الباب الخامس عشر: باب الضاد المعجمة - الفصل التاسع عشر: فصل الواو مع الضاد

فصل الواو مع الضاد

و خ ض
الوخض، كالوعد: طعن غير جائف، وقد وخضته بالرمح، نقله الجوهري، وهو قول الليث، قال الأزهري: هذا التفسير للوخض خطأ. والذي رواه الأصمعي هو: الطعن يخالط الجوف ولم ينفذ، كالوخط، كذلك، رواه أبو عبيد عنه، وقال أبو زيد: وكذلك البج، وأنشد لرؤبة:

والنبل تهوي خطأ وحبضا
قفخا على الهام وبجا وخضا

أو هو: الطعن الغير المبالغ فيه، وهو قول ابن دريد، والمطعون: وخيض، فعيل بمعنى مفعول، كذا في الجمهرة والصحاح. وأنشد الجوهري لذي الرمة:

وتارة يخض الأسحار عن عرض     وخضا وتنتظم الأسحار والحجب والرواية: فتارة يخض الأعناق وهو يصف ثورا يطعن الكلاب. وقال أبو عمرو: وخطه بالرمح، ووخضه: بمعنى. ومن المجاز: وخضه الشيب أي وخطه ووخزه، أي خالطه.

و ر ض

صفحة : 4754

ورض الرجل يرض ورضا: خرج غائطه رقيقا، نقله الخارزنجي. وورضت الدجاجة: وضعت بيضها بمرة، كورضت توريضا، فيهما، أي في الدجاجة والرجل. وفي كلامه نظر من وجوه: أولا: فإن التوريض في الرجل هو إخراج الغائط والنجو بمرة واحدة، كما نقله الجوهري، فيكون حينئذ متعديا. والذي نقله الخارزنجي فعل لازم، فكيف يكون الورض والتوريض سواء. وثانيا: فإنه تبع هنا الجوهري في إيراده بالضاد تقليدا لليث غير منبه عليه، وقد سبق له في الصاد توهيم الجوهري، حيث ذكره في الضاد؛ وصوابه بالصاد المهملة، على ما حققه الأزهري والصاغاني. وثالثا: فإن الجوهري ذكر أورض إيراضا، كورض توريضا بمعنى واحد، فكيف يهمل شيئا ويذكر شيئا، وهما سواء. ورابعا: فإن قوله: ورضت الدجاجة، من الثلاثي، مخالف نص العين، على ما نقله الجماعة، قال الليث: ورضت الدجاجة، إذا كانت مرخمة على البيض ثم قامت فوضعت بمرة، وكذلك التوريض في كل شيء. وفي الصحاح: قامت فذرقت بمرة واحدة ذرقا كثيرا. وقال الأزهري: وهذا تصحيف، والصواب: ورصت، بالصاد. وقال أبو العباس عن ابن الأعرابي: أورص، وورص، إذا رمى بغائطه قال: وقال المنذري عن ثعلب عن سلمة عن الفراء قال: ورص الشيخ، بالصاد المهملة، إذا استرخى حتار خورانه فأبدى. وقال: فأما التوريض بالضاد المعجمة فله معنى آخر غير ما ذكره الليث: قال ثعلب عن ابن الأعرابي: وهو أن يرتاد الأرض، ويطلب الكلأ. قال عدي ابن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع يصف روضة:

حسب الرائد المورض أن قد     ذر منها بكل نبء صـوار أي مسك. وذر، أي تفرق، والنبء: ما نبا من الأرض والتوريض: تبييت الصوم، عن ابن الأعرابي، أي بالنية، يقال: نويت الصوم، وأرضته، وورضته، ورمضته، وخمرته، وبيته، ورسسته، بمعنى واحد، ومنه الحديث: لا صيام لمن لم يورضه من الليل، أي لم ينو، قال الأزهري: وأحسب الأصل فيه مهموزا، ثم قلبت الهمزة واوا.

و ض ض
الوض، أهمله الجوهري وصاحب اللسان، وقال ابن الأعرابي: هو الاضطرار، هكذا نقله الصاغاني. قلت: وأصله الأض، وقد سبق عن الليث: الأض: المشقة، وأضني إليك الفقر واضطرني. وهذا سبب إهمال الجماعة له.

و غ ض
وغض في الإناء توغيضا، بالغين المعجمة، أهمله الجوهري وصاحب اللسان، وقال أبو عمرو: أي دحسه، كذا في العباب، وأهمله في التكملة.

و ف ض
وفض يفض وفضا ووفضا، الأخير محركة عن ابن دريد: عدا وأسرع، كأوفض واستوفض، وقال أبو مالك: استوفض، أي استعجل، وقال الفراء في قوله تعالى كأنهم إلى نصب يوفضون أي: يسرعون، وأنشد الجوهري لرؤبة:

إذا مطونا نقضة أو نقضا
تعوي البرى مستوفضات وفضا

 تعوي، أي: تلوي، ومثله قول جرير:

تستوفض الشيخ لا يثني عمامتـه     والثلج فوق رؤوس الأكم مركوم وقال الحطيئة:

وقدر إذا ما أنفض الناس أوفضت    إليها بأيتام الـشـتـاء الأرامـل وناقة ميفاض: مسرعة، من ذلك وكذلك النعامة، قال:

لأنعتن نعـامة مـيفـاضـا
خرجاء تعدو تطلب الإضاضا

صفحة : 4755

وقال ابن دريد: الوفضة: خريطة يحملها الراعي لزاده وأداته يحملها فيها، وفي الصحاح: الوفضة: شيء مثل الجعبة من أدم ليس فيها خشب. قال الصاغاني: تشبيها. ج: وفاض، وزاد في الأساس: وفضات، وأنشد ابن بري للشنفرى، قال الصاغاني: يذكر تأبط شرا، وأنثه حيث جعله أم عيال:

لها وفضة فيها ثلاثون سيحفـا     إذا آنست أولى العدي اقشعرت الوفضة: الجعبة، والسيحف: النصل المذلق. وقال ابن عباد: الوفضة: النقرة بين الشاربين تحت الأنف من الرجل. ويقال: لقيته على أوفاض، وعلى أوفاز، أي عجلة، الواحد وفض، بالفتح، كما في الصحاح، ويحرك، عن ابن دريد، يقال: جاء على وفض، وعلى وفض، وأنشد الجوهري لرؤبة:
يمسي بنا الجد على أوفاض وقال أبو عبيد، في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أمر بصدقة أن توضع في الأوفاض: هو الفرق من الناس، والأخلاط، ومثله قول أبي عمرو، قال: من وفضت الإبل، إذا تفرقت، أو الجماعة من قبائل شتى، كأصحاب الصفة، رضي الله عنهم، نقله الجوهري، أو الجماعة الذين مع كل واحد منهم وفضة لطعامه، وهي مثل الكنانة الصغيرة يلقي فيها طعامه، وهذا قول الفراء، وأنكره أبو عبيد، وقيل: هو الفقراء الضعاف الذين لا دفاع بهم، ومنه الحديث: فأقتر أبواه حتى جلسا مع الأوفاض . قال أبو عبيد: وهذا كله عندنا واحد؛ لأن أهل الصفة إنما كانوا أخلاطا من قبائل شتى. قلت: وأهل الصفة ثلاثة وتسعون رجلا جمعتهم في كراسة لطيفة على حرف المعجم. والأوفاض أيضا: جمع وفض، محركة، للذي يقطع عليه اللحم، وكذلك الأوضام جمع وضم، نقله أبو عمرو. وقال الطرماح:

كم عدو لنا قراسـية الـع     ز تركنا لحما على أوفاض وقال كراع: الوفض: وضم اللحم، طائية. والوفاض، ككتاب: الجلدة توضع تحت الرحى، قاله أبو زيد، وقال غيره: هو وقاية ثفال الرحى، والجمع وفض، قال الطرماح:

قد تجاوزتها بهضاء كالـجـن     ة يخفون بعض قرع الوفاض والوفاض أيضا: المكان الذي يمسك الماء، رواه ثعلب عن ابن الأعرابي قال: وكذلك المسك والمساك، فإذا لم يمسك فهو مسهب. وأوفض الإبل: فرقها قال الليث: الإبل تفض وفضا، وتستوفض، وأوفضها صاحبها. وقال أبو تراب: سمعت خليفة الحصيني يقول: أوضفت الناقة وأوضفتها فوضفت: خبت. وأوفضتها فوفضت: تفرقت. وأوفض له: وأوضم، إذا بسط له بساطا يتقي به الأرض. ويقال استوفضه إذا طرده عن أرضه. واستوفضه: استعجله. واستوفضت الإبل، إذا تفرقت في رعيها، وهو مطاوع أوفضتها. واستوفض فلانا: غربه ونفاه، ومنه حديث وائل بن حجر: من زنا من بكر فاصقعوه كذا، واستوفضوه عاما أي اضربوه واطردوه عن أرضه وغربوه وانفوه، وأصله من قولك: استوفضت الإبل. ومما يستدرك عليه: أوفضه: طرده. وقال أبو زيد: يقال: مالي أراك مستوفضا، أي مذعورا. وقال ذو الرمة يصف ثورا وحشيا:

طاوي الحشا قصرت عنه محرجة     مستوفض من بنات القفر مشموم

صفحة : 4756

قال الأصمعي: مستوفض، أي أفزع فاستوفض. وقال الصاغاني: يروى مستوفض ومستوفض والمستوفض النافر من الذعر، كأنه طلب وفضه، أي عدوه. وفرق ابن شميل بين الوفضة والجعبة، فقال: الجعبة:المستديرة الواسعة التي على فمها طبق من فوقها، والوفضة أصغر منها، وأعلاها وأسفلها مستو.

و م ض
ومض البرق يمض ومضا، ووميضا، وومضانا، محركة: لمع لمعا خفيفا، كما في الصحاح، وفي بعض الأصول خفيا، وجمع بينهما في الأساس، فقال: خفيا خفيفا ولم يعترض في نواحي الغيم، كأومض إيماضا، فأما إذا لمع واعترض في نواحي الغيم فهو الخفو، فإن استطال وسط السماء وشق الغيم من غير أن يعترض يمينا وشمالا فهو العقيقة. قاله الجوهري، وأنشد لامرئ القيس:

أصاح ترى برقا أريك وميضه     كلمع اليدين في حبي مكلـل وبرق وميض: وامض. قال أبو محمد الفقعسي:

يا جمل أسقاك البريق الوامض وقال مالك الأشتر النخعي:

حمي الحديد عليهم فـكـأنـه      ومضان برق أو شعاع شموس وقال غيره:

تضحك عن غر الثنـايا نـاصـع      مثل وميض البرق لما عن ومض أراد: لما أن ومض. وفي الحديث: ثم سأل عن البرق فقال: أخفوا أم وميضا أم يشق شقا? قالوا: يشق شقا، فقال صلى الله عليه وسلم: جاءكم الحيا . وقال ابن الأعرابي: الوميض: أن يومض البرق إيماضة ضعيفة، ثم يخفى، ثم يومض، وليس في هذا يأس من مطر، قد يكون وقد لا يكون، وشاهد الإيماض قول رؤبة:

أرق عينيك عن الغماض
برق سرى في عارض نهاض
غر الذرى ضواحك الإيماض

ثم قوله: ومض البرق ليس بتخصيص له، بل يستعمل الومض في غيره أيضا، ففي العين: الومض، والوميض: من لمعان البرق، وكل شيء صافي اللون، قال: وقد يكون الوميض للنار. ومن المجاز: أومضت المرأة: سارقت النظر بعينها، ويقال: أومضت فلانة بعينها، إذا برقت. وأومض فلان: أشار إشارة خفية، وهو مجاز أيضا، ومنه حديث الحسن: هلا أومضت إلي يا رسول الله أي أشرت إلي إشارة خفية، فقال: النبي لا يومض ، وفي رواية إبراهيم الحربي: الإيماض خيانة. ومما يستدرك عليه: التوماض: اللمع الضعيف من البرق، وشاهده قول ساعدة بن جؤية، يصف سحابا:

أخيل برقا متى حاب له زجل     إذا يفتر من توماضه حلجـا أي تخال برقا. ومتى في معنى من في لغة هذيل: والحابي من السحاب: المرتفع، كذا في شرح الديوان. وأومض، إذا رأى وميض برق أو نار، وأنشد ابن الأعرابي:

ومستنبح يعوي الصـدى لـعـوائه    رأى ضوء ناري فاستناها وأومضا استناها، نظر إلى سناها. ويقال: شمت ومضة برق، كنبضة عرق. وأومضت المرأة: تبسمت، وهو مجاز. شبه لمع ثناياها بإيماض البرق.

و ه ض
الوهضة، أهمله الجوهري، وقال الأزهري عن الأصمعي: هي المطمئن من الأرض، أو هي وهضة، إذا كانت مدورة، كالوهطة، قاله أبو السميدع. وقال ابن عباد: وهضة من عرفط ووهضات، لغة في الطاء، والطاء أعرف.