فصل الفاء مع القاف
الجزء الأول
ف أ ق
الفؤاق، كغراب أهمله الجوهري والصاغاني. وفي اللسان: هي بالهمز: لغة في
الفواق بالواو: اسم للريح التي تخرج من المعدة، وقد فأق، كمنع فؤاقا، أو
الفؤاق بالهمز: الوجع قال الأزهري: الفؤاق: الوجع، مضموم مهموز لا غير.
والفواق بين الحلبتين، وهو السكون، غير مهموز. ومما يستدرك عليه: الفائق:
عظم في العنق. وقد فئق فأقا، فهو فئق مفئق: اشتكى فائقه. وقال الليث:
الفأق: داء يأخذ الإنسان في عظم عنقه الموصول بدماغه. واسم ذلك العظم:
الفائق، وأنشد:
أو مشتك فائقه من الفأق ويقال: فلان يشتكي عظم فائقه، يعني العظم الذي في
مؤخر الرأس، يغمز من داخل الحلق إذا سقط. وتفأق الشيء: تفرج. قال رؤبة:
أو فك حنوي قتب تفأقا وإكاف مفأق: مفرج. وقال ابن الأعرابي: الفائق: هو الدرداقس، وسيأتي ذلك للمصنف في ف و ق.
ف ت ق
صفحة : 6535
فتقه يفتقه ويفتقه، ومن حدي نصر وضرب فتقا: شقه، وهو خلاف رتقه رتقا. وهو
الفصل بين المتصلين. قال الله تعالى: )كانتا رتقا ففتقناهما( قال الفراء:
فتقت السماء بالمطر، والأرض بالنبات. وقال الزجاج: كانت السماء مع الأرض
جميعا، ففتقهما الله بالهواء الذي جعله بينهما قال:
ترى جوانبها بالشحم مفتوقا أراد مفتوقة فأوقع الواحد موقع الجماعة. كفتقه تفتيقا فتفتق أي تشقق. وانفتق: انشق، قال رؤبة:
جرد سماحيج وألقى في اللقا
عنه قميصا طار أو تفتقا
ومفتق القميص: مشقه. قال الأعشى:
ورادعة بالطيب صفراء عندنـا لجس الندامى في يد الدرع مفتق والفتق أيضا: شق عصا الجماعة، ووقوع الحرب بينهم وتصدع الكلمة. ومنه الحديث: لا تحل المسألة إلا في حاجة أو فتق وفي التهذيب: الفتق: شق عصا المسلمين بعد اجتماع الكلمة من قبل حرب في ثغر، أو غير ذلك، وأنشد:
ولا أرى فتقهم في الدين يرتتق وفي الحديث: يسأل الرجل في الجائحة أو الفتق أي: الحرب تكون بين القوم، ويقع فيها الجراحات والدماء. وأصله الشق والفتح. وقد يراد بالفتق: نقض العهد، وكل ذلك مجاز. ومن المجاز: الفتق: الصبح قال ذو الرمة:
وقد لاح للساري الذي كمل السرى على أخريات الليل فتق مشهـر ويحرك. ويقال: انظر الى فتق الفجر، أي: طلوعه وانشقاقه وانفلاقه كما في الأساس. وبه فسر قول ذي الرمة. ومن المجاز: الفتق: الموضع لم يمطر، وقد مطر ما حوله. ومنه قولهم: أفتق الرجل: إذا صادفه. والجمع فتوق. وبه فسر قول أبي محمد الحذلمي يصف الإبل:
إن لها في العام ذي الفتوق والفتق: علة في الصفاق، ونتو في مراق البطن بأن ينحل الغشاء، ويقع فيه شق ينفذه جسم غريب كان محصورا فيه قبل الشق، فلا برء له، إلا ما يحدث للصبيان نادرا. وقال الأزهري: هو الفتق، بالتحريك. وقال الهروي: هكذا أقرأنيه الأزهري بالتحريك، وهو أن ينقطع الشحم المشتمل على الأنثيين. وقال غيره: هو أن تنشق الجلدة التي بين الخصية وأسفل البطن، فتقع الأمعاء في الخصية. وقال إبراهيم الحربي: الفتق: انفتاق المثانة، ومنه قول زيد بن ثابت رضي الله عنه: في الفتق الدية قال: فإن كان أراد به دية الفتق فحسن، وإن كان أراد مثل دية النفس فقد خالفه أبو مجلز، وشريح، والشعبي، فجعلوا فيه ثلث الدية. وقال مالك وسفيان: فيه الاجتهاد من الحاكم. وقال الشافعي: فيه الحكومة. والفتق بالتحريك: مصدر الامرأة الفتقاء، للمنفتقة الفرج، خلاف الرتقاء. وقال أبو الهيثم: الفتقاء من النساء: التي صار مسلكاها واحدا وهي الأتوم. ومن المجاز: الفتق: الخصب سمي به لانشقاق الأرض بالنبات. قال رؤبة يصف صائدا:
يأوي الى سفعاء كالثوب الخلق
لم ترج رسلا بعد أيام الفتق
أي: لم تزل في جدب، ولم تذق لبنا بعد هذه الأعوام التي تفتقت فيها الإبل سمنا. وقد فتق العام، كفرح وقد أسنتوا بعد الفتق. وقال أبو الجوزاء: قحط الناس، فشكوا الى عائشة رضي الله عنها، فقالت: انظروا قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فاجعلوا منه كوة الى السماء، ففعلوا، فمطروا حتى نبت العشب، وسمنت الإبل حتى تفتقت، فسمي عام الفتق. ومن المجاز: الفتق بضمتين: المرأة المنفتقة بالكلام. وقدتفتقت به، وهي فتق. وقال ابن السكيت: امرأة فتق للتي تفتق في الأمور، قال ابن أحمر:
ليست بشوشاة الحديث ولا
فتق مغالبة على الأمـر
صفحة : 6536
وفتق: ة بالطائف نقله الصاغاني، أو هو مخلاف بمكة. وقيل: بتهامة بين
المدينة وتبالة، سلكه قطبة بن عامر رضي الله عنه لما وجهه رسول الله صلى
الله عليه وسلم الى تبالة، ليغير على خثعم سنة تسع. ومن المجاز: الفتيق
كأمير من الجمال: ما ينفتق سمنا، نقله الجوهري عن الأصمعي. وناقة فتيقة:
سمينة. ورجل فتيق اللسان أي: فصيحه حديده نقله الجوهري. وقال غيره: هو
الحذاقي الفصيح. وقال الليث: نصل فتيق الشفرتين إذا جعلت له شعبتان فكأن
إحداهما فتقت من الأخرى، وأنشد:
فتيق الغرارين حشرا سنينا وقال الأصمعي: الصبح الفتيق هو المشرق، نقله الجوهري، وهو مجاز. قال: والفيتق، كصيقل: النجار وهو فيعل من الفتق، ومنه قول الأعشى:
ولابد من جار يجير سبـيلـهـا كما سلك السكي في الباب فيتق والسكي: المسمار، كما في الصحاح. وقال أبو زيد: الفيتق في البيت الحداد. قال: والملك يقال له: فيتق أيضا، وأنشد:
رأيت المنايا لا يغادرن ذا غنى لمال ولا ينجو من الموت فيتق وقال غيره: الفيتق في قول الأعشى البواب. وذو فتاق، ككتاب: ع. قال الحارث بن حلزة اليشكري:
فالمحياة فالصفاح فأعلـى
ذي فتاق فعاذب فالوفـاء
فرياض القطا فأودية الشر بب
فالشعبتان فـالأبـلاء
والفتاق أيضا: جبل وأعناقه: شماريخه ومااستطال منه، وبه يروى قول الحارث:
فمحياة فالصفاح فأعنا ق فتاق فعاذب فالوفاء وهي رواية الحسن بن كيسان. ومن المجاز: الفتاق: خمير العجين، قاله ابن سيده، وهي الخميرة الضخمة الكبيرة التي تعجل إدراك العجين إذا جعلت فيه. وفتق العجين: جعله فيه نقله الليث. والفتاق: أصل الليف الأبيض الذي لم يظهر بعد، يشبه الوجه به، لنقائه وصفائه، وبه فسر قول الشاعر:
وفتاة بيضاء ناعمة الجس م لعوب ووجهها كالفتاق وقال ابنالأعرابي: الفتاق: عرجون الكباسة، وقيل: الفتاق: قرن الشمس وعينها حين يطبق عليه ثم يبدو منها شيء. وقيل في تفسير البيت السابق: الفتاق: انفتاق الغيم عن الشمس وانكشافه عنها. والفتاق: أخلاط من أدوية مدقوقة مخلوطة تفتق، أي: تخلط بدهن الزنبق ونحوه، لكي تفوح ريحه. وقيل: الفتاق هو أن يفتق المسك بالعنبر، قال الشاعر:
وكأن الأري المشور مع الخم ر بفيها يشوب ذاك فـتـاق وقال غيره:
عللته الذكي والمسك طورا ومن البان ما يكون فتاقـا وفتاق: ماء م أي: معروف، هكذا في سائر النسخ، وفيه نظر، فإنه كيف يكون معروفا وهو مجهول يحتاج الى التبيين والإيضاح. والذي ذكره أئمة الشأن أن عوانة وفتاقا ماءان بالعرمة، وإياهما عنى الأعشى بقوله:
بكميت عرفاء مجمرة الخف غذتهـا عـوانة وفـتـاق وأفتق الرجل: سمنت دوابه فتفتقت من الخصب، عن أبي عمرو. وأفتق: استاك بالعراجين. ونص ابن الأعرابي: استاك بالفتاق، وهو العرجون. وأفتق القوم: انفتق عنهم الغيم، وبه فسر قولهم: خرجنا فما أفتقنا حتى وردنا اليمامة، أو هو من قولهم: أفتقنا إذا لم تمطر بلادنا ومطر غيرها. وقال ابن السكيت: أفتق قرن الشمس: إذا أصاب فتقا في السحاب، فبدا منه، نقله الجوهري، قال ذو الرمة:
تريك بياض لبتها ووجهـا
كقرن الشمس أفتق ثم زالا
صفحة : 6537
ومن المجاز: أفتق الرجل: إذا ألحت عليه الفتوق، وهي: اسم للآفات: كالدين،
والفقر، والمرض والجوع. ومن المجاز: أفتق: إذا خرج الى فتق، وهو ما انفرج
واتسع، ومثله أصحر وأفضى، ومنه الحديث في مسيره صلى الله عليه وسلم الى
بدر: ثم صب في دقران، حتى أفتق بين الصدمتين أي: خرج من مضيق الوادي الى
المتسع. وقال أبو زيد: انفتقت الناقة انفتاقا: أخذها داء يسمى الفتق،
محركة، يأخذها فيما بين ضرعها وسرتها فتنفتق، وذلك من السمن، فربما أفرقت
وربما تموت به. وفوتق، كفوقل: ة بمرو معرب بوثه. ومما يستدرك عليه: الفتق،
محركة: الخلة من الغيم، والجمع فتوق. وعام ذو فتوق: قليل المطر. والفتقة،
محركة: الأرض التي يصيب ما حولها المطر ولا يصيبها. وسيف فتيق: حديد. ومنه
قوله:
ونصل كنصل الزاعبي فتيق ويقال أيضا: سيف فتيق الغرارين إذا كان ماضيا كأنه يفتق ما أصابه، فعيل بمعنى فاعل، كما في الأساس. وفتق فلان الكلام، وبجه: إذا قومه ونقحه. وقال الزمخشري: هو تلخيصه وبيان معناه. وتقول للشاعر: فتق ولا تشقق، وهو مجاز. وفي صفته صلى الله عليه وسلم: كان في خاصرتيعه انفتاق أي: اتساع، وهو محمود في الرجال، مذموم في النساء. وتفتقت خواصر الغنم من البقل: إذا اتسعت من كثرة الرعي. وانفتقت الماشية: مثل تفتقت، أي: انتفخت خواصرها سمنا، فتموت لذلك، وربما سلمت. وقال ابن الأعرابي: أفتق القمر: إذا برز بين سحابتين سوداوين. وفتق الطيب يفتقه فتقا: طيبه وخلطه بعود وغيره، وكذلك الدهن. قال الراعي:
لها فأرة ذفراء كـل عـشـية كما فتق الكافور بالمسك فاتقه ذكر إبلا رعت العشب وزهرته، وأنه نديت جلودها، ففاحت رائحة المسك. وفتق المسك بغيره: إخراج رائحته بشيء تدخله عليه. والفتيق: الفتق. قال عمرو بن الأهتم:
بضربة ساق أو بنجلاء ثرة لها من أمام المنكبين فتيق والفتيق أيضا: الصبح، نقله الأصبهاني والمصنف في البصائر.
ف ح ق
فيحق بين رجليه أهمله الجوهري، وقال ابن عباد: أي باعد. وقال ابن الأعرابي:
أرض فيحق، كصيقل وكذلك فيهق، أي: واسعة. وقال ابن عباد: المتفيحق هو الذي
يباعد بين رجليه في المشي كهيئة مشي المختون، مثل المتفيهق بالهاء، لغة
فيه. قال: وانفحق بالكلام: مثل انفهق أي: توسع، ونقل أبو عمرو مثله. ومما
يستدرك عليه: الفحقة: راحة الكلب، بلغة أهل اليمن، عن ابن سيده. وأفحق
الشيء: ملأه، وقيل: حاؤه بدل من هاء أفهق. ونقل الأزهري عن الفراء قال:
العرب تقول: فلان يتفيحق في كلامه، ويتفيهق: إذا توسع فيه. وطريق منفحق:
واسع، وأنشد:
والعيس فوق لاحب معبد
غبر الحصا منفحق عجرد
ف ر ز د ق
صفحة : 6538
الفرزدق، كسفرجل: الرغيف الذي يسقط في التنور، الواحدة بهاء نقله الليث.
وقال الفراء: اسم كل قطعة منه فرزدقة. قال: وقال بعضهم: هو فتات الخبز.
والفرزدق: لقب أبي فراس همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن
سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم،
الشاعر المشهور، وقدذكره المصنف أيضا في ف ر س. أو الفرزدقة: القطعة من
العجين الذي يسوى منه الرغيف، وبه سمي الرجل. وقال الفراء: يقال للجردق
العظيم الحروف: فرزدق، فارسيته برازده، أو عربي منحوت من كلمتين من فرز،
ومن دق؛ لأنهدقيق عجن ثم أفرزت منه قطعة فهي من الإفراز والدقيق. هذا قول
ابن فارس. ج: فرازق، لأن الاسم إذا كان على خمسة أحرف كلها أصول حذفت آخر
حرف منه في الجمع، وكذلك في التصغير، وإنما حذفت الدال من هذا الاسم لأنها
من مخرج التاء، والتاء من حروف الزيادة، فكانت بالحذف أولى، والقياس فرازد،
وكذلك التصغير فريزق، وفريزد، وإن شئت عوضت في الجمع وفي التصغير. فإن كان
في الاسم الذي هو على خمسة أحرف حرف واحد زائد، كان بالحذف أولى، مثل:
مدحرج وجحنفل فقلت: دحيرج وجحيفل، والجمع دحارج وجحافل، وإن شئت عوضت في
الجمع والتصغير، كل ذلك قول الأصمعي نقله الصاغاني وصاحب اللسان. ومما
يستدرك عليه: الفرزدق: الفتوت الذي يفت من الخبز تشربه النساء، نقله
الأصمعي. والفرزدق: قرية بمصر بالقرب...
ف ر س ق
الفرسق بالكسر، أهمله الجوهري وصاحب اللسان. وقال الصاغاني: لغة في الفرسك
بالكاف بمعنى الخوخ. قال شيخنا: وكأنهم أبدلوا الكاف قافا، ولعله اعتمد على
ضبطه في الكافث ولذا أهمله عن الضبط. قلت: وسيأتي للجوهري في الكاف. وأما
صاحب اللسان فإنه ذكره بالقاف استطرادا في الكاف، فتنبه لذلك.
ف ر ق
صفحة : 6539
فرق بينهما أي: الشيئين، كما في الصحاح، رجلين كانا أو كلامين، وقيل: بل
مطاوع الأول التفرق، ومطاوع الثاني الافتراق، كما سيأتي يفرق فرقا وفرقانا،
بالضم: فصل. وقال الأصبهاني: الفرق يقارب الفلق، لكن الفلق يقال باعتبار
الانشقاق، والفرق يقال باعتبار الانفصال، ثم الفرق بين الشيئين سواء كان
بما يدركه البصر، أو بما تدركه البصيرة، ولكل منهما أمثلة يأتي ذكرها. قال:
والفرقان أبلغ من الفرق؛ لأنه يستعمل في الفرق بين الحق والباطل، والحجة
والشبهة، كما سيأتي بيانها. وظاهر المصنف كالجوهري والصاغاني الاقتصار فيه
على أنه من حد نصر. ونقل صاحب المصباح فرق كضرب، قال: وبه قرئ: )فافرق
بيننا وبين القوم الفاسقين( قلت: وهذه قد ذكرها اللحياني نقلا عن عبيد بن
عمير الليثي أنه قرأ فافرق بيننا بكسر الراء. وقوله تعالى: )فيها يفرق كل
أمر حكيم(. قال قتادة أي: يقضى وقيل: أي يفصل، ونقله الليث. وقوله تعالى:
)وقرآنا فرقناه( أي: فصلناه وأحكمناه وبينا فيه الأحكام، هذا على قراءة من
خفف. ومن شدد قال: معناه أنزلناه مفرقا في أيام، وروي عن ابن عباس
بالوجهين. وقوله تعالى )وإذ فرقنا بكم البحر( أي: فلقناه. وقد تقدم الفرق
بين الفلق والفرق. وقوله تعالى )فالفارقات فرقا( قال الفراء: هم الملائكة
تنزل بالفرق بين الحق والباطل وقال ثعلب: تزيل بين الحلال والحرام. وفي
المفردات: الذين يفصلون بين الأشياء حسب ما أمرهم الله تعالى. والفرق:
الطريق في شعر الرأس. ومنه الحديث عن عائشة رضي الله عنها: كنت إذا أردت أن
أفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم صدمت الفرق على يافوخه، وأرسلت ناصيته
بين عينيه. وقد فرق الشعر بالمشط يفرقه - من حدي نصر وضرب - فرقا: سرحه.
ويقال: الفرق من الرأس: ما بين الجبين الى الدائرة. قال أبو ذؤيب:
ومتلف مثل فرق الرأس تخلجه مطارب زقب أميالهـا فـيح شبهه بفرق الرأس في ضيقه ومفرقه. ومفرقه كذلك: وسط رأسه. والفرق: طائر ولم يذكره أبو حاتم في كتاب الطير. والفرق: الكتان. ومنه قول الشاعر:
وأعلاط النجوم معـلـقـات كحبل الفرق ليس له انتصاب والفرق: مكيال ضخم بالمدينة، اختلف فيه. فقيل: يسع ستة عشر مدا، وذلك ثلاثة آصع. وفي حديث عائشة رضي الله عنها: كنت أغتسل من إناء يقال له الفرق. قال الأزهري: يقوله المحدثون بالتسكين ويحرك، وهو كلام العرب، أو هو أفصح. قال ذلك أحمد بن يحيى، وخالد بن يزيد أو يسع ستة عشر رطلا وهي اثنا عشر مدا وثلاثة آصع عند أهل الحجاز، نقله ابن الأثير، وهو قول أبي الهيثم. أو هو أربعة أرباع وهو قول أبي حاتم. قال ابن الأثير: وقيل: الفرق: خمسة أقساط، والقسط: نصف صاع. فأما الفرق بالسكون فمائة وعشرون رطلا. ومنه الحديث: ما أسكر منه الفرق فالحسوة منه حرام. وقال خداش بن زهير:
يأخذون الأرش في إخوتهم فرق السمن وشاة في الغنم ج: فرقان، وهو قد يكون للساكن والمتحرك جميعا كبطنان وبطن، وحملان وحمل. وأنشد أبو زيد:
ترفد بعد الصف في فرقان كما في
الصحاح. وسياق المصنف يقتضي أنه جمع للساكن فقط، وفيه قصور، وقد تقدم معنى
الصف في موضعه. والفاروق: ما فرق بين الشيئين. ورجل فاروق: يفرق بين الحق
والباطل. والفاروق: اسم سيدنا أمير المؤمنين ثاني الخلفاء عمر بن الخطاب
رضي الله تعالى عنه؛ لأنه فرق بين الحق والباطل. وقال إبراهيم الحربي: لأنه
فرق به بين الحق والباطل. وأنشد لعويف القوافي:
صفحة : 6540
يا عمر الخير الملقى وفقه
سميت بالفاروق فافرق فرقه
أو لأنه أظهر الإسلام بمكة، ففرق بين الإيمان والكفر قاله ابن دريد. وقال الليث: لأنه ضرب بالحق على لسانه في حديث طويل ذكره، فيه أن الله تعالى سماه الفاروق، وقيل: جبريل عليه السلام، وهذا يومئ إليه كلام الكشاف، أو النبي صلى الله عليه وسلم، وصححوه، أو أهل الكتاب. قال شيخنا: وقد يقال: لا منافاة. وقال الفرزدق يمدح عمر بن عبد العزيز:
أشبهت من عمر الفاروق سيرته فاق البرية وائتمتع بـه الأمـم وقال عتبة بن شماس يمدحه أيضا:
إن أولى بالحق في كل حق
ثم أحرى بأن يكون
حقيقـا
من أبوه عبد العزيز بن مروا ن،
ومن كان جده الفاروقـا
والترياق الفاروق. وفي العباب: ترياق فاروق: أحمد التراييق وأجل المركبات لأنه يفرق بين المرض والصحة وقد مر تركيبه في ت ر ق والعامة تقول: ترياق فاروقي. وفرق الرجل منه كفرح: جزع، وحكى سيبويه. فرقه، على حذف من قال حين مثل نصب قولهم: أو فرقا خيرا من حب، أي: أو أفرقك فرقا. وفرق عليه: فزع وأشفق، هذه عن اللحياني. ورجل وامرأة فاروقة وفروقة. قال ابن دريد: رجل فروقة، وكذلك المرأة أخرج مخرج علامة ونسابة وبصيرة، وما أشبه ذلك، وأنشد:
ولقد حللت وكنت جد فروقة بلدا يمر به الشجاع فيفزع قال: ولا جمع للفروقة. وفي المثل: رب فروقة يدعى ليثا، ورب عجلة تهب ريثا، ورب غيث لم يكن غيثا، في المحيط، قاله مالك بن عمرو بن محلم، حين شام ليث أخوه الغيث فهم بانتجاعه، فقال مالك: لا تفعل، فإني أخشى عليك بعض مقانب العرب، فعصاه، وسار بأهله، فلم يلبث يسيرا حتى جاء وقد أخذ أهله. ويشدد أي: الأخيرة، وهذه عن ابن عباد، ونقله صاحب اللسان أيضا. أو رجل فرق، ككتف، وندس، وصبور، وملولة، وفروج، وفاروق، وفاروقة: فزع شديد الفزع، الهاء في كل ذلك ليست لتأنيث الموصوف بما هي فيه، إنما هي إشعار بما أريد من تأنيث الغاية والمبالغة. أو رجل فرق، كندس: إذا كان الفرق منه جبلة وطبعا. ورجل فرق، ككتف: إذا فزع من الشيء. وقال ابن بري: شاهد رجل فروقة للكثير الفزع قول الشاعر:
بعثت غلاما من قريش فـروقة وتترك ذا الرأي الأصيل المهلبا قال وشاهد امرأة فروق قول حميد بن ثور:
رأتني مجليها فصدت مـخـافة وفي الخيل روعاء الفؤاد فروق والمفرق كمقعد ومجلس: وسط الرأس، وهو الذي يفرق فيه الشعر. يقال: الشيب في مفرقه وفرقه. ورأيت وبيص المسك في مفارقهم. والمفرق من الطريق: الموضع الذي يتشعب منه طريق آخر يروى أيضا بالوجهين بفتح الراء وبكسرها ج: مفارق. وقولهم للمفرق مفارق كأنهم جعلوا كل موضع منه مفرقا فجمعوه على ذلك. ومن ذلك حديث عائشة رضي الله عنها: كأني أنظر الى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم. وقال كعب بن زهير - رضي الله عنه -:
نفى شعر الرأس القديم حوالقه
ولاح بشيب في السواد مفارقه
صفحة : 6541
ومن المجاز قولهم: وقفته على مفارق الحديث أي على وجوهه الواضحة. وفرق له
الطريق فروقا بالضم، أي: اتجه له طريقان كذا في العباب والصحاح واللسان، أو
اتجه له أمر فعرف وجهه. ومنه حديث ابن عباس: فرق لي رأي أي بدا وظهر. وفرقت
الناقة، أو الأتان تفرق فروقا بالضم: أخذها المخاض، فندت أي ذهبت نادة في
الأرض، فهي فارق كما في الصحاح، وفارقة أيضا كما في المفردات. وقيل: الفارق
من الإبل: التي تفارق إلفها فتنتج وحدها. وأنشد الأصمعي لعمارة بن طارق،
كما في الصحاح. وكذا أنشده الرياشي له، وقال الزيادي هو عمارة بن أرطاة:
اعجل بغرب مثل غرب طارق
ومنجنون كالأتان الفارق
من أثل ذات العرض والمضايق
وقال ابن الأعرابي: الفارق من الإبل: التي تشتد ثم تلقي ولدها من شدة ما يمر بها من الوجع. ج: فوارق، وفرق كركع، وفرق، مثل: كتب، وتشبه بهذه ونص الجوهري: وربما شبهوا السحابة المنفردة عن السحاب بهذه الناقة، فيقال: فارق. وأنشد الصاغاني لذي الرمة يصف غزالا:
أو مزنة فارق يجلو غواربها تبوج البرق والظلماء علجوم والجمع كالجمع. وقال غيره: الفارق: هي السحابة المنفردة لا تخلف وربما كان قبلها رعد وبرق. وقال ابن سيده: سحابة فارق: منقطعة من معظم السحاب، تشبه بالفارق من الإبل. قال عبد بني الحسحاس يصف سحابا:
له فرق منه ينتجن حـولـه يفقئن بالميث الدماث السوابيا قال الجوهري: فجعل له سوابي كسوابي الإبل اتساعا في الكلام. والفرق، محركة: الصبح نفسه، أو فلقه. قال الشاعر ذو الرمة:
حتى إذا انشق عن إنسانه فـرق هاديه في أخريات الليل منتصب ويروى فلق: ويروى: عن أنسائه. وقيل: الفرق: هو ما انفلق من عمود الصبح، لأنه فارق سواد الليل. وقد انفرق، وعلى هذا أضافوا فقالوا: أبين من فرق الصبح، لغة في فلق الصبح. والفرق: تباعد ما بين الثنيتين يقال: رجل أفرق: إذا كان في ثنيته انفراج، نقله ابن خالويه في كتاب ليس. والفرق: تباعد ما بين المنسمين. يقال: بعير أفرق: بعيد ما بين المنسمين، عن يعقوب. والفرق في الخيل: إشراف إحدى الوركين على الأخرى. وقيل: نقص إحدى فخذيه عن الأخرى. وقيل: هو نقص إحدى الوركين، وهو مكروه. يقال من ذلك: فرس أفرق. وفي التهذيب: الأفرق من الدواب: الذي إحدى حرقفتيه شاخصة، والأخرى مطمئنة. وديك أفرق بين الفرق: ذو عرفين للذي عرفه مفروق، وذلك لانفراج ما بينهما. وقال ابن خالويه: ديك أفرق: انفرقت قنزعته. ورجل أفرق: كأن ناصيته أو لحيته كأنها مفروقة بين الفرق، نقله ابن سيده. وأرض فرقة، كفرحة: في نبتها فرق بالتحريك على النسب، لأنه لا فعل له إذا كان النبت متفرقا. ونص اللسان: إذا لم تكن واصبة متصلة النبات. أو نبت فرق، ككتف: صغير لم يغط الأرض عن أبي حنيفة. والأفرق: الديك الأبيض عن الليث. والأفرق من ذكور الشاء: البعيد ما بين خصييه عن الليث ج: فرق بالضم. والأفرق من الخيل: ذو خصية واحدة والجمع فرق أيضا. ومنه قول الشاعر:
ليست من الفرق البطاء دوسر
والأفرق: الأفلج. وقال الليث: شبه الأفلج، إلا أن الأفلج زعموا ما يفلج،
والأفرق خلقة. والفرقاء: الشاة البعيدة ما بين الطبيين، عن الليث. وفارقين:
أشهر بلدة بديار بكر، سميت بميا بنت أد؛ لأنها بنتها، قال كثير:
صفحة : 6542
فإن لا تكن بالشام داري مقيمة فإن
بأجنادين مني ومسكـن
مشاهد لم يعف التنائي قديمها وأخرى
بميافارقين فمـوزن
وقال ابن عباد: فارقين: اسم مدينة. ويقال: هذه فارقون، ودخلت فارقين على هجائن. وسيذكر في م ي ي. والأفراق: ع من أموال المدينة على ساكنهاأفضل الصلاة والسلام. قال ياقوت: وضبطه بعضهم بكسر الهمزة. وفريقات، كجهينات: ع بعقيقها نقله الصاغاني. قال: وفريق، كزبير: موضع بتهامة، أو جبل. قال غيره: وفريق كصغير أي بالتصغير مشددا: فلاة قرب البحرين. وفروق، بالضم. وفي التهذيب: الفروق: ع بديار بني سعد. قال: أنشدني رجل منهم، وهو أبو صبرة السعدي:
لا بارك الله على الفروق
ولا سقاها صائب البروق
ومفروق: اسم جبل، قال رؤبة:
ورعن مفروق تسامى أرمه ومفروق: أبو عبد المسيح، وفي اللسان: مفروق: لقب النعمان بن عمرو، وهو أيضا اسم. وفروق كصبور: عقبة دون هجر الى نجد، بين هجر ومهب الشمال. وفروق: لقب قسطنطينية دار ملك الروم. والفروق: ع آخر في قول عنترة:
ونحن منعنا بالفروق نساءكـم نطرف عنها مبسلات غواشيا وقال ذو الرمة أيضا:
كأنها أخدري بالفـروق لـه على جواذب كالأدراك تغريد وقال شمر: بلغني أن الفروقة بهاء: الحرمة، وأنشد:
مازال عنه حمقه وموقه
واللؤم حتى انتهكت فروقه
وقال أبو عبيد عن الأموي: الفروقة: شحم الكليتين وأنشد:
فبتنا وباتت قدرهـم ذات هـزة يضيء لنا شحم الفروقة والكلى وأنكر شمر الفروقة بهذا المعنى ولم يعرفه. ويوم الفروقين: من أيامهم. والفرق، بالكسر: القطيع من الغنم العظيم كما في الصحاح. ومنه حديث أبي ذر رضي الله عنه وقد سئل عن ماله، فقال: فرق لنا وذود. وقيل: من البقر، أو من الظباء، أو من الغنم فقط، أو من الغنم الضالة، كالفريق كأمير، والفريقة، كسفينة أو ما دون المائة من الغنم. وأنشد الجوهري للراعي يهجو رجلا من بني نمير يلقب بالحلال، وكان عيره بإبله، فهجاه، وعيره بأنه صاحب غنم:
وعيرني الإبل الحلال ولم يكن
ليجعلها لابن الخبيثة خالقـه
ولكنما أجدى وأمـتـع جـده بفرق
يخشيه بهجهج ناعقـه
والفرق: القسم من كل شيء إذا انفرق، والجمع أفراق. قال ابن جني: وقراءة من قرأ )فرقنا بكم البحر( بتشديد الراء شاذة من ذلك، أي: جعلناه فرقا وأقساما. والفرق: الطائفة من الصبيان. قال أعرابي لصبيان رآهم: هؤلاء فرق سوء. والفرق: قطعة من النوى يعلف بها البعير. ويقال: فرق الرجل: إذا ملكه. هكذا في النسخ. والذي في العباب. وفرق: إذا ملك الفرق من الغنم، وهو الصواب. والفرق: الفلق من الشيء: المنفلق. ونص الصحاح: الفلق من كل شيء: إذا انفلق، ومنه قوله تعالى: )فكان كل فرق كالطود العظيم( يريد الفرق من الماء. وقال ابن الأعرابي: الفرق: الجبل. وأيض الهضبة. وأيضا: الموجة. ويقال: فرق الرجل كفرح: إذا دخل فيها وغاص. وفرق: شرب بالفرق محركة وهو المكيال. وسياق الصاغاني يقتضي أنه كنصر. قال: وفرق كنصر: ذرق. وأفرقه إفراقا أذرقه. وذات فرقين، أو ذات فرق، ويفتحان: هضبة ببلاد تميم، بين البصرة والكوفة، ومنه قول عبيد بن الأبرص:
فراكس فثعيلـبـات
فذات فرقين فالقليب
صفحة : 6543
والفرقة، بالكسر: السقاء الممتلئ الذي لا يستطاع أن يمخض حتى يفرق، أي:
يذرق. والفرقة: الطائفة من الناس كما في الصحاح ج: فرق بكسر ففتح: وجمع في
الشعر على أفارق بحذف الياء، قال:
ما فيهم نازع يروي أفارقـه بذي رشاء يواري دلوه لجف جج جمع الجمع أفراق كعنب وأعناب. وقيل: هو جمع فرقة ججج ثم جمع جمع الجمع أفاريق ومثله: فيقة وفيق، وأفواق وأفاويق. وفي حديث عثمان رضي الله عنه، قال لخيفان بن عرانة: كيف تركت أفاريق العرب في ذي اليمن ويجوز أن تكون من باب الأباطيل، أي: جمعا على غير واحده. والفريق، كأمير: أكثر منها وفي الصحاح: منهم، وفي المحكم منه ج: أفرقاء، وأفرقة، وفروق بالضم. قال شيخنا: كلام المصنف يدل على أنه يجمع. وفي نهر أبي حيان - أثناء البقرة - أنه اسم جمع لا واحد له، يطلق على القليل والكثير. وفي حواشي عبد الحكيم: أن الفريق يجيء بمعنى الطائفة، وبمعنى الرجل الواحد، انتهى. وفي اللسان: الفرقة، والفرق، والفريق: الطائفة من الشيء المتفرق. وقال ابن بري: الفريق من الناس وغيرهم: فرقة منه. والفريق: المفارق قال جرير:
أتجمع قولا بالعراق فريقه ومنه بأطلال الأراك فريق وقال الأصبهاني: الفريق: الجماعة المنفردة عن آخرين. قال الله عز وجل: )وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب( )ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون( )فريق في الجنة وفريق في السعير( )إنه كان فريق من عبادي يقولون( )فأي الفريقين أحق بالأمن(، )وتخرجون فريقا منكم من ديارهم(، )وإن فريقا منهم ليكتمون الحق(. والفرقان، بالضم: القرآن، لفرقه بين الحق والباطل، والحلال والحرام كالفرق بالضم كالخسر، والخسران. قال الراجز:
ومشركي كافر بالفرق وكل ما فرق به بين الحق والباطل فهو فرقان، ولهذا قال الله تعالى: )ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان(. والفرقان: النصر عن ابن دريد، وبه فسر يوم الفرقان. والفرقان: البرهان والحجة. والفرقان: الصبح، أو السحر عن أبي عمرو. ومنه قولهم: قد سطع الفرقان، وهذا أبيض من الفرقان. وقال صالح:
فيها منازلها ووكرا جوزل زجل الغناء يصيح بالفرقان وكان القدماء يشهدون الفرقان، أي: الصبيان ويقولون: هؤلاء يعيشون ويشهدون. والفرقان: التوراة ومنه قوله تعالى: )وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون(. قال الأزهري: يجوز أن يكون الفرقان الكتاب بعينه، وهو التوراة، إلا أنه أعيد ذكره باسم غير الأول، وعنى به أنه يفرق بين الحق والباطل. وذكره الله تعالى لموسى عليه السلام في غير هذا الموضع، فقال تعالى: )ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء( أراد التوراة، فسمى جل ثناؤه الكتاب المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فرقانا، وسمى الكتاب المنزل على موسى صلى الله عليه وسلم فرقانا. والمعنى أنه تعالى فرق بكل واحد منهما بين الحق والباطل. وقيل: الفرقان: انفلاق البحر قيل: ومنه قوله تعالى: )وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان( وقوله تعالى: )يوم الفرقان يوم التقى الجمعان( قيل: إنه أريد به يوم بدر فإنه أول يوم فرق فيه بين الحق والباطل. وقيل: الفرقان... نقله الأصبهاني. والفريقة ككنيسة: تمر يطبخ بحلبة للنفساء. وأنشد الجوهري لأبي كبير الهذلي:
ولقد وردت الماء، لون جمامه
لون الفريقة صفيت للمدنف
صفحة : 6544
أو حلبة تطبخ مع الحبوب. كالمحلب والبر وغيرهما، وهو طعام يعمل لها. وقال
ابن خالويه: الفريقة: حساء يعمل للعليل المدنف. وفرقها فرقا: أطعمها ذلك،
كأفرقها إفراقا. والفريقة: قطعة من الغنم شاة أو شاتان، أو ثلاث شياه تتفرق
عنها. وفي كتاب ليس: عن سائرها بشيء يسد بينها وبين الغنم بجبل أو رمل أو
غير ذلك فتذهب. وفي كتاب ليس: فتضل تحت الليل عن جماعتها، فتلك المتفرقة
فريقة، ولا تسمى فريقة حتى تضل، وأنشد الجوهري لكثير:
بذفرى ككاهل ذيخ الخليف أصاب فريقة ليل فعاثـا وفي الحديث: ما ذئبان عاديان أصابا فريقة غنم أضاعها ربها بأفسد فيها من حب المرء السرف لدينه. والفراق كسحاب وكتاب: الفرقة، وأكثر ما تكون بالأبدان. وقرئ قوله تعالى: )هذا فراق بيني وبينك( بالفتح. قرأ بها مسلم بن بشار. وقوله تعالى: )وظن أنه الفراق( أي: غلب على قلبه أنه حين مفارقة الدنيا بالموت. وإفريقية بالكسر، وإنما أهمله عن الضبط لشهرته: بلاد واسعة قبالة جزيرة الأندلس كذا في العباب. والصحيح أنه قبالة جزيرة صقلية ومنتهى آخرها الى قبالة جزيرة الأندلس. والجزيرتان في شماليها، فصقلية منحرفة الى الشرق، والأندلس منحرفة عنها الى جهة الغرب. وسميت بإفريقش بن أبرهة الرائش. وقيل: بإفريقش بن قيس بن صيفي بن سبأ. وقال القضاعي: سميت بفارق بن بيصر بن حام. وقيل: لأنها فرقت بين مصر والمغرب، وحده من طرابلس الغرب من جهة برقة الإسكندرية والى بجاية. وقيل: الى مليانة، فتكون مسافة طولها نحو شهرين ونصف. وقال أبو عبيد البكري الأندلسي: حد طولها من برقة شرقا الى طنجة الخضراء غربا، وعرضها من البحر الى الرمال التي فيها أول بلاد السودان، وهي مخففة الياء. وقد جمعها الأحوص على أفاريق، فقال:
أين ابن حرب ورهط لا أحسهـم
كانوا علينا حديثا من بني الحكـم
يجبون ما الصين تحويه مقانبـهـم الى
الأفاريق من فصح ومن عجم
صفحة : 6545
وقد نسب إليها جملة من العلماء والمحدثين، منهم أبو خالد عبد الرحمن بن
زياد بن أنعم الإفريقي قاضيها، وهو أول مولود ولد في الإسلام بإفريقية روى
عنه سفيان الثوري، وابن لهيعة، وقد ضعف. وسحنون بن سعيد الإفريقي: من أصحاب
مالك، وهو الذي قدم بمذهبه الى إفريقية، وتوفي سنة إحدى وأربعين ومائتين.
وأفرق المريض من مرضه والمحموم من حماه، أي: أقبل، نقله الجوهري عن
الأصمعي. وقال الأزهري: وكل عليل أفاق من علته فقد أفرق، أو المطعون إذا
برئ قيل: أفرق. نقله الليث، زاد ابن خالويه: بسرعة. قال في كتاب ليس: اعتل
أبو عمر الزاهد ليلة واحدة، ثم أفرق، فسألناه عن ذلك، فقال: عرف ضعفي فرفق
بي. أو لا يكون الإفراق إلا فيما لا يصيبك من الأمراض غير مرة واحدة
كالجدري والحصبة، وما أشبههما. وقال اللحياني: كل مفيق من مرضه مفرق، فعم
بذلك. قال أعرابي لآخر: ما أمار إفراق المورود? فقال: الرحضاء. يقول: ما
علامة برء المحموم? فقال: العرق. وأفرقت الناقة: رجع إليها بعض لبنها فهي
مفرق. وقال ابن الأعرابي: أفرق القوم إبلهم: إذا خلوها في المرعى والكلأ لم
ينتجوها ولم يلقحوها. وقال غيره: وناقة مفرق، كمحسن تمكث سنتين أو ثلاثا لا
تلقح. وقيل: هي التي فارقها ولدها. وقيل: فارقها بموت، نقله الجوهري.
والجمع: مفاريق. وفرقه تفريقا وتفرقة كما في الصحاح: بدده. وقال الأصبهاني:
التفريق: أصله التكثير. قال: ويقال ذلك في تشتيت الشمل والكلمة، نحو:
)يفرقون به بين المرء وزوجه( وقال عز وجل: )فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب
قولي(. وقوله عز وجل: )لا نفرق بين أحد منهم( وإنما جاز أن يجعل التفريق
منسوبا الى أحد من حيث إن لفظ أحد يفيد الجمع ويقال: الفرق بين الفرق
والتفريق، أن الفرق للإصلاح، والتفريق للإفساد. وقال ابن جني في كتاب
الشواذ في قوله تعالى: )الذين فرقوا دينهم( أي: فرقوه وعضوه أعضاء، فخالفوا
بين بعض وبعض. وقرئ بالتخفيف وهي قراءة النخعي وابن صالح مولى أبي هانئ،
وتروى أيضا عن الأعمش ويحيى، وتأويله أنهم مازوه عن غيره من سائر الأديان.
قال: وقد يحتمل أن يكون معناه معنى القراءة بالتثقيل؛ وذلك أن فعل بالتخفيف
قد يكون فيها معنى التثقيل. ووجه هذا أن الفعل عندنا موضوع على اغتراق جنسه
ألا ترى أن معنى قام زيد: كان منه القيام، وقعد: كان منه القعود. والقيام -
كما نعلم - والقعود جنسان، فالفعل إذن على اغتراق جنسه، يدل على ذلك عمله
عندنا في جميع أجزاء ذلك الجنس من مفرده ومثناه ومجموعه ونكرته ومعرفته،
وما كان في معناه، ثم ذكر كلاما طويلا وقال: وذه اواضح متناه في البيان.
وإذا كان كذلك علم منه وبه أن جميع الأفعال ماضيها وحاضرها ومتلقاها مجاز
لا حقيقة، ألا تراك تقول: قمت قومة، وقمت - علي ما مضى - دال على الجنس
فوضعك القومة الواحدة موضع جنس القيام، وهو فيما مضى، وفيما هو حاضر، وفيما
هو ملقى مستقبل من أذهب شيء في كونه مجازا، ثم قال بعد كلام: وهذا موضع
يسمعه الناس مني، ويتناقلونه دائما عني، فيكبرونه ويكثرون العجب به، فإذا
أوضحته لمن يسأل عنه استحى، وكان يستغفر الله لاستيحاشه كان مني. ويقال:
أخذ حقه منه بالتفاريق كما في الصحاح، أي: مرات متفرقة. وقول غنية
الأعرابية لابنها:
إنك خير من تفاريق العصا
صفحة : 6546
يضرب به المثل، وإنما قالت ذلك لأنه كان عارما، كثير الإساءة الى الناس مع
ضعف بدنه ودقة عظمه فواثب يوما فتى، فقطع الفتى أنفه، فأخذت أمه ديته أي:
دية أنفه فحسنت حالها بعد فقر مدقع، ثم واثب آخر فقطع أذنه، ثم واثب آخر
فقطع شفته، فأخذت ديتهما، فلما رأت حسن حالها وما صار عندها من إبل وغنم
ومتاع، حسن رأيها فيه، ومدحته وذكرته في أرجوزتها، فقالت:
أحلف بالمروة حقا والصفا
إنك خير من تفاريق العصا
وقيل لأعرابي: ما تفاريق العصا?، قال: العصا تقطع ساجورا والسواجير تكون للكلاب والأسرى من الناس، ثم تقطع عصا الساجور فتصير أوتادا، ويفرق الوتد، ثم تصير كل قطعة شظاظا: فإذا جعل لرأس الشظاظ، كالفلكة، صار عرانا للبخاتي ومهارا، وهو العود الذي يدخل في أنف البختي، ثم إذا فرق المهار يؤخذ منها توادي وهي الخشبة التي تصر بها الأخلاف، هذا إذا كانت عصا. فإذا كانت العصا قنى فكل شق منها قوس بندق، فإن فرقت الشقة صارت سهاما، ثم إذا فرقت السهام صارت حظاء، ثم صارت مغازل، ثم يشعب بها الشعاب أقداحه المصدوعة، وقصاعه المشقوقة، على أنه لا يجد لها أصلح منها وأليق به، يضرب فيمن نفعه أعم من نفع غيره. والتفريق: التخويف. ومنه قول أبي بكر رضي الله عنه: أبالله تفرقني?، أي: تخوفني. ومفرق النعم هو الظربان؛ لأنه إذا فسا بينها وهي مجتمعة تفرقت المال. ويقال: هو مفرق الجسم، كمحسن. وسياق الصاغاني يقتضي أنه كمعظم، أي: قليل اللحم، أو سمين، وهو ضد. وتفرق القوم تفرقا، وتفراقا بكسرتين. ونص اللحياني في النوادر تفريقا: ضد تجمع، كافترق، وانفرق، وكل من الثلاثة مطاوع فرقته تفريقا. ومنهم من يجعل التفرق للأبدان، والافتراق في الكلام. يقال: فرقت بين الكلامين، فافترقا. وفرقت بين الرجلين فتفرقا. وفي حديث الزكاة: لا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين متفرق وفي حديث آخر: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، واختلف فيه فقيل: بالأبدان، وبه قال الشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة ومالك وغيرهما: إذا تعاقدا صح البيع وإن لم يفترقا. وظاهر الحديث يشهد للقول الأول. ويقال: تفرقت بهم الطرق، أي: ذهب كل منهم الى مذهب. وقال متمم بن نويرة رضي الله عنه يرثي أخاه مالكا:
فلما تفرقنا كأني ومـالـكـا لطول اجتماع لم نبت ليلة معا وانفرق: انفصل، ومنه قوله تعالى: )فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم(. والمنفرق يكون موضعا، ويكون مصدرا. قال رؤبة يصف الحمر:
ترمي بأيديها ثنايا المنفرق أي: حيث ينفرق الطريق، ويروى: المنفهق. والتركيب يدل على تميز وتزيل بين شيئين، وقد شذ عن هذا التركيب الفرق للمكيال، والفريقة للنفساء، والفروقة للشحم، والفروق: موضع. ومما يستدرك عليه: الفرقة بالضم: مصدر الافتراق. وهو اسم يوضع موضع المصدر الحقيقي من الافتراق. وفارق الشيء مفارقة: باينه، والاسم: الفرقة. وتفارق القوم: فارق بعضهم بعضا. وفارق فلان امرأته، مفارقة، وفراقا: باينها. وهو أسرع من فريق الخيل لسابقها، فعيل بمعنى مفاعل؛ لأنه إذا سبقها فارقها. ونية فريق: مفرقة، قال:
أحقا أن جيرتنا استقلوا
فنيتنا ونيتهم فـريق?
صفحة : 6547
قال سيبويه: قال: فريق، كما يقال للجماعة: صديق. وفرق رأسه بالمشط تفريقا:
سرحه. وفي صفته صلى الله عليه وسلم: إن انفرقت عقيقته فرق، وإلا فلا يبلغ
شعره شحمة أذنه إذا هو وفره أراد أنه كان لا يفرق شعره إلا أن ينفرق هو،
وهكذا كان في أول الأمر ثم فرق. ويقال للماشطة تمشط كذا وكذا فرقا، أي: كذا
وكذا ضربا. وفرق له عن الشيء: بينه له، عن ابن جني. وجمع الفرق من اللحية،
محركة: أفراق. قال الراجز:
ينفض عثنونا كثير الأفراق
تنتح ذفراه بمثل الدرياق
والأفرق: البعيد ما بين الأليتين. وتيس أفرق: بعيد ما بين قرنيه، وهذه عن ابن خالويه. والمفروقان من الأسباب: هما اللذان يقوم كل واحد منهما بنفسه، أي: يكون حرف متحرك وحرف ساكن، ويتلوه حرف متحرك نحو مستف من مستفعلن، وعيلن من مفاعيلن. وانفرق الفجر: انفلق. والفراق، كرمان: جمع فارق، للناقة تشتد، ثم تلقي ولدها من شدة ما يمر بها من الوجع. قال الأعشى:
أخرجته قهباء مسبلة الود ق رجوس قدامها فراق وأفرق فلان غنمه: أضلها وأضاعها. وقال ابن خالويه: أفرق زيد: ضاعت قطعة من غنمه. وحكى اللحياني: فرقت الصبي: إذا رعته وأفزعته، قال ابن سيده: وأراها فرقت بتشديد الراء؛ لأن مثل هذا يأتي على فعلت كثيرا، كقولك فزعت، وروعت، وخوفت. وفارقني، ففرقته أفرقه: كنت أشد فرقا منه، هذه عن اللحياني، حكاه عن الكسائي. وأفرق الرجل، والطائر، والسبع، والثعلب: سلح، أنشد اللحياني:
ألا تلك الثعالب قد توالـت
علي وحالفت عرجا ضباعا
لتأكلني فمر لهن لحـمـي فأفرق
من حذاري أو أتاعا
قال: ويروى فأذرق. والمفرق، كمحسن: الغاوي، على التشبيه بذلك، أو لأنه فارق الرشد، والأول أصح. قال رؤبة:
حتى انتهى شيطان كل مفرق ويفجمع الفرق للمكيال على أفرق، كجبل وأجبل. ومنه الحديث: في كل عشرة أفرق عسل فرق. والفرق، بالضم: إناء يكتال به. والفرقان: قدحان مفترقان. وفرقان من طير صواف، أي: قطعتان. وفارقت فلانا من حسابي على كذا وكذا: إذا قطعت الأمر بينك وبينه على أمر وقع عليه اتفاقكما. وكذلك صادرته على كذا وكذا. وفرس فروق: أفرق، عن الصاغاني. والفريق: النخلة يكون فيها أخرى، عن أبي حنيفة وأبي عمرو. ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم في الكتب السالفة فارق ليطا، أي يفرق بين الحق والباطل. ونقل الشهاب أحمد بن إدريس القرافي في كتاب له في الرد على اليهود والنصارى ما نصه في إنجيل يوحنا: قال يسوع المسيح عليه السلام في الفصل الخامس عشر: إن الفارقليط روح الحق الذي يرسله أي: هو الذي يعلمكم كل شيء، والفارقليط عندهم الحماد، وقيل: الحامد. وجمهورهم أنه المخلص صلى الله عليه وسلم. وأفرق الرجل: صارت غنمه فريقة، نقله ابن خالويه. وجمل أفرق: ذو سنامين. ونوق مفاريق، أي: فوارق. وطريق أفرق: بين. وضم تفاريق متاعه، أي: ما تفرق. ويقال: سبيل أفرق، كأنه الفرق. وبانت في قذاله فروق من الشيب، أي: أوضاح منه. والفاروق: لقب جبلة بن أساف بن كلب، كذا في الأنساب لأبي عبيد. وميافارقين: سيأتي في م ي ي.
ف ر ق ق
الفرانق، كعلابط أورده الجوهري في التي قبلها على أن النون زائدة، وخالفه
الجمهور، فأفردوه في ترجمة مستقلة، فقال قوم: هو الأسد، وقيل: هو البريد
الذي ينذر قدامه فارسي معرب: بروانك كما في العباب، وهذا نصه، وأنشد لامرئ
القيس:
صفحة : 6548
وإني أذين إن رجعت مملكـا بسير
ترى منه الفرانق أزورا وقيل: الفرانق: الذي يدل صاحب البريد على الطريق،
وربما سموا دليل الجيش فرانقا. ونقل شيخنا عن ابن الجواليقي أن قولهم:
فرانك غلط. قلت: ونص ابن الجواليقي في المعرب، قال ابن دريد رحمه الله
تعالى: فرانق البريد: فروانه، وهو فارسي معرب، وهو سبع يصيح بين يدي الأسد،
كأنه ينذر الناس به. ويقال: إنه شبيه بابن آوى، يقال له: فرانق الأسد. قال
أبو حاتم: يقال: إنه الوعوع، ومنه فرانق البريد. وقال ابن عباد: الفرنق،
كقنفذ: الرديء. يقال: إن عريفنا فرنق. قال: وتفرنق البعير، أي: فسد. وإنه
لمتفرنق، وكذا شاة قد تفرنقت، أي: فسدت. وتفرنقت أذنه أي: شخصت كل ذلك في
المحيط. ومما يستدرك عليه:
ف ز ر ق
الفزرقة، بتقديم الزاي: السرعة، كالزرفقة، نقله صاحب اللسان، وأهمله
الجماعة.
ف س ت ق
الفستق أهمله الجوهري، وهو كقنفذ على المشهور. ومثل جندب، م. وهكذا رواه
الدينوري في قول أبي نخيلة الآتي ذكره. وقال: الرواية هكذا بفتح التاء، قال
الصاغاني: وهو أوفق؛ لأنه معرب بسته بكسر الباء الفارسية وفتح التاء. وقال
الأزهري: الفستقة فارسية معربة: وهي ثمرة شجرة معروفة. قال أبو حنيفة: لم
يبلغني أنه ينبت بأرض العرب، وقد ذكره أبو نخيلة السعدي، فقال ووصف امرأة:
دستية لم تأكل المرقـقـا
ولم تذق من البقول الفستقا
سمع به فظنه من البقول. قلت: وتمحل بعضهم، فقال: إنما هو من النقول بالنون، قال الصاغاني: ولكن الرواية بالباء لا غير، وهو نافع للكبد وفم المعدة والمغص والنكهة. وفستقان، بالضم: ة بمرو. وفستقة: لقب محدث.
ف س ق
صفحة : 6549
الفسق، بالكسر: الترك لأمر الله عز وجل والعصيان والخروج عن طريق الحق
سبحانه، قاله الليث. أو هو الفجور، كالفسوق بالضم. وقيل: هو الميل الى
المعصية. قال الأصبهاني: الفسق أعم من الكفر، والفسق يقع بالقليل من الذنوب
وبالكثير، ولكن تعورف فيما كان بكثيره. وأكثر ما يقال الفاسق لمن التزم حكم
الشرع وأقر به ثم أخل بجميع أحكامه، أو ببعضها. وإذا قيل للكافر الأصل
فاسق، فلأنه أخل بحكم ما ألزمه العقل، واقتضته الفطرة. ومنه قوله تعالى:
)أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون( فقابل به الإيمان، فالفاسق أعم
من الكافر، والظالم أعم من الفاسق. فسق، كنصر، وضرب، وكرم، الثانية عن
الأخفش، نقله الجوهري، والثالثة عن اللحياني رواه عن الأحمر، ولم يعرف
الكسائي الضم فسقا وفسوقا مصدران للبابين الأولين، أي: فجر فجورا، كما في
الصحاح. وقوله تعالى: )وإنه لفسق( أي: خروج عن الحق. وقال أبو الهيثم: وقد
يكون الفسوق شركا، ويكون إثما. والفسق في قوله تعالى: )أو فسقا أهل لغير
الله به( روي عن مالك أنه الذبح. وقوله تعالى: )بئس الاسم الفسوق بعد
الإيمان( أي: بئس الاسم أن يقول له: يا يهودي ويا نصراني، بعد أن آمن،
ويحتمل أن يكون كل لقب يكرهه الإنسان، قاله الزجاج. وفسق: جار ومال عن طاعة
الله عز وجل، ومنه فسقت الركاب عن قصد السبيل أي جارت. وقوله تعالى: )ففسق
عن أمر ربه( أي: خرج، زاد الفراء عن طاعة ربه. وروى ثعلب عن الأخفش قال: أي
عن رده أمر ربه نحو قول العرب: اتخم عن الطعام، أي: عن أكله، فلما رد هذا
الأم رفسق. قال أبو العباس: ولا حاجة به الى هذا؛ لأن الفسوق معناه الخروج.
فسق عن أمر ربه، أي: خرج. وفسقت الرطبة عن قشرها أي: خرجت، كانفسقت وهذه عن
ابن دريد. قيل: ومنه اشتقاق الفاسق لانفساقه، أي: لانسلاخه عن الخير. ونص
الجمهرة: من الخير وقال أبو عبيدة: ففسق عن أمر ربه، أي: جار عن طاعته،
وأنشد:
يهوين في نجد وغورا غائرا
فواسقا عن قصدها جوائرا
ورجل فسق كصرد، وفسيق مثل سكيت: دائم الفسق، وأنشد الليث لسليمان:
عاشوا بذلك حينا في جوارهـم
لا يظهر الجور فيهم آمنا فسق
صفحة : 6550
ومن سجعات الأساس: كان يزيد فسيقا خميرا، ولم يكن للمؤمنين أميرا. وقال
الليث: الفويسقة: الفأرة، سميت لخروجها من جحرها على الناس. وفي الأساس:
لعيثها في البيوت: زاد غيره: وإفسادها. وهي تصغير فاسقة. ومنه الحديث:
اقتلوا الفويسقة، فإنها توهي السقاء، وتضرم البيت على أهله. وفي حديث عائشة
رضي الله عنها - وسئلت عن أكل الغراب - قالت: ومن يأكله بعد قوله: فاسق?.
قال الخطابي: أراد بتفسيقها تحريم أكلها، وفي الحديث: خمس فواسق يقتلن في
الحل والحرم. قال: أصل الفسق: الخروج عن الاستقامة، والجور، وبه سمي العاصي
فاسقا. وإنما سميت هذه الحيوانات فواسق على الاستعارة؛ لخبثهن، وقيل:
لخروجهن عن الحرمة في الحل والحرم، أي: لا حرمة لهن بحال. وتقول للمرأة: يا
فاسق، كقطام أي: يا فاسقة، وتقول للرجل: يا فسق، كزفر، ويا خبث كذلك أي: يا
أيها الفاسق ويا أيها الخبيث. قال الجوهري: وهو معرفة، يدل على ذلك أنهم
يقولون: يا فسق الخبيث، فينعتونه بالألف واللام. وليس في كلام جاهلي ولا
شعرهم فاسق، على أنه عربي. هذا كلام ابن الأعرابي، ونصه على ما نقله
الجوهري، والصاغاني: لم يسمع قط في كلام الجاهلية، ولا في شعرهم فاسق. قال.
وهذا عجب، وهو كلام عربي لم يأت في شعر جاهلي ونقل الأصبهاني عن ابن
الأعرابي: لم يسمع الفاسق في وصف الإنسان في كلام العرب. وإنما قالوا إذا
خرجت الرطبة من قشرها: فسقت الرطبة عن قشرها. ونقل شيخنا عن بعض فقهاء
اللغة أن الفسق من الألفاظ الإسلامية، لا يعرف إطلاقها على هذا المعنى قبل
الإسلام، وإن كان أصل معناها الخروج، فهي من الحقائق الشرعية التي صارت في
معناها حقيقة عرفية في الشرع، وقد بسطه الخفاجي في العناية. والتفسيق: ضد
التعديل. يقال: فسقه الحاكم، أي: حكم بفسقه، كما في العباب. ويقال: تعمم
فلان الفاسقية وهو ضرب من العمة نقله الزمخشري والصاغاني. ومما يستدرك
عليه: فسق في الدنيا فسقا: إذا اتسع فيها وهون على نفسه، واتسع بركوبه لها،
ولم يضيقها عليه، حكاه شمر عن قطرب. وفسق فلان ماله: إذا أهلكه وأنفقه.
وفسقه تفسيقا: نسبه الى الفسق. والفواسق من النساء: الفواجر. وقد يجمع فسق
على فسوق، كجذع وجذوع. والفسقية، بالفتح: المتوضأ والجمع: الفساقي، مولدة.