الباب الحادي والعشرون: باب القاف - الفصل التاسع والعشرون: فصل الياء مع القاف

فصل الياء مع القاف

ي ر ق
اليرقان بالتحريك ويسكن كلتا اللغتين عن ابن الأعرابي، واقتصر الجوهري على التحريك، وهي لغة في الأرقان: آفة للزرع تصيبه فيصفر منها، وقيل: هو دود يكون في الزرع، ثم ينسلخ فيصير فراشا. قلت: ويعرف في مصر بالمن. واليرقان أيضا: مرض معروف يعتري الإنسان. وقد ذكر في أرق. ويقال: رزق كذا في النسخ وصوابه زرع مأروق وميروق، وقد يرق وأرق، وكذلك رجل مأروق وميروق. واليارق، كهاجر: ضرب من الأسورة، وقال الجوهري: هو الدستبند العريض فارسي معرب، قال شبرمة بن الطفيل:

لعمري لظبي عند باب ابن محرز     أغن عليه اليارقـان مـشـوف
أحب إليكم من بيوت عمـادهـا      سيوف وأرماح لهـن حـفـيف

ومما يستدرك عليه:

صفحة : 6632

يريق، كجعفر هو ابن سليمان محدث توفي سنة ثلاثة وستين وخمسمائة، قال الحافظ: هكذا ضبطه ابن نقطة.

ي ر م ق
اليرمق، جاء ذكره في حديث خالد بن صفوان: الدرهم يطعم الدرمق، ويكسو اليرمق هكذا جاء في رواية، وفسر اليرمق بأنه القباء بالفارسية، المعروف في القباء أنه اليلمق باللام، وأنه معرب. وأما اليرمق فإنه الدرهم بالتركية، ويروى بالنون أيضا. قلت: وهذه الرواية أقرب إلى الصواب، فإن النرمق معناه اللين، وقد تقدم ذلك.

ي س ق
الأياسق: القلائد، وقال ابن سيده والأزهري: لم نسمع لها بواحد، وأنشد الليث:

وقصرن في حلق الأياسق عندهم     فجعلن رجع نباحهـن هـريرا أورده الصاغاني وصاحب اللسان، والعجب من المصنف كيف أغفله.

ومما يستدرك عليه:

صفحة : 6633

يساق، كسحاب، وربما قيل يسق بحذف الألف، والأصل فيه يساغ بالغين المعجمة، وربما خفف فحذف، وربما قلب قافا، وهي كلمة تركية يعبر بها عن وضع قانون المعاملة، كذا ذكره غير واحد. وقرأت في كتاب الخطط للمقريزي أن جنكزخان القائم بدولة التتر في بلاد المشرق لما غلب على الملك قرر قواعد وعقوبات أثبتها بكتاب سماه ياسا وهو الذي يسمى يسق. ولما تم وضعه كتب ذلك نقشا في صفائح الفولاذ، وجعله شريعة لقومه، فالتزموه بعده، قال: وأخبرني العبد الصالح أبو الهاشم أحمد بن البرهان أنه رأى نسخة من الياسا بخزانة المدرسة المستنصرية ببغداد قال: ومن جملة شرعه في الياسا أن من زنى قتل، ولم يفرق بين المحصن وغير المحصن، ومن لاط قتل، ومن تعمد الكذب، أو سحر أحدا، أو دخل بين اثنين وهما يتخاصمان وأعان أحدهما على الآخر قتل، ومن بال في الماء أو الرماد قتل، ومن أعطى بضاعة فخسر فيها فإنه يقتل بعد الثالثة، ومن أطعم أسير قوم أو كساه بغير إذنهم قتل، ومن وجد عبدا هاربا، أو أسيرا قد هرب ولم يرده على من كان بيده قتل، وأن الحيوان تكتف قوائمه ويشق بطنه ويمرس قلبه إلى أن يموت ثم يؤكل لحمه، وأن من ذبح حيوانا كذبيحة المسلمين ذبح، وشرط تعظيم جميع الملل من غير تعصب لملة على أخرى، وألزم ألا يأكل أحد من أحد حتى يأكل المناول منه أولا، ولو أنه أمير ومن تناوله أسير، وألا يتخصص أحد بأكل شيء وغيره يراه، بل يشركه معه في أكله، ولا يتميز أحد منهم بالشبع على صاحبه، ولا يتخطى أحد نارا ولا مائدة ولا الطبق الذي يؤكل عليه، وإن مر بقوم وهم يأكلون فله أن ينزل ويأكل معهم من غير إذنهم، وليس لأحد منعه، وألا يدخل أحد منهم يده في الماء حتى يتناول بشيء يغترفه به، ومنعهم من غسل ثيابهم، بل يلبسونها حتى تبلى، ومنع أن يقال لشيء إنه نجس، وقال: جميع الأشياء طاهرة، ومنعهم من تفخيم الألفاظ، ووضع الألقاب، وإنما يخاطب السلطان ومن دونه باسمه فقط، وأمر القائم معه بعرض العساكر إذا أراد الخروج للقتال، وينظر حتى الإبرة والخيط، فمن وجده قد قصر في شيء مما يحتاج إليه عند عرضه إياه عاقبه، وألزمهم على رأس كل سنة بعرض بناتهم الأبكار على السلطان ليختار منهن لنفسه ولأولاده، وشرع أن أكبر الأمراء إذا أذنب، وبعث إليه الملك بأحسن من عنده حتى يعاقبه يرمي نفسه إلى الأرض بين يدي المرسول له، وهو ذليل خاضع حتى يمضي فيه ما أمر به الملك من العقوبة، ولو بذهاب نفسه، وأمرهم ألا يتردد الأمراء لغير الملك، فمن تردد لغيره قتل، ومن تغير عن موضعه الذي رسم له من غير إذن قتل، وألزم بإقامة البريد حتى يعرف خبر المملكة. هذا آخر ما اختصرته من قبائحه ومخزياته قبحه الله تعالى، وكان لا يتدين بشيء من أديان أهل الأرض. وفيه أنه جعل حكم الياسا لولده جفتاي خان، فلما مات التزمه من بعده أولاده، وتمسكوا به. قلت: وجفتاي هذا هو جد ملوك الهند الآن.

ي ط ق
يطق، وهو لفظ معرب، استعملوه بمعنى طائفة من الجند تحمى خيمة الملك ليلا في السفر، نقله شيخنا، وأنشد لابن مطروح:

ملك الملاح ترى العيو      ن عليه دائرة يطـق

صفحة : 6634

ومخيم بين الضـلـو     ع وفي الفؤاد له سبق هكذا فسره ابن خلكان. قلت: وأصله أيضا ياطاغ بالغين، وهي لفظة تركية، قال شيخنا: والمصنف إنما يرد عليه مثل هذه الألفاظ، لأنه لا يتقيد بلغة العرب ولا بالفصيح ولا بالعربي ولا بالاصطلاحيات، ومع ذلك يدعى الإحاطة، فاعرف ذلك.

ي ق ق
اليقق، محركة: جمار النخل، القطعة بهاء عن أبي عمرو. والقطن. وأبيض يقق، محركة نقله الجوهري عن الكسائي. ويقق أيضا ككتف نقله ابن السكيت، بين اليقوقة: أي شديد البياض ناصعه. ويقال في الجمع بيض يقايق وهو جمع اليقق صفة على غير قياس، قال ذو الرمة يصف الظعن:

طوالع من صلب القرينة بعدما     جرى الآل أشباه الملاء اليقايق ويق ييق، كمل يمل، يقوقة بالضم أي ابيض نقله الصاغاني.

ي ل ق
اليلق، محركة: الأبيض من كل شيء نقله الجوهري، وأنشد:

وأترك القرن في الغبار وفي     حضنيه زرقاء متنها يلـق وقال عمرو بن الأهتم:

في ربرب يلق جم مدافعها     كأنهن بجنبى حربة البرد ومنهم من خص فقال: اليلق: البيض من البقر. واليلقة بهاء: العنز البيضاء كما في العباب والصحاح، والذي في اللسان أن العنز البيضاء هي اليلقق كجعفر، فانظر ذلك. ويقال: أبيض يلق ولهق ويقق بمعنى واحد.

ي ل م ق
اليلمق: القباء، فارسي فارسي يلمه نقله الجوهري، وأنشد لذي الرمة يصف الثور الوحشي:

تجلو البوارق عن مجرنثم لهق    كأنه متقبى يلـمـق عـزب يلامق. قوله: وتقدم في ل م ق هذه إحالة باطلة، فإنه لم يذكر هناك شيئا من هذا، وإنما اغتر بعبارة العباب، فإنه فيه: اليلمق يفعل، وقد ذكرناه في تركيب ل م ق فتنبه لذلك، وقد نبه عليه شيخنا أيضا، ثم إن ذكر الصاغاني إياه في ل م ق محل تأمل، فإن اللفظ معرب، والياء من أصل الكلمة فكيف يزنه بيفعل? فتأمل ذلك، وقال عمارة في الجمع:

كأنما يمشين في اليلامق

ي ن ق
يناق، كسحاب أهمله الجوهري وصاحب اللسان، وقال الصاغاني: هو بطريق قتل وأتي برأسه إلى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه. ويناق كشداد ويخفف أيضا كما نقله الصاغاني: جد الحسن بن مسلم بن يناق المكي، وفد يوم حجة الوداع، قاله الذهبي وابن فهد في معجميهما، وأما الحسن بن مسلم حفيده فإنه من أتباع التابعين، وقال ابن حبان: ثقة يروى عن مجاهد وطاووس، وروى عنه ابن أبي نجيح. وابن جريج، يقال: إنه مات قبل طاووس، وقد سمع شعبة من مسلم بن يناق، ولم يسمع من ابنه الحسن، لأن الحسن مات قبل أبيه، وقال في ترجمة مسلم: هو ابن يناق والد الحسن، من أهل مكة، يروى عن ابن عمر، وعنه شعبة بن الحجاج. وهنا قد نجز حرف القاف، ونسأل الله مولانا حسن الإلطاف، وجميل الإسعاف، إنه بكل فضل جدير، وعلى كل شيء قدير، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد البشير النذير، وعلى آله وصحبه والمتبعين لهم بإحسان ما ناح الحمام بالهدير.