الباب السابع عشر: باب الظاء المشالة - الفصل التاسع: فصل العين مع الظاء

فصل العين مع الظاء

ع ظ ظ

صفحة : 5061

عظته الحرب، كعضته، عن الليث. وأنكر المفضل بن سلمة عظته الحرب بالظاء. وقال ابن فارس: فإن صح فلعله يكون من باب الإبدال. وقال بعضهم: العظ من الشدة في الحرب، كأنه من عض الحرب إياه، ولكن يفرق بينهما كما يفرق بين الدعث والدعظ، لاختلاف الوضعين.

ونقل شيخنا عن بعض فقهاء اللغة: كل عض بالأسنان فهو بالضاد، وما ليس بها كعظ الزمان فهو بالظاء. وقال ابن السيد في كتاب الفرق: العض والعظ: شدة الحرب، أو شدة الزمان، ولا تستعمل الظاء في غيرهما، قال الفرزدق: وعظ زمان يا ابن مروان لم يدع من المال إلا مسحت أو مجلف وقال شمر: عظ فلانا بالأرض، إذا ألزقه بها، فهو معظوظ بالأرض.

وعظعظ السهم عظعظة وعظعاظا، بالكسر، إذا ارتعش في مضيه والتوى، وقيل: مر مضطربا ولم يقصد. قال رؤبة - ويروى للعجاج -:

لما رأونا عظعظت عظعاظا     نبلهم، وصدقوا الوعـاظـا عظعظ الجبان عظعظة: نكص عن مقاتله، ورجع وحاد عنه، مأخوذ من عظعظة السهم.

وعظعظ في الجبل: صعد، عن أبي عمرو، وكذلك عضعض، وبرقط، وبقط، وعنت.

وعظعظت الدابة عظعظة، إذا حركت ذنبها ومشت في ضيق من نفسها، عن ابن عباد.

وقال أبو سعيد: المعاظة والمعاضة واحد، إلا أنهم فرقوا بين اللفظين، كما فرقوا بين المعنيين.

والعظاظ، بالكسر: شدة المكاوحة، وهو شبيه بالمظاظ: يقال: عاظه وماظة عظاظا ومظاظا: إذا لاحاه ولاجه، وهو المشقة والشدة في الحرب، كالعظة والمعاظة، قال:

أخو ثقة إذا فتشـت عـنـه      بصير في الكريهة والعظاظ ومن الأمثال السائرة قولهم: لا تعظيني وتعظعظي، أي لا توصيني وأوصي نفسك. قال الجوهري: وهذا الحرف هكذا جاء عنهم فيما ذكره أبو عبيد. قلت: أي عن الأصمعي في ادعاء الرجل علما لا يحسنه، أو الصواب ضم أول الثانية، ونص الصحاح: وأنا أظنه: وتعظعظى، بضم التاء، أي لا يكن منك أمر بالصلاح وأن تفسدي أنت في نفسك، كما قال المتوكل الليثي، كما في العباب - ويروى لأبي الأسود الدؤلي -:

لا تنه عن خلق وتأتي مثله     عار عليك إذا فعلت عظيم قال: فيكون من عظعظ السهم: إذا التوى واعوج. يقول: كيف تأمرينني بالاستقامة وأنت تتعوجين. قلت: ووجدت بخط أبي زكريا، قال الهروي: قول الجوهري على ما فسره خطأ، لأن تعظعظي المضموم التاء على ما ظنه وفسره خبر يلزمه النون، كما قال: أنت تتعوجين، فجاء بالنون لما كان خبرا، وإنما النون محذوفة من تعظعظ المفتوحة التاء، لأنه أمر، ومعناه: كفي وارتدعي عن وعظك إياي. انتهى.

صفحة : 5062

وقال ابن بري: الذي رواه أبو عبيد هو الصحيح، لأنه قد روى المثل: تعظعظي ثم عظي، وهذا يدل على صحة قوله. قلت: ومنهم من جعل تعظعظي بمعنى اتعظي أنت، أي فهو أمر من الوعظ، وهذا القول شاذ، لأن العرب إنما تفعل هذا في المضاعف فتبدل من أحد الحرفين كراهية لاجتماعهما، فيقولون: تحلحل وأصله تحلل، ولو كان تعظعظي من الوعظ لقيل منه: توعظي، فتأمل. وأعظه الله تعالى: جعله ذا عظاظ. ومما يستدرك عليه: العظعاظ، بالفتح: مصدر عظعظ السهم، عن كراع، وهي نادرة.

والعظعظة: النكوص عن الصيد. وما يعظعظه شيء، أي ما يستفزه ولا يزيله.

وأعظ الرجل، إذا اغتاب غيبة قبيحة.

ع ك ظ
عكظه يعكظه عكظا: حبسه. وعكظ الشيء يعكظه: عركه، وقال ابن دريد: قهره بحجته، ورد عليه فخره، قال: وبه سمي عكاظ كغراب: سوق بصحراء. وقال الأصمعي: عكاظ: نخل في واد بينه وبين الطائف ليلة. وبينه وبين مكة ثلاث ليال، وبه كانت تقام سوق العرب. وقال الزمخشري: قيل عكاظ: ماء بين نخلة والطائف إلى بلد يقال له: العتق، كانت موسما من مواسم الجاهلية، تقوم هلال ذي القعدة، وتستمر عشرين يوما، قال ابن دريد: وكانت تجتمع فيها قبائل العرب، فيتعاكظون، أي يتفاخرون ويتناشدون ما أحدثوا من الشعر ثم يتفرقون. زاد الزمخشري: كانت فيها وقائع وحروب. وفي الصحاح: فيقيمون شهرا يتبايعون ويتفاخرون، ويتناشدون شعرا، فلما جاء الإسلام هدم ذلك. قال اللحياني: أهل الحجاز يجرونها، وتميم لا يجرونها، وأنشد الجوهري لأبي ذؤيب:

إذا بني القباب على عكاظ     وقام البيع واجتمع الألوف أراد: بعكاظ.

وقال أمية بن خلف الخزاعي يهجو حسان بن ثابت رضي الله عنه:

ألا من مبلغ حسان عني     مغلغلة تدب إلى عكاظ في أبيات تقدم ذكرها في شوظ فأجابه حسان رضي الله عنه:

أتاني عـن أمـية زور قـول     وما هو في المغيب بذي حفاظ
سأنشر إن بقيت لكم كـلامـا      ينشر في المجنة مع عكـاظ
قوافي كالسلام إذا استـمـرت    من الصم المعجرفة الغـلاظ
تزورك إن شتوت بكـل أرض    وترضخ في محلك بالمقـاظ
بنيت عليك أبـياتـا صـلابـا     كأسر الوسق قعض بالشظاظ
مجللة تـعـمـمـه شـنـارا     مضرمة تأجج كـالـشـواظ
كهمزة ضيغم يحمي عـرينـا      شديد مغارز الأضلاع خاظي
تغض الطرف أن ألقاك دوني      وترمي حين أدبر باللـحـاظ

وقال طريف بن تميم:
أو كلما وردت عكاظ قبيلة         بعثوا إلي عريفهم يتوسم? ومنه الأديم العكاظي منسوب إليها، كما نقله الجوهري، وهو ما حمل إلى عكاظ فبيع بها.

وتعكظ أمره: التوى، عن ابن الأعرابي، كما سيأتي بيانه. وقيل: تعكظ عليه أمره، أي تعسر وتشدد، وتمنع. قال عمرو بن معدي كرب:

صفحة : 5063

فلو أن قومي أطاعوا الرشا     د لم يبعدوني ولم أظـلـم
ولكن قومي أطاعوا الغـوا     ة حتى تعكظ أهـل الـدم

وتعكظ فلان: اشتد سفره وبعد، هكذا نقله، وهو غلط مخالف للأصول، فإن المنقول عن ابن الأعرابي إذا اشتد على الرجل السفر وبعد، قيل: تنكظ، فإذا التوى عليه أمره فقد تعكظ. قال: تقول العرب: أنت مرة تعكظ، ومرة تنكظ. تعكظ: تمنع. وتنكظ: تعجل، كما في اللسان والعباب والتكملة. وقد اشتبه على المصنف تعكظ بتنكظ، وسيأتي ذلك في ن ك ظ.

وتعكظ القوم: تحبسوا ينظرون في أمورهم، قيل: ومنه سميت عكاظ.

وقال إسحاق بن الفرج سمعت أعرابيا من بني سليم يقول: عكظه عن حاجته ونكظه تعكيظا وتنكيظا، إذا صرفه عنها. وعكظ عليه حاجته ونكظ، أي نكدها.

وعكظ في الإيصاء: بالغ فيه، نقله الصاغاني.

وعاكظه، ودالكه، وعاسره، وماعسه: لواه ومطله. والعكيظ كأمير: القصير، عن ابن دريد.

والتعاكظ: التجادل والتحاج. ومما يستدرك عليه: رجل عكظ، ككتف، أي عسر. يقال: إنه لعكظ العطاء، أي عسره. والعكظ أيضا: القصير، كما في اللسان.

وعكظت الأديم عكظا، أي معسته ودلكته في الدباغ.

وتعاكظ القوم: تعاركوا ويوما عكاظ: من أيامهم، قال دريد بن الصمة:

تغيبت عن يومي عكاظ كليهما     وإن يك يوم ثالث أتـغـيب نقله الجوهري.

قلت: وهما من أيام الفجار، كما تقدم في ف ج ر.

وتعكظوا في موضع كذا: اجتمعوا وازدحموا، نقله الزمخشري. وقال: هو مأخوذ من عكاظ.

ع ن ظ
العنظوان، كعنفوان: الشرير المسمع البذي. وقال الجوهري: رجل عنظوان، أي فحاش، وهو فعلوان. وقيل: هو الساخر المغري، والأنثى من كل ذلك بالهاء. وقال الفراء: العنظوان: الفاحش من الرجال، والمرأة عنظوانة، كالعنظيان، بالكسر فيهما، أي في العين والظاء. وقال ابن بري: المعروف عنظيان، ويقال للفحاش: حنظيان، وخنظيان، وحنذيان، وخنذيان، وعنظيان. والعنظوان: نبت، وفي الصحاح: ضرب من النبات. وقال أبو عمرو، وأبو زياد: هو من الحمض، وهو أغبر ضخم، وربما استظل الإنسان في ظل العنظوانة في الضحى أو العشي، ولا يستظل للظهيرة. قال الجوهري: إذا أكثر منه البعير وجع بطنه، قال الراجز:

حرقها وارس عنظوان
فاليوم منها يوم أرونان

أو هو أجود الأشنان، وأسمنه وأشده بياضا، والغولان نحوه، إلا أنه أدق من العنظوان، نقله أبو حنيفة عن بعض الأعراب، وقال أبو عمرو: كأنه الحرض، والأرانب تأكله.

والعنظوان: لقب عوف بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة ابن زيد اللات، من قضاعة، وإليه نسبت القبيلة، لأنهم بعثوه ربيئة فجلس في ظل عنظوانة، وقال: لا أبرح هذه العنظوانة، وهي الشجرة التي وصفت، فلقب بذلك. وعنظوان: ماء لبني تميم مشهور.

والعنظيان، بالكسر: البذيء الفاحش، نقله الأزهري، وقد تقدم للمصنف قريبا.

وقال غيره: هو الجافي، والأنثى فيهما بالهاء.

صفحة : 5064

والعنظيان: أول الشباب، نقله الصاغاني. وعنظى به: سخر منه وأسمعه كلاما قبيحا وشتمه، ولو قال: أسمعه القبيح لكان أجود. ونقل الجوهري عن الأصمعي قال: يقال: قام يعنظي به، إذا أسمعه كلاما قبيحا، وندد به، وأنشد:

قامت تعنظى بك سمع الحاضر قلت: والرجز لجندل بن المثنى الطهوي يخاطب امرأته، كما في العباب. ويقال لأبي القرين.

وحق التركيب أن يذكر في المعتل، لتصريح سيبويه بزيادة النون في عنظوان هكذا في سائر النسخ، وهذا خلاف نص سيبويه في كتاب الأبنية على ما نقل عنه الثقات، وإنما ذكر الليث في كتابه في هذا التركيب ما نصه: العنظوان: نبت، نونه زائدة، تقول: عظي البعير يعظى عظا فهو عظ، كرضي يرضى، وأصل الكلمة العين والظاء والواو. واعترض عليه الصاغاني فقال: إذا كانت النون عنده زائدة فوزنه عنده فنعلان، وكان ذكره إياه في هذا التركيب بمعزل من الصواب، وحقه عنده أن يذكر في تركيب ع ظ و، ولم يذكره فيه. ونص سيبويه في كتاب الأبنية أن النون زائدة، ووزنه فعلوان، وهذا هو الذي صوبه الجوهري والصاغاني، وردوا على الليث قوله. وعبارة المصنف فيها من المخالفة للنص والقصور ما لا يخفى. فتأمل.

ومما يستدرك عليه: العنظوان: الجراد الذكر، والأنثى عنظوانة، كما في العباب. وقال أبو حنيفة: العنظوانة: الجرادة الأنثى، والعنظب: الذكر. وأرنب عنظوانية: تأكل العنظوان. وعنظيت الرجل: قهرته، وهو بالغين أكثر، كما سيأتي.

وفعل ذلك عناظيك، بالفتح، عن اللحياني، لغة في الغين، كما سيأتي.