وسبب خروجه عن حضرة بغداد، كلام نقل عنه أنه قاله في الشافعي؛ وطلب لأجله؛ فعجل بالفرار منها، خائفاً على نفسه. قال الشيرازي: وأنشد بعد ارتحاله عنها:
سلام على بغداد في كل موطـن |
|
وحق لها مني السلام المضاعف |
لعمرك ما فارقتها عن قلي لهـا |
|
وإني بشطي جانبيها لـعـارف |
ولاكنها ضاقت علي برحبـهـا |
|
ولم تكن الأرزاق فيها تساعـف |
فكانت كخل كنت أهـوى دنـوه |
|
وأخلاقه تنأى به وتـخـالـف |
ونسب له بعضهم:
وقائلةٍ لـو كـان ودك صـادقـاً |
|
لبغداد لم ترحل فكان. جـوابـيا |
يقيم الرجال الموسرون بأرضهـم |
|
وترمي القوى بالمفترين المراميا |
وما هجروا أوطانهم عن ملاحظ |
|
ولا كن حذاراً من شمات الأعاديا |
ولما وصل مصر، وبنيته المغرب، وصفت له بلاده، فزهد فيها، وقد كان خاطب فقهاء القيروان ورام القدوم على الأندلس، وكتب أيضاً في ذلك إلى مجاهد الموفق صاحب دانية؛ فعاجلته منيته. وتوفي بمصر في شعبان سنة 422، وقد جاز المعترك. وحكى أنه لما أحس الموت، وهو بمصر، إثر ما اتسعت حاله، قال: لا إله إلا الله! لما عشنا متنا! غفر الله لنا وله ورحمنا وإياه!