الباب الثاني والعشرون: باب الكاف - الفصل الخامس والعشرون: فصل الهاء مع الكاف

فصل الهاء مع الكاف

ه ب ك
الهبكة، كهمزة أهمله الجوهري، وصاحب اللسان، وقال الصاغاني: هو الأحمق.

والهبكة أيضا: الأرض التي تسوخ فيها القوائم.

قال: وهبكات كلب: مياه لهم.

قال: وانهبكت به الأرض، أي: ساخت به، كل ذلك في العباب والتكملة.

ه ب ر ك
الهبركة أهمله الجوهري، وقال الليث: هي الجارية الناعمة وأنشد:

جارية شبت شبابا هبركا
لم يعد ثديا نحرها أن فلكا

وشباب هبرك أي: تام، وشاب هبرك كجعفر، وعلابط كذلك، وقد وجد هذا الحرف في بعض نسخ الصحاح.


ه ب ن ك
الهبنك، كعملس أهمله الجوهري، وقال ابن دريد: هو الأحمق الضعيف وقال غيره: هو الكثير الحمق، وقال آخر: هو الأحمق، فلم يقيده بقلة ولا بكثرة.

والهبنك: الماشي بالنميمة، وضبطه الصاغاني كجعفر مؤنثهما بهاء الأولى عن الليث.

وقال الفراء: الهبنكة: الكسلان وهذه بالتشديد، كما في العباب والتكملة.

ه ت ك

صفحة : 6813

هتك الستر وغيره كالثوب يهتكه هتكا فانهتك وتهتك: جذبه فقطعه من موضعه، أو شق منه جزءا فبدا ما وراءه قاله الليث وابن سيده، وقيل: هتكه: خرقه عما وراءه، نقله الجوهري، وقيل: شقه طولا، نقله الزمخشري، وكل ما انشق كذلك فقد انهتك وتهتك.

ومن المجاز: رجل منهتك ومتهتك ومستهتك: لا يبالي أن يهتك ستره عن عورته، الأخيرة عن الليث.

والهتكة، بالضم: الاسم منه.

وقال الليث: الهتكة: ساعة من الليل وقال ابن الأعرابي فيها مثل ذلك، وهو مجاز، زاد غيرهما: للقوم إذا ساروا.

يقال: سرنا هتكة من الليل كأنه جعل الليل حجابا، فلما مضى منه طائفة فقد هتك به طائفة منه.

ومن المجاز: هاتكناها، أي: سرنا في دجاها والمعنى: أنا شققنا الظلام، قال رؤبة:

هاتكته حتى انجلت أكراؤه
وانحسرت عن معرفي نكراؤه
ولم تكأد رحلتي كأداؤه
هول ولا ليل دجت أدجاؤه
وإن تغشت بلدا أغشاؤه
ألحقته حتى انجلت ظلماؤه
عني وعن ملموسة أحناؤه.

يصف الليل والبعير.

أو الهتك، بالضم: نصف الليل وقال أبو عمرو: وسط الليل.

والهتك كعنب: قطع الغرس يتمزق عن الولد، الواحدة هتكة بالكسر.

ومما يستدرك عليه: الهتيكة: الفضيحة.

وتهتك: افتضح.

وهتك الله ستر الفاجر، ورجل مهتوك الستر: متهتكه.

وهتك الأستار، شدد للكثرة، نقله الجوهري، ومنه قولهم: صبحوهم فهتكوا أستارهم.

وهتك عرشه، كثل: إذا ذهب عزه، وهو مجاز.

وثوب هتك، كعنب: متمزق، قال مزاحم:

جلا هتكا كالريط عنه فبينت     مشابهه حدب العظام كواسيا وتهتك في البطالة: أعمل نفسه فيها، وهو مجاز.

ه ت ر ك
الهترك، كجعفر أهمله الجوهري، وصاحب اللسان، وقال الصاغاني: هو الأسد قال الكميت:

صارت هناك لبصرييك دولتهم     بعد الذي كان فيها الهترك البيد البيد: الذي يبيد كل شي، ويروى الهترك اللبد: أي اللابد مكانه.

ومما يستدرك عليه: الهترك: الزمان الصعب الشديد.

وأيضا العجب، والكاف زائدة.

ه د ك
هدك يهدك هدكا: هدم عن ابن عباد.

قال: وتهدك عليه بالكلام: أي تهدم عليه.

قال: والهودك من الغلمان كجوهر: السمين التار.

والهنادكة هنا ذكرها الجوهري، والصحيح أن النون أصلية وتأتي فيما بعد.

ومما يستدرك عليه: التهدك: التحمق، عن ابن عباد.

ه ف ك
الهيفك، كصيقل أهمله الجوهري وقال الأزهري: هي الحمقاء من النساء، قال العجير السلولي يصف مزادتين:

زمتهما هيفك حمقاء مصبـية     لا تتبع العين إشفاها إذا وغلا والمنهفك كذا في النسخ، والصواب المتهفك كما هو نص التكملة: المضطرب المسترخي في المشي وقد تهفك.

وأيضا الكثير الخطإ والاختلاط، كالمهفك كمعظم.

ومما يستدرك عليه: هفكه هفكا: ألقاه، ومنه الحديث: قل لأمتك فلتهفكه في القبور أي لتلقه فيها.

ه ك ك
هك هكا: فسا عن ابن عباد.

صفحة : 6814

وقال الأزهري: أهمل الليث هك، وهو مستعمل في حروف كثيرة، منها ما قال أبو عمرو في نوادره: هك الطائر هكا حذف بذرقه، وهك بسلحه، وسك به: إذا رمى به، قال: وهك، وسج، وتر: إذا حذف بسلحه.

وهك النعام: سلح.

وقال ابن دريد: هك الشيء يهكه هكا سحقه، فهو مهكوك وهكيك.

وحكى ابن الأعرابي: هكه بالسيف: إذا ضربه به، نقله الجوهري.

ويقال: هك النبيذ فلانا إذا بلغ منه مثل: تكه، نقله الجوهري.

وهك اللبن: استخرجه ونهكه، أنشد ابن الأعرابي:

إذا تركت شرب الرثيئة هاجر      وهك الخلايا لم ترق عيونها هاجر: قبيلة، يريد أنهم رعاة لا صنيعة لهم غير شرب هذا اللبن الذي يسمى الرثيئة، ولم ترق عيونها: لم تستحي.

وهك فلانا مثل نهكه.

وهك المرأة: جامعها شديدا، أو كثيرا قال:

يا ضبعا ألفت أباها قد رقد
فنفرت في رأسه تبغي الولد
فقام وسنان بعرد ذي عقـد
فهكها سخنا به حتـى بـرد

والهكوك كعزور: المكان الغليظ الصلب أو السهل، ضد قال العنبري:

إذا بركن مبركا هـكـوكـا
كأنما يطحن فيه الدرمـكـا
أوشكن أن يتركن ذاك المبركا

ويروى مبركا عكوكا وهو السهل أيضا، يريد أنهم على سفر ورحلة.

والهكوك: السمين نقله الأزهري.

والهكوك: الماجن، كالهكوك كصبور وهذه عن الفراء.

وانهك صلاها أي المرأة انهكاكا: انفرج في الولادة، ونقل الجوهري عن الأصمعي: انهك صلا المرأة: إذا انفرج عند الولادة.

والمنهكة: التي عسر ولادها.

وقال ابن عباد: الهك: الفاسد العقل هككة - محركة - وأهكاك.

وقال ابن الأعرابي: الهك: المطر الشديد.

والهك: مداركة الطعن بالرماح.

وفي الصحاح: الهك: تهور البئر.

وقال أبو عمرو: الهكيك كأمير: المخنث.

وأيضا ذرق الحبارى بالعجلة، كالهك.

قال ابن عباد: والمهكوك: من لا يملك استه قال: ومن يتمجن في كلامه.

وقال غيره: الهكهكة: كثرة الجماع أو شدته.

وقال ابن الأعرابي: الهكهاك: الكثير الشفتنة.

قال: وهك، بالضم، أي: أسقط.

وقال غيره: انهك البعير انهكاكا: لزق بالأرض عند بروكه.

وقال الأزهري: تهككت الأنثى: إذا أقربت فاسترخى صلواها وعظم ضرعها: ودنا نتاجها، شبهت بالشيء الذي يتزايل ويتفتح بعد انعقاده وارتتاقه.

وقال ابن شميل: تهككت الناقة وهو ترخى صلويها ودبرها، وهو أن ترى كأنها سقاء يمتخض.

ومما يستدرك عليه: الهكوك، كصبور: الضعيف الوغد عن ابن عباد.

قال: وامرأة هكوك: يهكها كل إنسان: أي يجهدها في الجماع، وكذلك الدابة في السير.

قال: وأحمق هاك: بالغ في الحمق.

وهك النجار الخرق: أوسعه.

وطريق مهكوك.

ورجل هكاك بالكلام: إذا تكلم بكلام يرى أنه صواب وهو خطأ.

وانهك: مطاوع هكه النبيذ، نقله الجوهري.

وانهكت البئر: تهورت.

وتهكك الرجل، أي: اضطرب، عن ابن عباد.

ه ل ك
هلك، كضرب ومنع وعلم وعلى الثاني قراءة الحسن وأبي حيوة وابن أبي إسحاق ويهلك الحرث والنسل بفتح الياء واللام، ورفع الثاء واللام كما في العباب، وفي كتاب الشواذ لابن

صفحة : 6815

جني رواه هارون عن الحسن وابن أبي إسحاق، قال ابن مجاهد: هو غلط قال أبو الفتح: لعمري إن ذلك ترك لما عليه أهل اللغة، ولكن قد جاء له نظير أعني قولنا: هلك يهلك فعل يفعل، وهو ما حكاه صاحب الكتاب من قولهم: أبى يأبى، وحكى غيره: قنط يقنط، وسلا يسلى، وجبا الماء يجباه، وركن يركن، وقلا يقلى وغسى الليل يغسى، وكان أبو بكر رحمه الله يذهب في هذا إلى أنها لغات تداخلت، وذلك أنه قد يقال: قنط وقنط وركن وركن، وسلا وسلي، فتداخلت مضارعاتها، وأيضا فإن في آخرها ألفا، وهي ألف سلا وقلا وغسى وأبى، فضارعت الهمزة نحو قرأ وهدأ.

وبعد: فإذا كان الحسن وابن أبي إسحاق إمامين في الثقة واللغة فلا وجه لمنع ما قرآ به، ولا سيما وله نظير في السماع، وقد يجوز أن يكون يهلك جاء على هلك بمنزلة عطب، غير أنه استغنى عن ماضيه بهلك انتهى. هلكا - بالضم - وهلاكا بالفتح وتهلوكا وهذه عن ابن بري، وهلوكا، بضمهما وهذه نقلها الجوهري مع الثانية، وقال شيخنا: لو قال بضمان وأسقط الضم الأول لكان أخصر وأوجز مع الجري على قاعدته المألوفة، فعدوله عنها لغير نكتة غير صواب. قلت: العذر في ذلك تخلل لفظ هلاك، وهو بالفتح. نعم، لو أخر لفظ هلاك بعد قوله بضمهما كان كما قاله شيخنا، فتأمل، ومهلكة كذا في النسخ والصواب مهلكا، كما هو نص الصحاح والعباب، وتهلكة، مثلثتي اللام واقتصر الجوهري على تثليث لام مهلك، وأما التهلكة بضم اللام، فنقل عن اليزيدي أنه من نوادر المصادر، وليست مما يجري على القياس، وأنشد ابن بري شاهدا على التهلوك قول أبي نخيلة لشبيب بن شبة:

شبيب عادى الله من يجفوكا
وسبب الله له تهـلـوكـا

وقرأ الخليل قوله تعالى: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة بكسر اللام، وقوله: مات تفسير لقوله هلك، ولم يقيده بشيء؛ لأنه الأكثر في استعمالهم، واختصاصه بميتة السوء عرف طارئ لا يعتد به، بدليل ما لا يحصى من الآي، والأحاديث، قال شيخنا: ولطرو هذا العرف قال الشهاب في شرح الشفاء: إنه يمنع إطلاقه في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولا يعتد بأصل اللغة القديمة كما لا يخفي عمن له مساس بالقواعد الشرعية، والله أعلم.

وأهلكه غيره واستهلكه، وهلكه تهليكا، وأنشد ثعلب:

قالت سليمى هلكوا يسارا وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم يروى برفع الكاف وفتحها، فمن رفع الكاف أراد أن الغالين الذين يؤيسون الناس من رحمة الله تعالى يقولون هلك الناس، أي: استوجبوا النار والخلود فيها لسوء أعمالهم، فإذا قال الرجل ذلك فهو أهلكهم، وقيل: هو أنساهم لله تعالى، ومن روى بفتح الكاف أراد فهو الذي يوجب لهم ذلك لا الله تعالى.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ما خالطت الصدقة مالا إلا أهلكته حض على تعجيل الزكاة من قبل أن تختلط بالمال فتذهب به، ويقال: أراد تحذير العمال اختزال شيء منها وخلطهم إياه بأموالهم، وفي التنزيل: وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا .

وهلكه يهلكه هلكا بمعنى أهلكه لازم متعد قال أبو عبيدة: أخبرني رؤبة أنه يقال: هلكتني بمعنى أهلكتني قال: وليست بلغتي، قال أبو عبيدة: وهي لغة تميم، وأنشد الجوهري للعجاج:

ومهمه هالك من تعرجا

صفحة : 6816

هائلة أهواله من أدلجا أي مهلك، كما يقال: ليل غاض أي مغض، ويقال: هالك المتعرجين، أي من تعرج فيه هلك.

ورجل هالك من قوم هلكى قال الخليل: إنما قالوا هلكى وزمنى ومرضى؛ لأنها أشياء ضربوا بها، وأدخلوا فيها. وهم لها كارهون ويجمع أيضا على هلك وهلاك كسكر ورمان، قال جميل:

أبيت مع الهلاك ضيفا لأهلـهـا     وأهلي قريب موسعون ذوو فضل وقال أبو طالب:

يطيف به الهلاك من آل هاشم    فهم عنده في نعمة وفواضل وهوالك أيضا، ومنه المثل: فلان هالك من الهوالك، وأنشد أبو عمرو لابن جذل الطعان:

تجاوزت هندا رغبة عن قتالـه    إلى مالك أعشو إلى ذكر مالك
فأيقنت أني ثائر ابـن مـكـدم    غداتئذ أو هالك في الهوالـك

قال: وهذا شاذ على ما فسر في فوارس، قال ابن بري: يجوز أن يريد هالك في الأمم الهوالك، فيكون جمع هالكة على القياس، وإنما جاز فوارس لأنه مخصوص بالرجال، فلا لبس فيه، قال: وصواب إنشاد البيت:

فأيقنت أني عند ذلك ثائر والهلكة محركة، والهلكاء بالفتح: الهلاك، ومنه قولهم: هي هلكة هلكاء وهو توكيد لها، كما يقال: همج هامج.

وقال أبو عبيد: يقال: وقع فلان في الهلكة الهلكى، والسوأة السوأى.

وقولهم: لأذهبن فإما هلك وإما ملك، بفتحهما وبضمهما ومر في م ل ك أنه يثلث أي: إما أن أهلك وإما أن أملك نقله ابن السكيت.

واستهلك المال: أنفقه وأنفده أنشد سيبويه:

تقول إذا استهلكت مالا للذة     فكيهة هشيئ بكفئين لائق قال سيبويه: يريد هل شيء فأدغم اللام في الشين، وليس ذلك بواجب كوجوب إدغام الشم والشراب، ولا جميعهم يدغم هل شيء.

وأهلكه: باعه وفي بعض أخبار هذيل: أن حبيبا الهذلي قال لمعقل بن خويلد: ارجع إلى قومك. قال: كيف أصنع بإبلي? قال: أهلكها، أي: بعها.

ومن المجاز: المهلكة، ويثلث: المفازة لأنها تهلك الأرواح فيها، قاله الزمخشري، وقال غيره: لأنها تحمل على الهلاك، وفي حديث التوبة: وتركها بمهلكة بفتح اللام وكسرها أيضا، والجمع المهالك.

والهلكون كحلزون، وتكسر الهاء أيضا، وهذه عن ابن بزرج: الأرض الجدبة وإن كان فيها ماء، و قال ابن بزرج يقال: هذه أرض هلكين أي جدبة، كذا ذكره ابن فارس وأرض هلكون: إذا لم تمطر منذ دهر هكذا في النسخ، ونص أبن بزرج: هذه أرض آرمة هلكون، وأرض هلكون: إذا لم يكن فيها شيء، ويقال: تركتها آرمة هلكين: إذا لم يصبها الغيث منذ دهر طويل، يقال: مررت بأرض هلكين بفتح الهاء واللام.

ومن المجاز: الهلك، محركة: السنون الجدبة لأنها تهلك عن ابن الأعرابي، وأنشد لأسود بن يعفر:

قالت له أم صمعا إذ تؤامـره     ألا ترى لذوي الأموال والهلك الواحدة بهاء، كالهلكات محركة أيضا.

والهلك: ما بين كل أرض إلى التي تحتها إلى الأرض السابعة.

والهلك: جيفة الشيء الهالك نقله الليث، وأنشد قول امرئ القيس الآتي قريبا.

صفحة : 6817

وقيل الهلك: ما بين أعلى الجبل وأسفله، ومنه استعير بمعنى هواء ما بين كل شيئين وكله من الهلاك، وقيل: هو المهواة بين الجبلين وقيل: مشرفة المهواة من جو السكاك، فأما قول الشاعر:

الموت تأتي لميقات خواطفه     وليس يعجزه هلك ولا لوح فإنه سكن للضررة، وهو مذهب كوفي، وقد حجر عليه سيبويه إلا في المكسور والمضموم، وقال ذو الرمة يصف امرأة جيداء:

ترى قرطها في واضح الليت مشرفا    على هلك في نفـنـف يتـطـوح والهلك أيضا: الشيء الذي يهوي ويسقط وأنشد الجوهري لامرئ القيس:

رأت هلكا بنجاف الغبيط     فكادت تجد لذاك الهجارا وأنشده غيره شاهدا على المهواة بين الجبلين، وقبله:

أرى ناقة القيس قد أصبحت    على الأين ذات هباب نوارا قوله: هباب، أي: نشاط، ونوارا، أي: نفارا، وتجد: تقطع الحبل نفورا من المهواة، ويروى: تجد الخقي الهجارا، والهجار: حبل يشد به رسغ البعير.

ومن مجاز المجاز الهلوك كصبور: المرأة الفاجرة الشبقة المتساقطة على الرجال مأخوذ من تهالكت في مشيها: إذا تكسرت، أو لأنها تتهالك أي تتمايل وتتثنى عند جماعها، ولا يوصف الرجل الزاني بذلك، فلا يقال: رجل هلوك.

وقال بعضهم: الهلوك: الحسنة التبعل لزوجها ومنه حديث مازن: إني مولع بالخمر والهلوك من النساء، كأنه ضد.

ومن المجاز: الهلوك: الرجل السريع الإنزال عند الجماع، فكأنه يرمي نفسه لذلك. عن ابن عباد.

وقولهم: افعل ذلك إما هلكت هلك - بالضمات - ممنوعة من الصرف، وعليه اقتصر الجوهري وقد تصرف لغة نقلها الفراء وقيل: إما هلكت هلكه بالإضافة، أي: على ما خيلت أي على كل حال وخيلت: أي أرت وشبهت.

وحكى الفراء عن الكسائي: إما هلكة هلك، جعله اسما وأضاف إليه ولم يجر هلك، وأراد هي هلكة هلك يا هذا، كما في العباب، ووقع في مسند الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه في حديث الدجال وذكر صفته فقال: أعور جعد أزهر هجان أقمر كأن رأسه أصلة أشبه الناس بعبد العزى بن قطن فإما هلك الهلك فإن ربكم ليس بأعور، هكذا روى بأل ورواه غيره ولكن الهلك كل الهلك أي لكن الهلاك كل الهلاك للدجال أن الناس يعلمون أن الله سبحانه منزه عن العور وعن جميع الآفات، فإذا ادعى الربوبية ولبس عليهم بأشياء ليست في البشر فإنه لا يقدر على إزالة العور الذي يسجل عليه بالبشر، ويروى فإما هلكت هلك كسكر، أي فإن هلك به ناس جاهلون فضلوا فاعلموا أن الله ليس بأعور، قال الصاغاني: ولو روي فإما هلكت هلك على قول العرب: افعل ذلك إما هلكت هلك لكان وجها قريبا، ومجراه مجرى قولهم: افعل ذلك على ما خيلت أي: على كل حال، وهلك: صفة مفردة نحو قولك: امرأة عطل، وناقة سرح، بمعنى هالكة، والهالكة نفسه، والمعنى: افعله فإن هلكت نفسك.

قلت: وهذا الذي وجهه فقد روي أيضا هكذا وفسره بما سبق ابن الأثير في النهاية وغيره، وقيل - في تفسير الحديث -: إن شبه عليكم بكل معنى وعلى كل حال فلا يشبهن عليكم أن ربكم ليئس بأعور.

والتهلكة بضم اللام: كل ما أي كل شيء تصير عاقبته إلى الهلاك وبه فسرت الآية أيضا.

صفحة : 6818

وقال الكسائي يقال: وقع فلان في وادي تهلك، بضم التاء والهاء وكسر اللام المشددة ممنوعا من الصرف، والذي في العباب والصحاح بضم التاء والهاء واللام مشددة، فلم يصرحا أن اللام مكسورة، أي: في الباطل والهلاك، مثل تخيب وتضلل كأنهم سموه بالفعل، وهو مجاز.

ومن المجاز: الاهتلاك والانهلاك رميك نفسك في تهلكة ومنه: القطاة تهتلك من خوف البازي أي ترمي بنفسها في المهالك، قال زهير:

يركضن عند الذنابي وهي جاهدة    يكاد يخطفها طورا وتهتـلـك وقال الليث: المهتلك: الهالك من لا هم له إلا أن يتضيفه الناس يظل نهاره فإذا جاء الليل أسرع إلى من يكفله خوف الهلاك لا يتمالك دونه، وأنشد لأبي خراش:

إلى بيته يأوي الغريب إذا شتا    ومهتلك بالي الدريسين عائل وقال ابن فارس: المهتلك: الذي يهتلك أبدا إلى من يكفله، وهو مجاز.
ومن المجاز الهلاك كرمان: الذين ينتابون الناس ابتغاء معروفهم لسوء حالهم، وقال الزمخشري: هم الصعاليك.

وقيل: هم المنتجعون الذين ضلوا الطريق وأنشد ثعلب لجميل:

أبيت مع الهلاك ضيفا لأهلـهـا     وأهلي قريب موسعون ذوو فضل كالمهتلكين أنشد ثعلب للمتنخل الهذلي:

لو أنه جاءني جوعان مهـتـلـك      من بؤس الناس عنه الخير محجوز والهالكي: الحداد، وقيل: الصيقل؛ لأن أول من عمل الحديد الهالك بن عمرو بن أسد بن خزيمة قاله ابن الكلبي، قال لبيد رضي الله تعالى عنه:

جنوح الهالكي على يديه      مكبا يجتلي نقب النصال أي صدأها، قال الجوهري: ولذلك يقال لبني أسد: القيون.

ومن المجاز: تهالك على الفراش أو المتاع: إذا تساقط عليه، وفي العباب سقط، قال ذو الرمة:

كأن على فيهـا إذا رد روحـهـا     إلى الرأس روح العاشق المتهالك وفي الحديث: فتهالكت عليه فسألته أي: سقطت عليه ورميت بنفسي فوقه.

ومن المجاز: تهالكت المرأة في مشيتها: إذا تمايلت وفي الأساس: تفيأت وتكسرت، ومنه الهلوك للفاجرة، وفي العباب: تفككت للرجال.

وقال ابن الأعرابي: الهالكة: النفس الشرهة، وقد هلك الرجل يهلك هلاكا: إذا شره، ومنه قوله أنشده الكسائي في نوادره:

جللته السيف إذ مالت كـوارتـه     تحت العجاج ولم أهلك إلى اللبن أي لم أشره وهو مجاز.

ويقال: فلان هلكة، بالكسر من الهلك، كعنب، أي: ساقطة من السواقط أي هالك.

والهيلكون كحيزبون: المنجل الذي لا أسنان له نقله الصاغاني، وكأنه إذا لم يكن له أسنان يهلك ما يحصد به، ولذلك سمي.

والهالوك: سم الفأر.

وأيضا: نوع من الطراثيث إذا طلع في الزرع يضعفه ويفسده، فيصفر لونه ويتساقط، هكذا يسمونه بمصر، ويتشاءمون به، وأكثر ضرره على الفول والعدس.

ومما يستدرك عليه: هلك يهلك هلكا بالفتح، عن أبي عبيد، وهلكة محركة، عن الصاغاني.

واستعمل أبو حنيفة الهلكة في جفوف النبات.

والهلاك: الفقراء والصعاليك، وبه فسر قول زياد بن منقذ:

ترى الأرامل والهلاك تتبعه     يستن منه عليهم وابل رذم ومفازة هالك، أي: مهلكة، من تعرض فيها هلك.

والهلك، بالضم: الاسم من الهلاك، نقله الجوهري.

صفحة : 6819

وقوله تعالى: وجعلنا لمهلكهم موعدا أي: لوقت هلاكهم أجلا، ومن قرأ لمهلكهم، فمعناه لإهلاكهم.

والمهالك: الخروب، وهو مجاز، ومنه حديث أم زرع: وهو إمام القوم في المهالك أرادت أنه لثقته بشجاعته يتقدم في الحروب ولا يتخلف، وقيل: إنه لعلمه بالطرق يتقدم القوم فيهديهم وهم على أثره.

والهلاك: الجهد المهلك، وهلاك مهتلك، على المبالغة، قال رؤبة:

من السنين والهلاك المهتلك وفي العباب: المنهلك.

وهالك أهل: الذي يهلك في أهله، قال الأعشى:

وهالك أهل يعودونـه     وآخر في قفرة لم يجن وفي العباب يجنونه بدل يعودونه.

ومر يهتلك في عدوه، ويتهالك: أي يجد، وهو مجاز، ومنه: القطاة تهتلك أي تجد في طيرانها، وفي حديث عرام: كنت أتهلك في مفازة أي أدور فيها شبه المتحير، وكذلك أهتلك، قال:

كأنها قطرة جاد السحاب بهـا    بين السماء وبين الأرض تهتلك واستهلك الرجل في كذا: إذا جهد نفسه، وافتلك معه، وقال الراعي:

لهن حديث فاتن يتـرك الـفـتـى    خفيف الحشا مستهلك الريح طامعا أي يجهد قلبه في أثرها.

ويقال: أنا متهالك في مودتك، ومستهلك، وتهالكت في هذا الأمر واستهلكت فيه: كنت مجدا فيه متعجلا.

وطريق مستهلك الورد، أي: يجهد من سلكه، قال الحطيئة يصف الطريق:

مستهلك الورد كالأستي قد جعلت     أيدي المطي به عادية ركـبـا الأستي والأسدي، يعني به السدى، شبه شرك الطريق بسدى الثوب، وفي العباب: عادية رغبا وقال: أي يهلك هذا الطريق من طلب الماء لبعده، أي هو طريق ممتد كسدى الثوب.

وتهالك على الشيء: اشتد حرصه عليه.

والهلكى: الشرهون من النساء والرجال، وهو هالك، وهي هالكة.

ويقال للمزاحم على الموائد: المتهالك، والملاهس، فإذا أكل بيد ومنع بيد فهو جردبان.

والهالكة من السحاب: الذي يصوب المطر ثم يقلع فلا يكون له مطر، عن شمر.

والهلك، محركة: الجرف، وبه فسر قول ذي الرمة السابق.

ه م ك
همكه في الأمر يهمكه همكا فانهمك وتهمك فيه: لججه فلج وجد وتمادى فيه، والانهماك: التمادي في الشيء واللجاج والتوغل فيه وزيادة التقيد في الاستكثار منه برغبة وحرص.

وقال أبو عبيدة: فرس مهموك المعدين، أي: مرسلهما قال أبو دواد الإيادي:

سلط السنـبـك لأم فـصـه     مكرب الأرساغ مهموك المعد وقال ابن السكيت: اهماك فلان اهميكاكا: إذا امتلأ غضبا وكذلك اهمأك واصمأك وازمأك فو مهمئك ومصمئك ومزمئك.

ه ن ب ك
قال الأزهري - في النوادر -: هنبكة من دهر، وسنبة من دهر بمعنى واحد، كذا في اللسان وأهمله الجماعة.

ه ن د ك
رجل هندكي، بكسر الهاء والدال كتبه بالحمرة مع أن الجوهري ذكره في تركيب ه د ك فالأولى كتبه بالسواد، ولكن إيراده هنا أصوب؛ لأن النون أصلية، أي: من أهل الهند، وليس من لفظه؛ لأن الكاف ليست من حروف الزيادة هكذا هو نص المحكم، وقول شيخنا: وكأنه قصد به الرد على الجوهري وهو لم يدع أن الكاف من حروف الزيادة إلى آخر ما قال، سهم غير صاحب وإيراد غير متجه، قال الأحوص:

صفحة : 6820

فالهندكي عدا عجلان في هدم وقال أبو طالب:

بني أمة مجنونة هـنـدكـية     بني جمح عبيد قيس بن عاقل هنادك، قال كثير عزة:

ومقربة دهم وكمت كأنـهـا    طماطم يوفون الوفار هنادك وقال الجوهري والصاغاني: الهنادكة: الهنود، والكاف زائدة، نسبوا إلى الهند على غير قياس، وقال الأزهري: سيوف هندكية، أي: هندية، والكاف زائدة، يقال: سيف هندكي، ورجل هندكي، فاقتصار المصنف على الرجل دون السيف قصور.

ه ن ك
قال الأزهري: قرأت في نسخة من كتاب الليث: الهنك: حب يطبخ أغبر أكدر، ويقال له: القفص، قال الأزهري: وما أراه عربيا. ذكره صاحب اللسان، وأهمله الجماعة.

ه و ك
الهوك، بالفتح، وكهجف: الأحمق وفيه بقية، كاليهكوك كيعفور والاسم الهوك محركة، وقد هوك كفرح هوكا.

والمتهوك: المتحير المتردد كالهواك، كشداد، أنشد ثعلب:

إذا ترك الكعبي والقول سادرا     تهوك حتى مـا يكـاد يريع وفي حديثه صلى الله عليه وسلم أنه قال له عمر رضي الله عنه: إنا نسمع أحاديث من يهود فتعجبنا أفترى أن نكتب بعضها? فقال: أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى، ولقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي قال ابن عون: قلت للحسن: ما متهوكون? قال: متحيرون، وزاد أبو عبيد: أنتم في الإسلام حتى تأخذوه من اليهود، قال ابن سيده: وقيل معناه أمترددون ساقطون.

والمتهوك: الساقط في هوة الردى.

وإنه لمتهوك لما هو فيه، أي: يركب الذنوب والخطايا.

والهوكة، بالضم: الحفرة لأنه يتهوك فيها، أي يسقط.

وهوك تهويكا: حفر الهوكة.

وقال الجوهري: التهوك مثل التهور، وهو الوقوع في الشيء بغير مبالاة ولا روية وأنشد الصاغاني:

رآني امرأ لا هدرة متهوكـا     ولا واهنا شراب ماء المظالم والهواكة، مشددة: السبخة لأنها تتهوك فيها الأرجل.

وأرض هوكة، كفرحة كذلك.

وانهاك الرجل: مثل تهوك: إذا سقط في الهوة.

ومما يستدرك عليه: الأهوك: الأحمق مثل الأهوج، نقله الصاغاني وصاحب اللسان.

ورجل هواك.

وهوكه غيره تهويكا: حمقه.

والتهوك: الاضطراب في القول وأن يكون على غير استقامة مثل التهفك، وبه فسر بعض الحديث.

والهوك، ككتف: الأحمق.

وهاك: تردى.

ه ي ك
هيك تهييكا أهمله الجوهري وصاحب اللسان، وقال الخارزنجي: أي: أسرع.

قال: وهيك أيضا: إذا حفر، لغة في هوك.

قلت: وقوله: أسرع كأنه يذهب به إلى التحييك بالحاء، وأن الهاء لغة فيه، فتأمل.