الباب الثاني عشر: باب السين المهملة - الفصل الخامس والعشرون: فصل الياء مع السين

فصل الياء مع السين

ي - أ - س.

صفحة : 4198

اليأس واليآسة، وهذا عن ابن عباد، واليأس، محركة: القنوط، وهو ضد الرجاء. أو هو قطع الأمل عن الشيء، وهذه عن ابن فارس، كما صرح به المصنف في البصائر. قلت: وقاله ابن القطاع هكذا، قال: وليس في كلام العرب ياء في صدر الكلام بعدها همزة إلا هذه. يقال: يئس من الشيء ييأس، بالكسر في الماضي، والفتح في المضارع، وقول المصنف، كيمنع فيه تسامح؛ لأنه حينئذ يكون بفتح العين في الماضي والمضارع، فلو قال كيعلم لأصاب. وقال الجوهري: فيه لغة أخرى: يئس ييئس، فيهما، فقول المصنف ويضرب محل تأمل أيضا، والأخير شاذ، قاله سيبويه، قال الجوهري: قال الأصمعي: يقال: يئس ييئس؛ وحسب يحسب، ونعم ينعم، بالكسر فيهن. وقال أبو زيد: علياء مضر يقولون: يحسب وينعم وييئس، بالكسر، وسفلاها بالفتح، وقال سيبويه: وهذا عند أصحابنا إنما يجيء على لغتين، يعني يئس ييأس، ويأس ييئس، لغتان، ثم ركب منهما لغة، وأما ومق يمق، ووفق، يفق، وورم يرم، وولي يلي، ووثق يثق، وورث يرث، فلا يجوز فيهن إلا الكسر، لغة واحدة. وقال المبرد: ومنهم من يبدل في المستقبل من الياء الثانية ألفا، فيقول: يئس وياءس، وهو يؤس ويؤوس، كندس وصبور، أي قنط، كاستيأس واتأس، وهو افتعل، فأدغم. ويئس أيضا علم، في لغة النخع، كما في الصحاح، وهكذا قاله ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، في تفسير الآية، وقال ابن الكلبي: هي لغة وهبيل: حي من النخع، وهم رهط شريك، وقال القاسم بن معن: هي لغة هوازن، ومنه قوله عز وجل: أفلم ييأس الذين آمنوا. أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا. أي أفلم يعلم، وقال أهل اللغة: معناه أفلم يعلم الذين آمنوا علما يئسوا معه أن يكون غير ما علموه، وقيل: معناه أفلم ييأس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء الذين وصفهم الله تعالى بأنهم لا يؤمنون. وكان علي وابن عباس، رضي الله تعالى عنهم، ومجاهد، وأبو جعفر، والجحدري، وابن كثير وابن عامر، يقرءون أفلم يتبين الذين آمنوا، قيل لابن عباس: إنها ييأس، فقال: أظن الكاتب كتبها وهو ناعس، وقال سحيم بن وثيل اليربوعي الرياحي:

أقول لهم بالشعب إذ ييسروننيألم تيأسوا أني ابن فارس زهدم يقول: ألم تعلموا، وقوله: ييسرونني، من أيسار الجزور، أي يقتسمونني، ويروى يأسرونني، من الأسر، وزهدم: اسم فرس بشر بن عمرو أخي عوف بن عمرو، وعوف جد سحيم بن وثيل، قاله أبو محمد الأعرابي، ويروى: أني ابن قاتل زهدم. وهو رجل من عبس، فعلى هذا يصح أن يكون الشعر لسحيم، ويروي هذا البيت أيضا في قصيدة أخرى على هذا الروي:

أقول لأهل الشعب إذ ييسرونني      ألم تيأسوا أني ابن فارس لازم
وصاحب أصحاب الكنيف كأنما      سقـاهم بـكفيه سمام الأراقم

صفحة : 4199

وعلى هذه الرواية أيضا يكون الشعر له دون ولده، لعدم ذكر زهدم في البيت. وفي حديث أم معبد الخزاعية، رضي الله تعالى عنها، في صفة النبي، صلى الله عليه وسلم: لا يأس من طول أي قامته لا تؤيس من طوله؛ لأنه كان إلى الطول أقرب منه إلى القصر، واليأس: ضد الرجاء، وهو في الحديث اسم نكرة مفتوح بلا النافية، ويروى: لا يائس من طول، هكذا رواه ابن الأنباري في كتابه، وقال: لا ميؤوس منه، أي من أجل طوله، أي لا ييأس مطاوله منه؛ لإفراط طوله، فيائس هنا بمعنى ميؤوس، كماء دافق، بمعنى مدفوق. واليأس بن مضر بن نزار أخو الناس، واللام فيهما كهى في الفضل والعباس، وحكى السهيلي عن ابن الأنباري أنه بكسر الهمزة، وقد تقدم البحث فيه، يقال: أول من أصابه اليأس، محركة، أي السل. وقال السهيلي في الروض: ويقال: إنما سمى السل داء يأس، أو داء اليأس لأن اليأس بن مضر مات منه، وبه فسر ثعلب قول أبي العاصية السلمى:

فلو أن داء الياس بي فأعانني     طبيب بأرواج العقيق شفانيا وأيأسته، وآيسته، الأخير بالمد: قنطته، والمصدر الإيئاس، على مثال الإيعاس، قال رؤبة:

كأنهـن دارسـات أطـلاس      من صحف أو باليات أطراس
فيهن من عهد التهجي أنقـاس     إذ في الغواني طمع وإيئاس

وقال طرفة بن العبد:

وأيأسني من كل خير طلبتـه    كأنا وضعناه إلى رمس ملحد وقرأ ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما: لا ييأس من روح الله. على لغة من يكسر أول المستقبل إلا ما كان بالياء، وهي لغة تميم وهذيل وقيس وأسد، كذا ذكره اللحياني في نوادره، عن الكسائي، وقال سيبويه: وإنما استثنوا الياء؛ لأن الكسر في الياء ثقيل، وحكى الفراء أن بعض بني كلب يكسرون الياء أيضا، قال: وهي شاذة، كما في بغية الآمال لأبي جعفر اللبلي، وإنما كسروا في ييأس وييجل لتقوي إحدى الياءين بالأخرى، وسيأتي البحث فيه في: و ج ل، إن شاء الله تعالى. بقي أن الزمخشري لما صرح في الأساس أن يئس بمعنى علم مجاز فإنه قال: يقال: قد يئست أنك رجل صدق، بمعنى علمت؛ لأن مع الطمع القلق، ومع انقطاعه السكون والطمأنينة كما مع العلم، ولذلك قيل: اليأس إحدى الراحتين.

ي - ب - س.

صفحة : 4200

يبس، بالكسر، بيبس، بالفتح، أي من حد علم، ويابس، بقلب الياء ألفا، وييبس، كيضرب، أي بالكسر فيهما، وهذا شاذ، فهو كيئس ييئس الذي تقدم في الشذوذ، صرح به الجوهري وغيره من أئمة الصرف، يبسا، بالفتح، ويبسا، بالضم، فهو يابس، ويبس، ككتف، ويبيس، كأمير، ويبس، بفتح فسكون: كان رطبا فجف، كاتبس، على افتعل فأدغم، قال ابن السراج: هو مطاوع يبسته فاتبس، وهو متبس. وقيل: ما أصله اليبوسة ولم يعهد رطبا قط فيبس، بالتحريك، يقال: هذا شيء يبس، فإن كان عهد رطبا ثم يبس فيبس، بالسكون، يقال: هذا حطب يبس قال ثعلب: كأنه خلق يبسا، وموضع يبس، أي كانا رطبين ثم يبسا، هكذا تقوله العرب. وأما طريق موسى، عليه السلام، الذي ضربه الله له ولأصحابه في البحر فإنه لم يعهد قط طريقا لا رطبا ولا يابسا، إنما أظهره الله تعالى لهم حينئذ مخلوقا على ذلك لتعظيم الآية وإيضاحها، وتسكن الباء أيضا في قراءة الحسن البصري، ذهابا إلى أنه وإن لم يكن طريقا فإنه موضع قد كان فيه ماء فيبس. وقرأ الأعمش: يبسا، بكسر الباء. ويقال: اليبس في قول علقمة:

تخشخش أبدان الحديد عـلـيهـم     كما خشخشت يبس الحصاد جنوب جمع يابس، كراكب وركب، نقله الجوهري عن ابن السكيت، وحرك العجاج الباء للضرورة في قوله:

تسمع للحلي إذا ما وسوسا
والتج في أجيادها وأجرسا
زفزفة الريح الحصاد اليبسا

وامرأة يبس، محركة: لا خير فيها، وهو مجاز، وكذلك امرأة يابسة ويبيس، كما نقله الزمخشري، ونص الصحاح: لا تنيل خيرا، وأنشد للراجز:

إلى عجوز شنة الرأس يبس. ويقال أيضا: شاة يبس: بلا لبن، أي انقطع لبنها فيبس ضرعها، وتسكن، عن ابن الأعرابي، والفتح عن ثعلب، حكاهما أبو عبيدة. وفي المحيط: اليبسة: التي لا لبن لها من الشاء، والجمع اليبسات واليباس والأيباس. والأيبس: اليابس. ومن المجاز: الأيبس: ظنبوب في وسط الساق الذي إذا غمزته آلمك، وإذا كسر فقد ذهب الساق، قاله أبو الهيثم، قال: وهو اسم ليس بنعت، وكذلك قيل: الأيابس: الجمع. وقيل: الأيبسان: عظما الوظيفين من اليد والرجل، وقيل: ما ظهر منهما؛ وذلك ليبسهما. والأيابس: ما كان مثل عرقوب وساق؛ وفي الصحاح: الأيبسان: ما لا لحم عليه من الساقين، وقال أبو عبيدة: في ساق الفرس أيبسان، وهما ما يبس عليه اللحم من الساقين، وقال الراعي:

فقلت له ألصق بأيبس سـاقـهـا     فإن تجبر العرقوب لا تجبر النسا والأيابس: ما تجرب عليه السيوف وهي صلبة. وعن أبي عمرو: يبيس الماء كأمير: العرق، وهو مجاز، وقيل: العرق إذا جف، قال بشر بن أبي خازم يصف الخيل:

تراها من يبيس الماء شهبا    مخالط درة منها غـرار

صفحة : 4201

الغرار: انقطاع الدرة، يقول: تعطى أحيانا وتمنع أحيانا، وإنما قال شهبا؛ لأن العرق يجف عليها فيبيض، كذا في الصحاح. واليبيس من البقول: اليابسة من أحرارها وذكورها، كالجفيف والقفيف، قاله الأصمعي، قال: وأما يبيس البهمي فهو العرقوب والصفار. أو لا يقال لما يبس من الحلي والصليان والحلمة يبيس، وإنما اليبيس: ما يبس من العشب والبقول التي تتناثر إذا يبست، كاليبس، قاله الجوهري، وأنشد قول ذي الرمة:

ولم يبق بالخلصاء مما عنت به      من الرطب إلا يبسها وهجيرها ويروى يبسها، بالفتح، وهما لغتان، أو هو عام في كل نبات يابس، يقال: يبس فهو يبيس، كسلم فهو سليم، كذا في الصحاح. وعن ابن الأعرابي يباس، كقطام هي: السوأة أو الفندورة، أي الإست. ويبوس، بالضم، كصبور، هكذا في النسخ، ولعل قوله كصبور غلط، والصواب في ضبطه الضم، كما قيده الصاغاني، أو سقط من بينهما واو العطف، ففيه الوجهان: الضم والفتح، وعلى الأخير اقتصر ياقوت، أو المراد من قول المصنف من الضم مبنيا على الضم، وأما ما ضبطه الصاغاني بضم الياء غلطا فهو يفعل من بأس بؤسا، بمعنى الشدة: ع، من أرض شنوءة، بوادي التيم، قال عبد الله بن سليمة الغامدي:

لمن الديار بتولـع فـيبـوس      فبياض ريطة غير ذات أنيس و:اليابس: سيف حكيم بن جبلة العبدي، وفيه يقول يوم الجمل، وكان مع علي رضي الله تعالى عنه:

أضربهم بالـيابـس      ضرب غلام عابس
من الـحـياة آيس       في الغرفات ناعس

وجزيرة يابسة، في بحر الروم، وقال الحافظ: يابسة: جزيرة من جزائر الأندلس. قلت: في طريق من يبلغ من دانية يريد ميورقة، فيلقاها قبلها، ثلاثون ميلا في عشرين ميلا. وبها بلدة حسنة كثيرة الزبيب، وفيها تنشأ المراكب، لجودة خشبها، وإليها نسب أبو علي إدريس بن اليمان اليابسي الشاعر المفلق، في حدود الأربعين وأربعمائة كان بالأندلس. ومن المجاز: أيبس يا رجل، كأكرم، أي اسكت. وأيبست الأرض: يبس بقلها، فهي موبسة، نقله الجوهري عن يعقوب. وأيبس الشيء: جففه، كيبسه فايتبس، الأخير عن ابن السراج، وشاهد الأول في قول جرير:

فلا توبسوا بيني وبينكم الثرى     فإن الذي بيني وبينكم مثرى وهو مجاز، كما صرح به الزمخشري. وأيبس القوم: صاروا، وفي بعض النسخ ساروا، في الأرض اليابسة، كما يقال: أجرزوا: إذا ساروا في الأرض الجرز، كما في الصحاح. ومما يستدرك عليه: شيء يبوس، كصبور: أي يابس، قال عبيد بن الأبرص:

أما إذا استقبلتها فكـأنـهـا     ذبلت من الهندي غير يبوس أراد قناة ذبلت، فحذف الموصوف. وكذلك شيء يباس، أي يابس، ومنه قولهم: أرطب أم يباس في قصة تقدم ذكرها. وجمع اليابس يبس، قال:

أوردها سعد علي مخمسا      بئرا عضوضا وشنانا يبسا

صفحة : 4202

وأتبس يأتبس كيبس واتبس. ويقال: أرض يبس، بالفتح: يبس ماؤها وكلؤها، ويبس، بالتحريك: صلبة شديدة. وطريق يبس: لا ندوة فيه ولا بلل، ومنه: إن السفينة لا تجري على اليبس. والشعر اليابس: أردؤه، لا يؤثر فيه دهن ولا ماء، هو مجاز. ووجه يابس: قليل الخير، وهو مجاز. وأتان يبسة ويبسة: يابسة ضامرة. وكلأ يابس. ويبس ما بينهما: تقاطعا، وهو مجاز، ومنه قولهم: لا توبس الثرى بيني وبينك. وأعيذك بالله أن تيبس رحما مبلولة. وبينهما ثدي أيبس، أي تقاطع. والعرق اليبيس: الذكر، حكاه اللحياني. ويبست الأرض: ذهب ماؤها ونداها. وأيبست: كثر يبسها. وحجر يابس، أي صلب. ورجل يابس ويبيس: قليل الخير، وهو مجاز. ويقال: سكران يابس: لا يتكلم من شدة السكر؛ كأن الخمر أسكتته لحرارتها، وحكى أبو حنيفة، رحمه الله: رجل يابس من السكر. قال ابن سيده: وعندي أنه سكر جدا حتى كأنه مات فجف. وأبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن العثماني الإسكندراني، يعرف بابن أبي اليابس: محدث مشهور. ووادي اليابس: موضع، قيل إن منه يخرج السفياني في آخر الزمان.

ي - ر - س.
ومما يستدرك عليه: يريس، كأمير: لغة في أريس، البئر المأثورة، السابقة في أرس، نقله شيخنا هكذا.

ي - د - س.
ومما يستدرك عليه: أبو يداس، كشداد: كنية جد البرزالي الحافظ المشهور، ضبطه الحافظ ابن حجر هكذا.

ي - ر - ن - س.
ومما يستدرك عليه: يرناس، بالفتح: قبيلة من البربر في المغرب، منهم عبد الرحيم ابن إبراهيم اليرناسي، قاضي فاس، ترجمه السخاوي في الضوء اللامع.

ي - ط - س.
ومما يستدرك عليه: ياطس، كصاحب: قرية بمصر، من أعمال البحيرة، وقد دخلتها.

ي - ن - ج - ل - س.
ومما يستدرك عليه: ينجلوس: اسم الجبل الذي كان يه أصحاب الكهف، أو هم فيه، نقله ياقوت.

ي - و - س.
ومما يستدرك عليه: يوس: ذكر فيه صاحب اللسان الياس، وهو داء السل، وقد ذكره المصنف في ي أ س: فإن صوابه بالهمز. ويوسان، بالفتح: من قرى صنعاء اليمن، ويضاف إليه ذو، فيقال: ذو يوسان، نقله ياقوت. ويوس، بالضم: قبيلة من البربر بالمغرب، منهم علامة الدنيا، أبو الوفاء الحسن بن مسعود اليوسي، توفي سنة 1111 حدث عن عبد القادر الفاسي وغيره، وعنه شيوخنا رحمهم الله تعالى.

ي - س - س.
يس ييس يسا، إذا سار، هكذا، نقله الصاغاني عن ابن الأعرابي، وقد أهمله الجوهري والجماعة. قلت: وسيأتي له أيضا دش، وذش، إذا سار. وبه ختم حرف السين المهملة، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله على سيدنا محمد وآله ما هبت نسمات، وتليت الصلوات الطيبات، اللهم أعني ويسر يا كريم.