الباب العاشر: باب الراء - الفصل الرابع: فصل الثاء المثلثة مع الراء

فصل الثاء المثلثة مع الراء

ث أ ر.
الثأر، بالهمز وتبدل همزته ألفا: الدم نفسه، وقيل: هو الطلب به، كذا في المحكم.

قيل: الثأر: قاتل حميمك، ومنه قولهم: فلان ثأري، أي الذي عنده ذحلى، وهو قاتل حميمه. كذا في الأساس. وقال ابن السكيت: وثأرك: الذي أصاب حميمك، وقال الشاعر:

قتلت به ثأري وأدركت ثؤرتي. ويقال: هو ثأره، أي قاتل حميمه، وقال جرير يهجو الفرزدق:

وامدح سراة بني فقيم إنهم    قتلوا أباك وثأره لم يقتل. وانظر هنا كلام ابن بري. قال ابن سيده ج آثار بفتح فسكون ممدودا، وآثار على القلب، حكاه يعقوب.

والاسم: الثؤرة، بالضم، والثؤورة بالمد، وهذه عن اللحياني. قال الأصمعي: أدرك فلان ثؤرته، إذا أدرك من يطلب ثأره. وثأر به، كمنع: طلب دمه، كثأره،وقال الشاعر:

حلفت فلم تأثم يميني لأثـأرن   عديا ونعمان بن قيل وأيهما. قال ابن سيده: هؤلاء قوم من بني يربوع قتلهم بنو شيبان يوم مليحة، فحلف أن يطلب بثأرهم.

ثأر القتيل وبالقتيل ثأرا وثؤورة، فهو ثائر، أي قتل قاتله، قاله ابن السكيت، قال الشاعر:

شفيت به نفسي وأدركت ثـؤرتـي      بني مالك هل كنت في ثؤرتي نكسا. وفي الأساس: وسأرت حميمي وبحميمي: قتلت قاتله، فعدوك مثؤور وحميمك مثؤور ومثؤور به. وأثأر الرجل: أدرك ثأره، كاثأره من باب الافتعال، كما سيأتي في كلام المصنف.

قال أبو زيد: استثأر فلان، فهو مستثئر. وفي الأساس: استثأر ولي القتيل، إذا استغاث ليثأر بمقتوله، وأنشد:

إذا جاءهم مستثئر كان نصـره    دعاء ألا طيروا بكل وأي نهد. قال أبو منصور: كأنه يستغيث بمن ينجده على ثأره. والثؤرور: الجلواز، وقد تقدم في حرف التاء أنه التؤرور. بالتاء، عن الفارسي.

صفحة : 2563

قولهم: يا ثارات زيد: ، أي يا قتلته، كذا في الصحاح. وفي الأساس: وقولهم: يا لثارات الحسين:، أريد تعالين يا ذحوله، فهذا أوان طلبتك. وفي النهاية: وفي الحديث: يا ثارات عثمان: ، أي يا أهل ثاراته، ويا أيها الطالبون بدمه، فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه، وقال حسان:

لتسمعن وشيكا في ديارهم     الله أكبر يا ثارات عثمانا. وقد روي أيضا بمثناه فوقية، كما تقدمت الإشارة إليه، فهو يروى بالمادتين، واقتصر صاحب النهاية على ذكره هنا، ولكنه جمع بين كلام الجوهري وبين كلام أهل الغريب، فقال: فعلى الأول أي على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه يكون قد نادى طالبي الثأر، ليعينوه على استيفائه وأخذه، وعلى الثاني أي تفسير الجوهري يكون قد نادى القتلة، تعريفا لهم، وتقريعا، وتفظيعا للأمر عليهم، حتى يجمع لهم عند أخذ الثأر بين القتل وبين تعريف الجرم، وتسميته وقرع أسماعهم به، ليصدع قلوبهم، فيكون أنكأ فيهم، وأشفى للنفس. والثائر: من لا يبقي على شيء حتى يدرك ثأره.

من المجاز: لا ثأرت فلانا، وفي الأساس: على فلان، يداه أي لا نفعتاه، مستعار من ثأرت حميمي: قتلت به.

يقال: اثأرت من فلان، وأصله اثتأرت، بتقديم المثلثة على الفوقية، افتعلت من ثأر، أدغمت في الثاء وشددت، أي أدركت منه ثأري، وكذلك إذا قتل قاتل وليه، وقال لبيد:

والنيب إن تعر مني رمة خلقا     بعد الممات فإني كنت أثئر. أي كنت أنحرها للضيفان، فقد أدركت منها ثأري في حياتي، مجازاة، لتقضمها عظامي النخرة بعد مماتي، وذلك أن الإبل إذا لم تجد حمضا ارتمت عظام الموتى، وعظام الإبل، تحمض بها.

والثأر المنيم: الذي إذا أصابه الطالب رضي به، فنام بعده. كذا في الصحاح، وقال غيره: هو الذي يكون كفؤا لدم وليك ويقال: أدرك فلان ثأرا منيما، إذا قتل نبيلا فيه، وفاء لطلبته، وكذلك أصاب الثأر المنيم، وقال أبو جندب الهذلي:

دعوا مولى نفاثة ثم قالوا:      لعلك لست بالثأر المنيم. قال السكري: أي لست بالذي ينيم صاحبه، أي إن قتلتك لم أنم حتى أقتل غيرك، أي لست بالكفؤ فأنام بعد قتلك. وقال الباهلي المنيم: الذي إذا أدركه الرجل شفاه، وأقنعه فنام.
يقال: ثأرتك بكذا، أي أدركت به ثأري منك.

ومما يستدرك عليه: الثائر: الطالب. والثائر: المطلوب. ويجمع الأثآر، وقال الشاعر:

طعنت ابن عبد القيس طعنة ثائر     لها نفذ لولا الشعاع أضاءهـا. وعبارة الأساس: ويقال للثائر أيضا: الثأر،وكل واحد من طالب ومطلوب ثأر صاحبه. والمثؤور به: المقتول. والثأر أيضا: العدو، وبه فسر حديث عبد الرحمن يوم الشورى: لا تغمدو سيوفكم عن أعدائكم، فتوتروا ثأركم ، أراد أنكم تمكنون عدوكم من أخذ وتره عندكم. يقال: وترته، إذا أصبته بوتر، وأوترته، إذا أوجدته وتره ومكنته منه.

والموتور الثائر: طالب الثأر، وهو طالب الدم، وقد جاء في حديث محمد بن سلمة يوم خبير. وفي الأمثال للميداني: لا ينام من ثأر كذا . وفي كامل المبرد: لا ينام من أثأر .

ث ب ج ر.
اثبجر الرجل: ارتدع من فزع، أو عند الفزع. اثبجر: تحير في أمره. اثبجر: نفر وجفل، قال العجاج يصف الحمار والأتان:

إذا اثبجرا من سواد حدجا.

صفحة : 2564

أي نفرا وجفلا، وهو الاثبجار. عن أبي زيد: اثبجر فلان، إذا ضعف عن الأمر، ولم يصرمه.

اثبجر: رجع على ظهره. اثبجر القوم في مسير: ترادوا وتراجعوا. اثبجر الماء: سال وانصب، قال العجاج:

من مرجحن لجب إذا اثبجر. يعنشي الجيش، شبهه بالسيل إذا اندفع وانبعث، لقوته.

من ذلك: الثبجارة، بالكسر، وهي حفرة يحفرها ماء الميزاب، عن ابن الأعرابي. وسيأتي في الثنجارة.

ث ب ر.
الثبر: الحبس، كالتثبير ثبره يثبره ثبرا، وثبره كلاهما حبسه، قال:

بنعمان لم يخلق ضعيفا مثبرا. الثبر: المنع والصرف عن الأمر. وفي حديث أبي موسى: أتدري ما ثبر الناس? أي ما الذي صدهم ومنعهم من طاعة الله? وقيل: ما بطؤ بهم عنها?. وقال أبو زيد: ثبرت فلانا عن الشيء أثبره: رددته عنه. وقوله تعالى: وإني لأظنك يا فرعون مثبورا قال الفراء: أي مغلوبا ممنوعا عن الخير. وعن ابن الأعرابي: والعرب تقول: ما ثبرك عن هذا? أي ما منعك منه? ما صرفك عنه? الثبر: التخييب واللعن والطرد.

وقال ابن الأعرابي: المثبور: الملعون المطرود المعذب، وقال الكميت:

ورأت قضاعة في الأيا     من رأى مثبور وثابر. أي مخسور وخاسر، يعني في انتسابها إلى اليمن. الثبر: جزر البحر، عن الصغاني.

الثبور: بالضم: الهلاك والخسران. قال مجاهد: مبثورا، أي هالكا. وفي حديث الدعاء: أعوذ بك من دعوة الثبور هو الهلاك. وقال الزجاج في قوله تعالى: دعوا هنالك ثبورا بمعنى: هلاكا، ونصبه على المصدر، كأنهم قالوا: ثبرنا ثبورا، ثم قال لهم لا تدعوا اليوم ثبورا ، مصدر، فهو للقليل والكثير على لفظ واحد. الثبور: الويل والإهلاك، وبه فسر قتادة الآية، وقال: ومثل للعرب إلى أمه يأوي من ثبر، أي من أهلك. وقد ثبر يثبر ثبورا، وثبره الله: أهلكه إهلاكا لا ينتعش بعده، فمن هنالك يدعو أهل النار: واثبوراه. وثابر على الأمر: واظب وداوم، وهو مثابر على التعلم. وفي الحديث: من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة قال ابن الأثير: المثابرة: الحرص على القول والفعل، وملازمتها. وتثابرا في الحرب: تواثبا. والثبرة بفتح فسكون: الأرض السهلة، وقيل: أرض ذات حجارة بيض. وقال أبو حنيفة: هي حجارة بيض تقوم ويبنى بها، ولم يقل: إنها أرض ذات حجارة.

الثبرة: تراب شبية بالنورة يكون بين ظهري الأرض، فإذا بلغ عرق النخلة إليه وقف. يقال: لقيت عروق النخلة ثبرة فردتها. الثبرة: الحفرة: في الأرض يجتمع فيها الماء.

وثبرة: واد بديار ضبة، وقيل: في أرض بني تميم، قريب من طويلع، لبني مناف بن دارم، أو لبني مالك بن حنظلة، على طريق الحاج، إذا أخذوا على المنكدر.

الثبرة بالضم: الصبرة، لثغة.

صفحة : 2565

تقول: لا أفعل ورب الأثبرة الغبر، وهو جمع ثبير، وثبير الأثبرة قيل: هو أعظمها، وثبير الخضراء، وثبير النصع بالكسر، كأنه لبياض فيه، وهو جبل المزدلفة، وثبير الزنج قيل: سمي به، لأن الزنج كانوا يجتمهون عنده للهوهم ولعبهم، وثبير الأعرج، هكذا في النسخ، وفي بعض الأصول: الأعوج، وثبير الأحدب، قيل: هو المراد في الأحاديث، المختلف فيه: هل هو عن يمين الخارج إلى عرفة في أثناء منى أو عن يساره? وفيه ورد: أشرق ثبير كيما نغير ، وثبير غيناء بالغين المعجمة، وهي قلة على رأسه: جبال بظاهر مكة، شرفها الله تعالى، أي خارجا عنها. وقول ابن الأثير وغيره: بمكة، إنما هو تجوز، أي بقربها.

قال شيخنا: ذكروا أن ثبيرا كان رجلا من هذيل، مات في ذلك الجبل، فعرف به، قيل: كان فيه سوق من أسواق الجاهلية كعكاظ، وهو على يمين الذاهب إلى عرفة، في قول النووي، وهو الذي جزم به عياض في المشارق، وتبعه تلميذه ابن قرقول في المطالع، وغيرهما، أو على يساره كما ذهب إليه المحب الطبري ومن وافقه، وانتقدوه، وصوبوا الأول، حتى ادعى أقوام أنهما ثبيران: أحدهما عن اليمين، والآخر عن اليسار، واستبعدوه. وفي المراصد والأساس: الأثبرة: أربعة. قلت: وقد عدهم صاحب اللسان هكذا: ثبير غيناء، وثبير الأعرج، وثبير الأحدب وثبير حراء وقال أبو عبيد البكري: وإذا ثني ثبير أريد بهما ثبير وحراء. وقال أبو سعيد السكري في شرح ديوان هذيل في تفسير قول أبي جندب:

لقد علمت هذيل أن جاري    لدى أطراف غينا من ثبير. قال: غينا: غيضة كثيرة الشجر. وثبير: ماءة بديار مزينة، أقطعها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم شريس بن ضمرة المزني، حين وفد عليه، وسأله ذلك وسماه شريحا، وهو أول من قدم بصدقات مزينة. والمثبر، كمنزل: المجلس، وهو مستعار من مثبر الناقة.

المثبر: المقطع والمفصل. المثبر: الموضع الذي تلد فيه المرأة، وفي حديث حكيم بن حزام: أن أمه ولدته في الكعبة، وأنه حمل في نطع، وأخذ ما تحت مثبرها، فغسل عند حوض زمزم. المثبر: مسقط الولد، أو تضع الناقة من الأرض، وليس له فعل. قال ابن سيده: أري إنما هو من باب المخدع. وفي الحديث: أنهم وجدوا الناقة المنتجة تفحص في مثبرها .

المثبر أيضا: مجزر الجزور وفي بعض النسخ: ويجزر فيه الجزور. قال نصير: مثبر الناقة أيضا حيث تنحر. قال أبو منصور: وهذا صحيح، ومن العرب مسموع، وربما قيل لمجلس الرجل: مثبر. وقال ابن الأثير: وأكثر ما يقال في الإبل. وثبرت القرحة، كفرح: انفتحت ونفجت، وسالت مدتها. وفي حديث معاوية: أن أبا بردة قال: دخلت عليه حين أصابته قرحة، فقال: هلم يا ابن أخي فانظر، قال: فنظرت فإذا هي قد ثبرت، فقلت: ليس عليك بأس يا أمير المؤمنين. واثباررت عنه: تثاقلت، وكذا ابجاررت، وقد تقدم، كذا في نوادر الأعراب.

يقال: هو على صير أمر، وثبار أمر، ككتاب، أي على إشراف من قضائه.

ومما يستدرك عليه: الثبرة: النقرة تكون في الجبل تمسك الماء، يصفو فيها كالصهريج، إذا دخلها الماء خرج فيها عن غثائه وصفا، قال أبو ذؤيب:

فثج بها ثبـرات الـرصـا    ف حتى تفرق رنق المدر.

صفحة : 2566

وفي التهذيب: والثبرة: النقرة في الشيء، والهزمة، ومنه قيل للنقرة في الجبل يكون فيها الماء: ثبرة. وفي معجم أبي عبيد: ثبر بالضم أبارق: من بلاد نمير. والثابرية، ويقال: التابرية. بالفوقية في قول أبي ذؤيب:

فأعشيته من بعد ما راث عشيه    بسهم كسير الثابرية لهـوق. لم أجده في ديوانه. قيل: هو منسوب إلى أرض أو حي. وثبررة، فيما أنشده ابن دريد:

أي فتى غادرتم بثبرره. قيل إنما أراد: بثبرة، فزاد راء ثانية للوزن. ويثبرة: اسم أرض، قال الراعي:

أو رعلة من قطا فيحان حلأهاعن ماء يثبرة الشباك والرصد. هكذا في اللسان. والذي في معجم ياقوت: يثربة، وأنشد قول الراعي، فلينظر. وثبار، ككتاب: موضع على ستة أميال من خيبر، هنالك قتل عبد الله بن أنيس أسير بن رازم اليهودي، وذكره الواقدي بطوله، وقيل بفتح الثاء، وليس بشيء. والمثبر، كمعظم: المحدود، والمحروم. وامرأة ثبرى، كسكرى، أي غيرى. وثبر، كفرح: هلك، لغة في تبر بالتاء، نقله الصغاني.

ث ج ر.
الثجرة، بالضم: الوهدة المنخفضة من الأرض. قاله ابن الأعرابي. وقيل: الثجرة: معظم الوادي ومتسعه، وقيل: وسطه. وعن الأصمعي: الثجر: الأوساط، واحدته ثجرة، وقيل: ثجرة الوادي: أول ما تنفرج عنه المضايق قبل أن ينبسط في السعة وهو مجاز، يشبه ذلك الموضع من الإنسان بثجرة النحر. الثجرة: مجتمع أعلى الحشا، ونص عبارة الليث: ثجرة الحشا: مجتمع أعلى السحر بقصب الرئة أو ثجرة النحر: وسطه، وهو ما حول الثغرة، وهي الوهدة في اللبة من أدنى الحلق، وبه فسر الحديث: أنه أخذ بثجرة صبي به جنون، وقال: اخرج، أنا محمد . الثجرة من البعير: السبلة، وهي ثغرة نحره. الثجرة: القطعة المتفرقة من النبات وغيره. وعن أبي عمرو: ثجرة من نجم، أي قطعة. وثجر التمر: خلطه بثجير البسر، أي ثفله.

قال الليث: الثجير: ما عصر من العنب، فجرت سلافته، وبقيت عصارته.

ويقال: هو ثفل البسر يخلط بالتمر فينتبذ. وفي حديث الأشج: لا ثثجروا ولا تبسروا ، أي لا تخلطوا ثجير التمر مع غيره في النبيذ، فنهاهم عن انتباذه. والثجير: ثفل كل شيء يعصر، والعامة تقوله بالتاء. والأثجر: الغليظ العريض، كالثجر بفتح فسكون، والثجر ككتف، يقال: ورق ثجر بالفتح، أي عريض، وقال تميم بن مقبل:

والعير ينفخث في المكنان قد كتنت    منه جحافله والعضرس الثجـر. الأثجر: السهم الغليظ الأصل القصير، العريض، واسع الجرح، حكاه أبو حنيفة. والتثجير التوسيع والتعريض. وقد ثجره فهو مثجر وثجر، بفتح فسكون: ماء قرب نجران لبلحارث بن كعب، من تذكرة أبي علي، وأنشد:

هيهات حتى غدوا من ثجر منهلهمحسي بنجران صاح الديك فاحتملوا. جعله اسما للبقعة فترك صرفه، أو بين وادي القرى والشام من مياه بلقين بجوشن، ثم بإقبال العلم بين جمل وأعفر.

عن الأصمعي: الثجر، كصرد: جماعات متفرقة، جمع ثجرة. الثجر أيضا: سهام غلاظ الأصول عراض.

صفحة : 2567

عن ابن الأعرابي: انثجر الجرح وانفجر، إذا سال بما فيه. وفي الصحاح: انثجر الدم لغة في انفجر، ومنه انثجر الماء: فاض كثيرا. وخيزران مثجر، كمعظم: ذو أنابيب. وقال أبو زبيد يصف أسدا:

كأن اهتزام الرعد خالط جوفه     إذا حن فيه الخيزران المثجر. وقيل: أي المعرض. ومثجور بن غيلان الضبي مهجو جرير بن عطية الخطفي، وهو من أشراف أهل البصرة، روى عن عبد الله بن الصامت. يقال: في لحمه تثجير، أي رخاوة.

ومما يستدرك عليه: الثجر، ككتف: المجتمع. وثجار، ككتاب وغراب: ماء لبلقين. وبراق ثجر: قرب وادي القرى، ذكره ياقوت. والثجر، بالتحريك: العرض، يقال: ثجر بالكسر إذا عرض، قال ابن مقبل:

والعير ينفخ في المكنان قد كتنت    منه جحافله والعضرس الثجر. والمثجرة والمثجر بفتحهما من الوادي: ثجرته، قال حصين بن بكير الربعي:

ركبت من قصد الطريق مثجره. هكذا قاله الصاغاني وصححه ورواه الأزهري بالنون والحاء المهملة، وسيأتي في موضعه.

ث ر ر.
الثرة من العيون: الغزيرة الماء، كالثرارة والثرثارة والثرثورة، بالضم في الأخير. وقد ثرت تثر ثرارة، وكذلك السحاب. وفي الصحاح: عين ثرة، قال: وهي سحابة تأتي من قبل قبلة أهل العراق، قال عنترة:

جادت عليها كل عين ثـرة     فتركن كل قرارة كالدرهم. من المجاز: الثرة: الناقة، أو الشاة، الواسعة الإحليل، والغزيرة منهما، كالثرور كصبور. وفي حديث خزيمة: وذكر السنة: غاضت لها الدرة، ونقضت لها الثرة. قال ابن الأثير: الثرة، بالفتح: كثرة اللبن، يقال: ناقة ثرة: واسعة الإحليل، وهو مخرج اللبن من الضرع، قال: وقد تكسر الثاء. وشاة ثرة وثرور: واسعة الإحليل، غزيرة اللبن إذا حلبت. ج ثرور وثرار، بالضم والكسر، هكذا في النسخ. والذي في الأصول المعتمدة: ثرر وثرار، وإحليل ثر: واسع.

من المجاز: الثرة: الطعنة الكثيرة الدم، وقيل: الواسعة وفي بعض النسخ هنا زيادة كالثارة. الأساس: كالثرور، على التشبيه بالعين. وثر يثر، مثلث الآتي، أي المضارع ثرا بالفتح وثرورة بالضم، وثرارة بالفتح وثرورا بالضم، في الكل، أي مما ذكر من المعاني السابقة. قال شيخنا: الضم والكسر لغتان واردتان، الأولى شاذة، الثانية على القياس، وقد عده ابن مالك وغيره مما جاء فيه الوجهان، وذكرهما الجوهري وأرباب الأفعال والتصريف، وأما الفتح فلا وجه لذكره لا سماعا ولا قياسا، لأن الفتح إنما يكون في الماضي المفتوح الحلقي العين أو اللام، وذلك هنا منتف كما لا يخفى. قلت: وما أنكره شيخنا فقد ذكره صاحب اللسان عن بعض العرب، والمصنف من عادته أنه لم يزل يتتبع النوادر والغرائب، لأنه البحر المحيط الجامع للعجائب.

الثرة أيضا: المرأة الكثيرة الكلام، كالثارة والثرثارة، يقال: رجل ثرثار، إذا كان متشدقا كثير الكلام. والثر: التفريق والتبديد، يقال: ثر الشيء من يده يثره ثرا: بدده، كالثرثرة، حكاه ابن دريد ولم يخص اليد، ونص ابن دريد: ثررت الشيء أثره ثرا، إذا بددته. قال الصغاني: وأحج به أن يكون تصحيف نديته، وأما ثرثرته بددته فصحيح.

صفحة : 2568

الثر: الواسع. يقال: عين ثرة، أي واسعة وكذلك إحليل ثر. الثر: المكثار المتشدق، يقال: رجل ثر، أي كثير الكلام. الثر: من السحاب: الكثير الماء، يقال: سحاب ثر. وثرت السحابة ماءها تثره ثرا.

من المجاز: الثرثار بالفتح: المهذار المتشدق. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أبغضكم إلي الثرثارون المتفيهقون وهم الذين يكثرون الكلام تكلفا خروجا عن الحق.

الثرثار أيضا: الصياح، عن اللحياني. الثرثار: نهر بعينه، وقال المبرد في أول الكامل: سمي به لكثرة مائه، قال الأخطل من قصيدة أولها:

لعمري لقد لاقت سليم وعـامـر    على جانب الثرثار راغية البكر. الثرثار: واد كبير بالجزيرة يمد إذا كثرت الأمطار، وأما في الصيف فليس فيه إلا مناقع، ومياه جامدة، وعيون قليلة ملحة، وهو في البرية ينحدر بين سنجار وتكريت، وكانت عليه قرى كثيرة عامرة قد خربت الآن، وإياه عنى الأخطل في قوله وقد جمعه:

وأحمى علينا ابنا زمـيع وهـيثـم      مشاش المراض اعتادها من ثراثر. وفي أنساب البلاذري: الثرثار: نهر ينزع من هرماس نصيبين، ويفرغ في دجلة بين الكحيل ورأس الإيل، وله يوم معروف، قال الأخطل:

لعمري لقد لاقت سليم وعامـر     إلى جانب الثرثار راغية البكر. والإثرارة، بالكسر: الأنبرباريس، ويسمى بالفارسية الزريك، عن أبي حنيفة، نقلا عن بعض الأعراب. والثرثور الكبير والصغير: نهران بإرمينية، نقله الصغاني. وثرر بالمكان تثريرا: نداه. والذي في الأصول المعتمدة: ثررت المكان مثل ثريته، أي نديته. والثرثرة: كثرة الكلام وترديده في تخليط، وقد ثرثر الرجل، فهو ثرثار، مهذار.

الثرثرة: الإكثار من الأكل وتخليطه. رجل ثرثار، وامرأة ثرثارة، وقوم ثرثارون، وقد تقدم ذكر الحديث الذي وردت فيه هذه اللفظة. من المجاز: فرس ثر ومنثر، أي سريع الركض، تشبيها بالعين الثرة، كما في الأساس.

ومما يستدرك عليه: عين ثرة: كثيرة الدموع. قال ابن سيده: ولم يسمع فيها ثرثارة، وأنشد ابن دريد:

يا من لعين ثرة المـدامـع     يحفشها الوجد بدمع هامع. ومطر ثر: واسع القطر متداركه، بين الثرارة. وبول ثر: غزير. وثر يثر، إذا اتسع وثر يثر، إذا بل سويقا أو غيره. وثرير، كزبير: موضع عند أنصاب الحرم بمكة، مما يلي المستوفزة، وقيل: صقع من أصقاع الحجاز، كان به مال لابن الزبير، له ذكر في الحديث، وهو أنه كان يقول: لن تأكلوا ثمر ثرير باطلا.

ث ع ج ر.
ثعجره، أي الشيء والدم وغيره: صبه، فاثعنجر: انصب. والمثعنجرة من الجفان: المستلئة ثريدا، والتي يفيض ودكها، قال امرؤ القيس حين أدركه الموت:

رب جفنة مثعنجره.
وطعنة مسحنفـره.
تبقى غدا بأنقـره.

والمثعنجر: السائل من ماء أو دمع، وقد اثعنجر دمعه. واثعنجرت العين دما. والمثعنجر والمسحنفر: السيل الكثير. واثعنجرت السحابة بقطرها، واثعنجر المطر نفسه يثعنجر اثعنجارا.

صفحة : 2569

عن ابن الأعرابي: المثعنجر بفتح الجيم والعرانية: وسط البحر. قال الليث: وليس في البحر ما يشبهه كثرة، ويوجد في النسخ هنا ماء يشبهه، والصواب ما ذكرنا، وهو وارد في حديث علي رضي الله عنه: يحملها الأخضر المثعنجر . قال ابن الأثير: هو أكثر موضع في البحر ماء، والميم والنون زائدتان. وقول الجوهري، وتبعه الصغاني في العباب: إن تصغيره، أي المثعنجر، مثيعج ومثيعيج، قال ابن بري: هذا غلط والصواب ثعيجر وثعيجير، كما تقول في محرنجم: حريجم. تسقط الميم والنون لأنهما زائدتان، والتصغير والتكسير والجمع يرد الأشياء إلى أصولها. وقول ابن عباس، وقد ذكر أمير المؤمنين عليا رضي الله تعالى عنهما وعمن أحبهما وأثنى عليه، فقال: علمي إلى علمه كالقرارة في المثعنجر، أي مقيسا إلى علمه كالقرارة، أو موضوعا في جنب علمه، وموضوعة في جنب المثعنجر، والجار والمجرور في محل الحال. والقرارة: الغدير الصغير. والرواية التي ذكرها أئمة الغريب: فإذا علمي بالقرآن في علم علي كالقرارة في المثعنجر. وهكذا نقله صاحب اللسان.

ث ع ر.
الثعر، بفتح فسكون، ويضم، ويحرك، واقتصر الليث على الأوليين: لثى يخرج من أصول السمر، وعند الليث: من غصن شجرته، يقال إنه سم قاتل إذا قطر في العين منه شيء مات الإنسان وجعا. الثعر، بالتحريك: كثرة الثآليل، كذا في النسخ، ونص ابن الأعرابي: بثرة الثآليل. والثعرور، بالضم: الرجل الغليظ القصير. الثعرور: الطرثوث، أو طرفه، وهو نبت يؤكل، وقيل: رأسه كأنه كمرة ذكر الرجل في أعلاه. الثعرور: الثؤلول، مستعار.

الثعرور: أصل العنصل الأبيض. الثعرور: القثاء الصغير، وهي الثعارير، وبه فسر ابن الأثير حديث جابر مرفوعا: إذا ميز أهل الجنة من النار أخرجوا قد امتحشوا فيلقون في نهر الحياة، فيخرجون بيضا مثل الثعارير . قال: شبهوا به لأنه ينمى سريعا. وقيل: الثعارير في هذا الحديث رؤوس الطراثيث، تراها إذا خرجت من الأرض بيضا، شبهوا في البياض بها. وفي رواية أخرى: يخرج قوم من النار فينبتون كما تنبت الثعارير .

الثعرور: ثمر الذونون، وهي شجرة مرة، عن ابن الأعرابي. والثعران والثعوران، بالضم فيهما: كالحلمتين يكتنفان القنب من خارج، كذا الصحاح، والأولى في التكملة. وقال غيره: يكتنفان غرمول الفرس، عن يمين وشمال. وهما أيضا الزائدان على ضرع الشاة.

والثعارير: نبات كالهليون، يخرج أبيض، ومنهم من فسر الحديث به. الثعارير: تشقق يبدو في الأنف. ومنه قولهم: قد ثعرر الأنف، إذا بدا فيه التشقق، أو شيء أبيض مثل القطرة من اللبن، أو شيء مثل الحب. وأثعر الرجل: تجسس الأخبار بالكذب، نقله الصغاني.

ث غ ر.
الثغر: من خيار العشب، قال الازهري: رأيته بالبادية. وقد يحرك. مقتضاه أن الفتح هو الأصل والتحريك لغة فيه، وليس كذلك، بل التحريك أصل وربما خفف، ومنه قول أبي وجزة:

أفانيا ثعدا وثغرا ناعما.

صفحة : 2570

هذا هو الظاهر من سياق الأزهري والصغاني. واحده بهاء. قال أبو حنيفة: وهي خضراء، وقيل: غبراء تضخم حتى تصير كأنها زنبيل مكفأ، مما يركبها من الورق والغصنة. وورقها على طول الأظافير وعرضها، وفيها ملحة قليلة مع خضرتها، وزهرتها بيضاء تنبت لها غصنة في أصل واحد، وهي تنبت في جلد الأرض ولا تنبت في الرمل. قال أبو نصر: له شوك ليس بالقوي، والإبل تأكلها أكلا شديدا، قال كثير:

وفاضت دموع العين حتى كأنمـا    براد القذى من يابس الثغر يكحل. وأنشد في التهذيب:

وكحل بها من يابس الثغر مولع    وما ذاك إلا أن نآها خليلهـا. قال: ولها زغب خشن، وكذلك الخمخم، ويوضعان في العين.

الثغر: كل جوبة أو عورة منفتحة. وعبارة المحكم: الثغر: كل جوبة منفتحة أو عورة. وقال غيره: الثغرة: كل فرجة في جبل، أو بطن واد، أو طريق مسلوك. وكل فرجة ثغرة، وهو مجاز. الثغر: الفم، أو هو اسم الأسنان كلها، كن في منابتها أو لم تكن، أو مقدمها، قال الشاعر:

لها ثنايا أربضع حسان    وأربع فثغرها ثمان. جعل الثغر ثمانيا: أربعا في أعلى الفم، وأربعا في أسفله، أو هو الأسنان كلها ما دامت في منابتها قبل أن تسقط، والجمع من ذلك كله ثغور. الثغر: ما يلي دار الحرب. والثغر: موضع المخافة من فروج البلدان، ويقال: هذه المدينة فيها ثغر وثلم. وفي الحديث: فلما مر الأجل قفل أهل ذلك الثغر . قال ابن الأثير: وهو الموضع الذي يكون حدا فاصلا بين بلاد المسلمين والكفار. وقال الأزهري: أصل الثغر الكسر والهدم، وثغرت الجدار: هدمته، ومنه قيل للموضع الذي تخاف أن يأتيك العدو منه، في جبل أو حصن: ثغر، لانثلامه وإمكان دخول العدو منه، كالثغرور بالضم، وهذه عن الصغاني. الثغر: د، قرب كرمان بساحل بحر الهند. قال الصغاني: وهو معرب تيز، ممالا. وثغر، كمنع: ثلم. والثغرة: الثلمة. يقال: ثغر الثلمة، إذا سدها. وثغرهم: سد عليهم ثلم الجبل، قال ابن مقبل:

وهم ثغروا أقرانـهـم بـمـضـرس     وعضب وحازوا القوم حتى تزحزحوا. وفي حديث فتح قيسارية: وقد ثغروا منها ثغرة واحدة . ضد، قال شيخنا: قد يقال لا ضدية بين عام وخاص، فتأمل. ثغر فلانا: كسر ثغره، عن ابن الأعرابي، فهو مثغور، وأنشد لجرير:

متى ألق مثغورا على سوء ثغرهأضع فوق ما أبقى الرياحي مبردا. والثغرة، بالضم: نقرة النحر، وفي المحكم: والثغرة من النحر الهزمة التي بين الترقوتين، وقيل: التي في المنحر، وقيل: هي من البعير: هزمة ينحر منها، وهي من الفرس: فوق الجؤجؤ، والجؤجؤ مانتأ من نحره بين أعالي الفهدتين.

الثغر: الناصية من الأرض كالثغرة يقال ما بتلك الثغرة مثله الطريق السهلة. قال الأزهري: وكل طريق يلتحبه الناس بسهولة فهي ثغرة، وذلك أن سالكيه يثغرون وجهه، ويجدون فيه شركا محفورة. وأثغر الغلام: ألقى ثغره.

أثغر أيضا: نبت ثغره، ضد، كاثغر وادغر، على البدل. والأصل في اتغر اثتغر، قلبت الثاء تاء، ثم أدغمت، وإن شئت قلت: اثغر، بجعل الحرف الأصلي هو الظاهر.

صفحة : 2571

قال أبو زيد: إذا سقطت رواضع الصبي قيل: ثغر فهو مثغور، فإذا نبتت أسنانه بعد السقوط قيل: اثغر، بتشديد الثاء، واتغر، بتشديد التاء، تقديره اثتغر، وهو افتعل من الثغر، ومنهم من يقلب تاء الافتعال ثاء، ويدغم فيها الثاء الأصلية ومنهم من يقلب الثاء الأصلية تاء، ويدغمها في تاء الافتعال. وخص بعضهم بالاثغار والاتغار البهيمة، أنشد ثعلب في صفة فرس:

قارح قد فر عنه جانب    ورباع جانب لم يتغر. قلت: البيت للمرار العدوي. وقال شمر: الاثغار يكون في النبات والسقوط، ومن النبات حديث الضحاك: أنه ولد وهو مثغر، ومن السقوط حديث إبراهيم: كانوا يحبون أن يعلموا الصبي الصلاة إذا اثغر ، أي سقطت أسنانه. قال شمر: هو عندي في الحديث بمعنى السقوط، يدل على ذلك ما رواه ابن المبارك بإسناده عن إبراهيم: إذا ثغر، وثغر لا يكون إلا بمعنى السقوط. وروي جابر: ليس في سن الصبي شيء إذا لم يثغر ، ومعناه عند النبات بعد السقوط. وحكي عن الأصمعي أنه قال: إذا وقع مقدم الفم من الصبي قيل: اتغر، بالتاء. وقال شمر: الاتغار: سقوط الأسنان، قال: ومن الناس من لا يتغر، منهم: عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس، دخل قبره بأسنان الصبا، وما نغض له سن قط حتى فارق الدنيا، مع ما بلغ من العمر.

وثغر، كعني: دق فمه، كأثغر، فهو مثغور ومثغر. ثغر الغلام ثغرا، إذا سقطت أسنانه أو رواضعه. وحكي عن الأصمعي: فإذا قلع من الرجل بعد ما يسن قيل: قد ثغر، بالثاء، فهو مثغور، وسبق إنشاد قول جرير.

من المجاز: أمسوا ثغورا، أي متفرقين، ضيعا نقله الصغاني: الواحد ثغر، بفتح فسكون.

ثغور كصبور: حصن باليمن لحمير، نقله الصغاني.

ثغرة، كصبرة: ناحية من أعراض المدينة المشرفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، عن الصغاني.

ومما يستدرك عليه: عن الهجيمي: ثغرت سنه: نزعتها. والمثغر: المنفذ، قال أبو زبيد يصف أنياب الأسد:

سبالا وأشباه الزجاج مغاولامطلن ولم يلقين في الرأس مثغرا. قال: مثغرا: منفذا، أي فأقمن مكانهن من فمه، يقول: إنه لم يتغر فيخلف سنا بعد سن كسائر الحيوان. وثغر المجد: طرقه، واحدتها ثغرة. وفي الأساس: ومن المجاز: هو يخترق ثغرض المجد: طرقه ومسالكه. انتهى.

ومنه الحديث: بادروا ثغر المسجد أي طرائقه. وقيل: ثغرة المسجد: أعلاه. وفي حديث أبي بكر والنسابة: أمكنت من سواء الثغرة ، أي وسطها.

ث ف ر.
الثفر، بفتح فسكون ويضم، للسباع و لذوات المخالب، كالحياء للناقة، وفي المحكم: للشاة أو هو مسلك القضيب منها. وفي بعض الأصول المعتمدة: فيها بدل منها، واستعاره الأخطل فجعله للبقرة، فقال:

جزى الله فيها الأعورين ملامة وفروة ثفر الثورة المتضاجم. فروة: اسم رجل، ونصب الثفر على البدل منه، وهو لقبه، كقولهم: عبد الله قفة، وإنما خفض المتضاجم وهو المائل، وهو من صفة الثفر على الجوار، كقولك: جحر ضب خرب.

واستعاره الجعدي أيضا للبرذونة، فقال:

بريذينة بل البـراذين ثـفـرهـا    وقد شربت من آخر الصيف إيلا. واستعاره آخر فجعله للنعجة، فقال:

وما عمرو إلا نعجة ساجـسـية    تخزل تحت الكبش والثفر وارد.

صفحة : 2572

ساجسية: غنم منسوبة، وهي غنم شامية حمر صغار الرؤوس. واستعاره آخر للمرأة فقال:

نحن بنو عمرة في انتساب.
بنت سويد أكرم الضباب.
جاءت بنا من ثفرها المنجاب.

وقيل: الثفر والثفر للبقرة أصل لا مستعار. الثفر، بالتحريك: ثفر الدابة. قال ابن سيده: هو السير الذي في مؤخر السرج. وثفر البعير والحمار والدابة مثقل، قال امرؤ القيس:

لا حميري وفى ولا عـدس     ولا است عير يحكها ثفره. وقد يسكن للتخفيف. وأثفره، أي البعير أو الحمار: عمل له ثفرا، أو شده به. وعلى الأخير اقتصر في الأساس. والمثفار، كمحراب، من الدواب: التي ترمي بسرجها إلى مؤخرها.

من المجاز: المثفار: الرجل المأبون، كالمثفر، وهو ثناء قبيح ونعت سوء. وفي المحكم: وهو الذي يؤتى. وفي الأساس: قيل: أبو جهل كان مثفارا، وكذب قائله. قال شيخنا: كأنه لشدة الأبنة به وميله إلى الفعل به صار كمن يطلب ما يرمى في مؤخره، فهو مأخوذ من الثفر بمعنى المثفار، بصيغة المبالغة، لكثرة شبقه، وهذا الداء والعياذ بالله، من أعظم الأدواء، وكثيرا ما يكون للأكابر والأعيان وأهل الرفاهية، لميلهم إلى ما يلين تحتهم، ولذلك يسمى داء الأكابر. وروى أبو عمر الزاهد في أماليه، عن السياري، عن أبي خزيمة الكاتب، قال: ما فتشنا أحدا فيه هذا الداء إلا وجدناه ناصبا. وروى بسنده: أن جعفرا الصادق رضي الله عنه سئل عن هذا الصنف من الناس، فقال: رحم منكوسة يؤتى ولا يأتي. وما كانت هذه الخصلة في ولي لله قط، وإنما تكون في الكفار والفساق، والناصب للطاهرين. والاستثفار: أن يدخل الإنسان إزاره بين فخذيه ملويا ثم يخرجه. والرجل يستثفر بإزاره عند الصراع، إذا هو لواه على فخذيه، فشد طرفيه في حجزته، وزاد ابن ظفر في شرح المقامات: حتى يكون كالتبان. وقد تقدم أن التبان هو السراويل الصغير، لا ساقين له. وفي الأساس: ومن المجاز: استثفر المصارع: رد طرف ثوبه إلى خلفه، فغرزه في حجزته. ومثله كلام الجوهري وابن فارس.

الاستثفار: إدخال الكلب ذنبه بين فخذيه حتى يلزقه ببطنه، قال النابغة:

تعدو الذئاب على من لا كلاب له     وتتقي مربض المستثفر الحامي. وهو مجاز، ونسبه الجوهري إلى الزبرقان بن بدر، وصوبوه. وفي الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة أن تستثفر وتلجم ، إذا غلبها سيلان الدم، وهو أن تشد فرجها بخرقة عريضة، أو قطنة تحتشى بها، وتوثق طرفيها في شيء تشده على وسطها، فتمنع سيلان الدم، وهو مأخوذ من ثفر الدابة، ويحتمل أن يكون مأخوذا من الثفر، أريد به فرجها وإن كان أصله للسباع. وأنشد ابن الأعرابي:

زنجية كأنها نعـامـه     مثفرة بريشتي حمامه. أي كأن أسكتيها قد أثفرتا بريشتي حمامة. وفي حديث ابن الزبير في صفة الجن: فإذا نحن برجال طوال كأنهم الرماح مستثفرين ثيابهم . قال: هو أن يدخل الرجل ثوبه بين رجليه، كما يفعل الكلب بذنبه. من المجاز: ثفره تثفيرا، وفي بعض النسخ: وثفره يثفره: ساقه من خلفه، كأثفره. واقتصر على الأخير في الأساس والتكملة.

من المجاز: أثفرته بيعة سوء، أي ألزقتها باسته. أثفرت العنز: بنيت الولادة.

ث ق ر.

صفحة : 2573

التثقر، بالقاف بعد المثلثة، أهمله الجوهري. وقال الليث: هو التردد والجزع، وأنشد:

إذا بليت بـقـرن     فاصبر ولا تتثقر. كذا في التكملة.

ث م ر.
الثمر، محركة: حمل الشجر. وفي الحديث: لا قطع في ثمر ولا كثر . قال ابن الأثير: الثمر: هو الرطب في رأس النخلة، فإذا كنز فهو التمر، والكثر: الجمار، ويقع الثمر على كل الثمار، ويغلب على ثمر النخل. قال شيخنا: وأخذه ملا علي في ناموسه بتصرف يسير، وقد انتقدوه في قوله: ويغلب على ثمر النخل، فإنه لا قائل بهذه الغلبة، بل عرف اللغة أن ثمر النخل إنما يقال بالفوقية عند التجريد كما يقال: العنب مثلا، والرذمان، ونحو ذلك، وإنما يطلق على النخل مضافا، كثمر النخل مثلا. والله أعلم.

من المجاز: الثمر: أنواع المال المثمر المستفاد، عن ابن عباس، كذا في البصائر، ويخفف ويثقل. وقرأ أبو عمرو: وكان له ثمر وفسره بأنواع المال، كذا في الصحاح.

وفي التهذيب: قال مجاهد في قوله تعالى: وكان له ثمر قال: ما كان في القرآن من ثمر فهو المال، وما كان من ثمر فهو الثمار. وروى الأزهري بسنده، قال: قال سلام أبو المنذر القارئ في قوله تعالى: وكان له ثمر: ، مفتوح، جمع ثمرة، ومن قرأ ثمر قال: من كل المال، قال: فأخبرت بذلك يونس فلم يقبله، كأنهما كانا عنده سواء. كالثمار، كسحاب، هكذا في سائر النسخ. قال شيخنا: أنكره جماعة، وقال قوم: هو إشباع وقع في بعض أشعارهم، فلا يثبت.

قلت: ما ذكره شيخنا من إنكار الجماعة له ففي محله، وما ذكره من وقوعه في بعض أشعارهم، فقد وجدته في شعر الطرماح، ولكنه قال: الثيمار، بالثاء المفتوحة وسكون التحتية:

حتى تركت جنابهم ذا بهجة     ورد الثرى متلمع الثيمار. الواحدة ثمرة وثمرة، كسمرة، الأخير ذكره ابن سيده، فقال: وحكى سيبويه في الثمر: ثمرة وجمعها ثمر كسمرة وسمر، قال: ولا يكسر لقلة فعلة في كلامهم، ولم يحك الثمرة أحد غيره. وقال شيخنا: لما تعدد الوحد خالف الاصطلاح، وهو قوله: وهي بهاء. ج ثمار مثل جبل وجبال، وجج، أي جمع الجمع، ثمر مثل كتاب وكتب، عن الفراء وججج أي جمع جمع الجمع أثمار. وقال ابن سيده: وقد يجوز أن يكون الثمر جمع ثمرة، كخشبة وخشب، وأن يكون جمع ثمار، لأن باب خشبة وخشب أكثر من باب رهان ورهن، قال: أعني أن الجمع قليل في كلامهم. وقال الأزهري: سمعت أبا الهيثم يقول: ثمرة، ثم ثمر، ثم ثمر جمع الجمع، وجمع الثمر أثمار، مثل عنق وأعناق. وأما الثمرة فجمعه ثمرات، مثل قصبة وقصبات، كذا في الصحاح والمصباح. وقال شيخنا: هذا اللفظ في مراتب جمعه من غرائب الأشباه والنظائر. قال ابن هشام في شرح الكعبية: ولا نظير لهذا اللفظ في هذا الترتيب في الجموع غير الأكم، فإنه مثله، لأن المفرد أكمة محركة وجمعه أكم، محركة وجمع الأكم إكام، كثمرة وثمر وثمار، وجمع الإكام، بالكسر أكم، بضمتين كما قيل ثمار وثمر، ككتاب وكتب، وجمع الأكم بضمتين آكام، كثمر وأثمار، ونظيره عنق وأعناق، وجمع الأثمار والآكام أثامير وأكاميم، فهي ست مراتب لا توجد في غير هذين اللفظين، والله أعلم.

صفحة : 2574

الثمر: الذهب والفضة، حكاه الفارسي، يرفعه إلى مجاهد في قوله عز وجل: وكان له ثمر ، فيمن قرأ به، قال: وليس ذلك بمعروف في اللغة، وهو مجاز. والثمرة: الشجرة، عن ثعلب. الثمرة: جلدة الرأس، عن ابن شميل. من المجاز: الثمرة من اللسان: طرفه وعذبته، تقول: ضربني فلان بثمرة لسانه. وفي حديث ابن عباس: أنه أخذ بثمرة لسانه، وقال: قل خيرا تغنم، أو أمسك عن سوء تسلم . قال شمر: يريد: أخذ بطرف لسانه. وقال ابن الأثير: أي طرفه الذي يكون في أسفله. من المجاز: الثمرة من السوط: عقدة أطرافه، تشبيها بالثمر في الهيئة والتدلي عنه، كتدلي الثمر عن الشجرة، كذا في البصائر للمصنف. وفي الحديث: أمر عمر الجلاد أن يدق ثمرة سوطه أي لتلين، تخفيفا على الذي يضرب. من المجاز: قطعت ثمرة فلان، أي ظهره، ويعني به النسل. وفي حديث عمرو بن سعيد: قال لمعاوية: ما تسأل عمن ذبلت بشرته وقطعت ثمرته ، يعني نسله وقيل: انقطاع شهوته للجماع.

من المجاز: الولد ثمرة القلب. وفي الحديث: إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ثمرة فؤاده? فيقولون: نعم قيل للولد: ثمرة لأن الثمرة ما ينتجثه الشجر، والولد ينتجه الأب. وقال بعض المفسرين في قوله تعالى: ونقص من الأموال والأنفس والثمرات أي: الأولاد والأحفاد، كذا في البصائر.

في المحكم: ثمر الشجر وأثمر: صار فيه الثمر. أو الثامر: ما خرج ثمره. وعبارة المحكم: الذي بلغ أوان أن يثمر. والمثمر ما بلغ أن يجنى. هذه عن أبي حنيفة، وأنشد:

تجتني ثـامـر جـداده    من فرادى برم أو تؤام. وقيل: ثمر مثمر: لم ينضج، وثامر: قد نضج. وقال ابن الأعرابي: أثمر الشجر، إذا طلع ثمره قبل أن ينضج، فهو مثمر، وقد ثمر الثمر يثمر، فهو ثامر. وشجر ثامر، إذا أدرك ثمره، وفي حديث علي: ذاكيا نبتها، ثامرا فرعها . والثمراء جمع الثمرة، مثل الشجراء جمع الشجرة، قال أبو ذؤيب الهذلي في صفة نحل:

تظل على الثمراء منـهـا جـوارس     مراضيع صهب الريش زغب رقابها. الجوارس: النحل التي تجرس ورق الشجر، أي تأكله، والمراضيع هنا: الصغار من النحل، وصهب الريش: يريد أجنحتها. قيل: الثمراء في بيت أبي ذؤيب شجرة بعينها، وقيل: اسم جبل، وهو هضبة بشق الطائف مما يلي السراة، نقله الصغاني.

الثمراء من الشجر: ما خرج ثمرها، وشجرة ثمراء: ذات ثمر. الثمراء: الأرض الكثيرة الثمر. وقال أبو حنيفة: إذا كثر حمل الشجرة، أو ثمر الأرض، فهي ثمراء، كالثمرة، أي كفرحة،هكذا في سائر النسخ، والذي في نص قول أبي حنيفة: أرض ثميرة: كثيرة الثمر، وشجرة ثميرة ونخلة ثميرة: مثمرة، وقيل: هما الكثيرا الثمر، والجمع ثمر، فلينظر.

من المجاز: ثمر الرجل، كنصر، ثمورا: تمول، أي كثر ماله، كأثمر، كذا في الأساس.

ثمر للغنم ثمورا: جمع لها الثمر، أي الشجر. من المجاز: مال ثمر ككتف ومثمور: كثير مبارك فيه. وقد ثمر ماله يثمر: كثر. وقوم مثمورون: كثيرو المال. وفلان محدود: ما يثمر له مال. والثميرة: ما يظهر من الزبد قبل أن يجتمع، ويبلغ إناه من الصلوح.

صفحة : 2575

قيل: الثميرة: اللبن الذي ظهر زبده، أو هو الذي لم يخرج زبده، كالثمير، فيهما، وفي حديث معاوية: قال لجارية هل عندك قرى? قالت: نعم، خبز خمير، ولبن ثمير، وحيس جمير قال ابن الأثير: الثمير: الذي قد تحبب زبده، وظهرت ثميرته، أي زبده، والجمير: المجتمع.

من المجاز: ثمر السقاء تثميرا، إذا ظهر عليه تحبب الزبد، كأثمر، فهو مثمر، وذلك عند الرؤوب. وأثمر الزبد: اجتمع. وقال الأصمعي: إذا أدرك ليمخض فظهر عليه تحبب وزبد فهو المثمر. وقال ابن شميل: هو الثمير، وكان إذا مخض فرئي عليه أمثال الحصف في الجلد، ثم يجتمع فيصير زبدا، ومادامت صغارا فهو ثمير. ويقال: إن لبنك لحسن الثمر. وقد أثمر مخاضك. قال أبو منصور: وهي ثميرة اللبن أيضا. ومن سجعات الأساس: أكفانا الله مضيره، وأسقانا ثميره. ثمر النبات تثميرا: نفض نوره، وعقد ثمره، رواه ابن سيده عن أبي حنيفة.

من المجاز: ثمر الرجل ماله تثميرا: نماه وكثره، ويقال: ثمر الله مالك. وأثمر الرجل: كثر ماله كثمر. قال الشهاب في شفاء الغليل: أثمر يكون لازما، وهو المشهور الوارد في الكتاب العزيز، ولم يتعرض أكثر أهل اللغة لغيره، وورد متعديا كما في قول الأزهري في تهذيبه: يثمر ثمرا فيه حموضة وهكذا استعمله كثير من الفصحاء، كقول ابن المعتز:

وغرس من الأحباب غيبت في الثرى     فأسقته أجفاني بسـيح وقـاطـر.
فأثمـر هـمـا لا يبـيد وحـسـرة     لقلبي يجنيها بأيدي الـخـواطـر.

وقال ابن نباتة السعدي:

وتثمر حاجة الآمال نجحا إذا ما كان فيها ذا احتيال. وقال محمد بن أشرف، وهو من أئمة اللغة:

كأنما الأغصان لمـا عـلا        فروعها قطر الندى نثـرا.
ولاحت الشمس عليها ضحى    زبرجد قد أثمـر الـدرا.

وقال ابن الرومي:

سيثمر لي ما أثمر الطلع حائط. إلى غير ذلك مما لا يحصى. قال شيخنا: وهكذا استعمله الشيخ عبد القاهر في دلائل الإعجاز، والسكاكي في المفتاح، ولما لم يره كذلك شراحه، قال الشارح: استعمل الإثمار متعديا بنفسه في مواضع من هذا الكتاب، فلعله ضمنه معنى الإفادة. والثامر: اللوبياء عن أبي حنيفة، وكلاهما اسم. والثامر: نور الحماض، وهو أحمر، قال:

من علق كثامر الحماض. ويقال هو اسم لثمره، وحمله. قال أبو منصور: أراد به حمرة ثمره عند إيناعه، كما قال:

كأنما علق بـالأسـدان     يانع حماض وأرجوان. من المجاز: ابن ثمير: الليل المقمر، لتمام القمر فيه، قال:

وإني لمن عبس وإن قال قـائل    على زعمهم ما أثمر ابن ثمير. أراد: وإني لمن عبس ما أثمر.

وثمر بفتح فسكون: واد، نقله الصغاني. ثمر بالتحريك: ة باليمن من قرى ذمار.


ثمير كزبير: جد محمد بن عبد الرحيم بن ثمير المحدث الثميري المصري، عن الطبراني وغيره. قولهم: ما نفسي لك بثمرة كفرحة أي ما لك في نفسي حلاوة، نقله الصغاني عن الفراء، وهو مجاز، وقد ذكره الزمخشري في الأساس في تمر، بالمثناة، ومر للمصنف هناك أيضا، وفسره بطيبة.

ومما يستدرك عليه:

صفحة : 2576

في حديث المبايعة: فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه ، أي خالص عهده، وهو مجاز. وفي الأساس: وخصني بثمرة قلبه، أي بمودته. وثامر الحلم: تامه، كثامر الثمرة، وهو النضيج منه، وأنشد ابن الأعرابي:

والخمر ليست من أخيك ول     كن قد تغر بثامر الحلـم. وهو مجاز، ويروى: بآمن الحلم. والعقل المثمر: عقل المسلم، والعقل العقيم: عقل الكافر. وفي السماء ثمرة وثمر: لطخ من سحاب. ويقال لكل نفع يصدر عن شيء: ثمرته، كقولك: ثمرة العلم العمل الصالح، وثمرة العمل الصالح الجنة. وأثمر القوم: أطعمهم من الثمار. وفي كلامهم: من أطعم ولم يثمر، كان كمن صلى العشاء ولم يوتر، وفيه يقول الشاعر:

إذا الضيفان جاؤوا قم فـقـدم     إليهم مـا تـيسـر ثـم آثـر.
وإن أطعمت أقوامـا كـرامـا    فبعد الأكل أكرمهم وأثـمـر.
فمن لم يثمر الضيفان بـخـلا    كمن صلى العشاء وليس يوتر.

كما في البصائر للمصنف. وقال عمارة بن عقيل:

ما زال عصياننا للـه يرذلـنـا    حتى دفعنا إلى يحيى ودينار.
إلى عليجين لم تقطع ثمارهما       قد طالما سجدا للشمس والنار.

يريد لم يختنا.

ث ن ج ر.
الثنجارة، أهمله الجوهري، وقال أبو حنيفة: هي نقرة من الأرض يدوم نداها وتنبت، قال: وهي الثبجارة بالباء بدل النون إلا أنها تنبت العضرس. وقال ابن الأعرابي: الثنجارة والثبجارة: الحفرة التي يحفرها ماء المرازب، وفي بعض النسخ: الميزاب، وفي بعض الأصول الجيدة: المرزاب.

ث و ر.
الثور: الهيجان. ثار الشيء، هاج، ويقال للغضبان أهيج ما يكون: قد ثار ثائره وفار فائره، إذا هاج غضبه. الثور: الوثب، وقد ثار إليه، إذا وثب. وثار به الناس، أي وثبوا عليه.

الثور: السطوع. وثار الغبار: سطع وظهر، وكذا الدخان، وغيرهما، وهو مجاز.

الثور: نهوض القطا من مجائمه. ثار الجراد ثورا، وانثار: ظهر. الثور: ظهور الدم، يقال ثار به الدم ثورا، كالثؤور، بالضم، والثوران، محركة، والتثور، في الكل، قال أبو كبير الهذلي:

يأوي إلى عظم الغريف ونبله    كسوام دبر الخشرم المتثور. وأثاره هو، وأثره، على القلب، وهثره، على البدل، وثوره، واستثاره غيره، كما يستثار الأسد والصيد، أي هيجه. الثور: القطعة العظيمة من الأقط. ج أثوار وثورة، بكسر ففتح على القياس. وفي الحديث: توضؤوا مما غيرت النار ولو من ثور أقط . قال أبو منصور: وقد نسخ حكمه. وروي عن عمرو بن معدي كرب أنه قال :أتيت بني فلان فأتوني بثور وقوس وكعب، فالثور: القطعة العظيمة من الأقط، والقوس: البقية من التمر تبقى في أسفل الجلة، والكعب: الكتلة من السمن الجامس. والأقط هو لبن جامد مستحجر.

الثور: الذكر من البقر. قال الأعشى:

لكا لثور والجني يضرب ظهره     وما ذنبه أن عافت الماء مشربا. أراد بالجني اسم راع. والثور ذكر البقر يقدم للشرب، ليتبعه إناث البقر، قاله أبو منصور، وأنشد:

كما الثور يضربه الراعيان     وما ذنبه أن تعاف البقر. وأنشد لأنس بن مدرك الخثعمي:

إني وقتلي سليكا ثم أعـقـلـه      كالثور يضرب لما عافت البقر.

صفحة : 2577

قيل: عني الثور الذي هو ذكر البقر، لأن البقر يتبعه، فإذا عاف الماء عافته، فيضرب ليرد فترد معه. ج أثوار وثيار، بالكسر، وثيارة وثورة وثيرة، بالواو والياء، وبكسر ففتح فيهما، وثيرة، بكسر فسكون، وثيران، كجيرة وجيران، على أن أبا علي قال في ثيرة: إنه محذوف من ثيارة، فتركوا الإعلال في العين أمارة لما نووه من الألف، كما جعلوا تصحيح نحو اجتوروا واعتونوا دليلا على أنه في معنى ما لا بد من صحته، وهو تجاوروا وتعاونوا. وقال بعضهم: هو شاذ، وكأنهم فرقوا بالقلب بين جمع ثور من الحيوان، وبين جمع ثور من الأقط، لأنهم يقولون في ثور الأقط: ثورة فقط. والأنثى: ثورة، قال الأخطل:

وفروة ثفر الثورة المتضاجم. وأرض مثورة: كثيرته، أي الثور، عن ثعلب.

الثور: السيد، وبه كني عمرو بن معدي كرب: أبا ثور. وقول علي رضي الله عنه: إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض ، عني به عثمان رضي الله عنه، لأنه كان سيدا، وجعله أبيض، لأنه كان أشيب. الثور: ما علا الماء من الطحلب والعرمض والغلفق ونحوه. وقد ثار ثورا وثورانا، وثورته، وأثرته كذا في المحكم، وبه فسر قول أنس بن مدرك الخثعمي السابق، في قول، قال: لأن البقار إذا أورد القطعة من البقر، فعافت الماء، وصدها عنه الطحلب، ضربه ليفحص عن الماء فتشربه، ويقال للطحلب: ثور الماء، حكاه أبو زيد في كتاب المطر.

الثور: البياض الذي في أصل الظفر، ظفر الإنسان. الثور: كل ما علا الماء من القماس. ويقال: ثورت كدورة الماء فثار. الثور: المجنون، وفي بعض النسخ: الجنون، وهو الصواب كأنه لهيجانه.

من المجاز: الثور: حمرة الشفق النائرة فيه. وفي الحديث: صلاة العشاء الآخرة إذا سقط ثور الشفق . وهو انتشار الشفق، وثورانه: حمرته ومعظمه. ويقال: قد ثار يثور ثورا وثورانا، إذا انتشر في الأفق وارتفع، فإذا غاب حلت صلاة العشاء الآخرة. وقال في المغرب: ما لم يسقط ثور الشفق. الثور: الأحمق، يقال للرجل البليد الفهم: ما هو إلا ثور.

من المجاز: الثور: برج في السماء، من البروج الإثني عشر، على التشبيه.

من المجاز: الثور: فرس العاص بن سعيد القرشي، على التشبيه. وثور: أبو قبيلة من مضر، وهو ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر، منهم: الإمام المحدث الزاهد أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة بن أبي بن عبد الله بن منقذ بن نصر بن الحارث بن ثعلبة بن عامر بن ملكان بن ثور، روى عن عمرو بن مرة، وسلمة بن كهيل، وعنه ابن جريج، وشعبة، وحماد بن سلمة، وفضيل بن عياض. توفي سنة 161، وهو ابن أربع وستين سنة. ثور: واد ببلاد مزينة، نقله الصغاني.

صفحة : 2578

ثور: جبل بمكة، شرفها الله تعالى، وفيه الغار الذي بات فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر، وهو المذكور في التنزيل: ثاني اثنين إذ هما في الغار ، ويقال له: ثور أطحل، واسم الجبل أطحل، نزله ثور بن عبد مناة فنسب إليه، وقال جماعة: سمي أطحل لأن أطحل بن عبد مناة كان يسكنه: وثور أيضا: جبل صغير إلى الحمرة بتدوير، بالمدينة المشرفة، خلف أحد من جهة الشمال. قاله السيوطي في كتاب الحج من التوشيح، قال شيخنا: ومال إلى القول به، وترجيحه بأزيد من ذلك في حاشيته على الترمذي. ومنه الحديث الصحيح: المدينة حرم ما بين عير إلى ثور ، وهما جبلان. وأما قول أبي عبيد القاسم بن سلام، بالتخفيف وغيره من الأكابر الأعلام: إن هذا تصحيف، والصواب من عير إلى أحد، لأن ثورا إنما هو بمكة وقال ابن الأثير: أما عير فجبل معروف بالمدينة، وأما ثور فالمعروف أنه بمكة، وفيه الغار، وفي رواية قليلة: ما بين عير أحد، وأحد بالمدينة، قال: فيكون ثور غلطا من الراوي، وإن كان هو الأشهر في الرواية والأكثر. وقيل: إن عيرا جبل بمكة، ويكون المراد أنه حرم من المدينة قدر ما بين عير وثور من مكة، أو حرم المدينة تحريما مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة، على حذف المضاف، ووصف المصدر المحذوف فغير جيد، هو جواب وأما إلخ، ثم شرع المصنف في بيان علة رده، وكونه غير جيد، فقال: لما أخبرني الإمام المحدث الشجاع أبو حفص عمر البعلي الشيخ الزاهد، عن الإمام المحدث الحافظ أبي محمد عبد السلام بن محمد بن مزروع البصري الحنبلي، ما نصه: أن حذاء أحد جانحا إلى ورائه من جهة الشمال جبلا صغيرا مدورا إلى حمرة، يقال له: ثور، وقد تكرر سؤالي عنه طوائف مختلفة من العرب، العارفين بتلك الأرض المجاورين بالسكنى، فكل أخبرني أن اسمه ثور لا غير، ووجدت بخط بعض المحدثين، قال: وجدت بخط العلامة شمس الدين محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل بن بركات الحنبلي حاشية على كتاب معالم السنن للخطابي ما صورته: ثور جبل صغير خلف أحد، لكنه نسي فلم يعرفه إلا آحاد الأعراب، بدليل ما حدثني الشيخ الإمام العالم عفيف الدين عبد السلام بن محمد بن مزروع البصري، وكان مجاورا بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فوق الأربعين سنة، قال: كنت إذا ركبت مع العرب أسألهم عما أمر به من الأمكنة، فمررت راكبا مع قوم من بني هيثم فسألتهم عن جبل خلف أحد: ما يقال لهذا الجبل? فقالوا: يقال له: ثور، فقلت: من أين لكم هذا? فقالوا: من عهد آبائنا وأجدادنا، فنزلت وصليت عند ركعتين، شكرا لله تعالى. ثم ذكر العلة الثانية فقال: ولما كتب إلي الإمام المحدث الشيخ عفيف الدين أبو محمد عبد الله المطري المدني، نقلا عن والده الحافظ الثقة أبي عبد الله محمد المطري الخزرجي، قال: إن خلف أحد عن شماليه جبلا صغيرا مدورا إلى الحمرة، يسمى ثورا، يعرفه أهل المدينة، خلفا عن سلف، قال ملا علي في الناموس: لو صح نقل الخلف عن السلف لما وقع الخلف بين الخلف. قلت: والجواب عن هذا يعرف بأدنى تأمل في الكلام السابق. وثور الشباك، ككتاب: وبرقة الثور، بالضم: موضعان، قال أبو زياد: برقة الثور: جانب الصمان. وثورى، وقد يمد: نهر بدمشق في شمالي بردى، هو وباناس يفترقان من بردى، يمران بالبوادي، ثم بالغوطة، قال العماد الأصفهاني يذكر الأنهار من قصيدة:

يزيد اشتياقي وينمو كما     يزيد يزيد وثورى يثور.

صفحة : 2579

وأبو الثورين محمد بن عبد الرحمن الجمحي، وقيل: المكي التابعي، يروى عن ابن عمر، وعنه عمرو بن دينار ومن قال: عمرو بن دينار عن أبي السوار فقد وهم.

يقال: ثورة من كثروة من مال، وقال ابن مقبل:

وثورة من رجال لـو رأيتـهـم     لقلت إحدى حراج الجر من أقر. ويروى: وثروة، أي عدد كثير، وهي مرفوعة معطوفة على ما قبلها، وهو قوله: فينا خناذيذ، وليست الواو وارو رب، نبه عليه الصغاني. وفي التهذيب: ثورة من رجال، وثروة من مال، للكثير. ويقال: ثروة من رجال، ثروة من مال، بهذا المعنى. وقال ابن الاعرابي: ثورة من رجال، وثروة، يعني: عدد كثير، وثروة من مال لا غير.

والثوارة: الخوران، عن الصغاني. وفي الحديث: فرأيت الماء يثور من بين أصابعه أي ينبع بقوة وشدة. والثائر من المجاز: ثار ثائره وفار فائره، يقال ذلك إذا هاج الغضب. وثور الغضب: حدته. والثائر أيضا: الغضبان. والثير، بالكسر: غطاء العين، نقله الصغاني.

في الحديث: أنه كتب لأهل جرش بالحمى الذي حماه لهم للفرس، والراحلة، والمثيرة، وهو بالكسر، وأراد بالمثيرة: البقرة تثير الأرض. ويقال: هذه ثيرة مثيرة، أي تثير الأرض، وقال الله تعالى في صفة بقرة بني إسرائيل: تثير الأرض ولا تسقي الحرث . وأثار الأرض: قلبها على الحب بعد ما فتحت مرة، وحكي: أثورها، على التصحيخ، وقال الله عز وجل: وأثاروا الأرض أي حرثوها وزرعوها، واستخرجوا بركاتها، وأنزال زرعها. وثاوره مثاورة وثورا، بالكسر، عن اللحياني: واثبه وساوره. وثور الأمر تثويرا: بحثه. وثور القرآن: بحث عن معانيه وعن علمه. وفي حديث آخر: من أراد العلم فليثور القرآن ، قال شمر: تثوير القرآن: قراءته ومفاتشة العلماء به في تفسيره ومعانيه. وقيل: لينقر عنه ويفكر في معانيه وتفسيره، وقراءته. وثوير بن أبي فاختة سعيد بن علاقة أخو برد، وأبوهما مولى أم هانئ بنت أبي طالب، عداده في أهل الكوفة: تابعي. الصواب أنه من أتباع التابعين، لأنه يروي مع أخيه عن أبيهما عن علي بن أبي طالب، كذا في كتاب الثقات لابن حبان. والثوير: ماء بالجزيرة من منازل تغلب بن وائل، وله يوم معروف، قتل فيه المطرح وجماعة من النجدية، وفيه يقول حماد بن سلمة الشاعر:

إن تقتلونا بالقطيف فـإنـنـا     قتلناكم يوم الثوير وصحصحا. كذا في أنساب البلاذري.

الثوير: أبرق لجعفر بن كلاب، قرب سواج، من جبال ضرية.

ومما يستدرك عليه: يقال: انتظر حتى تسكن هذه الثورة، وهي الهيج. وقال الأصمعي: رأيت فلانا ثائر الرأس، إذا رأيته قد اشعان شعره، أي انتشر وتفرق. وفي الحديث: جاءه رجل من أهل نجد ثائر الرأس، يسأله عن الإيمان ، أي منتشر شعر الرأس قائمه، فحذف المضاف. وفي آخر: يقوم إلى أخيه ثائرا فريصته ، أي: منتفخ الفريصة قائمها غضبا، وهو مجاز وأراد بالفريصة هنا عصب الرقبة وعروقها، لأنها هي التي تثور عند الغضب.

ومن المجاز: ثارت نفسه: جشأت قال أبو منصور: جشأت، أي ارتفعت، وجاشت أي فارت.

ويقال: مررت بأرانب فأثرتها. ويقال: كيف الدبى? فيقال: ثائر وناقر، فالثائر ساعة ما يخرج من التراب، والناقر حين ينقر من الأرض، أي يثب. وثور البرك واستثارها، أي أزعجها وأنهضها. وفي الحديث: بل هي حمى تثور أو تفور .

والثور: ثوران الحصبة: وثارت الحصبة بفلان ثورا وثؤورا وثؤارا وثورانا: انتشرت.

صفحة : 2580

وحكى اللحياني: ثار الرجل ثورانا: ظهرت فيه الحصبة، وهو مجاز. ومنه أيضا: ثار بالمحموم الثور، وهو ما يخرج بفيه من البثر. ومن المجاز أيضا: ثور عليهم الشر، إذا هيجه وأظهره، وثارت بينهم فتنة وشر، وثار الدم في وجهه.

وفي حديث عبد الله: أثيروا القرآن فإنه فيه خبر الأولين والآخرين . وفي رواية: علم الأولين والآخرين . وقال أبو عدنان: قال محارب صاحب الخليل: لا تقطعنا فإنك إذا جئت أثرت العربية، وهو مجاز. وأثرت البعير أثيره إثارة، فثار يثور، وتثور تثورا، إذا كان باركا فبعثه فانبعث، وأثار التراب بقوائمه إثارة: بحثه، قال:

يثير ويذري تربها ويهـيلـه     إثارة نباث الهواجر مخمس. وثور: قبيلة من همدان، وهو ثور بن مالك بن معاوية بن دودان بن بكيل بن جشم. وأبو خالد ثور بن يزيد الكلاعي: من أتباع التابعين، قدم العراق، وكتب عنه الثوري. وأبو ثور صاحب الإمام الشافعي، والنسبة إليه الثوري، منهم: أبو القاسم الجنيد الزاهد الثوري، كان يفتى على مذهبه. وإلى مذهب سفيان الثوري أبو عبد الله الحسين بن محمد الدينوري الثوري. والحافظ أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الدوني الثوري، راوي النسائي عن الكسار.

وثويرة، مصغرا: جد الحجاج بن علاط السلمي، وهو والد نصر بن الحجاج. وفلان في ثوار شر، كغراب، وهو الكثير. والثائر: لقب جماعة من العلويين.