الباب الخامس عشر: باب الضاد المعجمة - الفصل السابع عشر: فصل الميم مع الضاد

فصل الميم مع الضاد

م ح ض
المحض: اللبن الخالص بلا رغوة. قاله الليث. وقال الجوهري: هو الذي لم يخالطه الماء حلوا كان أو حامضا. ولا يسمى اللبن محضا إلا إذا كان كذلك. وفي حديث عمر لما طعن شرب لبنا فخرج محضا أي خالصا على وجهه لم يختلط بشيء. وفي حديث آخر: بارك لهم في محضها ومخضها أي الخالص والممخوض. وفي حديث الزكاة فاعمدوا إلى شاة ممتلئة شحما ومحضا أي سمينة كثيرة اللبن. وقد تكرر في الحديث بمعنى اللبن مطلقا، ج محاض، بالكسر. ورجل ماحض ومحض، ككتف: يشتهيه، كلاهما على النسب. وفي العباب: رجل محض، يحب المحض، كما يقال شحم لحم: إذا كان يحبهما، أو رجل ماحض: ذو محض، كقولك: لابن وتامر، نقله الجوهري. ومحضه، كمنعه: سقاه المحض كأمحضه، كما في الصحاح. وامتحض: شربه محضا. وأنشد الجوهري للرجز:

امتحضا وسقياني الضيحا
فقد كفيت صاحبي الميحا

كمحض،بالكسر، نقله الصاغاني. ومن المجاز: هو ممحوض النسب، أي خالصه، والذي في الصحاح: وعربي محض أي خالص النسب، الأنثى، والذكر، والجمع فيه سواء، وإن شئت أنثت وجمعت، مثل قلب وبحت. وفي العباب: قال أبو عبيد: هذا عربي محض، وهذه عربية محضة ومحض، وبحتة وبحت، وقلبة وقلب. ومن المجاز: فضة محض، ومحضة، وممحوضة، أي خالصة، كذلك قال سيبويه، فإذا قلت: هذه الفضة محضا، قلته بالنصب اعتمادا على المصدر. ومن المجاز: أمحضه الود، عن أبي زيد، ونسبه الزمخشري لابن دريد، أي أخلصه، كمحضه، كذا نقل الجوهري الوجهين. وقال ابن بري: ولم يعرف الأصمعي أمحضه الود، وكذلك محضت له النصح، وأمحضته. قال الجوهري: وكل شيء أخلصته فقد أمحضته. قال: وأنشد الكسائي:

قل للغواني أما فيكن فـاتـكة      تعلو اللئيم بضرب فيه إمحاض

صفحة : 4726

وأمحضه الحديث: صدقه. نقله ابن القطاع، وهو من الإخلاص، وهو مجاز. والأمحوضة، بالضم: النصيحة الخالصة، وهو مجاز. والمحضة: بلحف آرة بين الحرمين الشريفين. والمحضة أيضا: باليمامة، نقلهما الصاغاني. وقد محض، ككرم، محوضة: صار محضا في حسبه. ومن المجاز: هو ممحوض الضريبة: ممحوض الحسب، أي مخلص، كما في العباب. قال الأزهري: كلام العرب: رجل ممحوص الضريبة بالصاد إذا كان منقحا مهذبا. ومما يستدرك عليه: المحض من كل شيء: الخالص. وقال الأزهري: كل شيء خلص حتى لا يشوبه شيء يخالطه فهو محض. وفي حديث الوسوسة: ذاك محض الإيمان ، أي خالصه وصريحه، وهو مجاز. ورجل محض الحسب: خالصه. وجمعه محاض وأمحاض. شاهد المحاض قوله:

تجد قوما ذوي حسب وحال     كراما حيثما حسبوا محاضا وشاهد الأمحاض قول رؤبة:

بلال يا ابن الحسب الأمحاض
ليس بأدناس ولا أغـمـاض

وأمحض الدابة: علفها المحض، وهو القت، نقله ابن القطاع، وهو مجاز. والمحض: لقب جماعة من العلويين، منهم عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي.

م خ ض
مخض اللبن يمخضه، مثلثة الآتي، كما قاله الجوهري، أي من حد ضرب، ونصر، ومنع، فالماضي مفتوح على كل حال: أخذ زبده، فهو مخيض وممخوض، وقد تمخض. وقال الليث: المخض: تحريكك الممخض الذي فيه اللبن المخيض الذي قد أخذت زبدته. وتمخض اللبن. وامتخض، أي نحرك في الممخضة. وقد يكون المخض في أشياء كثيرة. يقال: مخض الشيء مخضا، إذ حركه شديدا. وفي الحديث مر عليه بجنازة تمخض مخضا أي تحرك تحريكا سريعا، كما في اللسان. وفي العباب: تمخض مخض الزق فقال: عليكم بالقصد، أي تحرك تحريكا شديدا. ومن المجاز: مخض البعير، إذا هدر بشقشقته. قال رؤبة يصف القروم:

يتبعن زأرا وهديرا مخضا
في علكات يعتلين النهضا

ومن المجاز: مخض الدلو هكذا في سائر النسخ، والصواب، كما في الصحاح والعباب واللسان: قال الفراء: مخض بالدلو، إذا نهز بها في البئر، وأنشد:

إن لنا قليذما هـمـومـا
يزيدها مخض الدلا جموما

ويروى مخج الدلا. ويقال: مخضت البئر بالدلو، إذا أكثرت النزع منها بدلائك وحركتها، وأنشد الأصمعي:

لنمخضن جوفك بالدلي

صفحة : 4727

والممخض، كمنبر: السقاء الذي فيه المخيض. ومن المجاز: مخضت المرأة وكذلك الناقة وغيرها من البهائم، كسمع، واقتصر عليه الجوهري. ومخضت مثال منع لم يذكره أحد من الجماعة. ولا يبعد أن يمون من هذا الباب مع وجود حرف الحلق، وفيه نظر. ويقال أيضا: مخضت، مثال عني، وهذه قد أنكرها ابن الأعرابي، فإنه قال: يقال: مخضت المرأة، ولا يقال مخضت، ويقال مخضت لبنها. وقال نصير: وعامة قيس وتميم وأسد يقولون: مخضت بكسر الميم، ويفعلون ذلك في كل حرف كان قبل أحد حروف الحلق، فعلت وفعيل. يقولون: بعير وزئير ونهيق وشهيق، ونهلت الإبل، وسخرت منه، ولم يشر إليه المصنف، وهو، كما ترى، لغة صحيحة، مخاضا، بالفتح، وعليه اقتصر الجوهري، ومخاضا، بالكسر، وبه قرأ ابن كثير في الشواذ فأجاءها المخاض بكسر الميم. ومخضت تمخيضا، وفي بعض النسخ: تمخضت تمخضا، وكلاهما صحيحان: أخذها المخاض، أي الطلق، وهو وجع الولادة. وكل حامل ضربه الطلق فهي ماخض، كما في الصحاح. وقيل: الماخض من النساء والإبل والشاء: المقرب، وهي التي دنا ولادها، وقد أخذها الطلق، قاله ابن الأعرابي، ج مواخض ومخض، وأنشد غيره في الدجاج:

ومسد فوق الدجاج محال نغض
تنقض إنقاض الدجاج المخض

صفحة : 4728

وأمخض الرجل: مخضت إبله. وقالت ابنة الخس الإيادي لأبيها: مخضت الفلانية، لناقة أبيها، قال: وما علمك? قالت: الصلا راج، والطرف لاج، وتمشي وتفاج. قال: أمخضت يا ابنتي فاعقلي. والمخاض: الحوامل من النوق، كما في الصحاح. وفي المحكم: التي أولادها في بطونها، أو هي العشار، وهي التي أتى عليها من حملها عشرة أشهر، قاله ثعلب. قال ابن سيده: لم أجد ذلك إلا له، أعني أن يعبر عن المخاض بالعشار. قال الجوهري: الواحدة خلفة، وهو نادر على غير قياس، ولا واحد لها من لفظها. وقال أبو زيد: إذا أردت الحوامل من الإبل قلت: نوق مخاض، واحدتها خلفة، على غير قياس. كما قالوا لواحدة النساء: امرأة. ولواحدة الإبل: ناقة أو بعير. وقال ابن سيده: وإنما سميت الحوامل مخاضا، تفاؤلا بأنها تصير إلى ذلك وتستمخض بولدها إذا نتجت. أو المخاض: الإبل حين يرسل فيها الفحل. وفي أول الزمان حتى يهدر، قال ابن سيده: هكذا وجد، حتى يهدر، وفي بعض الروايات: حتى يفدر، أي تنقطع عن الضراب. كذا في النسخ تنقطع، بالمثناة الفوقية، والصواب ينقطع. جمع بلا واحد. وعبارة المحكم: لا واحد لها. والفصيل إذا لقحت أمه: ابن مخاض، والأنثى: بنت مخاض. نقله صاحب اللسان والصاغاني عن السكري، كما سيأتي. أو ما دخل في السنة الثانية. وعبارة الصحاح. والمخاض: الحوامل من النوق. ومنه قيل للفصيل إذا استكمل الحول ودخل في الثانية: ابن مخاض، والأنثى ابنة مخاض، لأنه فصل عن أمه وألحقت أمه بالمخاض، سواء لقحت أو لم تلقح، انتهى. وقال الأصمعي: إذا حملت الفحل على الناقة فلقحت فهي خلفة، وجمعها مخاض، وولدها إذا استكمل سنة من يوم ولد ودخول السنة الأخرى ابن مخاض، لأن أمه لحقت بالمخاض من الإبل أي الحوامل. وقال ابن الأثير: المخاض: اسم للنوق الحوامل. وبنت المخاض وابن المخاض: ما دخل في السنة الثانية لأن أمه لحقت بالمخاض، أي الحوامل، وإن لم تكن حاملا، أو ما حملت أمه، أو حملت الإبل التي فيها أمه وإن لم تحمل هي، قال: وهذا هو معنى ابن مخاض وبنت مخاض، لأن الواحد لا يكون ابن نوق، وإنما يكون ابن ناقة واحدة. والمراد أن تكون وضعتها أمها في وقت ما، وقد حملت النوق التي وضعن مع أمها، وإن لم تكن أمها حاملا، فنسبها إلى الجماعة بحكم مجاورتها لأمها. قال الجوهري: ولا يقال في ج إلا بنات مخاض، وبنات لبون، وبنات آوى. وقال غيره: لا يثنى مخاض ولا يجمع، لأنها إنما يريدون أنها مضافة إلى هذه السن الواحدة. وأنشد الصاغاني لأبي ذؤيب يصف خمرا:

فلا تشترى إلا بربح سـبـاؤهـا     بنات المخاض شومها وحضارها

صفحة : 4729

ورواه أبو عمرو: شيمها، والأولى رواية الأصمعي، وقال ابن حبيب: روى أبو عبد الله: بزلها وعشارها. وقيل: ابن مخاض يقال له ذلك إذا لقحت. قال ذلك السكري في شرح بيت أبي ذؤيب هذا. انتهى ما قاله الصاغاني في العباب. قلت: والذي قي شرح السكري ورواه الأخفش: بنات اللبون: شيمها. يقول: هذه الخمر تشترى ببنات المخاض. شومها: سودها، وحضارها: بيضها. ولم أجد فيه ما نقله الصاغاني وهو قوله: ابن مخاض إلى آخره. فتأمل. وقد تدخلهما ال، قال الجوهري، وابن مخاض نكرة، فإذا أردت تعريفه أدخلت عليه الألف واللام، إلا أنه تعريف جنس. قال الشاعر: قلت: هو جرير ونسبه ابن بري في أماليه للفرزدق، وزاد الصاغاني: يهجو فقيما ونهشلا:

وجدنا نهشلا فضلـت فـقـيمـا     كفضل ابن المخاض على الفصيل قال ابن الأثير: وإنما سميت ابن مخاض، ونص النهاية: وإنما سمي ابن مخاض في السنة الثانية لأنهم، أي العرب، إنما كانوا يحملون الفحول على الإناث بعد وضعها بسنة، ليشتد ولدها فهي تحمل في السنة الثانية، وتمخض، فيكون ولدها ابن مخاض. وقال الأصمعي: تمخضت الشاة: لقحت، وهي ماخض، ومخوض. وقال ابن شميل: ناقة ماخض ومخوض، وهي التي ضربها المخاض، وقد مخضت تمخض مخاضا، وإنها لتمخض بولدها، وهو أن يضرب الولد في بطنها حتى تنتج فتمتخض. ومن المجاز: تمخض الدهر بالفتنة، أي أتى بها. قال الشاعر:

وما زالت الدنيا يخون نعيمهـا      وتصبح بالأمر العظيم تمخض ويقال للدنيا إنها تتمخض بفتنة منكرة، وكذلك تمخضت المنون وغيرها. وأنشد الجوهري لعمرو بن حسان أحد بني الحارث بن همام يخاطب امرأته. قلت: وهكذا قاله أبو محمد السيرافي، ويروى لسهم بن خالد بن عبد الله الشيباني، ولخالد بن حق الشيباني، وهكذا أنشد أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني في ترجمتيهما:

تمخضت المنون له بيوم     أنى ولكل حاملة تمـام وكأنه من المخاض. قال الجوهري: جعل قوله تمخضت ينوب مناب قوله لقحت بولد، لأنها ما تمخضت بالولد إلا وقد لقحت. وقوله: أنى، أي حان ولادته لتمام أيام الحمل. وأول هذه الأبيات:

ألا يا أم عمرو لا تلومي      وأبقي إنما ذا الناس هام وهكذا ساقه الصاغاني والجوهري. وقال ابن بري: المشهور في الرواية: ألا يا أم قيس، وهي زوجته، وكان قد نزل به ضيف يقال له إساف، فعقر له ناقة، فلامته، فقال هذا الشعر. قال صاحب اللسان: وقد رأيت أنا في حاشية من نسخ أمالي ابن بري أنه عقر له ناقتين بدليل قوله في القصيدة:

أفي نابين نالهما إساف      تأوه طلتي ما إن تنام

صفحة : 4730

وقد ذكر بقية الأبيات الصاغاني في التكملة وفي العباب، فراجعها فإنها حكمة وموعظة. وقد أردنا الاختصار. ومخيض كأمير: ع قرب المدينة، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، مر عليه النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة بني لحيان. والمستمخض: اللبن البطيء الروب، فإذا استمخض لم يكد يروب، وإذا راب ثن مخضته فعاد مخضا فهو المستمخض، ولذلك أطيب ألبان الغنم، لأن زبده استهلك فيه، واستمخض اللبن أيضا، إذا أبطأ أخذه الطعم بعد حقنه في السقاء. وأمخض اللبن، وامتخض: تحرك في الممخضة، هكذا نص العباب. والذي في الصحاح: وأمخض اللبن: حان له أن يمخض، وتمخض اللبن وامتخض، أي تحرك في الممخضة. والظاهر أنه سقط ذلك في العباب سهوا من الصاغاني في نقله، فقلده المصنف من غير أن يراجع الصحاح وغيره من الأصول. وقال الجوهري: والممخضة: الإبريج، وأنشد ابن بري:

لقد تمخض في قلبي مودتهـا      كما تمخض في إبريجه اللبن والإمخاض، بالكسر: الحليب، ونص الليث: ما دام اللبن المخيض في الممخضة فهو إمخاض، أي مخضة واحدة. قال: وقيل: هو ما اجتمع من اللبن في المرعى حتى صار وقر بعير، ويجمع على الأماخيض. يقال: هذا إحلاب من لبن، وإمخاض من لبن، وهي الأحاليب والأماخيض. ومخاض، كسحاب: نهر قرب المعرة. ومما يستدرك عليه: امتخضت الناقة، مثل تمخضت، ومخضت، عن ابن شميل. وتمخض الولد وامتخض: تحرك في بطن الحامل. والماخض: هي الناقة التي أخذها المخاض لتضع. ومنه الحديث: دع الماخض والربى . ومخضت المرأة: تحرك ولدها في بطنها للولادة، عن إبراهيم الحربي. والإمخاض: السقاء، مثل به سيبويه، وفسره السيرافي. ومخض السحاب بمائه، وتمخض. وتمخضت السماء: تهيأت للمطر، وهو مجاز. وتمخضت الليلة عن يوم سوء، إذا كان صباحها صباح سوء، وهو مجاز. ومخض رأيه حتى ظهر له الصواب، وهو مجاز. وكذا قولهم: مخض الله السنين حتى كان ذلك زبدتها. وقال ابن بزرج: تقول العرب في أدعية يتداعون بها: صب الله عليك أم حبين ماخضا: يعني الليل.

م ر ض
المرض، محركة، وإنما لم يضبطه لشهرته: إظلام الطبيعة واضطرابها بعد صفائها واعتدالها، كما في العباب، وهو قول ابن الأعرابي. وقال ابن دريد: المرض: السقم وهو نقيض الصحة، يكون للإنسان والبعير، وهو اسم للجنس. قال سيبويه: المرض من المصادر المجموعة كالشغل والعقل، قالوا أمراض وأشغال وعقول. مرض فلان كفرح مرضا، بالتحريك، ومرضا بالسكون، فهو مرض، ككتف، ومريض، ومارض، والأنثى مريضة. وأنشد ابن بري، لسلامة بن عبادة الجعدي، شاهدا على مارض:

يريننا ذا اليسر القـوارض       ليس بمهزول ولا بمارض وقال اللحياني: عد فلانا فإنه مريض، ولا تأكل هذا الطعام فإنك مارض إن أكلته، أي تمرض. المريض مراض، بالكسر. قال جرير:

وفي المراض لنا شجو وتعذيب

صفحة : 4731

قلت: ويجوز أن يكون جمع مارض، كصاحب وصحاب. وقال ابن دريد: يجمع المريض على مرضى ومراضى، مثل جريح وجرحى وجراحى. أو المرض، بالفتح، للقلب خاصة. قال أبو إسحاق: يقال: المرض والسقم في البدن والدين جميعا، كما يقال: الصحة في البدن والدين جميعا. والمرض في القلب يصلح لكل ما خرج به الإنسان عن الصحة والدين. وبالتحريك أو كلاهما: الشك والنفاق وضعف اليقين، وبه فسر قوله تعالى في قلوبهم مرض أي شك ونفاق. وقال أبو عبيدة: أي شك. ويقال: قلب مريض من العداوة، وهو النفاق. قال ابن دريد: وحدثنا أبو حاتم عن الأصمعي أنه قال: قرأت على أبي عمرو بن العلاء وفي قلوبهم مرض فقال لي: مرض يا غلام. والمرض: الفتور. قال ابن عرفة: المرض في القلب: فتور عن الحق، وفي الأبدان: فتور الأعضاء. وفي العين: فتور النظر. والمرض: الظلمة، عن ابن الأعرابي، وبه فسر قوله تعالى فيطمع الذي في قلبه مرض أي ظلمة، وقيل: فتور عما أمر به ونهي عنه. ويقال: حب الزنا. وأنشد ابن الأعرابي كما في التكملة، وفي العباب أنشد ابن كيسان لأبي حية النميري:

وليلة مرضت من كل ناحية      فلا يضيء لها نجم ولا قمر ويروى: فما يحس بها، قال: أي أظلمت، وهكذا فسره ثعلب أيضا، وهو مجاز. وقال الراعي:

وطخياء من ليل التمام مريضة     أجن العماء نجمها فهو ماصح
تعسفتها لما تلاوم صحبـتـي     بمشتبه الموماة والماء نـازح

وقال ابن الأعرابي: أصل المرض النقصان، يقال: بدن مريض، أي ناقص القوة. وقلب مريض، أي ناقص الدين. وأمرضه الله: جعله مريضا. وقال سيبويه: أمرض الرجل: جعله مريضا. وفي الصحاح: أمرض الرجل، أي قارب الإصابة في رأيه. زاد في اللسان: وإن لم يصب كل الصواب. وأنشد الجوهري قول الشاعر، وهو الأقيشر الأسدي يمدح عبد الملك بن مروان، وأوله:

رأيت أبا الوليد غداة جمـع      به شيب وما فقد الشبـابـا
ولكن تحت ذاك الشيب حزم     إذا ما ظن أمرض أو أصابا

والذي في الأساس: ومن المجاز: أمرضه فلان: قارب إصابة حاجته?: ولا يخفى أن هذا غير إصابة الرأي، وقد اشتبه على المصنف حيث جعل أمرضه في إصابة الرأي، وإنما هو أمرض الرجل بنفسه، كما هو نص الصحاح وغيره من أمهات اللغة، فتأمل. وأمرض الرجل: صار ذا مرض. ويقال: أتى فلانا فأمرضه، أي وجده مريضا. ومن المجاز: التمريض في الأمور: التوهين فيها وأن لا تحكمها. وقيل: هو التضجيع، وقد مرض في الأمر: ضجع فيه، كما في الأساس. وقال ابن دريد: مرض الرجل في كلامه، إذا ضعفه، ومرض في الأمر، إذا لم يبالغ فيه. والتمريض: حسن القيام على المريض. قال سيبويه: مرضه تمريضا: قام عليه ووليه في مرضه وداواه ليزول مرضه. جاءت فعلت هنا للسلب وإن كانت في أكثر الأمر إنما تكون للإثبات. والتمريض: تذرية الطعام عن أبي عمرو. ومن المجاز: ريح مريضة: ساكنة، أو شديدة الحر، أو ضعيفة الهبوب. وشمس مريضة، إذا لم تكن منجلية صافية حسنة. وأرض مريضة، أي ضعيفة الحال، وأنشد أبو حنيفة:

صفحة : 4732

توائم أشباه بـأرض مـريضة     يلذن بخذراف المتان وبالغرب وقيل معناه، ممرضة، عنى بذلك فساد هوائها. وقد تكون مريضة هنا بمعنى قفرة أو ساكنة الريح شديدة الحر. والمراضان، بالفتح: واديان ملتقاهما واحد. قاله الليث. أو هما موضعان أحدهما لسليم، والآخر لهذيل. ويقال: هما المارضان: كذا في التكملة. والمرائض: ع وقال الأزهري: المرائض والمراضان: مواضع في ديار تميم بيم كاظمة والنقيرة، فيها أحساء. وليست من المرض وبابه في شيء، ولكنها مأخوذة من استراضة الماء، وهو استنقاعه فيها، والروضة مأخوذة منها، وقد نبه عليه الصاغاني أيضا، وتقدم للمصنف في روض مثل ذلك وكأنه ذكره هنا ثانيا تبعا لليث. ومن المجاز: تمرض الرجل تمرضا، إذا ضعف في أمره، فهو متمرض. والمراض كغراب: داء للثمار يقع فيها يهلكها، وقد جاء ذكره في حديث تقاضي الثمار.والمراض، كسحاب: ع، أو واد، وقد تقدم قريبا عن الأزهري، أن حقه أن يذكر في روض وقد ذكره المصنف هنا وأعاده ثانيا، فتأمل. ومما يستدرك عليه: التمارض: أن يري من نفسه المرض وليس به. وتمارض في أمره: ضعف، وهو مجاز. وأكل ما لم يوافقه فأمرضه: أوقعه في المرض. وبه مرضة شديدة. ومارضت رأيي فيك: خادعت نفسي، وهو مجاز. ورجل ممروض: مريض، ومتمرض كذلك. ومرضه تمريضا: داواه ليزول مرضه، عن سيبويه، وقد تقدم. ويجمع المريض أيضا على مرضاء، ككريم وكرماء. وأمرض القوم: مرضت إبلهم. ونقل الجوهري عن يعقوب: أمرض الرجل: وقع في ماله العاهة. انتهى، وفي الحديث: لا يورد ممرض على مصح . الممرض: من له إبل مرضى، فنهى أن يسقي الممرض إبله مع إبل المصح، لا لأجل العدوى ولكن لأن الصحاح ربما عرض لها مرض فوقع في نفس صاحبها أن ذلك من قبيل العدوى فيفتنه ويشككه، فأمر باجتنابه والبعد عنه. وليلة مريضة، إذا تغيمت السماء فلا يكون فيها ضوء، وقد تقدم، وهو مجاز. ورأي مريض: فيه انحراف عن الصواب، وهو مجاز. ومرض فلان في حاجتي تمريضا، إذا نقصت حركته فيها. وعين مريضة: فيها فتور. وأعين مراض ومرضى، وهو مجاز. وأرض مريضة: قفرة. ويقال: أرض مريضة، إذا ضاقت بأهلها. وقيل إذا كثر بها الهرج والفتن والقتل. وهو مجاز. قال أوس بن حجر:

ترى الأرض منا بالفضاء مريضة      معضلة منا بجـيش عـرمـرم وقال ابن دريد: امرأة مريضة الألحاظ، ومريضة النظر، أي ضعيفة النظر. وقال أبو عمرو إذا ديس الزرع ولم يذر بعد فذلك المرض، بالكسر، كما في العباب.
م ض ض

صفحة : 4733

مضه الشيء يمضه، بالضم، مضا ومضيضا، إذا بلغ من قلبه الحزن به، نقله ابن دريد، وليس عنده: مضيضا، وإنما ذكره ابن سيده، كأمضه. وفي المحكم: مضه الهم والحزن. والقول يمضه مضا ومضيضا: أحرقه وشق عليه. والهم يمض القلب، أي يحرقه. وفي الصحاح: أمضني الجرح إمضاضا، إذا أوجعك. وفيه لغة أخرى: مضني الجرح ولم يعرفها الأصمعي. وقال ثعلب: يقال: قد أمضني الجرح. وكان من مضى يقول: مضني بغير ألف. انتهى، ومثله في المحكم. وقال أبو عبيدة: مضني الأمر، وأمضني، وقال: أمضني، كلام تميم. ويقال: أمضني هذا الأمر، ومضضت له، أي بلغت منه المشقة. قال رؤبة:

فاقني وشر القول ما أمضا وقال أبن دريد: كان أبو عمرو بن العلاء يقول: مضني، كلام قديم قد ترك، كأنه أراد قد ترك واستعمل أمضني. وقال ابن بري: شاهد مضني قول جرير بن حمزة:

يا نفس صبرا على ما كان من مضضإذا لم أجد لفضول القول أقرانا قال: وشاهد أمضني قول سنان بن محرش السعدي:
وبت بالحصنين غير راضـي
يمنع مني أرقمي تغماضـي
من الحلوء صادق الإمضاض
في العين لا يذهب بالترحاض

وقال ابن دريد: يقال: مض الخل فاه، أي أحرقه. ومض الكحل العين يمضها، بالضم والفتح: آلمها وأحرقها، كأمضها، وعليه اقتصر الجوهري، وسبق شاهده في كلام ابن بري. وكحل مض: ممض. يقال: كحله بملمول مض، أي حار، كما في الصحاح. وفي اللسان: كحله مضا، إذا كان يحرق. ومضيضه: حرقته. وفي العباب: ملمول مض، أي محرق، وصف بالمصدر، كقولهم: ماء غور، وسكب. وفي الحديث: أن عبد الله بن جعفر، رضي الله عنه، أحمى مسمارا ليفقأ به عين ابن ملجم، فقال: إنك لتكحل عمك بملمول مض. ومضت العنز تمض وتمض مضيضا، إذا شربت وعصرت مرمتيها، أي شفتيها، كما في العباب. ومضض، كفرح: ألم من المصيبة. ومن الكلام يمض مضيضا. وفي المحكم: أمضه جلده فدلكه، أي أحكه. ويقال: امرأة مضة، إذا كانت لا تحتمل ما يسوءها، كأن ذلك يمضها، عن ابن الأعرابي. قال: ومنه قول الأعرابية حين سئلت: أي الناس أكرم? قالت: البيضاء البضة، الخفرة المضة. وفي التهذيب: المضة التي تؤلمها الكلمة اليسيرة، أو الشيء اليسير ويؤذيها. والمضض: محركة اللبن الحامض والمضض وجع المصيبة، نقله الجوهري. وقد مضضت يا رجل، بالكسر، تمض، مضضا، ومضيضا، ومضاضة، كجبل، وأمير، وسحابة، نقله الجوهري هكذا. والمض: المص، أو هو أبلغ منه. وقال الليث: المض: مضيض الماء كما تمتصه. ويقال: لا تمض مضيض العنز. ويقال: ارشف ولا تمض إذا شربت. وفي العباب: ويجوز تمض، والأولى هي العليا، وبهما روي حديث الحسن يخاطب الدنيا: خباث كل عيدانك قد مضضنا فوجدنا عاقبته مرا. خباث، كقطام، أي يا خبيثة، جربناك واختبرناك فوجدناك مرة العاقبة. وقال الليث: المض، بالكسر: أن يقول الإنسان بشفته، وفي العين: بطرف لسانه شبه لا، وهو هيج بالفارسية، وأنشد:

سألتها الوصل فقالت مض
وحركت لي رأسها بالنغض

صفحة : 4734

وهو مطمع: يقال: مض، مكسورة مثلثة الآخر مبنية، ومض منونة، وفي الصحاح: مض، بكسر الميم والضاد: كلمة تستعمل بمعنى لا، وبقية الأوجه ذكرها الصاغاني وصاحب اللسان، قال الجوهري: وهي مع ذلك مطمعة في الإجابة. وفي المثل: إن في مض لمطمعا هكذا في نسخ الصحاح، ووجد بخط أبي سهل لمقنعا. وفي اللسان: وأصل ذلك أن يسأل الرجل الرجل الحاجة فيعوج شفتيه فكأنه يطمعه فيها. وقال الفراء: مض، كقول القائل يقولها بأضراسه، فيقال: ما علمك أهلك من الكلام إلا مض ومض. وبعضهم يقول: إلا مضا، بوقوع الفعل عليها. ويقال أيضا: ميضا كما سيأتي كما يقال بضا وبيضا، وقد تقدما. وقال ابن دريد: تقول العرب إذا أقر الرجل بحق عليه مض، أي قد أقررت، كلمة تقال عند الإقرار. وقال أبو زيد: إذا سأل الرجل الرجل حاجة فقال المسئول: مض، فكأنه قد ضمن قضاءها. فيقول: إن في مض لمطمعا. وقال ابن عباد: المض بالفتح: حجر في البئر العادية يتبع ذلك حتى يدرك فيه الماء، قال: وربما كان لها مضان. كما في العباب. والمضة من الألبان: الحامضة كالبضة، وهي من ألبان الإبل، نقله ابن عباد. ورجل مض الضرب: موجعه، نقله ابن عباد. والمضاض بالضم: الخالص والصاد لغة فيه. يقال: فلان من مضاض القوم ومصاصهم، أي خالصهم. ومضاض بن عمرو الجرهمي معروف. وفهيرة عامر بن الحارث بن مضاض هذا هي أم عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو مزبقياء بن عامر، وهو ماء السماء. والمضاض أيضا: شجر عن ابن الأعرابي. والمضاض أيضا: الماء الذي لا يطاق ملوحة، عن ابن الأعرابي، قال: وضده في المياه القطيع، وهو الصافي الزلال، قال: وبه سمي الرجل. قال: ومضض الرجل تمضيضا: شربه. نقله الصاغاني. والمضاض، بالكسر: الحرقة. قال رؤبة:

من يتسخـط فـالإلـه راضـي
عنك ومن لم يرض في مضماض

والمضماض: الخفيف السريع من الرجال. قال أبو النجم:
يتركن كل هوجل نغـاض
فردا وكل معض مضماض

والمضماض: تحريك الماء في الفم كالمضمضة، ويفتح في الكل. وسئل الأصمعي عن قول رؤبة السابق: هل هو بالكسر أم بالفتح? فقال: هذا مصدر، الفتح والكسر جائز. وقال بعض بني كلاب فيما روي: تماظ القوم، وتماضوا، إذا تلاحوا، وعض بعضهم بعضا بألسنتهم، وتلاحوا من الملاحاة، هكذا في النسخ، ومثله في العباب والتكملة، وفي بعض الأصول. تلاجوا، بالجيم مشددة، من اللج. وكلاهما صحيحان. والمضمضة: تحريك الماء في الفم، وقد مضمض الماء في فيه: حركه، وتمضمض به. والمضمضة: غسل الإناء وغيره. قال الأصمعي: مضمض إناءه، إذا حركه. وقال اللحياني: مضمضه، إذا غسله، وكذلك مضمض ثوبه، إذا غسله، والصاد لغة فيه، وقد تقدم. وتمضمض للوضوء: مضمض، نقله الجوهري، كذا وجد بخط أبي سهل على الصواب. وفي بعض النسخ: مضمض للوضوء. وتمضمض الكلب في أثره: هر. ومما يستدرك عليه: قال أبو زيد: كثرت المضائض بين الناس، وأنشد:

وقد كثرت بين الأعم المضائض ومضمض النعاس في عينيه: دب وتمضمضت به العين. وتمضمض النعاس في عينيه قال الركاض الدبيري:

وصاحب نبهته لينهضا

صفحة : 4735

إذا الكرى في عينه تمضمضا ويقال: ما مضمضت عيني بنوم، أي ما نمت، قاله الجوهري وهو مجاز. والمضماض: النوم. ومضمض: نام نوما طويلا. وفي الحديث: لهم كلب يتمضمض عراقيب الناس ، أي يمض. والمضاض، كسحاب: الاحتراق. قال رؤبة:

قد ذاق أكحالا من المضاض وككتان: المحرق. قال العجاج:

وبعد طول السفر المضاض والمضاض، كغراب: وجع يصيب الإنسان في العين وغيرها مما يمض، كذا نقله الصاغاني في العباب، عن ابن الأعرابي، وفي التكملة: هو المضماض. والمضامض، كعلابط: الأسد الذي يفتح فاه، قال:

مضامض ماض مصك مطحر وكوى بالصاد أيضا. وأمضني هذا القول: بلغ مني المشقة. ومضامض القوم ومصامصهم: خالصهم، كذا في التكملة. وماضه مضاضا، إذا لاحاه، ولاجه، وكذلك: عاظه وماظه.

م ع ض
معض من هذا الأمر، كفرح يمعض معضا ومعضا: غضب، وشق عليه، وأوجعه. نقله الجوهري والصاغاني. وفي التهذيب: معض من شيء سمعه. وأنشد الجوهري للراجز، قلت: هو رؤبة. قال الصاغاني وقد جمع بين اللغتين:

وهي ترى ذا حاجة مؤتضا
ذا معض لولا يرد المعضا

وفي حديث ابن سيرين: تستأمر اليتيمة فإن معضت لم تنكح أي شق عليها، وهو ماعض ومعض، إشارة إلى ورود اللغتين. وشاهد الأخير قول أبي النجم:

يتركن كل هوجل نغـاض
فردا وكل معض مضماض

وأمعضه إمعاضا، ومعضه تمعيضا: أغضبه، نقله الليث. وقال ابن دريد: أمعضني هذا الأمر، وهو لي ممعض، إذا أمضك، وشق عليك، وقال رؤبة:

وإن رأيت الخصم ذا اعتراض
يشنق من لواذع الإمـعـاض
فأنت يا ابن القاضيين قاضـي
معتزم على الطريق الماضي

فامتعض منه. وقال ثعلب: معض معضا: غضب. وكلام العرب: امتعض. أراد كلام العرب المشهور. وقال عبد الله بن سبيع: لما قتل رستم بالقادسية، بعث سعد، رضي الله عنه، إلى الناس خالد بن عرفطة، وهو ابن أخته، فامتعض الناس امتعاضا شديدا. أي شق عليهم وعظم.

والإمعاض: الإحراق، وقد أمعضه: أوجعه، وأحرقه، أو أنزل به المعض. وقال أبو عمرو: المعاضة من النوق، ونص أبي عمرو، من الإبل: التي ترفع ذنبها عند نتاجها، نقله الصاغاني وصاحب اللسان. ومما يستدرك عليه: تمعضت الفرس. هكذا جاء في حديث سراقة. قال أبو موسى: هكذا روي في المعجم، ولعله من معض من الأمر، إذا شق عليه. وقال ابن الأثير: ولو كان بالصاد المهملة، وهو التواء الرجل، لكان وجها. قال ابن دريد: وبنو ماعض: قوم درجوا في الدهر الأول. هكذا نقله الصاغاني. قلت: وقد تقدم له في م ع ص مثل ذلك.

م ي ض
ميض: أهمله الجوهري، والمصنف، وصاحب اللسان، وقال الفراء: يقال: ما علمك أهلك من الكلام إلا مضا ميضا وبضا وبيضا أي التمطق. وقال ابن عباد: إن في ميض لمطمعا، وقد مر تفسيره. هكذا أورده الصاغاني قي كتابيه.