الباب الثامن عشر: باب العين المهملة - الفصل الثاني: فصل الباء مع العين: الجزء الثاني

فصل الباء مع العين

الجزء الثاني

صفحة : 5103

والبضع في الدمع: أن يصير في الشفر ولا يفيض. والبضع، بالضم: الجماع، وهو اسم من بضعها بضعا، إذا جامعها. وفي الصحاح: البضع، بالضم: النكاح، عن ابن السكيت. وفي الحديث فإن البضع يزيد في السمع والبصر، أي الجماع. وقال سيبويه: البضع مصدر، يقال: بضعها بضعا، وقرعها قرعا، وذقطها ذقطا، وفعل في المصادر غير عزيز كالشكر، والشغل، والكفر. وفي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وله حصنني ربي من كل بضع تعني النبي صلى الله عليه وسلم، أي من كل نكاح، وكان تزوجها بكرا من بين نسائه.

أو البضع: الفرج نفسه، نقله الأزهري، ومنه الحديث عتق بضعك فاختاري أي صار فرجك بالعتق حرا فاختاري الثبات على زوجك أو مفارقته. وقيل: البضع: المهر، أي مهر المرأة، وجمعه البضوع. قال عمرو بن معد يكرب:

وفي كعب وإخوتهـا كـلاب    سوامي الطرف غالية البضوع سوامي الطرف، أي معتزات. وغالية البضوع، كناية عن المهور اللواتي يوصل بها إليهن، وقال آخر:

علاه بضربة بعثـت إلـيه     نوائحه وأرخصت البضوعا وقيل: البضع: الطلاق، نقله الأزهري. وقال قوم: هو عقد النكاح، استعمل فيه وفي النكاح، كما استعمل النكاح في المعنيين، وهو مجاز، ضد. والبضع: ع. والبضع، بالكسر، ويفتح: الطائفة من الليل. يقال: مضى بضع من الليل. وقال اللحياني: مر بضع من الليل، أي وقت منه، وذكره الجوهري في الصاد المهملة، وفسره بالجوش منه، وقد تقدم البضع بالكسر في العدد.

وقال أبو زيد: أقمت بضع سنين، وجلست في بقعة طيبة، وأقمت برهة، كلها بالفتح. وهو ما بين الثلاث إلى التسع، تقول: بضع سنين، وبضعة عشر رجلا. وبضع عشرة امرأة، وقد روي هذا المعنى في حديث عنه صلى الله عليه وسلم، قال لأبي بكر في المناحبة هلا احتطت فإن البضع ما بين الثلاث إلى التسع أو هو ما بين الثلاث إلى الخمس، رواه الأثرم عن أبي عبيدة أو البضع: ما لم يبلغ العقد ولا نصفه، أي ما بين الواحد إلى الأربعة. يروى ذلك عن أبي عبيدة أيضا، كما في العباب، أو من أربع إلى تسع، نقله ابن سيده، وهو اختيار ثعلب. أو هو سبع، هو من نص أبي عبيدة فإنه قال بعد أن ذكر قوله السابق - ويقال: إن البضع سبع - قال: وإذا جاوزت لفظ العشر ذهب البضع، لا يقال بضع وعشرون، ونقله الجوهري أيضا هكذا. قال الصاغاني: أو هو غلط، بل يقال ذلك. قال أبو زيد: يقال له: بضعة وعشرون رجلا، وبضع وعشرون امرأة، وهو لكل جماعة تكون دون عقدين. قال ابن بري: وحكي عن الفراء في قوله: بضع سنين أن البضع لا يذكر إلا مع العشرة والعشرين إلى التسعين، ولا يقال فيما بعد ذلك، يعني أنه يقال: مائة ونيف، ولا يقال بضع ومائة، ولا بضع وألف. وأنشد أبو تمام في باب الهجاء من الحماسة لبعض العرب:

أقول حين أرى كعبا ولحيتـه    لا بارك الله في بضع وستين
من السنين تملاها بلا حسب     ولا حياء ولا قـدر ولا دين

صفحة : 5104

وقد جاء في الحديث بضعا وثلاثين ملكا. وفي الحديث: صلاة الجماعة تفضل صلاة الواحد ببضع وعشرين درجة. وقال مبرمان وهو لقب محمد بن علي بن إسماعيل اللغوي، أحد الآخذين عن الجرمي والمازني وقد تقدم ذكره في المقدمة: البضع: ما بين العقدين، من واحد إلى عشرة، ومن أحد عشر إلى عشرين. وفي إصلاح المنطق: يذكر البضع مع المذكر بهاء، ومعها بغير هاء أي يذكر مع المؤنث ويؤنث مع المذكر. يقال: بضعة وعشرون رجلا، وبضع وعشرون امرأة، ولا يعكس. قال ابن سيده: لم نسمع ذلك ولا يمتنع. قلت: ورأيت في بعض التفاسير: قوله تعالى: فلبث في السجن بضع سنين أي خمسة. وروي عن أبي عبيدة: البضع: ما بين الواحد إلى الخمسة. وقال مجاهد: ما بين الثلاثة إلى السبعة. وقال مقاتل: خمسة أو سبعة. وقال الضحاك: عشرة، ويروى عن الفراء ما بين الثلاثة إلى ما دون العشرة. وقال شمر: البضع: لا يكون أقل من ثلاث ولا أكثر من عشرة. أو البضع من العدد: غير معدود، كذا في النسخ. والصواب غير محدود، أي في الأصل. قال الصاغاني: وإنما صار مبهما لأنه بمعنى القطعة، والقطعة، غير محدودة.

والبضعة، بالفتح وقد تكسر: القطعة اسم من بضع اللحم يبضعه بضعا، أي قطعة من اللحم المجتمعة. قال شيخنا: زعم الشهاب أن الكسر أشهر على الألسنة. وفي شرح المواهب لشيخنا: بفتح الموحدة، وحكى ضمها وكسرها. قلت: الفتح هو الأفصح والأكثر، كما في الفصيح وشروحه. انتهى. قلت: ويدل على أن الفتح هو الأفصح قول الجوهري: والبضعة: القطعة من اللحم، هذه بالفتح وأخوتها بالكسر مثل القطعة، والفلذة، والفدرة، والكسفة والخرقة، وما لا يحصى، ونقل الصاغاني مثل ذلك، ومثل البضعة الهبرة فإنه أيضا بالفتح. ويقال: فلان بضعة من فلان يذهب به إلى التشبيه. ومنه الحديث فاطمة بضعة مني، يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها. ويروى: فمن أغضبها فقد أغضبني. وفي بعض الروايات بضيعة مني. والمعنى أنها جزء مني كما أن البضيعة من اللحم جزء منه. ج: بضع، بالفتح، مثل تمرة وتمر. قال زهير بن أبي سلمى يصف بقرة مسبوعة:

أضاعت فلم تغفر لها غفلاتهـا      فلاقت بيانا عند آخر معـهـد
دما عند شلو تحجل الطير حوله     وبضع لحام في إهاب مقـدد

ويجمع أيضا على بضع، كعنب. مثل بدرة وبدر، نقله بعضهم، وأنكره علي بن حمزة على أبي عبيد. وقال: المسموع بضع لا غير، وأنشد:

ندهدق بضع اللحم للباع والندى    وبعضهم تغلى بذم مناقـعـه وعلى بضاع، مثل صحفة وصحاف وجفنة وجفان، وأنشد المفضل:

لما نزلنا حاضر المدينه
جاءوا بعنز غثة سمينه
بلا بضاع وبلا سدينـه

قال ابن الأعرابي: قلت للمفضل: كيف تكون غثة سمينة? قال: ليس ذلك من السمن إنما هو من السمن، وذلك أنه إذا كان اللحم مهزولا رووه بالسمن، والسدينة: الشحم.

صفحة : 5105

وعلى بضعات، مثل تمرة وتمرات. والمبضع، كمنبر: المشرط، وهو ما يبضع به العرق والأديم. والباضعة من الشجاج: الشجة التي تقطع الجلد، وتشق اللحم، تبضعه بعد الجلد شقا خفيفا وتدمى، إلا أنها لا تسيل الدم، فإن سال فهي الدامية، وبعد الباضعة المتلاحمة. ومنه قول زيد بن ثابت رضي الله عنه: في البضعة بعيران. والباضعة أيضا: الفرق من الغنم، نقله الصاغاني، أو هي القطعة التي انقطعت عن الغنم، تقول: فرق بواضع، كما قاله الليث.

وقال الفراء: الباضع في الإبل كالدلال في الدور، كذا في اللسان والعباب، أو الباضع: من يحمل بضائع الحي ويجلبها نقله الصاغاني عن ابن عباد. وفي الأساس: باضع الحي: من يحمل بضائعهم. وقال الأصمعي: الباضع: السيف القطع إذا مر بشيء بضعه، أي قطع منه بضعة وقيل: يبضع كل شيء يقطعه. قال الراجز:

مثل قدامى النسر ما مس بضع ج: بضعة، محركة. قال الفراء: البضعة: السيوف، والخضعة: السياط. وقيل: على القلب، كما في العباب. قلت: ويؤيد القول الأخير حديث عمر رضي الله عنه أنه ضرب رجلا أقسم على أم سلمة ثلاثين سوطا كلها تبضع أي تشق الجلد وتقطع وتحدر الدم، وقيل تحدر أي تورم.

وباضع: ع، بساحل بحر اليمن، أو جزيرة فيه، سبى أهلها عبد الله وعبيد الله ابنا مروان الحمار آخر ملوك بني أمية، كذا نقله الصاغاني. قلت: أما عبيد الله فقتلته الحبشة، وأما عبد الله فكان في الحبس إلى زمن الرشيد، وولده الحكم كان في حبس السفاح. وبضعت به، كمنع، هكذا في سائر النسخ، ونص الليث: تقول: بضعت من صاحبي بضوعا: إذا أمرته بشيء فلم يفعله فدخلك منه، وهكذا نقله عنه صاحب اللسان والعباب. وقال غير الليث: فلم يأتمر له، فسئم أن يأمره بشيء أيضا. وفي الصحاح: بضعت من الماء بضعا، وزاد غيره: وبضع بالماء أيضا، وزاد في المصادر بضوعا، بالضم، وبضاعا، بالفتح، أي رويت، كما في الصحاح، وزاد غيره: وامتلأت. قال الجوهري: وفي المثل حتى متى تكرع لا تبضع.

والبضيع، كأمير: الجزيرة في البحر، عن الأصمعي، وأنشد لأبي خراش الهذلي:

ساد تجرم في البضيع ثمانيا     يلوي بعيقات البحار ويجنب هكذا نسبه الصاغاني لأبي خراش، وراجعت في شعره فلم أجد له قافية على هذا الروي. وفي اللسان: قال ساعده بن جؤية الهذلي، وأنشد البيت. قلت: ولساعدة قصيدة من هذا الروي، وأولها:

هجرت غضوب وحب من يتجنب     وعدت عواد دون وليك تشغـب ولم أجد هذا البيت فيها. وقال الصاغاني، وصاحب اللسان - واللفظ للأخير - ساد، مقلوب من الإسآد، وهو سير الليل. تجرم في البضيع، أي أقام في الجزيرة. وقيل تجرم أي قطع ثماني ليال لا يبرح مكانه. ويقال للذي يصبح حيث أمسى ولم يبرح مكانه: ساد، وأصله من السدى، وهو المهمل، وهذا الصحيح. ويلوي بعيقات، أي يذهب بما في ساحل البحر. ويجنب أي تصيبه الجنوب. وقال القتيبي في قول أبي خراش الهذلي:

صفحة : 5106

فلما رأين الشمس صارت كأنها فويق البضيع في الشعاع خميل قال: البضيع: جزيرة من جزائر البحر. يقول: لما همت بالمغيب رأين شعاعها مثل الخميل، وهو القطيفة. قلت: والذي في الديوان:

فظلت تراعي الشمس حتى كأنها وروى أبو عمرو: جميل بالجيم قال: وهي الإهالة، شبه الشمس بها لبياضها.

وقال الجمحي: لم يصنع أبو عمرو شيئا إذ شبهها بالإهالة. وقد قالوا: صحف أبو عمرو، كما في العباب. والبضيع: مرسى بعينه دون جدة مما يلي اليمن، غلب عليه هذا الاسم.

والبضيع: العرق، لأنه يبضع من الجسد، أي يسيل والصاد لغة فيه وقد تقدم.

والبضيع: جبل نجدي. قال لبيد رضي الله عنه:

عشت دهرا وما يدوم على الأي     ام إلا يرمـرم، وتـعـــار وكلاف، وضلفع، وبضيع والذي فوق خبة تيمار والبضيع: البحر نفسه. والبضيع: الماء النمير، كالباضع. يقال: ماء بضيع وباضع. والبضيع: الشريك. يقال: هو شريكي وبضيعي.

ج: بضع، بالضم، هكذا هو في سائر النسخ، والذي في اللسان والعباب: هم شركائي وبضعائي.

والبضيعة، كسفينة: العليقة، وهي الجنيبة تجنب مع الإبل، نقله ابن عباد.وأنشد ابن الأعرابي:

احمل عليها إنها بضـائع     وما أضاع الله فهو ضائع البضيع، كزبير: ع من ناحية اليمن، به وقعة. وقيل: مكان في البحر أو جبل بالشام، وقد جاء ذكره في شعر حسان رضي الله عنه:

أسألت رسم الدار أم لم تسأل     بين الجوابي فالبضيع فحومل قال الأثرم: وقيل: هو البصيع، بالصاد المهملة. قال الأزهري: وقد رأيته، وهو جبل قصير أسود على تل بأرض البثنية فيما بين نشيل وذات الصمين بالشأم من كورة دمشق.

وهو أيضا: ع، عن يسار الجار، بين مكة والمدينة، قيل: هو مما يلي الجحفة وظريبة، أسفل من عين الغفاريين. وبئر بضاعة، بالضم، وقد تكسر، حكى الوجهين الجوهري والصاغاني، وقال غيرهما: المحفوظ الضم. قال ابن الأثير: وحكي بالصاد المهملة أيضا، وقد أشرنا إلى ذلك، والكسر، نقله ابن فارس أيضا: هي بئر معروفة بالمدينة، كان يطرح فيها خرق الحيض ولحوم الكلاب، والمنتن، وقد جاء ذكرها في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قطر رأسها ستة أذرع. قال أبو داوود سليمان بن الأشعث: قدرت بئر بضاعة بردائي، مددته عليها. ثم ذرعته، فإذا عرضها ستة أذرع. قال: وسألت الذي فتح لي باب البستان، فأدخلني إليه: هل غير بناؤها عما كانت عليه? فقال: لا، ورأيت فيها ماء متغير اللون.

قال الصاغاني: كنت سمعت هذا الحديث بمكة حرسها الله تعالى وقت سماعي سنن أبي داوود، فلما تشرفت بزيارة النبي صلى الله عليه وسلم - وذلك في سنة خمس وستمائة - دخلت البستان الذي فيه بئر بضاعة، وقدرت قطر رأس البئر بعمامتي، فكان كما قال أبو داوود.

قلت: ويقال: إن بضاعة اسم امرأة نسبت إليها البئر.

صفحة : 5107

وأبضعة، كأرنبة: ملك من ملوك كندة وذكر ملوك مستدرك، أخو مخوس ومشرح، وجمد، والعمردة بنو معد يكرب بن وليعة، وقد تقدم ذكرهم في حرف السين. وقد دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ولعنهم، قاله الليث، ويروى بالصاد المهملة، وقد تقدم.

والأبضع: المهزول من الرجال. نقله ابن عباد.

قال: وأبضعها، أي زوجها، وهو مثل أنكحها. وفي الحديث: تستأمر النساء في إبضاعهن، أي في إنكاحهن. وأبضع الشيء: جعله بضاعة كائنة ما كانت، كاستبضعه. ومنه المثل: كمستبضع التمر إلى هجر وذلك أن هجر معدن التمر. قال حسان رضي الله عنه، وهو أول شعر قاله في الإسلام:

فإنا ومن يهدي القصائد نحـونـا     كمستبضع تمرا إلى أهل خيبرا وقال خارجة بن ضرار المري: فإنك واستبضاعك الشعر نحونا كمستضع تمرا إلى أهل خيبرا وإنما عدي بإلى لأنه في معنى حامل.

وأبضع الماء فلانا: أرواه، نقله الجوهري وهو مجاز.

وأبضعه عن المسألة: شفاه، ونص الجوهري: وربما قالوا: سألني فلان عن مسألة فأبضعته، إذا شفيته. وقال الليث: أبضعه الكلام إبضاعا، إذا بينه، أي بين له ما ينازعه بيانا شافيا كائنا ما كان: وتبضع العرق، مثل تبصع أي سال، وبالمعجمة أصح.. وهنا نقله الجوهري. وقد صحفه الليث، وتبعه ابن دريد وابن بري، كما تقدم. قال الجوهري: ويقال: جبهته تبضع عرقا، أي تسيل، وأنشد لأبي ذؤيب:

تأبى بدرتها إذا ما استكرهت     إلا الحميم فإنه يتـبـضـع قال الأصمعي: وكان أبو ذؤيب لا يجيد وصف الخيل، وظن أن هذا مما توصف به. انتهى.

قلت: وقد تقدم رد أبي سعيد السكري عليه. ومعنى يتبضع: يتفتح ويتفجر بالعرق ويسيل متقطعا.

وقال ابن بري: ووقع في نسخة ابن القطاع إذا ما استضغبت وفسره بفزعت، لأن الضاغب هو الذي يختبي في الخمر، ليفزع بمثل صوت الأسد. والضغاب: صوت الأرنب، وتقدم شيء? من ذلك في ب ص ع قريبا، فراجعه.

وانبضع: انقطع، هو مطاوع بضعته بمعنى قطعته. وابتضع: تبين، وهو مطاوع بضعه بمعنى بينه، هكذا في التكملة.

وفي اللسان: بضعته فانبضع، وبضع أي بينته فتبين.

ومما يستدرك عليه: ويجمع بضعة اللحم على بضيع، وهو نادر، ونظيره الرهين جمع الرهن، وكليب ومعيز جمع كلب ومعز.

والبضيع أيضا: اللحم كما في الصحاح. قال يقال: دابة كثيرة البضيع، وهو ما انماز من لحم الفخذ. الواحدة بضيعة.

ويقال: رجل خاظي البضيع، أي سمين. قال ابن بري: يقال: ساعد خاظي البضيع، أي ممتلئ اللحم. قال الحادرة:

ومناخ غير تـئية عـرسـتـه      قمن من الحدثان نابي المضجع
عرسته ووساد رأسي سـاعـد     خاظي البضيع عروقه لم تدسع

أي عروق ساعده غير ممتلئة من الدم، لأن ذلك إنما يكون للشيوخ. ويقال: إن فلانا لشديد البضعة حسنها، إذا كان ذا جسم وسمن. وقوله:

صفحة : 5108

و لا عضل جثل كأن بضيعه    يرابيع فوق المنكبين جثوم يجوز أن يكون جمع بضعة،وهو أحسن، لقوله: يرابيع، ويجوز أن يكون اللحم.

ويقال: سمعت للسياط خضعة، وللسيوف بضعة، بالتحريك فيهما، أي صوت وقع، وصوت قطع، كما في الأساس. والمبضوعة: القوس. قال أوس ابن حجر:

ومبضوعة من رأس فرع شظية يعني قوسا بضعها، أي قطعها. وبضعت من فلان: إذا سئمت منه، على التشبيه، كما في الصحاح، وفي الأساس: سئمت من تكرير نصحه فقطعته.

والبضع بالضم: ملك الولي العقد للمرأة. ويقال: البضع: الكفء، ومنه الحديث: هذا البضع لا يقرع أنفه أراد صاحب البضع، يريد: هذا الكفء لا يرد نكاحه، ولا يرغب عنه. وقرع الأنف عبارة عن الرد. وقال ابن الأثير: الاستبضاع: نوع من نكاح الجاهلية، وذلك أن تطلب المرأة جماع الرجل لتنال منه الولد فقط، كان الرجل منهم يقول لأمته أو امرأته: أرسلي إلى فلان فاستبضعى منه، ويعتزلها فلا يمسها، حتى يتبين حملها من ذلك الرجل، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد. والبضاعة: بالكسر، والعامة تضمها: السلعة، وهي القطعة من مال يتجر فيه، وأصلها من البضع وهي القطع، والجمع البضائع. وأبضعه البضاعة: أعطاه إياها. وابتضع منه: أخذ، والاسم البضاع، كالقراض. ومنه الحديث: المدينة كالكير تنفي خبثها، وتبضع طيبها. أي تعطي طيبها ساكنيها، هكذا فسره الزمخشري.والمشهور في الرواية: تنصع، بالنون والصاد المهملة، ويروى بالضاد والخاء المعجمتين وبالحاء المهملة من النضح، وهو الرش.
وبضعت جبهته: سالت عرقا.

وقال البشتي: مررت بالقوم أجمعين أبضعين، وذكره الجوهري في ب ص ع وقال: ليس بالعالي. وقال الأزهري: بل هو تصحيف واضح. والذي روي عن ابن الأعرابي وغيره. أبصعين، بالصاد المهملة.

ب ع ع
البع: الصب في سعة وكثرة. يقال: بع الماء يبعه بعا: إذا صبه. ومنه الحديث: فأخذها فبعها في البطحاء، يعني الخمر، صبها صبا. ويروى بالثاء المثلثة من ثع يثع، إذا تقيأ، أي قذفها في البطحاء. والبعاع، كسحاب: الجهاز، والمتاع: نقله الجوهري.

قال: والبعاع: ثقل السحاب من المطر وهو قول الليث. ومنه قول امرئ القيس:

وألقى بصحراء الغبيط بعاعه      نزول اليماني بالعياب المثقل كذا أنشده الجوهري. والذي في ديوان امرئ القيس..

..ذي العياب المحمل ويروى:

كصرع اليماني ذي اقباب المخول وقال ابن مقتل يذكر الغيث:

فألقى بشرج والصريف     بعاعه ثقال رواياه من المزن دلـح والبعاع: ما سقط من المتاع يوم الغارة قال فروة بن مسيك المرادي:
وقومي إن سألت بنو غطيفإذا الفتيات يلقطن البعاعا ويقال: ألقى عليه بعاعه، أي ثقله ونفسه. وفي العباب: يقال للرجل إذا رمى بنفسه: ألقى بعاعه.

والسحاب ألقى بعاعهأي كل ما فيه من الماء وثقل المطر.

صفحة : 5109

وبع السحاب يبع بعا وبعاعا، إذا ألح بمكان، كذا في العباب، ونص اللسان: إذا ألح بمطره، ونص العين: إذا ألج بمطره. والبعة، بالضم، من أولاد الإبل: ما يولد بين الربع والهبع، نقله الصاغاني وصاحب اللسان. وقال أبو عمرو: البعبع، أي كجعفر: الماء المتدارك إذا خرج من إنائه. قال الأزهري: كأنه يعني حكاية صوته. وقال أبو عمرو أيضا: البعبع من الشباب: أوله، كالعبعب. يقال: أتيته في عبعب شبابه، وبعبع شبابه. وقال الليث: البعبعة، بهاء: حكاية بعض الأصوات. وقال ابن دريد: هو تتابع الكلام في عجلة. يقال: سمعت بعبعة الرجل، إذا تابع كلامه عجلا به. وقال غيره: البعبعة: الفرار من الزحف.

وقال أبو زيد: البعابعة: الصعاليك الذين لا مال لهم ولا ضيعة. ومما يستدرك عليه: بع المطر من السحاب، أي خرج. والبعباع ما بع من المطر. والبعاع: نبت، كما في التكملة. وفي اللسان: يقال: أخرجت الأرض بعاعها، إذا أنبتت أنواع العشب أيام الربيع. وهو مجاز.

وبع بع، مضمومتين، من حكاية الصبيان. ويقال: ألقى بععه، كبعاعه.

ومحمد بن مرارة بن بعبع، كجعفر، الحنفي، حدث عن عبد الله المتوثي، وعنه أبو غالب الماوردي.

ب ق ع
البقع، محركة، في الطير والكلاب، كالبلق في الدواب، كما في الصحاح، وقد بقع، كفرح، أي بلق. ويقال: بقع به، أي اكتفى به. وبقعت الأرض منه، أي خلت.

ويقال: بقع المستقي من الركية على العلق، إذا انتضح الماء على بدنه فابتلت مواضع منه، أي من بدنه. ومنه قيل للسقاق: البقع، بالضم. وأنشد ابن الأعرابي للحطيئة:

كفوا سنتين بالأسياف بقعـا     على تلك الجفار من النفي السنت: الذي أصابته السنة. والنفي: الماء الذي ينتضح عليه.
ويقال: ما أدري أين سقع وبقع، أي أين ذهب، كأنه قال: إلى أي بقعة من البقاع ذهب، لا يستعمل إلا في الجحد. كبقع، بالتشديد، عن الفراء. وبقع الرجل، كعني: رمي بكلام قبيح، كما في العباب، وزاد في الصحاح: أو ببهتان. وفي اللسان: بقع بقبيح: فحش عليه.

والباقع في بيت الأخطل:

كلوا الضب وابن العير والباقع الذي   يبيت يعس الليل بين المقابر الضبع. أو هو الغراب الأبقع، أو الكلب الأبقع، كل ذلك قد قيل. ومن المجاز: الباقعة: الرجل الداهية. يقال: ما فلان إلا باقعة من البواقع، سمي باقعة لحلوله بقاع الأرض وكثرة تنقيبه في البلاد ومعرفته بها، فشبه الرجل البصير بالأمور الكثير البحث عنها المجرب لها به، والهاء دخلت في نعت الرجل للمبالغة في صفته. قالوا: رجل داهية وعلامة ونسابة.

ومن المجاز: الباقعة: الذكي العارف الذي لا يفوته شيء ولا يدهى، ومنه الحديث: ففاتحه فإذا هو باقعة. والباقعة: الطائر الحذر المحتال الذي ينظر يمنة ويسرة إذا شرب لا يرد المشارب المياه المحضورة خوف أن يحتال عليه ويصاد، وإنما يشرب من البقعة، بالفتح، وهي المكان يستنقع فيه الماء، ثم شبه به كل حذر محتال حاذق.

صفحة : 5110

والبقعة، بالضم، وهو الأفصح، ويفتح، عن أبي زيد: القطعة من الأرض على غير هيئة القطعة التي إلى جنبها. ج: بقاع، كجبال، وكذلك البقع، بضم ففتح. وبقاع كلب: ع قرب دمشق الشأم، به قبر سيدنا إلياس عليه السلام على نبينا أفضل الصلاة والسلام. قلت: والذي نسب إليه هو كلب بن، وبرة، لنزول ولده به، وهو الذي يعرف ببقاع العزيز الآن، وهو قرية عامرة، ومنها الإمام المفسر البرهان إبراهيم بن عمر ابن يحيى بن الحسن بن علي بن أبي بكر الشافعي البقاعي، أحد تلامذة الإمام الحافظ ابن حجر، ترجمه السخاوي والخيضري وهما رفيقان. ومن مؤلفاته المناسبات وغيره، وقد سمع على شيوخ كما هو محفوظ عندي في الثبت. وفي المتأخرين شيخ بعض شيوخنا بالإجازة الإمام المحدث عبد اللطيف ابن أحمد البقاعي الدمشقي، حدث عن أبي المواهب الخليلي وغيره.

ويقال: أرض بقعة، كفرحة، أي فيها بقع من الجراد عن اللحياني. وفي حديث أبي هريرة، رضي الله عنه: يوشك أن يعمل عليكم بقعان أهل الشام، بالضم، أي خدمهم وعبيدهم ومماليكهم. شبههم لبياضهم وحمرتهم وسوادهم بالشيء الأبقع، أو لأنهم من الروم ومن السودان، وقيل: سموا بذلك لاختلاط ألوانهم، فإن الغالب عليها البياض والصفرة.

وقال أبو عبيد: أراد البياض، لأن خدم الشأم إنما هم الروم والصقالبة، فسماهم بقعانا للبياض. وقال غير أبي عبيد: أراد البياض والصفرة، وقيل لهم: بقعان، لاختلاف ألوانهم وتناسلهم من جنسين. وقال القتيبي: البقعان الذين فيهم سواد وبياض، ولا يقال لمن كان أبيض من غير سواد يخالطه: أبقع، فكيف يجعل الروم بقعانا، وهم بيض خلص، قال: وأرى أبا هريرة أراد أن العرب تنكح إماء الروم فيستعمل عليكم أولاد الإماء، وهم من بني العرب وهم سود، ومن بني الروم وهم بيض. والبقع، بالضم: بئر بالمدينة، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام،جاء ذكره في الحديث أو هي السقيا التي بنقب بني دينار، كما قاله الواقدي.

وبقع، بلام لام: ع، بالشام بديار بني كلب بن وبرة، به استقر طلحة بن خويلد الأسدي لما هرب يوم بزاخة.

بقعان، كعثمان: ع قرب عين الكبريت في طريق الرقة. قال عدي بن زيد العبادي يصف حمارا:

ينتاب بالعرق من بقعان     موردهماء الشريعة أو فيضا من الأجم ويروى: بعقان. والبقيع: الموضع فيه أروم الشجر من ضروب شتى، وبه سمي بقيع الغرقد، وقد ورد في الحديث، وهي مقبرة مشهورة بالمدينة، لأنه كان منبته، والغرقد: شجر له شوك، فذهب وبقي الاسم لازما للموضع. والبقيع في الأرض: المكان المتسع، ولا يسمى بقيعا إلا وفيه الشجر. وبقيع الزبير، فيه دور ومنازل. وبقيع الخيل، وبقيع الخبجبة، بخاء ثم جيم، وهذه عن أبي القاسم السهيلي كما مر للمصنف في خ ب ج ب كلهن بالمدينة، الأولى داخلها.

صفحة : 5111

وفاته: بقيع الخضمات: موضع بها عند خرم بني النبيت، فيه جمع أبو أمامة، كذا ضبطه ابن يونس عن ابن إسحاق. وفي معجم البكري: هو بالنون، كذا في الروض للسهيلي. قلت: وسيأتي للمصنف في ن ق ع. وبقيع، كزبير: ع لبني عقيل يخالط بلاد اليمن من وراء اليمامة. وبقيع أيضا: ماء لبني عجل، كذا في المعجم. وقال أبو زيد: يقال: أصابه خرء بقاع، كقطام. وبقاع وبقاع يصرف ولا يصرف، أي أصابه غبار وعرق فبقي لمع من ذلك على جسده قال: وأرادوا ببقاع أرضا. وقال غيره: عليه خرء بقاع، وهو العرق يصيب الإنسان فيبيض على جلده شبه لمع.

وابن بقيع، كزبير: الكلب، عن أبي زيد. قال: ويقال: تشاتما فتقاذفا بما أبقى ابن بقيع، أي بالجيفة، لأن الكلب يبقيها، وهو مجاز، أي قذف كل صاحبه بالقاذورات.

وابتقع لونه، بالضم، مثل انتقع وامتقع. بالباء والنون والميم، أي تغير.

وانبقع فلان انبقاعا كانصرف انصرافا، أي ذهب مسرعا وعدا. قال ابن أحمر الباهلي:

كالثعلب الرائح الممطور صبغته  شل الحوامل منه كيف ينبقع شل الحوامل منه: دعاء عليه أن تشل قوائمه. والأبيقع، مصغرا: العام القليل المطر، وهو مجاز، وإنما صغر للتهويل، ويقال أيضا: عام أبقع، إذا بقع فيه المطر.

ومن المجاز أيضا: البقعاء: السنة المجدبة، أي هي التي فيها خصب وجدب. وقال ابن دريد: هاربة البقعاء: أبو بطن من العرب، وهم إخوة بني ذبيان. وقال الجوهري: بقعاء: اسم بلد. قال الصاغاني: وهي: ة باليمامة، كما قال الأزهري. قال مخيس بن أرطاة في رجل من بني حنيفة اسمه يحيى: ولكن قد أتاني أن يحيى يقال عليه في بقعاء شر وكان اتهم بامرأة تسكن هذه القرية.. وهي معرفة لا تدخلها الألف واللام.

بقعاء: ماء مر لبني عبس. وأيضا ماء بأصل جبل بس، لبني هلال. وأيضا ماء بديار تميم لبني سليط بن يربوع. وفيه

تقول امرأة من العرب - وكانت قد تزوجت في قبيلة فعنن عنها زوجها فقالت تتشوق إلى بلادها -:

فمن يهد لي من ماء بقعاء جرعة     فإن له من ماء لـينة أربـعـا في أبيات تقدم ذكرهن في تركيب و ج د.

قلت: وبه فسر أبو عبيدة قول جرير في غسان بن ذهيل:

وقد كان في بقعاء ري لشائكم      وتلعة والجوفاء يجري غديرها قال: هذه مياه وأماكن لبني سليط حوالي اليمامة وستأتي في ت ل ع وفي ج و ف.

وبقعاء: كورة بين الموصل ونصيبين و:ة، بأجأ لجديلة طيئ. وكورة من عمل منبج. وأيضا كورة أخرى من عملها أيضا، يسمى كل منهما بذلك. وبقعاء: ماء لبني عقيل من وراء اليمامة. قلت: وهي التي ذكرها أولا بقوله: قرية باليمامة. وبقعاء ذي القصة: ع على أربعة وعشرين ميلا من المدينة، خرج إليه أبو بكر رضي الله تعالى عنه لتجهيز المسلمين لقتال أهل الردة، وقد ذكره المصنف أيضا في ق ص صلى الله عليه وسلم ونبهنا عليه هنالك. وبقعاء المسالح: ع في شعر ابن مقبل. قال:

صفحة : 5112

رأينا ببقعاء المـسـالـح دونـنـا     من الموت جون ذو غوارب أكلف ويروى: رأونا. وقول الحجاج بن يوسف: رأيت قوما بقعا، بالضم وقد سئل عنه فقال أي عليهم ثياب مرقعة، أي من سوء الحال، شبه تلك الثياب بلون الأبقع.

ومما يستدرك عليه: ذود بقع الذرا، أي بيض الأسنمة. وغراب أبقع: فيه سواد وبياض. ومنهم من خص فقال: في صدره بياض، وهو أخبث ما يكون من الغربان، ثم صار مثلا لكل خبيث.

والأبقع: الأبرص، عن ابن الأعرابي، وجمع الغراب الأبقع بقعان. وقال ابن بري: الباقع في قول الأخطل: الظربان. والأبقع: السراب لتلونه قال الشاعر:

وأبقع قد أرغت به لصحبي     مقيلا والمطايا في براهـا وبقع المطر في موضع من الأرض تبقيعا، إذا لم يشملها،وكذا بقع الصباغ الثوب، إذا لم يعمه بالصبغ فبقي به لمع. وفي الأرض بقع من نبت، أي نبذ، حكاه أبو حنيفة. وأرض بقعة، كفرحة: نبتها متقطع. وهو مبقع الرجلين، إذا أصاب الماء منها فخالف لونها لون ما أصابه الماء. وجمع البقعة بقع. ويقال: هو حسن البقعة عند الأمير، أي المنزلة، وهو مجاز.

وبقعتهم الداهية: أصابتهم. والباقعة: الداهية تصيب الإنسان.

والبقاع، بالكسر، ضد المشارع، وهي جمع بقعة، بالفتح، وقد ذكره المصنف.

وجارية بقعة، كقبعة، وسيأتي. والبقعاء من الأرض: المعزاء ذات الحصى الصغار.

وقالوا: يجري بقيع ويذم. عن ابن الأعرابي، والأعرف بليق يقال هذا لرجل يعينك بقليل ما يقدر عليه وهو على ذلك يذم. وبقعاء: اسم امرأة.

ب ك ع
بكعه، كمنعه: استقبله بما يكره، نقله الجوهري. وبكعه بالسيف: قطعه به، وكذا بكعه بالعصا، قال ذو الرمة:

تركت لصوص المصر من بين بائس      صليب ومبكوع الكراسـع بـارك ويروى: منكوع بالنون. يروى: مكبوع، بتقديم الكاف على الباء. والبكع، والكبع، والكنع والنكع أخوات، ورواه الأزهري: من بين مقعص، صريع...

وبكعه بكعا، أي بكته، نقله الجوهري. والتبكيت: استقبال الرجل بما يكره، وهو كعطف تفسير لقوله: استقبله بما يكره، ولو ذكره هناك كما ذكره الجوهري كان أحسن. ومنه الحديث: لقد خشيت أن تبكعني بها. كبكعه تبكيعا، بمعنى القطع، والتبكيت، عن شمر.

وبكعه بكعا: ضربه ضربا شديدا متتابعا في مواضع متفرقة من جسده.

وقال ابن بري: البكع: الجملة: يقال: بكعه الشيء، إذا أعطاه جملة، ويقال: أعطاهم المال بكعا لا نجوما، ومثله الجلفزة. وفي الصحاح: وتميم تقول: ما أدري أين بكع، بمعنى أين بقع، أي ذهب. والتبكيع: التقطيع، عن شمر. وهذا قد تقدم في كلام المصنف قريبا.

ومما يستدرك عليه: الأبكع: الأقطع. وبوكعه بالسيف: ضربه به. وقال الفراء: المحفوظ بركعه. ومن المجاز: كلمته فبكعني بكلام خشن.

ب ل ت ع

صفحة : 5113

البلتع، كجعفر وسمندل: الحاذق بكل شيء وقيل: هو الظريف المتكلم، والأنثى بالهاء. وقيل: بهاء فيهما، في النساء: السليطة المكثارة المشاتمة. ذكره الأزهري في الخماسي.

والبلتعاني: المتظرف المتكيس، قاله الأصمعي. وقال أبو الدقيش: و الذي يتظرف ويتحذلق وليس عنده شيء، كالمتبلتع، وأنشد الجوهري لهدبة بن الخشرم:

ولا تنكحي إن فرق الدهر بيننا    أغم القفا والوجه ليس بأنزعا
ولا قرزلا وسط الرجال جنادفا   إذا ما مشى أو قال قولا تبلتعا

قال الصاغاني: وهو إنشاد مختل، والرواية:

فلا تنكحي إن فرق الدهر بيننا      أكيبد مبطان الضحى غير أروعا
ضروبا بلحييه على عظم زوره     إذا القوم هشـوا للفعال تقنعا
كليلا سوى ما كان من حد ضرسه  أغم القفا والوجه ليس بأنزعا
أقيفد لا يرضيك في القوم زيهإ      ذا قال في الأقوام قولا تبلتعا

والبلتعي: اللسن الفصيح الحاذق المتكلم. والتبلتع: التفتح بالكلام، كأنه يقذع فيه، أو هو الذي التوى لسانه. وقال الأصمعي: هو التحذلق والتدهي.

وحاطب بن أبي بلتعة عمرو بن راشد بن معاذ اللخمي، صحابي رضي الله عنه. ويقال: أبو بلتعة عمرو بن عمير بن سلمة، ممن شهد بدرا، وقد تقدم ذكره في ح ط ب.

ومما يستدرك عليه: التبلتع: إعجاب المرء بنفسه وتصلفه، عن ابن الأعرابي. وأنشد لراع يذم نفسه ويعجزها:

ارعوا فإن رعيتي لن تنفعا
لا خير في الشيخ وإن تبلتعا

وبلتعة: اسم ب ،ل، خ، ع بلخع، كجعفر، أهمله الجوهري. وقال ابن دريد: ع، باليمن، هكذا ذكره في كتابه في باب الباء مع الخاء من الرباعي، أو هو يلخع كيمنع، هكذا ذكره ثانيا في باب الياء مع الخاء من الثلاثي، والصواب هو الأول ذكر ذلك ابن الكلبي في كتاب افتراق العرب من تأليفه.

ب ل ع
بلعه، كسمعه، بلعا: ابتلعه، أي جرعه.
وسعد بلع، كزفر، قال الليث: يجعلونه: معرفة: منزل للقمر، زعموا أنه طلع لما قال الله تعالى للأرض: يا أرض ابلعي ماءك وهو وفي العباب واللسان: وهما وقال ابن قتيبة: سعد بلع: نجمان مستويان في المجرى. وزاد غيره: متقاربان معترضان، أحدهما خفي، والآخر مضيء، ويسمى بالعا، لأنه كأنه بلع الآخر الخفي وأخذ ضوءه، وطلوعه لليلة تبقى من كانون الآخر، من الشهور الرومية، وسقوطه لليلة تمضي من آب من الشهور الرومية. انتهى نص ابن قتيبة. يقول ساجع العرب: إذا طلع سعد بلع، اقتحم الربع، ولحق الهبع، وصيد المرع، وصار في الأرض لمع. اقتحام الربع أنه يقوى مشيه فيسرع ولا يضبط. والهبع أيضا يقوى مشيا فيلحقه. والمرع: طير كأنه هذا الوقت يصاد. وقال الليث: البلع، كصرد، من قامة البكرة: سمها وثقبها، الواحدة بلعة بهاء. وبلع، بلا لام: د، أو جبل، قال الراعي:

ماذا تذكر من هند إذا احتجبت     بابني عوار وأدنى دارها بلع

صفحة : 5114

ويروى: بل ما تذكر. وقال ابن دريد: بنو بلع: بطين من قضاعة.

وبلع، كصرد، وهمزة، ومنبر، وجوهر، هو الرجل الأكول، الأخير عن ابن الأعرابي.

والمبلع، كمقعد: مجرى الطعام وموضع الابتلاع من الحلق وكذلك البلعم، والبلعوم، قال رؤبة:

ما ملئوا أشداقه والمبلعا وقال ابن عباد: البلعلع، بالضم : طائر مائي طويل العنق، وكأنه من البلع.

وفي الأساس: من المجاز: قدر بلوع، كصبور: واسعة تبلع ما يلقى فيها.

والبالوعة في لغة البصرة، والبلاعة في لغة مصر، والبلوعة مشددتين، وكذلك البليعة، كجميزة في لغة مصر أيضا: بئر تحفر في وسط الدار ضيق الرأس يجري فيها ماء المطر ونحوه. وفي الصحاح: ثقب في وسط الدار. ج: بواليع، وبلاليع، نقلهما الصاغاني، واقتصر الجوهري على الأخير. وبلعاء بن قيس الكناني: من رجالات العرب، مشهور.

وبلعاء: ثلاثة أفراس، منها: فرس لعبد الله بن الحارث أبي مليل اليربوعي، وأخرى للأسود بن رفاعة بن ثعلبة، وأخرى كانت لبني سدوس. ويقال: أبلعته الشيء، أي مكنته من بلعه. ويقال: أبلعني ريقي، أي أمهلني مقدار ما أبلعه، أي الريق.


وقال ابن عباد: المبلعة، كمكرمة: الركية المطوية من القعر إلى الشفة، كما في العباب، وفي التكملة: إلى الشفير. وبلع الشيب فيه، أي في رأسه تبليعا: بدا، وفي الأساس: ارتفع. وقال غيره: كثر، وقيل: ظهر أولا، فأما قول حسان:

لما رأتني أم عمرو صدفت
قد بلعت بي ذرأة فألحفت

فإنما عداه بقوله بي، لأنه في معنى: قد ألمت. أو أراد في فوضع بي مكانها للوزن حين لم يستقم له أن يقول في. ومما يستدرك عليه: تبلع الشيء تبلعا: جرعه، عن ابن الأعرابي. وفي المثل: لا يصلح رفيقا من لم يبتلع ريقا. والبلعة من الشراب بالضم كالجرعة.

والبلوع، كصبور: الشراب، واسم لدواء يبلع. وبلع الطعام وابتلعه: لم يمضغه، وأبلعه غيره.

ورجل بلع، بالفتح، كأنه يبلع الكلام، نقله الليث، وأنشد قول العجاج:

بلع إذا استنطقته صموت قال الصاغاني: قول الليث: قال العجاج سهو، والرجز لرؤبة. والرواية: بلغ بالغين المعجمة، أي أنا بليغ إذا استنطقتني، وصموت إذا لم أستنطق.

وتبلع فيه الشيب: ظهر، عن ابن الأعرابي. والمتبلع: فرس مزيدة الحارثي، هنا نقله ابن بري، وسيأتي للمصنف في ت ل ع. وقال الفراء: امرأة بلعة، كهمزة: تبلع كل شيء.

ومن شتم أهل الشام: يا بلاع الأير، وهو مستهجن.

وعبد الملك بن أبي الفتح بن محاسن بن البلاع، روى عن أبي المظفر بن الشبلي وغيره، ذكره ابن نقطة. والشمس محمد بن أحمد ابن علي الأسدي المعروف بالبلاع، أحد من أخذ عن سيدي عبد القادر الجيلاني، وله بالحذية من أرض اليمن مقام مشهور، وقد زرته.

وبالع بن قيس الشداخ: جاهلي، وفيه يقول ربيعة بن أمية الديلي:

وأفلت بالع منا وخـلـى     حلائله وقد بدت المعازي

صفحة : 5115

قال الحافظ: هكذا أفاده الجاحظ. وهبلع كدرهم، هفعل من البلع، على قول من قال بزيادة الهاء، وسيأتي للمصنف مثل ذلك في ج ز ع،

ب ل ق ع
البلقع، والبلقعة بهاء: الأرض القفر التي لا شيء بها. يقال: منزل بلقع، ودار بلقع - بغير الهاء - إذا كان نعتا، فهو بغير هاء للذكر والأنثى، فإن كان اسما قلت: انتهينا إلى بلقعة ملساء، وكذلك القفر. والبلقعة: الأرض التي لا شجر فيها، يكون في الرمل وفي القيعان ج: بلاقع. وفي الحديث اليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع قال شمر: أي يفتقر الحالف، ويذهب ما في بيته من المال. وقال غيره: هو أن يفرق الله شمله، ويغير ما أولاه من نعمه. وقال رؤبة:

فأصبحت دارهم بلاقعا وفي الحديث: فأصبحت الأرض مني بلاقع. قال ابن الأثير: وصفها بالجمع مبالغة كقولهم: أرض سباسب، وثوب أخلاق. وقال غيره: جمعوا لأنهم جعلوا كل جزء منها بلقعا. قال العارم يصف الذئب:

تسدى بليل يبتغيني وصبيتـي     ليأكلني، والأرض قفر بلاقع ويقال أيضا: ديار بلقع. قال جرير:

حيوا المنازل واسألوا أطلالها هل يرجع الخبر الديار البلقع كأنه وضع الجمع موضع الواحد، كما قرئ ثلاثمائة سنين.

والبلقع والبلقعة: المرأة الخالية من كل خير، وهو مجاز. ومنه حديث أبي الدرداء رضي الله عنه: وشر نسائكم السلفعة البلقعة. وقد سبق الحديث في ق ي س. وسهم بلقعي أو سنان بلقعي، إذا كان، صافي النصل، قال الطرماح:

توهن فيه المضرحية بعدمـا     مضت فيه أذنا بلقعي وعامل وبلقع البلد بلقعة: أقفر. وابلنقع الكرب: انفرج وابلنقع الصبح: أضاء، قال رؤبة:

فهي تشق الآل أو يبلنقع
عنها، ولو ونوا بها تتعتعوا

وقال ابن عباد: يقال للطريق: صلنقع بلنقع. وقال ابن فارس: اللام في البلقع زائدة، وهو من باب الباء والقاف والعين.

ومما يستدرك عليه: ابلنقع الشيء: ظهر وخرج.

ب ل ك ع
بلكعه، أهمله الجوهري وصاحب اللسان، وقال أبو عبيد: هو مثل بركعه وكعبره، إذا قطعه، نقله الصاغاني.

ب و ع
الباع: قدر مد اليدين وما بينهما من البدن، كالبوع، ويضم، الأخيرة هذلية. قال أبو ذؤيب:

فلو كان حبلا من ثمانين قامة     وخمسين بوعا نالها بالأنامل هكذا في اللسان، ويروى: إذا كان حبل. والذي في الديوان: وتسعين باعا. وأما بوعا فإنه رواية الأخفش، قال، يريد باعا. ج: أبواع. وفي الحديث: إذا تقرب العبد مني بوعا أتيته هرولة وهو مثل لقرب ألطاف الله عز وجل من العبد، إذا تقرب إليه بالإخلاص والطاعة، وربما عبر بالباع عن الشرف والكرم، قال العجاج:

إذا الكرام ابتدروا الباع بدر
تقضي البازي إذا البازي كسر

وقال حجر بن خالد في الكرم:

ندهدق بضع اللحم للباع والندى     وبعضهم تغلي بذم مناقـعـه

صفحة : 5116

وقال الليث: البوع والباع لغتان، ولكنهم يسمون البوع في الخلقة، فأما بسط الباع في الكرم ونحوه فلا يقولون إلا كريم الباع. وأنشد

له في المجد سابقة وباع والبوع: مد الباع بالشيء. يقال: باع يبوع بوعا: بسط باعه. وباع الحبل يبوعه بوعا: مد يديه معه حتى صار باعا. وبعته، وقيل: هو مدكة بباعك، كما تقول: شبرته من الشبر، والمعنيان متقاربان. قال ذو الرمة يصف أرضا:

ومستامة تستام وهي رخيصة     تباع بساحات الأيادي وتمسح مستامة: يعني أرضا تسوم فيها الإبل، من السير لا من السوم الذي هو البيع، وتباع أي تمد فيها الإبل أبواعها وأيديها، وتمسح من المسح الذي هو القطع.

والإبل تبوع في سيرها، أي تمد أبواعها، وكذلك الظباء، كالتبوع. يقال: يبوع ويتبوع، أي يمد باعه، ويملا ما بين خطوه. والبوع: إبعاد خطو الفرس في جريه وكذلك الناقة، ومنه قول بشر بن أبي خازم:

فدع هندا وسل النفس عنها بحرف قد تغير إذا تبوع والبوع: بسط اليد بالمال، عن الليث، وأنشد للطرماح:

لقد خفت أن ألقى المنايا ولم أنل     من المال ما أسمو به وأبـوع وقال ابن عباد: البوع: المكان المنهضم في لصب جبل.

قال: وباعة الدار: ساحتها، لغة في الباحة. والبائع: ولد الظبي إذا باع في مشيه، صفة غالبة، ج:بوع، بالضم وبوائع. ويقال: فرس طيع بيع، كسيد، أي بعيد الخطو، وأصله بيوع، نقله الزمخشري. والنعجة تسمى أبواع، معرفة، لتبوعها في المشي، وتدعى للحلب بها فيقال: أبواع أبواع، نقله ابن عباد. وانباع العرق: سال، قال عنترة العبسي:

ينباع من ذفرى غضوب جسرة      زيافة مثل الفنيق الـمـكـدم وصف عرق الناقة، وأنه يتلوى في هذا الموضع، وأصله ينبوع، صارت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. وقول أكثر أهل اللغة أن ينباع كان في الأصل ينبع فوصل فتحة الباء بالألف للإشباع. وقد حققناه في رسالتنا: التعريف بضروري علم التصريف. ويروى ينهم. وكل راشح ينباع. وأنشد ابن فارس في الزيت:

ومطرد لدن الكعوب كأنمـا     تغشاه منباع من الزيت سائل وانباع الحبل وتبوع بمعنى واحد. وانباعت الحية انبياعا، إذا بسطت نفسها بعد تحويها لتساور، عن اللحياني. قال السفاح ابن بكير يرثي يحيي بن ميسرة ويروى لرجل من بني قريع:

يجمع حلما وأناة مـعـا    ثمت ينباع انبياع الشجاع قلت: وأنشده الأصمعي لبكير ابن معدان فيما ذكر كما في شرح الديوان.

وانباع لي فلان في سلعته، إذا سامح لك في بيعها، وامتد إلى الإجابة إليه، ومنه قول صخر الغي الهذلي:

والله لو أسمعت مقالتهـا     شيخا من الزب رأسه لبد
مآبه الروم أو تنوخ أو ال    آطام من صوران أو زبد
لفاتح البيع يوم رؤيتـهـا    وكان قبل انبياعه لـكـد

صفحة : 5117

يصف امرأة حسناء، يقول: لو تعرضت للراهب المتلبد شعره لانبسط إليها. وفاتح: كاشف. والبيع: الانبساط، ورفع انبياعه بلكد، كما تقول: كان عبد الله أبوه قائم. وروى الجمحي:

وكان من قبل بيعه لكد وقال ابن حبيب: ويروى: ابتياعه. وفي المثل مخرنبق لينباع أي مطرق ليثب، أو ليسطو، يضرب للرجل إذا أضب على داهية. ويروى: لينباق، أي ليأتي بالبائقة، اسم للداهية.

ويقال: فلان ما يدرك تبوعه. وقال اللحياني: يقال: والله لا تبلغون تبوعه، أي لا تلحقون شأوه، وأصله طول خطاه. ومما يستدرك عليه: الباع: السعة في المكارم، وقد قصر باعه عن ذلك: لم يسعه، وهو مجاز، ولا يستعمل البوع هنا.

ورجل طويل الباع، أي الجسم، وطويل الباع وقصيره في الكرم، وهو مجاز، ولا يقال: قصير الباع في الجسم. وجمل بواع: جسيم. وقال أحمد بن عبيد: انباع من باع يبوع، إذا جرى جريا لينا وتثنى وتلوى. وانباع الرجل: وثب بعد سكون، وقيل: سطا.

والبيع والانبياع: الانبساط. وقال ابن الأعرابي: يقال: بع بع، إذا أمرته بمد باعيه في طاعة الله عز وجل. وانباع الشجاع من الصف: برز، عن الفارسي. وناقة بائعة: بعيدة الخطو، ونوق بوائع. وتبوع للمساعي: مد باعه، وهو مجاز. وهو قصير الباع: عاجر وبخيل. قال أبو قيس بن الأسلت الأنصاري:

وأضرب القونس يوم الوغى     بالسيف لم يقصر به باعي وبوعاء الطيب: رائحته، نقله الزمخشري هنا، وسيأتي للمصنف في ب ي ع.

ب ي ع
باعه يبيعه بيعا ومبيعا، وهو شاذ والقياس مباعا، إذا باعه وإذا اشتراه، ضد. قال أبو عبيد: البيع: من حروف الأضداد في كلام العرب، يقال: باع فلان، إذا اشترى، وباع من غيره، وأنشد قول طرفة:

ويأتيك بالأخبار من لم تبع لهبتاتا ولم تضرب له وقت موعد أي من لم تشتر له. قلت: ومنه قول الفرزدق أيضا:

إن الشباب لرابح من باعه     والشيب ليس لبائعيه تجار أي من اشتراه. وقال غيره:

إذا الثريا طلعت عشاء
فبع لراعي غنم كساء

ي اشتر له. وفي الحديث: لا يخطب الرجل على خطبة أخيه، ولا يبع على بيع أخيه.

صفحة : 5118

قال ابن الأثير: فيه قولان: أحدهما إذا كان المتعاقدان في مجلس العقد فطلب السلعة بأكثر من الثمن ليرغب البائع في فسخ العقد فهو محرم، لأنه إضرار بالغير، ولكنه منعقد لأن نفس البيع غير مقصود بالنهي، فإنه لا خلل فيه. الثاني أن يرغب المشتري في الفسخ بعرض سلعة أجود منها بمثل ثمنها، أو مثلها بدون ذلك الثمن، فإنه مثل الأول في النهي، وسواء كانا قد تعاقدا على المبيع، أو تساوما وقاربا الانعقاد ولم يبق إلا العقد. فعلى الأول يكون البيع بمعنى الشراء، تقول: بعت الشيء بمعنى اشتريته، وهو اختيار أبي عبيد، وعلى الثاني يكون البيع على ظاهره. قلت: وقال أبو عبيد: وليس عندي للحديث وجه غير هذا، أي إنما وقع النهي على المشتري لا على البائع. قال: وكان أبو عبيدة وأبو زيد وغيرهما من أهل العلم يقولون ذلك.

وقال الأزهري: البائع والمشتري سواء في الإثم إذا باع على بيع أخيه أو اشترى على شراء أخيه، لأن كل واحد منهما يلزمه اسم البائع، مشتريا كان أو بائعا، وكل منهي عن ذلك.

وهو مبيع ومبيوع، مثل مخيط ومخيوط، على النقص والإتمام.

قال الخليل: الذي حذف من مبيع واو مفعول، لأنها زائدة، وهي أولى بالحدف.

وقال الأخفش: المحذوفة عين الفعل، لأنهم لما سكنوا الياء ألقوا حركتها على الحرف الذي قبلها فانضمت، ثم أبدلوا من الضمة كسرة الياء التي بعدها، ثم حذفت الياء وانقلبت الواو ياء كما انقلبت واو ميزان للكسرة. قال المازني: كلا القولين حسن، وقول الأخفش أقيس.

ومن المجاز: باعه من السلطان، إذا سعى به إليه ووشى به، وهو أي كل من البائع والمشتري بائع، ج: باعة، وهو قول ابن سيده. وقال كراع: باعة جمع بيع، كعيل وعالة، وسيد وسادة.

قال ابن سيده: وعندي أن كل ذلك إنما هو جمع فاعل، فأما فيعل فجمعه بالواو والنون.

وفي العباب: وسرق أعرابي إبلا فأدخلها السوق فقالوا له: من أين لك هذه الإبل? فقال:

تسألني الـبـاعة أين دارهـا
إذ زعزعوها فسمت أبصارها
فقلت رجلي ويدي قرارهـا
كل نجار إبـل نـجـارهـا
وكل نار العالمـين نـارهـا

قلت: والبيت الأخير مثل للعرب، وقد تقدم ذكره مفصلا في ن ج ر.والبياعة بالكسر: السلعة، تقول: ما أرخص هذه البياعة. ج: بياعات وهي الأشياء التي يتبايع بها، قاله الليث.

والبيع كسيد: البائع والمشتري ومنه الحديث: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وفي رواية: حتى يتفرقا. وفي حديث آخر: أنه صلى الله عليه وسلم اشترى من أعرابي حمل خبط، فلما وجب البيع قال له: اختر، فقال له الأعرابي: عمرك الله بيعا وانتصابه على التمييز.

والبيع في قول الشماخ يصيف قوسا، كما في العباب، وفي اللسان: في رجل باع قوسا:

فوافى بها أهل المواسم فانبرى له بيع يغلى بها السوم رائز

صفحة : 5119

هو المساوم لا البائع ولا المشتري. قلت: وقول الشماخ حجة لأبي حنيفة رحمه الله، حيث يقول: لا خيار للمتبايعين بعد العقد، لأنهما يسميان متبايعين، وهما متساومان قبل عقدهما البيع.

وقال الشافعي رضي الله عنه: هما متساومان قبل عقد الشراء فإذا عقد البيع فهما متبايعان، ولا يسميان بيعين ولا متبايعين وهما في السوم قبل العقد. وقد رد الأزهري على المحتج ببيت الشماخ بما هو مذكور في التهذيب. ج: بيعاء كعنباء وأبيعاء وباعة، الأخير قول كراع، كما تقدم. وابن البيع هو الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري، ويقال له أيضا: ابن البياع، وهكذا يقوله شيخ الإسلام الهروي إذا روى عنه، وكذا قاله عبد الغني بن سعيد في روايته عنه بالإجازة، كذا في التبصير. ومن المجاز: باع فلان على بيعه وحل بواديه، إذا قام مقامه في المنزلة والرفعة. وقال المفضل الضبي: هو مثل قديم تضربه العرب للرجل الذي يخاصم رجلا ويطالبه بالغلبة فإذا ظفر به وانتزع ما كان يطالبه به قيل: باع فلان على بيع فلان، ومثله: شق فلان غبار فلان. ويقال: ما باع على بيعك أحد، أي لم يساوك أحد.
وتزوج يزيد بن معاوية أم مسكين بنت عمر بن عاصم بن عمر بن الخطاب - رضي الله عن عمر - على أم خالد بنت أبي هاشم فقال يخاطبها:

مالك أم خالد تبكين
من قدر حل بكم تضجين
باعت على بيعك أم مسكين
ميمونة من نسوة ميامين

ومن المجاز أيضا: امرأة بائع، أي نافقة، لجمالها. قال الزمخشري: كأنها تبيع نفسها كناقة تاجرة. وتقول: بيع الشيء على ما لم يسم فاعله، وقد تضم باؤه فيقال: بوع، بقلب الياء واوا، وكذلك القول في كيل، وقيل، وأشباههما. وفي التهذيب: قال بعض أهل العربية: يقال: إن رباع بني فلان قد بعن. من البيع، وقد بعن، من البوع، فضموا الباء في البوع وكسروها في البيع، للفرق بين الفاعل والمفعول، ألا ترى أنك تقول: رأيت إماء بعن متاعا، إذا كن بائعات، ثم تقول: رأيت إماء بعن: إذا كن مبيعات، وإنما يبين الفاعل من المفعول باختلاف الحركات، وكذلك من البوع.

والبيعة، بالكسر: متعبد النصارى، وقيل كنيسة اليهود، ج: بيع، كعنب. قال لقيط ابن معبد:

تامت فؤادي بذات الخال خرعبة  مرت تريد بذات العذبة البيعا والبيعة: هيئة البيع، كالجلسة والركبة: يقال: إنه لحسن البيعة. ومنه حديث ابن عمر أنه كان يغدو فلا يمر بسقاط ولا صاحب بيعة إلا سلم عليه. وأبعته إباعة: عرضته للبيع قال الأجدع بن مالك بن أمية الهمداني:

ورضيت آلاء الكميت فمن يبع     فرسا فليس جوادنا بمـبـاع أي ليس بمعرض للبيع. وآلاؤه: خصاله الجميلة. ويروى: أفلاء الكميت.

صفحة : 5120

وابتاعه: اشتراه يقال: هذا الشيء مبتاعي، أي اشتريته بمالي، وقد استعمله المصريون في كلامهم كثيرا، فيحذفون الميم. ومنهم من أفرط فجمع فقال: بتوعي، وهو غلط، وإنما نبهت على ذلك لأن كثيرا من الناس لا يعرف ما أصل هذا الكلام. والتبايع: المبايعة، من البيع والبيعة جميعا، فمن البيع الحديث المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا ومن البيعة قولهم: تبايعوا على الأمر، كقولك: أصفقوا عليه. والمبايعة والتبايع عبارة عن المعاقدة والمعاهدة، كأن كل واحد منهما باع ما عنده من صاحبه وأعطاه خالصة نفسه وطاعته ودخيلة أمره، وقد تكرر ذكرها في الحديث.

واستباعه الشيء: سأله أن يبيعه منه. وقال ابن عباد: انباع الشيء: نفق وراج، وكأنه مطاوع لباعه. وأبو الفرج علي بن محمد الخوارزمي البياعي المحدث، مشددا، روى عن أبي سعد بن السمعاني، وكذا مجد الدين علي بن الحسين البياعي الخوارزمي، حدث بشرح السنة في سنة مائتين واثنين عن أبي المعالي محمد الزاهدي سماعا، عن لفظ محيي السنة البغوي، قرأه عليه، عن عاصم بن صالح، كذا في التبصير. ومما يستدرك عليه: بايعه مبايعة وبياعا: عارضه بالبيع. قال جنادة بن عامر:

فإن أك نائيا عنه فإنـي      سررت بأنه غبن البياعا وقال قيس بن ذريح:

كمغبون يعض على يديه     تبين غبنه بعد الـبـياع والبيع: اسم المبيع، قال صخر الغي يصف سحابا:

فأقبل منه طوال الذرا      كأن عليهن بيعا جزيفا طوال الذرا، أي مشرفات في السماء. وبيعا جزيفا، أي اشتري جزافا، فأخذ بغير حساب، من الكثرة، يعني السحاب. والجمع: بيوع. ورجل بيوع، كصبور: جيد البيع، وبياع: كثيره، وبيع كبيوع، والجمع بيعون. ولا يكسر، والأنثى بيعة، والجمع بيعات، ولا يكسر، حكاه سيبويه. وبيع الأرض: كراؤها، وقد نهي عنه في الحديث. والبيعة: الصفقة على إيجاب البيع وعلى المبايعة والطاعة. وبايعه عليه مبايعة: عاهده. ونبايع، بغير همز: موضع. قال أبو ذؤيب:

فكأنها بالجزع جـزع نـبـايع     وألات ذي العرجاء نهب مجمع قال ابن جنى: هو فعل منقول وزنه نفاعل، كنضارب ونحوه، إلا أنه سمي به مجردا من ضميره، فلذلك أعرب، ولم يحك، ولو كان فيه ضميره لم يقع في هذا الموضع، لأنه كان يلزم حكايته إن كان جملة، كذرى حبا، وتأبط شرا، فكان ذلك يكسر وزن البيت.

قلت: وسيأتي للمصنف في ن ب ع، فإنه جعل النون أصلية. وقد سموا بياعا، كشداد.

وعروة بن شييم بن البياع الكناني: أحد رؤساء المصريين الذين ساروا إلى عثمان، رضي الله عنه. ومن المجاز: باع دنياه بآخرته، أي اشتراها، نقله الزمخشري.

وبياع الطعام: لقب أبي جعفر محمد بن غالب بن حرب الضبي.