ذكر القاضي إسماعيل بن عباد وابنه محمد

ومن القضاة بإشبيلية، أبو الوليد إسماعيل بن عباد اللخمي الإشبيلي. قال ابن حيان: كان حسن المعرفة بقطع من الشعر، صالح النظر في الفقه، عالماً، كاتباً، حليماً، أديباً، حسيباً، وافر النفقة، ذكروا أن أملاكه كانت ثلث كورته، قديم الجاه على سلطان الأندلس من العامرية، مشتغلاً لهم بالأمور العظيمة. فولى قضاء بلده وعمله مدة. ثم صرف عنه، أيام المظفر عبد الملك، عند ارتياده للقضاء أهل السلامة برأي ابن ذكوان؛ فاستقدم إلى قرطبة. وولى مكانه أبو عمر بن الباجي نحو سنة؛ فلم يجدوه في أمورهم، ولا قام لهم مقامه؛ فاضطروا إليه وردوه إلى عمله وصرفوا الآخر صرفاً جميلاً. ولزم ابن عباد عمله؛ ثم قعد عند القضاء، وتوفي سنة 410.


وانتصب لرياسة مكانه ابنه أبو القاسم محمد؛ وكان جزلاً، ذا أدب ومروءة؛ ولاه القاسم بن حمود القضاء. مكان أبيه؛ فبعد صيته. وكان ممن اعتنى بالعلم، إلى أن ثار ببلده بعد اضطراب بني حمود؛ فثار به، وحاز رياسته، وأورثها عقبة؛ فجاءوا بعد من أجل الملوك بالأندلس، إلى أن أخرجهم عنها المرابطون سنة 484.

قال ابن أبي الفياض: وكان سبب ثورة ابن عباد خلع أهل إشبيلية القاسم بن حمود؛ وذلك أنه، لما خرج القاسم من قرطبة، أرسل إلى إشبيلية إلى ابنه في إخلاء ألف وخمسمائة دار لوجوه البربر، فعز ذلك على أهل إشبيلية، فاجتمعوا على أن يضبطوا مدينتهم، ويخلعوا طاعة القاسم.