الباب الثامن عشر: باب العين المهملة - الفصل الخامس: فصل الجيم مع العين: الجزء الأول

فصل الجيم مع العين

الجزء الأول

ج ب ع
الجباع، كرمان، أهمله الجوهري. وقال أبو الهيثم: هو القصير قال: وهي جباع وجباعة أيضا قال ابن مقبل:

وطفلة غير جباع ولا نصـف    من دل أمثالها باد ومكـتـوم
عانقتها فانثنت طوع العناق كما    مالت بشاربها صهباء خرطوم

أي غير قصيرة، كذا رواه الأصمعي. والأعرف غير جباء، وقد تقدم بحثه في الهمزة.

والجباع: سهم قصير يرمى به الصبيان يجعلون على رأسه تمرة لئلا يعقر، كراع. قال ابن سيده: ولا أحقها، وإنما هو الجماح والجماع. قلت: وقد تقدم ذلك في الهمزة أيضا. وبه شبهت المرأة القصيرة. والجباعة، مشددة: الاست عن الخارزنجي قال: وكرمانة ورمان: المرأة القبيحة المشية واللبسة، التي ليست بصغيرة ولا كبيرة. قال: وقد جبع تجبيعا: إذا تغيرت استه هزالا، كل ذلك من كتاب الخارزنجي الذي كمل به العين.

ج ح ل ن ج ع

صفحة : 5140

جحلنجع، أهمله الجوهري، وقد جاء في قول أبي الهميسع، قال أبو تراب: كنت سمعت من أبي الهميسع حرفا وهو جحلنجع، فذكرته لشمر بن حمدويه، وتبرأت إليه من معرفته، وأنشد فيه ما كان أنشدني، وكتبه شمر، والأبيات التي أنشدني:

إن تمنعي صوبك صوب المدمع
يجري على الخد كضئب الثلع

ضئبه: ما فيه من حب اللؤلؤ، شبه قطران الدمع به:

من طمحة صبيرها جحلنجع وفي بعض النسخ:

لم يحضها الجدول بالتنوع هكذا ذكروه ولم يفسروه. وقالوا: القائل أبو تراب: كان أبو الهميسع - فيما ذكر - من أعراب مدين، وما كنا نكاد نفهم كلامه، قال: وكان يسمى الكوز المحضي. وقال الأزهري عن هذه الكلمة وما بعدها في أول باب الرباعي من حرف العين: هذه حروف لا أعرفها، ولم أجد لها أصلا في كتب الثقات الذي أخذوا عن العرب العاربة ما أودعوا كتبهم، ولم أذكرها وأنا أحقها، ولكن ذكرتها استندارا لها، وتعجبا منها، ولا أدري ما صحتها، ولم أذكرها هنا مع هذا القول إلا لئلا يذكرها ذاكر، أو يسمعها سامع فيظن بها غير ما نقلت فيها. والله أعلم.

قال شيخنا: وقد اختلفت فيه كلمة أئمة الصرف، وادعوا فيه الاسمية والفعلية، وقال الذين زعموا أنه فعل: لم يرد فعل سداسي ليس أوله همزة وصل غير هذا اللفظ، والفعلية فيه - ولا سيما في نظم أبي الهميسع - غير ظاهرة، ولا فيه ما يدل عليها، والله أعلم.

قلت: الذي حكاه الأزهري عن الخليل بن أحمد قال: الرباعي يكون اسما ويكون فعلا، وأما الخماسي فلا يكون إلا اسما، وهو قول سيبويه ومن قال بقوله، فتأمل. هذا ما أورده شيخنا.

ج د ع
الجدع، كالمنع: الحبس والسجن، جدعته فهو مجدوع، نقله الجوهري هنا وفي الذال المعجمة أيضا، وقيل: بالذال معجمة هو المحفوظ، كما سيأتي. ويقال: جدع الرجل عياله، إذا حبس عنهم الخير. قال أبو الهيثم: الذي عندنا في ذلك أن الجدع والجذع واحد، وهو حبس من تحبسه على سوء ولائه، وعلى الإذالة منك له.

والجدع: القطع البائن، وقيل: هو قطع الأنف، أو الأذن، أو اليد، أو الشفة ونحوها. ويقال: جدعه يجدعه جدعا فهو جادع، وقد جدع جدعا، فهو أجدع بين الجدع، محركة، والأنثى جدعاء. قال أبو ذؤيب يصف الكلاب والثور:

فانصاع من حذر وسد فروجه     غبر ضوار وافيان وأجـدع أجدع، أي مقطوع الأذن، وافيان:لم يقطع من آذانهما شيء. قلت: ويروى فاهتاج من فزع. وغبر: طوال وفي رواية: غبس ضوار أي لما أفزعته الكلاب عدا عدوا شديدا، فكان ذلك العدو هو الذي سد فروجه، إلا أن اللفظ للكلاب والمعنى على العدو، هذا قول الأصمعي، كما في شرح الديوان. وقيل: لا يقال: جدع، ولكن جدع من المجدوع.

صفحة : 5141

والجدعة، محركة: ما بقي منه بعد الجدع، نقله الجوهري، وهي موضع الجدع، وكذلك العرجة من الأعرج، والقطعة من الأقطع. والأجدع: الشيطان، قال الفراء: يقال: هو الشيطان، والمارد، والمارج، والأجدع. والأجدع: والد مسروق التابعي الكبير، هو أبو عائشة مسروق بن الأجدع بن مالك بن أمية بن عبد الله بن مر بن سلامان ابن معمر بن الحارث بن سعد بن عبد الله بن وداعة الهمداني، ثم الوداعي الكوفي، من ثقات التابعين، وغيره عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وسماه عبد الرحمن، وروي عن مسروق أنه قال: قدمت على عمر، فقال لي: ما اسمك? فقلت: مسروق بن الأجدع، فقال: أنت مسروق بن عبد الرحمن. حدثنا رسول الله صلى عليه وسلم أن الأجدع شيطان. فكان اسمه في الديوان مسروق بن عبد الرحمن.

وجديع، كزبير: علم. وبنو جدعاء وبنو جداعة، كثمامة: قبيلتان من العرب.

والجدعاء: ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي العضباء القصواء، ولم تكن جدعاء ولا عضباء ولا قصواء، وإنما هن ألقاب لها، كما ذكره أهل السير.

وعبد الله بن جدعان، بالضم: جواد، م، معروف، وهو ابن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، وهو والد زهير أبي مليكة. وأخواه زيد بن جدعان وعمير بن جدعان، فمن ولد عمير المهاجري قنفذ بن عمير، ومن ولد زيد أبو الحسن علي بن زيد الأعمى البصري، ومن ولد أبي مليكة أبو عزارة محمد بن عبد الرحمن ابن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي مليكة، وربما كان يحضر النبي صلى الله عليه وسلم طعامه، وكفاه بذلك فخرا وشرفا، وكانت له جفنة يستظل بظلها النبي صلى الله عليه وسلم في الإسلام صكة عمى، كما ورد في الحديث، ونقله الصاغاني، وكانت هذه الجفنة يطعم فيها في الجاهلية، وكان يأكل منها القائم والراكب لعظمها، وكان له مناد ينادي: هلم إلى الفالوذ، وإياه عنى أمية بن أبي الصلت بقوله:

له داع بمـكة مـشـمـعـل       وآخـر فـوق دارتـه ينـادي
فأدخلـهـم عـلـى ربـذ يداه      بفعل الخير ليس من الـهـداد
على الخير بن جدعان بن عمرو     طويل السمك مرتفع العـمـاد
إلى ردح من الشـيزى مـلاء       لباب البر يلبك بـالـشـهـاد

وجاء في بعض الأحاديث قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله هل كان ذلك نافعة? قال: لا إنه لم يقل يوما: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين. ويقال: كلأ جداع، كغراب، أي فيه جدع لمن رعاه. قال ربيعة بن مقروم الضبي:

فقد أصل الخليل وإن نآنى     وغب عداوتي كلأ جداع وهو مثل، أي هو مر بشع وبيل وخم دو. ومنه الجداع للموت. بالضم أيضا، وهو مجاز، وضبطه بعضهم كسحاب، وإنما سمي به لأنه يذهب كل شيء، كأنه يجدعه.

وبنو جداع، أيضا: بطن من العرب.

صفحة : 5142

وصبي جدع، ككتف: سيئ الغذاء، وقد جدع، كفرح، جدعا، وهو مجاز: قال ابن بري: قال الوزير: جدع فعل بمعنى مفعول، قال: ولا يعرف مثله. قال أوس بن حجر يرثي فضالة بن كلدة ويروى لبشر بن أبي خازم:

ليبكك الشرب والمدامة وال     فتيان طرا وطامع طمعـا
وذات هدم عار نواشرهـا      تصمت بالماء تولبا جدعـا

وقد صحف بعض العلماء هذه اللفظة: قال الجوهري: ورواه المفضل بالذال المعجمة ورد عليه الأصمعي. قلت: قال الأزهري في أثناء خطبة كتابه: جمع سليمان بن علي الهاشمي بالبصرة بين المفضل الضبي والأصمعي، فأنشد المفضل وذات هدم. وقال آخر البيت جذعا ففطن الأصمعي لخطئه، وكان أحدث سنا منه، فقال له: إنما هو تولبا جذعا وأراد تقريره على الخطأ، فلم يفطن المفضل لمراده فقال: وكذلك أنشدته، فقال له الأصمعي حينئذ: أخطأت إنما هو تولبا جدعا، فقال له المفضل: جذعا، جذعا ورفع صوته ومده، فقال له الأصمعي: لو نفخت في الشبور ما نفعك، تكلم كلام النمل وأصب، إنما هو جدعا، فقال سليمان بن علي: من تختاران أجعله بينكما? فاتفقا على غلام من بني أسد حافظ للشعر، فأحضر، فعرضا عليه ما اختلفا فيه، فصدق الأصمعي، وصوب قوله، فقال له المفضل: ما الجدع? فقال: السيئ الغذاء. انتهى.

وقال أبو الهيثم: جدعته فجدع، كما تقول: ضرب الصقيع النبات فضرب، وكذلك صقع، وعقرته فعقر، أي سقط. وجدعته أمه، كمنع: أساءت غذاءه، عن الزجاج، ونقله الجوهري أيضا، كأجدعته إجداعا وجدعته تجديعا، وأنشد ابن الأعرابي:

حبلق جدعه الرعاء ويروى: أجدعه، وهو إذا حبسه على مرعى سوء، وهذا يقوي قول أبي الهيثم المتقدم ذكره.

وجداع، كسحاب، وقطام، وعلى الأخيرة اقتصر الجوهري: السنة الشديدة التي تجدع بالمال وتذهب به، كما في العباب والصحاح. وفي اللسان: تذهب بكل شيء، كأنها تجدعه. وفي الأساس: وأجحفت بهم جداع، وهي السنة، لأنها تجدع النبات، وتذل الناس، وهو مجاز.

وفي العباب: قال أبو حنبل الطائي - واسمه جارية بن مر أخو بني ثعل -:

لقد آليت أغدر في جـداع    وإن منت أمات الربـاع
لأن الغدر في الأقوام عار    وأن المرء يجزأ بالكراع

وقولهم في الدعاء على الإنسان: جدعا له، أي ألزمه الله الجدع، قال الأعشى:

دعوت خليلي مسحلا ودعوا له     جهنام، جدعا للهجين المذمـم وكذلك عقرا له، نصبوهما في حد الدعاء على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره.

وحكى سيبويه: جدعه تجديعا، وعقره تعقيرا: قال له ذلك، ومنه الحديث: فغضب أبو بكر رضي الله عنه فسب وجدع. ومن المجاز: جدع القحط النبات: إذا لم يزك، لانقطاع الغيث عنه، قال ابن مقبل:

وغيث مريع لم يجدع نباتـه     ولته أفانين السماكين، أهلب

صفحة : 5143

وحمار مجدع كمعظم: مقطوع الأذنين، وفي الصحاح: مقطوع الأذن. قال الجوهري: وأما قول ذي الخرق الطهوي:

أتاني كلام الثعلبي ابن ديسقففي أي هذا ويله يتترع

يقول الخنا، وأبغض العجم ناطقاإلى ربنا صوت الحمار اليجدع فإن الأخفش يقول: أراد الذي يجدع، كما تقول: هو اليضربك، تريد هو الذي، وهو من أبيات الكتاب. وقال أبو بكر بن السراج: لما احتاج إلى رفع القافية قلب الاسم فعلا، وهو من أقبح ضرورات الشعر، انتهى. قلت: هذان البيتان أنشدهما أبو زيد في نوادره هكذا لذي الخرق الطهوي على طارق بن ديسق. وقال ابن بري: ليس بيت ذي الخرق هذا من أبيات الكتاب كما ذكر الجوهري، وإنما هو في نوادر أبي زيد. قال الصاغاني: ولم أجد البيت الثاني في شعر ذي الخرق، وقد قرأت شعره في أشعار بني طهية بنت عمير ابن سعد، وها أنا أسوق القطعة بكمالها، وهي:

أتاني كلام الثعلبي ابن ديسقففي أي هـذا ويلـه يتـتـرع
فهلا تمناها إذ الحرب لاقح    وذو النبوان قبـره يتـصدع
فيأتيك حيا دارم وهما معا      ويأتــيك ألـف من طهية أقرع
فيسـتخرج اليربوع من نافقائه ومـن جحره ذو الشـيحة الـيتقصع
ونحن أخذنا قد علمتم أسيركميسارا، فيحذى من يسار، وينقع
ونحن حبسنا الدهم وسط بيوتكمفلم يقربوها والرماح تزعزع
ونحن ضربنا فارس الخير منكمفظل وأضحى ذو الفقار يكرع

ومن المجاز: جادع مجادعة وجداعا، إذا شاتم بجدعا لك، وشار، كأن كل واحد منهما جدع أنف صاحبه. وقيل جادع: خاصم. قال النابغة الذبياني:

أقارع عوف لا أحاول غيرها     وجوه قرود تبتغي من تجادع ويروى وجوه كلاب كتجادع. يقال: تركت البلاد تجادع أفاعيها، أي يأكل بعضها بعضا، كما في الصحاح. وحكي عن ثعلب: عام تجدع أفاعيه وتجادع، أي يأكل بعضها بعضا لشدته، وكذلك: تركت البلاد تجدع وتجادع أفاعيها، قال: وليس هناك أكل، ولكن يريد تقطع.

ومما يستدرك عليه: الجدع: ما انقطع من مقاديم الأنف إلى أقصاه، رواه أبو نصر عن الأصمعي، سمي المصدر. وناقة جدعاء: قطع سدس أذنها أو ربعها، أو ما زاد على ذلك إلى النصف، والجدعاء من المعز: المقطوع ثلث أذنها فصاعدا، وعم به ابن الأنباري جميع الشاء المجدع الأذن. وقول الشاعر:

تراه كأن الله يجـدع أنـفـه     وعينيه إن مولاه ثاب له وفر أراد: ويفقأ عينيه، كما قال آخر:

يا ليت بعلك قد غدا     متقلدا سيفا ورمحا واستعار بعض الشعراء الجدع والعرنين للدهر، فقال:

وأصبح الدهر ذو العرنين قد جدعا

صفحة : 5144

ويقال: اجدعهم بالأمر حتى يذلوا، حكاه ابن الأعرابي ولم يفسره. قال ابن سيده: وعندي أنه على المثل، أي اجدع أنوفهم. وقال أبو حنيفة: المجدع من النبات: ما قطع من أعلاه ونواحيه، أو أكل. وجدع الفصيل، كفرح: ساء غذاؤه، أو ركب صغيرا فوهن. وجدع عياله جدعا: إذا حبس عنهم الخير. ويقال: جدعه وشراه، إذا لقاه شرا وسخرية، كمن يجدع أذن عبده ويبيعه. وهو مجاز. وفي المثل أنفك منك وإن كان أجدع يضرب لمن يلزمك خيره وشره، وإن كان ليس بمستحكم القرب. وأول من قال ذلك قنفذ ابن جعونة المازني للربيع بن كعب المازني، وله قصة ذكرها الصاغاني في العباب.

وأجدعت أنفه: لغة في جدعت. وكان رجل من صعاليك العرب يسمى مجدعا، كمحدث، لأنه كان إذا أخذ أسيرا جدعه. والحكم ورافع ابنا عمرو بن المجدع، كمعظم: صحابيان رضي الله عنهما، كذا نقله الصاغاني في العباب. قلت: ويقال لهما الغفاريان، وإنما هما من بني ثعلبة أخي غفار، نزل الحكم البصرة، واستعمله زياد على خراسان، فغزا وغنم، وكان صالحا فاضلا، وأما أخوه رافع فذكره ابن فهد في المعجم، فقال: رافع بن عمرو بن مجدع الكناني الضمري أخو الحكم بن عمرو الغفاري، وليس غفاريا وإنما هما من ثعلبة أخي غفار، نزل البصرة، وله حديثان، روى عنه عبد الله بن الصلت، هكذا قال في اسم جده مخدع، بالخاء المعجمة الجيم، فانظر ذلك.

ج ذ ع
الجذع، محركة: قبل الثني كما في الصحاح. قال الليث: الجذع من الدواب والأنعام: قبل أن يثنى بسنة، وهو أول ما يستطاع ركوبه والانتفاع به. وهي بهاء. قال الجوهري وابن سيده، والجذع: اسم له في زمن، وليس بسن تنبت أو تسقط، زاد ابن سيده: وتعاقبها أخرى. وقال الأزهري: أما الجذع فإنه يختلف في أسنان الإبل والخيل والبقر والشاء، وينبغي أن يفسر قول العرب فيه تفسيرا مشبعا، لحاجة الناس إلى معرفته في أضاحيهم وصدقاتهم وغيرها.

فأما البعير فإنه يجذع لاستكماله أربعة أعوام، ودخوله في السنة الخامسة، وهو قبل ذلك حق، والذكر جذع، والأنثى جذعة، وهي التي أوجبها النبي صلى الله عليه وسلم في صدقة الإبل إذا جاوزت ستين، وليس في صدقات الإبل سن فوق الجذعة، ولا يجزئ الجذع من الإبل في الأضاحي. وأما الجذع في الخيل، فقال ابن الأعرابي: إذا استتم الفرس سنتين ودخل في الثالثة فهو جذع، وإذا استتم الثالثة ودخل في الرابعة فهو ثني.

وأما الجذع من البقر، فقال ابن الأعرابي: إذا طلع قرن العجل وقبض عليه فهو عضب، ثم هو بعد ذلك جذع، وبعده ثني، وبعده رباع، وقيل: لا يكون الجذع من البقر حتى يكون له سنتان، وأول يوم من الثالثة، ولا يجزئ الجذع من البقر في الأضاحي.

صفحة : 5145

وأما الجذع من الضأن فإنه يجزئ في الضحية. وقد اختلفوا في وقت إجذاعه: فقال: أبو زيد في أسنان الغنم، المعزى، خاصة، إذا أتى عليها الحول فالذكر تيس، والأنثى عنز، ثم يكون جذعا في السنة الثانية، والأنثى جذعة، ثم ثنيا في الثالثة، ثم رباعيا في الرابعة، ولم يذكر الضأن. وقال ابن الأعرابي: الجذع من الغنم لسنة، ومن الخيل لسنتين، قال: والعناق تجذع لسنة، وربما أجذعت العناق قبل تمام السنة للخصب، فتسمن، فيسرع إجذاعها، فهي جذعة لسنة، وثنية لتمام سنتين. وقال ابن الأعرابي في الجذع من الضأن: إن كان ابن شابين أجذع لستة أشهر إلى سبعة أشهر، وإن كان ابن هرمين أجذع لثمانية أشهر إلى عشرة أشهر. وقد فرق ابن الأعرابي بين المعز والضأن في الإجذاع، فجعل الضأن أسرع إجذاعا، قال الأزهري: وهذا إنما يكون مع خصب السنة، وكثرة اللبن والعشب. قال: وإنما يجزئ الجذع من الضأن في الأضاحي لأنه ينزو فيلقح، قال: وهو أول ما يستطاع ركوبه. وإذا كان من المعزى لم يلقح حتى يثنى. وقيل: الجذع من المعز لسنة، ومن الضأن لثمانية أشهر أو لتسعة. وقيل لابنة الخس: هل يلقح الجذع، قالت: لا، ولا يدع. والجذع: الشاب الحدث. ومنه قول ورقة بن نوفل:

يا ليتني فيها جذع أي ليتني أكون شابا حين تظهر نبوته حتى أبالغ في نصرته. وقال دريد بن الصمة:

يا ليتني فيها جذع
أخب فيها وأضع
أقود وطفاء الزمع
كأنها شاة صـدع

ج: جذاع، بالكسر، وجذعان، بالضم، كما في الصحاح. وفي اللسان: والجمع جذع وجذعان، الأخير بالكسر وبالضم. قلت: الضم عن يونس، وفي العباب: وزاد يونس جذاع، بالضم، وأجذاع، وجمع الجذعة جذعات. ومن المجاز: أهلكهم الأزلم الجذع، أي الدهر، قال لقيط الإيادي:

يا قوم بيضتكم لا تفضحن بها  إني أخاف عليها الأزلم الجذعا كذا في الصحاح. قال وأما قول الشاعر، وهو الأخطل يمدح بشر بن مروان:

يا بشر لو لم أكن منكم بمنزلة ألقى علي يديه الأزلم الجذع ويروى يديه علي فيقال الدهر، ويقال: هو الأسد. وفي اللسان: وهذا القول خطأ. قال ابن بري: قول من قال: إن الأزلم الجذع: الأسد ليس بشيء.

ويقال: لا آتيك الأزلم الجذع، أي لا آتيك أبدا، لأن الدهر أبدا جديد، كأنه فتي لم يسن.

صفحة : 5146

ومن المجاز: أم الجذع: الداهية، وهو من ذلك. ومن المجاز: الدهر جذع أبدا، أي جديد، كأنه شاب لا يهرم. وقال ثعلب: الجذع من قولهم: الأزلم الجذع: كل يوم وليلة. هكذا حكاه. قال ابن سيده: ولا أدري وجهه. والجذعمة: الصغيرة، وأصلها جذعة، والميم زائدة للتوكيد، كالتي في: زرقم، وفسحم، وستهم ودردم، ودلقم، وشجعم، وصلدم، وضرزم، ودقعم، وحصرم للبخيل، وعرزم، شدقم، وعلقم، وجلعم، وجلهم وصلخدم، وحلقوم. وفي حديث علي رضي الله عنه أنه قال: أسلم - والله - أبو بكر وأنا جذعمة أقول فلا يسمع، فكيف أكون أحق بمقام أبي بكر رضي الله عنه? أي جذع حديث السن غير مدرك. وفي تاء الجذعمة وجهان: أحدهما المبالغة، والثاني التأنيث، على تأويل النفس أو الجثة. وجذع الدابة، كمنع: حبسها على غير علف، نقله الجوهري، وأنشد للعجاج:

كأنه من طول جذع العفس
ورملان الخمس بعد الخمس
ينحت من أقطاره بفأس

والمجذوع: الذي يحبس على غير مرعى، ويروى بالدال المهملة أيضا، عن أبي الهيثم، وهما لغتان، وقد تقدم وجذع بين البعيرين، إذا قرنهما في قرن، أي حبل. كذا في النوادر.

والجذاع، ككتاب: أحياء من بني سعد، مشهورون بهذا اللقب، وخص أبو عبيد بالجذاع رهط الزبرقان. قال المخبل يهجو الزبرقان:

تمنى حصين أن يسود جذاعه     فأمسى حصين قد أذل وأقهرا أي قد صار أصحابه أذلاء مقهورين، ورواه الأصمعي: قد أذل وأقهرا، فأقهر في هذا لغة في قهر، أو يكون أقهر: وجد مقهورا، وقد تقدم البحث فيه في قهر.

وجذعان الجبال، بالضم: صغارها. قال ذو الرمة يصف السراب.

وقد خنق الآل الشعاف، وغرقت     جواريه جذعان القضاف النوابك القضاف: جمع قضفة، وهي قطعة من الأرض مرتفعة، ليست بطين ولا حجارة، ويروى: البراتك وهي مثل القضاف. قال شيخنا: جذعان الجبال، هكذا في النسح العتيقة، وبعض أرباب الحواشي قد حرفه بالميم فقال: الجمال، وهو غلط. وقال ابن شميل: ذهبوا جذع مذع، كعنب، مبنيتين بالفتح، أي تفرقوا في كل وجه لغة في خذع، بالخاء المعجمة.

صفحة : 5147

والجذع، بالكسر: ساق النخلة وقال بعضهم: لا يسمى جذعا إلا بعد يبسه. وقيل: إلا بعد قطعه، وقيل: لا يختص باليابس ولا بما قطع، لقوله تعالى: وهزي إليك بجذع النخلة ورد بأنه كان يابسا في الواقع، فلا تدل الآية على تقييد ولا إطلاق، كما حرر في تفسير البيضاوي وحواشيه. وفي الحديث: يبصر أحدكم القذى في عين أخيه، ويدع الجذع في عينيه والجمع أجذاع وجذوع. وجذع بن عمرو الغساني مشهور، ومنه خذ من جذع ما أعطاك يقال: كانت غسان تؤدي كل سنة إلى ملك سليح دينارين من كل رجل، وكان الذي يلي ذلك سبطة بن المنذر السليحي، فجاء سبطة إلى جذع يسأله الدينارين، فدخل جذع منزله، فخرج مشتملا بسيفه، فضرب به سبطة حتى برد، وقال: خذ من جذع ما أعطاك، وامتنعت غسان من هذه الإتاوة بعد ذلك، وهذا هو المعول عليه في أصل المثل: قاله الصاغاني.

قلت: والذي في كتاب الأمثال للأصمعي: جذع: رجل من أهل اليمن كان الملك فيهم، ثم انتقل إلى سليح، فجاؤا يصدقونهم، فساموهم أكثر مما عليهم، فقال ثعلبة - وهو أخر جذع -: هذاك جذع، فاذهب إليه حتى يعطيك ما سألت، فأتاه فقال: هذا سيفي محلى فخذه. فناوله جفنه، ثم انتضاه فضربه حتى قتله، فقال ثعلبة أخوه: خذ من جذع ما أعطاك. أو أصل المثل أنه أعطى بعض الملوك سيفه رهنا فلم يأخذه منه، وقال: اجعل هذا في كذا من كذا، أي من أمك فضربه به فقتله، وقاله، وهكذا أورده الجوهري، وتبعة صاحب اللسان، قال الصاغاني بعد ما نقل الوجه الأول: يضرب في اغتنام ما يجود به البخيل.

وفي الصحاح: تقول لولد الشاة في السنة الثانية وللبقر أي لولد البقر وذوات الحافر في السنة الثالثة، وللإبل في السنة الخامسة: أجذع إجذاعا.

قلت: وتقدم تحقيقه قريبا في أول المادة، فأغناها عن ذكره ثانيا.

وقال ابن عباد: المجذع:، كمكرم ومعظم: كل ما لا أصل له ولا ثبات، ولو قال: كمحصن بدل كمكرم، كما فعله الصاغاني، لأشار إلى لحوقه بنظائره التي جاءت على هذا الباب، وقد ذكر في سهب، ولفج، وسيأتي بعض ذلك أيضا.
قال: وخروف متجاذع: وان، من الإجذاع، هكذا في نسخ العباب: وان، بالواو، وفي التكملة: دان بالدال، ومثله في الأساس، ولعله الصواب. ومما يستدرك عليه: الجذوعة، بالضم: الاسم من الإجذاع. وقوله - أنشده ابن الأعرابي -:

إذا رأيت بازلا صـار جـذع
فاحذر وإن لم تلق حتفا أن تقع

فسره فقال: معناه: إذا رأيت الكبير يسفه سفه الصغير، فاحذر أن يقع البلاء، وينزل الحتف. وقال غير ابن الأعرابي: معناه إذا رأيت الكبير قد تحاتت أسنانه فذهبت، فإنه قد فني وقرب أجله فاحذر - وإن لم تلق حتفا - أن تصير مثله، واعمل لنفسك قبل الموت ما دمت شابا.

صفحة : 5148

وقولهم: فلان في هذا الأمر جذع: إذا كان أخذ فيه حديثا، نقله الجوهري والزمخشري، وهو مجاز. وأعدت الأمر جذعا: أي جديدا كما بدأ، وهو مجاز أيضا. وفر الأمر جذعا: أي بدئ، وفر الأمر جذعا: أي أبدأه. وإذا طفئت حرب بين قوم، فقال: بعضهم: إن شئتم أعدناها جذعة، أي أول ما يبتدأ فيها، وكل ذلك مجاز. وتجاذع الرجل: أرى أنه جذع، على المثل، قال الأسود:

فإن أك مدلولا علي فـإنـنـي     أخو الحرب، لا قحم ولا متجاذع وأجذعه: حبسه، بالذال، وبالدال. نقله الجوهري. وجذع الشيء يجدعه جذعا: عفسه ودلكه.

والمجذوع: المحبوس على غير مرعى. وجذع الرجل عياله، إذا حبس عنهم خيرا، ويروى بالدال، وقد تقدم. والجذع، بالكسر: سهم السقف. وجذاع الرجل، ككتاب: قومه، لا واحد له.

وجذيع، كزبير: اسم. وأبو أحمد عبد السلام بن علي بن عمر المرابط عرف بالجذاع، كشداد، روى عن أبي بكر بن زياد النيسابوري، وعنه أبو القاسم الأزهري، ذكره ابن السمعاني.

ج ر ش ع
الجرشع، كقنفذ: العظيم من الإبل، نقله الجوهري، زاد الصاغاني: ومن الخيل، أو هو العظيم الصدر، وقيل: الطويل، وزاد الجوهري: المنتفخ الجنبين، وأنشد لأبي ذؤيب يصف الحمر:

فنكرنه فنفرن وامترست به      هوجاء هادية وهاد جرشع أي فنكرن الصائد. وامترست الأتان بالفحل، والهادية: المتقدمة. قال الصاغاني: ويروى: عوجاء ويروى: سطعاء. والجراشع: الأودية العظام الأجواف. قال أبو سهم الهذلي:

كأن أتي السيل مد عـلـيهـم     إذا دفعته في البداح، الجراشع وقال ابن عباد: الجراشع: الجبال الصغار الغلاظ، نقله الصاغاني ولم يذكر لها واحدا، والظاهر أنه جرشع، كقنفذ، على التشبيه بالمنتفخ الجنبين من الإبل، فتأمل.

ج ر ع
الجرعة، بالفتح، ويحرك: الرملة العذاة الطيبة المنبت، التي لا وعوثة فيها، نقله الصاغاني وصاحب اللسان. أو هي الأرض ذات الحزونة تشاكل الرمل، كما في اللسان. وقيل: هي الرملة السهلة ا لمستوية، أو الدعص لا ينبت شيئا، نقله الجوهري، واقتصر على التحريك، وزاد غيره: ولا تمسك ماء. قلت: وهي مشبهة بجرعة الماء، وذلك لأن الشرب لا ينفعها، فكأنها لم ترو. أو الكثيب جانب منه وحل، وجانب حجارة، كالأجرع، والجرعاء، في الكل. نقل الجوهري منها الجرعة - محركة - والجرعاء. وقيل: الجرعاء والأجرع أكبر من الجرعة. وقال ذو الرمة في الأجرع، فجعله ينبت النبات:

وما يوم حزوى إن بكيت صبابة    لعرفان ربع أو لعرفان منزل
بأول ما هاجت لك الشوق دمنة    بأجرع مقفار مرب محـلـل

ويروى: مرباع، ولا يكون مربا محللا، إلا وهو ينبت النبات. وقال أيضا:

أما استحلبت عينيك إلا محلة بجمهور حزوى، أو بجراء مالك وقال أيضا يخاطب رسم الدار:

ولم تمش مشي الأدم في رونق الضحى بجرعائك البيض الحسان الخرائد

صفحة : 5149

وقال أيضا:
ألا يا اسلمي، يا دار مي، على البلىولا زال منهلا بجرعائك القطر وقيل: الجرعاء: رمل يرتفع وسطه، وترق نواحيه. وقال ابن الأثير: الأجرع: المكان الواسع الذي فيه حزونة وخشونة. والجرع، محركة: الجمع، أي جمع جرعة، بحذف الهاء، وقيل الجرع مفرد مثل الأجرع، وجمعه أجراع وجراع. وجمع الجرعة، بالفتح، جراع، بالكسر. وجمع الجرعاء جرعاوات. وجمع الأجرع أجارع. وجمع الجرعة، محركة، جرعان، بالكسر. ومنه حديث قس: بين صدرو جرعان، كما ضبطه ابن الأثير، وكل ذلك قد أغفله المصنف.

والجرع أيضا: التواء في قوة من قوى الحبل، كما في الصحاح، زاد غيره: أو الوتر. قال الجوهري: ظاهرة على سائر القوى، وذلك الحبل أو الوتر مجرع، كمعظم، وجرع ككتف، يقال: وتر جرع، أي مستقيم، إلا أن في موضع منه نتوءا فيمسح ويمشق بقطعة كساء حتى يذهب ذلك النتوء، عن ابن الأعرابي.

وقال ابن شميل: من الأوتار: المجرع: وهو الذي اختلف فتله، وفيه عجر، ولم يجد فتله، ولا إغارته، فظهر بعض قواه على بعض، يقال: وتر مجرع ومعجر، وكذلك المعرد.

وذو جرع، محركة: رجل من ألهان بن مالك بن زيد بن أوسلة أخي همدان بن مالك قبيلتان في اليمن. والجرعة، بهاء: ع، قرب الكوفة، كانت فيه فتنة. ومنه حديث حذيفة: جئت يوم الجرعة فإذا رجل جالس: يقال خرج فيه أهل الكوفة إلى سعيد بن العاص رضي الله عنه، وكان قد قدم واليا عليهم من قبل عثمان رضي الله عنه فردوه وولوا أبا موسى الأشعري رضي الله عنه، وسألوا عثمان، رضي الله عنه، فأقره عليهم.

والجرعة، مثلثة، من الماء: حسوة منه، أو هو بالضم، والفتح: الاسم من جرع الماء يجرع جرعا، كسمع ومنع، الأخيرة لغة، وأنكرها الأصمعي، كما في الصحاح، أي بلعه.

والجرعة، بالضم: ما اجترعت وفي اللسان: قيل: الجرعة، بالفتح، المرة الواحدة. وبالضم، ما اجترعته، الأخيرة للمهلة، على ما أراه سيبويه في هذا النحو، والجرعة: ملء الفم يبتلعه. وجمع الجرعة جرع. وفي حديث المقداد: ما به حاجة إلى هذه الجرعة قال ابن الأثير: تروى بالفتح والضم، فالفتح: المرة الواحدة منه، والضم: الاسم من الشرب اليسير، وهو أشبه بالحديث، ويروى بالزاي، كما سيأتي.

صفحة : 5150

وبتصغيرها جاء المثل أفلت فلان جريعة الذقن من غير حرف، أو بحريعة الذقن، أو بجريعائها قال الصاغاني: أفلت هنا لازم، ونصب جريعة على الحال، كأنه قال: أفلت قاذفا جريعة الذقن، وهي كناية عما بقي من روحه، أي نفسه صارت في فيه، وقريبا منه، قرب الجرعة من الذقن. وفي اللسان: أي وقرب الموت منه كقرب الجريعة من الذقن. واقتصر الجوهري على الرواية الثانية، وقال: إذا أشرف على التلف ثم نجا. قال الفراء: هو آخر ما يخرج من النفس، انتهى. زاد في اللسان: يريدون أن نفسه صارت في فيه، فكاد يهلك، فأفلت وتخلص. وفي رواية أبي زيد: أفلتني جريعة الذقن. قال الصاغاني: وأفلت - على هذه الرواية - يجوز أن يكون متعديا، ومعناه: خلصني ونجاني، ويجوز أن يكون لازما، ومعناه تخلص ونجا مني، وأراد بأفلتني أفلت مني، فحذف ووصل الفعل، كقول امرئ القيس:

وأفلتهن علباء جـريضـا     ولو أدركنه صفر الوطاب أراد أفلت من الخيل. وجريضا حال من علباء. وتصغير جريعة تصغير تحقير وتقليل، وأضافها إلى الذقن لأن حركة الذقن تدل على قرب زهوق الروح، والتقدير أفلتني مشرفا على الهلاك، ويجوز أن يكون جريعة بدلا من الضمير في أفلتني، أي أفلت جريعة ذقني، أي باقي روحي، وتكون الألف واللام في الذقن بدلا من الإضافة، كقوله تعالى ونهى النفس عن الهوى ، أي عن هواها، ومن روى: بجريعة الذقن، كما يقال: اشترى الدار بآلاتها، أي مع آلاتها، وقد تقدم شيء من ذلك في ج ر ص، وفي ف ل ت. وناقة مجرع، كمحسن: ليس فيها ما يروى، وإنما فيها جرع، ج: مجاريع، نقله ابن عباد، وأنشد:

ولا مجاريع غداة الخمس وقال الجوهري: نوق مجاريع: قليلات اللبن، كأنه ليس في ضروعها إلا جرع، فلم يذكر المفرد، وزاد في اللسان: ونوق مجارع كذلك. واجترعه: بلعه، كجرعه، وقيل: جرعه بمرة، نقله الصاغاني. وقال ابن عباد: اجترع العود، أي اكتسره، لغة في اجتزعه.

ومن المجاز: جرعه الغصص، أي غصص الغيظ، كما في الصحاح، تجريعا فتجرع هو، أي كظم. ومما يستدرك عليه: التجرع: متابعة الجرع مرة بعد أخرى كالمتكاره، قال الله عز وجل يتجرعه ولا يكاد يسيغه وقال ابن الأثير: التجرع: شرب في عجلة. وقيل: هو الشرب قليلا قليلا. وجرع الغيظ، كعلم: كظمه، وهو مجاز.ويقال: ما من جرعة أحمد عقبانا من جرعة غيظ تكظمها، وهو من ذلك. وأجرع الحبل، أو الوتر، إذا أغلظ بعض قواه.

والجرع، محركة: موضع، قال لقيط الإيادي:

يا دار عمرة من محتلها الجرعا   هاجت لي الهم والأحزان والجزعا

صفحة : 5151

ويروى: يا دار عبلة، وقد هجت لي. ويقال: أفلتني جريعة الريق، إذا سبقك فابتلعت ريقك عليه غيظا. وقال ابن عباد: يقال: ماله به جراعة، بالضم مشددا، ولا يقال: ما ذاق جراعة ولكن جريعة، كما في العباب. وهجرع، كدرهم، هفعل من الجرع على قول من قال بزيادة الهاء، وسيأتي للمصنف في التي تليها الهجزع، هفعل من الجزع، فهذه مثل تلك.

ج ز ع
جزع الأرض والوادي، كمنع، جزعا: قطعه، أو جزعه: قطعه عرضا كما في الصحاح، وكذلك المفازة والموضع إذا قطعته عرضا فقد جزعته، قال الجوهري: ومنه قول امرئ القيس:

فريقان منهم سالك بطن نخلة     وآخر منهم جازع نجد كبكب وفي العباب: ومنه الحديث أنه صلى الله عليه وسلم وقف على وادي محسر فقرع راحلته، فخبت حتى جزعه. وقال زهير بن أبي سلمى:

ظهرن من السوبان ثم جزعنه    على كل قيني قشيب ومفـأم والجزع، بالفتح، وعليه اقتصر الجوهري، ويكسر، عن كراع، ونسبه ابن دريد للعامة: الخزر اليماني، كما في الصحاح، زاد غيره: الصيني، قال الجوهري: هو الذي فيه سواد وبياض تشبه به الأعين، قال امرؤ القيس:

كأن عيون الوحش حول خبائنا    وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب لأن عيونها ما دامت حية سود، فإذا ماتت بدا بياضها، وإن لم يثقب كان أصفى لها.

وقال أيضا يصف سربا:

فأدبرن كالجزع المفصل بينه بجيد معم في العشيرة مخول وكان عقد عائشة - رضي الله عنها - من جزع ظفار. قال المرقش الأكبر:

تحلين ياقوتا وشذرا وصيغة    وجزعا ظفاريا ودرا توائما وقال ابن برى: سمى جزعا لأنه مجزع، أي مقطع بألوان مختلفة، أي قطع سواده ببياضه وصفرته، والتختم به ليس بحسن، فإنه يورث الهم والحزن والأحلام المفزعة، ومخاصمة الناس، عن خاصة فيه، ومن خواصه إن لف به شعر معسر ولدت من ساعتها.

وجزع الوادي، بالكسر، كما في الصحاح والعباب واللسان، وقال أبو عبيدة: اللائق به أن يكون مفتوحا، وهو منعطف الوادي، كما في الصحاح، زاد ابن دريد: وقيل: وسطه أو منقطعه، ثلاث لغات، أو منحناه، قاله الأصمعي وقيل: جزع الوادي حيث يجزعه، أي يقطعه. وقيل: هو ما اتسع من مضايقه، أنبت أو لم ينبت. وقيل: هو إذا قطعته إلى جانب آخر، أو لا يسمى جزعا حتى تكون له سعة تنبت الشجر وغيره، نقله الليث عن بعضهم، وجمعه أجزاع. واحتج بقول لبيد - رضي الله عنه -:

حفزت وزايلها السراب كأنها     أجزاع بيشة أثلها ورضامها قال: ألا ترى أنه ذكر الأثل وهو الشجر. وقال آخر: بل يكو جزعا بغير نبات. وأنشد غيره لأبي ذؤيب يصف الحمر:

فكأنها بالـجـزع بـين نـبـايع     وأولات ذي العرجاء نهب مجمع

صفحة : 5152

ويروى بالجزع جزع نبايع، وقد مر إنشاد هذا البيت في ب ي ع، ويأتي أيضا في ج م ع، ون ب ع، إن شاء الله تعالى، أو هو مكان بالوادي لا شجر فيه، عن ابن الأعرابي وربما كان رملا وقيل: جزعة الوادي: مكان يستدير ويتسع. والجزع: محلة القوم، قال الكميت:

وصادفن مشربه والمـسـا     م شربا هنيئا وجزعا شجيرا والجزع: المشرف من الأرض إلى جنبه طمأنينة. وقال ابن عباد: الجزع: خلية النحل، ج: أجزاع. وجزع: ة، عن يمين الطائف، وأخرى عن شمالها. وقال ابن دريد: الجزع، بالضم: المحور الذي تدور فيه المحالة، يمانية، ويفتح. والجزع أيضا: صبغ أصفر، وهو الذي يسمى الهرد، والعروق الصفر في بعض اللغات، قاله ابن دريد. والجازع: الخشبة التي توضع في العريش أيضا عرضا يطرح عليه، كذا في النسخ وفي الصحاح: تطرح عليها قضبان الكرم. قال الجوهري: ولم يعرفه أبو سعيد، وقال غيره: إنما يفعل ذلك ليرفع القضبان عن الأرض، فإن نعت تلك الخشبة قلت: خشبة جازعة، قال: وكذلك كل خشبة معروضة بين شيئين ليحمل عليها شيء، فهي جازعة.

والجزعة، بالكسر: القليل من المال، ومن الماء، كما في الصحاح. يقال: جزع له جزعة من المال، أي قطع له منه قطعة ويضم عن ابن دريد. قال: ما بقى في الإناء إلا جزعة وجزيعة، وهي القليل من ا لماء، وكذلك هي في القربة والإداوة. وقال غيره: الجزعة من الماء واللبن: ما كان أقل من نصف السقاء والإناء والحوض. وقال اللحياني مرة: بقي في السقاء جزعة من ماء، وفي الوطب جزعة من لبن، إذا كان فيه شيء قليل، وقال غيره: يقال: في الغدير جزعة، ولا يقال: في الركية جزعة، وقال ابن شميل يقال: في الحوض جزعة: وهي الثلث، أو قريب منه، وهي الجزع. وقال ابن الأعرابي: الجزعة، والكثبة،والغرفة، والخمطة: البقية من اللبن.

وقال أبو ليلى: الجزعة: القطعة من الغنم.

وفي الصحاح: الجزعة: طائفة من الليل، زاد غيره: ماضية أو آتية، يقال: مضت جزعة من الليل، أي ساعة من أولها وبقيت جزعة من آخرها، وهو مجاز. وفي العباب : ما دون النصف، وقال غيره: من أوله أو من آخره. والجزعة: مجتمع الشجر يراح فيه المال من القر ويحبس فيه إذا كان جائعا، أو صادرا أو مخدرا، والمخدر: الذي تحت المطر.

والجزعة الخرزة اليمانية التي تقدم ذكرها ويفتح، وقد تقدم أن الكسر نسبه ابن دريد للعامة.

والجزع، محركة: نقيض الصبر، كما في الصحاح، زاد في العباب: وهو انقطاع المنة من حمل ما نزل. وفي المصباح: هو الضعف عما نزل به. وقال جماعة: هو الحزن. وقيل: هو أشد الحزن الذي يمنع الإنسان ويصرفه عما هو بصدده، ويقطعه عنه، وأصله القطع، كما حرره العلامة عبد القادر البغدادي، في شرح شواهد الرضى، ونقله شيخنا، وهذا عن ابن عباد، وأصله في مفردات الراغب، وقد جزع، وهذا عن ابن عباد، كفرح، جزعا وجزوعا، بالضم، فهو جازع وجزع، ككتف، ورجل، وصبور، وغراب. وقيل: إذا كثر منه الجزع، فهو جزوع وجزاع، عن ابن الأعرابي، وأنشد:

صفحة : 5153

ولست بميسم في الناس يلحى     على ما فاته وخـم جـزاع وأجزعه غيره: أبقى. ويقال: أجزع جزعة، بالكسر، والضم، أي أبقى بقية، كما في العباب. وقيل: ما دون النصف. وقال ابن عباد: قال أعشى باهلة:

فإن جزعنا فإن الشر أجزعنا     وإن جسرنا فإنا معشر جسر جزعة السكين بالضم: جزأته، لغة فيه. وجزع البسر تجزيعا فهو مجزع، كمعظم ومحدث. قال شمر: قال المعري: المجزع، بالكسر، وهو عندي بالنصب على وزن مخطم. قال الأزهري: وسماعي من الهجريين: رطب مجزع بكسر الزاي، كما رواه المعري عن أبي عبيد. قلت: وعلى الكسر اقتصر الجوهري، وقد تفرد شمر بالفتح: أرطب إلى نصفه، وقيل: بلغ الإرطاب من أسفله إلى نصفه. وقيل: إلى ثلثيه، وقيل: بلغ بعضه، من غير أن يحد، وكذلك الرطب والعنب ورطبة مجزعة كمحدثة قال ابن دريد: هكذا قاله أبو حاتم، ويقال: بالفتح أيضا، إذا أرطبت إلى نصفها أو نحو ذلك، وقيل: إلى ثلثيها. وقال الراغب: هو مستعار من الخرز المتلون.
وجزع فلانا تجزيعا: أزال جزعه، ومنه الحديث: لما طعن عمر جعل ابن عباس رضي الله عنهما يجزعه قال ابن الأثير: أي يقول له ما يسليه ويزيل جزعه، وهو الحزن والخوف.

وجزع الحوض فهو مجزع، كمحدث، إذا لم يبق فيه إلا جزعة، أي بقية من الماء.

ونوى مجزع، بالفتح، ويكسر، وهو الذي حك بعضه حتى أبيض، وترك الباقي على لونه، تشبيها بالجزع. وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يسبح بالنوى المجزع.

وكل ما اجتمع فيه سواد وبياض فهو مجزع ومجزع، بالفتح والكسر.

وانجزع الحبل، إذا انقطع أيا كان، أو إذا انقطع بنصفين يقال: انجزع. ولا يقال: انجزع إذا انقطع من طرفه. وانجزعت العصا، إذا انكسرت بنصفين. قال سويد بن أبي كاهل اليشكري:

تعضب القرن إذا ناطحـهـا     وإذا صاب بها المردى انجزع كتجزعت. يقال: تجزع الرمح، إذا تكسر، وكذلك السهم وغيره قال:

إذا رمحه في الدارعين تجزعا واجتزعه، أي العود من الشجرة، إذا كسره وقطعه، وفي الصحاح: اقتطعه واكتسره، ورواه ابن عباد بالراء أيضا، كما تقدم. والهجزع، كدرهم: الجبان، هفعل من الجزع، هاؤه بدل من الهمزة، عن ابن جنى. قال: ونظيره هجرع وهبلع، فيمن أخذه من الجزع والبلع، ولم يعتبر سيبويه ذلك، وسيأتي ذلك في الهاء مع العين. ومما يستدرك عليه: التجزع: التوزع والاقتسام، من الجزع وهو القطع، ومنه حديث الضحية: فتفرق الناس عنه إلى غنيمة فتجزعوها أي اقتسموها. وتمر متجزع: بلغ الإرطاب نصفه. ولحم مجزع: فيه بياض وحمرة. ووتر مجزع: مختلف الوضع، بعضه رقيق، وبعضه غليظ. كما في اللسان. وفي الأساس: وتر مجزع: لم يحسنوا إغارته، فاختلفت قواه. قلت: وقد تقدم في الراء أيضا.

صفحة : 5154

وجزعت في القربة تجزيعا: جعلت فيها جزعة. وقال أبو زيد: كلأ جزاع، بالضم، وهو الكلأ الذي يقتل الدواب، ومنه الكلأ الوبيل، مثل جداع بالدال، نقله الصاغاني، وصاحب اللسان.

والجزيعة: القطعة من الغنم، تصغير الجزعة، بالكسر، وهو القليل من الشيء، هكذا هو في نسخ الصحاح بخط أبي سهل الهروي. وقال ابن الأثير: وهكذا ضبطه الجوهري مصغرا.

والذي جاء في المجمل لابن فارس - بفتح الجيم وكسر الزاي -: الجزيعة، وقال: هي القطعة من الغنم، فعيلة بمعنى مفعولة. قال: وما سمعناها في الحديث إلا مصغرة. وفي حديث المقداد أتاني الشيطان فقال: إن محمدا يأتي الأنصار فيتحفونه، ما به حاجة إلى هذه الجزيعة هي تصغير جزعة، يريد القليل من اللبن، هكذا ذكره أبو موسى وشرحه، والذي جاء في صحيح مسلم: ما به حاجة إلى هذه الجزعة، غير مصغرة. وأكثر ما يقرأ في كتاب مسلم الجزعة، بضم الجيم وبالراء، وهي الدفعة من الشرب. وقد تقدم.

ج س ع
الجسوع، بالضم، أهمله الجوهري وصاحب اللسان. وقال الخارزنجي: هو الإمساك عن العطاء والكلام. ويقال: سفر جاسع، أي بعيد.

قال: وجسعت الناقة، كمنع: دسعت، كاجتسعت، وجسع فلان: قاء. كذا نقله الصاغاني في كتابيه.

ج ش ع
الجشع، محركة: أشد الحرص كما في الصحاح، زاد في العباب: وأسوؤه على الأكل وغيره. و قال ابن دريد: قال الأصمعي: قلت لأعرابي: ما الجشع? قال: أسوأ الحرص، فسألت آخر فقال: أن تأخذ نصيبك، وتطمع في نصيب غيرك، وقد جشع، كفرح جشعا، فهو جشع، من قوم جشعين، قال الشنفري:

وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكنبأعجلهم، إذ أجشع القوم أعجل وقال سويد بن أبي كاهل اليشكري - يصف الثور والكلاب -:

فرآهن ولمـا يسـتـبـن     وكلاب الصيد فيهن جشع ومجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن عمرو، بالضم: أبو قبيلة من تميم، مشهور. قال جرير يهجو الفرزدق:

وضع الخزير فقيل: أين مجاشع?    فشحا جحافله جراف هـبـلـع

وقال الفرزدق:

فيا عجبي، حتى كليب تسبني     كأن أباها نهشل أو مجاشع ومجاشع بن مسعود بن ثعلبة السلمى: صحابي رضي الله عنه، نزل البصرة هو وأخوه مجالد، وقتل يوم الجمل مع عائشة، رضي الله عنها، روى عنه جماعة، وكان بحاضر توج أميرا، زمن عمر، رضي الله عنه. وروي عن بعض الأعراب: تجاشعا الماء، أي تضايقا عليه، وكذلك تناهباه، وتشاحجاه وتعاطشاه. والتجشع: التحرص، نقله الجوهري، قال: جشع، بالكسر، وتجشع مثله. ومما يستدرك عليه: الجشع، محركة: الجزع لفراق الإلف. والجشع أيضا: الفزع.

وقوم جشاعى، وجشعاء، وجشاع بالكسر.

ورجل جشع بشع: يجمع جزعا وحرصا وخبث نفس. والجشيع، كأمير: المتخلق بالباطل وما ليس فيه. والجشع، ككتف: الأسد. قال أبو زبيد الطائي:

وردين قد أخذا أخلاق شيخهما     ففيهما جرأة الظلماء والجشع

ج ع ع

صفحة : 5155

جع فلان: أكل الطين، عن أبي عمرو.

وقال ابن الأعرابي: جع فلان فلانا، إذا رماه بالجعو، أي بالطين. وقال ابن دريد: الجع أميت.

وقال إسحاق بن الفرج: سمعت أبا الربيع البكري يقول: الجعجع مثال لعلع: ما تطامن من الأرض، كالجفجف، وذلك أن الماء يتجفجف فيه فيقوم، أي يدوم. قال: وأردته على أن يقول يتجعجع فلم يقلها في الماء. وفي الصحاح عن ابن الأعرابي: الموضع الضيق الخشن الجعجاع.

قلت: ومنه قول تأبط شرا:

وبما أبركها في منـاخ     جعجع ينقب فيه الأظل وقال أبو عمرو: الجعجاع: الأرض عامة، نقله الجوهري، وأنشد:

وباتوا بجعجاع جديب المعرج وهكذا في العباب أيضا ذا العجز الأخير.

قلت: البيت للشماخ، وصواب إنشاده: أنخن بجعجاع. وصدره:

وشعت نشاوى من كرى عند ضمر قال الجوهري: ويقال: هي الأرض الغليظة. قال أبو قيس بن الأسلت:

من يذق الحرب يجد طعمها      مرا، وتتركه بجعـجـاع قلت: ويروى: وتبركه، يقويه قول تأبط شرا الذي أنشدناه قريبا، ويروى أيضا: وتحبسه. وقد روي أيضا عن أبي عمرو أن الجعجاع هي الأرض الصلبة. وقال ابن بري: قال الأصمعي: الجعجاع: الأرض التي لا أحد بها، كذا فسره في بيت ابن مقبل:

إذا الجونة الكدراء نالت مبيتنا     أناخت بجعجاع جناحا وكلكلا

وقال نهيكة الفزاري:

صبرا بغيض بن ريث، إنها رحم      جبتم بها، فأناختكم بجعـجـاع وقال الليث: الجعجاع من الأرض: معركة الحرب، ونص الليث: معركة الأبطال. يقال للقتيل إذا قتل في المعركة: ترك بجعجاع، وبه فسر ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة قول أبي قيس بن الأسلت الذي ذكر. وفي اللسان: الجعجاع: مناخ سوء من حدب أو غيره لا يقر فيه صاحبه. وفي الصحاح: الجعجاع: الفحل الشديد الرغاء. قلت: ومنه قول حميد بن ثور:

يطفن بجعجاع كأن جرانـه     نجيب على من النهر أجوف والجعجعة: صوت الرحى نقله الجوهري، قال: ومنه المثل الذي يأتي ذكره بعد.

والجعجعة: نحر الجزور، عن ابن عباد، وكأنه أخذه من جعجع به: إذا أناخ به وألزمه الجعجاع، ولا إخاله من قول الشاعر، وأنشده ابن الأعرابي:

نحل الـديار وراء الـديا     ر ثم نجعجع فيها الجزر غير أنه فسره فقال: أي نحبسها على مكروهها.

والجعجعة: أصوات الجمال إذا اجتمعت، نقله الجوهري.

وقال الليث: الجعجعة: تحريك الإبل للإناخة أو الحبس، أو للنهوض، ونقله الجوهري أيضا، ولكنه اقتصر على الإناخة والنهوض. وأنشد الليث للأعلب:
عود إذا جعجع بعد الهب
جرجر في حنجرة كالحب
وهامة كالمرجل المنكب

 قال الصاغاني: ليس الرجز للأغلب، كما قال الليث، وإنما هو لدكين، والرواية:

وهو إذا جرجر بعد الهب فإذا لا حجة له في الرجز مع ارتكاب تغيير الرواية.

صفحة : 5156

ويقال: جعجع بهم: أي أناخ بهم، وألزمهم الجعجاع. وجعجع القوم: أناخوا، ومنهم من قيد فقال: بالجعجاع. والجعجعة: بروك البعير، يقال: جعجع البعير: برك واستناخ قال رؤبة:

نملأ من عرض البلاد الأوسعا
حتى أنخنا عزه فجعجعا
بوسط الأرض وما تكعكعا

والجعجعة: تبريكه، يقال جعجعه وجعجع به، إذا بركه وأناخه.

والجعجعة: الحبس، يقال: جعجع بالماشية وجفجفها، إذا حبسها. وبه فسر الأصمعي قول عبيد الله بن زياد - لعنه الله - فيما كتبه إلى عمر بن سعد عليه من الله ما يستحق، ورضي الله عن أبيه، أن جعجع بحسين رضي الله عنه، كما في الصحاح. وفي العباب: أي أنزله بجعجاع، وهو المكان الخشن الغليظ، قال: وهذا تمثيل لإلجائه إلى خطب شاق وإرهاقه، وقيل: المراد إزعاجه، لأن الجعجاع مناخ سوء لا يقر فيه صاحبه.

ومنه، الجعجعة: القعود على غير طمأنينة.

وفي المثل: أسمع جعجعة ولا أرى طحنا، نقله الجوهري ولم يفسره، وقال الصاغاني: يضرب للجبان يوعد ولايوقع، وللبخيل يعد ولا ينجز زاد في اللسان: وللذي يكثر الكلام ولا يعمل وفي الصحاح والعباب: تجعجع البعير وغيره، أي ضرب بنفسه الأرض باركا من وجع أصابه، أو ضرب أثخنه. قال أبو ذؤيب:

فأبدهن حتوفهن: فهارب     بذمائه، أو بارك متجعجع وفي شرح الديوان: المتجعجع: اللاحق بالأرض قد صرع. ويروى: فطالع بذمائه أو ساقط.

ومما يستدرك عليه: جعجع القوم: نزلوا في موضع لا يرعى فيه، وبه فسر ابن بري قول أوس بن حجر:

كأن جلود النمر جيبت عليهم    إذا جعجعوا بين الإناخة والحبس ويقال: جعجع عنده، إذا أقام عنده ولم يجاوزه.

والجعجاع: المحبس. والجعجعة: التشريد بالقوم، والتضييق على الغريم في المطالبة، وبه فسر ابن الأعرابي قول عبيد الله بن زياد المتقدم ذكره، لعنه الله. وقيل: هو الإزعاج والإخراج، فهو مع قول الأصمعي المتقدم من الأضداد. وقال ابن عباد: جعجعت الثريد: سغسغته، هكذا نقله الصاغاني.