الباب الثامن: باب الدال المهملة - الفصل الخامس والعشرون: فصل الواو مع الدال المهملة: الجزء الأول

فصل الواو مع الدال المهملة

الجزء الأول

و أ د
وأد بنته، هكذا في الصحاح، وفي التهذيب والمحكم: وأد الموءودة يئدها وأدا: دفنها في القبر، وزاد في الأساس: وأثقلها بالتراب وهي حية، وهو وائد، وهي وئيد ووئيدة وموءودة أنشد ابن الأعرابي:

وما لقي الموءود من ظلم أمه     كما لقي ذهل جميعا وعامر وكانت كندة تئد النبات. قال الله تعالى: وإذا الموءودة سئلت قال المفسرون: كان الرجل في الجاهلية إذا ولدت له بنت دفنها حين تضعها والدتها حية مخافة العار والحاجة، فأنزل الله تعالى: ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم وفي الحديث الوئيد في الجنة أي الموءود، فعيل بمعنى مفعول، ومنهم من كان يئد البنين في المجاعة. وقال الفرزدق يعني جده صعصعة بن ناجية:

وعمي الذي منع الوائدات     وأحيا الوئيد فـلـم يوأد وفي الحديث أنه نهى عن وأد البنات أي قتلهن، وفي حديث العزل ذلك الوأد الخفي، وفي حديث آخر تلك الموءودة الصغرى. قال أبو العباس: من خفف همزة الموءودة قال مودة، كما ترى لئلا تجمع بين ساكنين. والوأد الوئيد: الصوت مطلقا، أو العالي الشديد كصوت الحائط إذا سقط نحوه، قال المعلوط:

أعاذل ما يدريك أن رب هجمة     لأخفافها فوق المـتـان وئيد قال ابن سيده: كذا أنشده اللحياني، ورواه يعقوب: فديد. وفي حديث عائشة خرجت أقفوا آثار الناس يوم الخندق فسمعت وئيد الأرض يسمع كالدوي من بعد. الوأد: هدير البعير، عن اللحياني، ويقال: سمعت وأدقوائم الإبل ووئيدها.وفي حديث سواد بن مطرف وأد الذعلب الوحناء أي صوت وطئها على الأرض. قال أبو مسحل في نوادره: التؤدة، أي بضم التاء تثقل وتخفف، أي بفتح الهمزة وسكونها وبغير همز، تقول تؤدة وتؤدة وتودة، هو فعلة من الوئيد، كذلك التوآد، وعلى الأول اقتصر كثير من أئمة اللغة، ومعنى الكل: الرزانة والتأني والتمهل، قالت الخنساء:

فتى كان ذا حلم رزين وتؤدةإذا ما الحبا من طائف الجهل حلت

صفحة : 2311

وقد اتأد وتوأد، والتوآد منه، قال الأزهري: وأما التؤدة بمعنى التأني في الأمر فأصلها وأدة، مثل التكأة أصلها وكأة فقلبت الواو تاء، ومنه يقال اتئد يا فتى، وقد اتأد يتئد اتئادا، إذا تأنى في الأمر، قال وثلاثيه غير مستعمل، لا يقولون واد يئد بمعنى أتأد، وقال الليث: يقال اتأد وتوأد فاتأد على افتعل وتوأد على تفعل، والأصل فيه الوأد، إلا أن يكون مقلوبا من الأود وهو الإثقال، فيقال آدني يؤودني أي أثقلني، والتأود منه، ويقال: تأودت المرأة في قيامها، إذا تثنت لتثاقلها ثم قالوا توأد واتأد إذا ترزن وتمهل، والمقلوبات في كلام العرب كثيرة، قال شيخنا، وهذا قد حكاه المرتضى عن بعض اللغويين. ومن هنا وقع في المصباح تخليط في المادتين، ولم يفرق بين الأجوف والمثال. من المقلوب الموائد، وأصلها المآود بمعنى: الدواهي وقد تقدمت الإشارة إليه. يقال توأدت عليه الأرض على القلب تودأت إذا غيبته وذهبت به، قال أبو منصور: هما لغتان على القلب، كتكمأت وتلمعت. ومما يستدرك عليه: المثل هو أضل من موءودة وحكى أبو علي: تيدك بمعنى اتئد. واتئد في أمرك: تثبت. ومشى مشيا وئيدا، أي على تؤدة، قالت الزباء:

ما للجمال مشيها وئيدا    أجندلا يحملن أم حديدا

و ب د
الوبد، محركة: شدة العيش والفقر والحاجة إلى الناس والبؤس وسوء الحال، مصدر يوصف به فيقال رجل وبد محركة، أي سييء الحال، للواحد والجميع، كقولك رجل عدل، وقد يجمع أوبادا، كما يقال: عدول، على توهم النعت الصحيح، وأنشد أبو زيد قول عمرو بن العداء الكلبي:


لأصبح الحي أوبادا ولم يجدواعند التفرق في الهيجا جمالين وهو على حذف المضاف، أي ذوي أوباد، أو الوبد: كثرة العيال وقلة المال، الحاصل منهما سوء الحال، رجل وبد، أي فقير، من قوم أوباد: محاويج. الوبد: الغضب، مثل الومد، الوبد: الحر مع سكون الريح، كالومد، الوبد: العيب، والوبد: بلى الثوب وإخلاقه، الوبد: النقرة في صفاة الجبل يستنقع فيها الماء كالوبد، بالفتح مع السكون، وهي أظهر من الوقر، والوقر أظهر من الوقب، وقد وبد، كفرح، في الكل، يوبد وبدا ووبدت حاله وبدا. الوبد ككتف: الجائع، والشديد الإصابة بالعين، عن اللحياني، كالمتوبد. وتوبد أموالهم بعينه ليصيبها بالعين، عنه أيضا، وإنه ليتوبد أموال الناس، أي يصبها بعينه فيسقطها. وأوبدوه: أفردوه، وأنشد الأصمعي:

عهدت بها سراة بني كلاب    ورثتهم الحياة فأوبدونـي والأوبد: ع، والمستوبد: الجاهل بالمكان. والمستوبد مثل الوبد، السيىء الحال من كثرة العيال وقلة المال.

و ت د
الوتد، بالفتح والسكون على التخفيف في لغة نجد، يقال الوتد بالتحريك لغة فيه ككتف في لغة الحجاز وهي الفصحى، كما في المصباح، والود، بقلب التاء دالا وإدغامها في اللام، كما حكاه الجوهري والفيومي، وهي لغة نجد، فهي أربع لغات: ما رز في الأرض أو الحائط من خشب. وأنشد المصنف في البصائر.

ولا يقيم بدار الذل يعرفـهـا     إلا الأذلان عير الأهل والوتد

صفحة : 2312

وفي المثل: أذل من وتد بقاع لأنه يدق أبدا. الوتد أيضا: ما كان في العروض على ثلاثة أحرف، وهو على ضربين، أحدهما حرفان متحركان، والثالث ساكن كعلن وفعو، وهذا هو الوتد المقرون، لأن الحركة قد قرنت الحرفين، والآخر ثلاثة أحرف، متحرك، ثم ساكن، ثم متحرك، وذلك لات، من مفعولات، وهو الوتد المفروق، لأن الحرف قد فرق بين المتحركين، ولا يقع في الأوتاد زحاف، لأن اعتماد الجزء إنما هو عليها، إنما يقع في الأسباب، لأن الجزء غير معتمد عليها. الوتد والوتدة: الهنية الناشزة في مقدم الأذن مثل الثؤلول تلى أعلى العارض من اللحية، وقيل: هو المنتبر مما يلي الصدغ، وهو مجاز، وفي الصحاح: والوتدان في الأذنين اللذان في باطنهما كأنهما وتد، وهما العيران أيضا. الكل أوتاد. ووتد واتد، تأكيد أي ثابت رأس منتصب، قال أبو عبيد: هو من باب شعر شاعر على النسب. من المجاز أوتاد الأرض: جبالها، لأنها تثبتها، قال الله تعالى والجبال أوتادا وقد وتد الله الأرض بالجبال وأوتدها ووتدها الأوتاد من البلاد: رؤساؤها الأوتاد من الفم: أسنانه، على التشبيه قال:

والفر حتى نقدت أوتادها استعار النقد للموت، وإنما هو للأسنان، كما في اللسان. وتد الوتد يتده وتدا، بفتح فسكون، وتدة كعدة: ثبته، كأوتده، وهذه عن الصاغاني، ووتده توتيدا، قال ساعدة بن جؤية يصف أسدا:

يقضم أعناق المخاض كأنما    بمفرج لحييه الرياج الموتد ووتد هو ووتد كلاهما: ثبت، والأمر منه: تد، كعد، ويقال: تد الوتد ياواتد، وأوتده، والوتد موتود. والميتدة: المرزبة التي يضرب بها الوتد، وبلا هاء مستدرك على الجوهري، من المجاز: توتيد الذكر: إنعاظه على التشبيه بالوتد حالة تصلبه. عن الأصمعي: وبأعلى مبهل المجيمر الوتدات وهي جبال لبني عبد الله بن غطفان، وبأعاليه أسفل من الوتدات أبارق إلى سندها تسمى الأثوار، ويومها أي معروف، بين نهشل وهلال بن عامر. وواتدة ماءة. والوتدة واحدة الوتدات: بنجد أو بالدهناء منها، وليلتها، معروفة، وهي لبني تميم على بني عامر بن صعصعة، قتلوا ثمانين رجلا من بني هلال، قال ياقوت: وما أظنها إلا التي قبلها، وإنما تلك جمعت. ومما يستدرك عليه: ذو الأوتاد لقب فرعون، وقد جاء في التفسير أنه كانت له جبال وأوتاد يلعب له بها، ونقل شيخنا عن الثعالبي في المضاف والمنسوب أنه كان لظلمه وبغيه يأمر بمن يغضب عليه فيوتد في الأرض بأربعة أوتاد. والواتد: الثابت، قال أبو محمد الفقعسي:

لاقت على الماء جذيلا واتدا     ولم يكن يخلفها المواعـدا ويقال: وتد فلان رجله في الأرض إذا ثبتها، قال بشار:

ولقد قلت حين وتد في الأر     ض ثبير أربى على ثهلان ووتد الرجل في بيته: أقام وثبت. ووتد الزرع: طلع نباته فثبت وقوي. ووتد النعل: الناتيء من أذنها. وانتصب كأنه وتد. وهو أذل من الوتد. ومن المجاز: قرن واتد: منتصب، وقيل لأعرابي: ما النطشان? قال: يوتد العطشان، وروي: شيء نتد به كلامنا، كما في الأساس.

و ج د

صفحة : 2313

وجد المطلوب والشيء كوعد وهذه هي اللغة المشهورة المتفق عليها وجده مثل ورم غير مشهورة، ولا تعرف في الدواوين، كذا قاله شيخنا، وقد وجدت المصنف ذكرها في البصائر فقال بعد أن ذكر المفتوح: ووجد، بالكسر، لغة، وأورده الصاغاني في التكملة فقال: وجد الشيء، بالكسر، لغة في وجده يجده، ويجده، بضم الجيم، قال شيخنا: ظاهره أنه مضارع في اللغتين السابقتين، مع أنه لا قائل به، بل هاتان اللغتان في مضارع وجد الضالة ونحوها، المفتوح، فالكسر فيه على القياس لغة لجميع العرب، والضم مع حذف الواو لغة لبني عامر بن صعصعة، ولا نظير لها في باب المثال، كذا في ديوان الأدب للفارابي، والمصباح، وزاد الفيومي: ووجه سقوط الواو على هذه اللغة وقوعها في الأصل بين ياء مفتوحة وكسرة، ثم ضمت الجيم بعد سقوط الواو من غير إعادتها، لعدم الاعتداد بالعارض، وجدا، بفتح فسكون، وجدة، كعدة، ووجدا، بالضم، ووجودا، كقعود، ووجدانا، وإجدانا بكسرهما، الأخيرة عن ابن الأعرابي: أدركه، وأنشد:

وآخر ملتاث يجـر كـسـاءه     نفى عنه إجدان الرقين الملاويا قال: وهذا يدل على بدل الهمزة من الواو المكسورة، كما قالوا إلدة في ولدة. واقتصر في الفصيح على الوجدان، بالكسر، كما قالوا في أنشد: نشدان، وفي كتاب الأبنية لابن القطاع: وجد مطلوبه يجده وجودا ويجده أيضا بالضم لغة عامرية لا نظير لها في باب المثال، قال لبيد وهو عامري:

لم أر مثلـك يا أمـام خـلـيلا     آبى بحاجتنا وأحـسـن قـيلا
لو شئت قد نقع الفؤاد بـشـربة     تدع الصوادي لا يجدن غلـيلا
بالعذب من رضف القلات مقيلة      قض الأباطح لا يزال ظلـيلا

صفحة : 2314

وقال ابن بري: الشعر لجرير وليس للبيد، كما زعم الجوهري. قلت: ومثله في البصائر للمصنف وقال ابن عديس: هذه لغة بني عامر، والبيت للبيد، وهو عامري، وصرح به الفراء، ونقله القزاز في الجامع عنه، وحكاها السيرافي أيضا في كتاب الإقناع، واللحياني في نوادره، وكلهم أنشدوا البيت، وقال الفراء: ولم نسمع لها بنظير، زاد السيرافي: ويروى: يجدن، بالكسر، وهو القياس، قال سيبويه: وقد قال ناس من العرب وجد يجد، كأنهم حذفوها من يوجد، قال: وهذا لا يكاد يوجد في الكلام. قلت: ويفهم من كلام سيبويه هذا أنها لغة في وجد بجميع معانيه، كما جزم به شراح الكتاب، ونقله ابن هشام اللخمي في شرح الفصيح، وهو ظاهر كلام الأكثر، ومقتضى كلام المصنف أنها مقصورة على معنى وجد المطلوب، ووجد عليه إذا غضب، كما سيأتي، ووافقه أبو جعفر اللبلي في شرح الفصيح، قال شيخنا: وجعلها عامة هو الصواب، ويدل له البيت الذي أنشدوه، فإن قوله لا يجدن غليلا ليس بشيء مما قيدوه به، بل هو من الوجدان، أو من معنى الإصابة، كما هو ظاهر، ومن الغريب ما نقله شيخنا في آخر المادة في التنبيهات ما نصه: الرابع، وقع في التسهيل للشيخ ابن مالك ما يقتضي أن لغة بني عامر عامة في اللسان مطلقا، وأنهم يضمون مضارعه مطلقا من غير قيد بوجد أو غيره، فيقولون وجد يجد ووعد يعد، وولد يلد، ونحوها، بضم المضارع، وهو عجيب منه رحمه الله، فإن المعروف بين أئمة الصرف وعلماء العربية أن هذه اللغة العامرية خاصة بهذا اللفظ الذي هو وجد بل بعضهم خص ببعض معانيه، كما هو صنيع أبي عبيد في المصنف، واقتضاه كلام المصنف،وذلك رد شراح التسهيل إطلاقه وتعقبوه، قال أبو حيان: بنو عامر إنما روي عنهم ضم عين مضارع وجد خاصة، فقالوا فيه يجد، بالضم، وأنشدوا:

يدع الصوادي لا يجدن غليلا

صفحة : 2315

على خلاف في رواية البيت، فإن السيرافي قال في شرح الكتاب: ويروى بالكسر، وقد صرح الفارابي وغيره بقصر لغة بني عامر بن صعصعة على هذه اللفظة، قال: وكذا جرى عليه أبو الحسن بن عصفور فقال: وقد شذ عن فعل الذي فاؤه واو لفظة واحدة، فجاءت بالضم، وهي وجد يجد، قال وأصله يوجد فحذفت الواو، لكون الضمة هنا شاذة، والأصل الكسر. قلت: ومثل هذا التعليل صرح به أبو علي الفارسي قال: ويجد كان أصله يوجد، مثل يوطؤ، لكنه لما كان فعل يوجد فيه يفعل ويفعل كأنهم توهموا أنه يفعل، ولما كان فعل لا يوجد فيه إلا يفعل لم يصح فيه هذا. وجد المال وغيره يجده وجدا، مثلثة وجدة، كعدة: استغنى، هذه عبارة المحكم، وفي التهذيب يقال وجدت في المال وجدا ووجدا ووجدا ووجدانا وجدة، أي صرت ذا مال، قال: وقد يستعمل الوجدان في الوجد، ومنه قول العرب وجدان الرقين يغطي أفن الأفين. قلت: وجرى ثعلب في الفصيح بمثل عبارة التهذيب، وفي نوادر اللحياني: وجدت المال وكل شيء أجده وجدا ووجدا ووجدا ووجدا ووجدانا وجدة، أي صرت ذا مال، قال: وقد يستعمل الوجدان في الوجد، ومنه قول العرب وجدان الرقين يغطي أفن الأفين. قلت: وجرى ثعلب في الفصيح بمثل عبارة التهذيب، وفي نوادر اللحياني: وجدت المال وكل شيء أجده وجدا ووجدا ووجدا وجدة، قال أبو جعفر اللبلي: وزاد اليزيدي في نوادره ووجودا، قال: ويقال وجد بعد فقر، وافتقر بعد وجد. قلت: فكلام المصنف تبعا لابن سيده يقتضي أنه يتعدى بنفسه. وكلام الأزهري وثعلب أنه يتعدى بفي، قال شيخنا: ولا منافاة بينهما، لأن المقصود وجدت إذا كان مفعوله المال يكون تصريفه ومصدره على هذا الوضع، والله أعلم. فتأمل، انتهى. وأبو العباس اقتصر في الفصيح على قوله: وجدت المال وجدا، أي بالضم وجدة، قال شراحه: معناه: استغنيت وكسبت. قلت: وزاد غيره وجدانا، ففي اللسان: وتقول وجدت في الغنى واليسار وجدا ووجدانا. وجد عليه في الغضب يجد ويجد، بالوجهين، هكذا قاله ابن سيده، وفي التكملة: وجد عليه يجد لغة في يجد، واقتصر في الفصيح على الأول وجدا بفتح فسكون وجدة، كعدة، وموجدة، وعليه اقتصر ثعلب، وذكر الثلاثة صاحب الواعي، ووجدانا، ذكره اللحياني في النوادر وابن سيده في نص عبارته، والعجب من المصنف كيف أسقطه مع اقتفائه كلامه: غضب. وفي حديث الإيمان: إني سائلك فلا تجد علي، أي لا تغضب من سؤالي، ومنه الحديث لم يجد الصائم على المفطر وقد تكرر ذكره في الحديث اسما وفعلا ومصدرا، وأنشد اللحياني قول صخر الغي:

كلانا رد صاحبه بيأس     وتأنيب ووجدان شديد

صفحة : 2316

فهذا في الغضب، لأن صخر الغي أيأس الحمامة من ولدها فغضبت عليه، ولأن الحمامة أيأسته من ولده فغضب عليها، وقال شراح الفصيح: وجدت على الرجل موجدة، أي غضبت عليه، وأنا واجد عليه، أي غضبان، وحكى القزاز في الجامع وأبو غالب التياني في الموعب عن الفراء أنه قال: سمعت بعضهم يقول: قد وجد، بكسر الجيم، والأكثر فتحها، إذا غضب، وقال الزمخشري عن الفراء: سمعت فيه موجدة، بفتح الجيم، قال شيخنا: وهي غريبة، ولم يتعرض لها ابن مالك في الشواذ، على كثرة ما جمع، وزاد القزاز في الجامع وصاحب الموعب كلاهما عن الفراء وجودا، من وجد: غضب وفي الغريب المصنف لأبي عبيد أنه يقال: وجد يجد من الموجدة والوجدان جميعا. وحكى ذلك القزاز عن الفراء، وأنشد البيت، وعن السيرافي أنه رواه بالكسر، وقال: هو القياس، قال شيخنا: وإنما كان القياس لأنه إذا انضم الجيم وجب رد الواو، كقولهم وجه يوجه، من الوجاهة، ونحوه. وجد به وجدا، بفتح فسكون، في الحب فقط، وإنه ليجد بفلانة وجدا شديدا، إذا كان يهواها ويحبها حبا شديدا، وفي حديث وفد هوازن قول أبي صرد ما بطنها بوالد، ولا زوجها بواجد أي أنه لا يحبها، أورده أبو جعفر اللبلي، وهو في النهاية، وفي المحكم: وقالت شاعرة من العرب وكان تزوجها رجل من غير بلدها فعنن عنها.

ومن يهد لي من ماء بقعاء         شربة فإن له من ماء لينة أربعا
لقد زادنا وجدا ببقعاء أننا           وجدنـا مطايانا بلينة ظلعا
فمن مبلغ تربي بالرمل أنني         بكيت فلم أترك لعيني مدمعـا

صفحة : 2317

تقول: على ما هو به من مرارة الطعم فإن له من ماء لينة على ما هو به من العذوبة أربع شربات، لأن بقعاء حبيبة إلى إذ هي بلدي ومولدي، ولينة بغيضة إلي، لأن الذي تزوجني من أهلها غير مأمون علي. وإنما تلك كناية عن تشكيها لهذا الرجل حين عنن عنها. وقولها: لقد زادني تقول لقد زادني حبا لبلدتي بقعاء هذه أن هذا الرجل الذي تزوجني من أهل لينة عنن عني، فكان كالمطية الظالعة لا تحمل صاحبها، وقولها: فمن مبلغ تربي البيت، تقول: هل من رجل يبلغ صاحبتي بالرمل أن بعلي ضعف عني وعنن فأوحشني ذلك إلى أن بكيت حتى قرحت أجفاني فزالت المدامع، ولم يزل ذلك الجفن الدامع، قال ابن سيده، وهذه الأبيات قرأتها على أبي العلاء صاعد بن الحسن في الكتاب الموسوم بالفصوص. وكذا في الحزن ولكن بكسر ماضيه، مراده أن وجد في الحزن مثل وجد في الحب، أي ليس له إلا مصدر واحد، وهو الوجد، وإنما يخالفه في فعله، ففعل الحب مفتوح، وفعل الحزن مكسور، وهو المراد بقوله: ولكن بكسر قال شيخنا: والذي في النصيح وغيره من الأمهات القديمة كالصحاح والعين مختصر العين اقتصروا فيه على الفتح فقط، وكلام المصنف صريح في أنه إنما يقال بالكسر فقط، وهو غريب، فإن الذين حكوا فيه الكسر ذكروه مع الفتح الذي وقعت عليه كلمة الجماهير، نعم حكى اللحياني فيه الكسر والضم في كتابه النوادر، فظن ابن سيده أن الفتح الذي هو اللغة المشهورة غير مسموع فيه، واقتصر في المحكم على ذكرهما فقط، دون اللغة المشهورة في الدواوين، وهو وهم، انتهى. قلت: والذي في اللسان: ووجد الرجل في الحزن وجدا، بالفتح، ووجد، كلاهما عن اللحياني: حزن فهو مخالف لما نقله شيخنا عن اللحياني من الكسر والضم، فليتأمل، ثم قال شيخنا: وابن سيده خالف الجمهور فأسقط اللغة المشهورة، والمصنف خالف ابن سيده الذي هو مقتداه في هذه المادة فاقتصر على الكسر، كأنه مراعاة لرديفه الذي هو حزن، وعلى كل حال فهو قصور وإخلال، والكسر الذي ذكره قد حكاه الهجري وأنشد:

فواكبدا مما وجدت من الأسـى     لدى رمسه بين القطيل المشذب

صفحة : 2318

قال: وكأن كسر الجيم من لغته، فتحصل من مجموع كلامهم أن وجد بمعنى حزن فيه ثلاث لغات، الفتح الذي هو المشهور، وعليه الجمهور، والكسر الذي عليه اقتصر المصنف والهجري وغيرهما، والضم الذي حكاه اللحياني في نوادره، ونقلهما ابن سيده في المحكم مقتصرا عليهما. والوجد: الغنى، ويثلث، وفي المحكم، اليسار والسعة، وفي التنزيل العزيز أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم وقد قرىء بالثلاث، أي في سعتكم وما ملكتم، وقال بعضهم: من مساكنكم. قلت: وفي البصائر: قرأ الأعرج ونافع ويحيى بن يعمر وسعيد بن جبير وطاووس وابن أبي عبلة وأبو حيوة: من وجدكم، بالفتح، وقرأ أبو الحسن روح بن عبد المؤمن: من وجدكم بالكسر، والباقون بالضم، انتهى، قال شيخنا: والضم أفصح، عن ابن خالويه، قال: ومعناه: من طاقتكم ووسعكم، وحكى هذا أيضا اللحياني في نوادره. الوجد، بالفتح: منقع الماء، عن الصاغاني، وإعجام الدال لغة فيه، كما سيأتي وجاد، بالكسر. وأوجده: أغناه. وقال اللحياني: أوجده إياه: جعله يجده. أوجد الله فلانا مطلوبه، أي أظفره به. أوجد على الأمر: أكرهه وألجأه، وإعجام الدال لغة فيه. أوجده بعد ضعف: قواه، كآجده والذي في اللسان: وقالوا: الحمد لله الذي أوجدني بعد فقر، أي أغناني، وآجدني بعد ضعف، أي قواني. عن أبي سعيد: توجد فلان السهر وغيره: شكاه، وهم لا يتوجدون سهر ليلهم ولا يشكون ما مسهم من مشقته. والوجيد: ما استوى من الأرض، وجدان، بالضم، وسيأتي في المعجمة. ووجد الشيء من العدم، وفي بعض الأمهات: عن عدم، ومثله في الصحاح كعني، فهو موجود: حم، فهو محموم، ولا يقال: وجده الله تعالى، كما لا يقال: حمه الله، وإنما يقال: أوجده الله تعالى وأحمه، قال الفيومي: الموجود خلاف المعدوم، وأوجد الله الشيء من العدم فوجد فهو موجود، من النوادر، مثل أجنه الله فجن فهو مجنون، قال شيخنا: وهذا الباب من النوادر يسميه أئمة الصرف والعربية باب أفعلته فهو مفعول، وقد عقد له أبو عبيد بابا مستقلا في كتابه الغريب المصنف وذكر فيه ألفاظا منها: أحبه فهو محبوب. قلت: وقد سبق البحث فيه في مواضع متعددة في ح ب ب. و س ع د، و ن ب ت، فراجعه، وسيأتي أيضا. ومما يستدرك عليه: الواجد: الغني قال الشاعر:

الحمد لله الغني الواجد وفي أسماء الله تعالى: الواجد، هو الغني الذي لا يفتقر. وقد وجد يجد جدة، أي استغنى غنى لا فقر بعده، قاله ابن الأثير، وفي الحديث لي الواجد يحل عقوبته وعرضه أي القادر على قضاء دينه، وفي حديث آخر أيها الناشد، غيرك الواجد من وجد الضالة يجدها. وتوجدت لفلان: حزنت له. واستدرك شيخنا: الوجادة، بالكسر، وهي في اصطلاح المحدثين اسم لما أخذ من العلم من صحيفة من غير سماع ولا إجازة ولا مناولة، وهو مولد غير مسموع، كذا في التقريب للنووي. والوجد، بضمتين، جمع واجد، كما في التوشيح، وهو غريب، وفي الجامع للقزاز: يقولون: لم أجد من ذلك بدا، بسكون الجيم وكسر الدال، وأنشد:

فوالله لولا بغضكم ما سببتكم     ولكنني لم أجد من سبكم بدا

صفحة : 2319

وفي المفردات للراغب: وجد الله: علم، حيثما وقع، يعني في القرآن، ووافقه على ذلك الزمخشري وغيره. وفي الأساس وجدت الضالة، وأوجدنيه الله، وهو واجد بفلانة، وعليها، ومتوجد. وتواجد فلان: أرى من نفسه الوجد. ووجدت زيدا ذا الحفاظ: علمت. والإيجاد: الإنشاء من غير سبق مثال. وفي كتاب الأفعال لابن القطاع: وأوجدت الناقة: أوثق خلقها تكميل وتذنيب: قال شيخنا نقلا عن شرح الفصيح لابن هشام اللخمي: وجد له خمسة معان، ذكر منها أربعة ولم يذكر الخامس، وهو: العلم والإصابة والغضب والإيسار وهو الاستغناء، والاهتمام وهو الحزن، قال: وهو في الأول متعد إلى مفعولين، كقوله تعالى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى وفي الثاني متعد إلى واحد، كقوله تعالى ولم يجدوا عنها مصرفا . وفي الثالث متعد بحرف الجر، كقوله وجدت على الرجل، إذا غضبت عليه. وفي الوجهين الأخيرين لا يتعدى، كقولك: وجدت في المال، أي أيسرت، ووجدت في الحزن، أي اغتممت. قال شيخنا: وبقي عليه: وجد به، إذا أحبه وجدا، كما مر عن المصنف، وقد استدركه الفهري وغيره على أبي العباس في شرح الفصيح، ثم إن وجد بمعنى علم الذي قال اللخمي إنه بقي على صاحب الفصيح لم يذكر له مثالا، وكأنه قصد وجد التي هي أخت ظن، ولذلك قال يتعدى لمفعولين، فيبقى وجد بمعنى علم الذي يتعدى لمفعول واحد، ذكره جماعة، وقريب من ذلك كلام الحلال في همع الهوامع، وجد بمعنى علم يتعدى لمفعولين ومصدره وجدان، عن الأخفش، ووجود، عن السيرافي، وبمعنى أصاب يتعدى لواحد، ومصدره وجدان، وبمعنى استغنى أو حزن أو غضب لازمة، ومصدر الأول الوجد، مثلثة، والثاني الوجد، بالفتح، والثالث الموجدة. فقلت: وأحضر من هذا قول ابن القطاع في الأفعال: وجدت الشيء وجدانا بعد ذهابه وفي الغنى بعد الفقر جدة، وفي الغضب موجدة وفي الحزن وجدا حزن. وقال المصنف في البصائر نقلا عن أبي القاسم الأصبهاني. الوجود أضرب، وجود بإحدى الحواس الخمس، نحو وجدت زيدا ووجدت طعمه ورائحته وصوته وخشونته، ووجود بقوة الشهوة نحو وجدت الشبع ووجوده أيده الغضب كوجود الحرب والسخط، ووجود بالعقل أو بوساطة العقل، كمعرفة الله تعالى، ومعرفة النبوة. وما نسب إلى الله تعالى من الوجود فبمعنى العلم المجرد، إذ كان الله تعالى منزها عن الوصف بالجوارح، والآلات، نحو قوله تعالى وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين وكذا المعدوم، يقال على ضد هذه الأوجه. ويعبر عن التمكن من الشيء بالوجود نحو فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم أي حيث رأيتموهم، وقوله تعالى إني وجدت امرأة تملكهم ، وقوله وجدتها وقومها يسجدون للشمس وقوله ووجد الله عنده فوفاه حسابه ووجود بالبصيرة، وكذا قوله وجدنا ما وعدنا ربنا حقا وقوله فلم تجدوا ماء فتيمموا أي إن لم تقدروا على الماء.

صفحة : 2320

وقال بعضهم: الموجودات ثلاثة أضرب: موجود لا مبدأ له ولا منتهى، وليس ذلك إلا البارىء تعالى، وموجود له مبدأ ومنتهى، كالجواهر الدنيوية، وموجود له مبدأ وليس له منتهى، كالناس في النشأة الآخرة، انتهى. قال شيخنا في آخر هذه المادة ما نصه: وهذا آخر الجزء الذي بخط المصنف، وفي أول الذي بعده: الواحد، وفي آخر هذا الجزء عقب قوله: وإنما يقال أوجده الله، بخط المصنف رحمه الله تعالى ما نصه: هذا آخر الجزء الأول من نسخة المصنف الثانية من كتاب القاموس المحيط والقابوس الوسيط في جمع لغات العرب التي ذهبت شماطيط، فرغ منه مؤلفه محمد بن يعقوب بن محمد الفيروزابادي في ذي الحجة سنة ثمان وستين وسبعمائة. انتهى من خطه، وانتهى كلام شيخنا. قلت: وهو آخر الجزء الثاني من الشرح وبه يكمل ربع الكتاب ما عدا الكلام على الخطبة، وعلى الله التيسير والتسهيل في تمامه وإكماله على الوجه الأتم، إنه بكل شيء قدير، وبكل فضل جدير، علقه بيده الفانية الفقير إلى مولاه عز شأنه محمد مرتضى الحسيني الزبيدي، عفي عنه، تحريرا في التاسع من ليلة الاثنين المبارك عاشر شهر ذي القعدة الحرام من شهور سنة 1181 ختمت بخير، وذلك بوكالة الصاغة بمصر. قال مؤلفه: بلغ عراضه على التكملة للصاغاني في مجالس آخرها يوم الاثنين حادي عشر جمادى سنة 1192، وكتبه مؤلفه محمد مرتضى، غفر له بمنه.

و ح د
الواحد: أول عدد الحساب. وفي المصباح: الواحد: مفتتح العدد، وقد يثنى. أنشد ابن الأعرابي.

فلما التقينا واحدين عـلـوتـه     بذي الكف إني للكماة ضروب وقد أنكر أبو العباس تثنيته، كما نقله عنه شيخنا. قلت: وسيأتي قريبا، ومر للمصنف بعينه في أ ح د، ج واحدون، ونقل الجوهري عن الفراء يقال: أنتم حي واحد وحي واحدون، كما يقال شرذمة قليلون، وأنشد للكميت:

فضم قواصي الأحياء منهم    فقد رجعوا كحي واحدينا الواحد: المتقدم في علم أو بأس أو غير ذلك، كأنه لا مثل له، فهو وحده لذلك، قال أبو خراش.

أقبلت لا يشتد شدي واحد      علج أقب مسير الأقراب وحدان وأحدان، كراكب وركبان، وراع ورعيان، قال الأزهري، يقال في جمع الواحد أحدان، والأصل وحدان، فقلبت الواو همزة لانضمامها، قال الهذلي:

يحمي الصريمة أحدان الرجال لهصيد ومجترىء بالليل هماس قال ابن سيده: فأما قوله:

طاروا إليه زرافات وأحدانا

صفحة : 2321

فقد يجوز أن يعني: أفرادا، وهو أجود، لقوله: زرافات، وقد يجوز أن يعني به الشجعان الذين لا نظير لهم في البأس. الواحد بمعنى الأحد، همزته أيضا بدل من الواو، وروى الأزهري عن أبي العباس أنه سئل عن الآحاد أهي جمع الأحد? فقال: معاذ الله، ليس للأحد جمع، ولكن إن جعلت جمع الواحد فهو محتمل مثل شاهد وأشهاد، قال: وليس للواحد تثنية ولا للاثنين واحد من جنسه، وقال أو إسحاق النحوي: الأحد أصله الوحد، وقال غيره: الفرق بين الواحد والأحد أن الأحد شيء بني لنفي ما يذكر معه من العدد، والواحد اسم لمفتتح العدد، وأحد يصلح في الكلام في موضع الجحود، وواحد في موضع الإثبات، يقال: ما أتاني منهم أحد، فمعناه: لاواحد أتاني ولا اثنان، وإذا قلت جاءني منهم واحد، فمعناه أنه لم يأتني منهم اثنان، فهذا حد الأحد، ما لم يضف، فإذا أضيف قرب من معنى الواحد، وذلك أنك تقول: قال أحد الثلاثة كذا وكذا، وأنت تريد واحدا من الثلاثة، والواحد بني على انقطاع النظير وعوز المثل، والوحيد بني على الوحدة والانفراد عن الأصحاب من طريق بينونته عنهم. وحد، كعلم وكرم، يحد، فيهما قال شيخنا: كلاهما مما لا نظير له، ولم يذكره أئمة اللغة والصرف فإن وحد كعلم يلحق بباب ورث، ويستدرك به على الألفاظ التي أوردها الشيخ ابن مالك في مصنفاته الكافية والتسهيل، وأشار إليها في لامية الأفعال الثمانية، واستدرك الشيخ بحرق في شرحها عليه ألفاظا من القاموس، وأغفل هذا اللفظ، مع أنه أوضح مما استدركه عليه لو صح، لأن تلك فيها لغات تثخرج على التداخل، وأما هذا فهو من بابها نصا على ما قاله، ولو وزنه بورث لكان أقرب للصناعة، وأجرى على قواعده، وأما اللغة الثانية فلا تعرف، ولا نظير لها، لأن فعل بالضم قد تقرر أن مضارعه إنما يكون على يفعل بالضم، وشذ منه لبب، بالضم، يلبب، بالفتح، ومع ذلك أنكروه وقالوا هو من التداخل، كما ذكرنا هنالك، أما فعل بالضم يكون مضارعه يفعل، بالكسر، فهذا من الغرائب التي لم يقلها قائل، ولا نقلها ناقل، نعم ورد عكسه، وهو فعل، بالكسر، يفعل بالضم، في فضل، بالكسر، يفضل، بالضم، ونعم ينعم لاثالث لهما، كما قاله ابن القوطية، وغيره، فصوب الأكثرون أنه من التداخل، وبما قررناه يعلم أن كلام المصنف فيه مخالفة لكلام الجمهور من وجوه، فتأمل، وفي المحكم وحد ووحد وحادة، كسحابة ووحودة ووحودا، بضمهما، ولم يذكرهما ابن سيده، ووحدا، بفتح فسكون، ذكره ابن سيده، ووحدة بالضم، لم يذكره ابن سيده، وحدة كعدة، ذكره ابن سيده: بقي مفردا، كتوحد. والذي يظهر لي أن لفظة فيهما يجب إسقاطها فيعتدل كلام المصنف ويوافق الأصول والقواعد، وذلك لأن اللغتين ثابتتان في المحكم، وفي التكملة وحد ووحد، ونظره الصاغاني فقال: وكذلك فرد وفرد، وفقه وفقه، وسقم وسقم، وسفه وسفه. قلت: وهو نص اللحياني في نوادره، وزاد: فرع وفرع وحرض وحرض، وقال في تفسيره: أي بقي وحده، انتهى، فتأمل، وفي حديث ابن الحنظلية وكان رجلا متوحدا أي منفردا لا يخالط الناس ولا يجالسهم. ووحده توحيدا: جعله واحدا، وكذا أحده، كما يقال ثناه وثلثه، قال ابن سيده: ويطرد إلى العشرة عن الشيباني. ورجل وحد وأحد محركتين، ووحد، ككتف، ووحيد، كأمير، ووحد: كعدل، ومتوحد، أي منفرد.

صفحة : 2322

ورجل وحيد: لا أحد معه يؤنسه، وأنكر الأزهري قولهم رجل أحد، فقال لا يقال رجل أحد ولا درهم أحد، كما يقال رجل واحد، أي فرد، لأن أحدا من صفات الله عز وجل التي استخلصها لنفسه ولا يشركه فيها شيء، وليس كقولك: الله واحد وهذا شيء واحد، ولا يقال شيء أحد وإن كان بعض اللغويين قال: إن الأصل في الأحد وحد. وهي، أي الأنثى وحدة، بفتح فكسر فقط، ولذا عدل عن اصطلاحه وهو قوله وهي بهاء، لأنه لو قال ذلك لاحتمل أو تعين أن يرجع للألفاظ التي تطلق على المذكر مطلقا، قاله شيخنا، قلت: وهذا حكاه أبو علي في التذكرة، وأنشد:جل وحيد: لا أحد معه يؤنسه، وأنكر الأزهري قولهم رجل أحد، فقال لا يقال رجل أحد ولا درهم أحد، كما يقال رجل واحد، أي فرد، لأن أحدا من صفات الله عز وجل التي استخلصها لنفسه ولا يشركه فيها شيء، وليس كقولك: الله واحد وهذا شيء واحد، ولا يقال شيء أحد وإن كان بعض اللغويين قال: إن الأصل في الأحد وحد. وهي، أي الأنثى وحدة، بفتح فكسر فقط، ولذا عدل عن اصطلاحه وهو قوله وهي بهاء، لأنه لو قال ذلك لاحتمل أو تعين أن يرجع للألفاظ التي تطلق على المذكر مطلقا، قاله شيخنا، قلت: وهذا حكاه أبو علي في التذكرة، وأنشد:

كالبيدانة الوحده

صفحة : 2323

قال الأزهري: وكذلك فريد وفرد وفرد. وأوحده للأعداء: تركه، أوحد الله تعالى جانبه، أي بقي وحده، في الأساس: أوحد الله فلانا: جعله واحد زمانه، أي بلا نظير، وفلان واحد دهره، أي لا نظير له، وكذا أوحد أهل زمانه. أوحدت الشاة: وضعت واحدة، مثل أفذت وأفردت، وهي موحد ومفذ ومفرد، إذا كانت تلد واحدا ومنه حديث عائشة تصف عمر، رضي الله عنهما لله أم حفلت عليه ودرت، لقد أوحدت به، أي ولدته وحيدا فريدا لا نظير له. يقال دخلوا موحد موحد، بفتح الميم والحاء، وأحاد أحاد، أي فرادى واحدا واحدا، معدول عنه، أي عن واحد واحد اختصارا، قال سيبويه. فتحوا موحد إذا كان اسما موضوعا ليس بمصدر ولا مكان، ويقال جاءوا مثنى مثنى وموحد موحد، وكذلك جاءوا ثلاث وثناء وأحاد، وفي الصحاح: وقولهم أحاد ووحاد وموحد، غير مصروفات، للتعليل المذكور في ثلاث. ورأيته، والذي في المحكم: ومررت به وحده، مصدر لا يثنى ولا يجمع ولا يغير عن المصدر، وهو بمنزلة قولك إفرادا. وإن لم يتكلم به، وأصله أوحدته بمروري إيحادا، ثم حذفت زياداته فجاء على الفعل، ومثله قولهم: عمرك الله إلا فعلت، أي عمرتك الله تعميرا. قال أبو بكر: وحده منصوب في جميع كلام العرب إلا في ثلاثة مواضع تقول. لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ومررت بزيد وحده وبالقوم وحدي، قال: وفي نصب وحده ثلاثة أقوال: نصبه على الحال، وهذا عند البصريين، قال شيخنا المدابغي في حاشية التحرير: وحده منصوب على الحال، أي منفردا بذلك، وهو في الأصل مصدر محذوف الزوائد، يقال أوحدته إيحادا أي أفرادته. لا على المصدر، وأخطأ الجوهري، أي في قوله: وعند أهل البصرة على المصدر في كل حال، كأنك قلت أوحدته برؤيتي إيحادا، أي لم أر عيره. وهذه التخطئة سبقه بها ابن بري كما يأتي النقل عنه، ويونس منهم ينصبه على الظرف بإسقاط على، فوحده عنده بمنزلة عنده، وهو القول الثاني، والقول الثالث أنه منصوب على المصدر، وهو قول هشام، قال ابن بري عند قول الجوهري رأيته وحده منصوب على الظرف عند أهل الكوفة وعند أهل البصرة، قال: أما أهل البصرة فينصبونه على الحال، وهو عندهم اسم واقع موقع المصدر المنتصب على الحال، مثل جاء زيد ركضا، أي راكضا، قال: ومن البصريين من ينصبه على الظرف، قال: وهو مذهب يونس، قال: فليس ذلك مختصا بالكوفيين كما زعم الجوهري، قال: وهذا الفصل له باب في كتب النحويين مستوفى فيه بيان ذلك، أو هو اسم ممكن، وهو قول ابن الأعرابي، جعل وحده اسما ومكنه، فيقال جلس وحده، وعلى وحده، وجلسا على وحدهما، على وحديهما، وجلسوا على وحدهم. وفي التهذيب: والوحد، خفيف: حدة كل شيء، يقال: وحد الشيء فهو يحد حدة، وكل شيء على حدة فهو ثاني آخر يقال: هذا على حدته، وهما على حدتهما، وهم على حدتهم. وعلى وحده أي توحده. وفي حديث جابر ودفن ابنه فجعله في قبر على حدة أي منفردا وحده، وأصلها من الواو فحذفت من أولها وعوضت منها الهاء في آخرها، كعدة وزنة، من الوعد والوزن. وحدة الشيء: توحده، قاله ابن سيده، وحكى أبو زيد: قلنا هذا الأمر وحدينا، وقالتاه وحديهما والوحد من الوحش: المتوحد. الوحد: رجل لا يعرف نسبه وأصله. وقال الليث: الوحد: المتفرد،

صفحة : 2324

رجل وحد، وثور وحد، وتفسير الرجل الوحد أن لا يعرف له أصل، قال النابغة:جل وحد، وثور وحد، وتفسير الرجل الوحد أن لا يعرف له أصل، قال النابغة:

بذي الجليل على مستأنس وحد والتوحيد: الإيمان بالله وحده لا شريك له. والله الواحد الأوحد الأحد والمتوحد: ذو الوحدانية والتوحد، قال أبو منصور: الواحد منفرد بالذات في عدم المثل والنظير، والأحد منفرد بالمعنى، وقيل: الواحد: هو الذي لا يتجزأ ولا يثنى ولا يقبل الانقسام، ولا نظير له ولا مثل ولا يجمع هذين الوصفين إلا الله عز وجل. وقال ابن الأثير: في أسماء الله تعالى الواحد، قال: هو الفرد الذي لم يزل وحده، ولم يكن معه آخر، وقال الأزهري، والواحد من صفات الله تعالى معناه أنه لا ثاني له، ويجوز أن ينعت الشيء بأنه واحد، فأما أحد فلا ينعت به غير الله تعالى، لخلوص هذا الاسم الشريف له، جل ثناؤه. وتقول: أحدت الله ووحدته، وهو الواحد الأوحد، وفي الحديث أن الله تعالى لم يرض بالوحدانية لأحد غيره، شر أمتي الوحداني المعجب بدينه المرائي بعمله يريد بالوحداني المفارق الجماعة المتفرد بنفسه، وهو منسوب إلى الوحدة: الانفراد، بزيادة الألف النون للمبالغة. وإذا رأيت أكمات منفردات، كل واحدة بائنة، كذا في النسخ، وفي بعضها: نائية. بالنون والياء التحية، عن الأخرى فتلك ميحاد، بالكسر، الجمع مواحيد، وقد زلت قدم الجوهري فقال: الميحاد من الواحد كالمعشار من العشرة، هذا خلاف نص عبارته، فإنه قال: والميحاد من الواحد كالمعشار، وهو جزء واحد، كما أن المعشار عشر. ثم بين المصنف وجه الغلط فقال: لأنه إن أراد الاشتقاق وبيان المأخذ، كما هو المتبادر إلى الذهن فما أقل جدواه، وقد يقال: إن الإشارة لبيان مثله ليس مما يؤاخذ عليه، خصوصا وقد صرح به الأقدمون في كتبهم، وإن أراد أن المعشار عشرة عشرة، كما أن الميحاد فرد فرد، فغلط، وفي التكملة: فقد زل، لأن المعشار والعشر واحد من العشرة، ولا يقال في الميحاد واحد من الواحد، هكذا أورده الصاغاني في تكملته، وقلده المصنف على عادته، وأنت خبير بأن ما ذكره المصنف ليس مفهوم عبارته التي سقناها عنه، ولا يقول به قائل فضلا عن مثل هذا الإمام المقتدى به عند الأعلام. والوحيد: بعينه، عن كراع، وذكره ذو الرمة فقال:

ألا يادار مية بـالـوحـيد     كأن رسومها قطع البرود وقال السكري: نقا بالدهناء لبني ضبة، قاله في شرح قول جرير:

أساءلت الوحيد وجانبـيه     فما لك لا يكلمك الوحيد وذكر الحفصي مسافة ما بين اليمامة والدهناء ثم قال: وأول جبل بالدهناء يقال له الوحيد وهو ماء من مياه بني عقيل يقارب بلاد بني الحارث بن كعب. والوحيدان: ماءان ببلاد قيس معروفان، قاله أبو منصور، وأنشد غيره لابن مقبل:

فأصبحن من ماء الوحيدين نقرة    بميزان رغم إذ بدا صـدوان ويروى الوجيدان، بالجيم والحاء، قاله الأزدي عن خالد. والوحيدة: من أعراض المدينة، على مشرفها أفضل الصلاة والسلام، بينها وبين مكة زيدت شرفا، قال ابن هرمة:

صفحة : 2325

أدار سليمى بالوحيدة فالغمر أبيني سقاك القطر من منزل قفر يقال: فعله من ذات حدته، وعلى ذات حدته، ومن ذي حدته، أي من ذات نفسه وذات رأيه، قاله أبو زيد، تقول: ذلك أمر لست فيه بأوحد، أي لا أخص به، وفي التهذيب: أي لست على حدة، وفي الصحاح: ويقال: لست في هذا الأمر بأوحد، ولا يقال للأنثى وحداء، انتهى: وقيل: أي لست بعادم فيه مثلا أو عدلا، وأنشدنا شيخنا المرحوم محمد بن الطيب قال: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن المسناوي قال: مما قاله الإمام الشافعي رضي الله عنه معرضا بأن الإمام أشهب رحمه الله يتمنى موته:

تمـنـى رجال أن أموت فإن أمت     فتـلك سبيل لسـت فيهـا بأوحـد

فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد قلت: ويجمع الأوحد على أحدان، مثل أسود وسودان، قال الكميت:

فباكره والشمس لم يبد قرنهابأحدانه المستولغات المكلب يعني كلابه التي لا مثلها كلاب، أي هي واحدة الكلاب. في المحكم: وفلان لا واحد له، أي لا نظير له. ولا يقوم لهذا الأمر إلا ابن إحداها، يقال: هو ابن إحداها، إذا كان كريم الآباء والأمهات من الرجال والإبل، وقال أبو زيد: لا يقوم بهذا الأمر إلا ابن إحداها، أي الكريم من الرجال. وفي النوادر: لا يستطيعها إلا ابن إحداتها، يعني إلا ابن واحدة منها. وواحد الآحاد، وإحدى الإحد، وواحد الأحدين، وأن أحدا تصغيره أحيد، وتصغير إحدى أحيدى مر ذكره في أ ح د واختار المصنف تبعا لشيخه أبي حيان أن الأحد من مادة الوحدة كما حرره، وأن التفرقة إنما هي في المعاني، وجزم أقوام بأن الأحد من مادة الهمزة، وأنه لا بدل، قاله شيخنا. ونسيج وحده، مدح، وعيير وحده وجحيش وحده، كلاهما ذم، الأول كأمير، والاثنان بعده تصغير عير وجحش، وكذلك رجيل وحده، وقد ذكر الكل أهل الأمثال، وكذلك المصنف، فقد ذكر كل كلمة في بابها، وكلها مجاز، كما صرح به الزمخشري غيره، قال الليث: الوحد في كل شيء منصوب جرى مجرى المصدرخارجا من الوصف ليس بنعت فيتبع الاسم، ولا بخبر فيقصد إليه، فكان النصب أولى به، إلا أن العرب أضافت إليه فقالت هو نسيج وحده، وهما نسيجا وحدهما، وهم نسيجو وحدهم، وهي نسيجة وحدها، وهن نسائج وحدهن، وهو الرجل المصيب الرأي، قال: وكذلك قريع وحده، وهو الذي لا يقارعه في الفضل أحد.وقال هشام والفراء: نسيج وحده، وعيير وحده، وواحد أمه، نكرات، الدليل على هذا أن العرب تقول: رب نسيج وحده قد رأيت، ورب واحد أمه قد أسرت، قال حاتم:

أماوي إني رب واحـد أمـه    أخذت ولا قتل عليه ولا أسر

صفحة : 2326

وقال أبو عبيد في قول عائشة ووصفها عمر، رضي الله عنهما كان والله أحوذيا نسيج وحده تعني أنه ليس له شبه في رأيه وجميع اموره. قال: والعرب تنصب وحده في الكلام كله لا ترفعه ولا تخفضه إلا في ثلاثة أحرف: نسيج وحده، وعيير وحده، وجحيش وحده، قال شمر: أما نسيج وحده فمدح، وأما جحيش وحده وعيير وحده فموضوعان موضع الذم، وهما اللذان لا يشاوران أحدا ولا يخالطان، وفيهما مع ذلك مهانة وضعف، وقال غيره: معنى قوله نسيج وحده أنه لا ثاني له، وأصله الثوب الذي لا يسدى على سداه لرقته غيره من الثياب، وعن ابن الأعرابي: يقال: هو نسيج وحده وعيير وحده ورجيل وحده، وعن ابن السكيت: تقول: هذا رجل لا واحد له، كما تقول: هو نسيج وحده، وفي حديث عمر من يدلني على نسيج وحده. وإحدى بنات طبق: الداهية، وقيل: الحية سميت بذلك لتلويها حتى تصير كالطبق. في الصحاح: بنو الوحيد: قوم من بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. والوحدان، بالضم: أرض، وقيل رمال منقطعة، قال الراعي:

حتى إذا هبط الوحدان وانكشفت     عنه سلاسل رمل بينهـا ربـد وتوحده الله تعالى بعصمته، أي عصمه ولم يكله إلى غيره. وفي التهذيب: وأما قول الناس توحد الله بالأمر وتفرد، فإنه وإن كان صحيحا فإني لا أحب أن ألفظ به في صفة الله تعالى في المعنى إلا بما وصف به نفسه في التنزيل أو في السنة، ولم أجد المتوحد في صفاته ولا المتفرد، وإنما ننتهي في صفاته إلى ما وصف به نفسه ولانجاوزه إلى غيره لمجازه في العربية. ومما يستدرك عليه: الأحدان، بالضم: السهام الأفراد التي لا نظائر لها، وبه فسر قول الشاعر:

ليهنيء تراثي لامريء غير ذلة    صنابر أحدان لهن حـفـيف
سريعات موت ريثـات إفـاقة    إذا ما حملن حملهن خـفـيف

والصنابر: السهام الرقاق وحكى اللحياني: عددت الدراهم أفرادا ووحادا، قال: وقال بعضهم: أعددت الدراهم أفرادا ووحادا، ثم قال لا أدري أعددت، أمن العدد أم من العدة. وقال أبو منصور: وتقول: بقيت وحيدا فريدا حريدا، بمعنى واحد، ولا يقال بقيت أوحد، وأنت تريد فردا، وكلام العرب يجيء على ما بني عليه وأخذ عنهم، ولا يعدى به موضعه، ولا يجوز أن يتكلم به غير أهل المعرفة الراسخين فيه، الذين أخذوه عن العرب أو عمن أخذ عنهم من ذوي التمييز والثقة. وحكى سيبويه: الوحدة في معنى التوحد. وتوحد برأيه: تفرد به. وأوحده الناس: تركوه وحده، وقال اللحياني: قال الكسائي: ما أنت من الأحد، أي من الناس، وأنشد:

وليس يطلبني في أمر غـانـية     إلا كعمرو وما عمرو من الأحد قال: ولو قلت: ما هو من الإنسان، تريد ما هو من الناس، أصبت وبنو الوحد قوم من تغلب، حكاه ابن الأعرابي، وبه فسر قوله:

فلو كنتم منا أخذنا بأخذكم    ولكنها الأوحاد أسفل سافل

صفحة : 2327

أراد بني الوحد من بني تغلب: جعل كل واحد منهم أحدا. وابن الوحيد الكاتب صاحب الخط المنسوب، هو شرف الدين محمد ابن شريف بن يوسف، ترجمه الصلاح الصفدي في الوافي بالوفيات. ووحدة، من عمل تلمسان، منها أبو محمد عبد الله بن سعيد الوحدي ولى قضاء بلنسية، وكان من أئمة المالكية، توفي سنة 510. والواحدي، معروف، من المفسرين. وأبو حيان علي بن محمد بن العباس التوحيدي، نسبة لنوع من التمر يقال له التوحيد، وقيل هو المراد من قول المتنبي:

هو عندي أحلى من التوحيد وقيل: أحلى من الرشفة الواحدة، وقال ابن قاضي شهبة، وإنما قيل لأبي حيان: التوحيدي، لأن أباه كان يبيع التوحيد ببغداد، وهو نوع من التمر بالعراق. وواحد: جبل لكلب، قال عمرو بن العداء الأجداري ثم الكلبي:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة       بإنبط أو بالروض شرقي واحد
بمنزلة جاد الربيع رياضها         قصـير بهـا ليل الـعذارى الـروافـد
وحـيث تـرى جـرد الـجياد    صوافنا يقودها غلماننا بالـقـلائد

كذا في المعجم. تذييل. قال الراغب الأصبهاني في المفردات: الواحد في الحقيقة هو الشيء الذي لا جزء له البتة، ثم يطلق على كل موجود حتى أنه ما من عدد إلا ويصح وصفه به، فيقال عشرة واحدة، ومائة واحدة، فالواحد لفظ مشترك يستعمل على ستة أوجه. الأول ما كان واحدا في الجنس أو في النوع، كقولنا الإنسان والفرس واحد في الجنس وزيد وعمرو واحد في النوع. الثاني ما كان واحدا بالاتصال، إما من حيث الخلقة، كقولك شخص واحد، وإما من حيث الصناعة، كقولك حرفة واحدة. الثالث ما كان واحدا لعدم نظيره. إما في الخلقة. كقولك الشمس واحدة، وإما في دعوى الفضيلة، كقولك فلان واحد دهره وكقولك نسيج وجده. الرابع: ما كان واحدا لامتناع التجزي فيه، إما لصغره، كالهباء، وإما لصلابته، كالماس. الخامس للمبدإ، إما لمبدإ العدد، كقولك واحد اثنان وإما لمبدإ الخط، كقولك: النقطة الواحدة. والوحدة في كلها عارضة، وإذا وصف الله عز وجل بالواحد فمعناه هو الذي لا يصح عليه التجزي، ولا التكثر. ولصعوبة هذه الوحدة قال الله تعالى: وإذا ذكر الله وحده اشمأزت .. الآية، هكذا نقله المصنف في البصائر، وقد أسقط ذكر الثالث والسادس فلعله سقط من الناسخ فلينظر. تكميل: التوحيد توحيدان. توحيد الربوبية، وتوحيد الألهية. فصاحب توحيد الربانية يشهد قيومية الرب فوق عرشه يدبر أمر عباده وحده، فلا خالق ولا رازق ولا معطي ولا مانع ولا محيى ولا مميت ولا مدبر لأمر المملكة ظاهرا وباطنا غيره، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا تتحرك ذرة إلا بإذنه، ولا يجوز حادث إلا بمشيئته، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا وقد أحصاها علمه، وأحاطت بها قدرته، ونفذت فيها مشئته، واقتضتها حكمته. وأما توحيد الإلهية، فهو أن يجمع همته وقلبه وعزمه وإرادته وحركاته على أداء حقه، والقيام بعبوديته. وأنشد صاحب المنازل أبياتا ثلاثة ختم بها كتابه:

ما وحد الواحد من واحد    إذ كل من وحده جاحد

صفحة : 2328

توحيد من ينطق عن نفسه     عارية أبطلها الـواحـد
توحـيده إياه تـوحــيده     ونعت من ينعتـه لاحـد

وحاصل كلامه وأحسن ما يحمل عليه أن الفناء في شهود الأزلية، والحكم يمحو شهود العبد لنفسه وصفاته فضلا عن شهود غيره، فلا يشهد موجودا فاعلا على الحقيقة إلا الله وحده، وفي هذا الشهود تفنى الرسوم كلها، فيمحق هذا الشهود من القلب كل ما سوى الحق، إلا أنه يمحقه من الوجود، وحينئذ يشهد أن التوحيد الحقيقي غير المستعار هو توحيد الرب تعالى نفسه، وتوحيد غيره له عارية محضة أعاره إياه مالك الملوك، والعواري مردودة إلى من ترد إليه الأمور كلها. ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق . وقد استطردنا هذا الكلام تبركا به لئلا يخلو كتابنا من بركات أسرار آثار التوحيد، والله يقول الحق وهو يهدي سواء السبيل.

و خ د
الوخد للبعير: الإسراع، أو هو أن يرمي بقوائمه كمشي النعام، أو هو سعة الخطو في المشي، ومثله الخدي، لغتان، أقوال ثلاثة، وأوسطها أوسطها، وهو الذي اقتصر عليه الجوهري وغيره، كالوخدان بفتح فسكون كما في النسخ الموجودة والصواب محركة والوخيد، وقد وخد البعير الظليم كوعد، يخد، ووخدت الناقة قال النابغة:

فما وخدت بمثلك ذات غرب      حطرط في الزمام ولا لجون فهو، أي البعير، واخد ووخاد، وكذلك ظليم وخاد، ناقة وخود كصبور، وأنشد أبو عبيدة:

وخود من اللائي تسمعن بالضحىقريض الردافي بالغناء المهود قال شيخنا، وبالوخدان ذكرت هنا أبياتا كتب بها الوزير ابن عباد للإمام أبي أحمد العسكري:

ولما أبيتم أن تزوروا وقلتم         ضعفنا فلم نقدر على الوخدان
أتيناكم من بعد أرض نزوركم      وكم منـزل بكر لنا وعوان
نسـائلكـم هل مـن قـرى        لـنـزيلكم بمـلء جفون

لا بملء جفان فكتب إليه أبو أحمد البيت المشهور لصخر في أبياته:

أهم بأمر الحزم لو أستطيعـه      وقد حيل بين العير والنزوان انظره في تاريخ ابن خلكان. ومما يستدرك عليه: وخد الفرس: ضرب من سيره، حكاه كراع، ولم يحده. وفي حديث خيبر، ذكر وخدة، بفتح فسكون، قرية من قرى خيبر الحصينة، بها نخل.

و د د

صفحة : 2329

الود والوداد: الحب والصداقة، ثم استعير للتمني، وقال ابن سيده: الود: الحب يكون في جميع مداخل الخير، عن أبي زيد، ووددت الشيء أود، وهو الأمنية، قال الفراء: هذا أفضل الكلام، وقال بعضهم: وددت، ويفعل منه يود لا غير، ذكر هذا في قوله يود أحدهم لو يعمر أي يتمنى. وفي المفردات: الود: محبة الشيء وتمني كونه، ويستعمل في كل واحد من المعنيين. وعدم تعريج المصنف عليه مع ذكره في الدواوين المشهورة غريب ويثلثان، ذكره ابن السيد في المثلث والقزاز في الجامع، وابن مالك، وغير واحد كالودادة بالفتح كما يقتضيه الإطلاق وظاهره أنه مصدر وده إذا أحبه، لأنه لم يذكر غير هذا المعنى، وظاهر الصحاح أنه مصدر ود أن يفعل كذا، إذا تمناه، لأنه إنما ذكره في مصادره كالفيومي في المصباح، وكلام غيرهم في أنه يقال بالمعنيين، وهو ظاهر ابن السيد وغيره، والفتح كما قاله هؤلاء هو الأكثر، وهو الذي صرح به أبو زيد في نوادره، ونقل غيرهم الكسر وقالوا: إنه يقال: ودادة أيضا، بكسر الواو، كما صرح به ابن السيد في المثلث، وحكى غيرهم فيه. الضم أيضا، فيكون مثلثا كالود الوداد، قاله شيخنا. قلت: وفي الأفعال لابن القطاع: وددت الشيء ودا وودا: أحببته، ولو فعل الشيء ودادة، أي تمنيته، هذا كلام العرب وواد فلان فلانا ودادا وودادة وودادة فعل الاثنين. فظهر منه أن الوداد، بالكسر، والودادة، والودادة بالفتح والكسر مصدر واده، أي باب المفاعلة أيضا، فلينظر. والمودة، بالفتح، كما يقتضيه الإطلاق، وفي بعض النسخ بالكسر، فيكون من أسماء الآلات، فاستعماله في المصادر شاذ، وفي بعضها بكسر الواو كمظنة، وهو في الظروف أعرف منه في المصادر والموددة بفك الإدغام، بكسر الدال وبفتحها، وحكاه ابن سيده والقزاز في معنى الود، وأنشد الفراء:

إن بني لـلـئام زهـده      لايجدون لصديق مودده قال القزاز: وهذا من ضرورة الشعر، ليس مما يجوز في الكلام، وقال العلامة عبد الدائم القيرواني بسنده إلى المطرز: وددته موددة، بكسر الدال، هو أحد ما جاء على مثال فعلته مفعلة، قال: ولم يأت على هذا المثال إلا هذا وقولهم حميت عليه محمية، أي غضبت عليه. كذا نقله شيخنا، وقال: ففيها شذوذ من وجهين: الكسر في المفعلة، والفك، وهو من الضرائر ولايجوز في النثر والسعة، كما نصوا عليه. والمودودة، هكذا في النسخة الموثوق بها، وقد سقطت في بعضها، ولم يتعرض لها أئمة الغريب. حكى الزجاجي عن الكسائي: وددته، بالفتح. وقال الجوهري: تقول وددت لو تفعل ذلك ووددت لو أنك تفعل ذلك أود ودا وودا وودادة، وودادا، تمنيت، قال الشاعر:
وددت ودادة لو أن حـظـي      من الخلان أن لا يصرموني.