فصل الهمزة مع الراء
الجزء الأول
أ ب ر.
أبر النخل والزرع يأبره بالضم، ويأبره، باكسر، أبرا، بفتح فسكون، وإبارا
وإبارة، بكسرهما أصلحه، كأبره تأبيرا. الآبر: العامل. المأبور: الزرع
والنخل المصلح.
وفي حديث علي رضي الله عنه: ولا بقي منكم آبر أي رجل يقوم بتأبير النخل وإصلاحها، اسم فاعل من أبر.
قال أبو حنيفة: كل إصلاح إبارة، وأنشد قول حميد:
إن الحبالة ألهتنـي إبـارتـهـا حتى أصيدكما في بعضها قنصا. فجعل إصلاح الحبالة إبارة. وفي الخبر: خير المال مهرة مأمورة وسكة مأبورة ، السكة: الطريقة المصطفة من النخل، والمأبورة: الملحقة، يقال: أبرت النخلة وأبرتها، فهي مأبورة ومؤبرة. وقيل: السكة: سكة الحرث، والمأبورة: المصلحة له، أراد: خير المال نتاج أو زرع.
في حديث آخر: من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع . قال أبو منصور: وذلك أنها لا تؤبر إلا بعد ظهور ثمرتها وانشقاق طلعها. ويقال: نخلة مؤبرة مثل مأبورة، والاسم منه الإبار، على وزن الإزار، وروى أبو عمر بن العلاء قال: يقال: نخل قد أبرت ووبرت وأبرت، ثلاث لغات، فمن قال: أبرت، فهي مؤبرة، ومن قال: وبرت فهي موبورة، ومن قال: أبرت فهي مأبورة، أي ملقحة.
قال أبو عبد الرحمن: يقال لكل مصلح صنعة: هو آبرها. وإنما قيل للملقح: آبر، لأنه مصلح له، وأنشد:
فإن أنت لم ترضى بسعيي فاتركيلي البيت آبره وكوني مكانيا. أي أصلحه.
أبر الكلب أبرا أطعمه الإبرة في الخبز. وفي الحديث: المؤمن كالكلب المأبور.
في حديث مالك بن دينار: مثل المؤمن مثل الشاة المأبورة ، أي التي أكلت الإبرة في علفها فنشبت في جوفها، فهي لا تأكل شيئا، وإن أكلت لم ينجع فيها.
من المجاز: أبرته العقرب تأبره وتأبره أبرا: لسعته، أي ضربته بإبرتها. وفي المحكم: لدغت بإبرتها، أي طرف ذنبها. وفي الأساس: وأبرته العقرب بمئبرها، والجمع مآبر.
من المجاز: أبر فلانا، إذا اغتابه
وآذاه. قال ابن الأعرابي: أبر، إذا آذى، وأبر، إذا اغتاب.
صفحة : 2438
أبر، إذا لقح النخل. أبر: أصلح. أبر القوم: أهلكهم، ومنه في حديث علي رضي
الله عنه: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذه، وأشار إلى لحيته
ورأسه، فقال الناس: لو عرفناه أبرنا عترته . أي أهلكناهم، وهو من أبرت
الكلب، إذا لأطعمته الإبرة في الخبز.
قال ابن الأثير: هكذا أخرجه الحافظ أبو موسى الأصفهاني في حرف الهمزة.
قيل أبرته، من البوار، فالهمزة زائدة، وسيأتي. الإبرة، بالكسر: مسلة الحديد. ج إبر، بكسر ففتح، وإبار، قال القطامي:
وقول المرء ينفذ بعد حين أماكن لا تجاوزها الإبار. صانعه وبائعه، هكذا في النسخ بتذكير الضمير، وفي الأصول كلها: صانعها: الأبار. وفي التهذيب: ويقال للمخيط إبرة، وجمعها إبر. والذي يسوي الإبر يقال له: الأبار، أبو البائع إبري، بكسر فسكون، وفتح الباء لحن. وقد نسب إلى بيعها أبو القاسم عمر بن منصور بن يزيد الإبري ومحمد بن علي بن نصر الإبري الحنفي، صدوق.
من المجاز: الإبرة عظم وترة العرقوب، وهو عظيم لاصق بالكعب.
قيل: الإبرة من الإنسان: طرف الذراع من اليد الذي يذرع منه الذارع أو عظم، وفي بعض النسخ: عظيم بالتصغير، وهي الصواب مستو مع طرف الزند من الذراع إلى طرف الإصبع، كذا في المحكم. في التهذيب: إبرة الذراع: طرف العظم الذي منه يذرع الذارع. وطرف عظم العضد الذي يلي المرفق يقال له: القبيح، وزج المرفق بين القبيح وبين إبرة الذراع، وأنشد:
حتى تلاقي الإبرة القبيحا. في المحكم والأساس: إبرة الذراع: مستدقها. الإبرة أيضا: ما انحد، أي استدق، من عرقوب الفرس، وفي عرقوبي الفرس إبرتان، وهما حد كل عرقوب من ظاهر.
من المجاز: الإبرة فسيل المقل، يعني صغارها. ج إبرات، بكسر فتحريك، وضبطه القفال محركة، وإبر كعنب. الأول عن كراع. قال ابن سيده: وعندي أنه جمع الجمع، كحمرات وطرقات. من المجاز: الإبرة: النميمة، وإفساد ذات البين. الإبرة: شجر كالتين.
الأبار، ككتان: البرغوث، عن الصاغاني. أشياف الأبار، ككتان: دواء للعين معروف، نقله الصاغاني، وضبط الأشياف بكسر الهمزة والأبار بالتشديد. والمئبر، كمنبر: موضع الإبرة.
المئبر أيضا: النميمة، وإفساد ذات البين، كالمئبرة، عن اللحياني، جمعه مآبر. قال النابغة:
وذلك من قول أتـاك أقـولـه ومن دس أعدائي إليك المآبرا. ومن سجعات الأساس: خبثت منهم المخابر، فمشت بينهم المآبر.
عن ابن الأعرابي: المئبر والمأبر: ما يلقح به النخل كالكش. المئبر: مارق من الرمل، قال كثر عزة:
إلى المئبر الرابي من الرمل ذي الغضى تراها وقد أقوت حديثا قديمها. أبر الرجل، كفرح: صلح. آبر، كآمل: ة بسجستان منها: أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم الحافظ السجزي الآبري، صنف في مناقب الإمام الشافعي كتابا حافلا رتبه في أربعة وسبعين بابا. ائتبره: سأله أبر نخله أو زرعه أن يصلحه له، قال طرفة:
ولي الأصل الذي في مثله يصلح الآبر زرع المؤتبر. الآبر: العامل. والمؤتبر: رب الزرع. ائتبر البئر: حفرها، قيل: إنه مقلوب من البأر.
أبير كزبير: ماء دون الأحساء، من
هجر، وقيل: ماء لبني القين، وقيل: موضع ببلاد غطفان.
صفحة : 2439
أبير بن العلاء محدث، عن عيسى بن عبلة، وعنه الواقدي. وعصمة بن أبير التيمي
تيم الرباب له وفادة، وقاتل في الردة مؤمنا، قاله الذهبي في التجريد. عويف
بن الأضبط بن أبير الديلي، أسلم عام الحديبية، واستخلف على المدينة في عمرة
القضاء، صحابيان. بنو أبير: قبيلة من العرب. أبرين، بالفتح، لغة في يبرين،
بالياء، وسيأتي. الآبار: من كور واسط. نقله. الصغاني. آبار الأعراب: ع بين
الأجفر وفيد. ولا يخفى أن ذكرهما في بأر كان الأنسب، وسيأتي. والمئبرة من
الدوم: أول ما ينبت، وهو بعينه فسيل المقل الذي تقدم ذكره، لغة كالإبرة،
فكان ينبغي أن يقول هناك: كالمئبرة، ليكون أوفق لقاعدته، كما هو ظاهر. وقول
علي عليه السلام والرضوان وقد أخرجه الأئمة من حديث أسماء بنت عميس قيل
لعلي: ألا تتزوج ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما لي صفراء ولا
بيضاء، ولست بمأبور في ديني، فيوري بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عني،
إني لأول من أسلم قال ابن الأثير: والمأبور: من أبرته العقرب، أي لسعته
بإبرتها أي لست غير الصحيح الدين، ولا بمتهم في ديني فيتألفني النبي صلى
الله عليه وسلم بتزوجي فاطمة رضي الله عنها. وفي التهذيب والنهاية:
بتزويجها إياي . قال: ويروى أيضا بالمثلثة، أي لست ممن يؤثر عني الشر،
وسيأتي. قال ابن الأثير: ولو روى ولست بمأبون بالنون لكان وجها.
ومما يستدرك عليه: تأبر الفسيل، إذا قبل الإبار. قال الراجز:
تأبري يا خيرة الـفـسـيل إذ ضن أهل النخل بالفحول. يقول: تلقحي من غير تأبير. وأبر الرجل: آذى، عن ابن الأعرابي. يقال للسان: مئبر ومذرب ومفصل ومقول. أبر الأثر: عفى عليه من التراب. في حديث الشورى: لا تؤبروا آثاركم فتولوا دينكم قال الأزهري: هكذا رواه الرياشي بإسناده، وقال التوبير: التعفية ومحو الأثر، قال: وليس شيء من الدواب يؤبر أثره حتى لا يعرف طريقه إلا عناق الأرض. حكاه الهروي في الغربيين، وسيأتي في وبر، وفي ترجمة بأر.
ابتأر الحر قدميه. قال أبو عبيد: في الابتئار لغتان، يقال: ابتأرت، وائتبرت، ابتئارا وائتبارا، قال القطامي:
فإن لم تأتبر رشدا قريش فليس لسائر الناس ائتبار. يعني اصطناع الخير والمعروف وتقديمه، كذا في اللسان.
أبائر، بالضم: منهل بالشام في جهة الشمال من حوران. أبار، كغراب: موضع ناحية اليمن، وقيل: أرض من وراء بلاد بني سعد. واستدرك شيخنا: مأبور: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: هو الذي أهداه المقوقس مع مارية وسيرين. قاله ابن مصعب. وفي شروح الفصيح. قولهم: ما بها آبر، أي أحد. في الأساس: ومن المجاز: إبرة القرن طرفه. وإبرة النحلة شوكتها. وتقول: لا بد مع الرطب من سلاء النخل، ومع العسل من إبر النحل.
قلت: الإبرة أيضا كناية عن عضو الإنسان. إبر، بكسرتين وتشديد الموحدة: قرية من قرى تونس، وبها دفن أبو عبد الله محمد الصقلي المعمر ثلاثمائة سنة، فيما قيل.
أ ت ر.
الأترور، بالضم، أهمله الجوهري، وهي لغة في التؤرور مقلوب عنه، وسيأتي
قريبا.
أتر القوس تأتيرا، لغة في وترها،
ونقله الفراء عن يونس، وسيأتي.
صفحة : 2440
أترار، بالضم: د، بتركستان عظيم، على نهر جيحون، ومنه كان ظهور التتر
الطائفة الطاغية، وقد أورد بعض ما يتعلق به ابن عرب شاه في عجائب المقدور،
فراجعه، وسيأتي للمصنف في ت ر، ومنه القوام الإتقاني الحنفي، ولي
الصرغتمشية أول ما فتحت. وشرح الهداية.
أ ث ر.
الأثر، محركة: بقية الشيء. ج آثار وأثور، الأخير بالضم. وقال بعضهم: الأثر
ما بقي من رسم الشيء. الأتر: الخبر، وجمعه الآثار. وفلان من حملة الآثار.
وقد فرق بينهما أئمة الحديث، فقالوا: الخبر: ما كان عن النبي صلى الله عليه
وسلم، والأثر: ما يروى عن الصحابة. وهو الذي نقله ابن الصلاح وغيره عن
فقهاء خراسان، كما قاله شيخنا.
الحسين بن عبد الملك الخلال ثقة مشهور توفي سنة 532، وعبد الكريم بن منصور العمري الموصلي، عن أصحاب الأرموي، نقله السمعاني، مات سنة 490، الأثريان: محدثان.
ممن اشتهر به ايضا: أبو بكر سعيد بن عبد الله بن علي الطوسي، ولد سنة 413، بنيسابور، ومحمد بن هياج بن مبادر الآثاري الأنصاري التاجر، من أهل دمشق، ورد بغداد، وبابا جعفر ابن محمد بن حسين الأثري، روى عن أبي بكر الخزري. يقال: خرج فلان في إثره، بكسر فسكون، أثره، محركة والثاني أفصح، كما صرح به غير واحد، مع تأمل فيه، وأوردهما ثعلب فيما يقال بلغتين من فصيحه، وصوب شيخنا تقديم الثاني على الأول. وليس في كلام المصنف ما يدل على ضبطه، قال: فإن جرينا على اصطلاحه في الإطلاق كان الأول مفتوحا، والثاني محتملا لوجوه، أظهرها الكسر والفتح، ولا قائل به، إنما يعرف فيه التحريك، وهو أفصح اللغتين وبه ورد القرآن: بعده. هكذا فسره ابن سيده والزمخشري. ووقع في شروح الفصيح بدله: عقبه.
قال صاحب الواعي: الأثر محرك هو ما يؤثره الرجل بقدمه في الأرض، وكذا كل شيء مؤثر أثر، يقال: جئتك على أثر فلان، كأنك جئته تطأ أثرضه.
قال: وكذلك الإثر، ساكن الثاني مكسور الهمزة، فإن فتحت الهمزة فتحت الثاء، تقول: جئتك على أثره وإثره، والجمع آثار. ائتثره: تبع أثره، وفي بعض الأصول: تتبع أثره، وهو عن الفارسي. أثر فيه تأثيرا: ترك فيه أثرا. التأثير: إبقاء الأثر في الشيء. الآثار: الأعلام، واحده الأثر. الأثر، بفتح فسكون: فرند السيف ورونقه، ويكسر، وبضمتين على فعل، وهو واحد ليس بجمع، كالأثير. ج أثور، بالضم. قال عبيد بن الأبرص:
ونحن صبحنا عامرا يوم أقبلوا سيوفا عليهن الأثور بواتكـا. وأنشد الأزهري:
كأنهم أسـيف بـيض يمـانـية عضب مضاربها باق بها الأثر. أثر السيف: تسلسله وديباجته، فأما ما أنشده ابن الأعرابي من قوله:
فإني إن أقع بـك لا أهـلـك كوقع السيف ذي الأثر الفرند. قال ثعلب: إنما أراد ذي الأثر، فحركه للضرورة. قال ابن سيده: ولا ضرورة هنا عندي، لأنه لو قال: ذي الأثر فسكنه على أصله لصار مفاعلتن إلى مفاعيلن: وهذا لا يكسر البيت لكن الشاعر إنما أراد توفية الجزء، فحرك لذك، ومثله كثير، وأبدل الفرند من الأثر.
في الصحاح: قال يعقوب: لا يعرف الأصمعي الأثر إلا بالفتح، قال: وأنشدني عيسى بن عمر لخفاف بن ندبة:
جلاها الصيقلون فأخلصوها
خفافا كلها يتقي بـأثـر.
صفحة : 2441
أي كلها يستقبلك بفرنده. ويتقي، مخفف من يتقي أي إذا نظر الناظر إليها اتصل
شعاعها بعينه فلم يتمكن من النظر إليها. وروى الإيادي عن أبي الهيثم أنه
كان يقول: الإثر بكسر الهمزة لخلاصة السمن، وأما فرند السيف فكلهم يقول:
أثر.
عن ابن بزرج: وقالوا: أثر السيف، مضموم: جرحه، وأثره، مفتوح: رونقه الذي فيه.
قلت: وزعم بعض أن الضم أفصح فيه وأعرف. في شرح الفصيح لابن التياني: أثر السيف مثال صقر، وأثره، مثال طنب: فرنده. وقد ظهر بما أوردنا من النصوص أن الكسر مسموع فيه، وأورده ابن سيده وغيره، فلا يعرج على قول شيخنا: إنه لا قائل به من أئمة اللغة وأهل العربية. فهو سهو ظاهر، نعم، الأثر بضم، على ما أورده الجوهري وغيره، وكذا الأثر، بضمتين على ما أسلفنا، مستدرك عليه، وقد أغفل شيخنا عن الثانية.
الأثير، كأمير الذي ذكره المصنف أغفله أئمة الغريب. وحكى اللبلي في شرح الفصيح: الأثرة للسيف بمعنى الأثر، جمعه أثر كغرف، وهو مستدرك على المصنف.
الأثر: نقل الحديث عن القوم وروايته، كالأثارة بالفتح، والأثرة، بالضم، وهذه عن اللحياني.
في المحكم: أثر الحديث عن القوم يأثره، أي من حد ضرب، ويأثره: أي من حد نصر: أنبأهم بما سبقوا فيه من الأثر، وقيل: حدث به عنهم في آثارهم. قال: والصحيح عندي أن الأثرة الاسم، وهي المأثرة والمأثرة. في حديث علي في دعائه على الخوارج: ولا بقي منكم آثر، أي مخبر يروي الحديث. في قول أبي سفيان في حديث قيصر: لولا أن تأثروا عني الكذب، أي تروون وتحكون. في حديث عمر رضي الله عنه: فما حلفت به ذاكرا ولا آثرا ، يريد مخبرا عن غيره أنه حلف به، أي ما حلفت به مبتدئا من نفسي، ولا رويت عن أحد أنه حلف بها.
ومن هذا قيل: حديث مأثور، أي يخبر الناس به بعضهم بعضا، أي ينقله خلف عن سلف، يقال منه: أثرت الحديث فهو مأثور، وأنا آثر، وقال الأعشى:
إن الذي فيه تماريتما بين للسامع والآثر. الأثر: إكثار الفحل من ضراب الناقة وقد أثر يأثر، من حد نصر. الأثر، بالضم: أثر الجراح يبقى بعد البرء. ومثله في الصحاح. في التهذيب: أثر الجرح: أثره يبقى بعد ما يبرأ. وقال الأصمعي: الأثر بالضم من الجرح وغيره في الجسد يبرأ ويبقى أثره. وقال شمر: يقال في هذا: أثر وأثر. والجمع آثار، ووجهه إثار، بكسر الألف، قال: ولو قلت أثور، كنت مصيبا.
في المحكم: الأثر: ماء الوجه ورونقه، وقد تضم ثاؤهما، مثل عسر وعسر، وروى الوجهين شمر، والجمع آثار. وأنشد ابن سيده:
عضب مضاربها باق بها الأثر. وأورده الجوهري هكذا: بيض مضاربها قال: وفي الناس من يحمل هذا على الفرند.
الأثر: سمة في باطن خف البعير
يقتفى بها أثره، والجمع أثور. وقد أثره يأثره أثرا، أثره: حزه.
صفحة : 2442
روى الإيادي عن أبي الهيثم أنه كان يقول: الإثر بالكسر: خلاصة السمن إذا
سلئ، وهو الخلاص، وقيل: هو اللبن إذا فارقه السمن. وقد يضم، وهذا قد أنكره
غير واحد من الأئمة، وقالوا: إن المضموم فرند السيف. الأثر، بضم الثاء
كعجز، والأثر ككتف: رجل يستأثر على أصحابه في القسم، أي يختار لنفسه أشياء
حسنة، وفي الصحاح: أي يحتاج لنفسه أفعالا وأخلاقا حسنة. الاسم الأثرة،
محركة، الأثرة، بالضم، الإثرة، بالكسر، والأثرى، كالحسنى، كلاهما الصغاني.
قد أثر على أصحابه، كفرح، إذا فعل ذلك. يقال: فلان ذو أثرة، بالضم، إذا كان
خاصا. ويقال: قد أخذه بلا أثرة، وبلا إثرة وبلا استئثار، أي لم يستأثر على
غيره ولم يأخذ الأجود. وجمع الإثرة، بالكسر، إثر. قال الحطيئة يمدح عمر رضي
الله عنه:
ما آثروك بها إذ قدموك لهـا لكن لأنفسهم كانت بك الإثر. أي الخيرة والإيثار.
في الحديث: لما ذكر له عثمان بالخلافة فقال: أخشى حفده وأثرته، أي إيثاره، وهي الإثرة، وكذلك الأثرة والأثرة والأثرى قال:
فقلت له يا ذئب هل لك فـي أخ يواسي بلا أثرى عليك ولا بخل. الأثرة، بالضم: المكرمة، لأنها تؤثر، أي تذكر، ويأثرها قرن عن قرن يتحدثون بها. وفي المحكم: المكرمة المتوارثة، كالمأثرة، بفتح الثاء والمأثرة بضمها، ومثله من الكلام الميسرة والميسرة، مما فيه الوجهان، وهي نحو ثلاثين كلمة جمعها الصغاني في ح ب ر.
قال أبو زيد: مأثرة ومآثر، وهي القدم في الحسب. ومآثر العرب: مكارمها ومفاخرها التي تؤثر عنها، أي تذكر وتروى. ومثله في الأساس.
الأثرة: البقية من العلم تؤثر، أي تروى وتذكر، كالأثرة محركة، والأثارة، كسحابة. وقد قرئ بها، والأخيرة أعلى. قال الزجاج: أثارة في معنى علامة، ويجوز أن يكون على معنى بقية من علم، ويجوز أن يكون على ما يؤثر من العلم. ويقال: أو شيء مأثور من كتب الأولين، فمن قرأ: أثارة فهو المصدر، مثل السماحة، ومن قرأ: أثرة فإنه بناه على الأثر مثل قترة، ومن قرأ: أثرة فكأنه أراد مثل الخطفة والرجفة. الأثرة، بالضم: الجدب، والحال غير المرضية، قال الشاعر:
إذا خاف من أيدي الحوادث أثرة
كفاه حمار من غنى مـقـيد.
ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى
تلقوني على الحوض . آثره: أكرمه، ومنه: رجل أثير، أي مكين مكرم. والجمع
أثراء والأنثى أثيرة.
الأثيرة: الدابة العظيمة الأثر الأرض بحاقرها وخفيها، بينة الإثارة.
عن ابن الأعرابي: فعل هذا آثرا ما، وآثر ذي أثير، كلاهما على صيغة اسم الفاعل، وكذلك آثرا، بلا ما. وقال عروة بن الورد:
فقالوا ما تريد فقلت ألهـو إلى الإصباح آثر ذي أثير. هكذا أنشده الجوهري. قال الصغاني: والرواية: وقالت، يعني امرأته أم وهب واسمها سلمى.
يقال: لقيته أول ذي أثير، وأثيرة
ذي أثير، نقله الصغاني. أثرة ذي أثير، بالضم وضبطه الصاغاني بالكسر. وقيل:
الأثير: الصبح، وذو أثير: وقته. حكى اللحياني: إثر ذي أثيرين، بالكسر
ويحرك، وإثرة ما. عن ابن الأعرابي: ولقيته آثر ذات يدين، وذي يدين، أي أول
كل شيء. قال الفراء: ابدأ بهذا آثرا ما، وآثر ذي أثير، وأثير ذي أثير، أي
ابدأ به أول كل شيء.
صفحة : 2443
يقال: افعله آثرا ما، وأثرا ما، أي إن كنت لا تفعل غيره فافعله.
قيل: افعله مؤثرا له على غيره، وما زائدة، وهي لازمة لا يجوز حذفها، لأن معناه افعله آثرا مختارا له معنيا به، من قولك: آثرت أن أفعل كذا وكذا، وقال المبرد: في قولهم: خذ هذا آثرا ما، قال: كأنه يريد أن يأخذ منه واحدا وهو يسام على آخر، فيقول: خذ هذا الواحد آثرا، أي قد آثرتك به، وما فيه حشو. يقال: سيف مأثور: في متنه أثر، وقال صاحب الواعي: سيف مأثور، أخذ من الأثر، كأن وشيه أثر فيه، أو متنه حديد أنيث، وشفرته حديد ذكر، نقل القولين الصغاني. أو هو الذي يقال إنه يعمله الجن، وليس من الأثر الذي هو الفرند. قال ابن مقبل:
إني أقيد بالمأثور راحلـتـي ولا أبالي ولو كنا على سفر. قال ابن سيده: وعندي أن المأثور مفعول لا فعل له، كما ذهب إليه أبو علي في المفؤود الذي هو الجبان. وأثر يفعل كذا، كفرح: طفق، وذلك إذا أبصر الشيء وضرى بمعرفته وحذقه، وكذلك طبن وطبق ودبق ولفق وفطن، كذا في نوادر الأعراب.
قال ابن شميل: إن أثرت أن تأتينا فأتنا يوم كذا وكذا، أي إن كان لا بد أن تأتينا فأتنا يوم كذا وكذا. يقال: قد أثر أن يفعل ذلك الأمر، أي فرغ له. أثر على الأمر: عزم، قال أبو زيد: قد أثرت أن أقول ذلك: أي عزمت. أثر له: تفرغ، وقال الليث: يقال: لقد أثرت أن أفعل كذا وكذا، وهو هم في عزم.
وآثر: اختار وفضل، وقدم، وفي التنزيل: تالله لقد آثرك الله علينا قال الأصمعي: آثرتك إيثارا، أي فضلتك. آثر كذا بكذا: أتبعه إياه، ومنه قول متمم بن نويرة يصف الغيث:
فآثـر سـيل الـواديين بـديمة ترشح وسميا من النبت خروعا. أي أتبع مطرا تقدم بديمة بعده.
التؤثور وفي بعض الأصول التؤرور، أي على تفعول بالضم: حديدة يسحى بها باطن خف البعير، ليقتص أثره في الأرض ويعرف، كالمئثرة. ورأيت أثرته، أي موضع أثره من الأرض. وقيل: الأثرة والتؤثور والتأثور، كلها علامات تجعلها الأعراب في باطن خف البعير، وقد تقدم في كلام المصنف. التؤثور: الجلواز، كالتؤرور واليؤرور، بالياء التحتية، كما سيأتي في أر، عن أبي علي. استأثر بالشيء: استبد به وانفرد. واستأثر بالشيء على غيره: خص به نفسه، قال الأعشى:
استأثر الله بالـوفـاء وبـال
عدل وولى الملامة الرجلا. في حديث
عمر: فو لله ما أستأثر بها عليكم، ولا آخذها دونكم .
استأثر الله تعالى فلانا، وبفلان، إذا مات وهو ممن يرجى له الجنة ورجى له
الغفران.
وذو الآثار: لقب الأسود بن يعفر النهشلي، وإنما لقب به لأنه كان إذا هجا قوما ترك فيهم آثارا يعرفون بها، أو لأن شعره في الأشعار كآثار الأسد في آثار السباع لا يخفى.
يقال: فلان أثيري، أي من خلصائي. وفي بعض الأصول: أي خلصاني. وفلان أثير عند فلان وذو أثرة، إذا كان خاصا. رجل أثير: مكين مكرم. وفي الأساس: وهو أثيري، أي الذي أوثره وأقدمه. شيء كثير أثير، إتباع له، مثل بثير. أثير كزبير بن عمرو السكوني الطبيب الكوفي، وإليه نسبت صحراء أثير بالكوفة.
ومغيرة بن جميل بن أثير، شيخ لأبي
سعيد عبد الله بن سعيد الأشج الكوفي أحد الأئمة. قال ابن القراب مات سنة
357. وجواد بن أثير بن جواد الحضرمي، وغيرهم.
صفحة : 2444
وقول علي رضي الله عنه: ولست بمأثور في ديني ، أي لست ممن يؤثر عني شر
وتهمة في ديني. فيكون قد وضع المأثور موضع المأثور عنه. وقد تقدم في أ ب ر،
ومر الكلام هناك.
ومما يستدرك عليه: الأثر، بالتحريك: ما بقي من رسم الشيء، والجمع الآثار.
الأثر، أيضا: مقابل العين، ومعناه العلامة. ومن أمثالهم: لا أثر بعد العين . وسمي شيخنا كتابه: إقرار العين ببقاء الأثر بعد ذهاب العين. والمأثور: أحد سيوف النبي صلى الله عليه وسلم. كما ذكره أهل السير. وحكى اللحياني عن الكسائي: ما يدرى له أين أثر، ولا يدرى له ما أثر، أي ما يدرى أين أصله وما أصله. والإثار، ككتاب: شبه الشمال يشد على ضرع العنز شبه كيس لئلا تعان. وفي الحديث: من سره أن يبسط الله له في رزقه وينسأ في أثره فليصل رحمه . الأثر الأجل، سمي به لأنه يتبع العمر، قال زهير:
والمرء ما عاش ممدود له أمـل لا ينتهي العمر حتى ينتهي الأثر. وأصله من أثر مشيه في الأرض فإن من مات لا يبقى له أثر، ولا يرى لأقدامه في الأرض أثر. ومنه قوله للذي مر بين يديه وهو يصلي: قطع صلاتنا قطع الله أثره، دعاء عليه بالزمانة، لأنه إذا زمن انقطع مشيه فانقطع أثره. وأما ميثرة السرج فغير مهموزة.وقوله عز وجل: ونكتب ما قدموا وآثارهم ، أي نكتب ما أسلفوا من أعمالهم. في اللسان: وسمنت الإبل والناقة على أثارة. أي على عتيق شحم كان قبل ذلك، قال الشماخ:
وذات أثارة أكلت عليه نباتا في أكمته قفارا. قال أبو منصور: ويحتمل أن يكون قوله تعالى: أو أثارة من علم من هذا، لأنها سمنت على بقية شحم كانت عليها، فكأنها حملت شحما على بقية شحمها. وفي الأساس: ومنه: أغضبني فلان عن أثارة غضب، أي كان قبل ذلك. وفي المحكم والتهذيب: وغضب على أثارة قبل ذلك، أي قد كان قبل ذلك منه غضب، ثم ازداد بعد ذلك غضبا. هذه عن اللحياني.
وقال ابن عباس: أو أثارة من علم، إنه علم الخط الذي كان أوتي بعض الأنبياء.
وأثر السيف: ديباجته وتسلسله. ويقال: أثر بوجهه وبجبينه السجود. وأثر فيه السيف والضربة. وفي الأمثال: يقال للكاذب: لا يصدق أثره ، أي أثر رجله. ويقال: افعله إثرة ذي أثير بالكسر وأثر ذي أثير، بالفتح. لغتان في: آثر ذي أثير، بالمد، نقله الصاغاني.
قال الفراء: افعل هذه أثرا ما محركة مثل قولك: آثرا ما.
واستدرك شيخنا: الأثير: كأمير وهو الفلك التاسع الأعظم الحاكم على كل الأفلاك، لأنه يؤثر في غيره. وأبناء الأثير: الأئمة المشاهير، الأخوة الثلاثة: عز الدين علي بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، اللغوي، المحدث، له التاريخ والأنساب، ومعرفة الصحابة، وغيرها، وأخوه مجد الدين أبو السعادات، له جامع الأصول، والنهاية، وغيرهما، ذكرهما الذهبي في التذكرة، وأخوهما الثالث ضياء الدين أبو الفتح نصر الله، له المثل السائر، وغيره، ذكره مع أخويه ابن خلكان في الوفيات. قال شيخنا: ومن لطائف ما قيل فيهم:
وبـنـو الأثـير ثـلاثة
قد حاز كل مفتخـر.
فمؤرخ جمع العـلـو
م وآخر ولي الـوزر.
ومحدث كتب الـحـدي ث له
النهاية في الأثر.
صفحة : 2445
قال: والوزير هو صاحب المثل السائر. وما ألطف التورية في النهاية.
وصحراء أثير، كزبير: بالكوفة حيث حرق أمير المؤمنين علي رضي الله عنه النفر الغالين فيه.
أ ج ر.
الأجر: الجزاء على العمل وفي الصحاح وغيره: الأجر: الثواب، وقد فرق بينهما
بفروق. قال العيني في شرح البخاري: الحاصل بأصول الشرع والعبادات ثواب،
وبالمكملات أجر، لأن الثواب لغة بدل العين، والأجر بدل المنفعة وهي تابعة
للعين. وقد يطلق الأجر على الثواب وبالعكس كالإجارة والأجرة، وهو ما أعطيت
من أجر قي عمل مثلثة، التثليث مسموع، والكسر الأشهر الأفصح. قال ابن سيده:
وأرى ثعلبا حكى فيه الفتح، ج أجور وآجار. قال شيخنا: الثاني غير معروف
قياسا، ولم أقف عليه سماعا. ثم إن كلامه صريح في أن الأجر والإجارة
مترادفان، لا فرق بينهما، والمعروف أن الأجر هو الثواب الذي يكون من الله،
عز وجل، للعبد على العمل الصالح، والإجارة هو جزاء عمل الإنسان لصاحبه،
ومنه الأجير.
قوله تعالى: وآتيناه أجره في الدنيا ، وقيل: هو الذكر الحسن وقيل: معناه أنه ليس أمة من المسلمين والنصارى واليهود والمجوس إلا وهم يعظمون إبراهيم ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وقيل: أجره في الدنيا كون الأنبياء من ولده. وقيل: أجره الولد الصالح.
من المجاز: الأجر: المهر، وفي التنزيل: يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن ، أي مهورهن. وقد أجره الله يأجره، بالضم، ويأجره، بالكسر، إذا جزاه وأثابه وأعطاه الأجر، والوجهان معروفان لجميع اللغويين إلا من شذ، ممن أنكر الكسر في المضارع، والأمر منهما: أجرني وأجرني كآجره يؤجره إيجارا.
وفي كتاب ابن القطاع: إن مضارع آجر. كآمن يؤاجر. قال شيخنا: وهو سهو ظاهر يقع لمن لم يفرق بين أفعل وفاعل. وقال عياض: إن الأصمعي أنكر المد بالكلية. وقال قوم: هو الأفصح.
في الصحاح: أجر العظم يأجر ويأجر أجرا، بفتح فسكون وإجارا، بالكسر، وأجورا، بالضم: برأ على عثم بفتح فسكون، وهو البرء من غير استواء، وقال ابن السكيت: هو مشش كهيئة الورم فيه أود. وأجرته، فهو لازم متعد.
وفي اللسان: أجرت يده تأجر وتأجر أجرا وإجارا وأجورا: جبرت على غير استواء فبقي لها عثم، وآجرها هو، وآجرتها أنا إيجارا.
في الصحاح: آجرها الله، أي جبرها على عثم. أجر المملوك أجرا: أكراه يأجره، فهو مأجور، كآجره إيجارا، وحكاه قوم في العظم أيضا، ومؤاجرة، قال شيخنا: هو مصدر آجر، على فاعل، لا آجر، على: أفعل، والمصنف كأنه اغتر بعبارة ابن القطاع وهو صنيع من لم يفرق بين أفعل وفاعل، كما أشرنا إليه أولا، فلا يلتفت إليه، مع أن مثله مما لا يخفى. وقال الزمخشري: وآجرت الدار، على أفعلت، فأنا مؤجر، ولا يقال: مؤاجر، فهو خطأ قبيح.
ويقال: آجرته مؤاجرة: عاملته
معاملة، وعاقدته معاقدة، لأن ما كان من فاعل في معنى المعاملة كالمشاركة
والمزارعة إنما يتعدى لمفعول واحد، ومؤاجرة الأجير من ذلك، فآجرت الدار
والعبد، من أفعل لا من فاعل، ومنهم من يقول: آجرت الدار، على فاعل، فيقول:
آجرته مؤاجرة. واقتصر الأزهري على آجرته فهو مؤجر. وقال الأخفش: ومن العرب
من يقول: آجرته فهو مؤجر، في تقدير أفعلته فهو مفعل، وبعضهم يقول: فهو
مؤاجر، في تقدير فاعلته.
صفحة : 2446
ويتعدى إلى مفعولين فيقال: آجرت زيدا الدار، وآجرت الدار زيدا، على القلب،
مثل أعطيت زيدا درهما، وأعطيت درهما زيدا، فظهر بما تقدم أن آجر مؤاجرة
مسموع من العرب وليس هو صنيع ابن القطاع وحده، بل سبقه غير واحد من الأئمة
وأقروه.
في اللسان: وأجر المملوك يأجره أجرا فهو مأجور وآجره يؤجره إيجارا ومؤاجرة، وكل حسن من كلام العرب.
الأجرة بالضم: الكراء، والجمع أجر، كغرفة وغرف، وربما جمعوها أجرات، بفتح الجيم وضمها، والمعروف في تفسير الأجرة هو ما يعطى الأجير في مقابلة العمل.
وائتجر الرجل: تصدق وطلب الأجر، وفي الحديث في الأضاحي: كلوا وادخروا وائتجروا ، أي تصدقوا طالبين للأجر بذلك، ولا يجوز فيه اتجروا بالإدغام لأن الهمزة لا تدغم في التاء، لأنه من الأجر لا من التجارة. قال ابن الأثير: وقد أجازه الهروي في كتابه، واستشهد عليه بقوله في الحديث الآخر: إن رجلا دخل المسجد وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته، فقال: من يتجر يقوم فيصلي معه . قال والرواية إنما هي يأتجر، فإن صح فيها يتجر فيكون من التجارة لا من الأجر، كأنه بصلاته معه قد حصل لنفسه تجارة، أي مكسبا. ومنه حديث الزكاة: ومن أعطاها مؤتجرا بها .
يقال: أجر فلان في أولاده، كعني، ونص عبارة ابن السكيت: أجر فلان خمسة من ولده، أي ماتوا فصاروا أجره، وعبارة الزمخشري: ماتوا فكانوا له أجرا.
يقال: أجرت يده تؤجر أجرا وأجورا، إذا جبرت على عقدة وغير استواء فبقي لها خروج عن هيئتها. وآجرت المرأة، وفي بعض أصول اللغة: الأمة البغية، مؤاجرة: أباحت نفسها بأجر.
يقال: استأجرته، أي اتخذته أجيرا، قاله الزجاج. وآجرته فهو مؤجر، وفي بعض النسخ أجرته مقصورا، ومثله قول الزجاج في تفسير قوله تعالى: أن تأجرني ثماني حجج . أي تكون أجيرا لي، فأجرني ثماني حجج، أي صار أجيري. والأجير: هو المستأجر، وجمعه أجراء، وأنشد أبو حنيفة:
وجون تزلق الحدثان فيه إذا أجراؤه نحطوا أجابا. والاسم منه الإجارة.
والإجار: بكسر فتشديد الجيم: السطح، بلغة أهل الشام والحجاز، وقال ابن سيده، والإجار والإجارة: سطح ليس عليه سترة، وفي الحديث: من بات على إجار ليس حوله ما يرد قدميه فقد برئت منه الذمة ، قال ابن الأثير: وهو السطح الذي ليس حوله ما يرد الساقط عنه. وفي حديث محمد بن مسلمة: فإذا جارية من الأنصار على إجار لهم كالإنجار بالنون، لغة فيه، ج أجاجير وأجاجرة وأناجير ، وفي حديث الهجرة: فتلقى الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق وعلى الأجاجير ، ويروى على الأناجير.
والإجيرى، بكسر فتشديد: العادة وقيل: همزتها بدل من الهاء. وقال ابن السكيت: ما زال ذلك إجيراه، أي عادته. الآجور على فاعول واليأجور والأجور كصبور والآجر، بالمد وضم الجيم على فاعل، قال الصغاني وليس بتخفيف الآجر، كما زعم بعض الناس وهو مثل الآنك والجمع أآجر، قال ثعلبة بن صعير المازني يصف ناقة:
تضحى إذا دق المطي كأنها فدن ابن حية شاده بالآجر. وليس في الكلام فاعل، بضم العين، وآجر وآنك أعجميان، ولا يلزم سيبويه تدوينه. والآجر، بفتح الجيم، والآجر، بكسر الجيم، والآجرون بضم الجيم وكسرها على صيغة الجمع، قال أبو دواد:
ولقد كان في كتائب خضر
وبلاط يلاط بالآجـرون.
صفحة : 2447
روي بضم الجيم وكسرها معا كل ذلك الآجر، بضم الجيم مع تشديد الراء، وضبطه
شيخنا بضم الهمزة، معربات، وهو طبيخ الطين. قال أبو عمرو: هو الآجر، مخفف
الراء، وهي الآجرة. وقال غيره: آجر وآجور، على فاعول، وهو الذي يبنى به،
فارسي معرب. قال الكسائي: العرب تول: آجره، وآجر للجمع، وآجرة وجمعها آجر،
وأجرة وجمعها أجر، وآجورة وجمعها آجور. وآجر وهاجر: اسم أم إسماعيل عليه
وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، الهمزة بدل من الهاء. وآجره الرمح لغة في
أوجره إذا طعنه به في فيه. وسيأتي في وجر.
ودرب آجر، بالإضافة: موضعان ببغداد، أحدهما بالغربية وهو اليوم خراب، والثاني بنهر معلى عند خرابة ابن جردة، قاله الصاغاني. من أحدهما أبو بكر محمد بن الحسين الآجري العابد الزاهد الشافعي، توفي بمكة سنة 360. ووجدت بخط الحافظ بن حجر العسقلاني ما نصه: الآجري، هكذا ضبطه الناس، وقال أبو عبد الله محمد بن الجلاب الفهري الشهيد نزيل تونس، في كتاب الفوائد المنتخبة له: أفادني الرئيس، يعني أبا عثمان بن حكمة القرشي، وقرأته في بعض أصوله بخط أبي داوود المقري ما نصه: وجدت في كتاب القاضي أبي عبد الرحمن عبد الله بن جحاف الراوي، عن محمد بن خليفة وغيره، عن اللاجري الذي ورثه عنه ابنه أبو المطرف، قال لي لأبو عبد الله محمد بن خليفة في ذي القعدة سنة 386، وكنت سمعت من يقرأ عليه: حدثك أبو بكر محمد بن الحسين الآجري، فقال لي: ليس كذلك إنما هو اللاجري، بتشديد اللام وتخفيف الراء، منسوب إلى لاجر، قرية من قرى بغداد ليس بها أطيب من مائها. قال ابن الجلاب: وروينا عن غيره: الآجري، بتشديد الراء، وابن خليفة قد لقيه وضبط عليه كتابه فهو أعلم به. قال الحافظ: قلت: هذا مما يسقط الثقة بابن خليفة المذكور، وقد ضعفه ابن القوصي في تاريخه. ومما يستدرك عليه: ائتجر عليه بكذا، من الأجرة.
قال محمد بن بشير الخارجي:
يا ليت أنى بأثوابي وراحلتـي عبد لأهلك هذا الشهر مؤتجر. وآجرته الدار: أكريتها، والعامة تقول: أجرته. وقوله تعالى: فبشره بمغفرة وأجر كريم قيل: الأجر الكريم هو الجنة. والمئجار: المخراق، كأنه فتل فصلب كما يصلب العظم المجبور، قال الأخطل:
والورد يردى بعصم في شريدهم كأنه لاعب يسعى بمـئجـار. وقد ذكره المصنف في وجر، وذكره هنا هو الصواب.
وقال الكسائي: الإجارة في قول الخليل: أن تكون القافية طاء والأخرى دالا، أو جيما ودالا، وهذا من أجر الكسر، إذا جبر على غير استواء، وهو فعالة من أجر يأجر كالإمارة من أمر لا إفعال. ومن المجاز: الإنجار، بالكسر: الصحن المنبطح الذي ليس له حواش، يغرف فيه الطعام، والجمع أناجير، وهي لغة مستعملة عند العوام.
وأحيد الأجير نقله السمعاني من تاريخ نسف للمستغفري، وهو غير منسوب، قال: أراه كان أجير طفيل ابن زيد التميمي في بيته، أدرك البخاري.
وأجر، بفتح الهمزة وتشديد الجيم المفتوحة: حصن من عمل قرطبة، وإليه نسب أبو جعفر أحمد بن محمد بن إبراهيم الخشني الأجري المقري، سمع من أبي الطاهر بن عوف، ومات سنة 611، ذكره القاسم التجيبي في فهرسته، وقال: لم يذكره أحد ممن ألف في هذا الباب.
أ خ ر.
الأخر، بضمتين: ضد القدم. تقول: مضى قدما، وتأخر أخرا. التأخر: ضد التقدم،
وقد تأخر عنه تأخرا وتأخرة واحدة، عن اللحياني، وهذا مطرد، وإنما ذكرناه
لأن اطراد مثل هذا مما يجهله من لا دربة له بالعربية.
صفحة : 2448
في حديث عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: أخر عني يا
عمر .
يقال: أخر تأخيرا وتأخر، وقدم وتقدم، بمعنى، كقوله تعالى: لا تقدموا بين يدي الله ورسوله أي لا تتقدموا، وقيل: معناه أخر عني رأيك. واختصر، إيجازا وبلاغة، والتأخير ضد التقديم.
واستأخر كتأخر، وفي التنزيل: لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون وفيه أيضا: ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين قال ثعلب: أي علمنا من يأتي منكم إلى المسجد متقدما ومن يأتي مستأخرا. وأخرته فتأخر، واستاخر كتأخر، لازم متعد، قال شيخنا: وهي عبارة، قلقة جارية على غير اصطلاح الصرف، ولو قال: وأخر تأخيرا استأخر، كتأخر، وأخرته، لازم متعد، لكان أعذب في الذوق، وأجرى على الصناعة، كما لا يخفى، وفيه استعمال فعل لازما، كقدم بمعنى تقدم، وبرز على أقرانه، أي فاقهم.
وآخرة العين ومؤخرتها، ما ولى اللحاظ، كمؤخرها، كمؤمن، ومؤمنة وهو الذي يلي الصدغ، ومقدمها الذي يلي الأنف، يقال: نظر إليه بمؤخر عينه، وبمقدم عينه. ومؤخر العين ومقدمها جاء في العين بالتخفيف خاصة، نقله الفيومي عن الأزهري، وقال أبو عبيد: مؤخر العين، الأجود التخفيف. قلت: ويفهم منه جواز التثقيل على قلة.
الآخرة من الرحل: خلاف قادمته، وكذا من السرج، وهي التي يستند إليها الراكب، والجمع الأواخر، وهذه أفصح اللغات، كما في المصباح وقد جاء في الحديث: إذا وضع أحدكم بين يديه مثل آخرة الرحل فلا يبالي من مر وراءه . كآخره، من غير تاء، ومؤخره، كمعظم، ومؤخرته، بزيادة التاء، وتكسر خاؤهما مخففة ومشددة. أما المؤخر كمؤمن فهي لغة قليلة، وقد جاء في بعض روايات الحديث، وقد منع منها بعضهم، والتشديد مع الكسر أنكره ابن السكيت، وجعله في المصباح من اللحن.
للناقة آخران وقادمان، فخلفاها المقدمان: قادماها، وخلفاها. المؤخران: آخراها. والآخران من الأخلاف اللذان يليان الفخذين، وفي التكملة: آخرا الناقة خلفاها المؤخران، وقادماها خلفاها المقدمان. والآخر: خلاف الأول. في التهذيب قال الله عز وجل: هو الأول والآخر والظاهر والباطن ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال وهو يمجد الله: أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء. وفي النهاية: الآخر من أسماء الله تعالى هو الباقي بعد فناء خلقه كله ناطقه وصامته. وهي، أي الأنثى الآخرة، بهاء قال الليث: نقيض المتقدمة، وحكى ثعلب: هن الأولات دخولا والآخرات خروجا.
ويقال: في الشتم: أبعد الله الآخر، كما حكاه بعضهم بالمد وكسر الخاء، وهو الغائب، كالأخير، والمشهور فيه الأخر، بوزن الكبد، كما سيأتي في المستدركات.
الآخر، بفتح الخاء: أحد الشيئين،
وهو اسم على أفعل إلا أن فيه معنى الصفة، لأن أفعل من كذا لا يكون إلا في
الصفة، كذا في الصحاح. والآخر بمعنى غير، كقولك: رجل آخر، وثوب آخر: وأصله
أفعل من أخر، أي تأخر، فمعناه أشد تأخرا، ثم صار بمعنى المغاير.
صفحة : 2449
وقال الأخفش: لو جعلت في الشعر آخر مع جابر لجاز، قال ابن جني: هذا هو
الوجه القوي، لأنه لا يحقق أحد همزة آخر، ولو كان تحقيقها حسنا لكان
التحقيق حقيقا بأن يسمع فيها، وغذا كان بدلا البتة وجب أن يجرى على ما
أجرته عليه العرب من مراعاة لفظه، وتنزيل هذه الهمزة منزلة الألف الزائدة
التي لا حظ فيها للهمز، نحو عالم وصابر، ألا تراهم لما كسروا قالوا: آخر
وأواخر، كما قالوا: جابر وجوابر. وقد جمع امرؤ القيس بين آخر وقيصر، بوهم
الألف همزة، فقال:
إذا نحن صرنا خمس عشرة لـيلة
وراء الحساء من مدافع قيصرا.
إذا قلت هذا صاحب قد رضيتـه
وقرت به العينان بدلـت آخـرا.
وتصغير آخر أويخر، جرت الألف
المخففة عن الهمزة مجرى ألف ضارب. وقوله تعالى: فآخران يقومان مقامهما فسره
ثعلب فقال: فمسلمان يقومان مقام النصرانيين يحلفان أنهما اختانا، ثم يرتجع
على النصرانيين. وقال الفراء: معناه: أو آخران من غير دينكم من النصارى
واليهود، وهذا للسفر والضرورة، لأنه لا تجوز شهادة كافر على مسلم في غير
هذا.
ج الآخرون بالواو والنون، وأخر، وفي التنزيل العزيز: فعدة من أيام أخر .
والأنثى أخرى وأخراة، قال شيخنا: الثاني في الأنثى غير مشهور. قلت: نقله الصاغاني فقال: ومن العرب من يقول: أخراتكم بدل أخراكم، وقد جاء في قول أبي العيال الهذلي:
إذا سنن الكتيبة صـد عن أخراتها العصب. وأنشد ابن الأعرابي:
ويتقي الـسـيف بـأخـراتـه من دون كف الجار والمعصم. وقال الفراء في قوله تعالى: والرسول يدعوكم في أخراكم : من العرب من يقول: في أخراتكم، ولا يجوز في القراءة. ج أخريات، وأخر قال الليث: يقال: هذا آخر وهذه أخرى، في التذكير والتأنيث، قال: وأخر: جماعة أخرى. قال الزجاج في قوله تعالى: وأخر من شكله أزواج . أخر لا ينصرف، لأن وحدانها لا ينصرف وهو أخرى وآخر، وكذلك كل جمع على فعل لا ينصرف إذا كان وحدانه لا ينصرف، مثل كبر وصغر، وإذا كان فعل جمعا لفعلة فإنه ينصرف نحو سترة وستر، وحفرة وحفر، وإذا كان فعل اسما مصروفا عن فاعل لم ينصرف في المعرفة وينصرف في النكرة، وإذا كان اسما لطائر أو غيره فإنه ينصرف، نحو سبد ومرع وما أشبهها، وقرئ: وآخر من شكله أزواج على الواحد.
وفي اللسان: قال الله تعالى: فعدة
من أيام أخر وهو جمع أخرى، وأخرى تأنيث آخر، وهو غير مصروف، لأن أفعل الذي
معه من لا يجمع ولا يؤنث ما دام نكرة، تقول: مررت برجل أفضل منك، وبامرأة
أفضل منك، فإن أدخلت عليه الألف واللام أو أضفته ثنيت وجمعت وأنثت، تقول:
مررت بالرجل الأفضل، وبالرجال الأفضلين، وبالمرأة الفضلى، وبالنساء الفضل،
ومررت بأفضلهم وبأفضليهم وبفضلاهن وبفضلهن، ولا يجوز أن تقول: مررت برجل
أفضل، ولا برجال أفضل، ولا بامرأة فضلى، حتى تصله بمن، أو تدخل عليهم الألف
واللام، وهما يتعاقبان عليه، وليس كذلك آخر، لأنه يؤنث ويجمع بغير من،
وبغير الألف واللام، وبغير الإضافة، تقول: مررت برجل آخر، وبرجال أخر
وآخرين، وبامرأة أخرى، وبنسوة أخر، فلما جاء معدولا وهو صفة منع الصرف وهو
مع ذلك جمع، وإن سميت به رجلا صرفته في النكرة، عند الأخفش، ولم تصرفه، عند
سيبويه.
صفحة : 2450
والآخرة والأخرى: دار البقاء، صفة غالبة، قاله الزمخشري.وجاء أخرة وبأخرة،
محركتين وقد يضم أولهما، وهذه عن اللحياني، بحرف وبغير حرف، يقال: لقيته
أخيرا، وجاء أخرا، بضمتين، وأخيرا، وإخريا، بكسرتين، وإخريا، بكسر فسكون،
وآخريا، وبآخرة، بالمد فيهما، أي آخر كل شيء. في الحديث: كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول بأخرة إذا إراد أن يقوم من المجلس كذا وكذا ، أي في
آخر جلوسه، قال ابن الأثير: ويجوز أن يكون في آخر عمره، وهو بفتح الهمزة
والخاء، ومنه حديث: لما كان بأخرة . وماعرفته إلا بأخرة، أي أخيرا. وأتيتك
آخر مرتين، وآخرة مرتين، عن ابن الأعرابي، ولم يفسر آخر مرتين ولا آخرة
مرتين وقال ابن سيده: وعندي: أي المرة الثانية من المرتين. وشقه، أي الثوب،
أخرا، بضمتين، ومن أخر، أي من خلف، وقال امرؤ القيس يصف فرسا حجرا:
وعين لها حدرة بـدرة شقت مآقيهما من أخر. يعني أنها مفتوحة كأنها شقت من مؤخرها.
يقال: بعته سلعة بأخرة، بكسر الخاء، أي بنظرة ونسيئة، ولا يقال: بعته المتاع إخريا.
والمئخار، بالكسر: نخلة يبقى حملها إلى آخر الشتاء، وهو نص عبارة أبي حنيفة، وأنشد:
ترى الغضيض الموقر المئخارا من وقعه ينتشر انـتـشـارا. عبارة المحكم: إلى آخر الصرام، وأنشد البيت المذكور، والمصنف جمع بين القولين. وفي الأساس: نخلة مئخار، ضد مبكار وبكور، من نخل مآخير. وآخر، كآنك: د، بدهستان، بضم الدال المهملة والهاء، ويقال بفتح الدال وكسر الهاء، وهي مدينة مشهورة عند مازندران، منه أبو القاسم إسماعيل بن أحمد الآخرى الدهستاني شيخ حمزة بن يوسف السهمي، والعباس بن أحمد بن الفضل الزاهد، عن ابن أبي حاتم.
وفاته أبو الفضل محمد بن علي بن عبد الرحمن الآخري شيخ لابن السمعاني، وكان متكلما على أصول المعتزلة. وأبو عمرو ومحمد بن حارثة الآخرى، حدث عن أبي مسعود البجلي.
قولهم: لا أفعله أخرى الليالي، أو أخرى المنون، أي أبدا، أو آخر الدهر، وأنشد ابن بري لكعب بن مالك الأنصاري:
أنسيتم عهد النبـي إلـيكـم
ولقد ألظ وأكد
الأيمـانـا.
أن لا تزالوا ما تغرد طـائر
أخرى المنون مواليا إخوانا.
يقال: جاء في أخرى القوم، أي من كان في آخرهم. قال:
وما القـوم إلا خـمـسة أو ثـلاثة يخوتون أخرى القوم خوت الأجادل. الأجادل: الصقور، وخوتها: انقضاضها وأنشد غيره:
أنا الذي ولدت في أخرى الإبل. وقد جاء في أخرياتهم، أي في أواخرهم.
ومما يستدرك عليه: المؤخر من
أسماء الله تعالى. وهو الذي يؤخر الأشياء فيضعها في مواضعها، وهو ضد
المقدم. ومؤخر كل شيء، بالتشديد: خلاف مقدمه، يقال: ضرب مقدم رأسه ومؤخره.
ومن الكناية: أبعد الله الاخر، أي من غاب عنا، وهو بوزن الكبد، وهو شتم،
ولا تقوله للأنثى. وقال شمر في علة قصر قولهم: أبعد الله الأخر: إن أصله
الأخير، أي المؤخر المطروح، فأندروا الياء، وحكى بعضهم بالمد، وهو ابن سيده
في المحكم، والمعروف القصر، وعليه اقتصر ثعلب في الفصيح، وإياه تبع
الجوهري.
صفحة : 2451
قال ابن شميل: المؤخر: المطروح. وقال شمر: معنى المؤخر: الأبعد، قال: أراهم
أرادوا الأخير. وفي حديث ماعز: إن الأخر قد زنى. هو الأبعد المتأخر عن
الخير. ويقال: لا مرحبا بالأخر، أي بالأبعد، وفي شروح الفصيح: هي كلمة تقال
عند حكاية أحد المتلاعنين للآخر. وقال أبو جعفر اللبلي: والأخر، فيما يقال،
كناية عن الشيطان، وقيل كناية عن الأدنى والأرذل، عن التدمري وغيره، وفي
نوادر ثعلب: أبعد الله الأخر، أي الذي جاء بالكلام آخرا، وفي مشارق عياص:
قوله: الأخرزني، بقصر الهمزة وكسر الخاء هنا، كذا رويناه عن كافة شيوخنا،
وبعض المشايخ يمد الهمزة، وكذا روي عن الأصيلي في الموطأ، وهو خطأ، وكذلك
فتح الخاء هنا خطأ، ومعناه الأبعد، على الذم، وقيل: الأرذل، وفي بعض
التفاسير: الأخر هو اللئيم، وقيل: هو السائس الشقي.
وفي الحديث: المسالة أخر كسب المرء ، مقصور أيضا، أي أرذله وأدناه، ورواه الخطابي بالمد وحمله على ظاهره، أي إن السؤال آخر ما يكتسب به المرء عند العجز عن الكسب.
وفي الأساس: جاؤوا عن آخرهم، والنهار يحر عن آخر فآخر، أي ساعة فساعة، والناس يرذلون عن آخر فآخر. والمؤخرة، من مياه بني الأضبط، معدن ذهب، وجزع بيض.
والوخراء: من مياه بني نمير بأرض الماشية في غربي اليمامة. ولقيته أخريا، بالضم منسوبا، أي بآخرة، لغة في: إخريا، بالكسر.
أ د ر.
الآدر، كآدم، والمأدور: من ينفتق صفاقه فيقع قصبه في صفنه، ولا ينفتق إلا
من جانبه الأيسر، أو الآدر والمأدور: من يصيبه فتق في إحدى خصييه، ولا
يقال: امرأة أدراء، إما لأنه لم يسمع، وإما أن يكون لاختلاف الخلقة. وقد
أدر، كفرح، يأدر أدرا، فهو آدر، والاسم الأدرة، بالضم ويحرك، وهذه عن
الصغاني. وقال الليث: الأدرة والأدر مصدران، والأدرة اسم تلك المنتفخة،
والآدر نعت. وفي الحديث: أن رجلا أتاه وبه أدرة فقال: ائت بعس، فحسا منه،
ثم مجه فيه، وقال: انتضح به، فذهبت عنه الأدرة. ورجل آدر: بين الأدرة.
وفي المصباح: الأدرة كغرفة: انتفاخ الخصية. وقال الشهاب في أثناء سورة الأحزاب، الأدرة، بالضم: مرض تنتفخ منه الخصيتان ويكبران جدا، لانطباق مادة أو ريح فيهما.
وخصية أدراء: عظيمة بلا فتق. يقال: قوم مآدير، أي أدر، بضم فسكون، نقله الصغاني.
وقيل: الأدرة، محركة: الخصية وقد تقدم، وهي التي يسميها الناس القيلة، ومنه الحديث: إن بني إسرائيل كانوا يقولون إن موسى آدر، من أجل أنه كان لا يغتسل إلا وحده ، وفيه نزل قوله تعالى: لا تكونوا كالذين آذوا موسى . الآية.
أ ذ ر.
آذار، بالمد: اسم الشهر السادس من الشهور الرومية وهي اثنا عشر شهرا وهي:
آب، وأيلول وتشرين الأول وتشرين الثاني، وكانون الأول، وكانون الثاني،
وشباط، وآذار، ونيسان، وأيار، وحزيران، وتموز.
أ ر ر.
الأر: السوق والطرد نقله الصغاني. والجماع، وفي خطبة علي، كرم الله وجهه،
يفضى كإفضاء الديكة ويؤر بملاقحه . وأر فلان، إذا شفتن، ومنه قوله: ومن
الناس إلا آثر ومئير .
قال أبو منصور: معنى شفتن: ناكح وجامع، وجعل أر وآر بمعنى واحد وعن أبي عبيد: أررت المرأة أؤرها أرا، إذا نكحتها. الأر: رمي السلح. وهو أيضا سقوطه نفسه.
الأر: إيقاد النار، قال يزيد بن الطثرية يصف البرق:
كأن حيرية غيري مـلاحـية
باتت تؤر به من تحته القصبا.
صفحة : 2452
وحكاها آخرون: تؤري بالياء من التأرية. الأر: غصن من شوك أو قتاد يضرب به
الأرض حتى تلين أطرافه، ثم تبله وتذر عليه ملحا وتدخله في رحم الناقة إذا
مارنت فلم تلقح، كالإرار، بالكسر، وقد أرها أرا إذا فعل بها ما ذكر. وقال
الليث: الإرار شبه ظؤرة يؤر بها الراعي رحم الناقة إذا مارنت، وممارنتها أن
يضربها الفحل فلا تلقح، قال: وتفسير قوله: ويؤر بها الراعي هو أن يدخل يده
في رحمها، أو يقطع ما هنالك ويعالجه.
والإرة، بالكسر: النار وقد أرها، إذا أوقدها. والأرير كأمير: حكاية صوت الماجن عند القمار والغلبة، وقد أر يأر أريرا، أو هو مطلق الصوت. وأرأر، بسكون الراء فيهما: من دعاء الغنم.
وعن أبي زيد: ائتر الرجل ائترارا، إذا استعجل. قال أبو منصور: لا أدري هو بالزاي أم بالراء. والمئر، كمجن: الرجل الكثير الجماع. قالت بنت الحمارس أو الأغلب:
بلت به عـلابـطـا مـئرا ضخم الكراديس وأي زبرا. قال أبو عبيد: رجل مئر، أي كثير النكاح، مأخوذ من الأير. قال الأزهري: أقرأنيه الإيادي عن شمر لأبي عبيد، قال: وهو عندي تصحيف، والصواب ميأر بوزن ميعر، فيكون حينئذ مفعلا من آرها يئيرها أيرا، وإن جعلته من الأر قلت: رجل مئر.
ومما يستدرك عليه: اليؤرور: الجلواز، وهو من الأر بمعنى النكاح، عند أبي علي، وقد ذكره المصنف في أثر. وأر الرجل نفسه، إذا استطلق حتى يموت. وأرار، ككتان: ناحية من حلب.
وإرار، ككتاب: واد.
أ ز ر.
الأزر، بفتح فسكون: الإحاطة عن، ابن الأعرابي. الأزر: القوة والشدة. قيل:
الأزر: الضعف، ضد، الأزر: التقوية، عن الفراء، وقرأ ابن عامر: فأزره
فاستغلظ على فعله، وقرأ سائر القراء: فآزره. وقد آزره: أعانه وأسعده.
الأزر: الظهر قال البعيث:
شددت له أزري بمـرة حـازم على موقع من أمره ما يعاجله. قال ابن الأعرابي، في قوله تعالى: اشدد به أزري : من جعل الأزر بمعنى القوة قال: اشدد به قوتي، ومن جعله الظهر قال: شد به ظهري، ومن جعله الضعف قال: شد به ضعفي وقو به ضعفي.
الأزر بالضم: معقد الإزار من الحقوين. الإزر بالكسر: الأصل، عن ابن الأعرابي. الإزرة، بهاء: هيئة الائتزار، مثل الجلسة والركبة، يقال: إنه لحسن الإزرة، ولكل قوم إزرة يأتزرونها، وائتزر فلان إزرة حسنة، ومنه الحديث: إزرة المؤمن إلى نصف الساق، ولا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين وفي حديث عثمان رضي الله عنه: هكذا كان إزرة صاحبنا وقال ابن مقبل:
مثل السنان نكيرا عند خلـتـه لكل إزرة هذا الدهر ذا إزر. والإزار، بالكسر، معروف، وهو الملحفة، وفسره بعض أهل الغريب بما يستر أسفل البدن، والرداء: ما يستر به أعلاه، وكلاهما غير مخيط، وقيل: الإزار: ما تحت العاتق في وسطه الأسفل، والرداء: ما على العاتق والظهر وقيل الإزار ما يستر أسفل البدن ولا يكون مخيطا، والكل صحيح، قاله شيخنا. يذكر ويؤنث عن اللحياني، قال أبو ذؤيب:
تبرأ من دم القـتـيل وبـزه
وقد علقت دم القتيل إزارها.
صفحة : 2453
أي دم القتيل في ثوبها، كالمئزر، والمئزرة، الأخيرة عن اللحياني، وفي حديث
الاعتكاف: كان إذا دخل العشر الأواخر أيقظ أهله وشد المئزر كنى بشده عن
اعتزال النساء، وقيل: أراد تشميره للعبادة، يقال: شددت لهذا الأمر مئزري،
أي تشمرت له، والإزر والإزارة بكسرهما، كما قالوا: وساد ووسادة، قال
الأعشى:
كتمايل الـنـشـوان ير فل في البقيرة والإزاره. وقد ائتزر به وتأزر به: لبسه، ولا تقل اتزر بالمئزر، بإدغام الهمزة في التاء، ومنهم من جوزه وجعله مثل اتمنته، والأصل ائتمنته، في الحديث: كان يباشر بعض نسائه وهي مؤتزرة في حالة الحيض، أي مشدودة الإزار، قال ابن الأثير: وقد جاء في بعض الأحاديث، أي الروايات، كما هو نص النهاية: وهي متزرة، ولعله من تحريف الرواة قال شيخنا: وهو رجاء باطل، بل هو وارد في الرواية الصحيحة، صححها الكرماني وغيره من شراح البخاري، وأثبته الصاغاني في مجمع البحرين في الجمع بين أحاديث الصحيحين.
قلت: والذي في النهاية أنه خطأ، لأن الهمزة لا تدغم في التاء. وقال المطرزي: إنها لغة عامية، نعم ذكر الصغاني في التكملة: ويجوز أن تقول اتزر بالمئزر أيضا فيمن يدغم الهمزة في التاء، كما يقال: اتمنته والأصل ائتمنته. وقد تقدم في أخذ هذا البحث، فراجعه.
ج آزرة مثل حمار وأحمرة، أزر مثل حمار وحمر، حجازية، وهما جمعان للقلة والكثرة، وأزر، بضم فسكون، تميمية، على ما يقارب الاطراد في هذا النحو. قال شيخنا: هو تخفيف من أزر، بضمتين. قيل: الإزار: كل ما واراك وسترك، عن ثعلب، وحكى عن ابن الأعرابي: رأيت السروي يمشي في داره عريانا فقلت له: عريانا? فقال: داري إزاري. من المجاز: الإزار: العفاف، قال عدي بن زيد:
أجل أن الله قد فضـلـكـم فوق من أحكأ صلبا بإزار. قال أبو عبيد: فلان عفيف المئزر وعفيف الإزار، إذا وصف بالعفة عما يحرم عليه من النساء. ومن سجعات الأساس: هو عفيف الإزار خفيف الأوزار.
ويكنى بالإزار عن النفس والمرأة، ومنه قول أبي المنهال نفيلة الأكبر الأشجعي، كتب إلى سيدنا عمر رضي الله عنه:
ألا أبلغ أبا حـفـص رسـولا فدى لك من أخي ثقة إزاري. في الصحاح: قال أبو عمرو الجرمي: يريد بالإزار ها هنا المرأة، وقيل: المراد به أهلي ونفسي، وقال أبو علي الفارسي: إنه كناية عن الأهل، في موضع نصب على الإغراء، أي احفظ إزاري، وجعله ابن قتيبة كناية عن النفس، أي فدى لك نفسي، وصوبه السهيلي في الروض. في حديث بيعة العقبة: لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا ، أي نساءنا وأهلنا، كنى عنهن بالأزر، وقيل: أراد أنفسنا، وفي المحكم: والإزار: المرأة، على التشبيه، أنشد الفارسي:
كان منها بحيث تعكى الإزار. من المجاز: الإزار: النعجة، وتدعى للحلب فيقال: إزار إزار، مبنيا على السكون، والذي في الأساس: وشاة مؤزرة، كأنما أزرت بسواد، ويقال لها: إزار. المؤازرة، بالهمز: المساواة، وفي بعض النسخ: المواساة، والأول الصحيح، ويشهد للثاني حديث أبي بكر يوم السقيفة للأنصار: لقد نصرتم وآزرتم وآسيتم ، والمحاذاة، وقد آزر الشيء الشيء: ساواه وحاذاه، قال امرؤ القيس:
بمحنية قد آزر الضال نبتهـا مجر جيوش غانمين وخيب.
صفحة : 2454
أي ساوى نبتها الضال وهو السدر البري، لأن الناس هابوه فلم يرعوه،
المؤازرة، بالهمز أيضا: المعاونة على الأمر، تقول: أردت كذا فآزرني عليه
فلان: أي ظاهر وعاون، يقال: آزره ووازره، بالواو على البدل من الهمز هو
شاذ، والأول أفصح، وقال الفراء: أزرت فلانا أزرا: قويته، وآزرته: عاونته،
والعامة تقول: وازرته. وقال الزجاج: آزرت الرجل على فلان، إذا أعنته عليه
وقويته. المؤازرة أن يقوي الزرع بعضه بعضا فيلتف ويتلاصق، وهو مجاز، كما في
الأساس. وقال الزجاج في قوله تعالى: فآزره فاستغلظ: أي فآزر الصغار الكبار
حتى استوى بعضه مع بعض. والتأزير: التغطية، وقد أزر النبت الأرض: غطاها،
قال الأعشى:
يضاحك الشمس منها كوكب شرق مؤزر بعميم النبت مكـتـهـل. من المجاز: التأزير، التقوية، وقد أزر الحائط، إذا قواه بتحويط يلزق به.
من المجاز: نصر مؤزر، أي بالغ شديد، وفي حديث المبعث، قال له ورقة: إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، أي بالغا شديدا. وآزر، كهاجر: ناحية بين سوق الأهواز ورامهرمز، ذكره البكري وغيره. آزر: صنم كان تارح أبو إبراهيم عليه السلام سادنا له، كذا قاله بعض المفسرين. وروي عن مجاهد في قوله تعالى: آزر أتتخذ أصناما قال: لم يكن بأبيه، ولكن آزر اسم صنم فموضعه نصب على إضمار الفعل في التلاوة، كأنه قال: وإذ قال إبراهيم لأبيه أتتخذ آزر إلها، أي أتتخذ أصناما آلهة. وقال الصاغاني: التقدير: أتتخذ آزر إلها، ولم ينتصب بأتتخذ الذي بعده، لأن الاستفهام لا يعمل فيما قبله، ولأنه قد استوفى مفعوليه.