الباب السادس: باب الحاء المهملة - الفصل الحادي والعشرون: فصل النون مع الحاء المهملة

فصل النون مع الحاء المهملة

ن-ب-ح
نبح الكلب، وهو المعروف وصرح به الجماهير. وفي الصحاح: وربما قالوا نبح الظبي والتيس عند السفاد، أي على جهة القلة، وهو مجاز كما في الأساس وكذا نبح الحية، كل ذلك كمنع وضرب، إذا صوت، ينبح وينبح نبحا، بفتح فسكون، ونبيحا، كأمير، ونباحا، بالضم، كلاهما مشهور في الأصوات، كصهيل وبغام وضبط أيضا بالكسر كما في الأساس واللسان. وفاته النبوح، بالضم وتنباحا، بالفتح للمبالغة والتكثير وقال الأزهري: الظبي إذا أسن ونبت لقرونه شعب نبح. قال أبو منصور: والصواب الشعب جمع الأشعب وهو الذي انشعب قرناه. والتيس عند السفاد ينبح، والحية تنبح في بعض أصواتها، وأنشد:

يأخذ فيه الحية النبوحا وأنبحته: جعلته ينبح. قال عبد بن حبيب الهذلي:

فأنبحنا الكـلاب فـور كـتـنـا     خلال الدار دامية العجوب وأنبحته

صفحة : 1766

واستنبحته بمعنى. يقال استنبح الكلب، إذا كان في مضلة فأخرج صوته على مثل نباح الكلب، ليسمعه الكلب فيتوهمه كلبا فينبح، فيستدل بنباحه فيهتدي. قال الأخطل يهجو جريرا:

قوم إذا استنبح الأقوام كلبهم     قالوا لأمهم بولي على النار ومن المجاز: سمعت نبوح الحي، النبوح، بالضم: ضجة القوم وأصوات كلابهم. زاد في الأساس: وغيرها. قال أبو ذؤيب:

بأطيب من مقبلها إذا ما     دنا العيوق واكتتم النبوح والنبوح: الجماعة الكثيرة من الناس. قال الجوهري: ثم وضع موضع الكثرة والعز. قال الأخطل:

إن العرارة والنبوح لـدارم     والعز عند تكامل الأحساب وهذا البيت أورده ابن سيده وغيره:

إن العرارة والنبوح لدارم     والمستخف أخوهم الأثقالا وقال ابن بري: عن البيت الذي أورده الجوهري: إنه للطرماح قال: وليس للأخطل كما ذكره الجوهري، وصواب إنشاده والنبوح لطيىء وقبله:

يا أيها الرجل المفاخر طيئا     أغربت نفسك أيما إغراب قال: وأما بيت الأخطل فهو ما أورده ابن سيده، وبعده:

المانعين الماء حتى يشربوا     عفواته ويقسموه سجـالا مدح الأخطل بني دارم بكثرة عدهم وحمل الأمور الثقال التي يعجز غيرهم عن حمءلها، كذا في اللسان. والنباح ككتان: والد عامر مؤذن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه. والنباح: صدف بيض صغار. وعبارة التهذيب مناقف صغار بيض مكية، أي يجاء بها من مكة تجعل في القلائد والوشح وتدفع بها العين، واحدته بهاء، وأبو النباح محمد بن صالح، محدث. والنباح كرمان: الهدهد الكثير القرقرة، عن ابن الأعرابي. وقد نبح الهدهد ينبح نباحا، إذا أسن فغلظ صوته، وهو مجاز. وقال أبو خيرة: النباح كغراب: صوت الأسود ينبح نباح الجرو. وقال أبو عمرو: النبحاء: الظبية الصياحة. وعن ابن الأعرابي: النباح: الظبي الكثير الصياح. وذو نباح، بالضم، حزم من الشربة قرب تيمن، وهي هضبة من ديار فزارة. ومما يستدرك عليه: كلب نابح ونباح. قال:

مالك لا تنبح يا كلب الدوم    قد كنت نبحا فمالك اليوم قال ابن سيده: هؤلاء قوم انتظروا قوما فانتظروا نباح الكلب لينذر بهم. وكلاب نوابح ونبح ونبوح. وكلب نباحي: ضخم الصوت، عن اللحياني. ورجل منبوح يضرب له مثل الكلب ويشبه به، ومنه حديث عمار رضي الله عنه فيمن تناول من عائشة رضي الله عنها: اسكت مقبوحا مشقوحا منبوحا حكاه الهروي في الغريبين. والمنبوح: المشتوم، يقال نبحتني كلابك، أي لحقتني شتائمك. وفي التهذيب: نبحه الكلب ونبحت عليه ونابحه وفي مثل: فلان لا يعوي ولا ينبح، يقول: من ضعفه لايعتد به ولا يكلم بخير ولا شر. ورجل نباح: شديد الصوت، وقد حكيت بالجيم. ومن المجاز نبح الشاعر، إذا هجا، كما في الأساس. والنوابح: موضع، قال معن بن أوس:

إذا هي حلت كربلاء فلعلعـا     فجوز العذيب دونها فالنوابحا واستدرك شيخنا نبيحا الغنوي كزبير، من التابعين.

ن-ت-ح

صفحة : 1767

النتح، بالمثناة الفوقية الساكنة: العرق. وفي الصحاح: الرشح. وقيل: خروجه، أي العرق من الجلد، كالنتوح بالضم، نتح ينتح نتحا ونتوحا والنتح والنتوح: خروج الدسم من النحي. يقال: نتح النحي، إذا رشح بالسمن ونتحت المزادة نتحا ونتوحا. وكذا خروج الندي ضبطه في نسختنا الندي، كأمير فلينظر - من الثرى. وقال الأزهري. النتح: خروج العرق من أصول الشعر. نتح هو، كضرب، لازم، ونتحه الحر وغيره، متعد. والنتوح، بالضم. صموغ الأشجار، ولا يقال نتوع كما في الصحاح، أي على ما اشتهر على الألسنة. قال شيخنا: ثم يحتاج إلى النظر في مفرده، هل هو نتح كصمغ وزنا ومعنى، أو غير ذلك. والمنتحة، بالكسر: الاست، ومثله في اللسان. وانتاح، ماله معنى مناسب لهذه المادة لا أنه بناء مهمل من أصله على ما قرره شيخنا، فليزم عليه أن يقال ما المانع من أن يكون افتعال من النوح أو من النيح، فإن كلا منهما مادة واردة لها معان، فتأمل. وغلط الجوهري رحمه الله تعالى ثلاث غلطات بناء على ما أصله، أحدها: أن التركيب صحيح ليس فيه حرف علة، فما للانتياح فيه مدخل، ولا يكون مطاوعا لنتح أيضا كما هو ظاهر. ثانيها: أن الانتياح لا معنى له، أي في هذا التركيب، لا مطلقا كما توهمه بعض. ثالثها: أن الرواية في الرجز لذي الرمة المستشهد به يصف بعيرا يهدر في الشقشقة: رقشاء تنتاح، اللغام المزبدا دوم فيها رزه وأرعدا إنما هو تمتاح بالميم لا بالنون، ومعناه أي تلقي اللغام. قال شيخنا: ولم يتعقبه ابن بري في الحواشي، ولا تعرض للرجز شارح الشواهد، كعادته في إهمال المهمات. قلت: ولم يتعقبه ابن منظور أيضا مع كمال تتبعه لما استدرك على الجوهري. ونص عبارة الجوهري: والانتياح مثل النتح، قال ذو الرمة...إلخ. ويوجد في بعض نسخه: الانتتاح، بفوقيتين. وقد يقال إن رواية المصنف لا تقدح في رواية الجوهري لأنهم صرحوا أن رواية لا تقدح في رواية، ولا ترد رواية بأخرى لو صحت ووردت عن الثقات، كما صرح به ابن الأنباري في أصوله وابن السراج، وأيده ابن هشام. ويمكن أن يقال إن نون تنتاح بدل عن الميم، وهو كثير، أو أن الألف ليست بمبدلة، كما هو دعوى المصنف، بل هي ألف إشباع زيدت للوزن، قاله شيخنا. والينتوح، كيعسوب: طائر أقرع الرأس يكون في الرمل. ومما يستدرك عليه: مناتح العرق: مخارجه من الجلد. ونتح ذفري البعير ينتح عرقا، إذا سار في يوم صائف شديد الحر فقطر ذفرياه عرقا. وفي التهذيب: روضى أبو أيوب عن بعض العرب: امتتحت الشيء وانتتحته وانتزعته، بمعنى واحد. وقال شيخنا: النتح: سيلان الدمع. وفي الأساس: نحي نتاح: رشاح. ومن المجاز: فلان ينتح نتح الحميت، إذا كان سمينا.

ن-ج-ح
النجاح، بالفتح، والنجح بالضم: الظفر بالشيء والفوز. وقد نجحت الحاجة، كمنع، وأنجحت وأنجحتها لك. وأنجحها الله تعالى: أسعفه بإدراكها. وأنجح زيد: صار ذا نجح. وهو منجح، من قوم مناجيح ومناجح. وقد انجحت حاجته، إذا قضيتها له. وفي خطبة عائشة رضي الله عنها: وأنجح إذ أكديتم. وتنجح الحاجة واستنجحها، إذا تنجزها، ونجحت هي. ومن سجعات الأساس: وبالله أستفتح، وإياه أستنجح. والنجيح: الصواب من الرأي. والنجيح: المنجح من الناس، أي منجح الحاجات، قال أوس:

نجيح جواد أخو مأقط     نقاب يحدث بالغائب

صفحة : 1768

وفي الأساس: رجل منجح: ذو نجح. ومن المجاز: النجيح: الشديد من السير، يقال: سار فلان سيرا نجيحا، أي وشيكا، كالناجح، سير ناجح ونجيح: وشيك. وكذلك المكان. ونهض نجيح مجد. قال أبو خراش الهذلي:

يقربه النهض النجيح لما به      ومنه بدو تارة ومـثـول ونجح أمره: تيسر وسهل، فهو ناجح. ومن المجاز: تناحجت عليه أحلامه، قال ابن سيده أي تتابعت بصدق، أو تتابع صدقها، وقال غيره: يقال ذلك للنائم إذا تتابعت عليه رؤيا صدق. وسموا نجيحا، كأمير، ونجيحا، كزبير، ومنجحا، كمحسن، ونجحا، بالضم، ونجاحا كسحاب. وعبد الله بن أبي نجيح، كأمير، محدث مكي. والنجاحة، بالفتح: الصبر. ويقال: نفس نجيحة: صابرة، وما نفسي عنه بنجيحة، أي بصابرة. ومن المجاز: يقال: أنجح بك الباطل، أي غلبك، وكل شيء غلبك فقد أنجح بك، فإذا غلبته فأنجحت به. وفي الأساس: إذا رمت الباطل أنجح بك، أي غلبك وظفر بك. وبنو نجاح: قبيلة باليمن. وأبو بكر محمد بن العباس بن نجيح، كأمير، البزاز البغدادي، محدث، روى عنه أبو علي بن شاذان، وتوفي سنة 345.

ن-ح-ح
نح ينح نحيحا. من حد ضرب: تردد صوته في جوفه، كنحنح وتنحنح. قال الأزهري عن الليث: النحنحة: التنحنح، وهو أسهل من السعال، وهي علة البخيل، وأنشد:

يكاد من نـحـنـحة وأح      يحكي سعال الشرق الأبح ونح الجمل ينحه، بالضم، نحا: حثه. ونحنحه، إذا رده ردا قبيحا، ونص عباراتهم: ونحنح السائل: رده ردا قبيحا. والنحاحة: الصبر. أنا أخشى أن يكون هذا مصحفا عن النجاحة، بالجيم، وقد تقدم، فإني لم أر واحدا ذكره من المصنفين. والنحاحة: السخاء، والبخل، ضد. ومن ذلك النحانحة بمعنى البخلاء اللئام. قيل: جمع نحنح، كجعفر، وقيل من الجموع التي لا واحد لها. ورجل شحيح نحيح، أي بخيل، إتباع، كأنه إذا سئل اعتل كراهة للعطاء فردد نفسه لذلك. قال شيخنا: ودعوى الإتباع بناء على أن هذه المادة لم ترد بمعنى البحل، وأما على ما حكاه المصنف من ورود النحاحة بمعنى البخل فصوبوا أنه تأكيد بالمرادف. ونحيح بن عبد الله، كزبير، من بني مجاشع بن دارم، جاهلي، وقيده الشاطبي بالجيم بعد النون، وقال: هو نجيح بن ثعالة ابن حرام بن مجاشع، كذا في التبصير للحافظ ابن حجر. وقولهم: ما أنا بنحنح النفس عن كذا، كنفنف، أي ما أنا بطيب النفس عنه.ومما يستدرك عليه: النحنحة: صوت الجرع من الحلق، يقال منه: تنحنح الرجل، عن كراع. قال ابن سيده: ولست منه على ثقة، وأراها بالخاء. قال: وقال بعض اللغويين: النحنحة: أن يكرر قول: نح نح، مستروحا، كما أن المقرور إذا تنفس في أصابعه مستدفئا فقال: كه كه، اشتق منه المصدر ثم الفعل، فقيل كهكه كهكهة، فاشتقوا من الصوت. كذا في اللسان.

ن-د-ح
الندح، بالفتح ويضم: الكثرة. قال العجاج:

صيد تسامى ورما رقابها     بندح وهم قطم قبقابهـا

صفحة : 1769

والندح والندح: السعة والفسحة. والندح: ما اتسع من الأرض كالندحة والندحة. تقول: إنك لفي ندحة من الأمر، والمندوحة منه، أي سعة. وقالوا: لي عن هذا الأمر مندوحة، أي متسع. والمنتدح. يقال: لي عنه مندوحة ومنتدح، أي سعة. وفي حديث عمران بن الحصين. إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب. قال الجوهري: ولا تقل ممدوحة، يعني أن في التعريض بالقول من الاتساع ما يغني الرجل عن الاضطرار إلى الكذب المحض. وقال ابن عبيد أنه قال في مندوحة، من قولك: مالي عنه مندوحة، أي متسع: إنها مشتققة من انداح، وذلك فاسد، لأن انداح انفعل، ونونه زائدة، ومندوحة مفعولة، ونونه أصلية، إذ لو كانت زائدة لكانت منفعلة، وهو بناء لم يثبت في كلامهم، فهو على هذا مشتق من الندح، وهو سنضد الجبل وجانبه وطرفه، وهو إلى السعة، وقال غيره: المندوحة بفتح الميم، وضمها لحن. وفي كتاب لحن العوام للزبيدي: يقال: له عن هذا مندوحة ومنتدح، أي متسع، وهو الندح أيضا، من انتدضحت الغنم في مرابضها. وقال أبو عبيد: المندوحة الفسحة والسعة، ومنه انداح بطنه، أي انتفخ، واندحي لغة فيه. وهو غلط من أبي عبضيد، لأن نونه أصلية، ونون انداح زائدة، واشتقاقه من الدوح وهو السعة. ج أي جمع الندح والندح أنداح. وجمع المندوحة مناديح، قال السهيلي: وقد تحذف الياء ضرورة. قال شيخنا: ومثله جائز في السعة، كما في منهاج البلغاء لحازم، وكتاب الضرائر لابن عصفور.والندح، بالكسر: الثقل، والشيء تراه من بعيد. وندحه كمنعه: وسعه، كندحه تنديحا. وهذا من الأساس، ومنه قول أم سلمة لعائشة رضي الله عنهما حين أرادت الخروج إلى البصرة: قد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه. أي لاتوسعيه ولا تفرقيه بخروجك إلى البصرة، والهاء للذيل، ويروى: لا تبدحيه. بالباء، أي لاتفتحيه، من البدح وهو العلانية، أرادت قوله تعالى: وقرن في بيوتكن ولا تبرجن: وقال الأزهري: من قاله بالباء ذهب إلى البداح، وهو ما اتسع من الأرض ومن قاله بالنون ذهب به إلى الندح وهو السعة. وبنو منادح، بالضم: بطن صغير من جهينة القبيلة المشهورة. وتندحت الغنم من - ومثله في الصحاح، وفي بعض النسخ في وهو الموافق للأصول الصحيحة - مرابضها ومسارحها: تبددت وانتشرت واتسعت من البطنة، كانتدحت. وسموا نادحا ومنادحا. واندح بطن فلان اندحاحا: اتسع من البطنة: موضعه دح ح وقد تقدم، وغلط الجوهري في إيراده هنا. وانداح بطنه اندياحا، إذا انتفخ وتدلى، من سمن كان ذلك أو علة، موضعه دوح، وقد تقدم أيضا، وغلط الجوهري أيضا رحمه الله تعالى في إيراده هنا. قلت: ووجدت في هامش نسخة الصحاح منقولا من خط أبي زكريا: اندح بطنه اندحاحا، وانداح اندياحا بابهما المضاعف والمعتل، وقد ذكرهما في بابهما على الصحة، وإنما جمعهما هنا لتقارب معانيهما، انتهى. قال شيخنا: وإنما ذكر الجوهري هنا اندح وانداح استطرادا، لتقارب المواد في اللفظ واتفاقهما في المعنى، والدليل على ذلك أنه ذكرهما في محلهما، فهو لم يدع أن هذا موضعه، وإنما أعادهما استطرادا على عادة قدماء أئمة اللغة، كما في العين كثيرا، وفي مواضع من التهذيب وغيره، فلا غلط ولا شطط. ومما يستدرك عليه: أرض مندوحة: واسعة بعيدة. وفي حديث الحجاج واد نادح، أي واسع. والمنادح: المفاوز، كما في الصحاح. وندحت النعامة أندوحة: فحصت أفحوصة ووسعتها لبيضها، كما في الأساس. وفي الروض: نادحه: كاثره. وفي مجمع الأمثال أترب فندح، أي صار ماله كالتراب فوسع

صفحة : 1770

عيشه وبذر ماله، نقله شيخنا.ه وبذر ماله، نقله شيخنا.

ن-ز-ح
نزح الشيء، كمنع وضرب ينزح وينزح نزحا إذا بعد، كانتزح انتزاحا. ونزح البئر ينزحها نزحا: استقى ماءها حتى ينفد أو يقل، كأنزحها. ونزحت هي، أي البئر والدار تنزح نزحا ونزوحا فهي نازح ونزوح، بضمتين، ونزوح، كصبور، في البعد والبئر، فهو لازم ومتعد. وشيء نزح ونازح: بعيد، أنشد ثعلب:

إن المـذلة مـنـزل نـزح     عن دار قومك فاتركي شتمي وفي الصحاح: بئر نزوح: قليلة الماء، وركايا نزح. وفي حديث ابن المسيب قال لقتادة: ارحل عني فلقد نزحتني، أي أنفدت ما عندي. والنزح، محركة: الماء الكدر، والنزح أيضا: البئر التي نزح أكثر مائها، كذا في الصحاح، قال الراجز:

لا يستقي في النزح المضفوف     إلا مدارات الغروب الجوف وعبارة النهاية: التي أخذ ماؤها. والنزيح: البعيد، وفي حديث سطيح: عبد المسيح، جاء من بلد نزيح فعيل بمعنى فاعل. والمنزحة، بالكسر: الدلو ينزح بها الماء وشبهها. وهو بمنتزح من كذا، أي ببعد منه، وقد نزح به، كعني: بعد عن دياره غيبة بعيدة. وأنشد الأصمعي للنابغة:

ومن ينزح به لابد يوما    يجيء به نعي أو بشير وقوم منازيح وإبل منازيح، من بلاد بعيدة. قال ابن سيده: وقول أبي ذؤيب:
وصرح الموت عن غلب كأنهم جرب يدافعها الساقي منازيح إنما هو جمع منزاح، وهي التي تأتي إلى الماء من بعد. ونزح القوم، وفي بعض النسخ: أنزح القوم: نزحت مياه آبارهم. ومحمد بن نازح، محدث، روى عن لليث بن سعد، كره الأمير والحافظ ابن حجر. وقول الجوهري: قال ابن هرمة يرثي ابنه:

فأنت من الغوائل حين ترمى    ومن ذم الرجال بمنتـزاح اشبع فتحة الزاي فتولدت الألف، هكذا في اللسان وغيره، وهو سهو منه، وإنما يمدح القاضي جعفر بن سليمان بن علي الهاشمي. ووجدت في هامش نسخة الصحاح مما وجد بخط أبي سهل، أن البيت من قصيدة مدح بها بعض القرشيين، من اسمه محمد، وكان قاضيا لجعفر بن سليمان بن علي، وفيها:

رأيت محمدا تـحـوي يداه    مفاز الخارجات من القداح فليظر هذا مع قول المصنف ومع قول شيخنا. قلت: لاسهو، فإن القصيدة مشتملة على الأمرين رثاء الولد ومدح جعفر، فلا منافاة ولا سهو. ومما يستدرك عليه: أنزحه، وماء لا ينزح ولا ينزح، أي لا ينفد. ومن المجاز: أنت من الذم بمنتزح. ويقال: شرك سرح، وخيرك نزح، أي قليل، كما في الأساس.

ن-س-ح

صفحة : 1771

النسح، بالفتح، والنساح، كغراب: ما تحات عن التمر من قشره وفتات أقماعه ونحوهما، وفي نسخة ونحو ذلك، وهي الموافقة للأصول مما يبقى في أسفل الوعاء، كذا عن الليث. وقال الجوهري: نسح التراب، كمنع: أذراه، كذا نقله في اللسان. وهذه المادة مكتوبة في نسختنا بالحمرة بناء على أنها من الزيادات على الجوهري، فلينظر هذا ونسح الرجل، كفرح، نسحا طمع. والمنساح، بالكسر: شيء ينسح به التراب، أي يذرى، هكذا في النسخ عندنا، وفي بعضها يدفع به التراب أو يذرى، وفي بعض منها يدفع به التراب ويذرى به. ونساح، كسحاب وكتاب، الفتح عن العمراني، والكسر رواه الأزهري: واد باليمامة لآل وزان من بني عامر، قاله نصر. وقيل: واد يقسم عارض اليمامة، أكثر أهله النمر بن قاسط. ونساح أيضا موضع أظنه بالحجاز، وذكره الحفصي في نواحي اليمامة، وقال: هو واد، وعن ثعلب أنه جبل، وأنشد :

يوعد خيرا وهو بالزحزاح     أبعد من رهوة من نساح ومثله قال السكري وله يوم، م أي معروف. ونسيح، كمصغر نسيح: واد آخر بها، أي باليمامة. وقال الأزهري: ما كره الليث في النسح لم أسمعه لغيره، قال: وأرجو أن يكون محفوظا. ومما يستدرك عليه: مما نقله شيخنا عن القاضي أبي بكر بن العربي في عارضته فإنه قال: نسجت الثوب بالجيم: جمعت خيوطه حتى يتم ثوبا، ونسخت بالحاء المهملة، إذا نحت القدر حتى يصير وعاء ضابطا لما يطرح فيه من طعام وشراب.

ن-ش-ح
نشح الشارب، كمنع، ينشح نشحا، بفتح وسكون، ونشوحا، بالضم وانتشح، إذا شرب شربا قليلا دون الري، قال ذو الرمة:

فانصاعت الحقب لم يقصع صرائرها     وقد نشـحـن فـلا ري ولا هـيم أو نشح، إذا شرب حتى امتلأ، فهو ضد. ونشح بعيره: سقاه ماء قليلا، ونشح الخيل: سقاها ما يفثأ، أي يكسر غلتها، قال الأزهري: وسمعت أعرابيا يقول لأصحابه: ألا وانشحوا خيلكم نشحا، أي اسقوها سقيا يفثأ غلتها وإن لم يروها. قال الراعي يذكر ماء ورده:

نشحت بها عنسا تجافى أظلهـا     عن الأكم إلا ما وقتها السرائح والنشوح كصبور: الماء القليل وأنشد الجوهري:

حتى إذا ما غيبت نشوحا وهو قول أبي النجم يصف الحمر، ومعناه: أي أدخلت أجوافها شرابا غيبته فيه. والنشح، بضمتين: السكارى، قال شيخنا ينظر ما مفرده، أو لا مفرد له. قلت: الذي يظهر أن مفرده نشوح، لما عرف مما تقدم من معنى قول أبي النجم. وسقاء نشاح، ككتان، أي رشاح مثمتلىء نضاح. ومما يستدرك عليه: النشح العرق، عن كراع. ونشحت المال جهدي: أقللت الأخذ منه، وقد ورد ذلك في حديث أبي بكر رضي الله عنه.

ن-ص-ح
نصحه ينصحه، ونصح له، كمنعه - وباللام أعلى، كما صرح به الجوهري وغيره، وهي اللغة الفصحى. قال أبو جعفر الفهري في شرح الفصيح: الأصل في نصح أن يتعدى هكذا بحرف الجر، ثم يتوسع في حذف حرف الجر فيصل الفعل بنفسه. فتقول: نصحت زيداز وقال الفراء في كتاب المصادر له: العرب لا تكاد تقول نصحتك، إنما يقولون نصحت لك، قال النابغة:

نصحت بني عوف فلم يتقبلـوا     رسولي ولم تنجح إليهم وسائلي

صفحة : 1772

وقال ابن درستويه: هو يتعدى إلى مفعول واحد، نحو قولك نصحت زيدا، وإذا دخلت اللام صار يتعدى إلى اثنين، فتقول: نصحت لزيد رأيه. وقد يحذف المفعول إذا فهم المعنى، فتقول: نصحت لزيد، وأنت تريد نصحت لزيد رأيه، وتحذف حرف الجر من المفعول الثاني، فيتعدى الفعل بنفسه إليهما جميعا، فتقول.. نصحت زيدا رأيه. قال أبو جعفر: وما قاله ابن درستويه من أن نصحت يتعدى إلى اثنين أحدهما بنفسه والثاني بحرف الجر، نحو نصحت لزيد رأيه، دعوى، وهو مطالب بإثباتها، ولو كان يتعدى إلى اثنين لسمع في موضع ما، وفي عدم سماعه دليل على بطلانه. قال شيخنا رحمه الله تعالى: وهو كلام ظاهر، وابن درستويه كثيرا ما يرتكب مثل هذه التمحلات: وقدذكر مثل هذا في شكر وقال: تقديره - نصحا بضم فسكون، ونصاحة، كسحابة، ونصاحة، بالكسر، أورده صاحب اللسان، ونصاحية، ككراهية، ونصوحا، بالضم، حكاه أرباب الأفعال، ونصحا، بفتح فسكون، أورده صاحب اللسان. وهو ناصح ونصيح، من قوم نصح، بضم فتشديد ونصاح، كرمان، ونصحاء. ويقال: نصحت له نصيحتي نصوحا، أي أخلصت وصدقت، والاسم النصيحة. قال شيخنا: الأكثر من أئمة الاشتقاق على أن النصح تصفية العسل وخياطة الثوب، ثم استعمل في ضد الغش، وفي الإخلاص والصدق كالتوبة النصوح. وقيل: النصح والنصيحة والمناصحة: إرادة الخير للغير وإرشاده له، وهي كلمة جامعة لإرادة الخير. وفي النهاية: النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة، هي إرادة الخير للمنصوح له، وليس يمكن أن يعبر عن هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناه غيرها. وقال الخطابي: النصيحة كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للمنصوح له. قال: ويقال هو من وجيز الأسماء ومختصر الكلام، وأنه ليس في كلام العرب كلمة مفردة تستوفي بها العبارة عن معنى هذه الكلمة، كما قالوا في الفلاح. وفي شرح الفصيح للبلي: النصيحة: الإرشاد إلى ما فيه صلاح النصوح له، ولا يكون إلا قولا، فإن استعمل في غير القول كان مجازا. والنصح: بذل الاجتهاد في المشورة، وهو النصيحة أيضا، عن صاحب الجامع. هذا زبدة كلامهم في النصيحة انتهى. قلت: وهذا الذي نقله شيخنا من أن النصح تصفية العسل عند الأكثر، قد رده المصنف في البصائر وقال: النصح: الخلوص مطلقا، ولا تقييد له بالعسل ولا بغيره. وقال في محل آخر: النصيحة كلمة جامعة، مشتقة من مادة ن-ص-ح الموضوعة لمعنيين: أضحدهما الخلوص والنقاء، والثاني الالتئام والرفاء، إلى آخر ما قال. ونصح الشيء: خلص، وكل شيء خلص فقد نصح. ومن المجاز: نصح الخياط الثوب والقميص: خاطه، ينصحه نصحا، أو أنعم خياطته، كتنصحه. ونصح الرجل الري نصحا، إذا شرب حتى روي. وفي بعض الأمهات حتى يروي قال:

هذا مقامي لك حتى تنصحي      ريا وتجتازي بلاط الأبطح ويروى حتى تنضحي بالضاد المعجمة، وليس بالعالي. ومن المجاز قال النضر: نصح الغيث البلد نصحا: سقاه حتضى اتصل نبته فلم يكن فيه فضاء ولا خلل. وقال غيره: نصح الغيث البلاد ونصرها بمعنى واحد. ومن المجاز قولهم: رجل ناصح الجيب: نقي الصدر ناصح القلب، لا غش فيه. وفي الجامع للقزاز: النصح: الاجتهاد في المشورة، وقد يستعار فيقال: فلان ناصح الجيب، أي ناصح القلب، ليس في قلبه غش. وقيل: ناصح الجيب مثل قولهم: طاهر الثوب، وكله على المثل. قال النابغة:

أبلغ الحارث بن هند بأني    ناصح الجيب باذل للثواب

صفحة : 1773

ومن المجاز: سقاني ناصح العسل، أي ماذيه. والناصح: العسل الخالص. وفي الصحاح عن الأصمعي: هو الخالص من العسل وغيرها، مثل الناصع. ووجدت في هامشه ما نصه: العرب تذكر الهسل وتؤنثه، والتأنيث أكثر، كذا قال الأزهري في كتابه، انتهى. قال ساعدة بن جؤية الهذلي يصف رجلا مزج عسلا صافيا بماء حتى تفرق فيه:

فأزال مفرطها بأبيض ناصح     من ماء ألهاب بهن التألـب وقال أبو عمرو: الناصح: الناصع في بيت ساعدة. قال: وقال النضر أراد أنه فرق بين خالصها ورديئها بأبيض مفرط، أي بماء غدير مملوء. والناصح الخياط، كالنصاح والناصحي. وقميص منصوح وآخر منصاح. والناصح: فرس الحارث بن مراغة أو فضالة بن هند، وفرس سويد بن شداد. ومن المجاز: صلب نصاحك. النصاح ككتاب: الخيط، وبه سمي الرجل نصاحا. والسلك يخاط به، الكسرة في الجميع غير الكسرة في الواحد، والألف فيه غير الألف، والهاء لتأنيث الجميع. ونصاح: والد شيبة القارىء، وكان أبو سعد الإدريسي يقوله بفتح فتشديد، قاله الحافظ ابن حجر. والمنصحة، بالكسر: المخيطة كالمنصح، بغير هاء، وهي الإبرة، فإذا غلظت فهي الشعيرة. ومن المجاز: المتنصح: المترقع كلاهما على صيغة المفعول. وقولون: في ثوبه متنصح لمن يصلحه، أي موضع إصلاح وخياطة، كما يقال إن فيه مترقعا. قال ابن مقبل:

ويرعد إرعاد الهجين أضاعه    غداة الشمال الشمج المتنصح وقال أبو عمرو: المتنصح المخيط جيدا، وأنشد بيت ابن مقبل. ومن المجاز أرض منصوحة: مجودة، نصحت نصحا، قاله أبو زيد. وحكى ابن الأعرابي: أرض منصوحة: متصلة بالغيث كما ينصح الثوب. قال ابن سيده: وهذه عبارة رديئة، إنما النصوحة الأرض المتصلة النبات بعضه ببعض، كأن تلك الجوب التي بين أشخاص النبات خيطت حتى اتصل بعضها ببعض. ومن المجاز: نصحت الإبل الشرب تنصح نصوحا: صدقته. وأنصح الإبل: أرواها، عن ابن الأعرابي، كما في الصحاح. والنصاحات كجمالات: الجلود، قال الأعشي:

فترى القوم نشاوي كلهـم     مثلما مدت نصاحات الربح قال الأزهري: أراد بالربح الربع في قول بعضهم. وقال ابن سيده: الربح من أولاد الغنم، وقيل: هو الطائر الذي يسمى بالفارسية زاغ وقال المؤرج: النصاحات: حبالات يجعل لها حلق وتنصب فيصاد بها القرود. وذلك أنهم إذا أرادوا صيدها يعمد رجل فيعمل عدة حبال ثم يأخذ قردا فيجعله في حبل منها، والقرود تنظر إليه من فوق الجبل، ثم يتنحى الحابل فتنزل القرود فتدخل في الحبال وهو ينظر إليها من حيث لا تراه ثم ينزل إليها فيأخذ ما نشب في الحبال. وبه فسر بعضهم قول الأعشي، والربح القرد، أصلها الرباح وقد تقدم. والنصاحات: جبال بالسراة. والنصحاء، بفتح فسكون: ع ومنصح كمنبر: د، والذي في المعجم أنه واد بتهامة وراء مكة. قال امرؤ القيس بن عابس السكوني:

ألا ليت شعري هل أرى الورد مرة    يطالب سربا مـوكـلا بـغـوار
أمام رعيل أو بروضة منـصـح      أبادر أنعـامـا وإجـل صـوار

والمنصحية، بالفتح وياء النسبة ماء بتهامة لبني هذيل. ومنصح، كمسكن: ع آخر والصواب في هذا أن يكون بالضاد المعجمة كما سيأتي. وتنصح الرجل، إذا تشبه بالنصحاء، وانتصح فلان قبله أي النصح. وفي اللسان: انتصح كتاب الله، أي اقبل نصحه. وأنشدوا:

تقول انتصحني إنني لك ناصح     وما أنا إن خبرتها بـأمـين

صفحة : 1774

قال ابن بري: هذا وهم، لأن انتصح بمعنى قبل النصيحة لا يتعدى لأنه مطاوع نصحته فانتصح، كما تقول ردته فارتد، وسددته فاستد، ومددته فامتد، فأما انتصحته بمعنى اتخذته نصيحا فهو متعد إلى مفعول، فيكون قوله انتصحني إنني لك ناصح، بمعنى اتخذني ناصحا لك، ومنه قولهم: لا أريد منك نصحا ولا انتصاحا، أي لا أريد منك أن تنصحني ولا أن تتخذني نصيحا، فهذا هو الفرق بين النصح والانتصاح. والنصح مصدر نصحته، والانتصاح مصدر انتصحته أي اتخذته نصيحا، أو قبلت النصيحة، فقد صار للانتصاح معنيان. ومن المجاز: نصحت توبته نصوحا، التوبة النصوح هي الصادقة. قال أبو زيد: نصحته أي صدقته. وقال الجوهري: هو مأخوذ من نصحت الثوب، إذا خطته، اعتبارا بقوله صلى الله عليه وسلم: من اغتاب خرق، ومن استغفر الله رفأ . أو التوبة النصوح: الخالصة وهي أن لا يرجع العبد إلى ما تاب عنه. وفي حديث أبي: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن التوبة النصوح فقال: هي الخالصة التي لايعاود بعدها الذنب . وفعول من أبنية المبالغة، يقع على الذكر والأنثى، فكأن الإنسان بالغ في نصح نفسه بها. وقال أبو إسحاق: توبة نصوح: بالغة في النصح، أو هي أن لاينوي الرجوع ولا يحدث نفسه إذا تاب من ذلك الذنب العود إليه أبدا. قال الفراء: قرأ أهل المدينة نصوحا بفتح النون. فالذين قرءوا بالفتح جعلوه من صفة التوبة، والذين قرءوا بالضم أرادوا المصدر مثل القعود. وقال المفضل: بات عزوبا وعزوبا، وعروسا وعروسا. وسموا ناصحا ونصيحا ونصاحا. ومما يستدرك عليه: انتصح: ضد اغتش. ومنه قول الشاعر:

ألا رثب من تغتشه لك ناصح     ومنتصح باد عليك غوائلـه تغتشه: تعتده غاشا لك. وتنتصحه: تعتده ناصحا لك. واستنصحه: عده نصيحا. والتنصح: كثرة النصح. ومنه قول أكثم بن صيفي: إياكم وكثرة التنصح فإنه يورث التهمة. وناصحه مناصحة. ومن المجاز غيوث نواصح: مترادفة كما في الأساس.

ن-ض-ح

صفحة : 1775

نضح البيت ينضحه، بالكسر نضحا: رشه، وقيل رشه رشا خفيفا. قال الأصمعي: نضحت عليه الماء نضحا، وأصابه نضح من كذا. وقال ابن الأعرابي: النضح ما كان على اعتماد، وهو ما نضحته بيدك معتمدا. والناقة تنضح ببولها، والنضخ ما كان على غير اعتماد، وقيل: هما لغتان بمعنى واحد وكله رش. وحكى الأزهري عن الليث: النضح كالنضخ ربما، اتفقا وربما اختلفا، وسيأتي. ومن المجاز: نضح الماء عطشه ينضحه: بله وسكنه، أو رشه فذهب به، أو كاد أن يذهب به، و نضح الري نضحا: روي أو شرب دون الري، ضد. وفي التهذيب: نضح الماء المال ينضحه: ذهب بعطشه أو قارب ذلك. قال شيخنا: قضية كلام المصنف كالجوهري أن نضح ينضح رش كضرب، والأمر منه كاضرب، وفيه لغة أخرى مشهورة كمنع، والأمر انضح، كامنع، حكاه أرباب الأفعال والشهاب الفيومي في المصباح، وغير واحد. ووقع في الحديث انضح فرجك فضبطه النووي وغيره بكسر الضاد المعجمة كاضرب، وقال: كذلك قيه عن جمع من الشيوخ. واتفق في بعض المجالس الحديثية أن أبا حيان رحمه الله أملى هذا الحديث فقرأ نضح بالفتح، فرد عليه السراج الدمنهوري بقول النووي، فقال أبو حيان: حق النووي أن يستفيد هذا منى، وما قلتههو القياس. وحكى عن صاحب الجامع أن الكسر لغة، وأن الفتح أفصح، ونقله الزركشي وسلمه. واعتمد بعضهم كلام الجوهري وأيد به كلام أبي حيان. وهو غير صحيح، لما سمعت من نقله عن جماعة غيرهم. واقتصار المصنف تبعا للجوهري قصور، والحافظ مقدم على غيره، والله أعلم، انتهى. ونضح النخل والزرع وغيرهما: سقاها بالسنية. وفي الحديث ما سقي من الزرع نضحا ففيه نصف العشر يريد ما سقي بالدلاء والغروب والسواني ولم يسق ويقال: فلان يسقي بالنضح، وهو مصدر. ومن المجاز نضح فثلانا بالنبل نضحا: رماه ورشقه. ونضحناهم نضحا فرقناه فيهم كما يفرق الماء بالرش. وفي الحديث أنه قال للرماة يوم أحد انضحوا عنا الخيل لا نؤتي من خلفنا، أي ارموهم بالنشاب. ومن المجاز: نضح الغضا: تفطر بالورق والنبات. وعم بعضهم به الشجر فقال: نضح الشجر نضحا: تفطر ليخرج ورقه، قاله الأصمعي. قال أبو طالب ابن عبد المطلب:

بورك الميت الغريب كما بو    رك نضح الرمان والزيتون وفي اللسان: فأما قول أبي حنيفة نضوح الشجر، فلا أدري أرآه للعرب أم هو أقدم فجمع نضح الشجر على نضوح، لأن بعض المصادر قد يجمع كالمر والشغل والعقل. ونضح الزرع غلظت جثته، وذلك إذا ابتدأ الدقيق في حبه، أي حب سنبله وهو رطب، كأنضح، لغتان، قاله ابن سيده. ونضح بالبول على فخديه: أصابهما به، وكذلك نضح بالغبار. وفي حديث قتادة: النضح من النضح يريد من أصابه نضح من البول وهو افشيء اليسير منه فعليه أن ينضحه بالماء، وليس عليه غسله. قال الزمخشري: هو أن يصيبه من البول رشاش كرؤوس الإبر. وقال الأصمعي نضحت عليه الماء نضحا، وأصابه نضح من كذا. ونضح الجلة، بضم الجيم وتشديد اللام، ينضحها نضحا: رشها بالماء ليتلازب تمرها ويلزم بعضه بعضا. أو نضحها، إذا نشر ما فيها. وقول الشاعر:

ينضح بالبول والغبار على     فخذيه نضح العيدية الجللا يفسر بكل واحد من هاتين. ومن المجاز: نضح عنه: ذب ودفع كمضح، عن شجاع، ونضح الرجل: رد عنه، عن كراع. ونضح الرجل عن نفسه، إذا دافع عنها بحجة. وهو ينضح عن فلان كناضح عنه مناضحة ونضاحا. وهو يناضح عن قومه وينافح. وأنشد:

صفحة : 1776

ولو بلي في محفل نضاحي أي ذبي ونضحي عنه. ونضحت القربة والخابية والجرة تنضح كتمنع، هذا هو القياس، وقد مر عن أبي حيان ما يؤيده نضحا وتنضاحا، بالفتح فيهما، إذا كانت رقيقة فخرج الماء ورشحت، عن ابن السكيت. وكذلك الجبل الذي يتحلب الماء بين صخوره. ومزادة نصوح: تنضح الماء. ونضحت العين تنضح نضحا: فارت االدمع، والنضح يدعوه الهملان، وهو أن تمتلىء العين دمعا ثم تنتضح هملانا لا ينقطع، كانتضحت وتنضحت انتضاحا وتنضحا. وانتضح الرجل واستنضح، إذا نضح ماء، أي شيئا منه على فرجه، أي مذاكيره ومؤتزره بعد الفراغ من الوضوء لينفى بذلك عنه الوسواس، كانتفض، كما في حديث آخر، ومعناهما واحد. وانتضاح الماء على الفرج من إحدى الخلال العضشرة من السنة التي وردت في الحديث، خضرجه الجماهير. وفي حديث عطاء وسئل عن نضح الوضوء هو بالتحريك، يترشش منه عند الوضوء كالنشر. وقوس نضوح ونضحية كجهنية: طروح نضاحة بالنبل، أي شديدة الدفع والحفز للسهم، حكاه أبو حنيفة، وأنشد لأبي النجم:

أنحي شمالا همزي نضوحا أي مد شماله في القوس وهمزى، يعني شديدة. والنضوح من أسماء القوس. والنضوح كصبور: الوجور في أي موضع من الفم كان. ونص عبارة اللسان: في أي الفم كان. ومن المجاز: النضوح الطيب، وقد انتضح به، والنضح: ما كان رقيقا كالماء، والجمع نضوح وأنضحة. والنضخ: ما كان منه غليظا كالخلوق والغالية، وسيأتي. وفي حديث الإحرام: ثم أصبح محرما ينضح طيبا أي يفوح. وأصل النضح الرشح، فشبه كثرة ما يفوح من طيبه بالرشح. ومن المجاز: رأيته يتنضح. يقال: تنضح منه، أي مما قرف به، إذا انتفى وتنصل منه. والنضاح كشداد: سواق السانية وساقي النخل. قال أبو ذؤيب:

هبطن بطن رهاط واعتصبن كما      يسقي الجذوع خلال الدور نضاح ونضاح بن أشيم الكلبي له قصة مع الحطيئة، ذكرها ابن قتيبة كذا في التبصير. وأنضح عرضه: لطخه، قال ابن الفرج: سمعت شجاعا السلمي يقول: أمضحت عرضي وأنضحته، إذا أفسدته. وقال خليفة: أنضحته، إذا أنهبته الناس. وعن ابن الأعرابي: المنضحة والمنضخة، بالكسر فيهما: الزرافة. قال الأزهري: وهي عند عوام الناس النضاحة، ومعناهما واحد. والنضاحة هي الآلة التي تسوى من النحاس أو الصفر للنفط وزرفه. ومما يستدرك عليه: النضح، محركة، والنضيح: الحوض لأنه ينضح العطش أي يبله. وقيل هما الحوض الصغير، والجمع أنضاح ونضح. وقال الليث: النضيح من الحياض: ما قرب من البئر حتى يكون الإفراغ فيه من الدلو، ويكون عظيما، وهو مجاز. والناضح: البعير أو الحمار أو الثور الذي يستقى عليه الماء، وهي ناضحة وسانية، والجمع نواضح، وهو مجاز، وقد تكرر ذكره في الحديث مفردا ومجموعا، فكان واجب الذكر. والنضحات: الشيء اليسير المتفرق من المطر، قال شمر: وقد قالوا في نضح المطر، وقد نضحتنا السماء. والنضح أمثل من الطل، وهو قطر بين قطرين. ونضح الرجل بالعرق نضحا فض به، وكذلك الفرس. والنضيح والتنضاح: العرق. ونضحت ذفرى البعير بالعرق نضحا، وقال القطامي:

حرجا كأن من الكحيل صبابة     نضحت مغابنها به نضحانـا ورواه المؤرخ نضخت وقال شمر: نضحت الأديم بللته أن لا ينكسر. قال الكميت:

نضحت أديم الود بيني وبينكم     بآصرة الأرحام لو تتبلـل

صفحة : 1777

نضحت، أي وصلت، وهو مجاز. وأرض منضحة: واسعة. ونضحت الغنم: شبعت. وانتضح من الأمر: أظهر البراءة منه. والرجل يرمى أو يقرف بتهمة فينتضح منه، أي يظهر التبرؤ منه. ومنضح، كمنبر: معدن جاهلي بالحجاز عنده جوبة عظيمة يجتكع فيه الماء. والمنضحية قال الأصمعي: ماء بتهامة لبني الديل خاصة، كذا في المعجم.

ن-ط-ح
نطحه كمنعه وضربه، والأول هو القياس، لأنه أكثر استعمالا: أصابه بقرنه، والنطح للكباش ونحوها. ينطحه وينطحه. وكبش نطاح. وقد انتطحت الكباش، إذا تناطحت. وفي التنزيل: والمتردية والنطيحة وهي المنطوحة التي ماتت منه، أي من النطح. والنطيح للمذكر. قال الأزهري: وأما النطيحة في سورة المائدة فهي الشاة المنطوحة تموت فلا يحل أكلها، وأدخلت الهاء فيها لأنها جعلت اسما لا نعتا. قال الجوهري: وإنما جاءت بالهاء لغلبة الاسم عليها، وكذلك الفريسة والأكيلة والرمية، لأنه ليس هو على نطحتها فهي منطوحة، وإنما هو الشيء في نفسه مما ينطح، والشيء مما يفرس ويؤكل. ومن مجاز المجاز: النطيح الذي يستقبلك من أمامك مما يزجر. قال أبو ذؤيب:

فأمكنه مما يريد وبعضهم    شقي لدى خيراتهن نطيح والنطيح: فرس طالت غرته حتى تسيل إلى إحدى أذنيه، وهو يتشاءم به، وقيل: النطيح من الخيل: الذي في جبهته دائرتان، وإن كانت واحدة فهي اللطمة، وهو اللطيم. ودائرة الناطح من دوائر الخيل. وقال الأزهري: قال أبو عبيد: من دوائر الخيل دائرة اللطاة وهي التي في وسط الجبهة. قال: وإن كانت دائرتان قالوا فرس نطيح، ويكره، أي ما كان فيه دائرتا النطيح. وقال الجوهري: دائرة اللطة ليست تكره. ومن المجاز: تطير من النطيح والناطح. النطيح: ما يأتيك من أمامك ويستقبلك من الطير والظباء والوحش وغيرها مما يزجر كالناطح وهو خلاف القعيد. ومن المجاز: كلأك الله من نواطح الدهر. النواطح: الشدائد، واحدها ناطح، أي أمر شديد ذو مشقة. قال الراعي:

وقد مسه منا ومنهن ناطح

صفحة : 1778

ومن المجاز في أسجاعهم: إذا طلع النطح، طاب السطح. النطح والناطح: الشرطان، وهما قرنا الحمل. قال ابن سيده: النطح نجم من منازل القمر يتشاءم به أيضا. قال ابن الأعرابي: ما كان من أسماء المنازل فهو يأتي بالألف واللام، كقولك نطح والنطح، وغفر والغفر. وقولهم: ماله ناطح ولا خابط، أي شاة ولا بعير. ومن المجاز في الحديث: فارس - بالضم هكذا والمراد به ما يتاخم الروم - نطحة أو نطحتان، هكذا بالرفع فيهما في اللسان، وأورده الهروي في الغربيين في نطح، وفي بعض الأمهات نطحة أو نطحتين بالنصب فيهما، أورده ابن الأثير كالهروي في قرن، ثم لا فارس بعدها أبدا، ومعناه أي فارس تنطح مرة أو مرتين، ثم يزول ملكها ويبطل أمرها، هكذا فسره الهروي. في الغريبين. وفي النهاية: أي فارس تقاتل المسلمين مرة أو مرتين ثم يزول ملكها، فحذف الفعل لبيان معناه. قال شيخنا: وهذه الأقوال صريحة في أنهما منصوبان على المفعولية المطلقة إلا أن يقال إنهم لم يتقيدوا في الخط لأصل المعنى، أو أنهم أجوه على لغة من يلزم المثنى الألف في جميع الأحوال، نحو ساحران، أو نصب مرة في كلامهم على الظرفية لا المفعولية المطلقة، والظرف هو الخبر عن المبتدإ، وهو على حذف مضاف أي قتال فارس المسلمين وقتا أو وقتين، فتأمل فإنه قل من تعرض للتكلم عليه، انتهى. ومما يستدرك عليه: كبش نطيح، من كباش نطحي ونطائح، الأخيرة عن اللحياني ونعجة نطيح ونطيحة، من نعاج نطحي ونطائح. ومن المجاز: تناطحت الأمواج، والسيول، والرجال في الحرب. وبين العالمين والتاجرين نطاح. وجرى لنا في السوق نطاح. والنطاح أيضا المقابلة في لغة الحجاز، ونطحه عنه: دفعه وأزاله. ومن الأمثال ما نطحت فيه حماء ذات قرن، يقال ذلك فيمن ذهب هدرا. وفي الحديث: لا ينتطحفيها عنزان، أي لا يلتقي فيها اثنان ضعيفان، لأن النطاح من شأن التيوس والكباش، لا العتود، وهي إشارة إلى قصة مخصوصة لا يجري فيها خلف ولا نزاع. ومحمد بن صالح بن مهران بن النطاح، حدث عن معتمر بن سليمان وطبقته وبكير بن نطاح الشاعر الحنفي، أخباري.

ن-ظ-ح
أنظح السنبل بالظاء المشالة، إذا جرى الدقيق فيه أي في حبه، عن الليث، ونقله الأزهري وقال: الذي حفظناه وسمعناه من الثقات نضح السنبل كأنضح بالضاد المعجمة. قال: والظاء بهذا المعنى تصحيف، إلا أن يكون محفوظا عن العرب فتكون لغة من لغاتهم، كما قالوا بضر المرأة لبظرها.

ن-ف-ح
نفح الطيب، كمنع، ينفح، إذا أرج وفاح، نفحا، بفتح فسكون، ونفاحا ونفوحا، بالضم فيهما، ونفحانا، محركة. وله نفحة ونفحات طيبة، ونافجة نافحة، ونوافج نوافح. ومن المجاز: نفحت الريح: هبت، أي نسمت وتحرك أوائلها، كما في الأساس. وريح نفوح: هبوب شديدة الدفع. قال أبو ذؤيب يصف طيب فم محبوبته وشبهه بخمر مزجت بماء:

ولا متحير باتت عـلـيه     ببلقعة يمانية نـفـوح
بأطيب من مقبلها إذا ما      دنا العيوق واكتتم النبوح

صفحة : 1779

قال ابن بري: المتحير: الماء الكثير قد تحير لكثرته ولا منفذ له. والنفوح: الجنوب، تنفحه ببردها. والنبوح: ضجة الحي. وقال الزجاج: النفح كاللفح، إلا أن النفح أعظم تأثيرا من اللفح. وقال ابن الأعرابي: اللفح لكل حار، والنفح لكل بارد. ومثله في الصحاح والمصباح، ورواه أبو عبيد عن الأصمعي. ومن المجاز: نفح العرق ينفح نفحا، إذا نزا منه الدم. وطعنة نفاحة: دفاعة بالدم، وقد نفحت به. ونفح الشيء بالسيف تناوله من بعيد شزرا. ونفحه بالسيف: ضربه ضربا خفيفا. ومن المجاز: نفح فلانا بشيء: أعطااه. وفي الحديث: المكثرون هم المقلون إلا من نفح فيه يمينه وشماله، أي ضرب يديه فيه بالعطاء. ومنه حديث أسماء، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنفقي وانضحي وانفحي ولا تحصي فيحصي الله عليك. ومن المجاز: نفح اللمة: حركها ولفها. وفي اللسان: نفح الجمة: رجلها. وهما متقاربان. وفي مصنفات الغريب: النفحة من الريح في الأصل الدفعة، تجوز بها عن الطيب الذي ترتاح له النفس، من نفح الطيب إذا فاح. والنفحة من العذاب: القطعة. قال الليث عن أبي الهيثم أنه قال في قول الله عز وجل: ولئن مسههم نفحة من عذاب ربك : يقال أصابتنا نفحة من الصبا، أي روحة وطيب لا غم فيه، وأصابتنا نفحة من سموم أي حر وغم وكرب. وفي الصحاح: ولا يزال لفلان من المعروف نفحات، أي دفعات. قال ابن ميادة:

لما أتيتك أرجو فضل نائلـكـم     نفحتني نفحة طابت لها العرب

صفحة : 1780

جمع عربة، وهي النفس. ومن المجاز: النفحة من الألبان: المخضة، وقد نفح اللبن نفحة إذا مخضه مخضة. وقال أبو زيد: من الضروع النفوح، أي كصبور، وهي التي لا تحبس لبنها. ومن النوق: ما تخرج لمبنها من غير حلب، وهو مجاز. والنفوح من القسي: الطروح، وهي الشديدة الدفع والحفز للسهم، حكاه أبو حنيفةز وقيل: بعيدة الدفع للسهم، كما في الأساس، وهو مجاز، كالنفيحة والمنفحة، وهما اسمان للقوس. وفي التهذيب عن ابن الأعرابي: النفح: الذب عن الرجل، وقد نافحه إذا كا فحه وخاصمه كناضحه. وقد تقدم. وفي الحديث أن جبريل مع حسان ما نافح عني، أي دافع. والمنافحة والمكافحة: المدافعة والمضاربة، وهو مجاز. يريد بمنافحته هجاء المشركين ومجاوبتهم على أشعارهم. وفي حديث علي رضي الله عنه في صفين نافحوا بالظبا، أي قاتلوا بالسيوف. وأصله أن يقرب أحد المقاتلين من الآخر بحيث يصل نفح كل واحد منهما إلى صاحبه، وهي ريحه ونفسه. والإنفحة، بكسر الهمزة، وهو الأكثر كما في الصحاح والفصيح، وصرح به ابن السكيت في إصلاح المنطق فقال: ولا تقل أنفحة، بفتح الهمزة. قال شيخنا: وهذا الذي أنكروه قد حكاه ابن التياني وصاحب العين. وقد تشدد الحاء. في هامش الصحاح منقولا من خط أبي زكريا: وهو أعلى. وفي المصباح: هو أكثر. وقال ابن السكيت: هي اللغة الجيدة. وقد تكسر الفاء ولكن الفتح أخف، كما في اللسان. والمنفحة، بالميم بدل الهمزة، والبنفحة، بالموحدة بدلا عن الميم، حكاهما ابن الأعرابي والقزاز وجماعة. قال ابن السكيت: وحضرني أعرابيان فصيحان من بني كلاب، فقال أحدهما: لا أقول إلا إنفحة، وقال الآخر: لا أقول إلا منفحة. ثم افترقا على أن يسألا عنهما أشياخ بني كلاب، فاتفقت جماعة على قول ذا وجماعة على قول ذا، فهما لغتان قال الأزهري عن الليث: الإنفحة لا تكون إلا لذي كرش، وهو شيء يستخرج من بطن الجدي الرضيع أصفر، فيعصر في صوفة مبتلة في اللبن فيغلظ كالجبن. والجمع أنافح، قال الشماخ:

وإنا لمن قوم على أن ذممتهم      إذا أولموا لم يولموا بالأنافح

صفحة : 1781

فإذا أكل الجدي فهو كرش. وهذه الجملة الأخيرة نقلها الجوهري عن أبي زيد. وقال ابن درستويه في شرح الفصيح: هي آلة تخرج من بطن الجدي فيها لبن منعقد يسمى اللبأ، ويغير به اللبن الحليب فيصير جبنا. وقال أبو الهيثم: الجفر من أولاد الضأن والمعز: ما قد استكرش وفطم بعد خمسين يوما من الولادة أو شهرين، أي صارت إنفحته كرشا حين رعى النبت. وإنما تكون إنفحة ما دامت ترضع. وتفسير الجوهري الإنفحة بالكرش سهو. قال شيخنا نقلا عن بعض الأفاضل: ويتعين أن مراده بالإنفحة أولا ما في الكرش، وعبر بها عنه مجازا لعلاقة المجاورة. قلت: وهو مبني على أن بينهما فرقا، كما يفيده كلام ابن درستويه. والظاهر أنه لا فرق. وقال في شرح نظم الفصيح: الجوهري لم يفسر الإنفحة بمطلق الكرش حتى ينسب إلى السهو، بل قال: هو كرش الحمل أو الجدي ما لم يأكل، فكأنه يقول: الإنفحة: الموضع الذي يسمى كرشا بعد الأكل، فعبارته عند تحقيقها هب نفس ما أفاده المجد. ونسبته إياه إلى السهو بمثل هذا من التبجحات، ثم قال: وقوله بعد: فإذا أكل فهي كرش، صريح في أن مسمى الإنفحة هو الكرش قبل الأكل، كما لا يخفى، كالسجل والكأس والمائدة، ونحوها من الأسماء التي تختلف أسماؤها باختلاف أحوالها. والأنافح كلها لا سيما الأرنب من خواصها إذا علق منها على إبهام المحموم شفي، مجرب، وذكره داوود في تذكرته، والدميري في حياة الحيوان. ويقال: نية نفح، محركة، أي بعيدة. والنفيح، كأمير، والنفيح كسكين، الأخيرة عن كراع، والمنفح، كمنبر: الرجل المعن، بكسر الميم وفتح العين المهملة وتشديد النون، وهو الداخل على القوم، وفي التهذيب: مع القوم وليس شأنه شأنهم. وقال ابن الأعرابي: النفيح: الذي يجيء أجنبيا فيدخل بين القوم ويسمل بينهم ويصلح أمرهم. قال الأزهري: هكذا جاء عن ابن الأعرابي في هذا الموضع، النفيح بالحاء. وقال في موضع آخر: النفيج - بالجيم - :الذي يعترض بين القوم لايصلح ولا يفسد. قال: هذا قول ثعلب. وانتفح به: اعترض له. وانتفح إلى موضع كذا: انقلب. والله هو النفاح بالخير، وهو النفاع المنعم على الخلق، وهو مجاز. قال الأزهري: لم أسمع النفاح في صفات الله تعالى التي جاءت في القرآن والسنة، ولا يجوز عند أهل العلم أن يوصف الله تعالى بما ليس في كتابه ولم يبينها على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وإذا قيل للرجل: إنه نفاح، فمعناه الكثير العطايا. والنفاح: زوج المرأة، يمانية، عن كراع. وعن ابن السكيت: النفيحة للقوس: شطيبة من نبع، قال مليح الهذلي:

أناخوا معيدات الوجيف كأنها     نفائح نبع لم تـريع ذوابـل

صفحة : 1782

والإنفحة بالكسر: شجر كالباذنجان. ومما يستدرك عليه: قولهم: له نفحات من معروف، أي دفعات. وفي الحديث: تعرضوا لنفحات رحمة الله. وهو مجاز. والنفح: الضرب والرمي. وفي التهذيب: طعنة نفوح: ينفح دمها سريعا. ونفحة الدم: أول فورة تفور منه ودفعة، قاله خالد بن جنبة. ونفح الشيء، إذا دفعه عنه. وفي حديث شريح أنه أبطل النفح أراد نفح الدابة برجلها. وهو رفسها، كان لا يلزم صاحبها شيئا. ونفحت الدابة تنفح نفحا، وهي نفوح: رمحت برجلها ورمت بحد حافرها ودفعت. وقيل: النفح بالرجل الواحدة، والرمح بالرجلين معا، وفي الصحاح نفحت الناقة: ضربت برجلها. وجاءت الإبل كأنها الإنفحة، إذا بالغوا في امتلائها وارتوئها. وفي المعجم: قالوا بالعرض من اليمامة واد يشقها من أعلاها إلى أسفلها، وإلى جانبه منفوحة، قرية مشهورة من نواحي اليمامة، كان يسكنها الأعشي، وبها قبره. قال:

بقاع منفوحة ذي الحائر وهي لبني قضيس بن ثعلبة بن عكابة

ن-ق-ح
نقح العظم، كمنع، ينقح نفحا: استخرج مخه. والخاء لغة فيه كنقحه تنقيحا، وانتقحه انتقاحا. ونقح الشيء: قشره، عن ابن الأعرابي. وأنشد لغليم من دبير:

إليك أشكو الدهر والزلازلا    وكل عام نقح الحـمـائلا يقول: نقحوا حمائل سيوفهم، أي قشروها فباعوها لشدة زمانهم. ونقح الجذع: شذبه عن أبنه، بضم الهمزة وفتح الموحدة، كنقحه تنقيحا. وفي التهذيب النقح: تشذيبك عن العصا أبنها حتى تخلص. وتنقيح الجذع تشذيبه. وكل ما نحيت عنه شيئا فقد نقحته. قال ذو الرمة:

من مجحفـات زمـن مـريد     نقحن جسمي عن نضار العود ومن المجاز: تنقيح الشعر وإنقاحه: تهذيبه. يقال خير الشعر الحولي المنقح. وأنقح شعره إذا حككه. ونقح الكلام: فتشه وأحسن النظر فيه، وقيل أصلحه وأزال عيوبه. والمنقح: الكلام الذي فعل به ذلك. ومن سجعات الأساس: ما قرض الشعر المنقح، إلا بالذهن الملقح. ومن المجاز: ناقحه، إذا نافحه وكافحه، إن لم يكن تصحيفا. والنقح، بفتح فسكون: سحاب أبيض صيفي. قال العجير السلولي:

نقح بواسق يجتلي أوساطها     برق خلال تهلل وربـاب وقال أبو وجزة السعدي: طورا وطورا يجوب العقر من نقح كالسند أكباده هيم هراكيل النقح، بالتحريك: الخالص من الرمل. والسند: ثياب بيض. وأكباد الرمل: أوساطه. والهراكيل الضخام من كثبانه. أراد الشاعر هنا البيض من حبال الرمل. وعن ابن الأعرابي: يقال أنقح الرجل، إذا قلع حلية سيفه في أيام الجدب أي القحط والفقر. كنقح. وقد تقدم. ومن المجاز: تنقح شحمه، الصواب شحم ناقته، كما في سائر الأمهات وكتب الغريب، أي قل. وفي الأساس: ذهب بعض ذهاب. ومما يستدرك عليه: في حديث الأسلمي إنه لنقح، أي عالم مجرب. ومن المجاز: رجل منقح: أصابته البلايا، عن اللحياني. وقال بعضهم: هو مأخوذ من تنقيح الشعر. ونقحته السنون: نالت منه، وهو مجاز أيضا. وروى الليث عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال في مثل استغنت السلاءة عن التنقيح، وذلك أن العصا إنما تنقح لتملس وتملق والسلاءة: شوكة النخلة، وهي في غاية الاستواء والملاسة، فإن ذهبت تقشر منها خشنت، يضرب مثلا لمن يريد تجويد شيء هو في غاية الجودة، من شعر، أو كلام أو غيره، مما هو مستقيم.

ن-ك-ح

صفحة : 1783

النكاح، بالكسر، في كلام العرب: الوطء، في الأصل، وقيل: هو العقءد له، وهو التزويج، لأنه سبب للوطء المباح، وفي الصحاح: النكاح: الوطء، وقد يكون العقد. وقال ابن سيده: النكاح: البضع، وذلك في نوع الإنسان خاصة، واستعمله ثعلب في الذباب. قال شيخنا: واستعماله في الوطء والعقد مما وقع فيه الخلاف، هل هذا حقيقة في الكل أو مجاز في الكل، أو حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر. قالوا: لم يرد النكاح في القرآن إلا بمعنى العقد، لأنه في الوطء صريح في الجماع، وفي العقد كناية عنه. قالوا: وهو أوفق بالبلاغة والأدب، كما ذكره الزمخشري والراغب وغيرهما. نكح الرجل، كمنع - اقتضاه القياس وأنكره جماعة - وضرب، وهذا هو الأكثر وبه ورد القرآن، وعليه اقتصر صاحب المصباح وغيره. قال ابن سيده: وليس في الكلام فعل يفعل مما لام الفعل منه حاء إلا ينكح وينطح، ويمنح، وينضح، وينبح، ويرجح، ويأنح، ويأزح، ويملح. وقال ابن فارس: النكاح يطلق على الوطء، وعلى العقد دون الوطء، وقال ابن القوطية: نكحتها، إذا وطئتها أو تزوجتها، وأقره ابن القطاع، ووافقهما السرقسطي وغيرهم. ثم قال في المصباح بعد تصريفات الفعل: يقال مأخوذ من نكحه الدواء إذا خامره وغلبه، أو من تناكح الأشجار، إذا انضم بعضها إلى بعض، أو نكح المطر الأرض، إذا اختلط في ثراها وعلى هذا فيكون النكاح مجازا في العقد والوطءء جميعا، لأنه مأخوذ من غيره، فلا يستقيم القول بأنه حقيقة لا فيهما ولا في أحدهما. ويؤيده أنه لا يفهم العقد إلا بقرينة، نحو نكح في بني فلان؛ ولا يفهم الوطء إلا بقرينة، نحو نكح زوجته، وذلك من علامات المجاز. وإن قيل غير مأخوذ من شيء فيعتبر الوطء والاشتراك، واستعماله لغة في العقد أكثر. وفي نسخة من المصباح: فيترجح الاشتراك، لأنه لا يفهم واحد من قسمية إلا بقرينة. قال شيخنا: وهذا من المجاز أقرب. وقوله: واستعماله لغة في العقد، إلخ هو ظاهر كلام جماعة، وظاهر المصنف كالجوهري عكسه، لأنه قدم الوطء، ثم ظاهر الصحاح أن استعماله في العقد قليل أو مجاز، وكلام المصنف يدل على تساويهما. انتهى. وفي اللسان: نكحها ينكحها، إذا تزوجها، ونكحها ينكحها، إذا باضعها، وكذلك دحمها وخجأها. وقال الأعشى في نكح بمعنى تزوج:

ولا تقربن جارة إن سرهـا      عليك حرام فانكحن أو تأبدا ونكحت هي: تزوجت وهي ناكح في بني فلان. وقد جاء في الشعر: ناكحة، على الفعل، أي ذات زوج منهم. قال:

أحاطت بخطاب الأيامى وطلقت غداة غد منهن من كان ناكحـا وقال الطرماح:

ومثلك ناحت عليه النسـا      ء من بين بكر إلى ناكحة وفي حديث قيلة انطلقت إلى أخت لي ناكح في بني شيبان، أي ذات نكاح، يعني متزوجة، كما يقال حائض وطاهر وطالق، أي ذات حيض وطهارة وطلاق. قال ابن الأثير ولا يقال ناكح إلا إذا أرادوا بناء الاسم من الفعل، فيقال نكحت فهي ناكح ومنه حديث سبيعة ما أنت بناكح حتى تنقضي العدة. واستنكحها: نكحها، حكاه الفارسي. وأنشد:

وهم قتلوا الطائي بالحجر عنوة    أبا جابر واستنكحوا أم جابـر

صفحة : 1784

واستنكح في بني فلان: تزوج فيهم: كذا في اللسان. وأنكحه المرأة: زوجه إياها. وأنكحها: زوجها. والاسم النكح والنكح بالضم والكسر، لغتان. قال الجوهري: وهي كلمة كانت العرب تتزوج بها. ونكحها الذي ينكحها وهي نكحته، كلاهما عن اللحياني. ورجل نكحة، كهمزة، ونكح، بغير هاء: كثيره، أي النكاح، المراد به هنا التزويج. وفي حديث معاوية: لست بنكح طلقة ، أي كثير التزويج والطلاق. وفعلة من أبنية المبالغة لمن يكثر منه الشيء. وقال أبو زيد: يقال: إنه لنكحة من قوم نكحات، إذا كان شديد النكاح. وفي اللسان: وكان الرجل في الجاهلية يأتي الحي خاطبا، فيقوم في ناديهم فيقول: خطب، أي جئت، خاطبا، فيقال له: نكح أي قد أنكحناك إياها. ويقال نكح، إلا أن نكحا هنا ليوازن خطبا وقصر أبو عبيد وابن الأعرابي قولهم خطب، فيقال: نكح، على خبر أم خارجة، وإليه أشار المصنف بقوله وكان يقال لأم خارجة عند الخطبة: خطب، فتقول نكح، فقالوا أسرع من نكاح أم خارجة. وقد مر شيء من ذلك في خ ط ب. ومن المجاز: نكح النعاس عينه: غلبها، كناكها. وكذلك استنكح النوم عينه. ومنه أيضا نكح المطر الأرض وناكها، إذا اعتمد عليها. والنكح، بالفتح: البضع وذلك في نوع الإنسان، وقد مر ذلك عن ابن سيده. والمناكح: النساء. وفي المثل: إن المناكح خيرها الأبكار. قيل لا مفرد له وقيل مفرده منكح، كمقعد، وهو أقرب إلى القياس، وقيل منكوحة. ويستدرك عليه: ما مر من المصباح في معاني النكاح، ومن المجاز: أنكحوا الحصى أخاف الإبل.

ن-و-ح
التناوح: التقابل، ومنه تناوح الجبلين، وتناوح الرياح. وهذا مجاز، وسيأتي. ومن المجاز أيضا: ناحت المرأة زوجها، إشارة إلى تعديته بنفسه، وهو مرجوح، وناحت عليه، وهو الراجح، تنوح نوحا بالفتح ونواحا، بالضملمكان الصوت، ونياحا ونياحة، بكسرهما، ومناحا، بالفتح مصدر ميمي، ومناحة. زاده ابن منظور، والاسم النياحة، بالكسر. ونساء نوح وأنواح، كصحب وأصحاب، ونوح، بضم فتشديد، ونوائح، وهما أقيس الجموع، ونائحات. جمع سلامة. ويقال: نائحة ذات نياحة ونواحة ذات مناحة. وكنا في مناحة فلان. المناحة الاسم ويجمع على المناحات والمناوح. والنوائح اسم يقع على النساء يجتمعن في مناحة، ويجمع على الأنواح. والمناحة والنوح: النساء يجتمعن للحزن. قال أبو ذؤيب:

فهن عكوف كنوح الكري    م قد شف أكبادهن الهوي وجعل الزمخشري وغيره النوائح مجازا مأخوذا من التناوح بمعنى التقابل، لأن بعضهن يقابل بعضا إذا نحن. واستناح: ناح فالسين والتاء للتأكيد، كاستجاب. واستناح الذئب: عوى فأدنت له الذئاب، أنشد ابن الأعرابي:

مقلقة للمستنيح العساس يعني الذئب الذي لا يستقر. واستناح الرجل: بكى، واستبكى غيره. وقول أوس:

وما أنا ممن يستنيح بشجـوه    يمد له غربا جزور وجدول معناه: لست أرضى أن أدفع عن حقي وأمنع حتى أحوج إلى أن أشكو فأستعين بغيري. وقد فسر على المعنى الأول، وهو أن يكون يستنيح بمعنى ينوح. ونوح الحمامة: ما تبديه من سجعها على شكل النوح، والفعل كالفعل، صوب جماعة أنه مجاز والأكثر أنه إطلاق حقيقي، قاله شيخنا. قال أبو ذؤيب:

فوالله لا ألقى ابن عم كأنه    نشيبة ما دام الحمام ينوح

صفحة : 1785

وحمامة نائحة ونواحة. والخطيبان أبو إبراهيم إسحاق ابن محمد النوحي النسفي وإسماعيل ابن محمد بن محمد بن نوح بن زيد بن نعمان النوحي، محدثان، والصواب أنهما منسوبان إلى جدهما نوح. وتنوح الشيء تنوحا، إذا تحرك وهو متدل ونوح، بالضم، اسم نبي أعجمي، ومنهم من قال اسمه عبد الشكور أو عبد الغفار، وأن نوحا لقبه لكثرة نوحه وبكائه على ذنبه، كذا قيل. منصرف، مع العجمة والتعريف، لخفته، أي بسكون وسطه. وكذلك كل اسم على ثلاثة أحرف أوسطه ساكن، مثل لوط، لأن خفته عادلت أحد الثقلين. قال شيخنا: وهذا ما لم ينقل فيصير علما على امرأة، فإنه حينئذ يمنع من الصرف لاجتماع ثلاث علل، كما قيد به جماعة من المحققين. ونوح كبقم: قبيلة في نواحي حجر، بفتح فسكون. والنوائح: ع ومما يستدرك عليه: تناوحت الرياح، إذا اشتد هبوبها. قال لبيد يمدح قومه:

ويكللون إذا الرياح تناوحت     خلجا تمد شوارعا أيتامها والرياح إذا تقابلت في المهب تناوحت، لأن بعضها يناوح بعضا ويناسج، فكل ريح استطالت أثرا فهبت عليه ريح طولا فهي نيحته، فإن اعترضته فهي نسيجته. والرياح المتناوحة هي النكب، وذلك أنها لا تهب من جهة واحدة، ولكنها تهب من جهات مختلفة، سميت لمقابلة بعضها بعضا، وذلك في السنة وقلة الأندية، ويبس الهواء وشدة البرد. والنوحة والنيحة: القوة. والنوائح: الرايات المتقابلة في الحروب، والسيوف، وبهما عنى الشاعر:

لقد صبرت حنيفة صبر قوم     كرام تحت أظلال النواحي أراد النوائح، قاله الكسائي

ن-ي-ح
النيح، بفتح فسكون: اشتداد العظم بعد رطوبته من الكبير والصغير. وقد ناح ينيح، إذا صلب واشتد. والنيح: تمايل الغصن، كالنيحان، محركة. وقد ناح، إذا مال. وعظم نيح ككيس: شديد صلب. ويقال نيح الله عظمه، إذا شدده، يدعو له بذلك. ويقال أيضا: نيح الله عظمه، إذا رضضه، يدعو عليه، فهو ضد. والذي في الحديث: لا نيح الله عظامه، أي لا صلب منها ولا شد منها. وما نيحته بخير، أي ما أعطيته شيئا. والنوحة: القوة، وهي النيحة أيضا.