ذكر القاضي أبي عمر محمد بن يوسف

ومن القضاة بتلك البلاد المشرقية، أبو عمر محمد بن يوسف، حاجب القاضيإسماعيل المتقدم الذكر، وابن عمه. وفي أيام هذا القاضي قتل الحلاج. وابنعمه هو الذي أفتى بقتله، بعد تقريره على مذهبه، وقيام الشهادات عليهبإلحاد. فضرب ألف سوط، ثم قطعت يداه ورجلاه، ثم طرح جسده، وبه رمى من أعلىموضع ضربه إلى الأرض وأحرق بالنار، والعياذ بالله.

وحضر يوماً بين يدي أبي عمر رجل يدعى قبل الآخر مائة دينار، ولم تكن له بينة. فتوجهت اليمين على المطلوب بنفي ما زعمه الطالب فأخذ الخصم الدواة وكتب:  

وإنـي لـذو حـلـف فـاجــر

 

إذا ما اضطررت وفي الحال ضيق

وهل لا جناح على معسر

 

يدافع بالله مالا يطيق

فأمر القاضي بإحضار مائة دينار ودفعها عنه. فعجب الراضي من أدب الرجل وكرم القاضي، وبحث عن الناظم؛ فلما وجده، أمر له بألف دينار، وخمس خلع، ومركوب حسن، وملازمة دار السلطان.