ذكر الأحداث الكائنة في سنة سبع من الهجرة

الجزء الثالث

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكر الأحداث الكائنة في سنة سبع من الهجرة

غزوة خيبر

ثم دخلت سنة سبع؛ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بقية المحرم إلى خبير وأستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري، فمضى حتى نزل بجيشه بواد يقال له الرجيع؛ فنزل بين أهل خيبر وبين غطفان - فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق - ليحول بينهم وبين أن يمدوا أهل خيبر؛ وكانوا لهم مظاهرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: فبلغني أن غطفان لما سمعت بمنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر، جمعوا له، ثم خرجوا ليظاهروا يهود عليه؛ حتى إذا ساروا منقلة سمعوا خلفهم في أموالهم وأهاليهم حساً؛ ظنوا أن القوم قد خالفوا إليهم، فرجعوا على أعقابهم؛ فأقاموا في أهاليهم وأموالهم؛ وخلوا بين رسول الله وبين خيبر، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأموال يأخذها مالاً مالا، ويفتتحها حصناً حصناً؛ فكان أول حصونهم أفتتح حصن ناعم؛ وعنده قتل محمود بن مسلمة؛ ألقيت عليه رحاً منه فقتلته؛ ثم القموص؛ حصن ابن أبي الحقيق. وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم سبايا؛ منهم صفية بنت حيى بن أخطب، وكانت عند كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق؛ وابنتي عم لها. فاصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه، وكان دحية الكلبي قد سأل رسول الله صفية؛ فلما اصطفاها لنفسه أعطاه ابنتي عمها؛ وفشت السبايا من خيبر في المسلمين .

قال: ثم جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتدنى الحصون والأموال.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر؛ أنه حدثه بعض أسلم؛ أن بني سهم من أسلم، أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله؛ والله لقد جهدنا وما بأيدينا شيء؛ فلم يجدوا عند رسول الله شيئاً يعطيهم إياه، فقال النبي: اللهم إنك قد عرفت حالهم، وأن ليست بهم قوة؛ وأن ليس بيدي شيء أعطيهم إياه؛ فافتح عليهم أعظم حصونها ؛ وأكثرها طعاماً وودكاً. فغدا الناس، ففتح الله عليهم حصن الصعب بن معاذ؛ وما بخيبر حصن كان أكثر طعاماً وودكاً منه.
قال: ولما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم ما أفتتح، وحاز من الأموال ما حاز، انتهوا إلى حصنهم الوطيح والسلالم- وكان آخر حصون خيبر أفتتح- حاصرهم رسول الله بضع عشرة ليلة .

فحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل أخي بني حارثة، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: خرج مرحب اليهودي من حصنهم؛ قد جمع سلاحه وهو يرتجز؛ ويقول:

قد علمت خيبر أني مرحـب           شاكي السلاح بطل مجـرب
أطعن أحياناً وحينـاً أضـرب              إذا الليوث أقبلت تـحـرب
كان حماي، للحمى لا يقرب

وهو يقول: هل من مبارز! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لهذا؟ فقام محمد بن مسلمة؛ فقال: أنا له يا رسول الله؛ أنا والله الموتور الثائر؛ قتلوا أخي بالأمس! قال: فقم إليه؛ اللهم أعنه عليه.

فلما أن دنا كل واحد منهما من صاحبه، دخلت بينهما شجرة عمرية من شجر العشر ؛ فجعل أحدهما يلوذ بها من صاحبه؛ فكلما لاذ بها أقتطع بسيفه منها ما دونه منها؛ حتى برز كل واحد منهما لصاحبه، وصارت بينهما كالرجل القائم، ما بينهما فنن؛ ثم حمل مرحب على محمد فضربه؛ فاتقاه بالدرقة فوقع سيفه فيها؛ فعضت به فأمسكته، وضربه محمد أبن مسلمة حتى قتله .

ثم خرج بعد مرحب أخوه ياسر، يرتجز ويقول:

قد علمت خيبـر أنـي ياسـر           شاكي السلاح بطل مـغـاور
إذا الليوث أقبـلـت تـبـادر              وأحجمت عن صولتي المغاور
إن حماي فيه موت حاضـر

وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد أبن إسحاق، عن هشام بن عروة؛ أن الزبير بن العوام خرج إلى ياسر، فقالت أمه صفية بنت عبد المطلب: أيقتل أبني يا رسول الله؟ قال: بل أبنك يقتله إن شاء الله. فخرج الزبير وهو يقول:

قد علمت خيبـر أنـي زبـار                 قرم لقوم غير نكـس فـرار
ابن حماة المجد وأبن الأخـيار           ياسر لا يغررك جمع الكفار
فجمعهم مثل السراب الجرار

ثم ألتقيا فقتله الزبير.

حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا عوف، عن ميمون أبي عبد الله، أن عبد الله بن بريدة حدث عن بريدة الأسلمي، قال: لما كان حين نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصن أهل خيبر، أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء عمر بن الخطاب، ونهض من نهض معه من الناس؛ فلقوا أهل خيبر؛ فانكشف عمر وأصحابه، فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ يجبنه أصحابه ويجبنهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأعطين اللواء غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله. فلما كان من الغد تطاول لها أبو بكر وعمر؛ فدعا علياً عليه السلام وهو أرمد، فتفل في عينيه، وأعطاه اللواء؛ ونهض معه من الناس من نهض. قال: فلقي أهل خيبر؛ فإذا مرحب يرتجز ويقول:

قد علمت خيبر أني مرحب           شاكي السلاح بطل مجرب
أطعن أحياناً وحيناً أضـرب             إذا الليوث أقبلت تلـهـب

فأختلف هو وعلى ضربتين، فضربه على على هامته؛ حتى عض السيف منها بأضراسه ؛ وسمع أهل العسكر صوت ضربته ؛ فما تتام آخر الناس مع على عليه السلام حتى فتح الله له ولهم.

حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا يونس بن بكير، قال: حدثنا المسيب بن مسلم الأودي، قال: حدثنا عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما أخذته الشقيقة ، فيلبث اليوم واليومين لا يخرج. فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس. وإن أبا بكر أخذ راية رسول الله؛ ثم نهض فقاتل قتالاً شديداً؛ ثم رجع فأخذها عمر فقاتل قتالاً شديداً هو أشد من القتال الأول؛ ثم رجع فأخبر بذلك رسول الله، فقال: أما والله لأعطينها غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يأخذها عنوة- قال: وليس ثم على عليه السلام- فتطاولت لها قريش، ورجا كل واحد منهم أن يكون صاحب ذلك؛ فأصبح فجاء علي عليه السلام على بعير له، حتى أناخ قريباً من خباء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أرمد، وقد عصب عينيه بشقة برد قطري؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالك؟ قال: رمدت بعد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أدن منى، فدنا فتفل في عينيه، فما وجعهما حتى مضى لسبيله. ثم أعطاه الراية؛ فنهض بها معه وعليه حلة أرجوان حمراء قد أخرج خملها . فأتى مدينة خيبر؛ وخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر معصفر يمان، وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه، وهو يرتجز ويقول:

قد علمت خيبر أني مرحب            شاكي السلاح بطل مجرب

فقال علي عليه السلام:

أنا الذي سمتني أمي حيدره            أكيلكم بالسيف كيل السندره
ليث بغابات شديد قسوره

فأختلفا ضربتين؛ فبدره علي فضربه، فقد الحجر والمفغر ورأسه؛ حتى وقع في الأضراس. وأخذ المدينة.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن الحسن؛ عن بعض أهله، عن أبي رافع مولي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: خرجنا مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته؛ فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله؛ فقاتلهم فضربه رجل من اليهود، فطرح ترسه من يده؛ فتناول علي رضي الله عنه باباً كان عند الحصن، فتترس به عن نفسه، فلم يزل في يده وهو يقاتل؛ حتى فتح الله عليه؛ ثم ألقاه من يده حين فرغ؛ فلقد رأيتني في نفر سبعة أنا ثامنهم، نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه .

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ولما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم القموص، حصن ابن أبي الحقيق، أتى رسول الله بصفية بنت حيي بن أخطب، وبأخرى معها؛ فمر بهما بلال- وهو الذي جاء بهما- على قتلي من قتلي يهود، فلما رأتهم التي مع صفية صاحت وصكت وجهها، وحثت التراب على رأسها، فلما رآها رسول الله قال: أغربوا عني هذه الشيطانة؛ وأمر بصفية فحيزت خلفه، وألقي عليها رداؤه، فعرف المسلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اصطفاها لنفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال- فيما بلغني- حين رأى من تلك اليهودية ما رأى: أنزعت منك الرحمة يا بلال؛ حيث تمر بامرأتين على قتلي رجالهما! وكانت صفية قد رأت في المنام وهي عروس بكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق؛ أن قمراً وقع في حجرها؛ فعرضت رؤياها على زوجها فقال: ما هذا إلا أنك تمنين ملك الحجاز محمداً، فلطم وجهها لطمة أخضرت عينها منها؛ فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبها أثر منها، فسألها: ما هو؟ فأخبرته هذا الخبر.

قال ابن إسحاق: وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق- وكان عنده كنز بني النضير- فسأله فجحد أن يكون يعلم مكانه؛ فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل من يهود؛ فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني قد رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة. فقال رسول الله لكنانة: أرأيت إن وجدناه عندك، أأقتلك؟ قال: نعم؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخربة فحفرت؛ فأخرج منها بعض كنزهم؛ ثم سأله ما بقي. فأبى أن يؤديه، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام، فقال: عذبه حتى تستأصل ما عنده؛ فكان الزبير يقدح بزنده في صدره حتى أشرف على نفسه؛ ثم دفعه رسول الله إلى محمد بن مسلمة، فضرب عنقه بأخيه محمود بن مسلمة. وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر في حصنيهم، الوطيح والسلالم؛ حتى إذا أيقنوا بالهلكة سألوه أن يسيرهم ويحقن لهم دماءهم؛ ففعل. وكان رسول الله قد حاز الأموال كلها: الشق ونطاة والكتبية؛ وجميع حصونهم إلا ما كان من ذينك الحصنين. فلما سمع بهم أهل فدك قد صنعوا ما صنعوا بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يسيرهم ويحقن دماءهم لهم، ويخلوا له الأموال أففعل، وكان فيمن مشى بينهم وبين رسول الله في ذلك محيصة بن مسعود؛ أخوبني حارثة؛ فلما نزل أهل خيبر على ذلك؛ سألوا رسول الله أن يعاملهم بالأموال على النصف، وقالوا: نحن أعلم بها منكم؛ وأعمر لها؛ فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصف؛ على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم؛ وصالحه أهل فدك على مثل ذلك، فكانت خيبر فيئاً للمسلمين، وكانت فدك خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب. فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدت له زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم شاة مصلية ؛ وقد سألت: أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله؟ فقيل لها: الذراع؛ فأكثرت فيها السم، فسمت سائر الشاة، ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تناول الذراع؛ فأخذها فلاك منها مضغة فلم يسغها؛ ومعه بشر بن البراء أبن معرور؛ وقد أخذ منها كما أخذ رسول الله، فأما بشر فأساغها؛ وأما رسول الله فلفظها، ثم قال: إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم؛ ثم دعا بها فاعترفت، فقال: ما حملك على ذلك؟ قالت: بلغت من قومي ما لم يخف عليك، فقلت: إن كان نبياً فسيخبر؛ وإن كان ملكاً استرحت منه؛ فتجاوز عنها النبي صلى الله عليه وسلم. ومات بشر بن البراء من إكلته التي أكل .

حدثنا ابن حميد؛ قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق؛ عن مروان بن عثمان بن أبي سعيد بن المعلي، قال: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي توفي فيه- ودخلت عليه أم بشر بن البراء تعوده: يا أم بشر؛ إن هذا الأوان وجدت انقطاع أبهري من الأكلة التي أكلت مع أبنك بخيبر.

قال: وكان المسلمون يرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات شهيداً مع ما أكرمه الله به من النبوة.

قال ابن إسحاق: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر أنصرف إلى وادي القرى فحاصر أهله ليالي، ثم أنصرف راجعاً إلى المدينة.

ذكر غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وادي القرى حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن ثور ابن زيد، عن سالم مولى عبد الله بن مطيع، عن أبي هريرة، قال: لما انصرفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر إلى وادي القرى، نزلنا أصلاً مع مغارب الشمس، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم غلام له ؛ أهداه إليه رفاعة بن زيد الجذامي، ثم الضبيبي ؛ فو الله إنا لنضع رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه سهم غرب ؛ فأصابه فقتله، فقلنا: هنيئاً له الجنة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا والذي نفس محمد بيده؛ إن شملته الآن لتحرق عليه في النار. قال: وكان غلها من فئ المسلمين يوم خيبر.
قال: فسمعها رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه، فقال: يا رسول الله، أصبت شراكين لنعلين لي، قال: فقال: يقد لك مثلهما من النار .

وفي هذه السفرة نام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس؛ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، قال: لما أنصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر؛ وكان ببعض الطريق، قال من آخر الليل: من رجل يحفظ علينا الفجر، لعلنا ننام؟ فقال بلال: أنا يا رسول الله أحفظ لك؛ فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل الناس فناموا؛ وقام بلال يصلي، فصلى ما شاء الله أن يصلي ثم أستند إلى بعيره؛ وأستقبل الفجر يرمقه؛ فغلبته عينه، فنام فلم يوقظهم إلا مس الشمس ؛ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول أصحابه هب من نومه، فقال: ماذا صنعت بنا يا بلال! فقال: يا رسول الله، أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك، قا : صدقت. ثم أقتاد رسول الله غير كثير، ثم أناخ فتوضأ وتوضأ الناس، ثم أمر بلالا فأقام الصلاة، فصلى بالناس، فلما سلم أقبل على الناس، فقال: إذا نسيتم الصلاة فصلوها إذا ذكرتموها، فإن الله عز وجل يقول: "وأقم الصلاة لذكري" .

قال ابن إسحاق: وكان فتح خيبر في صفر.

قال: وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء من نساء المسلمين، فرضخ لهن رسول الله من الفيء ولم يضرب لهن بسهم.

أمر الحجاج بن علاط السلمي قال : ولما فتحت خيبر قال الحجاج بن علاط السلمي ثم البهزي لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ؛ إن لي مالاً بمكة عند صاحبتي أم شيبة بنت أبي طلحة- وكانت عنده، له منها معرض بن الحجاج- ومال متفرق في تجار أهل مكة، فأذن لي يا رسول الله. فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: إنه لا بد لي من أن أقول، قال: قل، قال الحجاج: فخرجت حتى إذا قدمت مكة، فوجدت بثينة البيضاء رجالاً من قريش يتسمعون الأخبار، ويسألون عن أمر رسول الله، وقد بلغهم أنه قد سار إلى خيبر، وقد عرفوا أنها قرية الحجاز؛ ريفاً ومنعه ورجالاً، فهم يتحسسون الأخبار؛ فلما رأوني قالوا: الحجاج بن علاط- ولم يكونوا علموا بإسلامي- عنده والله الخبر! أخبرنا بأمر محمد، فإنه قد بلغنا أن القاطع قد سار إلى خيبر؛ وهي بلدة يهود وريف الحجاز. قال: قلت: قد بلغني ذلك، وعندي من الخبر ما يسركم. قال: فالتاطوا بجنبي ناقتي يقولون: إيه يا حجاج! قال: قلت: هزموا هزيمة لم تسمعوا بمثلها قط؛ وقتل أصحابه قتلاً لم تسمعوا بمثله قط، وأسر محمد أسراً، وقالوا: لن نقتله حتى نبعث به إلى مكة فيقتلوه بين أظهرهم بمن كان أصاب من رجالهم. قال: فقاموا فصاحوا بمكة وقالوا: قد جاءكم الخبر، وهذا محمد إنما تنتظرون أن يقدم به عليكم فيقتل بين أظهركم. قال: قلت: أعينوني على جمع مالي بمكة على غرمائي؛ فإني أريد أن أقدم خيبر، فأصيب من فل محمد وأصحابه قبل أن يسبقني التجار إلى ما هنالك.

قال: فقاموا فجمعوا مالي كأحث جمع سمعت به. فجئت صاحبتي فقلت: مالي- وقد كان لي عندها مال موصوع- لعلي ألحق بخيبر؛ فأصيب من فرص البيع قبل أن يسبقني إليه التجار. فلما سمع العباس بن عبد المطلب الخبر وجاءه عني، أقبل حتى وقف إلى جنبي؛ وأنا في خيمة من خيام التجار، فقال: يا حجاج، ما هذا الذي جئت به؟ قال: قلت: وهل عندك حفظ لما وضعت عندك؟ قال: نعم، قلت: فاستأخر عني حتى ألقاك على خلاء، فإني في جمع مالي كما ترى؛ فأنصرف عني حتى إذا فرغت من جمع كل شيء كان لي بمكة، وأجمعت الخروج، لقيت العباس، فقلت: أحفظ على حديثي يا أبا الفضل؛ فإني أخشى الطلب ثلاثاً، ثم قل ما شئت. قال: أفعل، قال: قلت فإني والله لقد تركت أبن أخيك عروساً على ابنة ملكهم- يعني صفية بنت حي أبن أخطب ولقد أفتتح خيبر، وأنتثل ما فيها؛ وصارت له ولأصحابه. قال: ما تقول يا حجاج??????! قال: قلت: إي والله؛ فأكتم على؛ ولقد أسلمت وما جئت إلا لآخذ مالي فرقاً من أن أغلب عليه، فإذا مضت ثلاث فأظهر أمرك؛ فهو والله على ما تحب. قال: حتى إذا كان اليوم الثالث لبس العباس حلة له، وتخلق وأخذ عصاه، ثم خرج حتى أتى الكعبة، فطاف بها؛ فلما رأوه قالوا: يا أبا الفضل؛ هذا والله التجلد لحر المصيبة! قال: كلا والذي حلفتم به! لقد أفتتح محمد خيبر، وترك عروساً على ابنة ملكهم، وأحرز أموالها وما فيها؛ فأصبحت له ولأصحابه. قالوا: من جاءك بهذا الخبر؟ قال: الذي جاءكم به؛ لقد دخل عليكم مسلماً، وأخذ ماله وأنطلق ليلحق برسول الله وأصحابه فيكون معه، قالوا: يال عباد الله! أفلت عدو الله! أما والله لو علمنا لكان لنا وله شأن، ولم ينشبوا أن جاءهم الخبر بذلك ذكر مقاسم خيبر وأموالها حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر، قال: كانت المقاسم على أموال خيبر على الشق ونطاة والكتيبة؛ فكانت الشق ونطاة في سهمان المسلمين، وكانت الكتيبة خمس الله عز وجل وخمس النبي صلى الله عليه وسلم؛ وسهم ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبن السبيل، وطعم أزواج النبي، وطعم رجال مشوا بين رسول الله وبين أهل فدك بالصلح؛ منهم محيصة أبن مسعود، أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ثلاثين وسق شعير، وثلاثين وسق تمر. وقسمت خيبر على أهل الحديبية؛ من شهد منهم خيبر ومن غاب عنها، ولم يغب عنها إلا جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري، فقسم له رسول الله صلى الله عليه وسلم كسهم من حضرها.

قال: ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك حين بلغهم ما أوقع الله بأهل خيبر؛ فبعثوا إلى رسول الله يصالحونه على النصف من فدك، فقدمت عليه رسلهم بخيبر أو بالطائف ، وإما بعد ما قدم المدينة. فقبل ذلك منهم؛ فكانت فدك لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب .

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إلى أهل خيبر عبد الله بن رواحة خارصاً بين المسلمين ويهود، فيخرص عليهم؛ فإذا قالوا: تعديت علينا، قال: إن شئتم فلكم؛ وإن شئتم فلنا؛ فتقول يهود: بهذا قامت السموات والأرض.

وإنما خرص عليهم عبد الله بن رواحة؛ ثم أصيب بمؤتة، فكان جبار بن صخر بن خنساء، أخو بني سلمة؛ هو الذي يخرص عليهم بعد عبد الله بن رواحة، فأقامت يهود على ذلك لا يرى بهم المسلمون بأساً في معاملتهم؛ حتى عدوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عبد الله ابن سهل، أخي بني حارثة؛ فقتلوه، فاتهمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون عليه .
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: سألت أبن شهاب الزهري: كيف كان إعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود خيبر نخيلهم حين أعطاهم النخل على خرجها؟ أبت ذلك لهم حتى فبض، أم أعطاهم إياها لضرورة من غير ذلك؟ فأخبرني أبن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفتتح خيبر عنوة بعد القتال؛ وكانت خيبر مما أفاء الله على رسوله؛ خمسها رسول الله وقسمها بين المسلمين، ونزل من نزل من أهلها على الإجلاء بعد القتال؛ فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن شئتم دفعنا إليكم هذه الأموال على أن تعلموها؛ وتكون ثمارها بيننا وبينكم؛ وأقركم ما أقركم الله. فقبلوا ، فكانوا على ذلك يعملونها. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة فيقسم ثمرها، ويعدل عليهم في الحرص؛ فلما توفى الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أقرها أبو بكر بعد النبي في أيديهم على المعاملة التي كان عاملهم عليها رسول الله حتى توفى، ثم أقرها عمر صدراً من إمارته؛ ثم بلغ عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في وجعه الذي قبض فيه: لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان، ففحص عمر عن ذلك حتى بلغه الثبت، فأرسل إلى يهود أن الله قد أذن في إجلائكم؛ فقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان، فمن كان عنده عهد من رسول الله فليأتني به أنفذه له؛ ومن لم يكن عنده عهد من رسول الله من اليهود فليتجهز للجلاء؛ فأجلى عمر من لم يكن عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم .
قال أبو جعفر: ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.

قال الواقدي: في هذه السنة رد رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب أبنته على أبي العاص بن الربيع؛ وذلك في المحرم.

قال: وفيها قدم حاطب بن أبي بلتعة من عند المقوقس بمارية وأختها سيرين وبغلته دلدل وحماره يعفور وكساً؛ وبعث معهما بخصي فكان معهما، وكان حاطب قد دعاهما إلى الإسلام قبل أن يقدم بهما ؛ فأسلمت هي وأختها، فأنزلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سليم بنت ملحان- وكانت مارية وضيئة- قال: فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بأختها سيرين إلى حسان بن ثابت، فولدت له عبد الرحمن بن حسان.

قال: وفي هذه السنة أتخذ النبي صلى الله عليه وسلم منبره الذي كان يخطب الناس عليه، وأتخذ درجتين ومقعده.

قال: ويقال إنه عمل في سنة ثمان. قال: وهو الثبت عندنا.

قال: وفيها بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب في ثلاثين رجلاً إلى عجز هوازن بتربة، فخرج بدليل له من بني هلال؛ وكانوا يسيرون الليل، ويكمنون النهار، فأتى الخبر هوازن فهربوا؛ فلم يلق كيداً، ورجع.

قال: وفيها سرية أبي بكر بن أبي قحافة في شعبان إلى نجد؛ قال سلمة أبن الأكوع: غزونا مع أبي بكر في تلك السنة.

قال أبو جعفر: قد مضى خبرها قبل.

قال الواقدي: وفيها سرية بشير بن سعد إلى بني مرة بفدك في شعبان في ثلاثين رجلاً، فأصيب أصحابه وأرتث في القتلي، ثم رجع إلى المدينة.

قال أبو جعفر: وفيها سرية غالب بن عبد الله في شهر رمضان إلى الميفعة؛ فحدثنا أبن حميد قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب ابن عبد الله الكلبي إلى أرض بني مرة، فأصاب بها مرداس بن نهيك حليفاً لهم من الحرقة من جهينة؛ قتله أسامة بن زيد ورجل من الأنصار.

قال أسامة: لما غشيناه، قال: أشهد أن لا إله إلا الله؛ فلم ننزع عنه حتى قتلناه؛ فلما قدمنا على رسول الله أخبرناه الخبر؛ فقال: يا أسامة، من لك بلا إله إلا الله! قال الواقدي: وفيها سرية غالب بن عبد الله إلى بني عبد بن ثعلبة؛ ذكر أن عبد الله بن جعفر حدثه عن ابن أبي عون، عن يعقوب بن عتبة، قال: قال يسار مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله؛ إني أعلم غرة من بني عبد بن ثعلبة، فأرسل معه غالب بن عبد الله في مائة وثلاثين رجلاً؛ حتى أغاروا على بني عبد، فأستاقوا النعم والشاء، وحدروها إلى المدينة.

قال: وفيها سرية بشير بن سعد إلى يمن وجناب، في شوال من سنة سبع، ذكر أن يحيى بن عبد العزيز بن سعيد حدثه عن سعد بن عبادة، عن بشير بن محمد بن عبد الله بن زيد، قال: الذي أهاج هذه السرية أن حسيل بن نويرة الأشجعي- وكان دليل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر- قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما وراءك؟ قال: تركت جمعاً من غطفان بالجناب قد بعث إليهم عيينة بن حصن ليسيروا إليكم، فدعا رسول الله بشير بن سعد، وخرج معه الدليل حسيل بن نويرة، فأصابوا نعماً وشاءً؛ ولقيهم عبد لعيينة بن حصن فقتلوه، ثم لقوا جمع عيينة؛ فأنهزم، فلقيه الحارث بن عوف منهزماً، فقال: قد آن لك يا عيينة أن تقصر عما ترى.

عمرة القضاء

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة من خيبر، أقام بها شهر ربيع الأول وشهر ربيع الآخر وجمادى الأولى وجمادى الآخرة ورجب وشعبان وشهر رمضان وشوالا؛ يبعث فيما بين ذلك من غزوه وسراياه، ثم خرج في ذي القعدة في الشهر الذي صده فيه المشركون معتمراً عمرة القضاء مكان عمرته التي صدوه عنها؛ وخرج معه المسلمون ممن كان معه في عمرته تلك، وهي سنة سبع؛ فلما سمع به أهل مكة خرجوا عنه؛ وتحدثت قريش بينها أن محمداً وأصحابه في عسر وجهد وحاجة .

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: عن ابن إسحاق، عن الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: اصطفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند دار الندوة لينظروا إليه وإلى أصحابه؛ فلما دخل رسول الله المسجد، أضطبع بردائه، وأخرج عضده اليمنى، ثم قال: رحم الله امرأً أراهم اليوم من نفسه قوةً! ثم أستلم الركن. وخرج يهرول ويهرول أصحابه معه حتى إذا واراه البيت منهم؛ وأستلم الركن اليماني مشى حتى يستلم الأسود، ثم هرول كذلك ثلاثة أطواف؛ ومشى سائرها.
وكان ابن عباس يقول: كان الناس يظنون أنها ليست عليهم؛ وذلك أن رسول الله إنما صنعها لهذا الحي من قريش للذي بلغه عنهم؛ حتى حج حجة الوداع، فرملها، فمضت السنة بها .

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة في تلك العمرة، دخلها وعبد الله بن رواحة آخذ بخطام ناقته؛ وهو يقول:

خلوا بني الكفار عن سبيلـه               إني شهيد أنـه رسـولـه
خلوا فكل الخير في رسوله                يا رب إني مؤمن بقـيلـه
أعرف حق الله في قبولـه                  نحن قتلناكم على تـأويلـه
كما قتلناكم على تنـزيلـه                 ضرباً يزيل الهام عن مقيله

ويذهل الخليل عن خليله حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: عن محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح وعبد الله بن أبي نجيح، عن عطاء بن رباح ومجاهد، عن أبن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة بنت الحارث في سفره ذلك؛ وهو حرام؛ وكان الذي زوجه إياها العباس بن عبد المطلب.

قال ابن إسحاق: فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثاً، فأتاه حويطب بن عبد العزي بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل، في نفر من قريش في اليوم الثالث، وكانت قريش وكلته بإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، فقالوا له: إنه قد انقضى أجلك فأخرج عنا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم فصنعنا لكم طعاماً فحضرتموه! قالوا: لا حاجة لنا في طعامك فأخرج عنا. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبا رافع مولاه على ميمونة؛ حتى أتاه بها بسرف، فبنى عليها رسول الله هنالك، وأمر رسول الله أن يبدلوا الهدى وأبدل معهم، فعزت عليهم الإبل فرخص لهم في البقر؛ ثم أنصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة في ذي الحجة، فأقام بها بقية ذي الحجة- وولى تلك الحجة المشركون- والمحرم وصفرا وشهري ربيع، وبعث في جمادى الأولى بعثه إلى الشأم الذين أصيبوا بمؤتة.

وقال الواقدي: حدثني ابن أبي ذئب، عن الزهري، قال: أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعتمروا في قابل قضاء لعمرة الحديبية، وأن يهدوا.

قال: وحدثني عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: لم تكن هذه العمرة قضاءً، ولكن كان شرط على المسلمين أن يعتمروا قابلاً في الشهر الذي صدهم المشركون فيه.

قال الواقدي: قول ابن أبي ذئب أحب إلينا، لأنهم أحصروا ولم يصلوا إلى البيت.

وقال الواقدي: وحدثني عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، عن محمد أبن إبراهيم، قال: ساق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية ستين بدنة.

قال: وحدثني معاذ بن محمد الأنصاري، عن عاصم بن عمر بن قتادة، قال: حمل السلاح والبيض والرماح، وقاد مائة فرس، وأستعمل على السلاح بشير بن سعد، وعلى الخيل محمد بن مسلمة، فبلغ ذلك قريشاً فراعهم؛ فأرسلوا مكرز بن حفص بن الأخيف، فلقيه بمر الظهران، فقال له: ما عرفت صغيراً ولا كبيراً إلا بالوفاء؛ وما أريد إدخال السلاح عليهم؛ ولكن يكون قريباً إلى. فرجع إلى قريش فأخبرهم.

قال الواقدي: وفيها كانت غزوة ابن أبي العوجاء السلمي إلى بني سليم في ذي القعدة؛ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم بعد ما رجع من مكة في خمسين رجلاً، فخرج إليهم.

قال أبو جعفر: فلقيه- فيما حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، بنو سليم، فأصيب بها هو وأصحابه جميعاً.

قال أبو جعفر: أما الواقدي فإنه زعم أنه نجا ورجع إلى المدينة، وأصيب أصحابه.