الباب السابع عشر: باب الظاء المشالة - الفصل الحادي عشر: فصل الفاء مع الظاء

فصل الفاء مع الظاء

ف ظ ظ
الفظ من الرجال: الغليظ، كما في الصحاح، وفي بعض نسخه زيادة: الجافي، بعده. وفي العباب: هو الغليظ الجانب السيئ الخلق القاسي. وقال الحراني: الفظ: الخشن الكلام. وقال الليث: هو الذي في منطقه غلظ وتجهم. يقال: رجل فظ بين الفظاظة، بالفتح. والفظاظ، بالكسر، والفظظ، محركة. قال رؤبة - ويروى للعجاج-:

تعرف فيه اللؤم والفظاظا والفظظ: خشونة في الكلام، كالفظاظ، عن ابن عباد.

صفحة : 5068

وقد فظظت، بالكسر، تفظ فظاظة وفظظا: والأول أكثر لثقل التضعيف. والفظ ماء الكرش، كما في الصحاح، وزاد غيره: يعتصر ويشرب منه عند عوز الماء في المفاوز والفلوات، وقد فظه وافتظه: شق عنه الكرش، أو عصره منها، وأنشد الجوهري للشاعر وهو حسان بن نشبة العدوي، كما في العباب. وقال أبو محمد الأسود: إنما هو جساس بن نشبة، ككتاب:

وكانوا كأنف الليث لا شم مرغماولا نال فظ الصيد حتى يعفرا يقول: لا يشم ذلة فترغمه، ولا ينال من صيده لحما حتى يصرعه ويعفره، لأنه ليس بذي اختلاس كغيره من السباع. قال: ومنه قولهم: افتظ الرجل، وهو أن يسقي بعيره ثم يشد فمه لئلا يجتر، فإذا أصابه عطش شق بطنه، فعصر فرثه، فشربه وانتهى.

وقال الشافعي رحمه الله: إن افتظ رجل كرش بعير نحره، فاعتصر ماءه وصفاه، لم يجز أن يتطهر به. وقال الراجز:

بجك كرش الناب لافتظاظها وقال ابن دريد، والفراء: الفظيظ، كأمير، زعموا: ماء الفحل أو المرأة، وليس بثبت.: وأما كراع فقال: الفظيظ: ماء الفحل في رحم الناقة، وأنشد ابن سيده للشاعر يصف القطا، وأنهن يحملن الماء لفراخهن في حواصلهن:

حملن لها مياها فـي الأداوى    كما يحملن في البيظ الفظيظا والفظاظة، بالضم: فعالة منه، أي من الفظيظ: ماء الفحل أو ماء الكرش، والأخير أنكره الخطابي، أو من الفظ. ومنه قول عائشة رضي الله عنها لمروان بن الحكم: ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه، فأنت فظاظة من لعنة الله، أي نطفة منها، ويروى: فضض، بضمتين، جمع فضيض، وهو الماء الغريض، ويروى: فضض، محركة، فعل بمعنى مفعول، ويروى: فضيض، كأمير وقد تقدم في ف ض ض: وهو فظ بظ، إتباع قال ابن سيده: حكاه ثعلب. ولم يفسر بظا، فوجهناه على الإتباع.

ومما يستدرك عليه: أفظه إفظاظا: رده عما يريد. وإذا أدخلت الخيط في الخرت فقد أفظظته، عن أبي عمرو. وهو أفظ من فلان، أي أصعب خلقا وأشرس.

وقال الزمخشري: أفظظت الكرش: اعتصرت ماءها.

وجمع الفظ، بمعنى الرجل السيئ الخلق، أفظاظ، أنشد ابن جني للراجز:

حتى ترى الجواظ من فظاظها     مذلوليا بعد شذا أفظاظـهـا وجمع فظ الصيد فظوظ. قال متمم بن نويرة رضي الله عنه:

وكان لهم إذ يعصرون فظوظها     بدجلة أو فيض الخريبة مورد يقول: يستبيلون خيلهم ليشربوا بولها من العطش، فإذا الفظوظ هي تلك الأبوال بعينها، كما في اللسان.

ف و ظ
فاظ يفوظ فوظا وفواظا: مات كتبه بالأحمر على أنه مستدرك على الجوهري، وليس كذلك، بل ذكره الجوهري في التي تليها بقوله: وربما قالوا: فاظ يفوظ فوظا وفواظا، وذكره الزمخشري أيضا. ومن سجعاته: من قاظ بتهامة فقد فاظ.

صفحة : 5069

وقال ابن جني: ومما يجوز في القياس - وإن لم يرد به استعمال الأفعال التي وردت مصادرها ورفضت هي، نحو فاظ الميت فيظا وفوظا، ولم يستعملوا من فوظ فعلا. قال: ونظيره الأين الذي هو الإعياء، لم يستعملوا منه فعلا. ومما يستدرك عليه: حان فوظه، أي موته، عن الأصمعي. وقد ذكره المصنف استطرادا في التي تليها، فما أغناه عن ذكره هنا، فإنه على شرطه.

ف ي ظ
كفاظ يفيظ فيظا، وفيظوظة، وفيظانا، محركة، وفيوظا، بالضم، ذكرهن الجوهري ما عدا الثانية، فإنه ذكرها الليث، وأنشد الجوهري لرؤبة، ويقال للعجاج:

والأسد أمسى جمعهم لفاظـا     لا يدفنون منهم من فـاظـا

إن مات في مصيفه أو قاظا أي من كثرة القتلى.

وفي الحديث: أنه أقطع الزبير حضر فرسه، فأجرى الفرس حتى فاظ، ثم رمى بسوطه، فقال: أعطوه حيث بلغ السوط. وفي حديث قتل ابن أبي الحقيق: فاظ وإله بني إسرائيل.

وأفاظه الله تعالى: أماته، ويقال: ضربته حتى أفظت نفسه، وأفاظ الله تعالى نفسه قال:

فهتكت مهجة نفسه فأفظتها      وثأرته بمعمم الـحـلـم قال الجوهري: وكذلك فاظت نفسه، أي خرجت روحه، عن أبي عبيدة والكسائي، وعن أبي زيد مثله. وقال الأصمعي: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: لا يقال: فاظت نفسه، ولكن يقال: فاظ، إذا مات. قال: ولا يقال: فاض بتة. وحكى الكسائي: فاظت نفسه، وفاظ هو نفسه، أي قاءها، يتعدى ولا يتعدى، هكذا نقله الجوهري عنه: فعلى هذا قول شيخنا. قلت: الصواب فاظت نفس. وقوله: قاءها من قبيح التعبير لا يلتفت إليه، فإن الذي ذكره المصنف هو نص الكسائي، وكأن شيخنا اشتبه عليه الحال وغفل عن النصوص، أو إذا ذكروا نفسه ففاضت بالضاد، وهو قول الأصمعي. وأنشد لدكين بن رجاء الفقيمي بالضاد وذلك أنه أتى عرسا فحجب فرجز بهم:

اجتمع الناس وقالوا عرس
إذا قصاع كالأكف خمس
زلحلحانق مصغران ملس
ودعيت قيس وجاءت عبس
ففقئت عين، وفاضت نفس هكذا هو بالضاد. ورواه الجوهري: وفاظت، بالظاء، وقيل: فاضت بالضاد لغة دكين وحده. ولغة سائر العرب: فاظت نفسه.

وقال أبو حاتم: سمعت أبا زيد يقول: بنو ضبة وحدهم يقولون: فاظت نفسه. قلت ورواه مثله المازني عن أبي زيد. وقال الليث: فاظت نفسه، إذا خرجت، والفاعل فائظ.

وقال الفراء: أهل الحجاز وطيئ يقولون: فاظت نفسه. وقضاعة وتميم وقيس يقولون: فاضت نفسه مثل فاضت دمعته. وقال أبو زيد، وأبو عبيد: فاظت نفسه بالظاء لغة قيس وبالضاد لغة تميم. ومما يقوي فاظت بالظاء قول الشاعر:

يداك يد جودها يرتجـي     وأخرى لأعدائها غائظه
فأما التي خيرها يرتجي      فأجود جودا من اللافظه
وأما التي شرها يتـقـى     فنفس العدو لها فـائظة

ومثله قول الحضين بن المنذر.

ولا هي في الأرواح حين تفيظ

صفحة : 5070

وقد مرت الأبيات في غيظ. وقال أبو القاسم الزجاجي: يقال فاظ الميت، بالظاء، وفاضت نفسه، بالضاد، وفاظت نفسه، بالظاء جائز عند الجميع إلا الأصمعي، فإنه لا يجمع بين الظاء والنفس. والذي أجاز فاظت نفسه يحتج بقول الشاعر:

كادت النفس أن تفيظ عليه    إذ ثوى حشوريطة وبرود

وقول الآخر:

هجرتك لا قلى مني ولكـن     رأيت بقاء ودك في الصدود
كهجر الحائمات الورد لمـا      رأت أن المنية في الورود
تغيظ نفوسها ظمأ وتخشـى      حمامأ فهي تنظر من بعـيد

وحان فيظه، وفوظه، أي موته. على المعاقبة، حكاه اللحياني. ومما يستدرك عليه: تفيظوا أنفسهم: تقيئوها، نقله الجوهري. والفيظان، بالفتح: لغة في الفيظان، بالتحريك، عن اللحياني.