ذكر القاضي أبي الوليد يونس بن مغيث

ومنهم يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث، يكنى أبا الوليد. قلده الخليفة هشام ابن محمد المرواني القضاء سنة 419، وهو شيخ قد زاد على الثمانين؛ وهو ذو ذهن ثابت، جزل الخطابة، حاضر المذاكرة؛ وله كتب حسان في الزهد والدقائق. قال ابن بشكوال، وقد ذكره في صلته قال: صاحبه أبو عمر بن مهدي، وقرأته بخطه: كان نفع الله به! من أهل العلم بالفقه والحديث، كثير الرواية، وافر الحظ، قائلاً للشعر النفيس في معاني الزهد وما شابهه، بليغاً في خطبته، كثير الخشوع فيها، لا يتمالك من سمعه من البكاء مع الخير والفضل، والزهد في الدنيا، والرضى منها باليسير؛ ما رأيت فيمن لقيت من شيوخي، من يضاهيه في جميع أحواله. كنت، إذا ذاكرته شيئاً من أمور الآخرة، رأى وجهه يصفر ويدافع البكاء ما استطاع، وربما غلبه؛ فلا يقدر أن يمسكه. وكان الدمع قد أثر في عينيه وغيرهما، لكثرة بكائه. وكان النور بادياً على وجهه. وكان قد صحب الصالحين، ولقيهم من حدثانه؛ ما رأيت أحفظ منه لأخبارهم وحكاياتهم. ومن تآليفه: كتاب فضائل المنقطعين إلى الله. توفي رحمه الله! لليلتين بقيتا من رجب سنة 429.