مقدمة

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبِه ثقتي

قَالَ الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة تَاج الْقُرَّاء أَبُو الْقَاسِم مَحْمُود بن حَمْزَة ابْن نصر الْكرْمَانِي رَضِي الله عَنهُ ورحمه الْحَمد لله الَّذِي أنزل الْفرْقَان على مُحَمَّد ليَكُون للْعَالمين نذيرا معجزا للإنس وَالْجِنّ وَلَو كَانَ بَعضهم لبَعض ظهيرا نحمده على تفضله علينا بكتابه فضلا كَبِيرا وَمن يُؤْت الْحِكْمَة فقد أُوتى خيرا كثيرا

وَنُصَلِّي ونسلم على الْمَبْعُوث بشيرا وَنَذِيرا وداعيا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وسراجا منيرا صَلَاة دائمة تتصل وَلَا تَنْقَطِع بكرَة وهجيرا وَبعد

فَإِن هَذَا كتاب أذكر فِيهِ الْآيَات المتشابهات الَّتِي تَكَرَّرت فِي الْقُرْآن وألفاظها متفقة وَلَكِن وَقع فِي بَعْضهَا زِيَادَة أَو نُقْصَان أَو تَقْدِيم أَو تَأْخِير أَو إِبْدَال حرف مَكَان حرف أَو غير ذَلِك مِمَّا يُوجب اخْتِلَافا بَين الْآيَتَيْنِ أَو الْآيَات الَّتِي تَكَرَّرت من غير زِيَادَة وَلَا نُقْصَان وَأبين مَا السَّبَب فِي تكرارها والفائدة فِي إِعَادَتهَا وَمَا الْمُوجب للزِّيَادَة وَالنُّقْصَان والتقديم وَالتَّأْخِير والإبدال وَمَا الْحِكْمَة فِي تَخْصِيص الْآيَة بذلك دون الْآيَة الْأُخْرَى وَهل كَانَ يصلح مَا فِي هَذِه السُّورَة مَكَان مَا فِي السُّورَة الَّتِي تشاكلها أم لَا ليجري ذَلِك مجْرى عَلَامَات تزيل إشكالها وتمتاز بهَا عَن أشكالها من غير أَن أشتغل بتفسيرها وتأويلها فَإِنِّي بِحَمْد الله قد بيّنت ذَلِك كُله بشرائطه فِي كتاب لباب التَّفْسِير وعجائب التَّأْوِيل مُشْتَمِلًا على أَكثر مَا نَحن بصدده وَلَكِنِّي أفردت هَذَا الْكتاب لبَيَان الْمُتَشَابه فَإِن الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى قد شرعوا فِي تصنيفه واقتصروا على ذكر الْآيَة ونظيرتها وَلم يشتغلوا بِذكر وجوهها وعللها وَالْفرق بَين الْآيَة وَمثلهَا وَهُوَ الْمُشكل الَّذِي لَا يقوم بأعبائه إِلَّا من وَفقه الله لأدائه

وَقد قَالَ أَبُو مُسلم فِي تَفْسِيره عَن أبي عبد الله الْخَطِيب فِي تَفْسِيره كَلِمَات معدودات مِنْهَا وَأَنا أحكي لَك كَلَامه فِيهَا إِذا بلغت إِلَيْهَا مستعينا بِاللَّه ومتوكلا عَلَيْهِ وَسميت هَذَا الْكتاب الْبُرْهَان فِي متشابه الْقُرْآن لما فِيهِ من الْحجَّة وَالْبَيَان وَبِاللَّهِ وَعَلِيهِ التكلان