ذكر الخبر عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم

ذكر الخبر عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم

ومن منهن عاش بعده ومن منهن فارقه في حياته ، والسبب الذي فارقه من أجله ، ومن منهن مات قبله .

فحدثني الحارث ، قال : حدثنا ابن سعد ، قال : حدثنا هشام بن محمد ، قال : أخبرني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج خمس عشرة امرأة ؛ دخل بثلاث عشرة ، وجمع بين إحدى عشرة ، وتوفي عن تسع .
تزوج في الجاهلية ؛ وهو ابن بضع وعشرين سنة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي ؛ وهي أول من تزوج ، وكانت قبله عند عتيق بن عابد ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم ؛ وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر بن معيص بن لؤي . فولدت لعتيق جارية ، ثم توفي عنها وخلف عليها أبو هالة بن زرارة بن نباش بن زرارة بن حبيب بن سلامة بن غذي بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم ؛ وهو في بني عبد الدار بن قصى . فولدت لأبي هالة هند بن أبي هالة ؛ ثم توفي عنها فخلف عليها رسول الله ، وعندها ابن أبي هالة هند ، فولدت لرسول الله ثمانية : القاسم ، والطيب ، والطاهر ، وعبد الله ، وزينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة.

قال أبو جعفر : ولم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياتها على خديجة حتى مضت لسبيلها ؛ فلما توفيت خديجة تزوج رسول الله بعدها ؛ فاختلف فيمن بدأ بنكاحها منهن بعد خديجة ، فقال بعضهم : كانت التي بدأ بنكاحها بعد خديجة قبل غيرها عائشة بنت أبي بكر الصديق . وقال بعضهم : بل كانت سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر . فأما عائشة فكانت يوم تزوجها صغيرة لا تصلح للجماع ؛ وأما سودة فإنها كانت امرأة ثيباً ، قد كان لها قبل النبي صلى الله عليه وسلم زوج ؛ وكان زوجها قبل النبي السكران بن عمرو بن عبد شمس ، وكان السكران من مهاجرة الحبشة فتنصر ومات بها ؛ فخلف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة .

قال أبو جعفر : ولا خلاف بين جميع أهل العلم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بني بسودة قبل عائشة .

ذكر السبب الذي كان في خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة وسودة والرواية الواردة بأولاهما

كان عقد عليها رسول الله عقدة النكاح : حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن عائشة ، قالت : لما توفيت خديجة ، قالت خولة بنت حكيم بن أمية بن الأوقص ، امرأة عثمان بن مظعون وذلك بمكة : أي رسول الله ، ألا تزوج ؟ فقال : ومن ؟ فقالت : إن شئت بكراً وإن شئت ثيباً ، قال : فمن البكر ؟ قالت : ابنة أحب خلق الله إليك عائشة بنت أبي بكر ، قال : ومن الثيب ؟ قالت : سودة بنت زمعة بن قيس ، قد آمنت بك واتبعتك على ما أنت عليه . قال : فاذهبي فاذكريهما على . فجاءت فدخلت بيت أبي بكر ، فوجدت أم رومان ؛ أم عائشة ، فقالت : أى أم رومان ؟ ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة ! قالت : وما ذاك ؟ قالت : أرسلني رسول الله أخطب عليه عائشة ، قالت : وددت ! انتظري أبا بكر ، فإنه آت ، فجاء أبو بكر ، فقالت : يا أبا بكر ، ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة ! أرسلني رسول الله أخطب عليه عائشة ، قال : وهل تصلح له ، إنما هي ابنة أخيه ! فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت له ذلك ، فقال : ارجعي إليه ، فقولي له : أنت أخي في الإسلام ، وأنا أخوك ، وابنتك تصلح لي ؟ فأتت أبا بكر فذكرت ذلك له ، فقال : انتظريني حتى أرجع ، فقالت أم رومان : إن المطعم بن عدي كان ذكرها على ابنه ، ولا والله ما وعد شيئاً قط فأخلف . فدخل أبو بكر على مطعم ، وعنده امرأته أم ابنه الذي كان ذكرها عليه ، فقالت العجوز : يا بن أبي قحافة ، لعلنا إن زوجنا ابننا ابنتك أن تصبئه وتدخله في دينك الذي أنت عليه ! فأقبل على زوجها المطعم ، فقال : ما تقول هذه ؟ فقال : إنها تقول ذاك . قال : فخرج أبو بكر ، وقد أذهب الله العدة التي كانت في نفسه من عدته التي وعدها إياه ، وقال لخولة : ادعي لي رسول الله ، فدعته فجاء فأنكحه ؛ وهي يومئذ ابنة ست سنين . قالت : ثم خرجت فدخلت على سودة فقلت : أي سودة ، ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة ! قالت : وما ذاك ؟ قالت : أرسلني رسول الله يخطبك عليه ، قالت : فقالت : وددت ! ادخلي علي أبي فاذكري له ذلك ، قالت : وهو شيخ كبير قد تخلف عن الحج ، فدخلت عليه ، فحييته بتحية أهل الجاهلية ، ثم قلت : إن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أرسلني أخطب عليه سودة ، قال : كفء كريم ؛ فماذا تقول صاحبته ؟ قالت : تحب ذلك ، قال : ادعيها إلى ، فدعيت له ، فقال : أي سودة ، زعمت هذه أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أرسل يخطبك وهو كفء كريم ، أفتحبين أن أزوجكه ؟ قالت : نعم ، قال : فادعيه لي ، فدعته ، فجاء فزوجه ، فجاء أخوها من الحج ؛ عبد بن زمعة ، فجعل يحثى في رأسه التراب ، فقال بعد أن أسلم : إني لسفيه يوم أحثى في رأسي التراب أن تزوج رسول الله سودة بنت زمعة ? قال : قالت عائشة : فقدمنا المدينة ، فنزل أبو بكر السنح في بني الحارث بن الخزرج ، قالت : فجاء رسول الله فدخل بيتنا ، فاجتمع إليه رجال من الأنصار ونساء ، فجاءتني أمي وأنا في أرجوحة بين عذقين يرجح بي ، فأنزلتني ثم وفت جميمة كانت لي ، ومسحت وجهي بشيء من ماء ، ثم أقبلت تقودني ، حتى إذا كنت عند الباب وقفت بي حتى ذهب بعض نفسي ، ثم أدخلت ورسول الله جالس على سرير في بيتنا . قالت : فأجلستني في حجره ، فقالت : هؤلاء أهلك فبارك الله لك فيهن وبارك لهن فيك ? ووثب القوم والنساء ، فخرجوا ، فبنى بي رسول الله في بيتي ، ما نحرت جزور ولا ذبحت على شاة ، وأنا يومئذ ابنة تسع سنين ، حتى أرسل إلينا سعد بن عبادة بجفنة كان يرسل بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

حدثنا علي بن نصر ، قال : حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث - وحدثني عبد الوارث بن عبد الصمد ، قال : حدثني أبي - قال : حدثنا أبان العطار ، قال : حدثنا هشام بن عروة ، عن عروة ، أنه كتب إلى عبد الملك ابن مروان : إنك كتبت إلى في خديجة بنت خويلد تسألني : متى توفيت ؟ وإنها توفيت قبل مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة بثلاث سنين أو قريباً من ذلك ، ونكح عائشة متوفي خديجة ، كان رسول الله رأى عائشة مرتين ، يقال له : هذه امرأتك ، وعائشة يومئذ ابنة ست سنين .

ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى بعائشة بعد ما قدم المدينة وهي يوم بني بها ابنة تسع سنين .

رجع الخبر إلى خبر هشام بن محمد . ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة بنت أبي بكر - واسمه عتيق بن أبي قحافة ، وهو عثمان - ويقال عبد الرخمن بن عثمان - بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ، تزوجها قبل الهجرة بثلاث سنين ، وهي ابنة سبع سنين ؛ وجمع إليها بعد أن هاجر إلى المدينة وهي ابنة تسع سنين في شوال ؛ فتوفي عنها وهي ابنة ثمان عشرة ، ولم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بكراً غيرها ، ثم تزوج رسول الله حروف حفصة بنت عمر بن الخطاب ابن نفيل بن عبد العزي بن رياح بن عبد الله بن قرط بن كعب - وكانت قبله عند خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي ابن سعد بن سهم . وكان بدرياً ، شهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - فلم تلد له شيئاً ، ولم يشهد من بني سهم بدراً غيره .

ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة ، واسمها هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ؛ وكانت قبله عند أبي سلمة ابن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ؛ وشهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان فارس القوم ، فأصابته جراحة يوم أحد فمات منها ؛ وكان ابن عمة رسول الله ورضيعه ، وأمه برة بنت عبد المطلب ولدت له عمر ، وسلمة ، وزينب ، ودرة ؛ فلما مات كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة تسع تكبيرات ، فلما قيل : يا رسول الله ، أسهوت أم نسيت ؟ قال : لم أسه ولم أنس ؛ ولو كبرت على أبي سلمة ألفاً كان أهلاً لذلك ؛ ودعا النبي صلى الله عليه وسلم لأبي سلمة بخلفه في أهله . فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الأحزاب سنة ثلاث ، وزوج سلمة بن أبي سلمة ابنة حمزة بن عبد المطلب .

ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام المريسيع جويرية بنت الحارث ابن أبي ضرار بن حبيب بن مالك بن جذيمة - وهو المصطلق بن سعد بن عمرو - سنة خمس ، وكانت قبله عند مالك بن صفوان ذي الشفر بن أبي سرح بن مالك بن المصطلق ؛ لم تلد له شيئاً ؛ فكانت صفية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم المريسيع ، فأعتقها وتزوجها ، وسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عتق ما في يده من قومها ، فأعتقهم لها .

ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب ؛ وكانت عند عبيد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد - وكانت من مهاجرات الحبشة هي وزوجها ، فتنصر زوجها وحاولها أن تتابعه فأبت وصبرت على دينها ، ومات زوجها على النصرانية ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي فيها ، فقال النجاشي لأصحابه : من أولاكم بها ؟ قالوا : خالد بن سعيد بن العاص ، قال : فزوجها من نبيكم ، ففعل وأمهرها أربعمائة دينار . ويقال : بل خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن عفان ، فلما زوجه إياها بعث إلى النجاشي فيها ، فساق عنه النجاشي ، وبعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش بن رئاب ابن يعمر بن صبرة ؛ وكانت قبله عند زيد بن حارثة بن شراحيل مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم تلد له شيئاً ، وفيها أنزل الله عز وجل : "وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك" إلى آخر الآية فزوجها الله عز وجل إياه ، وبعث في ذلك جبريل ؛ وكانت تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، وتقول : أنا أكرمكن ولياً ، وأكرمكن سفيراً .

ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيى بن أخطب بن سعية بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن الخزرج بن أبي حبيب بن النضير ؛ وكانت قبله تحت سلام بن مشكم بن الحكم بن حارثة بن الخزرج بن كعب بن الخزرج ؛ وتوفي عنها وخلف عليها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق ، فقتله محمد بن مسلمة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، ضرب عنقه صبراً ، فلما تصفح النبي صلى الله عليه وسلم السبي يوم خيبر ، ألقى رداءه على صفية ، فكانت صفيه يوم خيبر ؛ ثم عرض عليها الإسلام فأسلمت فأعتقها ؛ وذلك سنة ست .

ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة بنت الحارث بن حزن ابن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال ؛ وكانت قبله عند عمير ابن عمرو ، من بني عقدة بن غيرة بن عوف بن قسى - وهو ثقيف - لم تلد له شيئاً ، وهي أخت أم الفضل امرأة العباس بن عبد المطلب ، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرف في عمرة القضاء ؛ زوجها إياه العباس ابن عبد المطلب ؛ فتزوجها رسول الله .

وكل هؤلاء اللواتي ذكرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجهن إلى هذا الموضع ، توفي رسول الله وهن أحياء ، غير خديجة بنت خويلد .

ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من بني كلاب بن ربيعة ؛ يقال لها النشاة بنت رفاعة ، وكانوا حلفاء لبني رفاعة من قريظة . وقد اختلف فيها ، وكان بعضهم يسمى هذه سنا وينسبها ، فيقول : سنا بنت أسماء بن الصلت السلمية . وقال بعضهم : هي سبا بنت أسماء بن الصلت من بني حرام من بني سليم . وقالوا : توفيت قبل أن يدخل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونسبها بعضهم فقال : هي سنا بنت الصلت بن حبيب بن حارثة بن هلال بن حرام بن سمال بن عوف السلمي .

ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم الشنباء بنت عمرو الغفارية . وكانوا أيضاً حلفاء لبني قريظة ، وبعضهم يزعم أنها قرظية ، وقد جهل نسبها لهلاك بني قريظة ، وقيل أيضاً إنها كنانية ، فعركت حين دخلت عليه ؛ ومات إبراهيم قبل أن تطهر ، فقالت : لو كان نبياً ما مات أحب الناس إليه ؛ فسرحها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم غزية بنت جابر من بني أبي بكر بن كلاب ، بلغ رسول الله عنها جمال وبسطة ، فبعث أبا أسيد الأنصاري ، ثم الساعدي ، فخطبها عليه ، فلما قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم - وكانت حديثة عهد بالكفر - فقالت : إني لم أستأمر في نفسي ، إني أعوذ بالله منك ??! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : امتنع عائذ الله . وردها إلى أهلها ؛ ويقال : إنها من كندة .

ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت النعمان بن الأسود ابن شراحيل بن الجون بن حجر بن معاوية الكندي ، فلما دخل بها وجد بها بياضاً فمتعها وجهزها وردها إلى أهلها ؛ ويقال : بل كان النعمان بعث بها إلى رسول الله فسرحته ، فلما دخلت عليه استعاذت منه أيضاً ، فبعث إلى أبيها ، فقال له : أليست ابنتك ؟ قال : بلى ، قال لها : ألست ابنته ؟ قالت : بلى ، قال النعمان : عليكها يا رسول الله ، فإنها وإنها ... وأطنب في الثناء فقال : إنها لم تيجع قط ، ففعل بها ما فعل بالعامرية ، فلا يدري : ألقو لها أم لقول أبيها: "إنها لم تيجع قط".

وأفاء الله عز وجل على رسوله ريحانة بنت زيد ، من بنت قريظة .

وأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم مارية القبطية ، أهداها له المقوقس صاحب الإسكندرية ، فولدت له إبراهيم بن رسول الله .
فهؤلاء أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، منهن ست قرشيات .

قال أبو جعفر : وممن لم يذكر هشام في خبره هذا ممن روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تزوجه من النساء : زينب بنت خزيمة - وهي التي يقال لها أم المساكين - من بني عامر بن صعصعة ، وهي زينب بنت خزيمة بن الحارث ابن عبد الله ابن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة ، وكانت قبل رسول الله عند الطفيل بن الحارث بن المطلب ، أخي عبيدة بن الحارث ، توفيت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة .

وقيل إنه لم يمت عند رسول الله في حياته من أزواجه غيرها وغير خديجة وشراف بنت خليفة ، أخت دحية بن خليفة الكلبي ، والعالية بنت ظبيان .

حدثني ابن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا شعيب بن الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : تزوج رسول اله صلى الله عليه وسلم العالية ؛ امرأة من بني أبي بكر كلاب فمتعها ، ثم فارقها ، وقتيلة بنت قيس ابن معد يكرب أخت الأشعث بن قيس ، فتوفى عنها قبل أن يدخل بها ، فارتدت عن الإسلام مع أخيها ، وفاطمة بنت شريح .

وذكر عن ابن الكلبي أنه قال : غزية بنت جابر ، هي أم شريك ، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد زوج كان لها قبله ؛ وكان لها منه ابن يقال له شريك ، فكنيت به ، فلما دخل بها النبي صلى الله عليه وسلم وجدها مسنة ، فطلقها ، وكانت قد أسلمت ؛ وكانت تدخل على نساء قريش فتدعوهن إلى الإسلام .

وقيل : إنه تزوج خولة بنت الهذيل بن هبيرة بن قبيصة بن الحارث ؛ زوى ذلك عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس .

وبهذا الإسناد أن ليلى بنت الخطيم بن عدي بن عمرو بن سواد بن ظفر ابن الحارث بن الخزرج ، أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو مول ظهره الشمس ، فضربت على منكبه ، فقال : من هذه ؟ قالت : أنا ابنة مبارى الريح ، أنا ليلى بنت الخطيم ، جئتك أعرض عليك نفسي فتزوجني ، قال : قد فعلت ، فرجعت إلى قومها ، فقالت : قد تزوجني رسول الله ، فقالوا : بئسما صنعت ! أنت امرأة غيرى ؛ والنبي صاحب نساء ، استقيليه نفسك ، فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : أفلني ، قال : قد أقلتك .
وبغير هذا الإسناد أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عمرة بنت يزيد ، امرأة من بني رؤاس بن كلاب .

ذكر من خطب النبي صلى الله عليه وسلم من النساء ثم لم ينكحهن منهن أم هانئ بنت أبي طالب ، واسمها هند ، خطبها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولم يتزوجها ؛ لأنها ذكرت أنها ذات ولد .

وخطب ضباعة بنت عامر بن قرط بن سلمة بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر صعصعة إلى ابنها سلمة بن هشام بن المغيرة ، فقال : حتى أستأمرها ، فأتاها فقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم خطبك ، فقالت : ما قلت له ؟ قال : قلت له حتى أستأمرها ! قالت : وفي النبي يستأمر ! ارجع فزوجه ؛ فرجع فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك أنه أخبر أنها قد كبرت .
وخطب - فيما ذكر - صفية بنت بشامة أخت الأعور العنبري ، وكان أصابها سباء ، فخيرها ، فقال : إن شئت أنا وإن شئت زوجك ، قالت : بل زوجي ؛ فأرسلها .

وخطب أم حبيب بنت العباس بن عبد المطلب ، فوجد العباس أخاه من الرضاعة ، أرضعتهما ثويبة .

وخطب جمرة بنت الحارث بن أبي حارثة ، فقال أبوها - فيما ذكر : بها شيء ، ولم يكن بها شيء ، فرجع فوجدها قد برصت .

ذكر سراري رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مارية بنت شمعون القبطية ، وريحانة بنت زيد القرظية .

وقيل : هي من بني النضير . وقد مضى ذكر أخبارهما قبل .

ذكر موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنهم زيد بن حارثة وابنه أسامة بن زيد ، وقد ذكرنا خبره فيما مضى .

وثوبان - مولي رسول الله ، فأعتقه ، ولم يزل معه حتى قبض ، ثم نزل حمص وله بها دار وقف ؛ ذكر أنه توفي سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية . وقال بعضهم : بل كان سكن الرملة ، ولا عقب له .

وشقران - وكان من الحبشة ، اسمه صالح بن عدي ؛ اختلف في أمره . قد ذكر عن عبد الله بن داود الخريبي أنه قال : شقران ورثه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه . وقال بعضهم : شقران من الفرس ، ونسبه فقال : هو صالح بن حول ابن مهر بود .
نسب شقران مولي رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول من نسبه إلى عجم الفرس . زعم أنه صالح بن حول بن مهر بوذ بن آذر جشنس بن مهربان بن فيران بن رستم بن فيروز بن ماي بن بهرام بن رشتهري ، وزعم أنهم كانوا من دهاقين الري .
وذكر عن مصعب الزبيري أنه قال : كان شقران لعبد الرحمن بن عوف . فوهبه للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه أعقب ؛ وأن آخرهم مؤبا ، رجل كان بالمدينة من ولده ، كان له بالبصرة بقية .

ورويفع - وهو أبو رافع مولي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اسمه أسلم . وقال بعضهم : اسمه إبراهيم . واختلفوا في أمره ؛ فقال بعضهم : كان للعباس بن عبد المطلب ، فوهبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأعتقه رسول الله . وقال بعضهم : كان أبو رافع لأبي أحيحة سعيد بن العاص الأكبر فورثه بنوه ، فأعتق ثلاثة منهم أنصباءهم منه ، وقتلوا يوم بدر جميعاً ؛ وشهد أبو رافع معهم بدراً ، ووهب خالد بن سعيد نصيبه منه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه رسول الله .

وابنه البهى - اسمه رافع .

وأخو البهى عبيدة الله بن أبي رافع - وكان يكتب لعلي بن أبي طالب ، فلما ولى عمرو بن سعيد المدينة دعا البهى ، فقال : من مولاك ؟ فقال : رسول الله ، فضربه مائة سوط ، وقال : مولى من أنت ! قال : مولى رسول الله ، فضربه مائة سوط ؛ فلم يزل يفعل به ذلك كلما سأله : مولى من أنت ؟ قال : مولى رسول الله ؛ حتى ضربه خمسمائة سوط ، ثم قال : مولى من أنت ؟ قال : مولاكم ، فلما قتل عبد الملك عمرو بن سعيد قال البهى بن أبي رافع :

صحت ولا شلت وضرت عدوها يمين هراقت مهجة ابن سعـيد
هو ابن العاصى مراراً وينتمـي إلى أسرة طابت لـه وجـدود

وسلمان الفارسي - وكنيته أبو عبد الله من أهل قرية أصبهان ؛ ويقال : إنه من قرية رامهرمز ؛ فأصابه أسر من بعض كلب ، فبيع من بعض اليهود بناحية وادي القرى ؛ فكاتب اليهودى ، فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون حتى عتق . وقال بعض نسابة الفرس : سلمان من كورس أبور ، واسمه مابه بن بوذخشان بن ده ديره .

وسفينة - مواى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان لأم سلمة فأعتقته ؛ واشترطت عليه خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حياته ، قيل : إنه أسود ؛ واختلف في اسمه ، فقال بعضهم : اسمه مهران ، وقال بعضهم : اسمه رباح ، وقال بعضهم : هو من عجم الفرس ؛ واسمه سبيه بن مارقيه ، وأنسة . يكني أبا مسرح ، وقيل : أبا مسروح . كان من مولدي السراة ؛ وكان يأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس ، وشهد بدراً وأحداً والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال بعضهم : أصله من عجم الفرس ؛ كانت أمه حبشية وأبوه فارسياً . قال : واسم أبيه بالفارسية كردوى ابن أشرنيده بن أدوهر بن مهرادر بن كحنكان من بني مهجوار بن يوماست .

وأبو كبشة - واسمه سليم ، قيل إنه كان من مولدي مكة ، وقيل : من مولدي أرض دوس ، اتباعه رسول اله صلى الله عليه وسلم فأعتقه ، فشهد مع رسول الله بدراً وأحداً والمشاهد . توفي في أول يوم استخلف فيه عمر بن الخطاب ، سنة ثلاث عشرة من الهجرة .

وأبو مويهبة - قيل : إنه كان من مولدي مزينة ، فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه .

ورباح الأسود - كان يأذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفضالة - مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل - فما ذكر - الشأم .

ومدعم - مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان عبداً لرفاعة ابن زيد الجذامي ، فوهبه لرسول الله ، فقتل بوادي القرى ، يوم نزل بهم رسول الله ، أتاه سهم غرب فقتله .

وأبو ضميرة - كان بعض نسابة الفرس زعم أنه من عجم الفرس ، من ولد كشتاسب الملك ، وأن اسمه واح بن شيرز بن بيرويس بن تاريشمه ابن ماهوش بن باكمهير .. وذكر بعضهم أنه كان ممن صار في قسم رسول الله في بعض وقائعه ، فأعتقه ، وكتب له كتاباً بالوصية ؛ وهو جد حسين بن عبد الله بن أبي ضميرة ، وأن ذلك الكتاب في أيدي ولد ولده وأهل بيته ، وأن حسين بن عبد الله هذا قدم على المهدي ومعه ذلك الكتاب ، فأخذه المهدي فوضعه على عينيه ، ووصله بثلثمائة دينار .

ويسار - وكان فيما ذكر نوبياً ؛ كان فيما وقع في سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته فأعتقه ؛ وهو الذي قتله العرنيون الذين أغاروا على لقاح رسول الله .

ومهران - حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وكان له خصى يقال له مابور - كان المقوقس أهداه إليه مع الجاريتين اللتين يقال لإحداهما مارية ، وهي التي تسرى بها والأخرى سيرين وهي التي وهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت ، لما كان من جناية صفوان بن المعطل عليه ، فولدت لحسان ابنه عبد الرحمن بن حسان . وكان المقوقس بعث بهذا الخصى مع الجاريتين اللتين أهداهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليوصلهما إليه ، ويحفظهما من الطريق حتى تصلا إليه . وقيل : إنه الذي قذفت مارية به ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وأمره بقتله ، فلما رأى علياً وما يريد به تكشف حتى تبين لعلى أنه أجب لا شيء معه مما يكون مع الرجال ، فكف عنه علي . وخرج إليه من الطائف - وهو محاصر أهلها - أعبد لهم أربعة ، فأعتقهم صلى الله عليه وسلم ، منهم أبو بكرة .