُ من الإبل: التي تَضْرِب بثَفِناتها عند الحلب، وهي أَيسر أَمراً من الضَّجُور.
والثَّفِنةُ: رُكْبةُ الإنسان، وقيل لعبد الله بن وهب الراسبي رئيس الخوارج ذو الثَّفِنات لكثرة صلاتِه، ولأَنَّ طولَ السجود كان أَثَّرَ في ثَفِناته.
وفي حديث أَبي الدرداء، رضي الله عنه: رأَى رجُلاً بين عينَيْه مثْل ثَفِنة البعير، فقال: لو لم تكن هذه كان خيراً؛ يعني كان على جَبْهته أَثر السجود، وإنما كرِهها خوفاً من الرياء بها، وقيل: الثَّفِنةُ مُجْتَمع الساق والفخذ، وقيل: الثَّفِناتُ من الإبل ما تقدم، ومن الخيل مَوْصِل الفخذ في الساقين من باطنِها؛ وقول أُميَّة بن أَبي عائذ:

فذلك يومٌ لَنْ تُـرى أُمُّ نـافِـعٍ

 

على مُثْفَنٍ من وُلْدِ صَعْدة قَنْدَل.

قال: يجوز أَن يكون أَراد بمُثْفَن عظيمَ الثَّفِنات أَو الشديدَها، يعني حماراً، فاستَعار له الثَّفِنات، وإنما هي للبعير. وثَفِنَتا الجُلَّة: حافَتا أَسفلِها من التمر؛ عن أَبي حنيفة. وثُفْنُ المَزادة: جوانبُها المخروزة. وثَفَنَه ثَفْناً: دفعَه وضربَه. وثَفِنَت يدُه، بالكسر، تَثْفَنُ ثَفَناً: غَلُظت من العمل، وأَثْفَنَ العملُ يدَه. والثَّفِنةُ: العددُ والجماعةُ من الناس. قال ابن الأَعرابي في حديث له: إن في الحِرْمازِ اليومَ الثَّفِنةَ أُثْفِيَة من أَثافي الناس صُلْبة؛ ابن الأَعرابي: الثفن الثقل، وقال غيره: الثَّفْنُ الدَّفْعُ. وقد ثَفَنَه ثَفْناً إذا دفعه.
وفي حديث بعضهم: فحمَل على الكَتيبةِ فجعل يَثْفِنُها أَي يَطْردُها؛ قال الهروي: ويجوز أَن يكون يَفُنُّها، والفَنُّ الطَّرْدُ. وثافَنْتُ الرجلَ مُثافنةً أَي صاحَبْتُه لا يخفى عليّ شيءٌ من أَمره، وذلك أَن تَصْحَبه حتى تَعْلَمَ أَمرَه. وثَفَنَ الشيءَ يَثْفِنُه ثَفْناً: لَزِمَه. ورجل مِثْفَنٌ لِخَصْمِه: مُلازِمٌ له؛ قال رؤبة في معناه:

أَلَيْسَ مَلْوِيّ المَلاوَى مِثْفَن.

وثافَنَ الرجلَ إذا باطَنَه ولَزِمَه حتى يَعْرِفَ دَخْلَته.
والمُثافِنُ: المواظِب. ويقال: ثافَنْتُ فلاناً إذا حابَبْتَه تُحادِثُه وتُلازِمُه وتُكَلِّمُه. قال أَبو عبيد: المُثافِنُ والمُثابِر والمُواظِب واحدٌ.
وثافَنْت فلاناً: جالسْته، ويقال: اشْتِقاقُه من الأَوَّل كأَنك أَلْصَقْتَ ثَفِنَةَ رُكْبَتِك بثَفِنةِ ركْبَتِهِ، ويقال أَيضاً ثافَنْتُ الرجلَ على الشيء إذا أَعَنْتَه عليه. وجاء يَثْفِنُ أَي يَطْرُد شيئاً من خَلْفِه قد كاد يَلْحقُه. ومَرَّ يَثْفِنُهم ويَثْفُنُهم ثَفْناً أَي يَتْبَعُهم.

ثقب

الليث الثَّقْبُ مصدر ثَقَبْتُ الشيءَ أَثْقُبهُ ثَقْباً.
والثَّقْبُ: اسم لما نفَذ. الجوهري: الثَّقْبُ، بالفتح، واحد الثُّقُوبِ. غيره: الثَّقْبُ: الخَرْقُ النافِذُ، بالفتح، والجمع أَثْقُبٌ وثُقُوبٌ.
والثُقْبُ، بالضم: جمع ثُقْبةٍ. ويُجمع أَيضاً عَلى ثُقَبٍ. وقد ثَقَبَه يَثْقُبه ثَقْباً وثَقَّبه فانْثَقَبَ، شُدّد للكثرة، وتَثَقَّب وتَثَقَّبَه كثَقَبَه. قال العجاج:

بِحَجِناتٍ يَتَثَقَّبْن البُهَرْ

ودُرٌّ مُثَقَّبٌ أَي مَثْقوبٌ. والمِثْقَبُ: الآلةُ التي يُثْقَبُ بها. ولُؤْلُؤاتٌ مثَاقِيبُ، واحدها مَثْقُوبٌ والمُثَقِّبُ، بكسر القاف: لقب شاعر من عبد القَيْسِ معروف، سُمي به لقوله:

ظَهَرْنَ بِكِلّةٍ، وسَدَلْنَ رَقْماً،

 

وثَقَّبْنَ الوَصاوِصَ للعُيُونِ

واسمه عائذ بن مِحْصَنٍ العَبْدي. والوصاوِصُ جمع وَصْوَصٍ، وهو ثَقْبٌ في السِّتْر وغيره على مِقْدار العَيْن، يُنْظَر منه.
وثَقَّبَ عُودَ العَرْفَجِ: مُطِرَ فَلانَ عُودُه، فإذا اسْوَدَّ شيئاً قيل: قد قَمِلَ؛ فإذا زاد قليلاً قيل: قد أَدْبى، وهو حينئذ يَصْلُح أَن يُؤكل؛ فإذا تَمَّتْ خُوصَتُهُ قيل: قد أَخْوَصَ.
وتَثَقَّبَ الجِلْدُ إذا ثَقَّبَه الحَلَمُ.
والثُّقُوب: مصدر النارِ الثاقبةِ. والكَوْكَبُ الثاقِبُ: المُضِيءُ.
وتَثْقِيبُ النار: تَذْكِيَتُها.
وثَقَبَتِ النارُ تَثْقُبُ ثُقُوباً وثَقابةً: اتَّقَدَتْ. وثَقَّبَها هو وأَثْقَبها وتَثَقَّبها.
أَبو زيد: تَثَقَّبْتُ النارَ، فأَنا أَتثَقَّبُها تَثَقُّباً، وأُثْقِبُها إثْقاباً، وثَقَّبْتُ بها تَثْقِيباً، ومَسَّكْتُ بها تَمْسِيكاً، وذلك إذا فَحَصْت لها في الأَرض ثم جَعَلْت عليها بَعَراً وضِراماً، ثم دَفَنْتَها في التراب. ويقال: تَثَقَّبْتُها تَثَقُّباً حين تَقْدَحُها.
والثِّقابُ والثَّقُوب: ما أَثْقَبَها به وأَشْعَلَها به من دِقاقِ العِيدان. ويقال: هَبْ لي ثَقُوباً أَي حُرَاقاً، وهو ما أَثْقَبْتَ به النارَ أَي أَوقَدْتَها به. ويقال: ثَقَبَ الزَّنْدُ يَثْقُب ثُقُوباً إذا سَقَطَتِ الشَّرارةُ. وأَثْقَبْتُها أَنا إثقاباً.
وزَنْدٌ ثاقِبٌ: وهو الذي إذا قُدِحَ ظَهَرت نارُه. وشِهابٌ ثاقِبٌ أَي مُضِيءٌ.
وثَقَبَ الكَوْكَبُ ثُقُوباً: أَضاء. وفي التنزيل العزيز: وما أَدراكَ ما الطَّارِقُ النجمُ الثاقِبُ. قال الفرَّاء: الثاقِبُ المُضِيءُ؛ وقيل: النجم الثاقِبُ زُحَلُ. والثاقِبُ أَيضاً: الذي ارتفع على النجوم، والعرب تقول للطائر إذا لَحِقَ بِبَطْن السماء: فقد ثَقَبَ، وكلُّ ذلك قد جاءَ في التفسير. والعرب تقول: أَثْقِبْ نارَكَ أَي أَضِئْها للمُوقِد. وفي حديث الصّدّيق، رضي اللّه عنه: نحنُ أَثْقَبُ الناسِ أَنساباً؛ أَي أَوضَحُهم وأَنوَرُهم. والثَّاقِبُ: المُضِيءُ، ومنه قَولُ الحجاج لابن عباس، رضي اللّه عنهما: إنْ كان لَمِثْقَباً أَي ثاقِبَ العِلْم مُضِيئَه.
والمِثْقَبُ. بكسر الميم: العالِمُ الفَطِنُ.
وثَقَبتِ الرائحةُ: سَطَعَتْ وهاجَتْ. وأَنشد أَبو حنيفة:

بِريحِ خُزامَى طَلَّةِ مِنِ ثِيابِـهـا،

 

ومَنْ أَرَجٍ من جَيِّد المِسْكِ، ثاقِبْ

الليث: حَسَبٌ ثاقِبٌ إذا وُصِفَ بشُهْرَتِه وارْتِفاعِه. الأَصمعي: حَسَبٌ ثاقِبٌ: نَيِّر مُتَوَقِّدٌ، وعِلمٌ ثاقبٌ، منه. أَبو زيد: الثَّقِيبُ من الإبل الغَزِيرةُ اللبنِ. وثَقبتِ الناقةُ تَثْقُبُ ثُقُوباً، وهي ثاقِبٌ: غَزُرَ لَبنُها، على فاعل. ويقال: إْنها لثَقِيبٌ مِن الإبل، وهي التي تُحالِبُ غِزارَ الإبل، فَتَغْزُرُهنَّ. وثَقَبَ رأْيُه ثُقُوباً: نَفَذَ. وقولُ أَبي حَيّةَ النُّمَيْري:

ونَشَّرْتُ آياتٍ عَلَيْهِ، ولَمْ أَقُلْ

 

مَنَ العِلْمِ، إلاّ بالّذِي أَنا ثاقِبُهْ

أراد ثاقِبٌ فيه فحَذَف، أَو جاءَ به على: يا سارِقَ الليلةِ.
ورجل مِثْقَبٌ: نافِذُ الرَّأْي، وأُثْقُوبٌ: دَخَّالٌ في الأَمُور.
وثَقَّبَه الشَّيْبُ وثَقَّبَ فيه، الأَخيرة عن ابن الأَعرابي: ظَهَرَ عليه، وقيل: هو أَوَّلُ ما يَظْهَرُ.
والثَّقِيبُ والثَّقِيبةُ: الشَّدِيدُ الحُمْرة من الرِّجال والنساء، والمصدر الثَّقابةُ. وقد ثَقَبَ يَثْقُبُ. والمِثْقَبُ: طريق في حَرّةٍ وغَلْظٍ، وكان فيما مَضى طَريقٌ بين اليَمامةِ والكُّوفة يُسمَّى مِثْقَباً:وثُقَيْبٌ: طَرِيقٌ بِعَيْنِه، وقيل هو ماء، قال الراعي:

أَجَدَّتْ مَراغاً كاالمُلاءِ وأَرْزَمَتْبِنَجْدَيْ ثُقَيْبٍ، حَيْثُ لاحَتْ طَرائِقُهْ

التهذيب: وطَريقُ العراق من الكوفة إلى مكة يقال له مِثْقَبٌ.
ويَثْقُبُ: موضع بالبادِية.

ثقر

التَّثَقُّر: التَّرَدُّدُ والجزَع؛ وأَنشد:  

إِذا بُلِيتَ بِقِـرْنٍ،

 

فاصْبِرْ ولا تَتَثَقَّرْ

ثقف

ثَقِفَ الشيءَ ثَقْفاً وثِقافاً وثُقُوفةً: حَذَقَه. ورجل ثَقْفٌ وثَقِفٌ وثَقُفٌ: حاذِقٌ فَهِم، وأَتبعوه فقالوا ثَقْفٌ لَقْفٌ. وقال أَبو زيادٍ: رجل ثَقْفٌ لَقفٌ رامٍ راوٍ. اللحياني: رجل ثَقْفٌ لَقْفٌ وثَقِفٌ لَقِفٌ وثَقِيفٌ لَقِيف بَيِّنُ الثَّقافةِ واللَّقافة. ابن السكيت: رجل ثَقْفٌ لَقْفٌ إذا كان ضابِطاً لما يَحْوِيه قائماً به. ويقال: ثَقِفَ الشيءَ وهو سُرعةُ التعلم. ابن دريد: ثَقِفْتُ الشيءَ حَذَقْتُه، وثَقِفْتُه إذا ظَفِرْتَ به. قال اللّه تعالى: فإِمَّا تَثْقَفَنَّهم في الحرب.
وثَقُفَ الرجلُ ثَقافةً أي صار حاذِقاً خفيفاً مثل ضَخُم، فهو ضَخْمٌ، ومنه المُثاقَفةُ. وثَقِفَ أَيضاً ثَقَفاً مثل تَعِبَ تَعَباً أَي صار حاذِقاً فَطِناً، فهو ثَقِفٌ وثَقُفٌ مثل حَذِرٍ وحَذُرٍ ونَدِسٍ ونَدُسٍ؛ ففي حديث الهِجْرةِ: وهو غلام لَقِنٌ ثَقِفٌ أَي ذو فِطْنةٍ وذَكاء، والمراد أَنه ثابت المعرفة بما يُحتاجُ إليه. وفي حديث أُم حَكِيم بنت عبد المطلب: إني حَصانٌ فما أُكَلَّم، وثَقافٌ فما أُعَلَّم.
وثَقُفَ الخَلُّ ثَقافةً وثَقِفَ، فهو ثَقِيفٌ وثِقِّيفٌ، بالتشديد، الأَخيرة على النسب: حَذَقَ وحَمُضَ جِدّاً مثل بَصَلٍ حِرِّيفِ، قال: وليس بحَسَنٍ. وثَقِف الرجلَ: ظَفِرَ به. وثَقِفْتُه ثَقْفاً مِثالُ بلِعْتُه بَلْعاً أَي صادَفْتُه؛ وقال:

فإمّا تَثْقَفُوني فاقْـتُـلُـونـي

 

فإن أَثْقَفْ فَسَوْفَ تَرَوْنَ بالي

وثَقِفْنا فلاناً في موضع كذا أَي أَخَذْناه، ومصدره الثِّقْفُ. وفي التنزيل العزيز: واقْتُلوهم حيثُ ثَقِفْتُموهم.
والثَّقاف والثِّقافةُ: العمل بالسيف؛ قال:

وكأَنَّ لَمْـعَ بُـرُوقِـهـا

 

في الجَوِّ، أَسْيافُ المُثاقِفْ

وفي الحديث: إذا مَلَكَ اثْنا عَشَرَ من بني عمرو ابن كعب كان الثَّقَف والثِّقافُ إلى أَن تقوم الساعة، يعني الخِصامَ والجِلادَ. والثِّقافُ: حديدة تكون مع القَوَّاسِ والرَّمّاحِ يُقَوِّمُ بها الشيءَ المُعْوَجَّ. وقال أَبو حنيفة: الثِّقافُ خشبة قَوية قدر الذِّراع في طرَفها خَرق يتسع للقَوْسِ وتُدْخَلُ فيه على شُحُوبتها ويُغْمَزُ منها حيث يُبْتَغَى أَن يُغْمَزَ حتى تصير إلى ما يراد منها، ولا يُفعل ذلك بالقِسِيّ ولا بالرماح إلا مَد هُونةً ممْلُولةً أَو مَضْهوبةً على النار مُلوّحة، والعَدَدُ أَثْقِفةٌ، والجمع ثُقُفٌ، والثِّقافُ: ما تُسَوَّى به الرِّماحُ؛ ومنه قول عمرو:

إذا عَضَّ الثِّقافُ با اشْمَأَزَّتْ

 

تَشُجُّ قَفا المُثَقِّفِ والجَبِينـا

وتَثْقِيفُها: تَسْوِيَتُها. وفي المثل: دَرْدَبَ لمَّا عَضَّه الثِّقافُ؛ قال: الثِّقاف خشبة تسوَّى بها الرماح. وفي حديث عائشة تَصِفُ أَباها، رضي اللّه عنهما: وأَقامَ أَوَدَه بِثِقافِه؛ الثِّقافُ ما تُقَوَّمُ به الرِّماحُ، تريد أَنه سَوَّى عَوَج المسلمين.
وثَقِيفٌ: حَيٌّ من قَيْس، وقيل أَبو حَيٍّ من هَوازِنَ، واسمه قَسِيٌّ، قال: وقد يكون ثقيف اسماً للقبيلة، والأَول أَكثر. قال سيبويه: أَما قولهم هذه ثَقِيف فعلى إرادة الجماعة، وإنما قال ذلك لغلبة التذكير عليه، وهو مما لا يقال فيه من بني فلان، وكذلك كل ما لا يقال من بني فلان التذكير فيه أَغلب كما ذكر في مَعَدّ وقُرَيْشٍ، قال سيبويه: النَّسَبُ إلى ثَقِيف ثَقَفِيٌّ على غير قياس.

ثقق

الثقْثَقةُ: الإسْراع، وقد حكيت بتاءين، وقد تقدّمت.

ثقل

الثِّقَل: نقيض الخِفَّة. والثِّقَل: مصدر الثَّقِيل، تقول: ثَقُل الشيءُ ثِقَلاً وثَقَالة، فهو ثَقِيل، والجمع ثِقالٌ. والثِّقَل: رجحان الثَّقِيل. والثِّقْل: الحِمْل الثَّقِيل، والجمع أَثْقال مثل حِمْل وأَحمال. وقوله تعالى: وأَخرجت الأَرض أَثقالها؛ أَثْقَالُها: كنوزُها ومَوْتَاها؛ قال الفراء: لَفَظَتْ ملاا فيها من ذهب أَو فضة أَو ميت، وقيل: معناه أَخرجت موتاها، قالوا: أَثقالُها أَجسادُ بني آدم، وقيل: معناه ما فيها من كنوز الذهب والفضة، قال: وخروج الموتى بعد ذلك، ومن أَشراط الساعة أَن تَقِيءَ الأَرض أَفْلاذَ كَبِدها وهي الكنوز؛ وقول الخَنْساء:

أَبْعَدَ ابنِ عَمْرو من آل الشّري

 

دِ حَلَّتْ به الأَرضُ أَثْقالَهـا؟

إِنما أَرادت حَلَّت به الأَرض موتاها أَي زَيَّنَتْهم بهذا الرجل الشريف الذي لا مِثْل له من الحِلْية. وكانت العرب تقول: الفارس الجَواد ثِقْل على الأَرض، فإِذا قتل أَو مات سقط به عنها ثِقْل، وأَنشد بيت الخنساء، أَي لما كان شجاعاً سقط بموته عنها ثِقْل. والثِّقْل: الذَّنْب، والجمع كالجمع. وفي التنزيل: وليَحْمِلُنَّ أَثقالهم وأَثقالاً مع أَثقالهم؛ وهو مثل ذلك يعني أَوزارهم وأَوزار من أَضلوا وهي الآثام. وقوله تعالى: وإِن تَدْعُ مُثْقَلة إِلى حِمْلها لا يُحْملْ منه شيء ولو كان ذا قربى؛ يقول: إِن دَعَت نفس داعيةٌ أَثْقَلَتها ذُنُوبُها إِلى حِمْلها أَي إِلى ذنوبها ليحمل عنها شيئاً من الذنوب لم تجد ذلك، وإِن كان المدعوُّ ذا قُرْبى منها. وقوله عز وجل: ثَقُلت في السموات والأَرض؛ قيل: المعنى ثَقْل عِلْمُها على أَهل السموات والأَرض؛ وقال أَبو علي: ثَقُلت في السموات والأَرض خَفِيَتْ، والشيءُ إذا خَفِي عليك ثَقُل. والتثقيل: ضد التخفيف، وقد أَثقله الحِمْل. وثَقَّل الشيءَ: جعله ثقيلاً، وأَثقله: حمَّله ثَقِيلاً.
وفي التنزيل العزيز: فهم من مَغْرَم مُثْقَلون. واستثقله: رآه ثَقِيلاً.
وأَثْقَلَت المرأَةُ، فهي مُثْقِل: ثَقُل حَمْلها في بطنها، وفي المحكم: ثَقُلَت واستبان حَمْلها. وفي التنزيل العزيز: فلما أَثْقَلَت دَعَوَا اللهَ ربَّهُما؛ أَي صارت ذاتَ ثِقْل كما تقول أَتْمَرْنا أَي صرنا ذوي تَمْر. وامرأَة مُثْقِل، بغير هاء: ثَقُلَت من حَمْلها. وقوله عز وجل: إِنا سنلقي عليك قولاً ثَقِيلاً؛ يعني الوحي الذي أَنزله الله عليه، صلى الله عليه وسلم، جَعَله ثَقِيلاً من جهة عِظَم قدره وجَلاله خَطَره، وأَنه ليس بسَفْساف الكلام الذي يُسْتَخَفُّ به، فكل شيء نفيس وعِلْقٍ خَطيرٍ فهو ثَقَل وثَقِيل وثاقل، وليس معنى قوله قولاً ثَقِيلاً بمعنى الثَّقيل الذي يستثقله الناس فيتَبرَّمون به؛ وجاء في التفسير: أَنه ثِقَلُ العمل به لأَن الحرام والحلال والصلاة والصيام وجميع ما أَمر الله به أَن يُعْمَل لا يؤديه أَحد إِلا بتكلف يَثْقُل؛ ابن سيده: قيل معنى الثَّقيل ما يفترض عليه فيه من العمل لأَنه ثَقِيل، وقيل: إِنما كنى به عن رَصانة القول وجَوْدته؛ قال الزجاج: يجوز على مذهب أَهل اللغة أَن يكون معناه أَنه قول له وزن في صحته وبيانه ونفعه، كما يقال: هذا الكلام رَصين، وهذا قول له وزن إذا كنت تستجيده وتعلم أَنه قد وقع موقع الحكمة والبيان؛ وقوله:

لا خَيْرَ فيه غير أَن لا يَهْتَدِي،

وأَنه ذو صَوْلةٍ في المِـذْوَدِ،

وأَنه غَيْرُ ثَقـيل فـي الـيَدِ

إِنما يريد أَنك إذا بَلِلْتَ به لم يَصِرْ في يَدِك منه خير فيَثْقُلَ في يَدِك.
ومِثْقال الشيء: ما آذَنَ وزْنَه فثَقُل ثِقَلَه. وفي التنزيل العزيز: يا بُني إِنها إِن تك مِثْقالُ حَبَّة من خَرْدل، برفع مِثْقال مع علامة التأْنيث في تك، لأَن مِثْقال حبة راجع إِلى معنى الحبة فكأَنه قال إِن تك حَبَّةٌ من خردل. التهذيب: المِثْقال وَزْن معلوم قَدْرُه،ويجوز نصبُ المثقال ورفعُه، فمن رَفَعه رفعه بتَكُ ومن نصب جعل في تك اسماً مضمراً مجهولاً مثل الهاء في قوله عز وجل: إِنها إِن تك، قال: وجاز تأْنيث تَكُ والمِثْقال ذَكَرٌ لأَنه مضاف إِلى الحبة، والمعنى للحبة فذهب التأْنيث إِليها كما قال الأَعشى:

كما شَرِقَتْ صَدْرُ القَناة من الدَّم

ويقال: أَعطه ثِقْله أَي وَزْنَه. ابن الأَثير: وفي الحديث لا يَدْخُل النارَ مَنْ في قلبه مِثْقالُ ذَرَّة من إِيمان؛ المِثْقال في الأَصل: مقدار من الوزن أَيَّ شيءٍ كان من قليل أَو كثير، فمعنى مِثْقال ذرَّة وزن ذرّة، والناس يطلقونه في العرف على الدينار خاصة وليس كذلك؛ قال محمد بن المكرم: قول ابن الأَثير الناس يطلقونه في العرف على الدينار خاصة قول فيه تجوُّز، فإِنه إِن كان عَنَى شخص الدينار فالشخص منه قد يكون مِثْقالاً وأَكثر وأَقل، وإِن كان عَنى المِثْقالَ الوَزْنَ المعلوم، فالناس يطلقون ذلك على الذهب وعلى العنبر وعلى المسك وعلى الجوهر وعلى أَشياء كثيرة قد صار وزنها بالمثاقيل معهوداً كالتِّرياق والرَّاوَنْد وغير ذلك. وزِنة المِثْقالِ هذا المُتعامَلِ به الآن: دِرْهَمٌ واحد وثلاثة أَسباع درهم على التحرير، يُوزَن به ما اختير وَزْنه به، وهو بالنسبة إِلى رِطْل مصر الذي يوزن به عُشْرُ عُشْرِ رطل. وقال ابن سيده في معنى قوله إِنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أَو في السموات أَو في الأَرض يأْت بها الله، قال: المعنى أَن فَعْله الإِنسان، وإِن صَغُرت، فهي في علم الله تعالى يأْتي بها. والمِثْقال: واحد مثاقيل الذهب. قال الأَصمعي: دينار ثاقل إذا كان لا ينقص، ودنانير ثَواقل؛ ومِثقال الشيء: مِيزانُه من مثله.
وقولهم: أَلْقى عليه مَثاقيله أَي مؤنته وثِقْله؛ حكاه أَبو نصر؛ قلت: وكذلك قول أَبي نصر واحد مثاقيل الذهب كان الأَولى أَن يقول واحد مثاقيل الذهب وغيره، وإِلا فلا وجه للتخصيص.
والمُثَقَّلة: رُخامة يُثَقَّل بها البساط.
وامرأَة ثَقال: مِكْفال، وثَقَال: رَزان ذات مآكِمَ وكَفَلٍ على التفرقة، فرقوا بين ما يُحْمل وبين ما ثَقُل في مجلسه فلم يَخِفَّ، وكذلك الرجل، ويقال: فيه ثِقَل، وهو ثاقل؛ قال كثيِّر عزة:

وفيك، ابْنَ لَيْلى، عِزَّةٌ وبَسـالة

 

وغَرْبٌ ومَوْزونٌ من الحِلْمِ ثاقل

وقد يكون هذا على النسب أَي ذو ثِقَل. وبَعِيرٌ ثَقَالٌ؛ بَطِيءٌ؛ وبه فسر أَبو حنيفة قول لبيد:

فبات السَّيْلُ يَحْفِرُ جانبيه

 

من البَقَّار، كالعَمِد الثَّقَال

وثَقَل الشيءَ يَثْقُله بيده ثَقْلاً: رَازَ ثِقَلَه. وثَقَلْت الشاةَ أَيضاً أَثْقُلُها ثَقْلاً: رَزَنْتها، وذلك إذا رَفَعْتها لتنظر ما ثِقَلُها من خفَّتها.
وتَثاقل عنه: ثَقُل. وفي التنزيل العزيز اثَّاقَلْتم إِلى الأَرض؛ وعَدَّاه بإِلى لأَن فيه معنى مِلْتُم. وحكى النضر بن شميل: ثَقَل إِلى الأَرض أَخْلدَ إِليها واطْمَأَنَّ فيها، فإِذا صح ذلك تَعَدَّى اثَّاقَلْتم في قوله عز وجل اثَّاقَلْتم إِلى الأَرض بإِلى، بغير تأْويل يخرجه عن بابه.
وتَثاقل القومُ: اسْتُنْهِضوا لنَجْدة فلم يَنْهَضوا إِليها.
والتَّثاقُل: التَّباطُؤُ من التَّحامُل في الوطء، يقال: لأَطَأَنَّه وَطْءَ المُتَثاقل. والثَّقَل، بالتحريك: المَتاع والحَشَمُ، والجمع أَثقال؛ وفي التهذيب: الثَّقَل متاعُ المسافر وحَشَمُه؛ وأَنشد ابن بري:

لا ضَفَفٌ يَشْغَلُه ولا ثَقَل

وفي حديث ابن عباس: بعثني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الثَّقَل من جَمْعٍ بِلَيْل. وفي حديث السائب بن زيد: حُجَّ به في ثَقَل رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
وثَقِلة القوم، بكسر القاف: أَثقالُهم. وارتحل القوم بثَقَلَتهم وثَقْلَتهم وثِقْلَتهم أَي بأَمتعتهم وبأَثقالهم كلها. الكسائي: الثَّقِلة أَثقال القوم، بكسر القاف وفتح الثاء، وقد يخفف فيقال الثَّقْلة. والثَّقْلة أَيضاً: ما وَجَد الرجلُ في جوفه من ثِقَل الطعام. ووَجَد في جسده ثَقَلة أَي ثِقَلاً وفُتُوراً.
وثَقُل الرجلِ ثِقَلاً فهو ثَقِيل وثاقل: اشتدَّ مَرَضُه. يقال: أَصبح فلان ثاقلاً أَي أَثقله المَرَض؛ قال لبيد:

رأَيت التُّقَى والحَمْدَ خَيْرَ تِجارةٍ

 

رَباحاً، إذا ما المَرْءُ أَصْبَح ثاقلاً

أَي ثَقِيلاً من المَرَض قد أَدْنَفَه وأَشْرَف على الموت، ويروى ناقلاً أَي منقولاً من الدنيا إِلى الأُخرى؛ وقد أَثقله المرض والنوم.
والثَّقْلة: نَعْسة غالبة. والمُثْقَل: الذي قد أَثقله المرضُ. والمُستَثْقَل: الثَّقِيل من الناس. والمُسْتَثْقَل: الذي أَثقله النوم وهي الثَّقْلة. وثَقُل العَرْفَج والثُّمام والضَّعَةُ: أَدْبى وتَرَوَّتْ عِيدانُه. وثَقُلَ سَمْعُه: ذهب بعضُه، فإِن لم يبق منه شيءٌ قيل وُقِر.والثَّقَلانِ: الجِنُّ والإِنْسُ. وفي التنزيل العزيز: سنَفْرُغ لكم أَيها الثَّقَلان؛ وقال لكم لأَن الثَّقَلين وإِن كان بلفظ التثنية فمعناه الجمع؛ وقول ذي الرمة:

ومَيَّةُ أَحسنُ الثَّقَلين وَجْهاً

 

وسالفةً، وأَحْسَنُه قَـذَالا

فمن رواه أَحسنه بإِفراد الضمير فإِنه أَفرده مع قدرته على جمعه لأَن هذا موضع يَكْثُر فيه الواحد، كقولك مَيَّة أَحسن إِنسان وجهاً وأَجمله، ومثله قولهم: هو أَحسن الفِتْيان وأَجمله لأَن هذا موضع يكثر فيه الواحد كما قلنا، فكأَنك قلت هو أَحسن فَتىً في الناس وأَجمله، ولولا ذلك لقلت وأَجملهم حَمْلاً على الفِتْيان. التهذيب: وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال في آخر عمره: إِني تارك فيكم الثَّقَلين: كتاب الله وعتْرَتي، فجعلها كتاب الله عز وجل وعِتْرَته، وقد تقدم ذكر العِتْرة. وقال ثعلب: سُمِّيا ثَقَلَين لأَن الأَخذ بهما ثَقِيل والعمل بهما ثَقِيل، قال: وأَصل الثَّقَل أَن العرب تقول لكل شيءٍ نَفيس خَطِير مَصون ثَقَل، فسمَّاهما ثَقَلين إِعظاماً لقدرهما وتفخيماً لشأْنهما، وأَصله في بَيْضِ النَّعام المَصُون؛ وقال ثعلبة بن صُعَير المازِني يذكر الظَّليم والنَّعانة:

فَتَذَكَّرا ثَقَلاً رَثِيداً، بَعْدَمـا

 

أَلْقَتْ ذُكاءٌ يَمينَها في كافِر

ويقال للسَّيِّد العَزيز ثَقَلٌ من هذا، وسَمَّى الله تعالى الجن والإِنس الثَّقَلَين، سُمِّيا ثَقَلَين لتفضيل الله تعالى إِياهما على سائر الحيوان المخلوق في الأَرض بالتمييز والعقل الذي خُصَّا به؛ قال ابن الأَنباري: قيل للجن والإِنس الثَّقَلان لأَنهما كالثَّقَل للأَرض وعليها.
والثَّقَل بمعنى الثِّقْل، وجمعه اثقال، ومجراهما مجرى قول العرب مَثَل ومِثْل وشَبَه وشِبْه ونَجَس ونِجْس. وفي حديث سؤال القبر: يسمعها مَنْ بَيْنَ المشرق والمغرب إِلا الثَّقَلين؛ الثَّقَلانِ: الإِنسُ والجنُّ لأَنهما قُطَّان الأَرض.

ثكد

ثُكُدٌ اسم ماء؛ قال الأَخطل:

حَلَّتْ صُبَيْرَةُ أَمْواهَ العِدادِ، وقدْ

 

كانتْ تَحُلُّ، وأَدْنَى دارِها ثُكُدُ

ثكل

الثُّكْل: الموت والهلاك. والثُّكْل والثَّكَل، بالتحريك: فِقْدان الحبيب وأَكثر ما يستعمل في فُقْدان المرأَة زَوْجَها، وفي المحكم: أَكثر ما يستعمل في فُقْدان الرجل والمرأَة وَلدَهما، وفي الصحاح: فُقْدان المرأَة ولدَها. والثَّكُول: التي ثَكِلَتْ وَلَدَها، وقد ثكِلَتْه أُمُّه ثُكْلاً وثَكَلاً، وهي ثَكُولٌ وثَكْلى وثاكِلٌ. وحكى اللحياني: لا تَفْعَلْ ذلك، ثَكِلَتْك الثَّكول، قال ابن سيده: أَراه يعني بذلك الأُمَّ.
والثَّكُولُ: المرأَة الفاقد، والرجل ثاكِلٌ وثَكْلان. وأَثْكَلَت المرأَةُ ولدَها وهي مُثْكَلة بولدها وهي مُثْكِل، بغير هاء، من نسوة مثاكِيل؛ قال ذو الرمة:

ومُسْتَشْحَجاتٍ لِلفِرَاقِ، كأَنَّهـا

 

مَثاكيلُ من صُيَّابةِ النُّوبِ نُوَّحُ

كأَنه جمع مِثْكال؛ وقول الأَخطل:

كلَمْعِ أَيْدِي مَثـاكِـيلٍ مُـسَـلَّـبَةٍ

 

يَنْدُبْنَ ضَرْسَ بَناتِ الدَّهْرِ والخَطْب

قال ابن سيده: أَقوى القياسين أَن ينشد مَثاكيل غيرَ مصروف يصير الجزء فيه من مستفعلن إِلى مفتعلن، وهو مَطْويٌّ، والذي رُوِي مَثاكيلٍ بالصرف.
وأَثْكَلها الله وَلدَها وأَثْكَلَه الله أُمَّه، ويقال: رُمْحُه للوالدات مَثْكَلة، كما يقال للولد مَبْخَلة مَجْبَنة؛ أَنشد ابن بري:

تَرَى المُلوك حَوْلَه مُغَرْبَلَـه،

ورُمْحَه للوالداتِ مَثْكَـلَـه،

يَقْتُلُ ذا الذَّنْب ومَنْ لا ذنْبَ لَه

وفي الحديث: أَنه قال لبعض أَصحابه ثَكِلَتْك أُمُّك أَي فَقَدتْك؛ الثُّكْل: فقد الوَلد كأَنه دعا عليه بالموت لسوء فعله أَو قوله، والموت يعمُّ كل أَحد فإِذاً هذا الدعاء عليه كلا دعاء، أَو أَراد إذا كنت هكذا فالموت خير لك لئلاَّ تزداد سوءاً؛ قال: ويجوز أَن يكون من الأَلفاظ التي تجري على أَلسنة العرب ولا يراد بها الدعاء كقولهم: تَرِبَتْ يَداك وقاتَلك الله؛ ومنه قصيد كعب بن زهير:

قامَتْ فجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكِيلُ

قال: هن جمع مِثكال وهي المرأَة التي فَقَدت ولدها. وقَصِيدة مُثْكِلة: ذكر فيها الثُّكْل؛ هذه عن اللحياني.
والإِثْكال والأُثْكُول: لغة في العِثْكال والعُثْكول وهو العِذْق الذي تكون فيه الشَّماريخ، وقيل: هو الشِّمْراخ الذي عليه البُسْر؛ وأَنشد أَبو عمرو:

قد أَبْصَرَتْ سُعْدى بها كَتائِلي،

مِثْلَ العَذارى الحُسَّرِ العَطابِلِ،

طويلَة الأَقْناء والأَثاكِلِ

كَتائِل: جمع كَتِيلة وهي النخلة. وفَلاة ثَكول: مَنْ سَلَكَها فُقِد وثُكِل؛ قال الجميح:

إِذا ذاتُ أَهْوالٍ ثَكُولٌ تَـغَـوَّلَـتْ

 

بها الرُّبْدُ فَوْضى، والنَّعامُ السَّوارحُ

ثكم

ثَكَمُ الطريق، بالتحريك: وسَطه؛ قال ابن بري: شاهده قول الشاعر:

لمّا خَشِيت بسُحْرَةٍ إِلْحاحَها،

 

أَلْزَمْتها ثَكَمَ النَّقِيل اللاَّحِبِ

الإِلْحاح: قيامُ الدابة على أَهله فلم يَبرح، والنَّقِيلُ: الطريق. ابن الأَعرابي: الثُّكْمةُ المَحَجَّة. روي عن أُم سلمة أَنها قالت لعثمان بن عفان، رضي الله عنه: تَوَخَّ حَيث تَوَخَّى صاحباك فإِنهما ثَكَما لك الحقَّ ثَكْماً أَي بَيَّناه وأَوضحاه حتى تَبَين كأَنه مَحَجَّة ظاهرة، والثَّكْمُ: مصدر ثَكَمَ؛ قال القتيبي: أَرادت أُم سلمة أَنهما لَزِما الحقَّ ولم يَظْلما ولا خَرَجا عن المَحَجَّة يميناً ولا شمالاً؛ ومنه الحديث الآخر: أَنَّ أَبا بكر وعُمر ثَكَماً الأَمر فلم يَظْلماه؛ قال الأَزهري: أَراد رَكِبا ثَكَم الطريق وهو قَصْده.
وثَكِمَ بالمكان، بالكسر، يَثْكَم إذا أَقام به، وثَكِمْت الطريق إذا لَزِمته.
وثُكامة: اسم بلد.

ثكن

الثُّكْنةُ: الجماعةُ من الناس والبهائم، وخص بعضهم به الجماعة من الطير، قال: الثُّكْنةُ السِّرْبُ من الحَمام وغيره؛ قال الأَعشى يصف صَقراً:

يُسافِعُ وَرْقاءَ غَـوْرِيَّةً،

 

لِيُدْرِكَها في حَمامٍ ثُكَنْ.

أَي في حَمام مجتمعة. والثُّكْنةُ: القِلادةُ. والثُّكْنةُ: الإرةُ وهي بئرُ النارِ. والثُّكْنةُ: القبْرُ. والثُّكْنةُ: المحجّةُ. وثُكْنةُ الذئبِ أَيضاً: جمعُها ثُكَنٌ؛ قال أُمية بن أَبي عائذ:

عاقِدينَ النارَ في ثُكَـنِ الأَذْ

 

نابِ منها كَيْ تَهيجَ البُحورَا.

وثُكْنُ الطريقِ: سَنَنُه ومحجَّتُه. ويقال: خَلِّ عن ثُكْنِ الطريق أَي عن سُجْحِه. وثُكَنُ الجُنْدِ: مَراكِزُهم، واحدتها ثُكْنة، فارسية.
والثُّكْنةُ: الرايةُ والعلامةُ، وجمعها ثُكَنٌ. وفي الحديث: يُحْشَرُ الناسُ يومَ القيامةِ على ثُكَنِهم؛ فسّره ابن الأَعرابي فقال: على راياتهم ومُجْتَمَعهم على لِواء صاحبِهم؛ حكاه الهروي في الغَريبين، وقيل: على راياتهم في الخير والشر، وقيل: على ما ماتوا عليه من الخير والشر، وقيل: على ما ماتوا عليه فأُدْخِلوا قبورَهم من الخير والشر. الليث: الثُّكَنُ مَراكِزُ الأَجْنادِ على راياتهم ومجتمعُهم على لواء صاحبهم وعَلَمِهِم، وإن لم يكن هناك عَلَمٌ ولا لِواء، وواحدتُها ثُكْنةٌ. وفي حديث عليّ، كرّم الله وجهه: يَدْخل البيتَ المعمورَ كلَّ يوم سبعون أَلفَ ملك على ثُكَنِهم أَي بالرايات والعلامات؛ وقال طرفة:

وهانئاً هانئاً في الحيّ مُـومِـسةً

 

ناطَتِ سِخاباً، وناطت فوقَه ثكَناً.

ويقال للعُهون التي تُعَلَّق في أَعناق الإبل: ثُكَن. والثُّكْنة: حفرة على قدر ما يُواريه. والأُثْكُونُ للعِذق بشاريخه: لغة في الأُثْكول، قال: وعسى أَن يكون بدلاً. وثَكَنٌ: جبل معروف، وقيل: جبل حجازي، بفتح الثاء والكاف؛ قال عبد المسيح ابن أُخت سَطيح في معناه:

تَلُفُّه في الريح بَوْغاءٌ الدِّمَـنْ،

 

كأَنَّما حُثْحِتَ من حِضْنَي ثَكَنْ.