باب الجيم والنون

جنأ

جَنَأَ عليه يَجْنَأُ جُنُوءاً وجانَأَ عليه وتَجانَأَ عليه: أَكَبَّ. وفي التهذيب: جَنَأَ في عَدْوِه: إذا أَلَحَّ وأَكَبَّ، وأَنشد:

وكأَنَّه فوت الحَوالِبِ، جانِئاً،

 

رِيمٌ، تُضايِقُه كِلابٌ، أَخْضَعُ

تُضايِقُه: تلجئه، ريمٌ أَخْضَعُ. وأَجْنَأَ الرَّجُلُ على الشيء: أَكَبَّ؛ قال: وإِذا أَكَبَّ الرَّجل على الرجل يَقِيه شيئاً قيل: أَجْنأَ. وفي الحديث: فَعَلقَ يُجانِئ عليها يَقِيها الحجارة، أَي يُكِبُّ عليها. وفي الحديث أَنَّ يَهُوديّاً زَنَى بامرأَة، فَأَمَرَ برَجْمِهما فَجَعَلَ الرَّجلُ يُجْنِئ عليها أَي يُكِبُّ ويَمِيل عليها ليقيها الحجارة. وفي رواية أُخرى: فَلَقَد رأَيْتُه يُجانِئ عليها، مُفاعَلة من جانَأَ يُجانِئ؛ ويروى بالحاء المهملة، وسيجيء إن شاء اللّه تعالى.
وفي حديث هِرَقْلَ في صِفة إِسْحقَ عليه السلام: أَبْيَضُ أَجْنَأُ خَفِيفُ العارِضَيْن.
الجَنَأُ: مَيَلٌ في الظَّهْر، وقيل: في العُنُق.
وجَنَأَتِ المرأَةُ على الولد: أَكَبَّتْ عليه. قال:

بَيْضاء صَفْراء لَمْ تَجْنَأْ على ولَدٍ،

 

إلاّ لأُخْرَى، ولم تَقْعُدْ على نارِ

وقال كثير عزة:

أَغاضِرَ، لوْ شَهِدْتِ، غَداةَ بِنْتُمْ،

 

جُنُوءَ العائداتِ على وِسـادي

وقال ثعلب: جَنِئ عليه: أَكَبَّ عليه يُكلِّمُه. وجَنِئ الرجل جَنَأً، وهو أَجْنأُ بَيِّنُ الجَنَإ: أَشْرَفَ كاهِلُه على صدره؛ وفي الصحاح: رَجُل أَجْنَأُ بَيِّنُ الجَنَإ، أَي أَحْدَبُ الظهر. وقال ثعلب: جَنَأَ ظهرُهُ جُنُوءاً كذلك، والانثى جَنْواء.
وجَنِئ الرجُل يَجْنَأُ جَنَأً: إذا كانت فيه خِلْقةً. الأَصمعي: جَنَأَ يَجْنَأُ جُنُوءاً: إذا انْكَبَّ على فرسه يَتَّقِي الطعْنَ؛ وقال مالك بن نويرة:

ونَجَّاكَ مِنَّا بَعْدَما مِلتَ جـانِـئاً،

 

ورُمْتَ حِياضَ المَوْتِ كلَّ مَرامِ

قال: فاذا كان مُستقيم الظهرِ ثم أَصابه جَنَأ قيل جَنِئ يَجْنَأُ جَنَأً، فهو أَجْنَأُ.
الليث: الأَجْنَأُ: الذي في كاهله انْحِناء على صدره، وليس بالأَحْدب. أَبو عمرو: رجلٌ أَجْنَأُ وأَدنَأُ مهموزان، بمعنى الأَقْعَسِ، وهو الذي في صدره انكِباب الى ظهره. وظَلِيمٌ أَجْنَأُ ونَعامة جَنْآءُ، ومن حذف الهمزة قال: جَنْواء، والمصدر الجَنَأُ، وأَنشد:

أَصَكُّ، مُصَلَّمُ الأُذُنَيْنِ، أَجْنَا

والمُجْنَأُ، بالضم: التُّرْس لا حْديدا بهِ. قال أَبو قَيْس ابن الأَسلت السُّلَمِي:

أَحْفِزُها عنِّي بذِي رَوْنَقٍ،

 

مُهْنَّدٍ، كالمِلْحِ قَـطَّـاعِ

صَدْقٍ، حُسامٍ، وادِقٍ حَدُّهُ،

 

ومُجْنَإٍ، أَسْمَـرَ، قَـرّاعِ

والوادِقُ: الماضي في الضَّريبةٍ؛ وقولُ ساعِدَةَ بن جُؤَيّةَ:

إذا ما زارَ مُجْنَأَةً، عَـلـيْهـا

 

ثِقالُ الاصَّخْرِ والخَشَبُ القَطِيلُ

إنما عنى قَبراً.
والمُجْنأَةُ: حُفْرَةُ القبر. قال الهذلي وأَنشد البيت:

إذا ما زار مجنأَة عليها

جنب

الجَنْبُ والجَنَبةُ والجانِبُ: شِقُّ الإنْسانِ وغيره. تقول: قعَدْتُ إلى جَنْب فلان وإلى جانِبه، بمعنى، والجمع جُنُوبٌ وجَوانِبُ وجَنائبُ، الأَخيرة نادرة. وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه، في الرجل الذي أَصابَتْه الفاقةُ: فخرج إلى البَرِّية، فدَعا، فإذا الرَّحى تَطْحَنُ، والتَّنُّورُ مَمْلُوءٌ جُنوبَ شِواءٍ؛ هي جمع جَنْبٍ، يريد جَنْبَ الشاةِ أَي إنه كان في التَّنُّور جُنوبٌ كثيرة لا جَنْبٌ واحد. وحكي اللحياني: إنه لمُنْتَفِخُ الجَوانِبِ. قال: وهو من الواحد الذي فُرِّقَ فجُعل جَمْعاً.
وجُنِب الرَّجُلُ: شَكا جانِبَه. وضَرَبَه فجنَبَه أَي كسَرَ جَنْبَه أَو أَصاب جَنْبَه.
ورجل جَنِيبٌ كأَنه يَمْشِي في جانِبٍ مُتَعَقِّفاً، عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:

رَبا الجُوعُ في أَوْنَيْهِ، حتَّى كأَنه

 

جَنِيبٌ به، إنَّ الجَنِيبَ جَنِـيبُ

أَي جاعَ حتى كأَنه يَمْشِي في جانِبٍ مُتَعَقِّفاً. وقالوا: الحَرُّ جانِبَيْ سُهَيْلٍ أَي في ناحِيَتَيْه، وهو أَشَدُّ الحَرِّ.
وجانَبَه مُجانَبةً وجِناباً: صار إلى جَنْبِه. وفي التنزيل العزيز: أَنْ تقولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتا على ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللّهِ. قال الفرَّاءُ: الجَنْبُ: القُرْبُ. وقوله: على ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللّهِ أَي في قُرْبِ اللّهِ وجِوارِه. والجَنْبُ: مُعْظَمُ الشيءِ وأَكثرهُ، ومنه قولهم: هذا قَليل في جَنْبِ مَوَدّتِكَ. وقال ابن الأَعرابي في قوله في جنبِ اللّه: في قُرْبِ اللّهِ منَ الجَنةِ. وقال الزجاج: معناه على ما فَرَّطْتُ في الطَّريقِ الذي هو طَريقُ اللّهِ الذي دعاني إليه، وهو توحيدُ اللّهِ والإقْرارُ بنُبوَّةِ رسوله وهو محمدٌ، صلى اللّه عليه وسلم. وقولهم: اتَّقِ اللّهَ في جَنْبِ أَخِيك، ولا تَقْدَحْ في ساقِه، معناه: لا تَقْتُلْه ولا تَفْتِنْه، وهو على المَثَل. قال: وقد فُسِّر الجَنْبُ ههنا بالوَقِيعةِ والشَّتمِ. وأَنشد ابن الأَعرابي:

خَلِيليَّ كُفَّا، واذكُرا اللّه في جَنْبي

أَي في الوَقِيعة فيَّ. وقوله تعالى: والصاحِبِ بالجَنْبِ وابنِ السَّبِيلِ، يعني الذي يَقْرُبُ منك ويكونُ إلى جَنْبِك. وكذلك جارُ الجُنُبِ أَي اللاَّزِقُ بك إلى جَنْبِك. وقيل: الصاحِبُ بالجَنْبِ صاحِبُك في السَّفَر، وابنُ السَّبِيل الضَّيفُ. قال سيبويه وقالوا: هُما خَطَّانِ جَنابَتَيْ أَنْفِها، يعني الخَطَّينِ اللذَين اكْتَنَفا جنْبَيْ أَنْفِ الظَّبْيةِ. قال: كذا وقع في كتاب سيبويه. ووقع في الفرخ: جَنْبَيْ أَنفِها. والمُجَنِّبتانِ من الجَيش: المَيْمَنةُ والمَيْسَرَةُ.
والمُجَنَّبةُ، بالفتح: المُقَدَّمةُ. وفي حديث أَبي هريرة، رضِي اللّه عنه: أَنَّ النبيَّ، صلى اللّه عليه وسلم، بَعَثَ خالِدَ بنَ الوَلِيدِ يومَ الفَتْح على المُجَنِّبةِ اليُمْنى، والزُّبَيرَ على المُجَنِّبةِ اليُسْرَى، واستعمل أَبا عُبَيْدةَ على البَياذِقةِ، وهُمُ الحُسَّرُ. وجَنَبَتا الوادي: ناحِيَتاهُ، وكذلك جانِباهُ.
ابن الأَعرابي يقال: أَرْسَلُوا مُجَنِّبَتَينِ أَي كَتيبَتَين أَخَذَتا ناحِيَتَي الطَّريقِ. والمُجَنِّبةُ اليُمْنى: هي مَيْمَنةُ العسكر، والمُجَنِّبةُ اليُسْرى: هي المَيْسَرةُ، وهما مُجَنِّبَتانِ، والنون مكسورة. وقيل: هي الكَتِيبةُ التي تأْخذ إحْدَى ناحِيَتي الطَّريق. قال: والأَوَّل أَصح. والحُسَّرُ: الرَّجَّالةُ. ومنه الحَديث في الباقِياتِ الصَّالحاتِ: هُنَّ مُقَدِّماتٌ وهُنَّ مُجَنِّباتٌ وهُنَّ مُعَقِّباتٌ.
وجَنَبَ الفَرَسَ والأَسيرَ يَجْنُبُه جَنَباً. بالتحريك، فهو مَجْنُوبٌ وجَنِيبٌ: قادَه إلى جَنْبِه وخَيْلٌ جَنائبُ وجَنَبٌ، عن الفارسي. وقيل: مُجَنَّبةٌ. شُدِّدَ للكثرة.
وفَرَسٌ طَوعُ الجِنابِ، بكسر الجيم، وطَوْعُ الجَنَبِ، إذا كان سَلِس القِيادِ أَي إذا جُنِبَ كان سَهْلاً مُنْقاداً. وقولُ مَرْوانَ بن الحَكَم: ولا نَكُونُ في هذا جَنَباً لِمَنْ بَعْدَنا، لم يفسره ثعلب. قال: وأُراه من هذا، وهو اسم للجمع. وقوله:

جُنُوح، تُباريها ظِلالٌ، كأَنـهـا،

 

مَعَ الرَّكْبِ، حَفَّانُ النَّعامِ المُجَنَّب

المُجَنَّبُ: المُجْنُوبُ أَي المَقُودُ. ويقال جُنِبَ فلان وذلك إذا ما جُنِبَ إلى دَابَّةٍ.
والجَنِيبَة: الدَّابَّةُ تُقادُ، واحدة الجَنائِبِ، وكلُّ طائِعٍ مُنْقادٍ جَنِيبٌ.
والأَجْنَبُ: الذي لا يَنْقادُ.
وجُنَّابُ الرَّجلِ: الذي يَسِير معه إلى جَنْبِه.
وجَنِيبَتا البَعِير: ما حُمِلَ على جَنْبَيهِ. وجَنْبَتُه: طائِفةٌ من جَنْبِه.
والجَنْبةُ: جِلْدة من جَنْبِ البَعير يُعْمل منها عُلْبةٌ، وهي فوق المِعْلَقِ من العِلابِ ودُونَ الحَوْأَبةِ. يقال: أَعْطِني جَنْبةً أَتَّخِذْ مِنْها عُلْبةً. وفي التهذيب: أَعْطِني جَنْبةً، فيُعْطِيه جِلْداً فيَتَّخِذُه عُلْبة. والجَنَبُ، بالتحريك: الذي نُهِيَ عنه أَن يُجْنَبَ خَلْفَ الفَرَسِ فَرَسٌ، فإذا بَلَغَ قُرْبَ الغايةِ رُكِبَ. وفي حديث الزَّكاةِ والسِّباقِ: لا جَلَبَ ولا جَنَبَ، وهذا في سِباقِ الخَيْل. والجَنَبُ في السباق، بالتحريك: أَن يَجْنُبَ فَرَساً عُرْياً عند الرِّهانِ إلى فَرَسِه الذي يُسابِقُ عَلَيْهِ، فإذا فَتَر المَرْكُوبُ تحَوَّلَ إلى المَجْنُوبِ، وذلك إذا خاف أَن يُسْبَقَ على الأَوَّلِ؛ وهو في الزكاة: أَن يَنزِل العامِلُ بأَقْصَى مواضع أَصحاب الصدقة ثم يأْمُرَ بالأَموال أَن تُجْنَبَ إليه أَي تُحْضَرَ فَنُهُوا عن ذلك. وقيل: هو أَن يُجْنِبَ رَبُّ المالِ بمالِه أَي يُبْعِدَه عن موضِعه، حتى يَحْتاجَ العامِلُ إلى الإبْعاد في اتِّباعِه وطَلَبِه. وفي حديث الحُدَيْبِيَةِ: كانَ اللّهُ قد قَطَعَ جَنْباً مِنَ المشْركين. أَراد بالجَنْبِ الأَمْرَ، أَو القِطْعةَ مِنَ الشيءِ.
يقال: ما فَعَلْتَ في جَنْبِ حاجَتي أَي في أَمْرِها. والجَنْبُ: القِطْعة من الشيءِ تكون مُعْظَمَه أَو شيئاً كَثِيراً منه.
وجَنَبَ الرَّجلَ: دَفَعَه.
ورَجل جانِبٌ وجُنُبٌ: غَرِيبٌ، والجمع أَجْنابٌ. وفي حديث مُجاهد في تفسير السيارة قال: هم أَجْنابُ الناس، يعني الغُرَباءَ، جمع جُنُبٍ، وهو الغَرِيبُ، وقد يفرد في الجميع ولا يؤَنث. وكذلك الجانِبُ والأَجْنَبيُّ والأَجْنَبُ. أَنشد ابن الأَعرابي:

هل في القَضِيَّةِ أَنْ إذا اسْتَغْنَيْتُمُ

 

وأَمِنْتُمُ، فأَنا البعِيدُ الأَجْـنَـبُ

وفي الحديث: الجانِبُ المُسْتَغْزِرُ يُثابُ من هِبَتِه الجانبُ الغَرِيبُ أَي إنَّ الغَرِيبَ الطالِبَ، إذا أَهْدَى لك هَدِيَّةً ليَطْلُبَ أَكثرَ منها، فأَعْطِه في مُقابَلة هدِيَّتِه. ومعنى المُسْتَغْزِر: الذي يَطْلُب أَكثر مما أَعْطَى.
ورجل أَجْنَبُ وأَجْنَبيٌّ وهو البعيد منك في القَرابةِ، والاسم الجَنْبةُ والجَنابةُ. قال:

إذا ما رَأَوْني مُقْبِلاً، عن جَنابةٍ،

 

يَقُولُونَ: مَن هذا، وقد عَرَفُوني

وقوله أَنشده ثعلب:

جَذْباً كَجذْبِ صاحِبِ الجَنابَهْ

فسره، فقال: يعني الأَجْنَبيَّ.
والجَنِيبُ: الغَرِيبُ. وجَنَبَ فلان في بني فلان يَجْنُبُ جَنابةً ويَجْنِبُ إذا نَزَلَ فيهم غَرِيباً، فهو جانِبٌ، والجمع جُنَّابٌ، ومن ثَمَّ قيل: رجلٌ جانِبٌ أَي غرِيبٌ، ورجل جُنُبٌ بمعنى غريب، والجمع أَجْنابٌ.
وفي حديث الضَّحَّاك أَنه قال لجارِية: هل من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ؟ قال: على جانِبٍ الخَبَرُ أَي على الغَرِيبِ القادِمِ. ويقال: نِعْم القَوْمُ هُمْ لجارِ الجَنابةِ أَي لِجارِ الغُرْبةِ.
والجَنابةُ: ضِدّ القَرابةِ، وقول عَلْقَمَة بن عَبَدةَ:

وفي كلِّ حيٍّ قد خَبَطْتَ بِنِعْـمةٍ،

 

فَحُقَّ لشأْسٍ، مِن نَداكَ، ذَنُـوبُ

فلا تَحْرِمَنِّي نائِلاً عن جَـنـابةٍ،

 

فإني امْرُؤٌ، وَسْطَ القِبابِ، غَرِيبُ

عن جَنابةٍ أَي بُعْدٍ وغُربة. قاله يُخاطِبُ به الحَرِثَ ابنَ جَبَلةَ يمدحه، وكان قد أَسَرَ أَخاه شَأْساً. معناه: لا تَحْرِمَنِّي بعدَ غَرْبَةٍ وبُعْدٍ عن دِياري. وعن، في قوله عن جنابةٍ، بمعنى بَعْدَ، وأَراد بالنائلِ إطْلاقَ أَخِيهِ شَأْسٍ من سِجْنِه، فأَطْلَقَ له أَخاه شأْساً ومَن أُسِرَ معه من بني تميم.
وجَنَّبَ الشيءَ وتجَنَّبَه وجانَبَه وتجَانَبَه واجْتَنَبَهُ: بَعُد عنه.
وجَنَبَه الشيءَ وجَنَّبَه إيَّاه وجَنَبَه يَجْنُبُه وأَجْنَبَه: نَحَّاهُ عنه. وفي التنزيل العزيز إخباراً عن إبراهيم، على نبيَّنا وعليه الصلاة والسلام: واجْنُبْني وبَنيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنام؛ أَي نَجِّني.
وقد قُرئ: وأَجْنِبْني وبَنيَّ، بالقَطْع. ويقال: جَنَبْتُه الشَّرَّ وأَجْنَبْتُه وجَنَّبْتُه، بمعنى واحد، قاله الفرّاءُ والزجاج.
ويقال: لَجَّ فلان في جِنابٍ قَبيحٍ إذا لَجَّ في مُجانَبَةِ أَهلِه.
ورجل جَنِبٌ: يَتَجنَّبُ قارِعةَ الطريق مَخافةَ الأَضْياف.
والجَنْبة، بسكون النون: الناحية. ورَجُل ذو جَنْبة أَي اعْتزالٍ عن الناس مُتَجَنِّبٌ لهم. وقَعَدَ جَنْبَةً أَي ناحِيةً واعْتَزَل الناسَ. ونزل فلان جنْبةً أَي ناحِيةً. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: عليكم بالجَنْبةِ فإنها عَفافٌ. قال الهروي: يقول اجْتَنِبُوا النساءَ والجُلُوسَ إلَيْهنَّ، ولا تَقْرَبُوا ناحِيَتَهنَّ.
وفي حديث رقيقة: اسْتَكَفُّوا جَنابَيْه أَي حَوالَيْه، تثنية جَناب، وهي الناحِيةُ. وحديث الشعبي: أَجْدَبَ بِنا الجَنابُ. والجَنْبُ: الناحِيةُ. وأَنشد الأَخفش:

الناسُ جَنْبٌ والأَمِيرُ جَنْبُ

كأَنه عَدَلَه بجميع الناس. ورجل لَيِّنُ الجانِبِ والجَنْبِ أَي سَهْلُ القُرْب. والجانِبُ: الناحِيةُ، وكذلك الجَنَبةُ. تقول: فلان لا يَطُورُ بِجَنَبَتِنا. قال ابن بري: هكذا قال أَبو عبيدة وغيره بتحريك النون.
قال، وكذا رَوَوْه في الحديث: وعلى جَنَبَتَيِ الصِّراطِ أَبْوابٌ مُفَتَّحةٌ. وقال عثمان بن جني: قد غَرِيَ الناسُ بقولهم أَنا في ذَراكَ وجَنَبَتِك بفتح النون. قال: والصواب إسكانُ النون، واستشهد على ذلك بقول أَبي صَعْتَرةَ البُولانيِّ:

فما نُطْفةٌ مِنْ حَبِّ مُزْنٍ تقاذَفَتْ

 

به جَنْبَتا الجُوديِّ، والليلُ دامِسُ

وخبر ما في البيت الذي بعده، وهو:

بأَطْيَبَ مِنْ فِيها، وما ذُقْتُ طَعْمَها،

 

ولكِنَّني، فيما تَرَى العينُ، فارِسُ

أَي مُتَفَرِّسٌ. ومعناه: اسْتَدْلَلْتُ بِرِقَّته وصفَائِه على عُذوبَتِه وبَرْدِه. وتقول: مَرُّوا يَسِيرُونَ جَنابَيْه وجَنابَتَيْه وجَنْبَتَيْه أَي ناحِيَتَيْهِ.
والجانِبُ المُجْتَنَبُ: المَحْقُورُ.
وجارٌ جُنُبٌ: ذو جَنابةٍ مِن قوم آخَرِينَ لا قَرابةَ لهم، ويُضافُ فيقال: جارُ الجُنُبِ. التهذيب: الجارُ الجُنُب هو الذي جاوَرَك، ونسبُه في قوم آخَرِينَ. والمُجانِبُ: المُباعِدُ. قال:

وإني، لِما قد كان بَيْني وبيْنَـهـا،

 

لمُوفٍ، وإنْ شَطَّ المَزارُ المُجانِبُ

وفَرسٌ مجَنَّبٌ: بَعِيدُ ما بين الرِّجْلَين من غير فَحَجٍ، وهو مدح.
والتَجْنِيبُ: انحِناءٌ وتَوْتِيرٌ في رِجْلِ الفَرَس، وهو مُسْتَحَبٌّ. قال أَبو دُواد:

وفي اليَدَيْنِ، إذا ما الماءُ أَسْهَلَها،

 

ثَنْيٌ قَلِيلٌ، وفي الرِّجْلَينِ تَجْنِيبُ

قال أَبو عبيدة: التَّجْنِيبُ: أَن يُنَحِّيَ يديه في الرَّفْعِ والوَضْعِ. وقال الأَصمعي: التَّجْنِيبُ، بالجيم، في الرجلين، والتحنيب، بالحاء في الصلب واليدين.
وأَجْنَبَ الرجلُ: تَباعَدَ.
والجَنابةُ: المَنِيُّ. وفي التنزيل العزيز: وإن كُنْتم جُنُباً فاطَّهَّروا. وقد أَجْنَبَ الرجلُ وجَنُبَ أَيضاً، بالضم، وجَنِبَ وتَجَنَّبَ.
قال ابن بري في أَماليه على قوله جَنُبَ، بالضم، قال: المعروف عند أَهل اللغة أَجْنَبَ وجَنِبَ بكسر النون، وأَجْنَبَ أَكثرُ من جَنِبَ. ومنه قول ابن عباس، رضي اللّه عنهما: الإنسان لا يُجْنِبُ، والثوبُ لا يُجْنِبُ، والماءُ لا يُجْنِبُ، والأَرضُ لا تُجْنِبُ. وقد فسر ذلك الفقهاءُ وقالوا أَي لا يُجْنِبُ الإنسانُ بمُماسَّةِ الجُنُبِ إيَّاه، وكذلك الثوبُ إذا لَبِسَه الجُنُب لم يَنْجُسْ، وكذلك الأَرضُ إذا أَفْضَى إليها الجُنُبُ لم تَنْجُسْ، وكذلك الماءُ إذا غَمَس الجُنُبُ فيه يدَه لم يَنْجُسْ.
يقول: إنَّ هذه الأَشياءَ لا يصير شيءٌ منها جُنُباً يحتاج إلى الغَسْلِ لمُلامَسةٍ الجُنُبِ إيَّاها. قال الأَزهري: إنما قيل له جُنُبٌ لأَنه نُهِيَ أَن يَقْرَبَ مواضعَ الصلاةِ ما لم يَتَطهَّرْ، فتَجَنَّبَها وأجْنَبَ عنها أَي تَنَحَّى عنها؛ وقيل: لمُجانَبَتِه الناسَ ما لم يَغْتَسِلْ.
والرجُل جُنُبٌ من الجَنابةِ، وكذلك الاثْنانِ والجميع والمؤَنَّث، كما يقال رجُلٌ رِضاً وقومٌ رِضاً، وإنما هو على تأْويل ذَوِي جُنُبٍ، فالمصدر يَقُومُ مَقامَ ما أُضِيفَ إليه. ومن العرب من يُثَنِّي ويجْمَعُ ويجْعَلُ المصدر بمنزلة اسم الفاعل. وحكى الجوهري: أَجْنَبَ وجَنُبَ، بالضم. وقالوا: جُنُبانِ وأَجْنابٌ وجُنُبُونَ وجُنُبَاتُ. قال سيبويه: كُسِّرَ على أَفْعالٍ كما كُسِّرَ بَطَلٌ عليه، حِينَ قالوا أَبْطالٌ، كما اتَّفَقا في الاسم عليه، يعني نحو جَبَلٍ وأَجْبالٍ وطُنُبٍ وأَطْنابٍ. ولم يقولوا جُنُبةً. وفي الحديث: لا تَدْخُلُ الملائكةُ بَيْتاً فيه جُنُبٌ. قال ابن الأَثير: الجُنُب الذي يَجِبُ عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المَنّي، وأَجْنَبَ يُجْنِبُ إجْناباً، والاسم الجَنابةُ، وهي في الأَصْل البُعْدُ. وأَراد بالجُنُبِ في هذا الحديث: الذي يَترُك الاغْتِسالَ مِن الجَنابةِ عادةً، فيكونُ أَكثرَ أَوقاتِه جُنُباً، وهذا يدل على قِلّة دِينِه وخُبْثِ باطِنِه. وقيل: أَراد بالملائكة ههُنا غيرَ الحَفَظةِ. وقيل: أَراد لا تحْضُره الملائكةُ بخير. قال: وقد جاءَ في بعض الرِّوايات كذلك. والجَنابُ، بالفتح، والجانِبُ: النّاحِيةُ والفِناءُ وما قَرُبَ مِن مَحِلَّةِ القوْمِ، والجمع أَجْنِبةٌ. وفي الحديث: وعلى جَنَبَتي الصِّراطِ داعٍ أَي جانِباهُ.
وجَنَبَةُ الوادي: جانِبُه وناحِيتُه، وهي بفتح النون. والجَنْبةُ، بسكون النون: النَّاحِيةُ، ويقال أَخْصَبَ جَنابُ القوم، بفتح الجيم، وهو ما حَوْلَهم، وفلان خَصِيبُ الجَنابِ وجَدِيبُ الجَنابِ، وفُلانٌ رَحْبُ الجَنابِ أَي الرَّحْل، وكُنا عنهم جَنابِينَ وجَناباً أَي مُتَنَحِّينَ. والجَنِيبةُ: العَلِيقةُ، وهي الناقةُ يُعْطِيها الرّجُلُ القومَ يَمتارُونَ عليها له. زاد المحكم: ويُعْطِيهم دَراهِمَ ليَمِيرُوه عليها. قال الحسن بن مُزَرِّدٍ:

قالَتْ لَه مائِلَةُ الذَّوائِبِ:

كَيْفَ أَخِي في العُقَبِ النَّوائِبِ؟

أَخُوكَ ذُو شِقٍّ عَلى الرَّكائِبِ

رِخْوُ الحِبالِ، مائلُ الحَقائِبِ،

رِكابُه في الحَيِّ كالجَنائِبِ

يعني أَنها ضائعةٌ كالجَنائِب التي ليس لها رَبٌّ يَفْتَقِدُها. تقول: إنَّ أَخاكَ ليس بِمُصْلِحٍ لمالِه، فمالُهُ كَمالٍ غابَ عنْه رَبُّه وسَلَّمه لِمَن يَعْبَثُ فِيهِ؛ ورِكابُه التي هو مَعَها كأَنها جَنائِبُ في الضُّرِّ وسُوءِ الحالِ. وقوله رِخْوُ الحِبالِ أَي هو رِخْوُ الشَّدِّ لرَحْلِه فحقائبُه مائلةٌ لِرخاوةِ الشَّدِّ.
والجَنِيبةُ: صُوفُ الثَّنِيِّ عن كراع وحده. قال ابن سَيده: والذي حكاه يعقوب وغيره من أَهل اللغة: الخَبِيبةُ، ثم قال في موضع آخر: الخَبِيبةُ صُوفُ الثَّنِيِّ مثل الجَنِيبةِ، فثبت بهذا أَنهما لُغَتانِ صَحيحتانِ.
والعَقِيقةُ: صُوفُ الجَذَعِ، والجَنِيبةُ من الصُّوفِ أَفْضلُ من العَقِيقة وأَبْقَى وأَكثر.
والمَجْنَبُ، بالفتح: الكَثِيرُ من الخَيرِ والشَّرِّ. وفي الصحاح: الشيءُ الكثير. يقال: إن عندنا لخيراً مَجْنَباً أَي كثيراً. وخَصَّ به أَبو عبيدة الكَثِير من الخَيرِ. قال الفارسي: وهو مِمّا وَصفُوا به، فقالوا: خَيرٌ مَجْنَبٌ. قال الفارسي: وهذا يقال بكسر الميم وفتحها. وأَنشد شمر لكثير:

وإذْ لا ترَى في الناسِ شَيْئاً يَفُوقُها،

 

وفِيهنَّ حُسْنٌ، لو تَأَمَّلْتَ، مَجْنَـبُ

قال شمر: ويقال في الشَّرِّ إذا كَثُر، وأَنشد:

وكُفْراً ما يُعَوَّجُ مَجْنَبَا

وطَعامٌ مَجْنَبٌ: كثير. والمِجْنَبُ: شَبَحَةٌ مِثْلُ المُشْطِ إلاّ أَنها ليست لها أَسْنانٌ، وطَرَفُها الأَسفل مُرْهَفٌ يُرْفَعُ بها التُّرابُ على الأَعْضادِ والفِلْجانِ. وقد جَنَبَ الأَرْضَ بالمِجْنَبِ. والجَنَبُ: مصدر قولك جَنِبَ البعير، بالكسر، يَجْنَبُ جَنَباً إذا ظَلَعَ من جَنْبِه. والجَنَبُ: أَن يَعطَشَ البعِيرُ عَطَشاً شديداً حتى تَلْصَقَ رِئَتُه بجَنْبِه من شدَّة العَطَشِ، وقد جَنِب جَنَباً. قال ابن السكيت قالت الأَعراب: هو أَن يَلْتَوِيَ من شِدّة العطش. قال ذو الرمة يصف حماراً:

وَثْبَ المُسَحَّجُ مِن عاناتِ مَعْقُلَةٍ،

 

كأَنه مُسْتَبانُ الشَّكِّ، أَو جَنِـبُ

والمُسَحَّجُ: حِمارُ الوحْشِ، والهاءُ في كأَنه تَعُود على حِمار وحْشٍ تقدم ذكره. يقول: كأَنه من نَشاطِه ظالِعٌ، أَو جَنِبٌ، فهو يَمشي في شِقٍّ وذلك من النَّشاطِ. ييشَبِّه جملَه أَو ناقَتَه بهذا الحمار. وقال أَيضاً:  

هاجَتْ به جُوَّعٌ، غُضْفٌ، مُخَصَّرةٌ،

 

شَوازِبٌ، لاحَها التَّغْرِيثُ والجَنَـبُ

وقيل الجَنَبُ في الدابة: شِبْهُ الظَّلَعِ، وليس بِظَلَعٍ، يقال: حِمارٌ جَنِبٌ. وجَنِبَ البعير: أَصابه وجعٌ في جَنْبِه من شِدَّةِ العَطَش.
والجَنِبُ: الذئْبُ لتَظالُعِه كَيْداً ومَكْراً من ذلك.
والجُنابُ: ذاتُ الجَنْبِ في أَيِّ الشِّقَّينِ كان، عن الهَجَرِيِّ.
وزعَم أَنه إذا كان في الشِّقِّ الأَيْسَرِ أَذْهَبَ صاحِبَه. قال:

مَريضٍ، لا يَصِحُّ، ولا أُبالي،

 

كأَنَّ بشِقِّهِ وجَعَ الجُـنـابِ

وجُنِبَ، بالضم: أَصابه ذاتُ الجَنْبِ.
والمَجْنُوبُ: الذي به ذاتُ الجَنْب، تقول منه: رَجُلٌ مَجْنُوب؛ وهي قَرْحَةٌ تُصِيبُ الإنسانَ داخِلَ جَنْبِه، وهي عُلَّة صَعْبة تأْخُذُ في الجَنْب. وقال ابن شميل: ذاتُ الجَنْب هي الدُّبَيْلةُ، وهي على تَثْقُبُ البطن ورُبَّما كَنَوْا عنها فقالوا: ذاتُ الجَنْب. وفي الحديث: المَجْنُوبُ في سَبِيلِ اللّهِ شَهِيدٌ. قيل: المَجْنُوبُ الذي به ذاتُ الجَنْبِ. يقال: جُنِبَ فهو مَجْنُوب، وصُدِرَ فهو مَصْدُورٌ. ويقال: جَنِبَ جَنَباً إذا اشْتَكَى جَنْبَه، فهو جَنِبٌ، كما يقال رَجُلٌ فَقِرٌ وظَهِرٌ إذا اشْتَكَى ظَهْرَه وفَقارَه. وقيل: أَراد بالمَجْنُوبِ الذي يَشْتَكِي جَنْبَه مُطْلَقاً. وفي حديث الشُّهَداءِ: ذاتُ الجَنْب شَهادةٌ. وفي حديث آخر: ذُو الجَنْبِ شَهِيدٌ؛ هو الدُّبَيْلةُ والدُّمَّل الكبيرة التي تَظْهَر في باطن الجَنْب وتَنْفَجِر إلى داخل، وقَلَّما يَسْلَمُ صاحِبُها. وذُو الجَنْبِ: الذي يَشْتَكي جَنْبَه بسبب الدُّبيلة، إلاّ أَنَّ ذو للمذكر وذات للمؤَنث، وصارت ذات الجنب علماً لها، وإن كانت في الأَصل صفة مضافة.
والمُجْنَب، بالضم، والمِجْنَبُ، بالكسر: التُّرْس، وليست واحدة منهما على الفعل. قال ساعدة بن جُؤَبَّةَ:

صَبَّ اللَّهِيفُ لَها السُّبُوبَ بِطَغْيةٍ،

 

تُنْبي العُقابَ، كما يُلَطُّ المِجْنَـبُ

عَنَى باللَّهِيفِ المُشْتارَ. وسُبُوبُه: حِبالُه التي يَتَدلَّى بها إلى العَسَلُ. والطَّغْيةُ: الصَّفاةُ المَلْساءُ. والجَنْبةُ: عامَّة الشَّجَر الذي يَتَرَبَّلُ في الصَّيْفِ.
وقال أَبو حنيفة: الجَنْبةُ ما كان في نِبْتَتِه بين البَقْل والشَّجر، وهما مما يبقى أَصله في الشتاءِ ويَبِيد فَرْعه. ويقال: مُطِرْنا مَطَراً كَثُرتْ منه الجَنْبةُ. وفي التهذيب: نَبَتَتْ عنه الجَنْبةُ، والجَنْبَةُ اسم لكل نَبْتٍ يَتَرَبَّلُ في الصَّيف. الأَزهري: الجَنْبةُ اسم واحد لنُبُوتٍ كثيرة، وهي كلها عُرْوةٌ، سُميت جَنْبةً لأَنها صَغُرت عن الشجر الكبار وارْتَفَعَتْ عن التي أَرُومَة لها في الأَرض؛ فمِنَ الجَنْبةِ النَّصِيُّ والصِّلِّيانُ والحَماطُ والمَكْرُ والجَدْرُ والدَّهْماءُ صَغُرت عن الشجر ونَبُلَتْ عن البُقُول. قال: وهذا كله مسموع من العرب.
وفي حديث الحجاج: أَكَلَ ما أَشْرَفَ من الجَنْبَةِ؛ الجَنْبَةُ، بفتح الجيم وسكون النون: رَطْبُ الصِّلِّيانِ من النبات، وقيل: هو ما فَوْقَ البَقْلِ ودُون الشجر. وقيل: هو كلُّ نبْت يُورِقُ في الصَّيف من غير مطر. والجَنُوبُ: ريح تُخالِفُ الشَّمالَ تأْتي عن يمِين القِبْلة. وقال ثعلب: الجَنُوبُ مِن الرِّياحِ: ما اسْتَقْبَلَكَ عن شِمالك إذا وقَفْت في القِبْلةِ.
وقال ابن الأَعرابي: مَهَبُّ الجَنُوب مِن مَطْلَعِ سُهَيلٍ إلى مَطْلَعِ الثُرَيَّا. الأَصمعي: مَجِيءُ الجَنُوبِ ما بين مَطْلَعِ سُهَيْلٍ إلى مَطْلَعِ الشمس في الشتاءِ. وقال عمارةُ: مَهَبُّ الجَنُوبِ ما بين مَطلع سُهَيْل إلى مَغْرِبه. وقال الأَصمعي: إذا جاءَت الجَنُوبُ جاءَ معها خَيْرٌ وتَلْقِيح، وإذا جاءَت الشَّمالُ نَشَّفَتْ. وتقول العرب للاثنين، إذا كانا مُتصافِيَيْنِ: رِيحُهما جَنُوبٌ، وإذا تفرَّقا قيل: شَمَلَتْ رِيحُهما، ولذلك قال الشاعر:

لَعَمْري، لَئِنْ رِيحُ المَودَّةِ أَصبَحَتْ

 

شَمالاً، لقد بُدِّلْتُ، وهي جَنُـوبُ

وقول أَبي وجزة:

مَجْنُوبةُ الأُنْسِ، مَشْمُولٌ مَواعِدُهـا،

 

مِن الهِجانِ، ذواتِ الشَّطْبِ والقَصَبِ

يعني: أَن أُنسَها على مَحَبَّتِه، فإن التَمَس منها إنْجازَ مَوْعِدٍ لم يَجِدْ شيئاً. وقال ابن الأَعرابي: يريد أَنها تَذْهَب مَواعِدُها مع الجَنُوبِ ويَذْهَبُ أُنسُها مع الشَّمالِ.
وتقول: جَنَبَتِ الرِّيحُ إذا تَحَوَّلَتْ جَنُوباً. وسَحابةٌ مَجْنُوبةٌ إذا هَبَّتْ بها الجَنُوب.
التهذيب: والجَنُوبُ من الرياحِ حارَةٌ، وهي تَهُبُّ في كلِّ وقْتٍ، ومَهَبُّها ما بين مَهَبَّي الصَّبا والدَّبُورِ مِمَّا يَلي مَطْلَعَ سُهَيْلٍ. وجَمْعُ الجَنُوبِ: أَجْنُبٌ. وفي الصحاح: الجَنُوبُ الريح التي تُقابِلُ الشَّمال. وحُكي عن ابن الأَعرابي أَيضاً أَنه قال: الجَنُوب في كل موضع حارَّة إلا بنجْدٍ فإنها باردة، وبيتُ كثير عَزَّةَ حُجَّة له:

جَنُوبٌ، تُسامِي أَوْجُهَ القَوْمِ، مَسُّهـا

 

لَذِيذٌ، ومَسْراها، من الأَرضِ، طَيِّبُ

وهي تكون اسماً وصفة عند سيبويه، وأَنشد:

رَيحُ الجَنُوبِ مع الشَّمالِ، وتارةً

 

رِهَمُ الرَّبِيعِ، وصائبُ التَّهْتـانِ

وهَبَّتْ جَنُوباً: دليل على الصفة عند أَبي عثمان.
قال الفارسي: ليس بدليل، أَلا ترى إلى قول سيبويه: إنه قد يكون حالاً ما لا يكون صفة كالقَفِيز والدِّرهم. والجمع: جَنائبُ. وقد جَنَبَتِ الرِّيحُ تَجْنُبُ جُنُوباً، وأَجْنَبَتْ أَيضاً، وجُنِبَ القومُ: أَصابَتْهم الجَنُوبُ أَي أَصابَتْهم في أَموالِهِمْ. قال ساعدة بن جُؤَيَّةَ:

سادٍ، تَجَرَّمَ في البَضِيعِ ثَمانِياً،

 

يُلْوَى بِعَيْقاتِ البِحارِ، ويُجْنَبُ

أَي أَصابَتْه الجَنُوبُ.
وأَجْنَبُوا: دَخلوا في الجَنُوبِ.
وجُنِبُوا: أَصابَهُم الجَنُوبُ، فهم مَجْنُوبُونَ، وكذلك القول في الصَّبا والدَبُورِ والشَّمالِ.
وجَنَبَ إلى لِقائِه وجَنِبَ: قَلِقَ، الكسر عن ثعلب، والفتح عن ابن الأَعرابي. تقول: جَنِبْتُ إلى لِقائكَ، وغَرِضْتُ إلى لِقائكَ جَنَباً وغَرَضاً أَي قَلِقْتُ لشدَّة الشَّوْقِ إليك. وقوله في الحديث: بِعِ الجَمْعَ بالدّراهم ثم ابْتَعْ به جَنِيباً، هو نوع جَيِّد مَعْروف من أَنواع التمر، وقد تكرَّر في الحديث.
وجَنَّبَ القومُ، فهم مُجَنِّبُونَ، إذا قلَّتْ أَلبانُ إبلهم؛ وقيل: إذا لم يكن في إبلهم لَبَنٌ. وجَنَّبَ الرَّجلُ إذا لم يكن في إبله ولا غنمه دَرٌّ: وجَنَّبَ الناسُ: انْقَطَعَتْ أَلبانُهم، وهو عام تَجْنِيب. قال الجُمَيْحُ بنُ مُنْقِذ يذكر امرأَته:

لَمَّا رَأَتْ إبِلي قَلَّتْ حَلُوبَتُها،

 

وكُلُّ عامٍ عَلَيها عامُ تَجْنِيبِ

يقُول: كلُّ عامٍ يَمُرُّ بها، فهو عامُ تَجْنِيبٍ. قال أَبو زيد: جَنَّبَتِ الإبلُ إذا لم تُنْتَجْ منها إلا الناقةُ والناقَتانِ. وجَنَّبها هو، بشدِّ النون أَيضاً. وفي حديث الحَرِثِ بن عَوْف: إن الإبل جَنَّبَتْ قِبَلَنا العامَ أَي لم تَلْقَحْ، فيكون لها أَلبان. وجنَّب إبلَه وغَنَمه: لم يُرْسِلْ فيها فحلاً.
والجَأْنبُ، بالهمز: الرجل القَصيرُ الجافي الخِلْقةِ. وخَلْقٌ جَأْنَبٌ إذا كان قَبِيحاً كَزّاً. وقال امرؤُ القيس:

ولا ذاتُ خَلْقٍ، إنْ تَأَمَّلْتَ، جَأْنَبِ

والجَنَبُ: القَصِيرُ؛ وبه فُسِّرَ بيت أَبي العيال:

فَتىً، ما غادَرَ الأَقْوامُ،

 

لا نِكْسٌ ولا جَـنَـبُ

وجَنِبَتِ الدَّلْوُ تَجْنَبُ جَنَباً إذا انْقَطَعَتْ منها وذَمَةٌ أَو وَذَمَتانِ. فمالَتْ.
والجَناباءُ والجُنابى: لُعْبةٌ للصِّبْيانِ يَتَجانَبُ الغُلامانِ فَيَعْتَصِمُ كُلُّ واحدٍ من الآخر.
وجَنُوبُ: اسم امرأَة. قال القَتَّالُ الكِلابِيُّ:

أَباكِيَةٌ، بَعْدي، جَنُوبُ، صَبابةً،

 

عَليَّ، وأُخْتاها، بماءِ عُيُونِ؟

وجَنْبٌ: بَطْن من العرب ليس بأَبٍ ولا حَيٍّ، ولكنه لَقَبٌ، أَو هو حَيٌّ من اليمن. قال مُهَلْهِلٌ:

زَوَّجَها فَقْدُها الأَراقِمَ فـي

 

جَنْبٍ، وكانَ الحِباءُ من أَدَمِ

وقيل: هي قَبِيلةٌ من قَبائِل اليَمَن.
والجَنابُ: موضع.
والمِجْنَبُ: أَقْصَى أَرضِ العَجَم إلى أَرض العَرَبِ، وأَدنى أَرضِ العَرَب إلى أرض العجم. قال الكميت:

وشَجْو لِنَفْسِيَ، لم أَنسَـه،

 

بِمُعْتَرَك الطَّفِّ والمِجْنَبِ

ومُعْتَرَكُ الطَّفِّ: هو الموضع الذي قُتِلَ فيه الحُسَين بن عليّ، رضي اللّه عنهما.
التهذيب: والجِنابُ، بكسر الجيم: أَرض معروفة بِنَجْد. وفي حديث ذي المِعْشارِ: وأَهلِ جِنابِ الهَضْبِ هو، بالكسر، اسم موضع.

جنبح

الجُنْبُحُ: العظيم، وقيل: الجُنْبُخُ، بالخاء.

جنبخ

الليث: الجُنْبُخُ الضخم بلغة مصر؛ قال: والقملة الضخمة جُنْبُخَة. والجُنْبُخُ: الكبير العظيم؛ وعِزٌّ جُنْبُخٌ؛ قال أَعرابي:

يأْبى ليَ اللَّهُ وعِزٌّ جُنْبُخُ

ابن السكيت: الجُنْبُخُ: الطويل؛ وأَنشد:

إِنَّ القَصِير يَلْتَوِي بالجُنْبُخِ،

 

حتى يَقولَ بطنُه: جَخٍ جَخِ

جنبذ

الجُنْبُذَةُ، بالضم: ما ارتفع من الشيء واستدار كالقبة؛ قال يعقوب: والعامة تقول: جُنْبَذَة، بفتح الباء، ابن سيده: الجُنْبُذَة المرتفع من كل شيء. والجُنْبُذَة: ما علا من الأَرض واستدار. ومكان مُجَنْبَذ: مرتفع؛ حكاه كراع. وجُنْبُذَة الكيل: منتهى أَصْبارِه؛ وقد جَنْبَذه.
والجُنْبُذَة: القبة؛ عن ابن الأَعرابي. وفي الحديث في صفة الجنة: وسطها جنَابِذ من ذهب وفضة يسكنها قوم من أَهل الجنة كالأَعراب في البادية؛ وورد في حديث آخر: فيها جنَابِذ من لؤلؤ، وفسره بذلك أَيضاً.

جنبر

الجَنْبَرُ: فَرْخُ الحُبارَى؛ عن السيرافي. والجِنِبَّارُ: كالجَنْبَرِ مثَّل به سيبويه وفسره السيرافي. فأَما جِنْبارٌ، بالتخفيف، فزعم ابن الأَعرابي أَنه من الجَبْرِ لم يفسره بأَكثر من ذلك، فإِن كان كذلك فهو ثلاثي وقد ذكر في موضعه؛ قال ابن سيده: وعندي أَن الجِنْبَارَ بالتخفيف لغة في الجِنِبَّارِ الذي هو فرخ الحبارى وليس قول ابن الأَعرابي حينئذٍ إِن جِنْباراً من الجَبْر بشيء. ورجل جَنْبَرٌ: قصير. أَبو عمرو: الجَنْبَرُ الرجل الضخم. وجَنْبَرُ: فَرَسُ جَعْدَة بْنِ مِرْداسٍ.

جنبق

امرأَة جُنْبُقة: نعت مكروه.

جنبل

الجُنْبُل: العُسُّ الضَّخْم الخَشِبُ النَّحْت الذي لم يَسْتَو؛ وأَنشد:

مَلْمومة لَمّاً كظَهْرِ الجُنْبُل

الجُنْبُل والمِجْوَل: القَدَح الضَّخم. والجُنْبُل: قَدَح غليظ من خشب؛ وأَنشد أَبو عمرو لأَبي الغريب النصري:

وكُلْ هَنِيئاً، ثم لا تُزَمِّـل

 

وادْعُ، هُدِيتَ، بعَتَادٍ جُنْبُل

وقال آخر في مثله: إِذا انبَطَحتْ جافَى عن الأَرض بَطنُها، وخَوَّأَها رَابٍ كهامَةِ جُنْبُل

جنث

الجِنْثُ: أَصلُ الشيء، والجمعُ أَجناثٌ وجُنُوثٌ. الجوهري: يقال فلان من جِنْثِك وجِنْسِك أَي من أَصلك، لغة أَو لَثْغة.
والجُنْثِيُّ والجِنْثِيُّ: الزَّرَّادُ؛ وقيل: الحَدَّاد، والجمع أَجْناثٌ، على حذف الزائد. والجِنْثِيُّ والجُنْثِيُّ: السيفُ؛ قال:

ولكِنَّها سُوقٌ، يكونُ بِياعُهـا

 

بجُنْثِيَّةٍ، قد أَخْلَصَتْها الصَّياقِلُ

وقال الجوهري: يعني به السُّيوف أَو الدُّرُوعَ. والجُنْثِيُّ، بالكسر والضم: من أَجود الحديد؛ الأَصمعي عن خَلَفٍ قال: سمعت العرب تُنْشِدُ بيت لَبيد:

أَحْكَمَ الجُنْثِيُّ، من عَوْراتِها،

 

كلَّ حِرْباءٍ، إذا أُكْرِه صَلْ

قال: الجُنْثِيُّ السيفُ بعينه. أَحْكَمَ أَي رَدَّ الحِرْباءَ، وهو المسمارُ. من عَوْراتها، السيفُ أَنشد:

وليستْ بأَسْواقٍ، يكونُ بِياعُها

 

بِبِيضٍ، تُشافُ بالجِيادِ المَناقِلِ

ولكنَّها سُوقٌ، يكونُ بِياعُهـا

 

بجِنْثِيَّةٍ، قد أَخْلَصَتْها الصَّياقِلُ

قال: من روى أَحْكَمَ الجِنْثِيُّ من عَوْراتها كلَّ حرباء، قال: الجنْثِيُّ الحدَّاد إذا أَحْكَم عَوْرات الدُّروع لم يَدَعْ فيها فَتْقاً، ولا مكاناً ضَعيفاً.
والجِنْثُ: أَصلُ الشجرة، وهو العِرْق المستقيمُ أَرومَتُه في الأَرض؛ ويقال: بل هو من ساقِ الشجرة ما كان في الأَرض فوقَ العُروق. الأَصمعي: جِنْثُ الإِنسان أَصلهُ؛ وإِنه ليرجع إِلى جِنْثِ صِدْقٍ.
ابن الأَعرابي: التَّجَنُّثُ أَن يَدَّعِيَ الرجلُ غير أَصله.
جهث: جَهَثَ الرجلُ يَجْهَثُ جَهْثاً: استخفَّه الفزعُ أَو الغَضَبُ؛ عن أَبي مالك.
جوث: الجَوَثُ: اسْتِرخاءُ أَسفلِ البَطْنِ. ورجل أَجْوَثُ. والجَوْثاءُ، بالجيم: العظيمة البَطْن عند السُّرَّة؛ ويقال: بل هو كَبَطْنِ الحُبْلى. الليث: الجَوَثُ عِظَمٌ في أَعلى البَطْن كأَنه بَطْنُ الحُبْلى؛ والنَّعْتُ: أَجْوَثُ وجَوْثاءُ. والجَوْثُ والجَوْثاءُ: القِبَةُ؛ قال:

إِنَّا وَجَـدْنـا زادَهـم رَدِيَّا:

 

الكِرْشَ، والجَوْثاءَ، والمَرِيَّا

وقيل: هي الحَوْثاء، بالحاءِ المهملة.
وجُوثةُ: حَيٌّ أَو موضع، وتميم جُوثة منسوبون إِليهم. الجوهري: جُوَاثَى: اسم حِصْن بالبحرين. وفي الحديث: أَوَّلُ جُمْعَةٍ جُمِّعَتْ بعد المدينة بجُوَاثَى؛ هو اسم حصن بالبحرين.
وفي حديث الثَّلِبِ: أَصابَ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، جُوثَةٌ. هكذا جاء في روايته؛ قالوا: والصواب حُوبَةٌ، وهي الفاقَةُ.

جنثر

الجَنْثَرُ من الإِبل: الطويل العظيم. أَبو عمرو: الجُنْثُرُ الجَمَلُ الضخم، وقال الليث: هي الجَناثِرُ؛ وأَنشد:

كُومٌ إذا ما فُصِلَتْ جَناثِرُ

جنثل

جَنْثَل: اسم.

جنجل

الجُنْجُل: بَقْلة بالشام نحو الهِلْيَوْنِ تؤكل مَسْلوقة.

جنح

جَنَحَ إِليه يَجْنَحُ ويَجْنُحُ جُنُوحاً، واجْتَنحَ: مالَ، وأَجْنَحَه هو؛ وقول أَبي ذؤيب:

فَمَرَّ بالطيرِ منه فاحِمٌ كَـدِرٌ،

 

فيه الظِّباءُ وفيه العُصْمُ أَجْناحُ

إِنما هو جمع جانح كشاهد وأَشهاد، وأَراد مَوائِلَ. وفي الحديث: مَرِضَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فوجد خِفَّةً فاجْتَنحَ على أُسامة حتى دخل المسجد أَي خرج مائلاً متكئاً عليه. ويقال: أَقمت الشيء فاستقام.
واجْتَنَحْتُه أَي أَمَلته فَجَنَحَ أَي مال. وقال الله عز وجل: وإِن جَنَحُوا للسِّلْم فاجْنَحْ لها؛ أَي إِن مالوا إِليك فَمِلْ إِليها، والسِّلْمُ: المُصالحة، ولذلك أُنثت؛ وقول أَبي النجم يصف السحاب:

وسَحَّ كلُّ مُدْجنٍ سَـحَّـاحِ،

 

يَرْعُدُ في بَيضِ الذُّرَى جُنَّاحِ

قال الأَصمعي: جُنَّاح دانية من الأَرض، وقال غيره: جُنَّاح مائلة عن القصد. وجَنَحَ الرجلُ واجْتَنَحَ: مال على أَحد شقَّيه وانحنى في قَوْسِه. وجُنُوح الليل: إِقباله. وجَنَحَ الظلامُ: أَقْبلَ الليلُ. وجَنَحَ الليلُ يَجْنَحُ جُنُوحاً: أَقبل.
وجُنْحُ الليل وجِنْحُه: جانِبُه، وقيل: أَوَّله، وقيل: قطعة منه نحو النصف، وجُنْحُ الظلام وجِنْحُه لغتان، ويقال: كأَنه جُنْحُ ليل يُشَبَّه به العَسْكَرُ الجرّار؛ وفي الحديث: إذا اسْتَجنح الليلُ فاكْفِتُوا صِبيانكم؛ المراد في الحديث أَوَّل الليل. وجِنْحُ الطريق جانبه؛ قال الأَخْضَر بن هُبَيْرة الضَّبّي:

فما أَنا يومَ الرَّقْمَتَيْنِ بِناكِـلٍ،

 

ولا السيفُ إِن جَرَّدْتُه بكَلِيلِ

وما كنتُ ضَغَّاطاً، ولكنَّ ثائراً

 

أَناخَ قليلاً، عند جِنْحِ سَبـيلِ

وجِنْحُ القوم: ناحيتُهم وكَنَفُهم؛ وقال:

فبات بِجِنْحِ القـومِ حـتـى إذا بـدا

 

له الصُّبْحُ، سام القومَ إِحدى المَهالكِ

وجَناحُ الطائر: ما يَخْفِق به في الطيران، والجمع أَجْنِحة وأَجْنُحٌ.
وجَنَحَ الطائرُ يَجْنَحُ جُنُوحاً إذا كَسَرَ مِن جَناحَيْه ثم أَقبل كالواقع اللاجئ إِلى موضع؛ قال الشاعر:

تَرَى الطيرَ العِتاقَ يَظَلْنَ منه

 

جُنُوحاً، إِنْ سَمِعْنَ له حَسِيسا

وجَناحا الطائر: يداه. وجَناحُ الإِنسان: يَدُه. ويد الإِنسان: جَناحاه.
وفي التنزيل: واخْفِضْ لهما جَناحَ الذُّلِّ من الرَّحْمة؛ أَي أَلِنْ لهما جانِبَكَ. وفيه: واضْمُمْ إِليك جَناحَك من الرَّهْب؛ قال الزجاج: معنى جَناحك العَضُدُ، ويقال اليد كلُّها جَناحٌ، وجمعه أَجْنِحة وأَجْنُحٌ، حكى الأَخيرة ابن جني وقال: كَسَّرُوا الجَناحَ وهو مذكَّر على أَفْعُلٍ، وهو من تكسير المؤَنث لأَنهم ذهبوا بالتأْنيث إِلى الرِّيشَة، وكله راجع إِلى معنى المَيْل لأَن جَناحَ الإِنسان والطائر في أَحد شِقَّيْه. وفي الحديث: إِن الملائكة لَتَضَعُ أَجْنِحتها لطالب العلم أَي تضعها لتكون وِطاءً له إذا مَشَى؛ وقيل: هو بمعنى التواضع له تعظيماً لحقِّه؛ وقيل: أَراد بوضع الأَجنحة نزولَهم عند مجالس العلم وتَرْكَ الطيران؛ وقيل: أَراد إِظلالهم بها؛ وفي الحديث الآخر: تُظِلُّهم الطيرُ بأَجنحتها.
وجَناحُ الطائر: يَدُه.
وجَنَحَه يَجْنِحُه جَنْحاً: أَصاب جَناحَه.
الأَزهري: وللعرب أَمثال في الجَناح، منها قولهم في الرجل إذا جَدَّ في الأَمر واحتفل: رَكِبَ فلانٌ جَناحَيْ نَعامة؛ قال الشماخ:

فمن يَسْعَ أَو يَرْكَبْ جَناحَيْ نَعامةٍ،

 

لِيُدْرِكَ ما قَدَّمْتَ بالأَمْسِ، يُسْبَـق

ويقال: ركب القومُ جَناحَيِ الطائر إذا فارقوا أَوطانهم؛ وأَنشد الفرَّاء:

كأَنما بِجَناحَيْ طائِرٍ طاروا

ويقال: فلان في جناحي طائر إذا كان قَلِقاً دَهِشاً، كما يقال: كأَنه على قَرْن أَعْفَر، ويقال: نحن على جَناح سَفَر أَي نريد السفر، وفلان في جنَاح فلان أَي في ذَراهُ وكنفه؛ وأَما قول الطِّرِمَّاحِ:

يَبُلُّ بمَعْصورٍ جَناحَيْ ضَئِيلَةٍ

 

أَفاوِيقَ، منها هَلَّةٌ ونُقُـوعُ

فإِنه يريد بالجَناحين الشفتين، ويقال: أَراد بهما جَناحَيِ اللَّهاةِ والحَلْقِ. وجَناحا العَسْكَرِ: جانباه. وجَناحا الوادي: مَجْرَيانِ عن يمينه وشماله. وجَناحُ الرَّحَى: ناعُورُها. وجَناحا النَّصْلِ: شَفْرَتاه.
وجَناحُ الشيء: نَفْسُه؛ ومنه قول عَدِيِّ ابن زيد:

وأَحْوَرُ العينِ مَرْبُوبٌ، له غُسَنٌ،

 

مُقَلَّدٌ من جَناحٍ الدُّرِّ تِقْصـارا

وقيل: جَناحُ الدُّرِّ نَظْمٌ منه يُعَرَّضُ. وكلُّ شيء جعلته في نِظامٍ، فهو جَناحٌ.
والجَوانح: أَوائل الضُّلُوع تحت الترائب مما يلي الصدر، كالضلوع مما يلي الظهر، سميت بذلك لجنوحها على القلب، وقيل: الجوانح الضُّلُوع القِصارُ التي في مُقَدَّمِ الصدرِ، والواحدة جانحة؛ وقيل: الجوانح من البعير والدابة ما وقعت عليه الكتف وهو من الإِنسان الدَّئيُّ، وهي ما كان من قبل الظهر وهي ست: ثلاث عن يمينك وثلاث عن شمالك؛ قال الأَزهري: جَوانِحُ الصَّدْرِ من الأَضلاع المتصلة رُؤُوسها في وَسَطِ الزَّوْرِ، الواحدة جانحة؛ وفي حديث عائشة: كان وَقِيذَ الجَوانِح، هي الأَضلاع مما يلي الصدر.
وجُنِحَ البعيرُ: انكسرت جَوانِحُه من الحِمْل الثقيل. وجَنَحَ البعيرُ يَجْنَحُ جَنُوحاً: انكسر أَوَّلُ ضُلُوعه مما يلي الصدر. وناقة مُجْتَنِحَة الجَنْبَينِ: واسعتهما. وجَنَحَتِ الإِبلُ: خَفَضَتْ سَوالِفَها في السير، وقيل: أَسرعت.
ابن شميل: الاجْتِناحُ في الناقة كأَنَّ مُؤَخَّرَها يُسْنَدُ إِلى مُقَدَّمها من شدّة اندفاعها بحَفْزِها رجليها إِلى صدرها؛ وقال شمر: اجْتَنَحَتِ الناقة في سيرها إذا أَسرعت؛ وأَنشد:

من كلِّ وَرْقاء لها دَفٌّ قَرِحْ،

 

إِذا تَبادَرْنَ الطريقَ تَجْتَنِـحْ

وقال أَبو عبيدة: المُجْتَنِحُ من الخيل الذي يكون حُضْرُه واحداً لأَحَدِ شِقَّيْه يَجْتَنِحُ عليه أَي يعتمده في حُضْره؛ والناقة الباركة إذا مالت على أَحد شقيها يقال: جَنَحَتْ؛ قال ذو الرمة:

إِذا مالَ فوقَ الرَّحْلِ، أَحْيَيْتِ نَفْسَه

 

بذكراكِ، والعِيسُ المَراسِيلُ جُنَّحُ

وجَنَحَتِ السفينة تَجْنَحُ جُنُوحاً: انتهت إِلى الماء القليل فَلَزِقَتْ بالأَرض فلم تَمْضِ. واجْتَنَحَ الرجلُ في مَقْعَده على رحله إذا انْكَبَّ على يديه كالمُتَّكِئ على يدٍ واحدة. الأَزهري: الرجل يَجْنَحُ إذا أَقبل على الشيء يعمله بيديه وقد حَنَى عليه صَدْرَهُ؛ وقال لبيد:

جُنُوحَ الهَالِكِيّ على يديهِ،

 

مُكِبّاً يَجْتَلِي ثُقَبَ النِّصالِ

وروى أَبو صالح السَّمَّانُ عن أَبي هريرة أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَمَرَ بالتَّجَنُّحِ في الصلاة، فشَكا ناسٌ إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، الضَّعْفَةَ فأَمَرَهم أَن يستعينوا بالرُّكَبِ؛ وفي رواية: شكا أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الاعتمادَ في السجود فَرَخَّصَ لهم أَن يستعينوا بمرافقهم على رُكَبهم. قال شمر: التَّجَنُّحُ والاجْتِناحُ كأَنه الاعتماد في السجود على الكفين، والادِّعامُ على الراحتين وترك الافتراش للذراعين؛ قال ابن الأَثير: هو أَن يرفع ساعديه في السجود عن الأَرض ولا يفترشهما، ويجافيهما عن جانبيه ويعتمد على كفيه فيصيرَان له مثل جَناحَيِ الطائر؛ قال ابن شميل: جَنَحَ الرجل على مِرْفَقَيْه إذا اعتمد عليهما وقد وضعهما بالأَرض أَو على الوسادة يَجْنَحُ جُنُوحاً وجَنْحاً.
والمَجْنَحة: قطعة أَدَمٍ تُطرح على مُقَدَّم الرحل يَجْتَنِحُ الراكب عليها.
والجُناح، بالضم: الميل إِلى الإِثم، وقيل: هو الإِثم عامّة. والجُناحُ: ما تُحُمِّلَ من الهَمِّ والأَذى؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

ولاقَيْتُ، من جُمْلٍ وأَسبابِ حُبِّها،

 

جُناحَ الذي لاقَيْتُ من تِرْبِها قَبْلُ

قال: وأَصل ذلك من الجُناح الذي هو الإِثم. وقال أَبو الهيثم في قوله عز وجل: ولا جُناحَ عليكم فيما عَرَّضتم به؛ الجُناح: الجناية والجُرْمُ؛ وأَنشد قول ابن حِلِّزَةَ:

أَعَلينا جُناحُ كِنْـدَةَ، أَن يَغْ

 

نَمَ غازيهمُ، ومنا الجَزاءُ؟

وصف كندة بأَنهم غَزَوْكم فقتلوكم وتُحَمِّلوننا جزاءَ فعلهم أَي عقاب فعلهم، والجزاء يكون ثواباً وعقاباً؛ وقيل في قوله: لا جُناح عليكم أَي لا إِثم عليكم ولا تضييق. وفي حديث ابن عباس في مال اليتيم: إِني لأَجْنَحُ أَن آكُلَ منه أَي أَرى الأَكل منه جُناحاً وهو الإِثم؛ قال ابن الأَثير: وقد تكرر الجُناحُ في الحديث، فأَين ورد فمعناه الإِثم والميل. ويقال: أَنا إِليك بحُناحٍ أَي متشوّق، كذا حكي بضم الجيم؛ وأَنشد:

يا لَهْفَ هِنْدٍ بعدَ أُسْرَةِ واهِبٍ،

 

ذَهَبُوا، وكنتُ إِليهمُ بجُنـاحِ

بالضم، أَي مُتَشَوِّقاً. وجَنَحَ الرجلُ يَجْنَحُ جُنُوحاً: أَعطى بيده. ابن شميل: جَنَحَ الرجلُ إِلى الحَرورِيَّة، وجَنَحَ لهم إذا تابعهم وخضع لهم.
وجَناحٌ: اسم رجل، واسم ذئب؛ قال:

ما راعَني إِلاَّ جَناحٌ هابطـا،

 

على البُيوتِ، قَوْطَه العُلابِطا

وجَنَّاحٌ: اسم رجل. وجَنَّاحٌ: اسم خِباءٍ من أَخبيتهم؛ قال:

عَهْدي بجَنَّاحٍ إذا ما اهْتَزَّا،

وأَذْرَتِ الريحُ تُراباً نَزَّا،

أَنْ سَوْفَ تَمْضِيهِ، وما ارْمَأَزَّا

وتمضيه: تمضي عليه.

جنحدل

هذه كلمة ذكرها الأَزهري في الخماسي فقال: وأَنشد أَبو الهيثم لمالك بن الرَّيب:

عَلامَ تَقولُ السيف يُثْقِل عاتقـي

 

إِذا قادني بين الرجال الجَنَحْدَل؟

قال: والجَنَحْدَل القَصِير.

جند

الجُنْد: معروف. والجُنْد الأَعوان والأَنصار. والجُنْد: العسكر، والجمع أَجناد. وقوله تعالى: إِذ جاءَتكم جنود فأَرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها؛ الجنود التي جاءَتهم: هم الأَحزاب وكانوا قريشاً وغَطَفَان وبني قُريظة تحزبوا وتظاهروا على حرب النبي، صلى الله عليه وسلم، فأَرسل الله عليهم ريحاً كفأَت قدورهم وقلعت فساطيطهم وأَظعنتهم من مكانهم، والجنود التي لم يروها الملائكة. وجند مُجَنَّد: مجموع؛ وكل صنف على صفة من الخلق جند على حدة، والجمع كالجمع، وفلان جَنَّدَ الجنود. وفي الحديث: الأَرواح جنود مُجَنَّدة فما تعارف منها ائْتَلف وما تناكر منها اختلف؛ والمجندة: المجموعة، وهذا كما يقال أَلْف مؤَلفة وقَناطِيرُ مُقَنطَرَةٌ أَي مُضَعَّفة، ومعناه الإِخبار عن مبدإِ كون الأَرواح وتقدمها الأَجساد أَي أَنها خلقت أَوّل خلقها على قسمين من ائتلاف واختلاف، كالجنود المجموعة إذا تقابلت وتواجهت، ومعنى تقابل الأَرواح ما جعلها الله عليه من السعادة والشقاوة والأَخلاق في مبدإِ الخلق، يقول: إِن الأَجساد التي فيها الأَرواح تلتقي في الدنيا فتأْتلف وتختلف على حسب ما خلقت عليه، ولهذا ترى الخَيَّرَ يحب الخَيِّر ويميل إِلى الأَخيار، والشِّرِّير يحب الأَشرار ويميل إِليهم. ويقال: هذا جند قد أَقبل وهؤلاء جنود قد أَقبلوا؛ قال الله تعالى: جند مّا هنالك مهزوم من الأَحزاب، فوحَّد النعت لأَن فقظ الجند وكذلك الجيش والحزب. والجند: المدينة، وجمعها أَجناد، وخص أَبو عبيدة به مدن الشام، وأَجناد الشام خمس كور؛ ابن سيده: يقال الشام خمسة أَجناد: دِمَشْق وحِمْص وقِنَّسْرِين والأُرْدُنُّ وفِلَسْطِين، يقال لكل مدينة منها جند؛ قال الفرزدق:

فقلت ما هو إِلا الشام نركبه،

 

كأَنما الموتُ في أَجناده البَغَر

البَغَر: العطش يصيب الإِبل فلا تروى وهي تموت عنه. وفي حديث عمر: أَنه خرج إِلى الشام فلقيه أُمراء الأَجناد، وهي هذه الخمسة أَماكن، كل واحد منها يسمى جُنْداً أَي المقيمين بها من المسلمين المقاتلين. وفي حديث سالم: سترنا البيت بِجُناديٍّ أَخضر، فدخل أَبو أَيوب فلما رآه خرج إِنكاراً له؛ قيل: هو جنس من الأَنماط أَو الثياب يستر بها الجدران.
والجَنَد: الأَرض الغليظة، وقيل: هي حجارة تشبه الطين. والجَنَد: موضع باليمن، وهي أَجود كورها، وفي الصحاح: وجَنَد، بالتحريك، بلد باليمن. وفي الحديث ذكر الجَنَد، بفتح الجيم والنون، أَحد مَخاليف اليمن؛ وقيل: هي مدينة معروفة بها.
وجُنَيْد وجَنَّاد وجُنادة: أَسماء. وجُنادة أَيضاً: حيّ.
وجُنْدَيْسابُورُ: موضع، ولفظه في الرفع والنصب سواء لعجمته. وأَجنادانُ وأَجنادَيْنُ: موضع، النونُ معربة بالرفع؛ قال ابن سيده: وأُرى البناء قد حكي فيها. ويوم أَجنادَيْنِ: يوم معروف كان بالشام أَيام عمر، وهو موضع مشهور من نواحي دمشق، وكانت الوقعة العظيمة بين المسلمين والروم فيه.
وفي الحديث: كان ذلك يوم أَجْيادِينَ، وهو بفتح الهمزة وسكون الجيم وبالياء تحتها نقطتان، جبل بمكة وأَكثر الناس يقولونه بالنون وفتح الدال المهملة وقد تكسر.

جندع

جَنادِعُ الخَمْر: ما تَراءى منها عند المَزْج.
والجُنْدُعُ: جُنْدَب أَسود له قَرْنانِ طويلان وهو أَضْخَم الجَنادِب، وكل جُندب يؤكل إِلا الجُنْدُعَ. وقال أَبو حنيفة: الجُندع جندب صغير. وجنادِعُ الضَّبّ: دوابُّ أَصغرُ من القِرْدان تكون عند جُحْره، فإِذا بدت هي علم أَنّ الضبّ خارجٌ فيقال حينئذ: بدَتْ جَنادِعُه، وقيل: يخرجن إذا دنا الحافر من قَعْر الجُحْر، قال الجوهري: تكون في جِحَرَةِ اليَرابِيع والضِّباب.
ويقال للشرّير المُنتَظَر هلاكُه: ظهرت جَنادِعُه والله جادِعُه؛ وقال ثعلب: يضرب هذا مثلاً للرجل الذي يأْتي عنه الشر قبل أَن يُرى. الأَصمعي: من أَمثالهم: جاءت جَنادِعُه، يعني حَوادِثَ الدهْر وأَوائلَ شرّه. ويقال: رأَيت جَنادِعَ الشرّ أَي أَوائلَه، الواحدة جُنْدُعة وهو ما دبّ من الشر؛ قال محمد بن عبد الله الأَزدي:

لا أَدْفَع ابْنَ العَمِّ يَمْشِي على شَفاً

 

وإِنْ بَلَغَتْني من أَذاه الجَـنـادِع

والجُنْدُعة من الرّجال: الذي لا خير فيه ولا غَناء عنده، بالهاء؛ عن كراع؛ أَنشد سيبويه للراعي:

بِحَيٍّ نُمَيْرِيٍّ عليه مَـهـابةٌ

 

جَمِيع، إذا كان اللِّئامُ جَنادِعا

ويقال: القومُ جَنادِعُ إذا كانوا فِرَقاً لا يجتمع رأْيهم، يقول الراعي: إذا كان اللّئام فرقاً شَتَّى فهم جَميع. وجُنْدُعٌ وذاتُ الجَنادِع جميعاً: الدّاهيةُ، والنون زائدة. ورجل جُنْدُع: قصير؛ وأَنشد الأَزهري:

تَمَهْجَروا، وأَيُّما تَمَهْـجُـرِ

 

وهم بَنُو العَبْد اللّئيم العُنْصُرِ

ما غَرَّهُم بالأَسَدِ الغَضَنْفَـرِ

 

بَني اسْتِها، والجُنْدُعِ الزَّبَنْتَرِ

الليث: جُنْدُع وجَنَادِعُ الآفاتُ. وفي الحديث: إِني أَخافُ عليكم الجَنادِع أَي الآفات والبَلايا. والجَنادعُ: الدَّواهِي. وجُنْدُعٌ: اسم.
والجَنادُع أَيضاً: الأَحْناشُ.

جندف

الجُنْدُفُ: القَصِيرُ المُلَزَّزُ. والجُنادِفُ: الجافي الجَسِيمُ من الناس والإبل، وناقة جُنادِفةٌ وأَمة جُنادِفةٌ كذلك، ولا تُوصف به الحُرَّةُ. والجُنادِفُ: القَصير المُلَزَّزُ الخَلق، وقيل: الذي إذا مشى حرَّك كتفيه، وهو مشي القِصار. ورجل جُنادِفٌ: غَلِيظٌ قصير الرَّقبة؛ قال جندل بن الراعي يهجو جرير بن الخَطَفَى؛ وقال الجوهري: يهجو ابن الرِّقاعِ:

جُنادفٌ لاحِقٌ بالرأْس مَنْكِبُه

 

كأَنه كَوْدنٌ يُوشَى بكُـلاَّبِ

مِنْ مَعْشَرٍ كُحِلَتْ باللؤْم أَعْيُنُهمْ، وُقْصِ الرِّقابِ مَوالٍ غَيرِ صُيّابِ الجوهري: الجُنادِفُ، بالضم، القصير الغليظ الخلقة.

جندل

الجَنْدَل: الحِجَارة، ومنه سمي الرجل. ابن سيده: الجَنْدَل ما يُقِلُّ الرجلُ من الحِجَارة، وقيل: هو الحَجَر كُلُّه، الواحدة جَنْدَلة؛ قال أُمية الهذلي:

تَمُرُّ كجَنْدَلة المَنْجَنِي

 

قِ يُرْمَى بها السُّور،

يوم القِتَال والجَنَدِل: الجَنَادِل، قال سيبويه: وقالوا جَنَدِلٌ يَعْنُون الجَنَادِل، وصرفوه لنقصان البناء عما لا ينصرف. وأَرض جَنَدِلة: ذات جَنَدِل؛ وقيل: الجَنَدِل، بفتح الجيم والنون وكسر الدال، المكان الغليظ فيه حجارة.
ومكان جَنَدِل: كثير الجَنْدَل؛ قال ابن سيده: وحكاه كراع بضم الجيم، قال: ولا أُحِقُّه. التهذيب: الجَنْدَل صخرة مثل رأْس الإِنسان، وجمعه جَنَادِل. والجُنَادِل: الشديد من كل شيء. وجَنْدَل: اسم رجل. ودُومة الجَنْدَل: موضع. وجَنْدَل، غير مصروف: بُقْعة معروفة؛ قال:

يَلُحْن من جَنْدَل ذي مَعَارك

كأَن الموضع يسمى بجَنْدَل وبذي مَعَارك فأَبدل ذي معارك من جندل، وأَحسن الروايتين من جَندلِ ذي معارك أَي من حجارة هذا الموضع.
والجُنادِل: العظيم القَوِيُّ؛ قال رؤبة:

كأَن تَحْتي صَخِباً جُنَادِلا

جنز

جَنَزَ الشيءَ يَجْنِزُه جَنْزاً: ستره. وذكروا أَن النَّوَار لما احْتُضِرَت أَوْصَت أَن يصلي عليها الحسن، فقيل له في ذلك، فقال: إذا جَنَزْتُموها فآذِنُوني.
والجِنَازَة والجَنَازة: الميت؛ قال ابن دريد: زعم قوم أَن اشتقاقه من ذلك، قال ابن سيده: ولا أَدري ما صحته، وقد قيل: هو نَبَطِيّ. والجِنازة: واحدة الجَنائز، والعامة تقول الجَنازة، بالفتح، والمعنى الميّت على السرير، فإِذا لم يكن عليه الميت فهو سرير ونَعْش. وفي الحديث: أَن رجلاً كان له امرأَتان فَرُمِيَتْ إِحداهما في جنازتها أَي ماتت. تقول العرب إذا أَخْبَرَتْ عن موت إِنسان: رُمِيَ في جِنازته لأَن الجِنازَة تصير مَرْمِيّاً فيها، والمراد بالرمي الحَمْل والوَضْع. والجِنازة، بالكسر: الميت بِسَرِيرِه، وقيل: بالكسر السّرِير، بالفتح الميت. ورُمِيَ في جَنَازته أَي مات، وطُعِن في جِنازته أَي مات. ابن سيده: الجَنَازَة، بالفتح، الميت، والجِنازة، بالكسر: السرير الذي يُحْمل عليه الميت؛ قال الفارسي: لا يسمى جِنَازة حتى يكون عليه ميت، وإِلا فهو سرير أَو نعش؛ وأَنشد الشماخ:

إِذا أَنْبَضَ الرَّامون فيها تَرَنَّمَتْ

 

تَرَنُّمَ ثَكْلى أَوْجَعَتْها الجَنـائِزُ

واستعار بعض مُجَّان العرب الجِنَازة لِزِقِّ الخمر فقال وهو عمرو بن قعاس:

وكنتُ إذا أَرى زِقّاً مَرِيضاً

 

يُناحُ على جِنازَته، بَكَيْتُ

وإِذا ثقل على القوم أَمر أَو اغْتَمُّوا به، فهو جِنَازة عليهم؛ قال:

وما كنتُ أَخْشى أَن أَكُونَ جِنازَةً

 

عليك، ومَنْ يَغْتَرُّ بالحَـدَثـان؟

الليث: الجِنازة الإِنسان الميت والشيء الذي قد ثَقُل على قوم فاغْتَمُّوا به. قال الليث: وقد جرى في أَفواه الناس جَنازة، بالفتح، والنَّحارير ينكرونه، ويقولون: جُنِزَ الرجلُ، فهو مَجْنوز إذا جمع. الأَصمعي: الجِنَازة، بالكسر، هو الميت نفسه والعوام يقولون إِنه السرير. تقول العرب: تركته جِنَازة أَي ميتاً. النضر: الجِنَازة هو الرجل أَو السرير مع الرجل.
وقال عبد الله بن الحسن: سميت الجِنَازة لأَن الثياب تُجْمع والرجلُ على السرير، قال: وجُنِزوا أَي جُمِعوا. ابن شميل: ضُرِب الرجُل حتى تُرِك جِنازةً؛ قال الكميت يذكر النبي، صلى الله عليه وسلم، حيّاً وميتاً:

كانَ مَيْتاً جِنازَةً خير مَيْتٍ

 

غَيَّبَتْه حَفـائِرُ الأَقْـوام

جنس

الجِنْسُ: الضَّربُ من كل شيء، وهو من الناس ومن الطير ومن حدود النَحْوِ والعَرُوضِ والأَشياء جملةٌ. قال ابن سيده: وهذا على موضوع عبارات أَهل اللغة وله تحديد، والجمع أَجناس وجُنُوسٌ؛ قال الأَنصاري يصف النخل:

تَخَيَّرْتُها صالحاتِ الجُنُـو

 

سِ، لا أَسْتَمِيلُ ولا أَسْتَقِيلُ

والجِنْسُ أَعم من النوع، ومنه المُجانَسَةُ والتَجْنِيسُ. ويقال: هذا يُجانِسُ هذا أَي يشاكله، وفلان يُجانس البهائم ولا يُجانس الناسَ إذا لم يكن له تمييز ولا عقل. والإِبل جِنْسٌ من البهائم العُجْمِ، فإِذا واليت سنّاً من أَسنان الإِبل على حِدَة فقد صنفتها تصنيفاً كأَنك جعلت بنات المخاض منها صنفاً وبنات اللبون صِنفاً والحِقاق صِنْفاً، وكذلك الجَذَعُ والثَّنيُّ والرُّبَعُ. والحيوان أَجناسٌ: فالناس جنس والإِبل جنس والبقر جنس والشَّاء جنس، وكان الأَصمعي يدفع قول العامة هذا مُجانِسٌ لهذا إذا كان من شكله، ويقول: ليس بعربي صحيح، ويقول: إِنه مولَّد. وقول المتكلمين: الأَنواع مَجْنُوسَةٌ للأَجْناسِ كلام مولَّد لأَن مثل هذا ليس من كلام العرب. وقول المتكلمين: تَجانَس الشيئان ليس بعربي أَيضاً إِنما هو توسع. وجئ به من جِنْسِك أَي من حيث كان، والأَعرف من حَسِّك. التهذيب: ابن الأَعرابي: الجَنَسُ جُمُودٌ وقال: الجَنَسُ المياه الجامدة.

جنسر

الجُنَاسِرِيَّةُ: أَشدُّ نخلةٍ بالبَصْرَةِ تَأَخُّراً.

جنش

جَنَشَتْ نَفْسي: ارتفَعَت من الخوف؛ قال:

إِذا النفوس جَنَشَت عِنْد اللّحا

ابن الأَعرابي: الجَنْش نزْحُ البئر. أَبو الفرج السُّلَمي: جَنَش القومُ القومَ وجمَشُوا لهم أَي أَقبَلوا إِليهم؛ وأَنشد:

أَقول لعبّاس، وقد جَنَشَت لنا

 

حُيَيٌ، وأَفْلَتْنا فُوَيتَ الأَظافر

أَي فاتَ عن أَظفارنا. وفي النوادر: الجَنْش الغِلظ؛ وقال:

يَوْماً مُؤَامَرات يوماً للجَنَش

قال الأَزهري: وهو عِيدٌ لهم، قال: ويقال جَنَش فلانٌ إِليّ وجأَش وتَحَوَّرَ وهاشَ وأَرَزَ بمعنى واحد.

جنص

جَنَّصَ، رُعِبَ رُعْباً شديداً. وجَنَّصَ إذا هرَبَ من الفزَع.
وجَنَّصَ بِسَلْحهِ: خرج بعضُه من الفَرَق ولم يَخْرج بعضُه. أَبو مالك: ضرَبه حتى جَنَّصَ بِسَلْحِه إذا رَمَى به. وجَنَّصَ بَصرَه: حدّدَه؛ عن ابن الأَعرابي. وجَنَّصَ: فتَحَ عَيْنيه فزَعاً.
ورجل إِجْنِيصٌ: فَدْمٌ عَييٌّ لا يَضُرُّ ولا ينفع؛ قال مُهاصر النهشلي:باتَ على مُرْتَبإٍ شَخِيصِ، ليس بنَوّام الضُّحى إِجْنِيصِ وقيل: رجل إِجْنِيصٌ شَبْعان؛ عن كراع. أَبو مالك واللحياني وابن الأَعرابي: جَنّصَ الرجلُ إذا ماتَ. أَبو عمرو: الجَنِيصُ الميّتُ.

جنعس

ناقة جَنْعَسٌ: قد أَسَنَّتْ وفيها شدّة؛ عن كراع.

جنعظ

الجِنْعِيظ: الأَكُول، وقيل: القصير الرجلين الغَلِيظ الأَشَمُّ.
والجِنْعاظةُ: الذي يتَسخَّطُ عند الطعام من سُوء خُلقه. والجِنْعِظ والجِنْعاظ: الأَحمق، وقيل: الجافي الغليظ، وقيل: الجِنعاظ والجِنْعاظة العَسِرُ الأَخْلاق؛ قال الراجز:

جِنْعاظةٌ بأَهْلِه قـد بَـرَّحـا،

إِن لم يَجِدْ يَوماً طَعاماً مُصْلَحا،

قَبَّحَ وجْهاً لم يَزَلْ مُقَـبَّـحـا

قال: وهو الجِنْعِيظ إذا كان أَكولاً.

جنف

الجَنَفُ في الزَّوْرِ: دُخُولُ أَحد شِقَّيْهِ وانْهِضامُه مع اعْتدالِ الآخر. جَنِفَ، بالكسر، يَجْنَفُ جَنَفاً، فهو جَنِفٌ وأَجْنَفُ.
والأَنثى جَنْفاء. ورجل أَجْنَفُ: في أَحدِ شِقَّيْه ميل عن الآخر.
والجَنَفُ: المَيْلُ والجَوْرُ، جَنِفَ جَنَفاً؛ قال الأَغْلب العِجْلِيُّ:

غِرٍّ جُنافيٍّ جَمِيلِ الزِّيِّ

الجُنافيّ: الذي يَتَجانَفُ في مِشْيَتِه فيَخْتالُ فيها. وقال شمر: يقال رجل جُنافيٌّ، بضم الجيم، مُخْتال فيه ميْل؛ قال: ولم أَسمع جُنافِيّاً إلاّ في بيت الأَغلب، وقيده شمر بخطه بضم الجيم. وجَنِفَ عليه جَنَفاً وأَجْنَفَ: مالَ عليه في الحكم والخُصومةِ والقول وغيرها، وهو من ذلك. وفي التنزيل العزيز: فمَنْ خافَ من مُوصٍ جَنَفاً أَو إِثماً؛ قال الليث: الجَنَفُ المَيْلُ في الكلام وفي الأُمور كلها. تقول: جَنِفَ فلان علينا، بالكسر، وأَجْنَفَ في حكمه، وهو شبيه بالحَيْفِ إلا أَن الحَيفَ من الحاكم خاصّة والجنَف عامّ؛ قال الأَزهري: أَما قوله الحَيْفُ من الحاكم خاصة فخطأٌ؛ الحيف يكون من كل مَنْ حافَ أَي جارَ؛ ومنه قول بعض التابعين: يُرَدُّ من حَيْف النَّاحِل ما يُرَدُّ من جَنَف المُوصِي، والناحِلُ إذا نَحَل بعضَ ولدِه دون بعض فقد حافَ، وليس بحاكم. وفي حديث عروة: يُرَدُّ من صدَقةِ الجانِف في مرضه ما يردّ من وصِيَّةِ المُجْنِف عند موته.يقال: جَنَفَ وأَجْنَفَ إذا مالَ وجارَ فجمع بين اللغتين، وقيل: الجانِفُ يختصّ بالوصية، والمُجْنِفُ المائل عن الحق؛ قال الزجاج: فمن خاف من مُوص جَنَفاً أَي ميْلاً أَو إثماً أَي قَصْداً لإثْم؛ وقول أَبي العيال:

أَلاَّ دَرَأْتَ الخَصْمَ، حِينَ رَأَيْتَهُم

 

جَنَفاً عليَّ بأَلْسُـنٍ وعُـيُونِ

يجوز أَن يكون جَنَفاً هنا جمعَ جانِفٍ كرائحٍ ورَوَحٍ، وأَن يكون على حذف المضاف كأَنه قال: ذوي جَنَف. وجَنِفَ عن طريقه وجَنَفَ وتجانَفَ: عَدَلَ، وتجانف إلى الشيء كذلك. وفي التنزيل: فمن اضْطُرّ في مَخْمصةٍ غيرَ مُتَجَانِفٍ لإِثم، أَي مُتَمايل مُتَعَمّد؛ وقال الأَعشى:

تَجَانَفُ عن جوِّ اليَمامَةِ ناقَتي

 

وما عَدَلَتْ من أَهلِها لِسَوائِكا

وتجانَفَ لإِثمٍ أَي مال. وفي حديث عمر، وقد أَفْطَر الناسُ في رَمضانَ ثم ظهرت الشمسُ فقال: نَقْضيه ما تَجانَفْنا لإِثم أَي لم نَمِل فيه لارتكاب إثم. وقال أَبو سعيد: يقال لَجَّ في جِنافٍ قبيحٍ وجِناب قبيح إذا لَجَّ في مُجانبةِ أَهله؛ وقول عامر الخَصَفيّ:

هَمُ المَوْلى، وإنْ جَنَفُوا عَلَيْنا

 

وإنَّا مِنْ لِقـائِهِـمُ لَـزُورُ

قال أَبو عبيدة: المَوْلَى ههنا في موضع المَوالي أَي بني العَمّ كقوله تعالى: ثم يُخْرِجُكم طِفْلاً؛ قال ابن بري: وقال لبيد:

إني امْرُؤٌ مَنَعَتْ أَرُومة عـامِـر

 

ضَيْمِي، وقد جَنَفَتْ عليّ خُصومي

ويقال: أَجْنَفَ الرجل أَي جاء بالجَنَف كما يقال أَتى أَي أَتى بما يُلامُ عليه، وأَخَسَّ أَتى بخَسِيس؛ قال أَبو كبير:

ولقد نُقِيمُ، إذا الخُصُومُ تَنـاقَـدُوا

 

أَحْلامَهُم صَعَر الخَصِيمِ المُجْنِفِ

ويروى: تَناقَدُوا. ورجل أَجْنَفُ أَي مُنْحَني الظهر. وذَكَرٌ أَجْنَفُ: وهو كالسَّدَلِ. وقَدَح أَجْنَفُ: ضَخْمٌ؛ قال عدِيّ بن الرِّقاعِ:

ويكرُّ العَبْدانِ بالـمِـحْـلَـبِ

 

الأَجْنَفِ فيها، حتى يَمُجَّ السِّقاء

وجُنَفَى، مقصور على فُعَلَى، بضم الجيم وفتح النون: اسم موضع؛ حكاه يعقوب. وجَنَفاءُ: موضع أَيضاً؛ حكاه سيبويه؛ وأَنشد لزياد بن سَيَّار الفَزاري:

رَحَلْتُ إليكَ مِنْ جَنَفاء، حَتَّى

 

أَنخْتُ حِيالَ بَيْتِك بالمَطـالِ

وفي حديث غَزْوَةِ خيبر ذكر جَنْفاء؛ هي بفتح الجيم وسكون النون والمد، ماء من مياه بني فزارة.

جنفر

أَبو عمرو: الجَنافِيرُ القبورُ العادِيَّةُ، واحدها جُنْفُورٌ.

جنفس

التهذيب: حَنْفسَ إذا اتَّخَمَ.

جنفلق

الجَنْفَلِيقُ: الضخمة من النساء وهي العظيمة، وكذلك الشَّفْشَلِيقُ، خماسي.

جنق

الجُنُق، بضم الجيم والنون: حجارة المَنْجَنِيق. وقال ابن الأَعرابي: الجُنُقُ أَصحاب تدبير المَنْجَنِيق. يقال: جَنَقُوا يَجْنِقُون جَنْقاً. حكى الفارسي عن أَبي زيد: جَنَّقُونا بالمَنْجَنِيق تَجْنِيقاً أَي رَمَوْنا بأَحجارها. ويقال: مَجْنَقَ المنجنيقَ وجَنَّق. وقيل لأَعرابي: كيف كانت حُروبكم؟ قال: كانت بيننا حُروب عُون، تُفْقأُ فيها العيون، فتارة نُجْنَق، وأُخرى نُرْشَق.

جنم

ابن الأَعرابي: الجَنْمة جماعة الشيء؛ قال الأَزهري: أَصله الجَلْمة فقلبت اللام نوناً، يقال: أَخذت الشيء بجَلْمَته إذا أَخذته كُلَّه.

جنن

جَنَّ الشيءَ يَجُنُّه جَنّاً: سَتَره. وكلُّ شيء سُتر عنك فقد جُنَّ عنك. وجَنَّه الليلُ يَجُنُّه جَنّاً وجُنوناً وجَنَّ عليه يَجُنُّ، بالضم، جُنوناً وأَجَنَّه: سَتَره؛ قال ابن بري: شاهدُ جَنَّه قول الهذلي:

وماء ورَدْتُ على جِفْنِه،

 

وقد جَنَّه السَّدَفُ الأَدْهَمُ

وفي الحديث: جَنَّ عليه الليلُ أَي ستَره، وبه سمي الجِنُّ لاسْتِتارِهم واخْتِفائهم عن الأبصار، ومنه سمي الجَنينُ لاسْتِتارِه في بطنِ أُمِّه.
وجِنُّ الليل وجُنونُه وجَنانُه: شدَّةُ ظُلْمتِه وادْلِهْمامُه، وقيل: ختلاطُ ظلامِه لأَن ذلك كلَّه ساترٌ؛ قال الهذلي:

حتى يَجيء، وجِنُّ اللـيل يُوغِـلُـه،

 

والشَّوْكُ في وَضَحِ الرِّجْلَيْن مَرْكوزُ.

ويروى: وجُنْحُ الليل؛ وقال دريد بن الصَّمَّة بن دنيان. وقيل هو لِخُفافِ بن نُدْبة:

ولولا جَنـانُ الـلـيلِ أَدْرَكَ خَـيْلُـنـا،

 

بذي الرِّمْثِ والأَرْطَى، عياضَ بنَ ناشب.

فَتَكْنـا بـعـبـدِ الـلـهِ خَـيْرِ لِـداتِـه،

 

ذِئاب بن أَسْماءَ بنِ بَـدْرِ بـن قـارِب.

ويروى: ولولا جُنونُ الليل أَي ما سَتَر من ظلمته. وعياضُ بن جَبَل: من بني ثعلبة بن سعد. وقال المبرد: عياض بن ناشب فزاري، ويروى: أَدرَك رَكْضُنا؛ قال ابن بري: ومثله لسَلامة بن جندل:

ولولا جَنانُ الليلِ ما آبَ عامرٌ

 

إلى جَعْفَرٍ، سِرْبالُه لم تُمَزَّقِ.

وحكي عن ثعلب: الجَنانُ الليلُ. الزجاج في قوله عز وجل: فلما جَنَّ عليه الليلُ رأَى كَوْكباً؛ يقال جَنَّ عليه الليلُ وأَجَنَّه الليلُ إذا أَظلم حتى يَسْتُرَه بظُلْمته. ويقال لكل ما سَتر: جنَّ وأَجنَّ. ويقال: جنَّه الليلُ، والاختيارُ جَنَّ عليه الليلُ وأَجَنَّه الليل: قال ذلك أَبو اسحق. واسْتَجَنَّ فلانٌ إذا استَتَر بشيء. وجَنَّ المَيّتَ جَنّاً وأَجَنَّه: ستَره؛ قال وقول الأَعشى:

ولا شَمْطاءَ لم يَتْرُك شَفاها

 

لها من تِسْعةٍ، إلاّع جَنينا.

فسره ابن دريد فقال: يعني مَدْفوناً أَي قد ماتوا كلهم فَجُنُّوا.
والجَنَنُ، بالفتح: هو القبرُ لسَتْرِه الميت. والجَنَنُ أَيضاً: الكفَنُ لذلك. وأَجَنَّه: كفَّنَه؛ قال:

ما إنْ أُبالي، إذا ما مُتُّ،ما فعَلوا:

 

أَأَحسنوا جَنَني أَم لم يُجِنُّـونـي؟

أَبو عبيدة: جَنَنْتُه في القبر وأَجْنَنْتُه أَي وارَيتُه، وقد أَجنَّه إذا قبَره؛ قال الأَعشى:

وهالِك أَهلٍ يُجِنُّـونَـه،

 

كآخَرَ في أَهْلِه لم يُجَنُّ.

والجَنينُ: المقبورُ. وقال ابن بري: والجَنَنُ الميت؛ قال كُثَيّر:

ويا حَبَّذا الموتُ الكريهُ لِحُبِّهـا،

 

ويا حَبَّذا العيْشُ المُجمّلُ والجَنَنْ

قال ابن بري: الجَنَنُ ههنا يحتمل أَن يراد به الميتُ والقبرُ. وفي الحديث: وَليَ دَفْنَ سَيّدِنا رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، وإِجْنانَه عليٌّ والعباسُ، أَي دَفْنه وسَتْرَه. ويقال للقبر الجَنَنُ، ويجمع على أَجْنانٍ؛ ومنه حديث علي، رضي الله عنه: جُعِل لهم من الصفيح أَجْنانٌ. والجَنانُ، بالفتح: القَلْبُ لاستِتاره في الصدر، وقيل: لِوَعْيه الأَشْياء وجَمْعِه لها، وقيل: الجَنانُ رُوعُ القلب، وذلك أَذْهَبُ في الخَفاءِ، وربما سمّي الرُّوحُ جَناناً لأَن الجسم يُجِنُّه. وقال ابن دريد: سمّيت الرُّوح جَناناً لأَن الجسم يُجِنُّها فأَنَّث الروح، والجمع أَجْنانٌ؛ عن ابن جني. ويقال: ما يستقرُّ جَنانُه من الفزَعِ. وأَجَنَّ عنه واسْتَجَنَّ: استَتَر. قال شمر: وسمي القلبُ جَناناً لأَن الصدْرَ أَجَنَّه؛ وأَنشد لِعَدِيّ:

كلُّ حيّ تَقـودُه كـفُّ هـادٍ

 

جِنَّ عينٍ تُعْشِيه ما هو لاقي.

الهادي ههنا: القَدَرُ. قال ابن الأَعرابي: جِنَّ عينٍ أَي ما جُنَّ عن العين فلم تَرَه، يقول: المَنيَّةُ مستورةٌ عنه حتى يقع فيها؛ قال الأَزهري: الهادي القَدَرُ ههنا جعله هادياً لأَنه تقدّم المنيَّة وسبَقها، ونصبَ جِنَّ عينٍ بفعله أَوْقَعَه عليه؛ وأَنشد:

ولا جِنَّ بالبَغْضاءِ والنَّظَرِ الشَّزْرِ

ويروى: ولا جَنَّ، معناهما ولا سَتْر. والهادي: المتقدّم، أَراد أَن القَدَر سابقُ المنيَّةِ المقدَّرة؛ وأَما قول موسى بن جابر الحَنفيّ:

فما نَفَرتْ جِنِّي ولا فُـلَّ مِـبْـرَدي،

 

ولا أَصْبَحَتْ طَيْري من الخَوْفِ وُقَّعا.

فإنه أَراد بالجِنّ القَلْبَ، وبالمِبْرَدِ اللسانَ. والجَنينُ: الولدُ ما دام في بطن أُمّه لاسْتِتاره فيه، وجمعُه أَجِنَّةٌ وأَجْنُنٌ، بإظهار التضعيف، وقد جَنَّ الجنينُ في الرحم يَجِنُّ جَنّاً وأَجَنَّتْه الحاملُ؛ وقول الفرزذق:

إذا غابَ نَصْرانِيُّه في جَنِينِهـا،

 

أَهَلَّتْ بحَجٍّ فوق ظهْر العُجارِم.

عنى بذلك رَحِمَها لأَنها مُسْتَتِرة، ويروى: إذا غاب نَصْرانيه في جنيفها، يعني بالنَّصْرانيّ، ذكَر الفاعل لها من النصارى، وبجَنِيفِها: حِرَها، وإنما جعله جَنيفاً لأَنه جزءٌ منها، وهي جَنيفة، وقد أَجَنَّت المرأَة ولداً؛ وقوله أَنشد ابن الأَعرابي:

وجَهَرتْ أَجِنَّةً لم تُجْهَرِ.

يعني الأَمْواهَ المُنْدَفِنةَ، يقول: وردَت هذه الإبلُ الماءَ فكسَحَتْه حتى لم تدعْ منه شيئاً لِقِلَّتِه. يقال: جهَرَ البئرَ نزحَها.
والمِجَنُّ: الوِشاحُ. والمِجَنُّ: التُّرْسُ. قال ابن سيده: وأُرى اللحياني قد حكى فيه المِجَنَّة وجعله سيبويه فِعَلاً، وسنذكره، والجمع المَجانُّ، بالفتح. وفي حديث السرقة: القَطْعُ في ثَمَنِ المِجَنِّ، هو التُّرْسُ لأَنه يُواري حاملَه أَي يَسْتُره، والميم زائدة: وفي حديث علي، كرَّم الله وجهَه: كتب إليَّ ابنُ عباسٍ قلَبْتَ لابنِ عَمِّكَ ظَهْرَ المِجَنِّ؛ قال ابن الأَثير: هذه كلمة تُضْرَب مَثَلاً لمن كان لصاحبه على مودَّة أَو رعايةٍ ثم حالَ عن ذلك. ابن سيده: وقَلَبْ فلانٌ مِجَنَّة أَي أَسقَط الحياءَ وفعَل ما شاءَ. وقلَبَ أَيضاً مِجَنَّة: ملَك أَمرَه واستبدَّ به؛ قال الفرزدق:

كيف تراني قالِباً مِجَنِّـي؟

 

أَقْلِبُ أَمْري ظَهْرَه للبَطْنِ.

وفي حديث أَشراطِ الساعةِ: وُجوهُهم كالمَجانِّ المُطْرَقة، يعني التُّرْكَ. والجُنَّةُ، بالضم: ما واراكَ من السِّلاح واسْتَتَرْتَ به منه.
والجُنَّةُ: السُّتْرة، والجمع الجُنَنُ. يقال: اسْتَجَنَّ بجُنَّة أَي اسْتَتَر بسُتْرة، وقيل: كلُّ مستورٍ جَنِينٌ، حتى إنهم ليقولون حِقْدٌ جَنينٌ وضِغْنٌ جَنينٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

يُزَمِّلونَ جَنِينَ الضِّغْـن بـينـهـمُ،

 

والضِّغْنُ أَسْوَدُ، أَو في وجْهِه كَلَفُ

يُزَمِّلون: يَسْتُرون ويُخْفُون، والجَنينُ: المَسْتُورُ في نفوسهم، يقول: فهم يَجْتَهِدون في سَتْرِه وليس يَسْتَتِرُ، وقوله الضِّغْنُ أَسْوَدُ، يقول: هو بيِّنٌ ظاهرٌ في وجوههم. ويقال: ما عليَّ جَنَنٌ إلا ما تَرى أَي ما عليَّ شيءٌ يُواريني، وفي الصحاح: ما عليَّ جَنانٌ إلاّ ما تَرى أَي ثوبٌ يُوارِيني. والاجْتِنان؛ الاسْتِتار. والمَجَنَّة: الموضعُ الذي يُسْتَتر فيه.
شمر: الجَنانُ الأَمر الخفي؛ وأَنشد:

اللهُ يَعْلَمُ أَصحابي وقولَـهُـم

 

إذ يَرْكَبون جَناناً مُسْهَباً وَرِبا.

 أَي يَرْكبون أَمْراً مُلْتَبِساً فاسداً. وأَجْنَنْتُ الشيء في صدري أَي أَكْنَنْتُه. وفي الحديث: تُجِنُّ بَنانَه أَي تُغَطِّيه وتَسْتُره.
والجُّنَّةُ: الدِّرْعُ، وكل ما وَقاك جُنَّةٌ. والجُنَّةُ: خِرْقةٌ تَلْبسها المرأَة فتغطِّي رأْسَها ما قبَلَ منه وما دَبَرَ غيرَ وسَطِه، وتغطِّي الوَجْهَ وحَلْيَ الصدر، وفيها عَيْنانِ مَجُوبتانِ مثل عيْنَي البُرْقُع. وفي الحديث: الصومُ جُنَّةٌ أَي يَقي صاحبَه ما يؤذِيه من الشهوات.
والجُنَّةُ: الوِقايةُ. وفي الحديث الإمامُ جُنَّةٌ، لأَنه يَقِي المأْمومَ الزَّلَلَ والسَّهْوَ. وفي حديث الصدقة: كمِثْل رجُلين عليهما جُنَّتانِ من حديدٍ أَي وِقايَتانِ، ويروى بالباء الموحدة، تَثْنِية جُبَّةِ اللباس. وجِنُّ الناس وجَنانُهم: مُعْظمُهم لأَن الداخلَ فيهم يَسْتَتِر بهم؛ قال ابن أَحمر:

جَنانُ المُسْلِمين أَوَدُّ مَـسّـاً

 

ولو جاوَرْت أَسْلَمَ أَو غِفارا.

وروي:

وإن لاقَيْت أَسْلَم أَو غفارا.

قال الرِّياشي في معنى بيت ابن أَحمر: قوله أَوَدُّ مَسّاً أَي أَسهل لك، يقول: إذا نزلت المدينة فهو خيرٌ لك من جِوار أَقارِبك، وقد أَورد بعضهم هذا البيت شاهداً للجَنان السِّتْر؛ ابن الأَعرابي: جنَانُهم جماعتُهم وسَوادُهم، وجَنانُ الناس دَهْماؤُهم؛ أَبو عمرو: جَنانُهم ما سَتَرك من شيء، يقول: أَكون بين المسلمين خيرٌ لي، قال: وأَسْلَمُ وغفار خيرُ الناس جِواراً؛ وقال الراعي يصف العَيْرَ:

وهابَ جَنانَ مَسْحورٍ تردَّى

 

به الحَلْفاء، وأْتَزَر ائْتِزارا.

قال: جنانه عينه وما واراه. والجِنُّ: ولدُ الجانّ. ابن سيده: الجِنُّ نوعٌ من العالَم سمُّوا بذلك لاجْتِنانِهم عن الأَبصار ولأَنهم اسْتَجَنُّوا من الناس فلا يُرَوْن، والجمع جِنانٌ، وهم الجِنَّة. وفي التنزيل العزيز: ولقد عَلِمَت الجِنَّةُ إنهم لَمُحْضَرُون؛ قالوا: الجِنَّةُ ههنا الملائكةُ عند قوم من العرب، وقال الفراء في قوله تعالى: وجعلوا بينَه وبين الجِنَّةِ نَسَباً، قال: يقال الجِنَّةُ ههنا الملائكة، يقول: جعلوا بين الله وبين خَلْقِه نَسَباً فقالوا الملائكةُ بناتُ الله، ولقد عَلِمَت الجِنَّةُ أَن الذين قالوا هذا القولَ مُحْضَرون في النار. والجِنِّيُّ: منسوبٌ إلى الجِنِّ أَو الجِنَّةِ. والجِنَّةُ: الجِنُّ؛ ومنه قوله تعالى: من الجِنَّةِ والناسِ أَجمعين؛ قال الزجاج: التأْويلُ عندي قوله تعالى: قل أَعوذ بربّ الناسِ ملِك الناسِ إله الناس من شَرِّ الوسواس الخَنَّاس الذي يُوَسْوِسُ في صدور الناس من الجِنَّةِ، الذي هو من الجِن، والناس معطوف على الوَسْوَاس، المعنى من شر الوسواس ومن شر الناس. الجوهري: الجِنُّ خلاف الإنسِ، والواحد جنِّيٌّ، سميت بذلك لأَنها تخفى ولا تُرَى.
جُنَّ الرجلُ جُنوناً وأَجنَّه اللهُ، فهو مجنونٌ، ولا تقل مُجَنٌّ؛ وأَنشد ابن بري:

رأَت نِضْوَ أَسْفار أُمَيَّةُ شـاحِـبـاً،

 

على نِضْوِ أَسْفارٍ، فَجُنَّ جُنونُـهـا،

فقالت: من أَيِّ الناسِ أَنتَ ومَن تكن؟

 

فإِنك مَـوْلـى أُسْـرةٍ لا يَدِينُـهـا

وقال مُدرك بن حُصين:

كأَنَّ سُهَيْلاً رامَها، وكأَنهـا

 

حَليلةُ وخْمٍ جُنَّ منه جُنونها.

وقوله:

ويَحَكِ يا جِنِّيَّ، هـل بَـدا لـكِ

 

أَن تَرْجِعِي عَقْلي، فقد أَنَى لكِ؟

إنما أَراد مَرْأَة كالجِنِّيَّة إمَّا في جمالها، وإما في تلَوُّنِها وابتِدالها؛ ولا تكون الجِنِّيَّة هنا منسوبةً إلى الجِنِّ الذي هو خلاف الإنس حقيقة، لأَن هذا الشاعر المتغزِّلَ بها إنْسيٌّ، والإنسيُّ لا يَتعشَّقُ جنِّيَّة؛ وقول بدر بن عامر:

ولقد نطَقْتُ قَوافِياً إنْسِـيّةً،

 

ولقد نَطقْتُ قَوافِيَ التَّجْنينِ.

أَراد بالإنْسِيَّة التي تقولها الإنْسُ، وأَراد بالتَّجْنينِ ما تقولُه الجِنُّ؛ وقال السكري: أَراد الغريبَ الوَحْشِيّ. الليث: الجِنَّةُ الجُنونُ أَيضاً. وفي التنزيل العزيز: أَمْ به جِنَّةٌ؛ والاسمُ والمصدرُ على صورة واحدة، ويقال: به جِنَّةٌ وجنونٌ ومَجَنَّة؛ وأَنشد:  

من الدَّارِميّينَ الذين دِمـاؤُهـم

 

شِفاءٌ من الداءِ المَجَنَّة والخَبْل.

والجِنَّةُ: طائفُ الجِنِّ، وقد جُنَّ جَنّاً وجُنوناً واسْتُجِنَّ؛ قال مُلَيح الهُذَليّ:

فلمْ أَرَ مِثْلي يُسْتَـجَـنُّ صَـبـابةً،

 

من البَيْن، أَو يَبْكي إلى غير واصِلِ.

وتَجَنَّن عليه وتَجانَّ وتجانَنَ: أَرَى من نفسِه أَنه مجنونٌ.
وأَجَنَّه الله، فهو مجنون، على غير قياس، وذلك لأَنهم يقولون جُنَّ، فبُني المفعولُ من أَجنَّه الله على هذا، وقالوا: ما أَجنَّه؛ قال سيبويه: وقع التعجبُ منه بما أَفْعَلَه، وإن كان كالخُلُق لأَنه ليس بلون في الجسد ولا بِخِلْقة فيه، وإنما هو من نقْصان العقل. وقال ثعلب: جُنَّ الرجلُ وما أَجنَّه، فجاء بالتعجب من صيغة فِعل المفعول، وإنما التعجب من صيغة فِعْل الفاعل؛ قال ابن سيده: وهذا ونحوُه شاذٌّ. قال الجوهري: وقولهم في المَجْنون ما أَجَنَّه شاذٌّ لا يقاس عليه، لأَنه لا يقال في المضروب ما أَضْرَبَه، ولا في المَسْؤول ما أَسْأَلَه. والجُنُنُ، بالضم: الجُنونُ، محذوفٌ منه الواوُ؛ قال يصف الناقة:

مِثْل النَّعامةِ كانت، وهي سائمةٌ،

 

أَذْناءَ حتى زَهاها الحَيْنُ والجُنُنُ

جاءت لِتَشْرِيَ قَرْناً أَو تُعَوِّضَه،

 

والدَّهْرُ فيه رَباحُ البَيْع والغَبَنُ.

قيل، إذْ نال ظُلْمٌ ثُمَّتَ، اصْطُلِمَتْ

 

لى الصَّماخِ، فلا قَرْنٌ ولا أُذُنُ.

والمَجَنَّةُ: الجُنُونُ. والمَجَنَّةُ: الجِنُّ. وأَرضُ مَجَنَّةٌ: كثيرةُ الجِنِّ؛ وقوله:

على ما أَنَّها هَزِئت وقالت

 

هَنُون أَجَنَّ مَنْشاذا قريب.

أَجَنَّ: وقع في مَجَنَّة، وقوله هَنُون، أَراد يا هنون، وقوله مَنْشاذا قريب، أَرادت أَنه صغيرُ السِّنّ تَهْزَأ به، وما زائدة أَي على أَنها هَزِئَت. ابن الأَعرابي: باتَ فلانٌ ضَيْفَ جِنٍّ أَي بمكان خالٍ لا أَنيس به؛ قال الأَخطل في معناه:

وبِتْنا كأَنَّا ضَيْفُ جِنٍّ بِلَيْلة.

والجانُّ: أَبو الجِنِّ خُلق من نار ثم خلق منه نَسْلُه. والجانُّ: الجنُّ، وهو اسم جمع كالجامِل والباقِر. وفي التنزيل العزيز: لم يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهم ولا جانّ. وقرأَ عمرو بن عبيد: فيومئذ لا يُسْأَل عن ذَنْبِه إنْسٌ قَبْلَهم ولا جأَنٌّ، بتحريك الأَلف وقَلْبِها همزةً، قال: وهذا على قراءة أَيوب السَّخْتِيالي: ولا الضَّأَلِّين، وعلى ما حكاه أَبو زيد عن أَبي الإصبغ وغيره: شأَبَّة ومأَدَّة؛ وقول الراجز:

خاطِمَها زأَمَّها أَن تَذْهَبا

وقوله:

وجلَّه حتى ابْيَأَضَّ مَلْبَبُهْ

وعلى ما أَنشده أَبو علي لكُثيّر:

وأَنتَ، ابنَ لَيْلَى، خَيْرُ قَوْمِكَ مَشْهداً،إذا ما احْمأَرَّت بالعَبِيطِ العَوامِلُ.

وقول عِمْران بن حِطَّان الحَرُورِيّ:

قد كنتُ عندَك حَوْلاً لا تُرَوِّعُني

 

فيه رَوائع من إنْسٍ ولا جاني.

إنما أَراد من إنسٍ ولا جانٍّ فأَبدل الونَ الثانية ياءً؛ وقال ابن جني: بل حذف النونَ الثانية تخفيفاً. وقال أَبو إسحق في قوله تعالى: أَتَجْعَلُ فيها مَنْ يُفْسِدُ فيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ؛ روي أَن خَلْقاً يقال لهم الجانُّ كانوا في الأَرض فأَفسَدوا فيا وسفَكوا الدِّماء فبعث اللهُ ملائكتَه أَجْلَتْهم من الأَرض، وقيل: إن هؤلاء الملائكةَ صارُوا سُكَّانَ الأَرض بعد الجانِّ فقالوا: يا رَبَّنا أَتَجْعَلُ فيها مَن يُفسِد فيها. أَبو عمرو: الجانُّ من الجِنِّ، وجمعُه جِنَّانٌ مثل حائطٍ وحِيطانٍ، قال الشاعر:

فيها تَعَرَّفُ جِنَّانُـهـا

 

مَشارِبها داثِرات أُجُنْ.

وقال الخَطَفَى جَدّ جرير يصف إبلاً:

يَرْفَعْنَ بالليل، إذا ما أَسْدَفا،

 

أَعْناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا.

 وفي حديث زيد بن مقبل: جِنَّان الجبال أَي يأْمرون بالفَساد من شياطين الإنس أَو من الجنِّ. والجِنَّةُ، بالكسر: اسمُ الجِنّ. وفي الحديث: أَنه نَهى عن ذبائح الجِنّ، قال: هو أَن يَبْنِيَ الرجلُ الدارَ فإذا فرغ من بِنائها ذَبح ذَبيحةً، وكانوا يقولون إذا فُعل ذلك لا يَضُرُّ أَهلَها الجِنُّ. وفي حديث ماعزٍ: أَنه، صلى الله عليه وسلم: سأَل أَهلَه عنه فقال: أَيَشْتَكي أَم به جِنَّةٌ؟ قالوا: لا؛ الجِنَّةُ، بالكسر: الجُنونُ. وفي حديث الحسن: لو أَصاب ابنُ آدمَ في كلِّ شيء جُنَّ أَي أُعْجِبَ بنفسِه حتى يصير كالمَجْنون من شدَّةِ إِعْجابِه؛ وقال القتيبي: وأَحْسِبُ قولَ الشَّنْفَرى من هذا:

فلو جُنَّ إنْسانٌ من الحُسْنِ جُنَّتِ.

وفي الحديث: اللهم إني أَعوذ بك من جُنونِ العَمَلِ أَي من الإعْجابِ به، ويؤكِّد هذا حديثُه الآخر: أَنه رأَى قوماً مجتمعين على إنسان فقال: ما هذا؟ فقالوا: مَجْنونٌ، قال: هذا مُصابٌ، إنما المَجْنونُ الذي يَضْرِبُ بِمَنْكِبَيه وينظرُ في عَطْفَيْه ويتَمَطَّى في مِشْيَتِه. وفي حديث فَضالة: كان يَخِرُّ رجالٌ من قامَتِهم في الصلاة من الخَصاصةِ حتى يقولَ الأَعْرابُ مجانين أَو مَجانُون؛ المَجانِينُ: جمعُ تكسيرٍ لمَجْنونٍ، وأَما مَجانون فشاذٌّ كما شذَّ شَياطُون في شياطين، وقد قرئ: واتَّبَعُوا ما تَتْلُو الشَّياطون. ويقال: ضلَّ ضَلالَه وجُنَّ جُنونَه؛ قال الشاعر:

هَبَّتْ له رِيحٌ فجُنَّ جُنونَه،

 

لمَّا أَتاه نَسِيمُها يَتَوَجَّسُ.

والجانُّ: ضرْبٌ من الحيَّاتِ أَكحَلُ العَيْنَين يَضْرِب إلى الصُّفْرة لا يؤذي، وهو كثير في بيوت الناس. سيبويه: والجمعُ جِنَّانٌ؛ وأَنشد بيت الخَطَفَى جدّ جرير يصف إبلاً:

أَعناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا،

 

وعَنَقاً بعدَ الرَّسيم خَيْطَفا.

وفي الحديث: أَنه نهَى عن قَتْلِ الجِنَّانِ، قال: هي الحيَّاتُ التي تكون في البيوت، واحدها جانٌّ، وهو الدقيقُ الخفيف: التهذيب في قوله تعالى: تَهْتَزُّ كأَنَّها جانٌّ، قال: الجانُّ حيَّةٌ بيضاء. أَبو عمرو: الجانُّ حيَّةٌ، وجمعُه جَوانٌ، قال الزجاج: المعنى أَن العصا صارت تتحرَّكُ كما يتحرَّكُ الجانُّ حركةً خفيفةً، قال: وكانت في صورة ثُعْبانٍ، وهو العظيم من الحيَّاتِ، ونحوَ ذلك قال أَبو العباس، قال: شبَّهها في عِظَمِها بالثعْبانِ وفي خِفَّتِها بالجانِّ، ولذلك قال تعالى مرَّة: فإذا هي ثُعْبانٌ، ومرَّة: كأَنها جانٌّ؛ والجانُّ: الشيطانُ أَيضاً. وفي حديث زمزم: أَن فيها جِنَّاناً كثيرةً أَي حيَّاتٍ، وكان أَهلُ الجاهليَّة يسمّون الملائكةُ، عليهم السلام، جِنّاً لاسْتِتارِهم عن العيون؛ قال الأَعشى يذكر سليمان، عليه السلام:

وسَخَّرَ من جِنِّ الملائِكِ تِسعةً،

 

قِياماً لَدَيْهِ يَعْمَلونَ بلا أَجْـرِ.

وقد قيل في قوله عز وجل: إلا إبليس كان من الجنِّ؛ إنه عَنى الملائكة، قال أَبو إسحق: في سِياق الآية دليلٌ على أَن إبليس أُمِرَ بالسجود مع الملائكة، قال: وأَكثرُ ما جاء في التفسير أَن إبليس من غير الملائكة، وقد ذكر الله تعالى ذلك فقال: كان من الجنّ؛ وقيل أَيضاً: إن إبليس من الجنّ بمنزلة آدمَ من الإنس، وقد قيل: إن الجِنّ ضرْبٌ من الملائكة كانوا خُزَّانَ الأَرض، وقيل: خُزّان الجنان، فإن قال قائل: كيف استَثْنَى مع ذكْر الملائكة فقال: فسجدوا إلا إبليس، كيف وقع الاستثناء وهو ليس من الأَول؟ فالجواب في هذا: أَنه أَمَره معهم بالسجود فاستثنى مع أَنه لم يَسْجُد، والدليلُ على ذلك أَن تقول أَمَرْتُ عَبْدي وإخْوتي فأَطاعوني إلا عَبْدي، وكذلك قوله تعالى: فإنهم عدوٌ لي إلا رب العالمين، فرب العالمين ليس من الأَول، لا يقد أَحد أَن يعرف من معنى الكلام غير هذا؛ قال: ويَصْلُحُ الوقفُ على قوله ربَّ العالمين لأَنه رأْسُ آيةٍ، ولا يحسُن أَن ما بعده صفةٌ له وهو في موضع نصب. ولا جِنَّ بهذا الأَمرِ أَي لا خَفاءِ؛ قال الهذلي: ولا جِنَّ بالبَغْضاءِ والنَّظَرِ الشَّزْرِ فأَما قول الهذلي:

أَجِنِي، كلَّما ذُكِرَتْ كُلَيْبٌ،

 

أَبِيتُ كأَنني أُكْوَى بجَمْر.

فقيل: أَراد بجِدِّي، وذلك أَن لفظ ج ن إنما هو موضوع للتستُّر على ما تقدم، وإنما عبر عنه بجنِّي لأَن الجِدَّ مما يُلابِسُ الفِكْرَ ويُجِنُّه القلبُ، فكأَنَّ النَّفْسَ مُجِنَّةٌ له ومُنْطوية عليه. وقالت امرأَة عبد الله بن مسعود له: أَجَنَّك من أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ قال أَبو عبيد: قال الكسائي وغيره معناه من أَجْلِ أَنك فترَكَتْ مِنْ، والعرب تفعل ذلك تدَعُ مِن مع أَجْل، كما يقال فعلتُ ذلك أَجْلَك وإِجْلَك، بمعنى مِن أَجْلِك، قال: وقولها أَجَنَّك، حذفت الأَلف واللام وأُلْقِيَت فتحةُ الهمزة على الجيم كما قال الله عز وجل: لكنَّا هو الله ربِّي؛ يقال: إن معناه لكنْ أَنا هو الله ربِّي فحذف الأَلف، والتقى نُونانِ فجاء التشديد، كما قال الشاعر أَنشده الكسائي:

لَهِنَّكِ مِنْ عَبْسِـيّة لَـوَسـيمةٌ

 

على هَنَواتٍ كاذِبٍ مَنْ يَقُولُها

أَراد لله إنَّك، فحذف إحدى اللامَينِ من لله، وحذَفَ الأَلف من إنَّك، كذلك حُذِفَتْ اللامُ من أَجل والهمزةُ من إنَّ؛ أَبو عبيد في قول عدي ابن زيد:

أَجْلَ أَنَّ اللهَ قد فَـضَّـلَـكـم،

 

فوقَ مَن أَحْكى بصُلْبٍ وإزار.

الأَزهري قال: ويقال إجْل وهو أَحبُّ إلي، أَراد من أجّل؛ ويروى:

فوق مَن أَحكأَ صلباً بإزار.

أَراد بالصلْب الحَسَبَ، وبالإزارِ العِفَّةَ، وقيل: في قولهم أَجِنَّك كذا أَي من أَجلِ أَنك فحذفوا الأَلف واللام اختصاراً، ونقلوا كسرة اللام إلى الجيم؛ قال الشاعر:

أَجِنَّكِ عنْدي أَحْسَنُ الناسِ كلِّهم،

 

وأَنكِ ذاتُ الخالِ والحِبَـراتِ.

وجِنُّ الشَّبابِ: أَوَّلُه، وقيل: جِدَّتُه ونشاطُه. ويقال: كان ذلك في جِنِّ صِباه أَي في حَدَاثَتِه، وكذلك جِنُّ كلِّ شيء أَوَّلُ شِدّاته، وجنُّ المرَحِ كذلك؛ فأَما قوله:

لا يَنْفُخُ التَّقْريبُ منه الأَبْهَرا،

 

إذا عَرَتْه جِنُّه وأَبْـطَـرا.

قد يجوز أَن يكون جُنونَ مَرَحِه، وقد يكونُ الجِنُّ هنا هذا النوع المُسْتَتِر عن العَين أَي كأَنَّ الجِنَّ تَسْتَحِثُّه ويُقوِّيه قولُه عَرَتْه لأَن جنَّ المرَح لا يؤَنَّث إنما هو كجُنونه، وتقول: افْعَلْ ذلك الأَمرَ بجِنِّ ذلك وحِدْثانِه وجِدِّه؛ بجِنِّه أَي بحِدْثانِه؛ قال المتنخل الهذلي:

كالسُّحُل البيضِ جَلا لَوْنَهـا

 

سَحُّ نِجاءِ الحَمَلِ الأَسْـوَلِ

أَرْوَى بجِنِّ العَهْدِ سَلْمَى، ولا

 

يُنْصِبْكَ عَهْدُ المَلِقِ الحُـوَّلِ

يريد الغيثَ الذي ذكره قبل هذا البيت، يقول: سقى هذا الغيثُ سَلْمى بحِدْثانِ نُزولِه من السحاب قَبْل تغيُّره، ثم نهى نفسَه أَن يُنْصِبَه حُبُّ من هو مَلِقٌ. يقول: من كان مَلِقاً ذا تَحوُّلٍ فَصَرَمَكَ فلا ينْصِبْكَ صَرْمُه. ويقال: خُذ الأَمرَ بجِنِّه واتَّقِ الناقةَ فإِنها بجِنِّ ضِراسِها أَي بحِدْثانِ نتاجِها. وجِنُّ النَّبْتِ: زَهْرُه ونَوْرُه، وقد تجنَّنَتْ الأَرضُ وجُنَّتْ جُنوناً؛ قال:

كُوم تَظاهرَ نِيُّها لمّا رَعَـتْ

 

رَوْضاً بِعَيْهَمَ والحِمَى مَجْنوناً

وقيل: جُنَّ النَّبْتُ جُنوناً غلُظ واكْتَهل. وقال أَبو حنيفة: نخلة مَجْنونة إذا طالت؛ وأَنشد:

يا رَبِّ أَرْسِلْ خارِفَ المَساكِينْ

عَجاجةً ساطِعَةَ العَثانِينْ

تَنْفُضُ ما في السُّحُقِ المَجانِينْ.

قال ابن بري: يعني بخارفِ المساكين الريحَ الشديدةَ التي تنفُض لهم التَّمْرَ من رؤُوس النخل؛ ومثله قول الآخر:

أَنا بارِحُ الجَوْزاءِ، ما لَك لا تَرى

 

عِيالَكَ قد أَمْسَوا مَرامِيلَ جُوَّعاً؟

الفراء: جُنَّت الأَرض إذا قاءتْ بشيء مُعْجِبٍ؛ وقال الهذلي:

أَلَمَّا يَسْلم الجِيرانُ منـهـم،

 

وقد جُنَّ العِضاهُ من العَميم.

ومرَرْتُ على أَرضِ هادِرة مُتَجَنِّنة: وهي التي تُهال من عشبها وقد ذهب عُشْبها كلَّ مذهب. ويقال: جُنَّت الأَرضُ جُنوناً إذا اعْتَمَّ نبتها؛ قال ابن أَحمر:

تَفَقَّأَ فوقَه القَلَعُ السَّواري،

 

وجُنَّ الخازِبازِ به جُنونا.

جُنونُه: كثرةُ تَرَنُّمه في طَيَرانِه؛ وقال بعضهم: الخازِ بازِ نَبْتٌ، وقيل: هو ذُبابٌ. وجنون الذُّباب: كثرةُ تَرَنُّمِه. وجُنَّ الذُّبابُ أَي كثُرَ صوته. وجُنونُ النَّبْت: التفافُه؛ قال أَبو النجم:

وطالَ جَنُّ السَّنامِ الأَمْيَلِ.

أَراد تُمُوكَ السَّنامِ وطولَه. وجُنَّ النبتُ جُنوناً أَي طالَ والْتَفَّ وخرج زهره؛ وقوله: وجُنَّ الخازِ بازِ به جُنونا.
يحتمل هذين الوجهين. أَبو خيرة: أَرضٌ مجنونةٌ مُعْشِبة لم يَرْعَها أَحدٌ. وفي التهذيب: شمر عن ابن الأَعرابي: يقال للنخل المرتفع طولاً مجنونٌ، وللنبتِ الملتَفّ الكثيف الذي قد تأَزَّرَ بعضُه في بعض مجنونٌ.
والجَنَّةُ: البُسْتانُ، ومنه الجَنّات، والعربُ تسمِّي النخيلَ جَنَّةً؛ قال زهير:

كأَنَّ عينيَّ في غَرْبَيْ مُقَـتَّـلةٍ،

 

من النَّواضِح، تَسْقي جَنَّةً سُحُقاً.

والجَنَّةُ: الحَديقةُ ذات الشجر والنخل، وجمعها جِنان، وفيها تخصيص، ويقال للنخل وغيرها. وقال أَبو علي في التذكرة: لا تكون الجَنَّة في كلام العرب إلا وفيها نخلٌ وعنبٌ، فإن لم يكن فيها ذلك وكانت ذات شجر فهي حديقة وليست بجَنَّةٍ، وقد ورد ذكرُ الجَنَّة في القرآن العزيز والحديث الكريم في غير موضع.
والجَنَّةُ: هي دارُ النعيم في الدار الآخرة، من الاجْتنان، وهو السَّتْر لتَكاثُفِ أَشْجارِها وتظليلها بالتِفافِ أَغصانِها، قال: وسميت بالجَنَّة وهي المرَّة الواحدة من مَصْدر جَنَّة جَنّاً إذا ستَرَه، فكأَنها ستْرةٌ واحدةٌ لشدَّةِ التِفافِها وإظْلالِها؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي وزعمَ أَنه للبيد:

دَرَى باليَسَارَى جَنَّةً عَبْقَرِيَّةً،

 

مُسَطَّعةَ الأَعْناق بُلْقَ القَوادِم.

قال: يعني بالجَنَّة إبلاً كالبُسْتان، ومُسطَّعة: من السِّطاع وهي سِمةٌ في العنق، وقد تقدم. قال ابن سيده: وعندي أَنه جِنَّة، بالكسر، لأَنه قد وصف بعبقرية أَي إبلاً مثل الجِنة في حِدَّتها ونفارها، على أَنه لا يبعد الأَول، وإن وصفها بالعبقرية، لأَنه لما جعلها جَنَّة اسْتَجازَ أَن يَصِفَها بالعبقريّة، قال: وقد يجوز أَن يعني به ما أَخرج الربيعُ من أَلوانِها وأَوبارها وجميل شارَتِها، وقد قيل: كلُّ جَيِّدٍ عَبْقَرِيٌّ، فإذا كان ذلك فجائز أَن يوصَف به الجِنَّة وأَن يوصف به الجَنَّة.
والجِنِّيَّة: ثياب معروفة.والجِنِّيّةُ: مِطْرَفٌ مُدَوَّرٌ على خِلْقة الطَّيْلَسان تَلْبَسُها النساء. ومَجَنَّةُ: موضعٌ؛ قال في الصحاح: المَجَنَّةُ اسمُ موضع على أَميال من مكة؛ وكان بِلالٌ يتمثَّل بقول الشاعر:

أَلا ليْتَ شِعْري، هل أَبِيتَنَّ ليلةً

 

بمكةَ حَوْلي إذْ خِرٌ وجَلـيلُ؟

وهل أَرِدَنْ يوماً مِياهَ مَجَـنَّةٍ؟

 

وهل يَبْدُوَنْ لي شامةٌ وطَفيلُ؟

وكذلك مِجَنَّة؛ وقال أَبو ذؤَيب:

فوافَى بها عُسْفانَ، ثم أَتـى بـهـا

 

مِجَنَّة، تَصْفُو في القِلال ولا تَغْلي.

قال ابن جني: يحتمل مَجَنَّةُ وَزْنَين: أَحدهما أَن يكون مَفْعَلة من الجُنون كأَنها سميت بذلك لشيء يتصل بالجِنِّ أَو بالجِنَّة أَعني البُسْتان أَو ما هذا سَبيلُه، والآخر أَن يكون فَعَلَّةً من مَجَنَ يَمْجُن كأَنها سمِّيت بذلك لأَن ضَرْباً من المُجون كان بها، هذا ما توجبُه صنعةُ عِلْمِ العرب، قال: فأَما لأَيِّ الأَمرَينِ وقعت التسمية فذلك أَمرٌ طريقه الخبر، وكذلك الجُنَيْنة؛ قال:

مما يَضُمُّ إلى عِمْرانَ حاطِبُـه،

 

من الجُنَيْنَةِ، جَزْلاً غيرَ مَوْزون.

وقال ابن عباس، رضي الله عنه: كانت مَجَنَّةٌ وذو المَجاز وعُكاظ أَسواقاً في الجاهليَّة. والاسْتِجْنانُ: الاسْتِطْراب. والجَناجِنُ: عِظامُ الصدر، وقيل: رؤُوسُ الأَضْلاع، يكون ذلك للناس وغيرهم؛ قال الأَسْقَرُ الجُعْفِيّ:

لكن قَعِيدةَ بَيْتِنا مَـجْـفُـوَّةٌ،

 

بادٍ جَناجِنُ صَدْرِها ولها غِنا.

وقال الأعشى:

أَثَّرَتْ في جَناجِـنٍ، كـإِران ال

 

مَيْت، عُولِينَ فوقَ عُوجٍ رِسالِ.

واحدها جِنْجِنٌ وجَنْجَنٌ، وحكاه الفارسي بالهاء وغير الهاء: جِنْجِن وجِنْجِنة؛ قال الجوهري: وقد يفتح؛ قال رؤبة:

ومن عَجارِيهنَّ كلُّ جِنْجِن.

وقيل: واحدها جُنْجون، وقيل: الجَناجِنُ أَطرافُ الأَضلاع مما يلي قَصَّ الصَّدْرِ وعَظْمَ الصُّلْب. والمَنْجَنُونُ: الدُّولابُ التي يُسْتَقى عليها، نذكره في منجن فإِن الجوهري ذكره هنا، وردَّه عليه ابنُ الأَعرابي وقال: حقُّه أَن يذكر في منجن لأَنه رباعي، وسنذكره هناك.

جنه

الجُنَهِيُّ الخَيزُرانُ؛ حكاه أَبو العباس عن ابن الأَعرابي، وأَنشد للحزين الليثي، ويقال هو للفرزدق، يمدح عليّ بن الحسين زَيَّنَ العابدين:

في كَفِّه جُنَهِيٌّ رِيحُـه عَـبِـقٌ،

 

من كَفِّ أَرْوَعَ، في عِرْنِينِه شَمَمُ

ويروى: في كفه خَيْزُرانٌ؛ قال: وهو العَسَطوسُ أَيضاً.

جني

جنى الذنب عليه جناية: جره، قال أبو حية النميري:

وإن دما لو تعلمـين جـنـيتـه

 

على الحي جاني مثله غير سالم

ورجل جان من قوم جناة وجناء، الأخيرة عن سيبويه، فأما قولهم في المثل: أبناؤها أجناؤها، فزعم أبو عبيد أن أبناء جمع بان واجناء جمع جان كشاهد وأشهاد وصاحب وأصحاب. قال ابن سيده: وأراهم لم يسكروا بانيا على أبناء ولا جانيا على أجناء إلا في هذا المثل، المعنى أن الذي جنى وهدم هذه الدار هو الذي كان بناها بغير تدبير فاحتاج إلى نقض ما عمل وإفساده، قال الجوهري: وأنا أظن أن أصل المثل جناتها بناتها، لأن فاعلا لا يجمع على أفعال، وأما الأشهاد والأصحاب فإنما هما جمع شهد وصحب، إلا أن يكون هذا من النوادر لأنه يجيء في الأمثال مالا يجيء في غيرها، قال ابن بري: ليس المثل كما ظنه الجوهري من قوله جناتها بناتها، بل المثل كما نقل، لا خلاف بين أحد من أهل اللغة فيه، قال: وقوله إن أشهادا وأصحابا جمع شهد وصحب سهو منه لأن فعلا لا يجمع على أفعال إلا شاذا، قال: ومذهب البصريين أن أشهادا وأصحابا وأطيارا جمع شاهد وصاحب وطائر، فإن قيل: فإن فعلا إذا كانت عينه واوا أو ياء جاز جمعه على أفعال نحو شيخ وأشياخ وحوض وأحواض، فهلا كان أطيار للقليل، ألا تراك تقول ثلاثة أطيار؟ ولو كان أطيار في هذا جمعا لطير الذي هو جمع لكان المعنى ثلاثة جموع من الطير، ولم يرد ذلك، قال: وهذا المثل يضرب لمن عمل شيئا بغير روية فأخطأ فيه ثم استدركه فنقض ما عمله، وأصله أن بعض ملوك اليمن غزا واستخلف ابنته فبنت بمشورة قوم بنيانا كرهه أبوها، فلما قدم أمر المشيرين ببنائه أن يهدموه، والمعنى أن الذين جنوا على هذه الدار بالهدم هم الذين كانوا بنوها، فالذي جنى تلافى ما جنى، والمدينة التي هدمت اسمها براقش، وقد ذكرناها في فصل برقش. وفي الحديث: لا يجني جان إلا على نفسه، الجناية: الذنب والجرم وما يفعله الإنسان مما يوجب عليه العقاب أو القصاص في الدنيا والآخرة، والمعنى أنه لا يطالب بجناية غيره من أقاربه وأباعده، فإذا جنى أحدهم جناية لا يطالب بها الآخر لقوله عز وجل: ولا تزر وازرة وزر أخرى. وجنى فلان على نفسه إذا جر جريرة يجني جناية على قومه. وتجنى فلان على فلان ذنبا إذا تقوله عليه وهو بريء. وتجنى عليه وجانى: ادعى عليه جناية. شمر: جنيت لك وعليك، ومنه قوله:

جانيك من يجني علـيك وقـد

 

تعدي الصحاح فتجرب الجرب

أبو عبيد: قولهم جانيك من يجني يضرب مثلا للرجل يعاقب بجناية ولا يؤخذ غيره بذنبه، إنما يجنيك من جنايته راجعة إليك، وذلك أن الإخوة يجنون على الرجل، يدل على ذلك قوله: وقد تعدي الصحاح الجرب، وقال أبو الهيثم في قولهم جانيك من يجني عليك: يراد به الجاني لك الخير من يجني عليك الشر، وأنشد:

جانيك من يجني علـيك وقـد

 

تعدي الصحاح مبارك الجرب

والتجني:مثل التجرام وهو أن يدعي عليك ذنبا لم تفعله.وجنيت الثمرة أجنيها جنى واجتنيتها بمعنى، ابن سيده: جنى الثمرة ونحوها وتجناها كل ذلك تناولها من شجرتها، قال الشاعر:

إذا دعيت بما في البيت قالت

 

تجن من الجذال وما جنيت

قال أبو حنيفة: هذا شاعر نزل بقوم فقروه صمغا ولم يأتوه به، ولكن دلوه على موضعه وقالوا اذهب فاجنه، فقال هذا البيت يذم به أم مثواه، واستعاره أبو ذؤيب للشرف فقال:

وكلاهما قد عاش عيشة ماجد

 

وجنى العلاء لو أن شيئا ينفع

ويروى: وجنى العلى لو أن. وجناها له وجناه إياه. أبو عبيد: جنيت فلانا جنى أي جنيت له فقال:

ولقد جنيتك أكموا وعساقلا

 

ولقد نهيتك عن بنات الأوبر

وفي الحديث: أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، دخل بيت المال فقال يا حمراء ويا بيضاء احمري وابيضي وغري غيري:

هذا جناي وخياره فـيه

 

إذ كل جان يده إلى فيه

قال أبو عبيد: يضرب هذا مثلا للرجل يؤثر صاحبه بخيار ما عنده. قال أبو عبيد: وذكر ابن الكلبي أن المثل لعمرو بن عدي اللخمي ابن أخبت جذيمة، وهو أول من قاله، وأن جذيمة نزل منزلا وأمر الناس أن يجتنوا له الكمأة فكان بعضهم يستأثر بخير ما يجد ويأكل طيبها، وعمرو يأتيه بخير ما يجد ولا يأكل منها شيئا، فلما أتى بها خاله جذيمة قال:

هذا جناي وخياره فـيه

 

إذ كل جان يده إلى فيه

وأراد علي، رضوان الله عليه، بقول ذلك أنه لم يتلطخ بشيء من فيء المسلمين بل وضعه مواضعه. والجنى: ما يجنى من الشجر، ويروى:

هذا جناي وهجانه فيه

أي خياره. ويقال: أتانا بجناة طيبة لكل ما يجتنى، ويجمع الجنى على أجن مثل عصا وأعص. وفي الحديث: أهدي له أجن زغب، يريد القثاء الغض، هكذا جاء في بعض الروايات، والمشهور أجر، بالراء، وهو مذكور في موضعه. ابن سيده: والجنى كل ما جنى حتى القطن والكمأة، واحدته جناة، وقيل: الجناة كالجنى، قال: فهو على هذا من باب حق وحقة، وقد يجمع الجنى على أجناء، قالت امرأة من العرب:

لأجناء العضاه أقل عـارا

 

من الجوفان يلفحه السعير

وقال حسان بن ثابت:

كأن جنية من بـيت رأس

 

يكون مزاجها عسل وماء

على أنيابها أو طعم غض

 

من التفاح عصرها الجناء

قال: وقد يجمع على أجن مثل جبل وأجبل. والجنى: الكلأ. والجنى: الكمأة. وأجني الأرض: كثر جناها، وهو الكلأ والكمأة ونحو ذلك. وأجنى الثمر أي أدرك ثمره. وأجنت الشجرة إذا صار لها جنى يجنى فيؤكل، قال الشاعر:

أجنى له باللوى شري وتنوم

وقيل في قوله أجنى: صار له التنوم والآء جنى يأكله، قال: وهو أصح. والجني: الثمر المجتنى ما دام طريا. وفي التنزيل العزيز: تساقط عليك رطبا جنيا. والجنى: الرطب والعسل، وأنشد الفراء:

هزي إليك الجذع يجنيك الجنى

ويقال للعسل إذا اشتير جنى، وكل ثمر يجتنى فهو جنى، مقصور. والاجتناء: أخذك إياه، وهو جنى ما دام رطبا. ويقال لكل شيء أخذ من شجره: قد جني واجتني، قال الراجز يذكر الكمأة:

جنيته من مجتنى عويص

وقال الآخر:

إنك لا تجني من الشوك العنب

ويقال للتمر إذا صرم: جني: وتمر جني على فعيل حين جني، وفي ترجمة جنى:

حب الجنى من شرع نزول

قال: الجنى العنب،وشرع نزول: يريد به ما شرع من الكرم في الماء. ابن سيده: واجتنينا ماء مطر، حكاه ابن الأعرابي، قال: وهو من جيد كلام العرب، ولم يفسره، وعندي أنه أراد: وردناه فشربناه أو سقيناه ركابنا، قال: ووجه استجادة ابن الأعرابي له أنه من فصيح كلام العرب. والجنى: الودع كأنه جني من البحر. والجنى: الذهب وقد جناه قال في صفة ذهب:

صبيحة ديمة يجنيه جاني

أي يجمعه من معدنه. ابن الأعرابي: الجاني اللقاح، قال أبو منصور: يعني الذي يلقح النخيل. والجاني: الكاسب. ورجل أجنى كأجنأ بين الجنى، والأنثى جنوى، والهمز أعرف. وفي حديث أبي بكر، رضي الله عنه: أنه رأى أبا ذر، رضي الله عنه، فدعاه فجنى عليه فساره، جنى عليه: أكب عليه، وقيل: هو مهموز، والأصل فيه الهمز من جنأ يجنأ إذا مال عليه وعطف ثم خفف، وهو لغة في أجنأ، وقد تقدم، قال ابن الأثير: ولو رويت بالحاء المهملة بمعنى أكب عليه لكان أشبه.