الباب العاشر: باب الراء - الفصل الثاني عشر: فصل السين المهملة مع الراء: الجزء الأول

فصل السين المهملة مع الراء

الجزء الأول

س أ ر
السؤر، بالضم: البقية من كل شيء، والفضلة. ومنه: سؤر الفأرة، وغيرها، والجمع أسآر. وأنشد يعقوب في المقلوب:

إنا لنضرب جعفرا بسيوفـنـا     ضرب الغريبة تركب الآسارا أراد الأسآر فقلب، ونظيره الآبار والآرام، في جمع بئر ورئم. وفي حديث الفضل بن عباس لا أوثر بسؤرك أحدا ، أي لا أتركه لأحد غيري. وأسأر منه شيئا: أبقاه وأفضله، ويستعمل في الطعام والشراب كسأر، كمنع. وفي الحديث إذا شربتم فأسئروا أي أبقوا شيئا من الشراب في قعر الإناء. والفاعل منهما سآر كشداد، على غير قياس. وروى بعضهم بيت الأخطل هكذا:

وشارب مربح بالكأس نادمني     لا بالحصور ولا فيها بسآر أي أنه لا يسئر في الإناء سؤرا، بل يشتفه كله، والرواية المشهورة: بسوار، بمعربد وثاب كما سيأتي. والقياس مسئر، قال الجوهري: ونظيره أجبره فهو جبار. ويجوز، أي القياس، بناء على أنه لا يتوقف على السماع. قال شيخنا: والصواب خلافه، لأن الأصح في غير المقيس أنه لا يقال، ويقدم على القياس فيه إلا إذا لم يسمع فيه ما يقوم مقامه، خلافا لبعض الكوفيين الذين يجوزون مطلقا، والله أعلم. وفي التهذيب: ويجوز أن يكون سآر من سأرت ومن أسأرت، كأنه رد في الأصل، كما قالوا: دراك من أدركت، وجبار من أجبرت. ومن المجاز: فيه سؤرة، أي بقية من شباب. في الأساس: يقال ذلك للمرأة التي جاوزت الشباب ولم يهرمها الكبر. وفي كتاب الليث: يقال: ذلك للمرأة التي قد جاوزت عنفوان شبابها، قال: ومنه قول حميد بن ثور الهلالي:

إزاء معاش مـا يحـل إزارهـا     من الكيس فيها سؤرة وهي قاعد

صفحة : 2915

أراد بقوله: قاعد قعودها عن الحيض، لأنها أسنت، فقول المصنف فيه بتذكير الضمير محل تأمل. ومن المجاز: هذه سورة من القرآن وسؤر منه، أي بقية منه وقطعة، لغة في سورة، بالواو، وقيل: هو مأخوذ من سؤرة المال: جيده، ترك همزها لما كثر الاستعمال. وفي التهذيب: وأما قوله: وسائر الناس همج، فإن أهل اللغة اتفقوا على أن معنى سائر في أمثال هذا الموضع بمعنى الباقي، من قولك أسأرت سؤرا وسؤرة إذا أفضلتها وأبقيتها، والسائر: الباقي، وكأنه من سأر يسأر فهو سائر. قال ابن الأعرابي فيما روى عنه أبو العباس: يقال سأر وأسأر، إذا أفضل، فهو سائر. جعل سأر وأسأر واقعين، ثم قال: وهو سائر، قال: قال: فلا أدري أراد بالسائر المسئر، لا الجميع كما توهمه جماعات اعتمادا على قول الحريري في: درة الغواص في أوهام الخواص . وفي الحديث فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ، أي باقيه. قال ابن الأثير: والناس يستعملونه في معنى الجميع، وليس بصحيح، وتكررت هذه اللفظو في الحديث وكله بمعنى باقي الشيء، والباقي: الفاضل، وهذه العبارة مأخوذة من التكملة. ونصها: سائر الناس: بقيتهم، وليس معناه جماعتهم كما زعم من قصرت معرفته، انتهى أو قد يستعمل له، إشارة إلى أن في السائر قولين: الأول وهو قول الجمهور من أئمة اللغة وأرباب الاشتقاق أنه بمعنى الباقي، ولا نزاع فيه بينهم، واشتقاقه من السؤر وهو البقية. والثاني أنه بمعنى الجميع، وقد أثبته جماعة وصوبوه، وإليه ذهب الجوهري والجواليقي، وحققه ابن بري في حواشي الدرة، وأنشد عليه شواهد كثيرة وأدلة ظاهرة، وانتصر لهم الشيخ النووي في مواضع من مصنفاته. وسبقهم إمام العربية أبو علي الفارسي، ونقله بعض عن تلميذه ابن جني. واختلفوا في الاشتقاق فقيل: من السير، وهو مذهب الجوهري والفارسي ومن وافقهما، أو من السور المحيط بالبلد، كما قاله آخرون. ولا تناقض في كلام المصنف ولا تنافي. كما زعمه بعض المحشين، وأشار له شيخنا في شرحه، وأوسع القول فيه في شرحه على درة الغواص، فرحمه الله تعالى وجزاه عنا خيرا. ثم إن المصنف ذكر للقول الثاني شاهدا ومثلين، كالمنتصر له، فقال ومنه قول الأحوص الشاعر:

فجلتها لنا لبـابة لـمـا    وقذ النوم سائر الحراس

وكذا قول الشاعر:

ألز العالمون حـبـك طـرا    فهو فرض في سائر الأديان

صفحة : 2916

فالسائر فيهما بمعنى الجميع. ومن الغريب ما نقله شيخنا عن السيد في شرح السقط أنه زعم أن النحويين اشترطوا في سائر أنها لا تضاف إلا إلى شيء قد تقدم ذكر بعضه، نحو: رأيت فرسك وسائر الخيل: دون رأيت حمارك، لعدم تقدم ما يدل على الخيل. وضاف أعرابي قوما فأمروا الجارية بتطييبه، فقال بطني عطري، وسائري ذري وهو من أمثالهم المشهورة ومعنى سائري، أي جميعي. ومن المجاز: أغير على قوم فاستصرخوا بني عمهم أي استنصروهم فأبطؤوا عنهم حتى أسروا وأخذوا وذهب بهم، ثم جاؤوا، أي بنو العم يسألون عنهم، فقال لهم المسؤول هذا القول الذي ذهب مثلا: أسائر اليوم وقد زال الظهر. قال الزمخشرى: يضرب لما يرجى نيله وفات وقته، أي أتطعمون فيما بعد وقد تبين لكم اليأس، لأن من كانت حاجته اليوم بأسره وقد زال الظهر وجب أن ييأس كما ييأس منها بالغروب. وذكره الجوهري مبسوطا في سير . وسئر، كفرح: بقي، وأسأر: أبقى. وسؤر الأسد هو أبو خبيئة محمد بن خالد الكوفي، عن أنس، وعنه الثوري، لأن الأسد افترسه فتركه حيا، فلقب بذلك، وهو مجاز. وكذلك قولهم: هذه سؤرة الصقر، لما يبقى من لحمته. وتساءر كتقابل - وفي التكملة كتقبل: شرب سؤر النبيذ وبقاياه، عن اللحياني.

ومما يستدرك عليه: سؤرة المال: جيده. وأسأر الحاسب: أفضل ولم يستقص وهو مجاز. وفي الصحاح: يقال في السائر: سار أيضا. وأنشد قول أبي ذؤيب يصف ظبية:

فسود ماء المرد فاها فـلـونـه     كلون النؤور وهي أدماء سارها قال: أي سائرها. واستدرك شيخنا: سؤر الذئب، قال: وهو شاعر مشهور.

س ب ر
السبر، بفتح فسكون: امتحان غور الجرح وغيره. يقال: سبر الجرح يسبره ويسبره سبرا: نظر مقداره وقاسه ليعرف غوره، هكذا بالوجهين عند أئمة اللغة، وصرح به غير واحد. وقضية اصطلاح المصنف أن مضارعه إنما يقال بالضم، ككتب. وقوله وغيره ، يشمل الحزر، والتجربة والاختبار، واستخراج كنه الأمر. ومنه حديث الغار قال له أبو بكر: لا تدخله حتى أسبره قبلك ، أي أختبره وأعتبره، وأنظر هل فيه أحد أو شيء يؤذي. وفرق في المصباح فقال: سبر الجرح، كنصر. وسبر القوم، إذا تأملهم، بالوجهيين، كقتل وضرب، نقله شيخنا. قلت: وهو وارد على المصنف أيضا، كالاستبار، وكل أمر رزته فقد سبرته واستبرته. السبر: الأسد قاله المؤرج. والسبر: الأصل، واللون، والجمال، والهيئة الحسنة، والزي والمنظر، ويكسر في هذه الأربعة. قال أبو زيد الكلابي: وقفت على رجل من أهل البادية بعد منصرفي من العراق فقال: أما اللسان فبدوي، وأما السبر، بالكسر: الزي والهيئة. قال: وقالت بدوية: أعجبنا سبر فلان، أي حسن حاله وخصبه في بدنه. وقالت: رأيته سيء السبر، إذا كان شاحبا مضرورا في بدنه، فجعلت السبر بمعنيين. ويقال: إنه لحسن السبر إذا كان حسن السحناء والهيئة. وفي الحديث يخرج رجل من النار وقد ذهب حبره وسبره ، أي هيئته. والسبر: حسن الهيئة والجمال. ويقال: فلان حسن الحبر والسبر إذا كان جميلا حسن الهيئة. قال الشاعر:

أنا ابن أبي البراء وكل قوم     لهم من سبر والدهم رداء

صفحة : 2917

وسبري أنني حر تقي    وأني لا يزايلني الحياء وقال أبو زيد: السبر: ما عرفت به لؤم الدابة أو كرمها من قبل أبيها والسبر أيضا: معرفتك الدابة بخصب أو بجدب. والمسبور: الحسنها، أي الهيئة. والسبر، بالكسر: العداوة. وبه فسر المؤرج قول الفرزدق:

بجنبي جلال يدفع الضيم منهم خوادر في الأخياس ما بينها سبر أي عداوة. قال الأزهري: وهو غريب. وقال الصاغاني: وقرأت في النقائض:

لحي حلال يدفع الضيم عـنـهـم     هوادر في الأجواف ليس لها سبر والسبر: الشبه، وبه فسر حديث الزبير أنه قيل له. مر بنيك حتى يتزوجوا في الغرائب، فقد غلب عليهم سبر أبي بكر ونحوله . قال ابن الأعرابي: أي شبه أبي بكر، قال: وكان أبو بكر دقيق المحاسن نحيف البدن، فأمرهم الرجل أن يزوجهم الغرائب ليجتمع لهم حسن أبي بكر وشدة غيره. ويقال: عرفه بسبر أبيه، أي بهيئته وشبهه. وقال الشاعر وهو القتال الكلابي:

أنا ابن المضرحي أبي شلـيل    وهل يخفى على الناس النهار
علينا سبره ولـكـل فـحـل    على أولاده مـنـه نـجـار

والسبرة، بالفتح، وذكر الفتح مستدرك: الغداة الباردة. وقيل: هي ما بين السحر إلى الصباح. وقيل: ما بين غدوة إلى طلوع الشمس، ج سبرات، محركة. وفي الحديث فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد، فسكت، ثم وضع الرب تعالى يده بين كتفيه فألهمه إلى أن قال: في المضي إلى الجمعات، وإسباغ الوضوء في السبرات . وقال الحطيئة:

عظام مقيل الهام غلب رقابها      يباكرن حد الماء في السبرات

صفحة : 2918

يعني شدة برد الشتاء والسنة. وفي حديث زواج فاطمة عليها السلام فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غداة سبرة . وسبرة بن العوال، مشتق منه، وكذا سبرة بن أبي سبرة الجعفي، روى عنه عمير بن سعد، وله وفادة، أخرجه الثلاثة. وسبرة بن عمرو التميمي، وفد مع الأقرع بن حابس، وأخرجه أبو عمرو. وسبرة بن فاتك الأسدي، روى عنه جبير بن نفير، وبسر بن عبيد الله، وهو أخو خريم. وسبرة بن الفاكه الأسدي، روى عنه سالم بن أبي الجعد، ويقال: هو ابن الفاكه، صحابيون. وكذا سبرة بن عوسجة. قال مروان بن سعيد: له صحبة. وقيل: هو سبرة بن معبد الجهني، روى عنه من ولده الربيع بن سبرة وحفيداه: عبد الملك وعبد العزيز، ابنا الربيع سمعا عن أبيهما وعن جدهما، ومن ولده سبرة بن عبد العزيز بن الربيع، سمع أباه، وعنه إسحاق ابن يزيد، ويعقوب بن محمد، وأخوه حرملة بن عبد العزيز، حدث عن عمه عبد الملك، وعنه الحميدي، كذا في تاريخ البخاري، وذكر الحافظ في التبصير عبد الله بن عمر بن عبد العزيز، وحديثه في مسند الإمام أحمد في المتعة. وأبو بكر بن أبي سبرة السبرى. قال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داوود عن أبي بكر السبري فقال: مفتى أهل المدينة. قلت: هو محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة بن أبي رهم بن عبد العزيز بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر، تولى قضاء مكة لزياد بن عبيد الله، وأفتى بالمدينة عن شريك وابن أبي ذئب، وعنه ابن جريج وعبد الرزاق، ونزل بغداد ومات بها، وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء، وله أخ اسمه محمد أيضا، ولي قضاء المدينة، عن هشام بن عروة، لا يحتج به. وسبرت، كزبرج: د، بالمغرب قرب أطرابلس، وقد تقدم للمصنف أيضا في الثاء الفوقية. وقال الصاغاني: سبرة: من مدن إفريقية. والسابري: ثوب رقيق جيد، قال ذو الرمة:

فجاءت بنسج العنكبوت كأنـه      على عصويها سابري مشبرق وكل رقيق سابري، ومنه المثل عرض سابري أي رقيق ليس بمحقق. يقوله: من يعرض عليه الشيء عرضا لا يبالغ فيه، لأنه أي السابري من أجود الثياب يرغب فيه بأدنى عرض. قال الشاعر:

بمنزلة لا يشتكي السل أهلها     وعيش كمثل السابري رقيق وفي حديث حبيب بن أبي ثابت: رأيت على ابن عباس ثوبا سابريا أستشف ما وراءه . كل رقيق عندهم سابري، والأصل فيه الدورع السابرية منسوبة إلى سابور. والسابري: تمر جيد طيب. يقال: أجود تمر الكوفة النرسيان والسابري. والسابري: درع دقيقة النسج في إحكام صنعة، منسوبة إلى الملك سابور. وسابور ذو الأكتاف: ملك العجم، معرب شاه بور، معناه ابن السلطان. سابور: كورة بفارس، مدينتها نوبندجان، قريبة من شعب بوان، بينها وبين أرجان ستة وعشرون فرسخا، وبينها وبين شيراز مثل ذلك، وقد ذكرها المتنبي في شعره. أبو العباس أحمد بن عبد الله ابن سابور الدقاق، بغدادي، عن أبي نعيم عبيد بن هشام الحلبي وغيره، وعبد الله بن محمد بن سابور الشيرازي، محدثان، قال الذهبي: روى لنا عنه الأبرقوهى الثلاثيات حضورا. والسبرور، بالضم: الفقير الذي لا مال له، كالسبروت، حكاه أبو علي: وأنشد:

صفحة : 2919

تطعم المعتفين مما لـديهـا     من جناها والعائل السبرورا قال ابن سيده: فإذا صح هذا فتاء سبروت زائدة. ومن المجاز: أرض سبرور لا نبات بها، وكذلك سبروت. والسبار، ككتاب، والمسبار، كمحراب: ما يسبر به الجرح ويقدر به غوره، قال الشاعر يصف جرحها:

ترد السبار على السابر وفي التهذيب: السبار: فتيلة تجعل في الجرح وأنشد:

ترد على السابري السبارا     ومن أمثال الأساس لولا المسبار ما عرف غور الجرح. والإمام أبو محمد عبد الملك ابن عبد الرحمن بن محمد بن الحسين بن محمد بن فضالة السباري البخاري، إلى سبارى، بالكسر، قرية ببخارى، حدث بتاريخ بخارى عن مؤلفه أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن غنجار، وعنه أبو الفضل بكر ابن محمد بن علي الزنجوي وغيره. وسبر وسبرة كصرد وقترة: طائر دون الصقر، كذا في المحكم وأنشد الليث للأخطل:

والحارث بن أبي عوف لعبن به     حتى تعاوره العقبان والسبـر وسبر، كصرد، أو سبرة مثل قترة، أو سبير، مثل زبير: بئر عادية لتيم الرباب في جبل يقال له السبراة. وسبر كبقم: كثيب بين بدر والمدينة، هناك قسم صلى الله عليه وسلم الغنائم، قال شيخنا يزاد على النظائر السابقة في توج وبذر وجير قلت:: وضبطه الصاغاني بكسر الموحدة المشددة، وهو الصواب. وفي الحديث: لا بأس وأن يصلي الرجل وفي كمه سبورة ، هي كتنومة: جريدة من الألواح من ساج يكتب عليها التذاكير، فإذا استغنوا عنها محوها، كسفورة، كما سيأتي، وهي معربة، وجماعة من أهل الحديث يروونها ستورة، وهو خطأ. والمسبئر، كمقشعر: الذاهب تحت الليل.

ومما يستدرك عليه: المسبرة: المخبرة. وحمدت مسبره ومخبره. والسبر: ماء الوجه، والجمع أسبار. والسباري، بالفتح: أرض. قال لبيد:

درى بالسبارى حبة إثر مية     مسطعة الأعناق بلق القوادم وأسبار، بالفتح: قرية بباب أصبهان يقال لها: جي. منها أبو طاهر سهل بن عبد الله بن الفرخان الزاهد، كان مجاب الدعوة. وسبيرى: بفتح فكسر: قرية ببخارى، قيل هي سبارى المذكورة منها أبو حفص عمر بن حفص بن عمر بن عثمان بن عمر بن الحسن الهمداني، عن علي بن حجر ويوسف بن عيسى، وعنه محمد بن صابر الرباطي، توفي سنة 294، ذكره الأمير، وأبو سعيد السبيري، روى عنه إسحاق بن أحمد السلمي. وسبران، كعثمان: موضع بنواحي الباميان، وهو صقع بين بست وكابل، وبين الجبال عيون ماء، لا تقبل النجاسة، إذا ألقى فيها شيء منها ماج وغلا نحو جهة الملقى، فإن أدركه أحاط به حتى يغرقه. وسليمان بن محمد السبرى، عن أبي بكر بن أبي سبرة، وعنه عبد الجبار المساحقي، ذكره الحافظ، ومحمد بن عبد الواحد بن محمد بن الحسن بن حمدان الفقيه السابوري، روى عنه هبة الله الشيرازي. والسابري: نسبة إسماعيل بن سميع الحنفي، لبيعه الثياب السابرية، من رجال مسلم، ضبطه ابن السمعاني بفتح الموحدة، وتعقبه الرضي الشاطبي فقال: الصواب بالكسر، كذا في تبصير المنتبه للحافظ. وسبارى، بالضم: قرية بمصر، وقد دخلتها. وأبو سبرة عبد الله بن عابس النخعي: مقبول، من الثالثة. وسبرة بن المسيب بن نجبة، كلاهما عن ابن عباس، وسليمان بن سبرة، عن معاذ، وعنه أبو وائل.

صفحة : 2920

ومن المجاز: فيه خير كثير لا يسبر، وأمر عظيم لا يسبر، ومفازة لا تسبر، أي لا يعرف قدر سعتها. وإسبرت بكسر فسكون ففتح: مدينة عظيمة بالروم، خرج منها العلماء. وسبراة، بالكسر: ماء لتيم الرباب.

س ب د ر
السبادرة، أهمله الجوهري والصاغاني وصاحب اللسان، وهم الفراغ، جمع فارغ وأصحاب اللهو والتبطل، والغالب على أحوالهم التفرغ، لا يعرف له مفرد، والذي في النوادر السنادرة، بالنون، وسيأتي.

س ب ط ر
السبطر، كهزبر: الماضي، قاله الليث، والسبطر: الشهم المقدام. والسبطر: السبط الطويل الممتد.

والسبطر: من نعت الأسد بالمضاء والشدة، يقال: هو أسد سبطر، أي يمتد عند الوثبة.

وقال سيبويه: جمل سبطر، وجمال سبطرات، سريعة ولا يكسر، قال الجوهري: وتاؤه ليست للتأنيث، وإنما هي كرجالات وحمامات في جمع المذكر، قال ابن بري: التاء في سبطرات للتأنيث، لأن سبطرات من صفة الجمال، والجمال مؤنثة تأنيث الجماعة، بدليل قولهم: الجمال سارت ورعت وأكلت وشربت. قال: وقول الجوهري إنما هي كحمامات ورجالات وهم، في خلطه رجالات بحمامات ؛ لأن رجالا جماعة مؤنثة، بدليل قولك: الرجال خرجت وسارت، وأما حمامات فهي جمع حمام، والحمام مذكر، وكان قياسه أن لا يجمع بالألف والتاء. قال: قال سيبويه: وإنما قالوا حمامات وإسطبلات وسرادقات وسجلات فجمعوها بالألف والتاء وهي مذكرة، لأنهم لم يكسروها، يريد أن الألف والتاء في هذه الأسماء المذكرة جعلوهما عوضا من جمع التكسير، ولو كانت مما يكسر لم تجمع بالألف والتاء ، أي طوال على وجه الأرض، كذا قاله الجوهري. والسبيطر، كعمثيل: طائر طويل العنق جدا، تراه أبدا في الماء الضحضاح، يكنى أبا العيزار، والسبيطر: الطويل، كالسباطر، بالضم. والسبطري، كعرضنى، أي بكسر ففتح فسكون وآخرها ألف مقصورة: مشية فيها تبختر. قال العجاج:

يمشي السبطري مشية التبختر رواه شمر: مشية البختير. وفي الصحاح: اسبطر، اضطجع وامتد، وكل ممتد مسبطر. واسبطرت الإبل في سيرها: أسرعت وامتدت. وحاكمت امرأة صاحبتها إلى شريح في هرة بيدها فقال: أدنوها من المدعية، فإن هي قرت ودرت واسبطرت فهي لها، وإن فرت وازبأرت فليست لها، معنى اسبطرت: امتدت واستقامت لها، وقال ابن الأثير، أي امتدت للإرضاع ومالت إليه.

واسبطرت الذبيحة، إذا امتدت للموت بعد الذبح. وقال الفراء: يقال: اسبطرت له البلاد: استقامت.

ومما يستدرك عليه: السبطر من الرجال:السبط الطويل، قاله شمر. والسبطرة: المرأة الجسيمة. وشعر سبطر: سبط.

س ب ع ر
السبعرة: بالفتح، والسبعار، بالكسر، والسبعارة، أهمله الجوهري، وقال الليث: هو نشاط الناقة وحدتها إذا رفعت رأسها وخطرت بذنبها وتدافعت في سيرها، عن كراع.

س ب ع ط ر
السبعطري، كقبعثري، أهمله الجوهري، وقال ابن دريد، هو الطويل من الرجال جدا، أي الذاهب في الطول.

س ب ك ر
اسبكر: اسبطر في معانيه، كالامتداد والطول والمضي على الوجه. قال اللحياني: اسبكر الشباب: طال ومضى على وجهه، وكل شيء امتد وطال فهو مسبكر، مثل الشعر وغيره. واسبكر الرجل: اضطجع وامتد مثل اسبطر. قال:

إذا الهدان حار واسبكرا     وكان كالعدل يجر جرا

صفحة : 2921

وفي الصحاح: اسبكرت الجارية: اعتدلت واستقامت، وشباب مسبكر. والمسبكر: الشاب التام المعتدل، قاله أبو زيد الكلابي، وأنشد لامرئ القيس:

إلى مثلها يرنو الحلـيم صـبـابة     إذا ما اسبكرت بين درع ومجوب والمسبكر من الشعر المسترسل، وقيل المعتدل. وقيل المنتصب، أي التام البارز. قال ذو الرمة:

وأسود كالأساود مسبكـرا      على المتنين منسدلا جفالا ومما يستدرك عليه: اسبكر النهر: جرى. وقال اللحياني: اسبكرت عينه: دمعت. قال ابن سيده، وهذا غير معروف في اللغة. واسبكر النبت: طال وتم.

س ت ر
الستر، بالكسر، معروف، وهو ما يستر به، واحد الستور، بالضم، والأستار، بالفتح، والستر، بضمتين،وهو مستدرك على المصنف. والستر: الخوف، يقال فلان لا يستتر من الله بسر، أي لا يخشاه ولا يتقيه، وهو مجاز. يقال: ما لفلان ستر ولا حجر فالستر: الحياء، والحجر: العقل. والعمل، هكذا في سائر الأصول وأظنه تصحيفا، والصواب العقل وهو من الستارة والستر.

وعبد الرحمن بن يوسف الستري بالكسر، كان يحمل أستار الكعبة من بغداد إليها، محدث، روى عن يحيى بن ثابت، توفي سنة 618. وياقوت بن عبد الله الستري الخادم، من العباد المصدقين، توفي سنة 563. قلت: وأبو المسك عنبر بن عبد الله النجمي الستري، عن أبي الخطاب بن البطر والحسين بن طلحة النعالي، وعنه أبو سعد السمعاني، توفي سنة 534. وأبو الحسن على بن الفضل ابن إدريس بن الحسن بن محمد السامري، إلى السامرية، محلة ببغداد، عن الحسن بن عرفة،وعنه أبو نصر محمد بن أحمد بن حسنون النرسي، وعبد العزيز بن محمد ابن نصر، الستوريان، وهذه النسبة لمن يحفظ الستور بأبواب الملوك، ولمن يحمل أستار الكعبة، محدثان، حدث الأخير عن إسماعيل الصفار. والستر، بالتحريك: الترس، لأنه يستر به، قال كثير بن مزرد:

بين يديه ستر كالغربال والستارة، بالكسر: ما يستر به من شيء كائنا ما كان، كالسترة، بالضم، والمستر، كمنبر، والستار، ككتاب، والإستارة، بالكسر، والإستار، بغير هاء، والسترة محركة، ج، أي جمع الستار والستارة ستائر. وفي الحديث أيما رجل أغلق بابه على امرأة وأرخى دونها إستارة فقد تم صداقها قالوا: الإستارة من الستر، كالإعظامة لما تعظم به المرأة عجيزتها، وقالوا: إسوار، للسوار. وقالوا: إشرارة لما يشرر عليه الأقط، وجمعها الأشارير. قيل: لم تستعمل إلا في هذا الحديث. وقيل: لم تسمع إلا فيه، قال الأزهري: ولو روى أستاره جمع ستر لكان حسنا. والستارة: الجلدة على الظفر، لكونها تستره. والستار، بلا هاء: الستر، بالكسر، هو ما يستر به، ولا يخفى أنه لو ذكره عند أخواته كان أليق كما نبهنا عليه قريبا، وآخذه شيخنا ونزل عليه، وغفل عن طريقته المقررة، أنه قد يفرق الألفاظ لأجل تفريع ما بعدها، وقد سبق مثله كثير وهنا كذلك، فلما رأى أن الستار معانيه كثيرة أفرده وحده ليفرع ما بعده من المعاني عليه هربا من التكرار، ج ستر، ككتاب وكتب، وقد نبهنا في أول المادة أن الستر بالكسر أيضا يجمع على ستر كما ذكره ابن سيده وغيره. والستار: جبل بالعالية في ديار سليم، حذاء صفينة. و الستار: جبل بأجأ في بلاد طيئ. وجاء في شعر امرئ القيس:

على الستار فيذبل

صفحة : 2922

قيل: هو جبل بالحمى أحمر، فيه ثنايا تسلك، بينه وبين إمرة خمسة أميال. والستار: ثنايا وأنشاز فوق أنصاب الحرم بمكة، لأنها سترة بينه وبين الحل. والستاران: واديان في ديار ربيعة. وقال الأزهري: الستاران في ديار بني سعد: واديان، يقال لأحدهما الستار الأغبر، والآخر: الستار الجابري، وفيهما عيون فوارة تسقي نخيلا كثيرة. منها عين حنيذ، وعين فرياض، وعين بثاء، وعين حلوة،وعين ثرمداء. وهي من الأحساء على ثلاث ليال. والستار: جبل بديار سليم بالعالية، وقد ذكره أولا، فهو تكرار. والستار: ناحية بالبحرين، ذات قرى تزيد على مائة، لامرئ القيس بن زيد مناة وأفناء سعد بن زيد،ولا يخفى أنه بعينه الذي عبر عنه بواديين في ديار ربيعة، فتأمل حق التأمل تجده. ومن المجاز: الستير، كأمير: العفيف، كالمستور، وهي الستيرة، بهاء، قال الكميت:

ولقد أزور بها الستـي     رة في المرعثة الستائر ومن المجاز: الإستار، بالكسر، في العدد: أربعة. قال جرير:

إن الفرزدق والبعيث وأمه وأبا البعيث لشر ما إستار أي شر أربعة، ورابع القوم: إستارهم. قال أبو سعيد: سمعت العرب تقول للأربعة: إستار ؛ لأنه بالفارسية: جهار، فأعربوه وقالوا: إستار، ومثله قال الأزهري. وزاد جمعه أساتير. وقال أبو حاتم: يقال ثلاثة أساتر، والواحد إستار، ويقال لكل أربعة: إستار: يقال: أكلت إستارا من الخبز، أي أربعة أرغفة. والإستار في الزنة: أربعة مثاقيل ونصف، قاله الجوهري. وهو معرب أيضا، والجمع الأساتير. وستر الشيء يستره سترا، بالفتح، وسترا، بالتحريك: أخفاه، فانستر هو وتستر واستتر، أي تغطى، الأول عن ابن الأعرابي، أي انستر. وساتور: أحد السحرة الذين آمنوا بموسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، قاله ابن إسحاق، وهم أربعة: ساتور وعازور وحطحط ومصفى. وأستراباذ، بالكسر، معناه عمارة البغل، فإن أستر كأحمد بالفارسية البغل. ويقال أيضا أستاراباذ، بزيادة الألف: ة، بقرب جرجان، بينها وبين سارية، ولها تاريخ.وقال الرشاطي: هي من عمل جرجان. ينسب إليه عمار بن رجاء. وقال ابن الأثير: ومن مشاهير أهلها أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي، أحد أئمة المسلمين. قال البلبيسي: وأبو محمد الحسن بن محمد بن أحمد بن علي الفقيه الحنفي، تفقه على أبي عبد الله الدامغاني ببغداد، وحدث بها. و أستراباذ: كورة بالسواد من العراق. وأستراباذ: ة بخراسان، وهي غير التي بقرب جرجان. ومما يستدرك عليه: الستر، محركة، مصدر سترت الشيء أستره، إذا غطيته.

وجارية مسترة، أي مخدرة، وهو مجاز، وفي الحديث إن الله حيي ستير يحب الحياء والستر . الستير: فعيل بمعنى فاعل، أي من شأنه وإرادته حب الستر والصون، وقد يكون الستير بمعنى المستور، ويجمع على ستراء، كقتلاء وشهداء. وقد ذكره أبو حيان في شرح التسهيل وعدوه غريبا. وقوله تعالى حجابا مستورا قال ابن سيده أي ساترا، مثل قوله كان وعده مأتيا أي آتيا. قال بعضهم: لا ثالث لهما. وقال ثعلب: معنى مستورا مانعا، وجاء على لفظ مفعول لأنه ستر عن العبد. وقيل حجابا مستورا: حجابا على حجاب، والأول مستور بالثاني. يراد به كثافة الحجاب. وستره، كستره. أنشد اللحياني:

لها رجل مجبرة بخـب     وأخرى لا يسترها أجاج

صفحة : 2923

وامرأة ستيرة: ذات ستارة. وشجر ستير: كثير الأغصان. وساتره العداوة مساترة، وهو مداج مساتر. وهتك الله ستره: أطلع على معايبه. ومد الليل أستاره. وأمد إلى الله يدي تحت ستار الليل. وكل ذلك مجاز. وستارة: أرض. قال:

سلاني عن ستارة إن عنـدي      بها علما فمن يبغ القراضـا
يجد قوما ذوي حسب وحـال     كراما حيث ما حبسوا مخاضا

وستارة: مدينة بالهند، عليها حصن عظيم هائل مستصعب الفتح.

س ج ر
سجر التنور يسجره سجرا: أوقده وأحماه، وقيل: أشبع وقوده. وفي حديث عمرو بن العاص فصل حتى يعدل الرمح ظله ثم اقصر فإن جهنم تسجر وتفتح أبوابها . أي توقد، كأنه أراد الإبراد بالظهر، كما في حديث آخر. وقال الخطابي: قوله: تسجر جهنم، وبين قرني الشيطان، وأمثالها، من الألفاظ الشرعية التي ينفرد الشارع بمعانيها، ويجب علينا التصديق بها والوقوف عند الإقرار بصحتها والعمل بموجبها. وسجر النهر يسجره سجرا وسجورا: ملأه، كسجره تسجيرا. وسجرت الماء في حلقه: صببته. قال مزاحم:

كما سجرت في المهد أم حفية    بيمنى يديها من قدي معسـل ويروى سحرت. والقدي: الطيب الطعم من الشراب والطعام. ومن المجاز: سجرت الناقة تسجر سجرا وسجورا: مدت حنينها فطربت في إثر ولدها، قاله الأصمعي. قال أبو زبيد الطائي في الوليد بن عثمان بن عفان، ويروى أيضا للحزين الكناني:

فإلى الوليد اليوم حنت ناقـتـي     تهوى لمغبر المتون سمـالـق
حنت إلى برك فقلت لهـاقـري    بعض الحنين فإن سجرك شائقي
كم عنده من نـائل وسـمـاحة     وشمـائل مـيمـونة وخـلائق

قوله: قى من الوقار والسكون. ونصب به بعض الحنين على معنى كفي عن يعض الحنين فإن حنينك إلى وطنك شائقي لأنه مذكر لي أهلي ووطني والسمالق جمع سملق، وهي الأرض التي لا نبات بها، ويروى: قرى، من وقر. والسجور، كصبور: ما يسجر به التنور، أي يوقد ويحمى، فهو كالوقود لفظا ومعنى، كالمسجر، بالكسر، والمسجرة، وهي الخشبة التي يساط بها السجور في التنور، قاله الصاغاني.والمسجور: الموقد. والمسجور: الفارغ، عن أبي علي. والساجر والمسجور: الساكن. وقال أبو عبيد: المسجور: الساكن، والممتلئ، معا. وقال أبو زيد: المسجور يكون المملوء، ويكون الذي ليس فيه شيء، ضد. والمسجور: البحر الذي ماؤه أكثر منه. وقوله تعالى: وإذا البحار سجرت فسره ثعلب فقال: ملئت. قال ابن سيده: ولا وجه له إلا أن تكون ملئت نارا، وجاء أن البحر يسجر فيكون نار جهنم، كان علي رضي الله عنه يقول: مسجور بالنار، أي مملوء. قال: والمسجور في كلام العرب: المملوء. وقد سكرت الإناء وسجرته، إذا ملأته. قال لبيد:

مسجورة متجاورا قلامها

صفحة : 2924

وقال في قوله تعالى: وإذا البحار سجرت أفضى بعضها إلى بعض فصار بحرا واحدا. وقال الربيع: سجرت، أي فاضت. وقال قتادة. ذهب ماؤها. وقال كعب: البحر جهنم يسجر. وقال الزجاج: جعلت مبانيها نيرانها يحاط بها أهل النار. وقال أبو سعيد: بحر مسجور ومفجور. وقال الحسن البصري، أي أضرمت نارا. وقيل: غيضت مياهها، وإنما يكون ذلك لتسجير النار فيها، وهذا الأخير من البصائر وقيل: لا يبعد الجميع، تخلط وتفيض وتصير نارا، قاله الأبي وغيره. قال شيخنا: وهذا مبني على جواز استعمال المشترك في معانيه، وهو مذهب الجمهور. ثم إن قول المصنف: البحر الذي ماؤه أكثر منه، لم أجده في أمهات الأصول اللغوية. وهم صرحوا أن المسجور المملوء أو الموقد أو المفجور، أو غير ذلك، وقد تقدم. ولعله أخذ من قول الفراء ؛ فإنه قال: المسجور اللبن الذي ماؤه أكثر من لبنه، وهو يشير إلى معنى المخالطة، فتأمل.

وفي الصحاح: المسجور: من اللؤلؤ: المنظوم المسترسل. قال المخبل السعدي:

وإذا ألم خيالها طـرفـت     عيني فماء شؤونها سجـم
كاللؤلؤ المسجور أغفل في    سلك النظام فخانه النظـم

ويقال: مررنا بكل حاجر وساجر. الساجر: الموضع الذي يأتي عليه السيل ويمر به فيملؤه، على النسب أو يكون فاعلا بمعنى مفعول. قال الشماخ:

وأحمى عليها ابنا يزيد بن مسهـر ببطن المراض كل حسى وساجر وساجر: ماء باليمامة لضبة. قال ابن بري: يجتمع من السيل، وبه فسر قول السفاح بن خالد التغلبي:

إن الكلاب ماؤنا فخلوه
وساجرا والله لن تحلوه

وساجر: ع آخر. قال الراعي:

ظعن وودعن الجماد ملامة      جماد قسا لما دعاهن ساجر وقال سلمة بن الخرشب:

وأمسوا حلالا ما يفرق جمعهم     على كل ماء بين فيد وساجر ومن المجاز: السجير: الخليل الصفي المخالط الصديق، من سجرت الناقة إذا حنت، لأن كل واحد منهما يحن إلى احبه، كما في الأساس والبصائر، ج سجراء، كأمير وأمراء. والساجور: خشبة تعلق. وقال الزمخشرى: طوق من حديد. وقال بعضهم: الساجور: القلادة تجعل في عنق الكلب. و قد سجره، إذا شده به، وكل مسجور في عنقه ساجور، عن أبي زيد، كسوجره، حكاه ابن جني، فإنه قال: كلب مسوجر، فإن صح ذلك فشاذ نادر. وقال أبو زيد. كتب الحجاج إلى عامل له أن ابعث إلي فلانا مسمعا مسوجرا، أي مقيدا مغلولا. قلت، وزاد الزمخشرى: سجره تسجيرا. وقال: كلب مسجور ومسجر ومسوجر. وقد سجرته وسجرته وسوجرته، إذا طوقته الساجور. والساجور: نهر بمنبج، ضفتاه بساتين، ويقال لهما: السواجر، أيضا. والسجار، ككتاب: ة، قرب بخارى، وهي التي قال لها: ججار، بجيمين، وقد ذكرها المصنف هناك. ومنها أبو شعيب الولي العابد المذكور، فكان ينبغي أن ينبه على ذلك، لئلا يغتر المطالع بأنهما اثنتان. والسوجر: شجر، أو هو شجر الخلاف، يمانية، أو الصواب بالمهملة، كما سيأتي. والسجوري، كجوهري: الرجل الخفيف، حكاه يعقوب، وأنشد:

جاء يسوق العكر الهمهوما
السجوري لا رعى مسيما
وصادف الغضنفر الشتيما

صفحة : 2925

أو السجوري: الأحمق، لخفة عقله. وعين سجراء: خالطت بياضها حمرة أو زرقة، وهي بينة السجرة، بالضم، والسجر، بالتحريك وفي التهذيب: السجر والسجرة: حمرة في العين في بياضها وقال بعضهم: إذا خالطت الحمرة الزرقة فهي أيضا سجراء. وقال أبو العباس: اختلفوا في السجر في العين، فقال بعضهم: هي الحمرة في سواد العين. وقيل: هي كدرة في باطن العين من ترك الكحل. وفي صفة علي رضي الله عنه كان أسجر العين ، وأصل السجر والسجرة الكدرة. وفي المحكم: السجر والسجرة: أن يشرب سواد العين حمرة. وقيل: أن يضرب سوادها إلى الحمرة. وقيل: هي حمرة في بياض. وقيل: حمرة في زرقة. وقيل: حمرة يسيرة تمازج السواد. رجل أسجر وامرأة سجراء، وكذلك العين. وشعر مسجر ومنسجر ومسوجر: مسترسل مرسل. وقالوا: شعر منسجر ومسجور: مسترسل: وشعر مسجر: مرجل. وسجر الشيء سجرا: أرسله. والمسجر: الشعر المرسل. قال الشاعر:

إذا ما انثنى شعره المنسجر وقال آخر:

إذا ثني فرعها المسجر والأسجر: الغدير الحر الطين. قال الحويدرة:

بغريض سارية أدرته الصبـا      من ماء أسجر طيب المستنقع ويقال: غدير أسجر، إذا كان يضرب ماؤه إلى الحمرة، وذلك إذا كان حديث عهد بالسماء قبل أن يصفو. والأسجر: الأسد، إما للونه وإما لحمرة عينيه. وتسجير الماء: تفجيره حيث يريد، قاله أبو سعيد. وقال الزجاج: قرئ سجرت و سجرت فسجرت: ملئت. وسجرت: فجرت وأفضى بعضها إلى بعض فصارت بحرا واحدا، نقله الصاغاني. ومن المجاز: المساجرة: المخالة والمصادقة والمصاحبة والمصافاة، من سجرت الناقة سجرا، إذا ملأت فاها من الحنين إلى ولدها، قاله الزمخشري، ومثله في البصائر، قال أبو خراش:

وكنت إذا ساجرت منهم مساجـرا      صبحت بفضل في المروءة والعلم وأسجر في السير: تتابع، هكذا في النسخ، والذي في الأمهات اللغوية: انسجرت الإبل في السير: تتابعت. والسجر: ضرب من السير للإبل بين الخبب والهملجة، وقال ابن دريد: شبيه بخبب الدواب. وقيل: الانسجار: التقدم في السير والنجاء. ويقال أيضا بالشين المعجمة، كما سيأتي. والمسجئر، كمقشعر: الصلب من كل شيء، عن ابن دريد.

ومما يستدرك عليه: انسجر الإناء: امتلأ. وسجر البحر: فاض أو غاض. وسجرت الثماد: ملئت من المطر، وكذلك الماء سجرة، والجمع سجر. والساجر: السيل الذي يملأ كل شيء. وبئر سجر، أي ممتلئة. والمسجور: اللبن الذي ماؤه أكثر من لبنه، عن الفراء. والمسجر: الذي غاض ماؤه. ولؤلؤ مسجور: انتثر من نظامه. وقيل: لؤلؤة مسجورة: كثيرة الماء. وسجرت الناقة تسجيرا: حنت، قاله الزمخشرى. وقد يستعمل السجر في صوت الرعد. وعين مسجرة: مفعمة. والساجر: الساكن. وقطرة سجراء: كدرة، وكذلك النطفة. وفي أعناقهم سواجر، أي أغلال، وهو مجاز. وسجر، بالفتح: موضع حجازي.

س ج ه ر
المسجهر، كمقشعر: الأبيض. قال لبيد:

وناجية أعملتها وابـتـذلـتـهـا      إذا ما اسجهر الآل في كل سبسب واسجهر النبات: طال. وقال ابن الأعرابي: اسجهر، إذا ظهر وانبسط: قال عدي:

صفحة : 2926

ومجود قد اسجهر تـنـاوي     ر كلون العهون في الأعلاق وقال أبو حنيفة: اسجهر هنا: توقد حسنا بألوان الزهر. قلت: والمآل واحد ؛ لأن النبات إذا طال وظهر وانبسط أزهر وتوقد بحسن الألوان. وقال ابن الأعرابي: اسجهر السراب إذا تريه وجرى. وأنشد بيت لبيد. واسجهرت الرماح، إذا أقبلت إليك. ويقال: سحابة مسجهرة، إذا كانت يترقرق فيها الماء. ومما يستدرك عليه: اسجهرت النار، إذا اتقدت والتهبت. واسجهر الليل: طال. وبناء مسجهر: طويل.

س ح ر
السحر، بفتح فسكون وقد يحرك، مثال نهر ونهر، لمكان حرف الحلق، ويضم - فهي ثلاث لغات، وزاد الخفاجي في العناية: بكسر فسكون، فهو إذا مثلث، ولم يذكره أحد من الجماهير، فليتثبت -: الرئة. وبه فسر حديث عائشة رضي الله عنها مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري أي مات صلى الله ليه وسلم وهو مستند إلى صدرها وما يحاذي سحرها منه. وحكى القتيبي فيه أنه بالشين المعجمة والجيم، وسيأتي في موضعه، والمحفوظ الأول. وقيل: السحر بلغاته الثلاث: ما التزق بالحلقوم والمرئ من أعلى البطن، وقيل: هو كل ما تعلق بالحلقوم من قلب وكبد ورئة. ج سحور وأسحار وسحر. وقيل أن السحور، بالضم، جمع سحر بالفتح. وأما الأسحار والسحر فجمع سحر، محركة. والسحر، أثر دبرة البعير برأت وابيض موضعها. ومن أمثالهم: انتفخ سحره وانتفخت مساحره. وعلى الأول اقتصر أئمة الغريب، والثاني ذكره الزمخشرى في الأساس. وقالوا يقال ذلك للجبان، وايضا لمن عدا طوره. قال الليث: إذا نزت يالرجل البطنة يقال: انتفخ سحره. معناه عدا طوره وجاوز قدره. قال الأزهري: هذا خطأ إنما يقال: انتفخ سحره، للجبان الذي ملأ الخوف جوفه فانتفخ السحر وهو الرئة، حتى رفع القلب إلى الحلقوم. ومنه قوله تعالى وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا وكذلك قوله: وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر ، كل هذا يدل على انتفاخ السحر، مثل لشدة الخوف وتمكن الفزع وأنه لا يكون من البطنة. وفي الأساس: انتفخ سحره ومساحره من وجل وجبن. وتبعه المصنف في البصائر. وفي حديث أبي جهل يوم بدر قال لعتبة بن ربيعة: انتفخ سحرك أي رئتك، يقال ذلك للجبان.

صفحة : 2927

ومن أمثالهم: انقطع منه سحري ، أي يئست منه، كما في الأساس. وزاد: وأنا منه غير صريم سحر، أي غير قانط. وتبعه في البصائر. ومن المجاز: المقطعة السحور، والمقطعة الأسحار، وكذا المقطعة الانماط، وقد تكسر الطاء، ونسبه الأزهري لبعض المتأخرين: الأرنب، وهو على التفاؤل، أي سحره يقطع. وعلى اللغة الثانية، أي من سرعتها وشدة عدوها كأنها تقطع سحرها ونياطها. وقال الصاغاني: لأنها تقطع أسحار الكلاب، لشدة عدوها، وتقطع أسحار من يطلبها، قاله ابن شميل. ومن المجاز: السحور، كصبور هو ما يتسحر به وقت السحر من طعام أو لبن أو سويق، وضع اسما لما يؤكل ذلك الوقت. وقد تسحر الرجل ذلك الطعام أي أكله، قاله الأزهري. وقال ابن الأثير: هو بالفتح اسم ما يتسحر به، وبالضم المصدر والفعل نفسه، وقد تكرر ذكره في الحديث. وأكثر ما يروى بالفتح، وقيل: الصواب بالضم، لأنه بالفتح الطعام، والبركة والأجر والثواب في الفعل لا في الطعام. ومن المجاز السحر، محركة: قبيل الصبح آخر الليل، كالسحر، بالفتح والجمع أسحار كالسحري والسحرية، محركة فيهما، يقال لقيته سحري هذه الليلة وسحريتها. قال ابن قيس الرقيات:

ولدت أغر مباركـا     كالبدر وسط سمائها
في ليلة لا نحس في    سحريها وعشائهـا

وقال الأزهري: السحر: قطعة من الليل. وقال الزمخشرى: وإنما سمي السحر استعارة لأنه وقت إدبار الليل وإقبال النهار، فهو متنفس الصبح. ومن المجاز: السحر: البياض يعلو السواد، يقال بالسين وبالصاد، إلا أن السين أكثر ما يستعمل في سحر الصبح، والصاد في الألوان. يقال: حمار أصحر وأتان صحراء. ومن المجاز: السحر: طرف كل شيء وآخره، استعارة من أسحار الليالي، ج أسحار قال ذو الرمة يصف فلاة:

مغمض أسحار الخبوت إذا اكتسى     من الآل جلا نازح الماء مقفـر قال الأزهري: أسحار الفلاة: أطرافها. ومن المجاز: السحرة بالضم: السحر، وقيل: الأعلى منه. وقيل: هو من ثلث الليل الآخر إلى طلوع الفجر. يقال: لقيته بسحرة ولقيته سحرة وسحرة يا هذا، ولقيته بالسحر الأعلى، ولقيته بأعلى سحرين، وأعلى السحرين. قالوا: وأما قول العجاج:

غدا بأعلى سحر وأحرسا فهو خطأ كان ينبغي له أن يقول: بأعلى سحرين، لأنه أول تنفس، الصبح، كما قال الراجز:

مرت بأعلى سحرين تدأل وفي الأساس: لقيته بالسحر، وفي أعلى السحرين، وهما سحر مع الصبح وسحر قبيله. كما يقال الفجران: الكاذب والصادق.

صفحة : 2928

ويقال: لقيته سحرا وسحر يا هذا، معرفة، لم تصرفه إذا كنت تريد سحر ليلتك، لأنه معدول عن الألف واللام، وقد غلب عليه التعريف بغير إضافة ولا ألف ولام كما غلب ابن الزبير على واحد من بنيه. فإن أردت سحر نكرة صرفته وقلت أتيته بسحر وبسحرة، كما قال الله تعالى: إلا آل لوط نجيناهم بسحر أجراه لأنه نكرة، كقولك: نجيناهم بليل. فإذا ألقت العرب منه الباء لم يجروه، فقالوا: فعلت هذا سحر، يا فتى، وكأنهم في تركهم إجراءه أن كلامهم كان فيه بالألف واللام، فجرى على ذلك، فلما حفت منه الألف واللام وفيه نيتهما لم يصرف. كلام العرب أن يقولوا: ما زال عندنا منذ السحر، لا يكادون يقولون غيره. وقال الزجاج، وهو قول سيبويه: سحر إذا كان نكرة يراد سحر من الأسحار انصرف. تقول: أتيت زيدا سحرا من الأسحار. فإذا أردت سحر يومك قلت: أتيته سحر، يا هذا، وأتيته بسحر، يا هذا. قال الأزهري: والقياس ما قاله سيبويه. وتقول: سر على فرسك سحر، يا فتى. فلا ترفعه، لأنه ظرف غير متمكن. وإن سميت بسحر رجلا أو صغرته انصرف، لأنه ليس على وزن المعدول كأخر. تقول: سر على فرسك سحيرا. وإنما لم ترفعه لأن التصغير لم يدخله في الظروف المتمكنة، كما أدخله في الأسماء المتصرفة. ومن المجاز: أسحر الرجل: سار فيه، أي في السحر، أو نهض ليسير في ذلك الوقت، كاستحر. وأسحر أيضا: صار فيه، كاستحر وبين سار وصار جناس محرف. والسحرة، بالضم، لغة في الصحرة، بالصاد، كالسحر محركة، وهو بياض يعلو السواد. ومن المجاز السحر بالكسر: عمل يقرب فيه إلى الشيطان وبمعونة منه. وكل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر. والجمع أسحار وسحور. والفعل كمنع. سحره يسحره سحرا وسحرا، وسحره. ورجل ساحر من قوم سحرة وسحار. وسحار من قوم سحارين، ولا يكسر. وفي كتاب ليس لابن خالويه: ليس في كلام العرب فعل يفعل فعلا إلا سحر يسحر سحرا. وزاد أبو حيان. فعل يفعل فعلا، لا ثالث لهما، قاله شيخنا. ومن المجاز. السحر: البيان في فطنة، كما جاء في الحديث أن قيس بن عاصم المنقري، والزبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عمرأ عن الزبرقان، فأثنى عليه خيرا، فلم يرض الزبرقان بذلك، وقال: والله يا رسول الله إنه ليعلم أنني أفضل مما قال، ولكنه حسد مكاني منك، فأثنى عليه عمرو شرا، ثم قال: والله ما كذبت عليه في الأولى ولا في الآخره، ولكنه أرضاني فقلت بالرضا، ثم أسخطني فقلت بالسخط. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من البيان لسحرا . قال أبو عبيد: كأن معناه والله أعلم أنه يبلغ من ثنائه أنه يمدح الإنسان فيصدق فيه حتى يصرف قلوب السامعين إليه، أي إلى قوله، ويذمه فيصدق فيه حتى يصرف قلوبهم أيضا عنه إلى قوله الآخر. فكأنه سحر السامعين بذلك. انتهى. قال شيخنا: زعم قوم أن كلام المصنف فيه تناقض، فكان الأولى في الأولى: حتى يصرف قلوب السامعين إليه. وفي الثانية: حتى يصرف قلوبهم عنه، لكن قوله أيضا يحقق أن كلا منهما: حتى يصرف قلوب السامعين. والمراد أنه بفصاحته يصير الناس يتعجبون منه مدحا وذما، فتنصرف قلوب السامعين إليه في الحالتين، كما قاله المصنف. ولا اعتداد بذلك الزعم. وهذا الذي قاله المصنف ظاهر وإن كان فيه خفاء. انتهى. قلت: لفظة أيضا ليست في نص أبي عبيد، وإنما زادها المصنف من عنده، والمفهوم منها

صفحة : 2929

الاتحاد في الصرف، غير أنه في الأول: إليه، وفي الثاني: عنه إلى قوله الآخر والعبارة ظاهرة لا تناقض فيها، فتأمل. وقال بعض أئمة الغريب، وقيل إن معناه إن من البيان ما يكتسب من الإثم ما يكتسبه الساحر بسحره، فيكون في معرض الذم. وبه صرح أبو عبيد البكري الأندلسي في شرح أمثال أبي عبيد القاسم بن سلام، وصححه غير واحد من العلماء، ونقله السيوطي في مرقاة الصعود، فأقره، وقال: وهو ظاهر صنيع أبي داوود. قال شيخنا: وعندي أن الوجهين فيه ظاهران، كما قال الجماهير من أرباب الغريب وأهل الأمثال. وفي التهذيب: وأصل السحر: صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره، فكأن الساحر لما أرى الباطل في صورة الحق، وخيل الشيء على غير حقيقته فقد سحر الشيء عن وجهه، أي صرفه. وروى شمر عن ابن أبي عائشة قال: العرب. إنما سمت السحر سحرا لأنه يزيل الصحة إلى المرض، وإنما يقال سحره، أي أزاله عن البغض إلى الحب. وقال الكميت:الاتحاد في الصرف، غير أنه في الأول: إليه، وفي الثاني: عنه إلى قوله الآخر والعبارة ظاهرة لا تناقض فيها، فتأمل. وقال بعض أئمة الغريب، وقيل إن معناه إن من البيان ما يكتسب من الإثم ما يكتسبه الساحر بسحره، فيكون في معرض الذم. وبه صرح أبو عبيد البكري الأندلسي في شرح أمثال أبي عبيد القاسم بن سلام، وصححه غير واحد من العلماء، ونقله السيوطي في مرقاة الصعود، فأقره، وقال: وهو ظاهر صنيع أبي داوود. قال شيخنا: وعندي أن الوجهين فيه ظاهران، كما قال الجماهير من أرباب الغريب وأهل الأمثال. وفي التهذيب: وأصل السحر: صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره، فكأن الساحر لما أرى الباطل في صورة الحق، وخيل الشيء على غير حقيقته فقد سحر الشيء عن وجهه، أي صرفه. وروى شمر عن ابن أبي عائشة قال: العرب. إنما سمت السحر سحرا لأنه يزيل الصحة إلى المرض، وإنما يقال سحره، أي أزاله عن البغض إلى الحب. وقال الكميت:

وقاد إليها الحب فانقاد صعـبـه     بحب من السحر الحلال التحبب يريد أن غلبة حبها كالسحر وليس به ؛ لأنه حب حلال، والحلال لا يكون سحرا، لأن السحر فيه كالخداع. قال ابن سيده: وأما قوله صلى الله عليه وسلم من تعلم بابا من النجوم فقد تعلم بابا من السحر فقد يكون على المعنى الأول، أي أن علم النجوم محرم التعلم، وهو كفر، كما أن علم السحر كذلك. وقد يكون على المعنى الثاني، أي أنه فطنة وحكمة، وذلك ما أدرك منه بطريق الحساب كالكسوف ونحوه، وبهذا علل الدينوري هذا الحديث. والسحر، بالفتح أيضا: الكبد وسواد القلب ونواحيه. وبالضم: القلب، عن الجرمي، وهو السحرة، أيضا. قال:

وإني امرؤ لم تشعر الجبن سحرتيإذا ما انطوى مني الفؤاد على حقد وسحر، كمنع: خدع وعلل، كسحر تسحيرا. قال امرؤ القيس:

أرانا موضعين، لأمر غيب    ونسحر بالطعام وبالشراب قوله: موضعين، أي مسرعين. وأراد بأمر غيب الموت. ونسحر أي نخدع أو نغذي: يقال سحره بالطعام والشراب سحرا وسحره: غذاه وعلله. وأما قول لبيد:

فإن تسألينا فيم نحـن فـإنـنـا      عصافير من هذا الأنام المسحر

صفحة : 2930

فإنه فسر بالوجهين، وكذا قوله تعالى: إنما أنت من المسحرين من التغذية والخديعة. وقال الفراء. أي إنك تأكل الطعام والشراب فتعلل به. وفي التهذيب: سحر الرجل، إذا تباعد. وسحر، كسمع: بكر تبكيرا. والمسحور: المفسد من الطعام. وهو الذي قد أفسد عمله، قال ثعلب طعام مسحور: مفسود. قال ابن سيده: هكذا حكاه: مفسود لا أدري هو على طرح الزائد أم فسدته لغة أم هو خطأ. والمسحور أيضا، المفسد من المكان لكثرة المطر، والذي قاله الأزهري وغيره: أرض مسحورة: أصابها من المطر أكثر مما ينبغي فأفسدها، أو من قلة الكلإ، قال ابن شميل: يقال للأرض التي ليس بها نبت: إنما هي قاع قرقوس. وأرض مسحورة: قليلة اللبن، أي لا كلأ فيها. وقال الزمخشرى: أرض مسحورة لا تنبت، وهو مجاز.

والسحير: كأمير: المشتكى بطنه من وجع السحر، أي الرئة، فإذا أصابه منه السل وذهب لحمه فهو بحير. السحير: الفرس العظيم البطن، كذا في التكملة. وفي غيرها: العظيم الجوف. والسحارة، بالضم، من الشاة: ما يقتلعه القصاب، فيرمى به من الرئة والحلقوم وما تعلق بها، جعل بناؤه بناء السقاطة وأخواتها. السحر، بالفتح، والسحارة، كجبانة: شيء يلعب به الصبيان، إذا مد من جانب خرج على لون، وإذا مد من جانب آخر خرج على لون آخر مخالف للأول، وكل ما أشبه ذلك سحارة، قاله الليث، وهو مجاز. والإسحار والإسحارة، بالكسر فيهما، ويفتح والراء مشددة، و قال أبو حنيفة: سمعت أعرابيا يقول: السحار، وهذه مخففة، أي ككتاب فطرح الألف وخفف الراء: بقلة تسمن المال، وزعم هذا الأعرابي أن نباته يشبه الفجل غير أنه لا فجلة له، قوال ابن الأعرابي:

وهو خشن يرتفع في وسطه قصبة
في رأسها كعبرة ككعبرة الفجلة

فيها حب له دهن يؤكل ويتداوى به، وفي ورقه حروفة لا يأكله الناس ولكنه ناجع في الإبل. وروى الأزهري عن النضر: الإسحارة: بقلة حارة تنبت على ساق، لها ورق صغار، لها حبة سوداء كأنها شهنيزة. والسوحر: شجر الخلاف، والواحدة سوحرة، هو الصفصاف أيضا يمانية، وقيل بالجيم، وقد تقدم. وسحار، ككتان، وفي بعض النسخ: ككتاب، صحابي. وعبد الله بن محمد السحري، بالكسر: محدث، عن ابن عيينة، وعنه محمد بن الحصيب، ولا أدري هذه النسبة إلى أي شيء، ولم يبينوه. والمسحر، كمعظم: المجوف، قاله الفراء في تفسير قوله تعالى: إنما أنت من المسحرين كأنه أخذ من قولهم: انتفخ سحرك، أي أنك تعلل بالطعام والشراب. واستحر الديك: صاح في السحر، والطائر: غرد فيه، قال امرؤ القيس:

كأن المدام وصوب الغـمـام     وريح الخزامى ونشر القطر
يعـل بـه بـرد أنـيابـهـا    إذا طرب الطائر المستحـر

ومما يستدرك عليه:

صفحة : 2931

سحره عن وجهه : صرفه: فأنى تسحرون فأنى تصرفون، قاله الفراء ويقال: أفك وسحر سواء. وقال يونس: تقول العرب للرجل: ما سحرك عن وجه كذا وكذا ? أي ما صرفك عنه ? والمسحور: ذاهب العقل المفسد ؛ رواه شمر عن ابن الأعرابي. وسحره بالطعام والشراب: غذاه، والسحر، بالكسر: الغذاء، من حيث إنه يدق ويلطف تأثيره. والمسحر، كمعظم: من سحره مرة بعد أخرى حتى تخبل عقله. والساحر: العالم الفطن. والسحر: الفساد، وكلأ مسحور: مفسد. وغيث ذو سحر، إذا كان ماؤه أكثر مما ينبغي. وسحر المطر الطين والتراب سحرا: أفسده فلم يصلح للعمل. وأرض ساحرة التراب. وعنز مسحورة: قليلة اللبن، ويقال إن البسق يسحر ألبان الغنم، وهو أن ينزل اللبن قبل الولاد، واستحروا: أسحروا، قال زهير:

بكرن بكورا واستحرن بسحرة وسحر الوادي: أعلاه. وسحره تسحيرا: أطعمه السحور. ولها عين ساحرة، وعيون سواحر، وهو مجاز. وكل ذي سحر مسحر. وسحره فهو مسحور وسحير: أصاب سحره أو سحرته، ورجل سحر وسحير: انقطع سحره، وقول الشاعر:

أيذهب ما جمعت صريم سحر     ظليفا إن ذا لهو العـجـيب معناه مصروم الرئة: مقطوعها. وكل ما يبس منه فهو صريم سحر. أنشد ثعلب:

تقول ظعينتي لما استقـلـت     أتترك ما جمعت صريم سحر وصرم سحره: انقطع رجاؤه ن وقد فسر صريم سحر بأنه المقطوع الرجاء. تذييل: قال الفخر الرازي في الملخص: السحر والعين لا يكونان من فاضل ولا يقعان ولا يصحان منه أبدا، لأن من شرط السحر الجزم بصدور الأثر، وكذلك أكثر الأعمال من الممكنات من شرطها الجزم. والفاضل المتبحر بالعلوم، يرى وقوع ذلك من الممكنات التي يجوز أن توجد وأن لا توجد، فلا يصح له عمل أصلا. وأما العين فلأنه لابد فيها من فرط التعظيم للمرئي، والنفس الفاضلة لا تصل في تعظيم ما تراه إلى هذه الغاية، فلذلك لا يصح السحر إلا من العجائز، والتركمان،والسودان ونحو ذلك من النفوس الجاهلية. كذا في تاريخ شيخ مشايخنا الأخباري مصطفى بن فتح الله الحموي.

س ح ط ر
اسحنطر الرجل، أهمله الجوهري، وقال الليث ألي امتد ومال، نقله الأزهري والصاغاني. ويقال: اسحنطر إذا عرض وطال ووقع على وجهه، مثل اسلنطح سواء.

س ح ف ر
اسحنفر الرجل: مضى مسرعا واسحنفر الطريق: استقام وامتد. اسحنفر المطر: كثر. وقال أبو حنيفة: المسحنفر: الكثير الصب الواسع. قال:
أغر هزيم مستهل ربـابـه     له فرق مسحنفرات صوادر اسحنفر الخطيب في خطبتنه، إذا مضى واتسع في كلامه. ويقال: اسحنفر الرجل في منطقه، إذا مضى فيه ولم يتمكث. وفي الصحاح: المسحنفر: البلد الواسع. والمسحنفر: الرجل الحاذق الماضي في أموره. المسحنفر: الطريق المستقيم، والمطر الصب. قال الأزهري: اسحنفر واجرنفر رباعيان، والنون زائدة، كما لحقت بالخماسي، وجملة قول النحويين أن الخماسي الصحيح الحروف لا يكون إلا في الأسماء مثل الجحمرش والجردحل، وأما الأفعال فليس فيها خماسي إلا بزيادة حرف أو حرفين، فافهمه.

ومما يستدرك عليه: اسحنفرت الخيل في جريها، إذا أسرعت.

س خ ر

صفحة : 2932

سخر منه، هذه هي اللغة الفصيحة، وبها ورد القرآن. قال الله تعالى. فيسخرون منهم سخر الله منهم وقال: إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم وقال بعضهم: لو سخرت من راضع لخشيت أن يجوز بي فعله. وقال الجوهري: حكى أبو زيد. سخرت به، وهو أردأ اللغتين، ونقل الأزهري عن الفراء: يقال: سخرت منه، ولا يقال: سخرت به، وكأن المصنف تبع الأخفش، فإنه أجازهما، قال: سخرت منه وسخرت به، كلاهما كفرح - وكذلك ضحكت منه وضحكت به، وهزئت منه وهزئت به، كل يقال. ونقل شيخنا عن النووى: الأفصح الأشهر: سخر منه، وإنما جاء سخر به لتضمنه معنى هزيء - سخرا، بفتح فسكون، وسخرا محركة، وسخرة، بالضم، ومسخرا، بالفتح، وسخرا، بضم فسكون، وسخرا، بضمتين: هزىء به، ويروى بيت أعشى باهلة بالوجهين:

إني أتتنى لسان لا أسـر بـهـا      من علو لا عجب منها ولا سخر

صفحة : 2933

بضمتين، وبالتحريك، كاستسخر وفي الكتاب العزيز وإذا رأوا آية يستسخرون قال ابن الرماني: يدعو بعضهم بعضا إلى أن يسخر، كيسخرون، كعلا قرنه واستعلاه. قال غيره: كما تقول: عجب وتعجب واستعجب، بمعنى واحد. والاسم السخرية والسخري، بالضم، ويكسر. قال الأزهري: وقد يكون نعتا، كقولك: هم لك سخري وسخرية. من ذكر قال: سخريا، ومن أنث قال: سخرية، وقرئ بالضم والكسر قوله تعالى ليتخذ بعضهم بعضا سخريا وسخره، كمنعه، يسخره سخريا، بالكسر ويضم، وسخره تسخيرا: كلفه مالا يريد وقهره، وكل مقهور مدبر لا يملك لنفسه ما يخلصه من القهر فذلك مسخر، قال الله تعالى وسخر لكم الشمس والقمر أي ذللهما والنجوم مسخرات بأمره قال الأزهري: جاريات مجاريهن. وهو سخرة لي وسخري وسخري بالضم والكسر، وقيل: السخري بالضم: من التسخير: والسخري، بالكسر، من الهزء، وقد يقال في الهزء سخري وسخري، وأما من السخرة فواحده مضموم، وقوله تعالى فاتخذتموهم سخريا بالوجهين، والضم أجود. ورجل سخرة وضحكة، كهمزة يسخر بالناس. وفي التهذيب: يسخر من الناس. وكبسرة: من يسخر منه. والسخرة أيضا: من يسخر في الأعمال ويتسخر كل من قهره وذلله من دابة أو خادم بلا أجر ولا ثمن. ومن المجاز سخرت السفينة، كمنع: أطاعت وجرت وطاب لها الريح والسير، والله سخرها تسخيرا، والتسخير: التذليل، وسفن سواخر مواخر، من ذلك. وكل ما ذل وانقاد أو تهيأ لك على ما تريد فقد سخر لك. وقوله تعالى: إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون أي إن تستجهلونا، أي تحملونا على الجهل على سبيل الهزء فإنا نستجهلكم كما تستجهلوننا، وإنما فسره بالاستجهال هربا من إطلاق الاستهزاء عليه تعالى شأنه، مع أنه وارد على سبيل المشاكلة في آيات كثيرة غيرها. وفي الحديث أيضا أتسخر بي وأنا الملك قالوا: أي أتستهزئ بي ؛ وقالوا: هو مجاز ومعناه أتضعني فيما لا أراه من حقي، فكأنها صورة السخرية، فتأمل. وسخر، كسكر: بقلة بخراسان، ولم يزد الصاغاني على قوله: بقلة. وقال أبو حنيفة: هي السيكران. وسخره تسخيرا: ذلله وكلفه ما لا يريد وقهره، عملا بلا أجرة، ولا ثمن، خادما أو دابة، كتسخره، يقال: تسخرت دابة لفلان، أي ركبتها بغير أجر. ويقال: هو مسخرة من المساخر. وتقول: رب مساخر يعدها الناس مفاخر. وأما ما جاء في الحديث: أنا أقول كذا ولا أسخر أي لا أقول إلا ما هو حق، وتقديره: ولا أسخر منه. وعليه قول الراعي:

تغير قومي ولا أسخر     وما حم من قدر يقدر أي لا أسخر منهم. وسخرور بن مالك الحضرمي، بالضم، له صحبة، شهد فتح مصر، ذكره ابن يونس.

س خ ب ر

صفحة : 2934

السخبر: شجر، إذا طال تدلت رؤوسه وانحنت، واحدته سخبرة، وهو يشبه الإذخر. وقال أبو حنيفة: يشبه الثمام، له جرثومة، وعيدانه كالكراث في الكثرة. كأن ثمره مكاسح القصب أو أرق منها إذا طال تدلت رؤوسه وانحنت. وفي حديث ابن الزبير قال لمعاوية: لا تطرق إطراق الأفعوان في أصول السخبر . قالوا: هو شجر تألفه الحيات فتسكن في أصوله، أي لا تتغافل عما نحن فيه. وسخبر: ع، سمي باسم الشجر. والسخيبرة مصغرا: ماء جامع ضخم لبني الأضبط بن كلاب. وسخبرة الأزدي، روى عنه ابنه عبد الله. وله حديث في سنن الترمذي، كذا قاله الذهبي وابن فهد. قلت: والذي روى عنه أبو داوود الأعمى، عن عبد الله بن سخبرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ليس بالأزدي، فإن الأزدي هو أبو معر، وليس لابنه رواية ولا لأبي داوود عنه - وسخبرة بن عبيدة، ويقال عبيد الأسدي من أقارب عبد الله ابن جحش، له هجرة، صحابيان. وسخبرة بنت تميم، ويقال بنت أبي تميم، صحابية: ذكرها ابن إسحاق فيمن هاجر إلى المدينة.

ومما يستدرك عليه: فروع السخبر، لقب بني جعفر ابن كلاب. قال دريد بن الصمة:

مما يجيء به فروع السخبر ويقال: ركب فلان السخبر، إذا غدر. قال حسان بن ثابت:

إن تغدروا فالغدر منكم شـيمة     والغدر ينبت في أصول السخبر أراد قوما منازلهم ومحالهم في منابت السخبر. قال: وأظنهم من هذيل. قال ابن بري: إنما شبه الغادر بالسخبر. لأنه شجر إذا انتهى استرخى رأسه ولم يبق على انتصابه. يقول: أنتم لا تثبتون على وفاء كهذا السخبر الذي لا يثبت على حال، بينا يرى معتدلا منتصبا عاد مسترخيا غير منتصب. وأبو معمر عبد الله بن سخبرة الأزدي صاحب عبد الله بن مسعود، من ولده أبو القاسم يحيى بن علي ابن يحيى بن عوف بن الحارث بن الطفيل بن أبي معمر السخبري البغدادي، ثقة، حدث عن البغوي وابن صاعد، وعنه أبو محمد الخلال، توفي سنة 384.

س د ر
السدر، بالكر: شجر النبق، الواحدة بهاء، قال أبو حنيفة: قال ابن زياد: السدر من العضاه، وهو لونان: فمنه عبري، ومنه ضال. فأما العبري فما لا شوك فيه إلا ما لا يضير. وأما الضال فذو شوك. وللسدر ورقة عريضة مدورة، وربما كانت السدرة محلالا. قال ذو الرمة:

قطعت إذا تجوفت العواطي     ضروب السدر عبريا وضالا

صفحة : 2935

قال: ونبق الضال صغار. قال: وأجود نبق يعلم بأرض العرب نبق هجر، في بقعة واحدة، يحمى للسلطان. وهو أشد نبق يعلم حلاوة وأطيبه رائحة، يفوح فم آكله وثياب ملابسه كما يفوح العطر. ج سدرات، بكسر فسكون، وسدرات، بكسرتين، وسدرات، بكسر ففتح، وسدر، مثل، عنب، وسر، بالضم، الأخيرة نادرة، كذا في المحكم. وسدرة، بالكسر: تابعي، وقيل: اسم امرأة روت عن عائشة رضي الله عنها. وأبو سدرة: سحيم الجهيمي: شاعر، وأبو سدرة: خالد بن عمرو. وقوله تعالى: عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى وكذلك في حديث الإسراء ثم رفعت إلى سدرة المنتهى قال الليث: زعم أنها سدرة في السماء السابعة لا يجاوزها ملك ولا نبي. وقد أظلت الماء والجنة. قال: ويجمع على ما تقدم. وقال شيخنا: وورد في الصحيح أيضا أنها في السماء السادسة، وجمع بينهما عياض باحتمال أن أصلها في السادسة وعلت وارتفعت أصولها إلى السابعة. قلت: وقال ابن الأثير: سدرة المنتهى في أقصى الجنة، إليها ينتهي علم الأولين والآخرين ولا يتعداها. وذو سدر، بالكسر، وذو سدير، بالتصغير، والسدرتان مثنى سدرة: مواضع. وقرأت في ديوان الهذليين من شعر أبي ذؤيب الهذلي قوله:

أصبح من أم عمرو بطن مر فأج     زاع الرجيع فذو سدر فأملاح وأما ذو سدير فقاع بين البصرة والكوفة، وسيأتي في كلام المصنف قريبا. وسدير، كأمير، نهر بناحية الحيرة من أرض العراق. قال عدي:

سره حاله وكـثـرة مـا يم      لك والبحر معرضا والسدير وقيل: السدير: النهر مطلقا. وقد غلب على هذا النهر. وقيل: سدير: قصر في الحيرة من منازل آل المنذر وأبنيتهم، وهو بالفارسية سه دلي أي ثلاث شعب أو ثلاث مداخلات. وفي الصحاح: وأصله بالفارسية سه دله أي فيه قباب مداخلة مثل الحاري بكمين. وقال الأصمعي: السدير فارسية كأن أصله سه دل أي قبة في ثلاث قباب مداخلة، وهي التي تسميها اليوم الناس سدلي. فأعربته العرب فقالوا: سدير. قلت: وما ذكره من أن السدلي بمعنى القباب المتداخلة فهو كذلك في العرف الآن، وهكذا يكتب في الصكوك المستعملة. وأما كون أن السدير معرب عنه فمحل تأمل، لأن الذي يقتضيه السان أن يكون معربا عن س دره أي ذا ثلاثة أبواب، وهذا أقرب من سه دلي كما لا يخفى. وسدير أيضا: أرض باليمن تجلب منها البرود المثمنة. وسدير أيضا: ع بمصر في الشرقية قرب العباسية. وسدير بن حيم الصيرفي: شيخ لسفيان الثوري، سمع أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين، قاله البخاري في التاريخ. وي نوادر الأصمعي التي رواها عنه أبو يعلى. قال أبو عمرو بن العلاء: السدير: العشب. وذو سدير، كزبير: قاع بين البصرة والكوفة، وهو الذي تقدم ذكره في كلامه أولا، فهو تكرار، كما لا يخفى. والسدير: ع بديار غطفان، قال الشاعر:

عز على ليلى بذي سدير
سوء مبيتي بلد الغـمـير

صفحة : 2936

قيل: يريد: بذي سدر، فصغر. والسدير: ماء بالحجاز، وفي بعض النسخ بدله: وقرية بسنجار. ويقال: سديرة: بهاء، وصوبه شيخنا. وفي معجم البكري: سدير ويقال سديرة: ماءة بين جراد والمروت، أقطعها النبي صلى الله عليه وسلم حصين بن مشمت الحماني فلينظر. والسادر: المتحير من شدة الحر، كالسدر، ككتف. وسدر بصره، كفرح، سدرا، محركة، وسدارة، ككرامة، فهو سدر: لم يكد يبصر. وقيل: السدر، بالتحريك، شبه الدوار، وهو كثيرا ما يعرض لراكب البحر. وفي حديث علي رضي الله عنه نفر مستكبرا وخبط سادرا ، قيل السادر: اللاهي. وقيل: الذي لا يهتم لشيء ولا يبالي ما صنع قال:

سادرا أحسب غيي رشدا    فتناهيت وقد صابت بقر ويقال: سدر البعير، كفرح، يسدر سدرا: تحير بصره من شدة الحر، فهو سدر. وفي الأساس: سدر بصره واسمدر: تحير فلم يحسن الإدراك. وفي بصره سدر وسمادير. وعينه سدرة. وإنه سادر في الغي: تائه، وتكلم سادرا: غير متثبت في كلامه، انتهى. وقال ابن الأعرابي: سدر: قمر، وسدر من شدة الحر. وسدر ككتف: البحر، قاله الجوهري. قيل: لم يسمع به إلا في شعر أمية بن أبي الصلت:

فكأن برقع والملائك حولها     سدر تواكله القوائم أجرد وقبله:

فأتم ستا فاستوت أطباقها     وأتى بسابعة فأنى تورد وأراد بالقوائم هنا الرياح. وتواكلته: تركته، شبه السماء بالبحر عند سكونه وعدم تموجه. وقال ابن سيده، وأنشد ثعلب:

وكأن برقع والملائك تحتها     سدر تواكله قوائم أربـع

صفحة : 2937

قال: سدر: يور. وقوائم أربع، هم الملائكة لا يدرى كيف خلقهم. قال: شبه الملائكة في خوفها من الله تعالى بهذا الرجل السدر. وقال الصاغاني فيما رد به على الجوهري: إن الصحيح في الرواية سدر، بالكسر. وأراد به الشجر لا البحر، وتبعه صاحب الناموس، وشذ شيخنا فأنكره عليه. ويأتي للمصنف في و ك ل سدر تواكله القوائم: لا قوائم له: فتأمل. والسدار، ككتاب: شبه الخدر يعرض في الخباء. والسيدارة، بالكسر: الوقاية على رأس المرأة تكون تحت المقنعة، وهي العصابة أيضا. وقيل: هي القلنسوة بلا أصداغ، عن الهجري. وسدر، كقبر: لعبة للصبيان، وهي التي تسمى الطبن ؛ وهي خط مستدير، يلعب بها الصبيان. وفي حديث بعضهم رأيت أبا هريرة يلعب السدر . قال ابن الأثير: هو لعبة يلعب بها يقامر بها، وتكسر سينها وتضم، وهي فارسية معربة عن ثلاثة أبواب. ومنه حديث يحيى بن أبي كثير: السدر هي الشيطانة الصغرى يعني أنها من أمر الشيطان. قلت: وسيأتي للمصنف في فرق . ونقل شيخنا عن أبي حيان أنها بالفتح كبقم. قلت: فهو مثلث، وقد أغفله المصنف. والأسدران: المنكبان: وقيل: عرقان في العينين أو تحت الصدغين. وفي المثل: جاء يضرب أسدريه يضرب للفارغ الذي لا شغل له. وفي حديث الحسن: يضرب أسدريه، أي عطفيه ومنكبيه، يضرب بيديه عليهما، وهو بمعنى الفارغ. قال أبو زيد. يقال للرجل إذا جاء فارغا: جاء ينفض أسدريه. وقال بعضهم: جاء ينفض أصدريه، أي عطفيه. قال: وأسدراه: منكباه: وقال ابن السكيت: جاء ينفض أزدريه، بالزاي، أي جاء فارغا ليس بيده شيء، ولم يقض طلبته، وقد تقدم شيء من ذلك في أزدريه. ويقال: سدر الشعر فانسدر،وكذلك الستر، لغة في سدله فانسدل، أي أسله وأرخاه. وانسدر: أسرع بعض الإسراع. وقال أبو عبيد: يقال: انسدر فلان يعدو، وانصلت يعدو، إذا انحدر واستمر في عدوه مسرعا.

ومما يستدرك عليه: سدر ثوبه يسدره سدرا وسدورا: شقه، عن يعقوب. وشعر مسدور، كمسدول، أي مسترسل. وسدر ثوبه، سدرا إذا أرسله طولا، عن اللحياني. وقال أبو عمرو: تسدر بثوبه، إذا تجلل به. والسدير، كأمير: منبع الماء، عن ابن سيده. وسدير النخل: سواده ومجتمعه. وقال أبو عمرو: سمعت بعض قيس يقول: سدل الرجل في البلاد، وسدر، إذا ذهب فيها فلم يثنه شيء. وبنو سادرة: حي من العرب. وسدرة، بالكسر: قبيلة. قال:

قد لقيت سدرة جمعا ذا لها
وعددا فخما وعزا بزرى

ورجل سندرى: شديد، مقلوب عن سرندى. وأبو موسى السدراني، بالكسر: صوفي مشهور، من المغرب. والسدة، بالكسر: من منازل حاج مصر. والسدار، ككتان: الذي يبيع ورق السدر. وقد نسب إليه جماعة. وسدرة بن عمرو، في قيس عيلان. وفي تلامذة الأصمعي رجل يعرف بالسدري، بصري، وهو نسبة لمن يطحن ورق السدر ويبيعه. وسدور، كصبور، ويقال سديور، بفتح فكسر فسكون ففتح، قرية بمرو، فيها قبر الربيع بن أنس صاحب أبي العالية الرياحي. وبنو السدرى: قوم من العلويين.

س-ر-ر

صفحة : 2938

السر، بالكسر: ما يكتم في النفس من الحديث، قال شيخنا: وما يظهر، لأنه من الأضداد. قلت: يقال: سررته: كتمته، وسررته: أعلنته، وسيأتي قريبا، كالسريرة. وقال الليث: السر: ما أسررت به، والسريرة: عمل السر من خير أو شر. ج: أسرار، وسرائر، وفيه اللف والنشر المرتب. من المجاز: السر: الجماع، عن أبي الهيثم. السر: الذكر ، وخصصه الأزهري بذكر الرجل، ومثله في كتاب الفرق، لابن السيد، قال الأفوه الأودي:

لما رأت سرى تغير وانثـنـى     من دون نهمة شبرها حين انثنى ورواية ابن السيد:

ما بال عرسى لا تهش لعهدنا     لما رأت سري تغير وانثنى وصححه بعض من لا خبرة له بالنقول بالذكر، أي بكسر الذال، وعلله بأنه من الأسرار الإلهية، وهو غلط محض. قاله شيخنا. من المجاز: السر: النكاح، وواعدها سرا، أي نكاحا، قال ابن السيد: وهو كناية عنه، قال تعالى: ولكن لا تواعدوهن سرا وقال الحطيئة:

ويحرم سر جارتهم عليهـم      ويأكل جارهم أنف القصاع وقيل: إنما سمي به لأنه يكتم، قال رؤبة:

فعف عن أسرارها بعد العسق     ولم يضعها بين فرك وعشق من الكناية أيضا: السر: الإفصاح به والإكثار منه، وهو أن يصف أحدهم نفسه للمرأة في عدتها في النكاح، وبه فسر الفراء قوله تعالى ولكن لا تواعدوهن سرا وقال أبو الهيثم: السر: الزنا وبه فسر الحسن الآية المذكورة، قال: وهو قول أبي مجلز. وقال مجاهد: هو أن يخطبها في العدة. من المجاز: السر: فرج المرأة. ويقال: التقى السران، أي الفرجان. في الحديث: صوموا الشهر وسره قيل: السر: مستهل الشهر وأوله، أو آخره، أو سره: وسطه وجوفه فكأنه أراد الأيام البيض. قال ابن الأثير: قال الأزهري: لا أعرف السر بهذا المعنى.

السر: الأصل. السر:الأرض الكريمة الطيبة. يقال: أرض سر، وقيل: هي أطيب موضع فيه، وجمعه سرر، كقدر وقدر، وأسرة، كقن وأقنة، والأول نادر، قال طرفة:

تربعت القفين في الشول ترتعي حدائق مولى الأسرة أغيد السر: جوف كل شيىء ولبه ومنه سر الشهر، وسر الليل. من المجاز: السر: محض النسب وخالصه وأفضله، يقال: فلان في سر قومه، أي في أفضلهم ، وفي الصحاح: في أوسطهم .كالسرار والسرارة، بفتحهما.

وسرار الحسب وسرارته: أوسطه. وفي حديث ظبيان: نحن قوم من سرارة مذحج . أي من خيارهم. السر بالكسر: واحد أسرار الكف لخطوطها من باطنها كالسرر، ويضمان، والسرار، ككتاب، فهي خمس لغات، قال الأعشى:

فانظر إلى كف وأسرارهـا     هل أنت إن أوعدتني ضائري وقد يطلق السر على خط الوجه والجبهة، وفي كل شئ، وجمعه أسرة، قال عنترة:

بزجاجة صفـراء ذات أسـرة     قرنت بأزهر في الشمال مفدم وجج، أي جمع الجمع، أسارير، وفي حديث عائشة رضى الله عنها في صفته صلى الله عليه وسلم تبرق أسارير وجهه. قال أبو عمرو:الأسارير هي الخطوط التي في الجبهة من التكسر فيها واحدها سرر قال شمر: سمعت ابن الأعرابي يقول في قوله: تبرق أسارير وجهه، قال: خطوط وجهه، سر وأسرار، وأسارير جمع الجمع.