ذكر الوقت الذي فيه خلق آدم عليه السلام ذكر الوقت الذي فيه خلق آدم عليه السلام

من يوم الجمعة والوقت الذي أهبط إلى الأرض

اختلف في ذلك، فروي عن عبد الله بن سلام وغيره في ذلك ما حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا بن إدريس، قال: أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أسكن الجنة، وفيه أهبط، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة - يقللها - لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى فيها خيراً إلا آتاه الله إياه"، فقال عبد الله بن سلام: قد علمت أي ساعة هي، هي آخر ساعات النهار من يوم الجمعة، قال الله عز وجل: "خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون".

حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا المحاربي وعبدة بن سلمان وأسد بن عمرو، عن محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وذكر فيه كلام عبد الله بن سلام بنحوه.

حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله عز وجل: "خلق الإنسان من عجل"، قال: قول آدم حين خلق بعد كل شيء آخر النهار من يوم الجمعة، خلق الخلق، فلما أحيا الروح عينيه ولسانه ورأسه ولم يبلغ أسفله، قال: يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس.

حدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.

حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد: "خلق الإنسان من عجل"، قال: آدم حين خلق بعد كل شيء، ثم ذكره نحوه، غير أنه قال في حديثه: استعجل بخلقي، قد غربت الشمس.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: "خلق الإنسان من عجل، قال: على عجل خلق آدم آخر ذلك اليوم من ذينك اليومين - يريد يوم الجمعة وخلقه على عجلة وجعله عجولاً.

وقد زعم بعضهم أن الله عز وجل أسكن آدم وزوجته الفردوس لساعتين مضتا من نهار يوم الجمعة، وقيل لثلاث ساعات مضين منه، وأهبطه إلى الأرض لسبع ساعات مضين من ذلك اليوم، فكان مقدار مكثهما في الجنة خمس ساعات منه. وقيل: كان ذلك ثلاث ساعات. وقال بعضهم: أخرج آدم عليه السلام من الجنة الساعة التاسعة أو العاشرة.

ذكر من قال ذلك:

قال أبو جعفر: قرأتُ على عبدان بن محمد المروزي، قال: حدثنا عمار بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أنس عن أبي العالية، قال: أخرج آدم من الجنة للساعة التاسعة أو العاشرة، فقال لي: نعم، لخمسة أيام مضين من نيسان.

فإن كان قائل هذا القول أراد الله أو تبارك وتعالى أسكن أدم وزوجته الفردوس لساعتين مضتا من نهار يوم الجمعة من أيام أهل الدنيا التي هي على ما هي به اليوم، فلم يبعد قوله من الصواب في ذلك، لأن الأخبار إذا كانت واردة عن السلف من أهل العلم، بأن آدم خلق في آخر ساعة من اليوم السادس من الأيام التي مقدار اليوم الواحد منها ألف سنة وسنيننا. فمعلوم أن الساعة الواحدة من ساعات اليوم الواحد منها ألف سنة من سنينا. فمعلوم أن الساعة الواحدة من ساعات ذلك اليوم ثلاثة وثمانون عاماً من أعوامنا، وقد ذكرنا أن آدم بعد أن خمر ربنا عز وجل طينته بقي قبل أن ينفخ فيه الروح أربعين عاماً، وذلك لا شك أنه عني به من أعوامنا وسنيننا، ثم من بعد أن نفخ فيه الروح إلى أن تناهى أمره، وأسكن الفردوس، وأهبط إلى الأرض - غير مستنكر أن يكون كان مقداره من سنيننا قدر خمس وثلاثين سنة. فإن كان أراد أنه أسكن الفردوس لساعتين مضتا من نهار يوم الجمعة من الأيام التي مقدار اليوم الواحد منها ألف سنة من سنيننا، فقد قال غير الحق، وذلك أن جميع من حفظ له قول من ذلك من أهل العلم، فإنه كان يقول إن آدم نفخ فيه الروح في آخر النهار من يوم الجمعة قبل غروب الشمس من ذلك اليوم. ثم الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متظاهرة بأن الله تبارك وتعالى أسكنه الجنة فيه، وفيه أهبطه إلى الأرض. فإن كان ذلك صحيحاً. فمعلوم أن آخر ساعة من نهار يوم من أيام الآخرة ومن الأيام التي اليوم الواحد منها مقداره ألف سنة من سنيننا، إنما هي ساعة بعد مضي إحدى عشرة ساعة. وذلك ساعة من اثنتى عشرة ساعة، وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر من سنيننا، فآدم صلوات الله عليه إذ كان الأمر كذلك، إنما خلق لمضي إحدى عشرة ساعة من نهار يوم الجمعة من الأيام التي اليوم الواحد منها ألف سنة من سنينا، فمكث جسداً ملقى لم ينفخ فيه الروح أربعين عاماً من أعوامنا. ثم نفخ فيه الروح. فكان مكثه في السماء بعد ذلك ومقامه في الجنة، إلى أن أصاب الخطيئة وأهبط إلى الأرض ثلاثاً وأربعين سنة من سنيننا وأربعة أشهر، وذلك ساعة من ساعات يوم من الأيام الستة التي خلق الله تعالى فيها الخلق.

وقد حدثني الحارث بن محمد، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: حدثنا هشام بن محمد، قال: أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: خرج آدم من الجنة بين الصلاتين: صلاة الظهر وصلاة العصر، فأنزل إلى الأرض وكان مكثه في الجنة نصف يوم يوم من أيام الآخرة، وهو خمسمائة سنة، من يوم كان مقداره اثنتى عشرة ساعة، واليوم ألف سنة مما يعد أهل الدنيا، وهذا أيضاً قول خلاف ما وردت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن السلف من علمائنا.