باب السين المهملة
هي والصاد والزاي أسلية؛ لأن
مبدأها من أسلة اللسان، وهي مستدق طرف اللسان، وهذه الثلاثة في حيز واحد.
والسين من الحروف المهموسة، ومخرج السين بين مخرجي الصاد والزاي. قال
الأزهري: لا تأتلف الصاد مع السين ولا مع الزاي في شيء من كلام العرب.
فصل الهمزة مع السين المهملة
أ-ب-س
أبسه يأبسه أبسا: وبخه وروعه وغاظه، قاله الخليل. أبس به يأبس أبسا: ذلله
وقهره، عن ابن الأعرابي. وكسره وزجره، قال العجاج:
ليوث هيجا لم ترم بأبس أي بزجر وإذلال. أبس فلانا: حبسه وقهره. وبكعه بما يسوؤه وقابله بالمكروه. قيل: صغره وحقره، نقله الأصمعي، كأبسه تأبيسا. وبكل ذلك فسر حديث جبير ابن مطعم: جاء رجل إلى قريش من فتح خيبر فقال: إن أهل خيبر أسروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويريدون أن يرسلوا به إلى قومه؛ ليقتلوه، فجعل المشركون يؤبسون به العباس. وكذلك قول العباس بن مرداس يخاطب خفاف بن ندبة:
إن تك جلمود صخر لا أؤبـسـه
أوقد عليه فأحميه فـينـصـدع
السلم يأخذ منها ما رضـيت بـه
والحرب يكفيك من أنفاسها جرع
قال ابن بري: التأبيس: التذليل، ويروى: إن تك جلمود بصر، وقال: البصر: حجارة بيض. وقال صاحب اللسان: ورأيت في نسخة من أمالي ابن بري بخط الشيخ رضي الدين الشاطبي رحمه الله تعالى، قال: أنشده المفجع في الترجمان:
إن تك جلمود صخد... وقال بعد إنشاده: صخد: واد. وقال الصاغاني: الصواب فيه لا أؤيسه - بالتحتية - بالمعنى الذي ذكره، كما سيأتي. والأبس: الجدب، نقله الصاغاني في كتابيه. الأبس: المكان الغليظ الخشن، مثل الشأز، ومنه: مناخ أبس، إذا كان غير مطمئن، قال منظور بن مرثد الأسدي يصف نوقا قد أسقطت أولادها، لشدة السير والإعياء:
يتركن في كل منـاخ أبـس كل جنين مشعر في الغرس ويكسر، عن ابن الأعرابي. قال ابن الأعرابي: الأبس: ذكر السلاحف، قال: وهو الغيلم. قال أيضا: الإبس بالكسر: الأصل السوء. قال ابن السكيت: امرأة أباس، كغراب، إذا كانت سيئة الخلق، وأنشد لخذام الأسدي:
رقراقة مثل الفنيق عبهره ليست بسوداء أباس شهبره وتأبس الشيء، إذا تغير، قاله الجوهري، وأنشد قول المتلمس:
تطيف به الأيام ما يتأبس وهكذا أنشده ابن فارس. قلت: وأوله:
ألم تر أن الجون أصبح راسيا
صفحة : 3835
أو هو تصحيف من ابن فارس والجوهري، والصواب تأيس بالمثناة التحتية بالمعنى
الذي ذكره في هذا التركيب، كما نقله الصاغاني في كتابيه في هذه المادة،
وقال أيضا في مادة أيس: والصواب إيرادهما؛ أعني بيتي المتلمس وابن مرداس ها
هنا، لغة واستشهادا، وإنما اقتدى بمن قبله، ونقل من كتبهم، من غير نظر في
دواوين الشعراء، وتتبع الخطوط المتقنة؛ فقول شيخنا: تبع فيه ابن بري،
وتعقبوه وصوبوا ما نقله ابن فارس، محل تأمل ونظر بوجوه. ومما يستدرك عليه:
التأبيس: التعيير. وقيل: الإرغام. وقيل: الإغضاب. وقيل: حمل الرجل على
إغلاظ القول له. وبكل ذلك فسر حديث جبير السابق. وحكى ابن الأعرابي: إباء
أبس مخز كاسر. قال المفضل: إن السؤال الملح يكفيكه الإباء الأبس. وقال
ثعلب: إنما هو الإباء الأبأس، أي الأشد. وأبسس، بفتح فسكون وضم السين
الأولى: اسم مدينة قرب أبلستين من نواحي الروم، وهي خراب، وفيها آثار غريبة
مع خرابها، يقال: فيها أصحاب الكهف والرقيم، قاله ياقوت.
أ-د-س
ومما يستدرك عليه: الإداس - ككتاب - لغة في الحداس، بالحاء المهملة. يقال:
بلغ به الإداس، أي الغاية التي يجري إليها. أو هي لغة. وقد أهمله الجوهري
والصاغاني، وذكره صاحب اللسان والأزهري في ح-د-س.
أ-ر-س
الإرس، بالكسر: الأصل الطيب. هكذا وقع في سائر الأصول هذا الحرف مكتوبا
بالسواد، وهو الصواب. وفي التكملة: أهمله الجوهري، وكأنه سبق قلم، فإنه
موجود في نسخ الصحاح. قال ابن الأعرابي: الأريس والإريس، كجليس وسكيت:
الأكار. والأخير عن ثعلب أيضا.، فالأول ج، أريسون، والثاني جمعه إريسون،
وأرارسة، وأراريس وأرارس، وأرارسة تنصرف، وأرارس لا تنصرف. والفعل منهما:
أرس يأرس أرسا، وأرس يؤرس تأريسا. وفي حديث معاوية: أنه كتب إلى ملك الروم:
لأردنك إريسا من الأرارسة، ترعى الدوابل. وفي حديث آخر: فعليك إثم
الإريسيين، مجموعا منسوبا، والصحيح بغير نسب، ورده عليه الطحاوي، وحكي عن
أبي عبيد أيضا أن المراد بهم الخدم والخول، يعني بصده لهم عن الدين. وقال
الصاغاني: وقولهم للأريس أريسي، كقول العجاج:
والدهر بالإنسان دواري
صفحة : 3836
أي دوار. قال الأزهري: وهي لغة شامية، وهم فلاحو السواد الذين لا كتاب لهم.
وقيل: الأريسيون: قوم من المجوس لا يعبدون النار، ويزعمون أنهم على دين
إبراهيم عليه السلام وعلى نبينا. وفيه وجه آخر هو أن الإريسين هم المنسوبون
إلى الإريس، مثل المهلبين والأشعرين المنسوبين إلى المهلب والأشعر، فيكون
المعنى: فعليك إثم الذين هم داخلون في طاعتك، ويجيبونك إذا دعوتهم، ثم لم
تدعهم للإسلام، ولو دعوتهم لأجابوك، فعليك إثمهم، لأنك سبب منعهم الإسلام.
وقال بعضهم: في رهط هرقل فرقة تعرف بالأروسية، فجاء على النسب إليهم. وقيل:
إنهم أتباع عبد الله بن أريس، رجل كان في الزمن الأول، قتلوا نبيا بعثه
الله إليهم. والفعل منهما: أرس يأرس أرسا، من حد ضرب، أي صار أريسا، وأرس
يؤرس تأريسا: صار أريسا، أي أكارا. قاله ابن الأعرابي. الإريس كسكيت:
الأمير، عن كراع، حكاه في باب فعيل، وعدله بإبيل، والأصل عنده فيه رئيس على
فعيل من الرياسة فقلب. وأرسه تأريسا: استعمله واستخدمه ، فهو مؤرس، كمعظم،
وبه فسر الحديث السابق، وإليه مال ابن بري في أماليه، حيث قال بعد أن ذكر
قول أبي عبيدة الذي تقدم: والأجود عندي أن يقال: إن الإريس كبيرهم الذي
يمتثل أمره، ويطيعونه إذا طلب منهم الطاعة، ويدل على ذلك قول أبي حزام
العكلي:
لا تبئني وأنت لي بك وغد لا تبئ بالمؤرس الإريسا يريد: لا تسوني بك وأنت لي وغد، أي عدو، ولا تسو الإريس، وهو الأمير، بالمؤرس، وهو المأمور. فيكون المعنى في الحديث: فعليك إثم الإريسين: يريد الذين هم قادرون على هداية قومهم، ثم لم يهدوهم.، وأنت إريسهم الذي يجيبون دعوتك ويمتثلون أمرك، وإذا دعوتهم إلى أمر طاوعوك، فلو دعوتهم إلى الإسلام لأجابوك، فعليك إثمهم. في حديث خاتم النبي صلى الله عليه وسلم: فسقط من يد عثمان في بئر أريس. كأمير، وهي معروفة بالمدينة قريبا من مسجد قباء، وهي التي وقع فيها خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من عثمان، رضي الله تعالى عنه. ويريس، بالياء، لغة فيه، كما سيأتي. قال شيخنا: وسئل الشيخ ابن مالك عن صرفه فأفتى بالجواز. ومما يستدرك عليه: الأريس، كأمير: العشار، قيل: وبه فسر بعضهم الحديث. وأرسة بن مر، زاد الصاغاني: هو أخو تميم بن مر. قال الأصمعي: لا أدري من أي شيء اشتقاقه. قال الصاغاني في العباب: اشتقاقه مما تقدم من قول ابن الأعرابي: الأرس: الأصل الطيب. والأراريس: الزارعون، وهي شامية. وقال ابن فارس: الهمزة والراء والسين ليست عربية.
أ-س-س
الأس، مثلثة: أصل البناء، كالأساس والأسس، محركة مقصور من الأساس. وأس
البناء مبتدؤه، وهو من الأسماء المشتركة، وأنشد ابن دريد، قال: وأحسبه
لكذاب بني الحرماز:
وأس مجد ثابت وطـيد
نال السماء فرعه مديد
صفحة : 3837
وأس الإنسان وأسه: أصله. قيل: الأس: أصل كل شيء، ومنه المثل: ألصقوا الحس
بالأس. قال ابن الأعرابي: الحس، بالفتح، هنا الشر، والأس: الأصل، يقول:
ألصقوا الشر بأصول من عاديتم أو عاداكم. ج إساس، بالكسر، كعساس، جمع عس،
بالضم، وقذل، بضمتين جمع قذال كسحاب، وأسباب، جمع سبب محركة. ويقال: إن
الآساس كأعناق، جمع أسس، بضمتين، فهو جمع الجمع. وعبارة المصنف ظاهرة،
ومثله في المحكم ولا تسامح فيها، كما ادعاه شيخنا، رحمه الله. من المجاز:
كان ذلك على أس الدهر، مثلثة، وزاد الزمخشري: واست الدهر، أي على قدمه
ووجهه. والأس: الإفساد بين الناس، ويثلث، أس بينهم يؤس أسا. ورجل أساس:
نمام مفسد، قال رؤبة:
وقلت إذ أس الأمور الأسـاس وركب الشغب المسيء المأاس أي أفسدها المفسد. الأس، بالفتح: الإغضاب، هو قريب من معنى الإفساد، وفي بعض النسخ الأعصاب وهو غلط. الأس: سلح النحل، وقد أس أسا، والأشبه أن يكون مجازا، على التشبيه بأس البيوت. الأس: بناء الدار، أسها يؤسها أسا، وأسسها تأسيسا. الأس: زجر الشاة بإس إس، بكسرهما، مبني على السكون، ولغة أخرى بفتحهما. وقد أس بها، إذا زجرها وقال: إس إس. الأس، بالضم: باقي الرماد، بين الأثافي، وقد روي في بيت النابغة الذبياني:
فلم يبق إلا آل خيم منـصـب وسفع على أس ونؤي معثلب قال الصاغاني: وأكثر الرواة يروونه: على آس، ممدودا بهذا المعنى. الأس، بالضم: قلب الإنسان، خص به لأنه أول متكون في الرحم. الأس أيضا: الأثر من كل شيء، وهو من الأسماء المشتركة. والأسيس، كأمير: العوض، عن ابن الأعرابي. الأسيس، أصل كل شيء كالأس. أسيس، كزبير: ع، بدمشق، قيل: هو ماء شرقيها، وقد ذكره امرؤ القيس في شعره فقال:
ولو وافقتهن على أسـيس وحافة إذ وردن بنا ورودا هكذا في اللسان. قلت: والصواب أن أسيسا في قول امرئ القيس اسم موضع في بلاد بني عامر بن صعصعة، وأوله:
فلو أني هلكت بأرض قومي لقلت الموت حق لا خلـودا وأما الذي هو ماء شرقي دمشق فقد جاء في قول عدي بن الرقاع:
قد حباني الوليد يوم أسيس بعشار فيها غنى وبهـاء هكذا فسره ابن السكيت، كذا في المعجم. والتأسيس: بيان حدود الدار، ورفع قواعدها. قاله الليث. قيل: هو بناء أصلها، وقد أسسه، وهذا تأسيس حسن. في المحكم: التأسيس في القافية: الألف التي ليس بينها وبين حرف الروي إلا حرف واحد، كقول النابغة الذبياني:
كليني لهم يا أميمة ناصـب
وليل أقاسيه بطئ الكواكب
صفحة : 3838
فلا بد من هذه الألف إلى آخر القصيدة. قال ابن سيده: هكذا أسماه الخليل
تأسيسا، جعل المصدر اسما له، وبعضهم يقول: ألف التأسيس، فإذا كان ذلك احتمل
أن يريد الاسم والمصدر، وقالوا في الجمع: تأسيسات. أو التأسيس: هو حرف
القافية الذي هو قبل الدخيل، وهو أول جزء في القافية، كألف ناصب. وقال ابن
جني: ألف التأسيس كأنها ألف القافية، وأصلها أخذ من أس الحائط وأساسه، وذلك
أن ألف التأسيس لتقدمها والعناية بها والمحافظة عليها كأنها أس القافية،
وللأزهري فيه تحقيق أبسط من هذا، فراجعه في التهذيب. يقال: خذ أس الطريق،
وذلك إذا اهتديت بأثر أو بعر، فإذا استبان الطريق قيل: خذ شرك الطريق. أس
أس بالضم: كلمة تقال للحية إذا رقوها، ليأخذوها ففرغ أحدهم من رقيته، فتخضع
له وتلين. قاله الليث. ومما يستدرك عليه: أسس بالحرف: جعله تأسيسا. والأساس
كشداد: النمام. والأس: المزين للكذب. وفلان أساس أمره الكذب، وهو مجاز.
وكذا قولهم: من لم يؤسس ملكه بالعدل هدمه. وأسيس، كأمير: حصن باليمن، قاله
ياقوت.
أ-ل-س
الألس: اختلاط العقل، وقيل: ذهابه، وبه فسر الدعاء: اللهم إني أعوذ بك من
الألس والكبر. قاله أبو عبيدة. ألس الرجل، كعني، ألسا فهو مألوس، أي مجنون:
ذهب عقله، عن ابن الأعرابي. وقال غيره: أي ضعيف العقل، قال الراجز:
يتبعن مثل العمج المنسـوس أهوج يمشي مشية المألوس الألس: الخيانة، وبه فسر القتيبي حديث الدعاء السابق، وخطأه ابن الأنباري. الألس أيضا: الغش والخداع، والكذب والسرقة. وبالأول فسر قول الشاعر وهو الحصين بن القعقاع:
هم السمن بالسنوت لا ألس فيهم وهم يمنعون جارهم أن يقردا الألس: إخطاء الرأي، وهو من ذهاب العقل وتذهيله. الثلاثة عن ابن عباد. الألس: الريبة. الألس: تغير الخلق من ريبة أو مرض. يقال: ما ألسك?. الألس: الجنون، يقال: إن به لألسا، وأنشد:
يا جرتينا بالحباب حلسا
إن بنا أو بكم لألسـا كالألاس،
بالضم، أي كغراب. وقال ابن فارس: يقال: هو الذي يظن الظن ولا يكون كذلك.
الألس: الأصل السوء. قال ابن عباد: المألوس: اللبن لا يخرج زبده، ويمر
طعمه، ولا يشرب من مرارته. نقله الصاغاني. وإلياس، بالكسر، والفتح، وبه قرأ
الأعرج ونبيح وأبو واقد والجراح: وإن إلياس علم أعجمي، وزاد في العباب: لا
ينصرف للعجمة والتعريف. قال الله تعالى: وإن إلياس لمن المرسلين وقال
الجوهري: اسم أعجمي. قال شيخنا: هو فعيال من الألس وهو اختلاط العقل. وقيل:
هو إفعال من ليس، يقال: رجل أليس، أي شجاع لا يفر، أو أخذوه من ضد الرجاء
ومدوه. والياس بن مضر في التحتية، وهو اسم عبراني، انتهى. قال الجوهري: وقد
سمت العرب به، وهو الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، قال الصاغاني:
قياسه إلياس النبي صلوات الله عليه على الياس بن مضر في التركيب قياس فاسد،
لأن ابن مضر الألف واللام فيه مثلهما في الفضل، وكذلك أخوه الناس عيلان،
وما كان صفة في أصله أو مصدرا فدخول الألف واللام فيه غير ملازم. وأليس،
كقبيط: ة، بالأنبار. كذا في كتاب الفتوح والعباب. وفي التكملة: موضع. قلت:
وقد جاء ذكره في شعر أبي محجن الثقفي، وكان قد حضر غزاة بها، وأبلى بلاء
حسنا، فقال:
صفحة : 3839
وقربت رواحا وكورا ونمرقا
وغودر في أليس بكر ووائل وآلس، كصاحب: نهر ببلاد الروم، على يوم من طرسوس،
قريب من البحر، من الثغور الجزرية، وفيه يقول أبو تمام يمدح أبا سعيد
الشغري:
فإن يك نصر آتيا نـهـر آلـس فقد وجدوا وادي عقرقس مسلما يقال: ضربه مائة فما تألس، أي ما توجع. يقال: هو لا يدالس ولا يؤالس، أي لا يخادع ولا يخون، فالمدالسة من الدلس وهي الظلمة، يراد أنه لا يعمي عليك الشيء فيخفيه ويستر ما فيه من عيب. والمؤالسة: الخيانة. ومما يستدرك عليه: قال أبو عمرو: يقال: إنه لمألوس العطية، وقد ألست عطيته، إذا منعت من غير إياس منها. ويقال للغريم: إنه ليتألس فما يعطي وما يمنع. والتألس: أن يكون يريد أن يعطي وهو يمنع، وأنشد:
وصرمت حبلك بالتألس ويقال: ما ذقت عنده ألوسا، أي شيئا من الطعام، وكذا مألوسا. وألوس، كصبور اسم رجل سميت به بلدة على الفرات، قرب عانات والحديثة، قال ياقوت: وغلط أبو سعد الإدريسي فقال: إنها بساحل بحر الشام قرب طرسوس، وإنما غره نسبة أبي عبد الله عمر بن حصن بن خالد الألوسي الطرسوسي، من شيوخ الطبراني، وابن المقري، وإنما هو من ألوس، وسكن طرسوس: فنسب إليها. ويقال فيها أيضا: آلوسة، بالمد.
أ-م-س
أمس، مثلثة الآخر، من ظروف الزمان مبنية على الكسر، إلا أن ينكر أو يعرف،
وربما بني على الفتح، نقله الزجاجي في أماليه. وقال ابن هشام على القطر: إن
البناء على الفتح لغة مردودة، وأما البناء على الضم فلم يذكره أحد من
النحاة. ففي قول المصنف حكاية التثليث نظر حققه شيخنا، وهو اليوم الذي قبل
يومك الذي أنت فيه بليلة. قال ابن السكيت: تقول: ما رأيته مذ أمس، فإن لم
تره يوما قبل ذلك قلت: ما رأيته مذ أول من أول من أمس، وقال ابن برزج:
ويقال: ما رأيته قبل أمس بيوم، يريد من أول من أمس، وما رأيته قبل البارحة
بليلة. وفي الصحاح: أمس اسم حرك آخره لالتقاء الساكنين، واختلفت العرب فيه،
فأكثرهم يبنيه على الكسر معرفة، ومنهم من يعربه معرفة، وكلهم يعربه إذا دخل
عليه الألف واللام أو صيره نكرة أو أضافه. قال ابن بري: اعلم أن أمس مبنية
على الكسر عند أهل الحجاز، وبنو تميم يوافقونهم في بنائها على الكسر في حال
النصب والجر، فإذا جاءت أمس في موضع رفع أعربوها فقالوا: ذهب أمس بما فيه،
لأنها مبنية، لتضمنها لام التعريف، والكسرة فيها لالتقاء الساكنين، وأما
بنو تميم فيجعلونها في الرفع معدولة عن الألف واللام، فلا تصرف للتعريف
والعدل، كما لا تصرف سحرا إذا أردت به وقتا بعينه، للتعريف والعدل، قال
واعلم أنك، إذا نكرت أمس أو عرفتها بالألف واللام أو أضفتها أعربتها، فتقول
في التنكير: كل غد صائر أمسا، وتقول في الإضافة ومع لام التعريف: كان أمسنا
طيبا، وكان الأمس طيبا. قال: وكذلك لو جمعته لأعربته. وسمع بعض العرب يقول:
رأيته أمس، منونا، لأنه لما بني على الكسر شبه بالأصوات، نحو غاق فنون وهي
لغة شاذة. ج، آمس، بالمد وضم الميم. وأموس، بالضم، وآماس كأصحاب، وشاهد
الثاني قول الشاعر:
مرت بنا أول من أموس
تميس فينا مشية العروس
صفحة : 3840
قال الزجاج: إذا جمعت أمس على أدنى العدد قلت: ثلاثة آمس، مثل فلس وأفلس،
وثلاثة آماس، مثل فرخ وأفراخ، فإذا كثرت فهي الأموس، مثل فلس وفلوس. ومما
يستدرك عليه: آمس الرجل: خالف. قال أبو سعيد: والنسبة إلى أمس إمسي،
بالكسر، على غير قياس، وهو الأفصح. قال العجاج:
وجف عنه العرق الإمسي وروي جواز الفتح عن الفراء، كما نقله الصاغاني. والمأموسة: النار، في قول الأحمر الباهلي، ولم يسمع إلا في شعره، وهي الأنيسة والمأنوسة، كما سيأتي. وأماسية، بفتح الهمزة وتخفيف الميم، كورة واسعة ببلاد الروم، منها: العز محمد بن عثمان بن صالح رسول الأماسي الدمشقي الحنفي، سمع في الحجاز على أبيه، وتوفي سنة 798، وولده محمد ممن سمع.
أ-ن-س
الإنس، بالكسر: البشر، كالإنسان، بالكسر أيضا، وإنما لم يضبطهما لشهرتهما،
الواحد إنسي، بالكسر، وأنسي، بالتحريك. قال محمد بن عرفة الواسطي: سمي
الإنسيون لأنهم يؤنسون، أي يرون، وسمي الجن جنا لأنهم مجنونون عن رؤية
الناس، أي متوارون. ج، أناسي، ككرسي وكراسي، وقيل: هو جمع إنسان، كسرحان
وسراحين، ولكنهم أبدلوا الياء من النون، كما قالوا للأرانب: أراني، قاله
الفراء، وقرأ الكسائي ويحيى بن الحارث قوله تعالى: وأناسي كثيرا بالتخفيف،
أسقط الياء التي تكون فيما بين عين الفعل ولامه، مثل: قراقير وقراقر، يبين
جواز أناسي بالتخفيف قولهم: أناسية كثيرة، جعلوا الهاء عوضا من إحدى ياءي
أناسي جمع إنسان، وقال المبرد: أناسية جمع إنسية، والهاء عوض من الياء
المحذوفة، لأنه كان يجب أناسي بوزن زناديق وفرازين، وأن الهاء في زنادقة
وفرازنة إنما هي بدل من الياء، وأنها لما حذفت للتخفيف عوضت منها الهاء،
فالياء الأولى من أناسي بمنزلة الياء من فرازين وزناديق، والياء الأخيرة
منه بمنزلة القاف والنون منهما، ومثل ذلك جحجاح وجحاجحة، إنما أصله جحاجيح.
قد يجمع الإنس على آناس، مثل: إجل وآجال، هكذا ضبطه الصاغاني، وسيأتي في
ن-و-س أنه أناس، بالضم، فتأمل. والمرأة أيضا إنسان، وقولهم: إنسانة،
بالهاء، لغة عامية، كذا قاله ابن سيده، وقال شيخنا: بل هي صحيحة وإن كانت
قليلة، ونقله صاحب همع الهوامع والرضي في شرح الحاجبية، ونقله الشيخ يس في
حواشيه على الألفية عن الشيخ ابن هشام، فلا يقال إنها عامية بعد تصريح
هؤلاء الأئمة بورودها، وإن قال بعضهم: إنها قليلة، فالقلة عند بعض لا تقتضي
إنكارها وأنها عامية. انتهى، فانظر هذه مع قول ابن سيده: ولا يقال إنسانة،
والعامة تقوله. وسمع في شعر بعض المولدين، قيل: هو أبو منصور الثعالبي صاحب
اليتيمة، والمضاف والمنسوب، وغيرهما، كما صرح به في كتبه مدعيا أنه لم يسبق
لمعناه كما قاله شيخنا، وكأنه مولد لا يستدل به:
لقد كستني في الهوى
ملابس الصب الغزل
إنـسـانة فـتــانة بدر
الدجى منها خجل
إذا زنت عيني بـهـا فبالدموع
تغـتـسـل
صفحة : 3841
قلت: وهذا البيت الأخير الذي ادعى فيه أنه لم يسبق لمعناه، ولما رأى بعض
المحشين إيراد هذه الأبيات ظن أنها من باب الاستدلال، فاعترض عليه بقوله:
لا وجه لإيراده وتشككه فيه، وأجيب عنه بأنه قد يقال: إن الثعالبي من أئمة
اللغة الثقات، وهذا غلط ظاهر، وتوهم باطل، إذ المصنف لم يأت به دليلا، ولا
أنشده على أنه شاهد، بل ذكره على أنه مولد ليس للعامة أن يستدلوا به،
فتأمل. حققه شيخنا، قال: وقد ورد في أشعار العرب قليلا، قال كامل الثقفي:
إنسانة الحي أم أدمانة السمـر بالنهي رقصها لحن من الوتر قال: وحكى الصفدي، في شرح لامية العجم، أن ابن المستكفي اجتمع بالمتنبي بمصر، وروى عنه قوله:
لاعبت بالخاتـم إنـسـانة
كمثل بدر في الدجى الناجم
وكلما حاولت أخـذي لـه من
البنان المترف الناعـم
ألقته في فيها فقلت انظروا قد
أخفت الخاتم في الخاتم
والأناس بالضم: لغة في الناس، قال سيبويه: والأصل في الناس الأناس مخفف، فجعلوا الألف واللام عوضا عن الهمزة، وقد قالوا: الأناس، قال الشاعر:
إن المـنـايا يطـلـع ن على الأناس الآنسينا وأنس بن أبي أناس بن زنيم الكناني الديلي: شاعر وأخوه أسيد، وهما ابنا أخي سارية بن زنيم الصحابي، وقيل: إن أبا أناس هذا له صحبة، وهو أيضا شاعر، ومن قوله:
وما حملت من ناقة فوق رحلها أبر وأوفى ذمة من محـمـد صلى الله عليه وسلم. من المجاز: الإنسي، بالكسر: الأيسر من كل شيء، قاله أبو زيد، وقال الأصمعي: هو الأيمن، وقال: كل اثنين من الإنسان مثل الساعدين والزندين والقدمين، فما أقبل منهما على الإنسان فهو إنسي، وما أدبر عنه فهو وحشي، وفي التهذيب: الإنسي من الدواب: هو الجانب الأيسر الذي منه يركب ويحتلب، وهو من الآدمي: الجانب الذي يلي الرجل، والوحشي من الإنسان: الذي يلي الأرض. الإنسي من القوس: ما أقبل عليك منها ، وقيل: ما ولي الرامي، ووحشيها: ما ولي الصيد، وسيأتي تحقيق ذلك في الشين إن شاء الله تعالى. والإنسان: معروف، والجمع الناس، مذكر، وقد يؤنث على معنى القبيلة والطائفة، حكى ثعلب: جاءتك الناس، معناه جاءتك القبيلة أو القطعة. والإنسان له خمسة معان: أحدها الأنملة، قاله أبو الهيثم، وأنشد:
تمري بإنسانها إنسان مقلتهـا إنسانة في سواد الليل عطبول كذا في التكملة، وفي اللسان فسره أبو العميثل الأعرابي فقال: إنسانها: أنملتها، قال ابن سيده: ولم أره لغيره، وقال:
أشارت لإنسان بإنسان كفها لتقتل إنسانا بإنسان عينهـا ثانيها: ظل الإنسان. ثالثها: رأس الجبل. رابعها: الأرض التي لم تزرع. خامسها: المثال الذي يرى في سواد العين، ويقال له: إنسان العين، وج، أناسي، قال ذو الرمة يصف إبلا غارت عيونها من التعب والسير:
إذا استحرست آذانها استأنست لها
أناسي ملحود في
الحـواجـب
صفحة : 3842
يقول: كأن محار أعينها جعلن لها لحودا، وصفها بالغؤور، قال الجوهري: ولا
يجمع على أناس، وفي الأساس: ومن المجاز: تخيرت من كتابه سويدات القلوب،
وأناسي العيون. من المجاز: هو إنسك، وابن إنسك، بالكسر فيهما: أي صفيك
وخاصتك، قاله الأحمر، ويقال: هذا حدثي وإنسي وجلسي كله بالكسر، وقال أبو
زيد: تقول العرب للرجل: كيف ترى ابن إنسك، إذا خاطبت الرجل عن نفسك، ومثله
قول الفراء، ونقله الجوهري. والأنوس من الكلاب كصبور: ضد العقور، ج، أنس،
بضمتين. ومئناس، كمحراب: امرأة، وابنه شاعر مرادي، هكذا في النسخ، وفي
بعضها وابنها شاعر مرادي، وهو الصواب، ومثله في العباب. والأغر بن مأنوس
اليشكري: شاعر جاهلي، هكذا في النسخ بالغين المعجمة والراء وفي بعضها
بالعين المهملة والزاي. قال أبو عمرو: الأنيس، كأمير: الديك، وهو الشقر
أيضا. الأنيس: المؤانس. الأنيس: كل مأنوس به، وفي بعض الأصول: كل ما يؤنس
به. من المجاز: باتت الأنيسة أنيسته، قال ابن الأعرابي: الأنيسة بهاء:
النار، كالمأنوسة، ويقال لها: السكن؛ لأن الإنسان إذا آنسها ليلا أنس بها
وسكن إليها وزالت عنه الوحشة وإن كان بالأرض القفر، وفي المحكم: مأنوسة
والمأنوسة جميعا: النار، قال: ولا أعرف لها فعلا، فأما آنست فإنما حظ
المفعول منها مؤنسة، وقال ابن أحمر:
كما تطاير عن مأنوسة الشرر قال الأصمعي: ولم يسمع به إلا في شعر ابن أحمر. وجارية آنسة: طيبة النفس، تحب قربك وحديثك، والجمع آنسات وأوانس، قاله الليث، ومثله في الأساس، وفي اللسان: طيبة الحديث، قال النابغة الجعدي:
بآنسة غير أنس القراف تخلط باللين منها شماسا وقال الكميت:
فيهن آنسة الحديث حبيبة ليست بفاحشة ولا متفال أي تأنس حديثك، ولم يرد أنها تؤنسك؛ لأنه لو أراد ذلك لقال: مؤنسة. والأنس، بالضم، والأنس، بالتحريك، والأنسة محركة: ضد الوحشة، وهو الطمأنينة، وقد أنس به، مثلثة النون، الضم: نقله الصاغاني، قال شيخنا وهو ضبط للماضي، ولم يعرف حكم المضارع، ولا في كلامه ما يؤخذ منه، والصواب وقد أنس، كعلم وضرب وكرم، قلت: ضبطه للماضي بالتثليث كاف في ضبط الأبواب الثلاثة التي ذكرها فهي لا تخرج مما ضبطه المصنف، وهو ظاهر عند التأمل، وليس الكلام في ذلك، وقد روى أبو حاتم عن أبي زيد: أنست به إنسا، بكسر الألف، ولا يقال: أنسا، إنما الأنس حديث النساء ومؤانستهن، وكذلك قال الفراء: الأنس بالضم: الغزل، فينظر هذا مع اقتصار المصنف على الضم والتحريك، وإنكار أبي حاتم الضم، على أن في التهذيب أن الذي هو ضد الوحشة هو الأنس، بالضم، وقد جاء فيه الكسر قليلا، فليتأمل. والأنس، محركة: الجماعة الكثيرة من الناس، تقول: رأيت بمكان كذا وكذا أنسا كثيرا، أي ناسا كثيرا. الأنس: الحي المقيمون، والجمع آناس، قال عمرو ذو الكلب:
بفتيان عمارط من هذيل
هم ينفون آناس الحلال
صفحة : 3843
أنس، بلا لام، هو ابن مالك بن النضر بن ضمضم الأنصاري الخزرجي، كنيته أبو
حمزة، خادم النبي صلى الله عليه وسلم وأحد المكثرين من الرواية، وكان آخر
الصحابة موتا بالبصرة، قال شعيب بن الحبحاب: مات سنة تسعين، وقيل: إحدى
وتسعين، وقال أبو نعيم الكوفي: سنة ثلاث وتسعين. ومن المتفق والمفترق: أنس
بن مالك خمسة: اثنان من الصحابة، أبو حمزة الأنصاري، وأبو أمية الكعبي،
والثالث أنس بن مالك: الفقيه، والرابع كوفي والخامس حمصي. وآنسه إيناسا: :
ضد أوحشه. وأنس به وأنس به، بمعنى واحد. آنس الشيء إيناسا: أبصره ونظر
إليه، وبه فسر قوله تعالى: آنس من جانب الطور نارا . وفي حديث هاجر
وإسماعيل: فلما جاء إسماعيل عليه السلام كأنه آنس شيئا أي أبصر ورأى شيئا
لم يعهده. كأنسه تأنيسا، فيهما، وبهما فسر قول الأعشى:
لا يسمع المرء فيها ما يؤنسه بالليل إلا نئيم البوم والضوعا آنس الشيء: علمه، يقال: آنست منه رشدا، أي علمته، وفي الحديث: حتى تؤنس منه الرشد أي تعلم منه كمال العقل، وسداد الفعل، وحسن التصرف. آنس فزعا: أحس به ووجده في نفسه. آنس الصوت: سمعه، قال الحارث بن حلزة يصف نبأة:
آنست نبأة وأفزعها الـقـن اص عصرا وقد دنا الإمساء والمؤنسة، كمكرمة، كما في نسختنا، وفي بعضها كمحدثة: ة قرب نصيبين على مرحلة منها للقاصد إلى الموصل، بها خان بناه أحد التجار سنة 615 وهي منزل القوافل الآن، ورؤساؤها التركمان. والمؤنسية: ة بالصعيد شرقي النيل، نسبت إلى مؤنس الخادم مملوك المعتصم، أيام المقتدر، عند قدومه مصر لقتال المغاربة. قلت: وهي في جزيرة من أعمال قوص دونها بيوم واحد. ويونس، مثلثة النون، ويهمز حكاه الفراء: علم نبي من الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وهو ابن متى، عليه وعلى نبينا السلام، قرأ سعيد بن جبير، والضحاك، وطلحة بن مصرف، والأعمش، وطاؤوس، وعيسى بن عمر، والحسن بن عمران، ونبيح، والجراح: يونس، بكسر النون، في جميع القرآن. يقال: إذا جاء الليل استأنس كل وحشي، واستوحش كل إنسي، أي ذهب توحشه. يقال: استأنس الوحشي: أحس إنسيا. وقال الفراء: الاستئناس في كلام العرب: النظر، يقال: اذهب فاستأنس هل ترى أحدا? فيكون معناه: هل ترى أحدا في الدار، وقال النابغة:
بذي الجليل على مستأنس وحد
صفحة : 3844
أي على ثور وحشي أحس بما رابه، فهو يستأنس، أي يتبصر ويتلفت هل يرى أحدا.
أراد أنه مذعور، فهو أجد لعدوه وفراره وسرعته. استأنس الرجل: استأذن وتبصر،
وبه فسر قوله تعالى: لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا قال
الزجاج: معنى تستأنسوا في اللغة تستأذنوا، ولذلك جاء في التفسير تستأنسوا
فتعلموا: أيريد أهلها أن تدخلوا، أم لا? وقال الفراء: هذا مقدم ومؤخر، إنما
هو حتى تسلموا وتستأنسوا؛ السلام عليكم، أدخل أم لا? وكان ابن عباس يقرأ
هذه الآية حتى تستأذنوا قال: تستأنسوا خطأ من الكاتب، قال الأزهري: قرأ أبي
وابن مسعود تستأذنوا كما قرأ ابن عباس، والمعنى فيهما واحد، وقال قتادة
ومجاهد: تستأنسوا هو الاستئذان. والمتأنس والمستأنس: الأسد، كما في
التكملة، أو المتأنس: الذي يحس الفريسة من بعد ويتبصر لها، ويتلفت، قيل:
وبه سمي الأسد. يقال: ما بالدار من أنيس، وفي بعض النسخ: ما بالدار أنيس،
أي أحد، وفي الأساس: من يؤنس به. من المجاز: لبس المؤنسات، أي السلاح كله،
قال الشاعر:
ولـسـت بـزمـيلة نـأنـإ
خفي إذا ركب العود عـودا
ولكنني أجمع المـؤنـسـات إذا
ما استخف الرجال الحديدا
يعني أنه يقاتل بجميع السلاح. أو
المؤنسات: الرمح والمغفر والتجفاف والتسبغة، كتكرمة، وهي الدرع وفي بعض
النسخ: النيعة، وفي أخرى: النسيعة، والصواب ما قدمنا. والترس، قاله الفراء،
وزاد ابن القطاع: والقوس والسيف والبيضة. ومؤنس، كمحدث: ابن فضالة الظفري:
صحابي. وفاته مؤنس بن معمر الفقيه، حدث عن ابن البخاري، ومؤنس الحنفي،
وأحمد بن يونس بن عبد الملك. وغيرهم، واختلف في عياش بن مؤنس على ثلاثة
أقوال ذكرها. أنيس، كزبير: علم، منهم أنيس بن قتادة الأنصاري الذي شهد
بدرا، قاله الواقدي. وكأمير: ابن عبد المطلب كنيته أبو رهم: جاهلي، كذا
نقله الصاغاني، وكذا في النسخ، والصواب أنه أنيس بن المطلب بن عبد مناف،
كذا حققه الحافظ وأئمة النسب، وهو قول الزبير بن بكار، ونقله الصاغاني في
العباب. ووهب بن مأنوس الصنعاني: من أتباع التابعين، نقله الصاغاني. وأبو
أناس، كغراب، عبد الملك بن جؤية، قال يحيى بن آدم: أخباري مقل. وفاته أبو
أناس بن علي بن حمزة الكسائي، ذكره خلف بن هشام البزاز في أحكامه. وأم أناس
بنت أبي موسى الأشعري الصحابي وأم أناس بنت قرط: جدة لعبد المطلب بن هاشم،
وأم أناس بنت أهيب الجمحية: جدة لأسماء بنت أبي بكر الصديق. وغيرهن، كأم
أناس بنت عوف بن محلم بن ذهل بن شيبان، وأم أناس بنت أبي بكر بن كلاب، وهي
أم الخلعاء، بطن من عامر بن صعصعة، ذكره ابن الكلبي، وسيأتي. ومما يستدرك
عليه: الاستئناس والتأنس، بمعنى الأنس، وقد أنس به، واستأنس وتأنس، بمعنى.
والحمر الإنسية، في الحديث، بكسر الهمزة، على المشهور، وهي التي تألف
البيوت، وفي كتاب أبي موسى ما يدل على أن الهمزة مضمومة، ورواه بعضهم
بالتحريك، وليس بشيء، قال ابن الأثير: إن أراد أن الفتح غير معروف في
الرواية يجوز، وإن أراد أنه غير معروف في اللغة فلا، فإنه مصدر أنست به آنس
أنسا وأنسة. واستأنس: أبصر، وبه فسر قول ذي الرمة السابق. وإنسان السيف
والسهم: حدهما. والإنس، بالكسر: أهل المحل، والجمع آناس، قال أبو ذؤيب:
صفحة : 3845
منايا يقربن الحتوف لأهلـهـا
جهارا ويستمعن بالأنس الجبل هكذا في اللسان، والصواب في قوله: ويستمتعن
بالأنس الجبل. محركة، وهو الجماعة، والجبل بالفتح: الكثير، وقد تقدم ذلك في
كلام المصنف . والأنس محركة، لغة في الإنس بالكسر، وأنشد الأخفش على هذه
اللغة:
أتوا ناري فقلت منون أنـتـم
فقالوا الجن قلت عموا ظلاما
فقلت إلى الطعام فقال منهـم
زعيم نحسد الأنس الطعامـا
قال ابن بري: الشعر لشمر بن الحارث الضبي، وقد ذكر سيبويه البيت الأول، وقال: جاء فيه منون مجموعا للضرورة، وقياسه: من أنتم? وقالوا: كيف ابن أنسك، بالضم، أي كيف نفسك، وهو مجاز. ومن أمثالهم: آنس من حمى. يريدون أنها لا تكاد تفارق العليل، كأنها آنسة به. وقال أبو عمرو: الأنس محركة: سكان الدار، قال العجاج:
وبلدة ليس بهـا طـوري ولا خلا الجن بها إنسـي
تلقى وبئس الأنس الجني وكانت العرب القدماء يسمون يوم الخميس مؤنسا؛ لأنهم كانوا يميلون فيه إلى الملاذ، بل ورد في الآثار عن علي رضي الله عنه: أن الله تبارك وتعالى خلق الفردوس يوم الخميس وسماها مؤنس. وابن الأنس: هو المقيم. مكان مأنوس: فيه أنس كمأهول: فيه أهل، قاله الزمخشري. وفي اللسان: إنما هو على النسب؛ لأنهم لم يقولوا: أنست المكان، ولا أنسته، فلما لم نجد له فعلا، وكان النسب يسوغ في هذا، حملناه عليه، قال جرير:
فالحنو أصبح قفرا غير مأنوس وجارية أنوس، كصبور، من جوار أنس، قال الشاعر يصف بيض نعام:
أنس إذا ما جئتها ببـيوتـهـا
شمس إذا داعي السباب دعاها
جعلت لهن ملاحف قصـبـية
يعجلنها بالعط قبـل بـلاهـا
والملاحف القصبية يعني بها ما على الأفرخ من غرقئ البيض. واستأنس الشيء: رآه، عن ابن الأعرابي، وأنشد:
بعيني لم تستأنسا يوم غبـرة ولم تردا جو العراق فثردما وقال ابن الأعرابي: أنست بفلان: فرحت به. واستأنس: استعلم. والاستئناس: التنحنح، وبه فسر بعضهم الآية. وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه: كان إذا دخل داره استأنس وتكلم. أي استعلم وتبصر قبل الدخول. والإيناس: المعرفة والإدراك واليقين، ومنه قول الشاعر:
إن أتاك امرؤ يسعى بكذبـتـه فانظر، فإن اطلاعا غير إيناس الاطلاع: النظر، والإيناس: اليقين. وقال الفراء: من أمثالهم: بعد اطلاع إيناس. يقول: بعد طلوع إيناس. وتأنس البازي: جلى بطرفه ونظر رافعا رأسه طامحا بطرفه. وفي الحديث: لو أطاع الله الناس في الناس لم يكن ناس قيل: معناه أن الناس يحبون أن لا يولد لهم إلا الذكران دون الإناث، ولو لم تكن الإناث ذهب الناس، ومعنى أطاع استجاب دعاءه. وأنس، بضمتين: ماء لبني العجلان، قال ابن مقبل:
قالت سليمى ببطن القاع مـن أنـس
لا خير في العيش بعد
الشيب والكبر
صفحة : 3846
وقد سموا مؤنسا، وأنسة، والأخير مولى النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال: أبو
أنسة، ويقال إن كنيته أبو مسروح، شهد بدرا، واستشهد له، وفيه خلاف. وإنسان،
بالكسر: قبيلة من قيس، ثم من بني نصر، قاله البرقي، استدركه شيخنا. قلت:
بني نصر بن معاوية بن أبي بكر بن هوازن. وإنسان، أيضا، في بني جشم بن
معاوية، أخي نصر هذا، وهو إنسان بن عوارة بن غزية بن جشم، ومنهم ذو الشنة
وهب بن خالد بن عبد بن تميم بن معاوية بن إنسان الإنساني، وأما أبو هاشم
كثير بن عبد الله الأيلي الأنساني فمحركة، نسب إلى قرية أنس بن مالك، وروى
عنه، وهو أصل الضعفاء، قال الرشاطي: وإنما قيل له كذا ليفرق بينه وبين
المنسوب إلى أنس. وأبو عامر الأنسي، محركة، شيخ للماليني. وأبو خالد موسى
بن أحمد الأنسي ثم الإسماعيلي، نسب إلى جده أنس بن مالك. وأنس، بكسر النون
بن ألهان: جاهلي، ضبطه أبو عبيد البكري في معجمه، قال: وبه سمي الجبل الذي
في ديار ألهان، قال الحافظ: نقلته من خط مغلطاي. وآنس، كصاحب: حصن عظيم
باليمن، وقد نسب إليه جملة من الأعيان، منهم: القاضي صالح بن داوود الآنسي
صاحب الحاشية على الكشاف، توفي سنة 1100، وولده يحيى درس بعد أبيه بصنعاء
وصعدة. تذنيب: الإنسان أصله إنسيان، لأن العرب قاطبة قالوا في تصغيره:
أنيسيان، فدلت الياء الأخيرة على الياء في تكبيره، إلا أنهم حذفوها لما كثر
في كلامهم، وقد جاء أيضا هكذا في حديث ابن صياد: انطلقوا بنا إلى أنيسيان،
وهو شاذ على غير قياس. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إنما سمي
الإنسان إنسانا لأنه عهد إليه فنسي، قال الأزهري: وإذا كان الإنسان في أصله
إنسيان فهو إفعلان من النسيان، وقول ابن عباس له حجة قوية، وهو مثل: ليل
إضحيان من ضحي يضحى، وقد حذفت الياء فقيل: إنسان، وهو قول أبي الهيثم، قال
الأزهري: والصواب أن الإنسيان فعليان من الإنس، والألف فيه فاء الفعل، وعلى
مثاله حرصيان، وهو الجلد الذي يلي الجلد الأعلى من الحيوان. وفي البصائر
للمصنف: يقال للإنسان أيضا أنسان، أنس بالحق وأنس بالخلق، ويقال: إن اشتقاق
الإنسان من الإيناس، وهو الإبصار والعلم والإحساس، لوقوفه على الأشياء
بطريق العلم، ووصوله إليها بطريق الرؤية وإدراكه لها بوسيلة الحواس، وقيل:
اشتقاقه من النوس وهو التحرك، سمي لتحركه في الأمور العظام، وتصرفه في
الأحوال المختلفة وأنواع المصالح. وقيل: أصل الناس الناسي، قال تعالى: ثم
أفيضوا من حيث أفاض الناس بالرفع والجر: الجر إشارة إلى أصله: إشارة إلى
عهد آدم حيث قال: ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي وقال الشاعر:
وسميت إنسانا لأنك ناسي وقال الآخر:
فاغفر فأول ناس أول الناس وقيل: عجبا للإنسان كيف يفلح وهو بين النسيان والنسوان.
أ-ن-د-ل-س
ومما يستدرك عليه: أندلس، بفتح الهمزة وبضم الدال واللام: قطر واسع
بالمغرب، استدركه شيخنا، وكذا الآبنوس، أما أندلس فقد أورده المصنف في
د-ل-س تبعا للصاغاني، وأما آبنوس فصواب ذكره في ب-ن-س كما سيأتي.
أ-ن-ك-ل-س
وأورد صاحب اللسان هنا أنقليس بفتح الهمزة وكسرها ويقال: أنكليس: السمك
الذي يشبه الحية، وقد ذكرهما المصنف في ق-ل-س تبعا للصاغاني كما سيأتي.
أ-و-س
صفحة : 3847
الأوس، الإعطاء والتعويض، تقول فيهما: أست القوم أؤوسهم أوسا، أي أعطيتهم،
وكذا إذا عوضتهم من الشيء، وفي حديث قيلة: رب أسني لما أمضيت، أي عوضني،
ويقولون: أس فلانا بخير، أي أصبه، ويقال: ما يواسيه من مودته ولا قرابته
شيئا. مأخوذ من الأوس، وهو العوض، وكان في الأصل ما يواوسه، فقدموا السين
وهي لام الفعل، وأخروا الواو وهي عين الفعل فصار يواسوه، فصارت الواو ياء
لتحركها وانكسار ما قبلها، وهذا من المقلوب. الأوس: الذئب، وبه سمي الرجل،
وقال ابن سيده: أوس: الذئب، معرفة، قال:
لما لقينا بالفـلاة أوسـا لم أدع إلا أسهما وقوسا وقال أبو عبيد: يقال للذئب: هذا أوس عاديا، وأنشد:
كما خمرت في حضنها أم عامر لدى الحبل حتى عال أوس عيالها يعني أكل جراءها. كأويس. وجاء مصغرا مثل الكميت واللجين، قال الهذلي:
يا ليت شعري عنك والأمر أمم ما فعل اليوم أويس في الغنم كذا أنشده الجوهري، وهو لأبي خراش في رواية أبي عمرو، وقيل: لعمرو ذي الكلب في رواية الأصمعي، وقيل: لرجل من هذيل غير مسمى في رواية ابن الأعرابي، وقال ابن سيده: وأويس حقروه متفئلين أنهم يقدرون عليه. الأوس: النهزة، نقله الصاغاني في كتابيه. أوس، بلا لام، وفي المحكم، والأوس: أبو قبيلة، وهو أوس بن قيلة، أخو الخزرج، منهما الأنصار، وقيلة أمهما، سمي بأحد أمرين: أن يكون مصدر أسته، أي أعطيته، كما سموا عطاء، وعطية، وأن يكون سمي به كما سموا ذئبا، وكنوا بأبي ذؤيب. وأويس بن عامر، وقيل: عمرو القرني، محركة، من بني قرن بن رومان بن ناجية بن مراد: من سادات التابعين زهدا وعبادة، أما روايته فقليلة، ذكره ابن حبان في الكامل، وقد أفردت لترجمته رسالة، وقتل بصفين مع علي، رضي الله تعالى عنهما، كما ذكره ابن حبيب في كتاب عقلاء المجانين، كذا في المقدمة الفاضلية للجواني النسابة، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: لعمر رضي الله عنه: يأتي عليك أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، فإن شئت أن يستغفر لك فافعل . والآس، بالمد: شجرة م، معروفة، قال أبو حنيفة: الآس بأرض العرب كثير، ينبت في السهل والجبل، وخضرته دائمة أبدا، وينمو حتى يكون شجرا عظاما الواحدة آسة، قال: وفي دوام خضرته يقول رؤبة:
يخضر ما اخضر الألاء والآس وقال ابن دريد: الآس لهذا المشموم أحسبه دخيلا، غير أن العرب قد تكلمت به، وجاء في الشعر الفصيح، قال الهذلي:
بمشمخر به الظيان والآس الآس: بقية الرماد في الموقد، قال النابغة:
فلم يبق إلا آل خيم منـضـد وسفع على آس ونؤي معثلب وقد تقدم في أسس. الآس: العسل نفسه، أو هو بقيته في الخلية، كالكعب من السمن. الآس: القبر. الآس: الصاحب، قال الأزهري: لا أعرف الآس بالمعاني الثلاثة في جهة تصح، أو رواية عن الثقة، وقد احتج الليث لها بشعر أحسبه مصنوعا:
بانت سليمى فالفـؤاد آسـي
أشكو كلوما ما لهـن آسـي
من أجل حوراء كغصن الآس ريقتها
كمثل طـعـم الآس
وما استأست بعدها مـن آس ويلي
فإني لاحـق بـالآس
صفحة : 3848
قال الأصمعي: الآس: آثار الدار وما يعرف من علاماتها. قيل: هو كل أثر خفي
كأثر البعير ونحوه. وقال أبو عمرو: الآس: أن تمر النحل فيسقط منها نقط من
العسل على الحجارة فيستدل بذلك عليها. والمستآسة: المستعاضة، قال الجعدي:
لبست أناسا فأفنيتـهـم
وأفنيت بعد أناس أناسا
ثلاثة أهلين أفنـيتـهـم وكان
الإله هو المستآسا
المستعاض، ويقال: استآسني فأسته، أي استعاض. المستآسة: المستصحبة والمستعطاة والمستعانة، وقد استآسه، إذا طلب منه الصحبة والعطية والإعانة. وأوس أوس، مبنيان على السكون: زجر للغنم والبقر، كذا في التكملة، وفي اللسان: المعز، بدل الغنم. ومما يستدرك عليه: الآس: البلح. والأويسيون قوم تربوا بالروحانية. وأوس اللات: رجل من الأنصار ويقال له: أوس الله، محول عن اللات، أعقب فله عداد.
أ-ي-س
أيس منه، كسمع، إياسا: قنط، لغة في يئس منه يأسا، عن ابن السكيت، وفي خطبة
المحكم: وأما يئس وأيس فالأخيرة مقلوبة عن الأولى؛ لأنه لا مصدر لأيس، ولا
يحتج بإياس اسم رجل، فإنه فعال من الأوس، وهو العطاء، فتأمل. وآيسته وأيسته
بمعنى واحد، وكذلك يأسته. قال ابن سيده: أيست من الشيء: مقلوب عن يئست،
وليس بلغة فيه، ولولا ذلك لأعلوه فقالوا: إست أآس، كهبت أهاب، فظهوره صحيحا
يدل على أنه صح لأنه مقلوب عما تصح عينه، وهو يئست؛ لتكون الصحة دليلا على
ذلك المعنى، كما كانت صحة عور دليلا على ما لا بد من صحته وهو أعور.
والأيس: القهر والذل، وقد أيس أيسا: قهر وذل ولان، قاله الأصمعي. قال ابن
بزرج: إست أئيس، بكسرهما، أيسا، بالفتح: أي لنت. حكى اللحياني أن الإيسان
بالكسر والتحتية: لغة في الإنسان طائية، قال عامر بن جوين الطائي:
فيا ليتني من بعد ما طاف أهلهـا هلكت ولم أسمع بها صوت إيسان قال ابن سيده: وكذا أنشده ابن جني، وقال: إلا أنهم قد قالوا في جمعه أياسي، بياء قبل الألف، فعلى هذا لا يجوز أن تكون الياء غير مبدلة، وجائز أيضا أن يكون البدل اللازم نحو عيد، وأعياد، وعييد، وقال اللحياني: أي يجمعونه أياسين، وقال في كتاب الله عز وجل: يس، والقرآن الحكيم بلغة طيئ، قال الأزهري: وقول العلماء: إنه من الحروف المقطعة. وقال الفراء: العرب جميعا يقولون الإنسان، إلا طيئا، فإنهم يجعلون مكان النون ياء، قال الصاغاني: وقرأ الزهري وعكرمة والكلبي ويحيى بن يعمر، واليماني، بضم النون على أنه نداء مفرد، معناه يا إنسان. قلت: وقد روى في ذلك قيس بن سعد عن ابن عباس أيضا. ورواه هارون عن أبي بكر الهذلي عن الكلبي. والتأييس: الاستقلال. قاله الليث، يقال: ما أيسنا فلانا خيرا: أي ما استقللنا منه خثرا؛ أي أردته لأستخرج منه شيئا فما قدرت عليه. التأييس أيضا: التأثير في الشيء، أنشد أبو عبيد للشماخ:
وجلدها من أطـوم لا يؤيسـه طلح بضاحية الصيداء مهزول أي لا يؤثر فيه، والطلح المهزول من القردان. التأييس أيضا: التليين والتذليل، وقد أيسه: ذلله، قال العباس بن مرداس، رضي الله تعالى عنه:
إن تك جلمود صخر لا أؤيسه أوقد عليه فأحميه فينصـدع وتأيس الشيء: لان وتصاغر، قال المتلمس:
ألم تر أن الجون أصبح راكدا
تطيف به الأيام مـا يتـأيس
صفحة : 3849
قال الصاغاني: وقد أورد الجوهري البيتين أعني بيت العباس وبيت المتلمس في
أ-ب-س والصواب إيرادهما ها هنا، وقد تقدمت الإشارة إليه. أياس، كسحاب: د،
كانت للأرمن فرضة تلك البلاد، صارت الآن للإسلام، ومنه الشيخ الإمام ناصر
الدين الأياسي، رئيس الحنفية بغزة. إياس، ككتاب: علم، هنا نقله الصاغاني،
وقد قلده المصنف، وصوابه أن يذكر في أ-و-س وقد نبه عليه ابن سيده فقال:
وأما إياس اسم رجل فإنه من الأوس الذي هو العوض، على نحو تسميتهم الرجل
عطية تفاؤلا، ومثله تسميتهم عياضا. والمسمى بإياس سبعة عشر صحابيا، منهم
إياس بن أوس بن عتيك الأنصاري، وإياس بن البكير الليثي. المسمى بإياس أيضا
محدثون منهم إياس بن معاوية: ثقة مشهور، وإياس بن خليفة، وإياس بن مقاتل،
وإياس بن أبي إياس، وغيرهم. ومما يستدرك عليه: أيس الرجل، وأيس به: قصر به
واحتقره. وقال الخليل: العرب تقول: جئ به من حيث أيس وليس، لم تستعمل أيس
إلا في هذه الكلمة، وإنما معناها كمعنى حيث هو في حال الكينونة والوجد،
وقال: إن معنى ليس لا أيس، أي لا وجد، كما سيأتي. والإياس: انقطاع الطمع،
كما في العباب.