باب الصاد والضاد

حصأ

حَصَأَ الصبيُّ من اللبن حَصْأً: رَضِعَ حتى امْتَلأَ بطنُه، وكذلك الجَدْيُ إذا رَضِعَ من اللبن حتى تمْتَلئ إنْفَحَتُه. وحَصَأَتِ الناقةُ تَحْصَأُ حَصْأً: اشتدَّ شُرْبها أَو أَكْلُها أَو اشتدّا جميعاً. وحَصَأَ من الماء حَصْأً: رَوِيَ. وأَحْصَأَ غيرَه: أَرواه. وحَصَأَ بها حَصْأَ: ضَرِطَ، وكذلك حَصَمَ ومَحَصَ. ورجل حِنْصَأ: ضعيفٌ. الأَزهري، شمر: الحِنْصَأْوةُ من الرجال: الضعيف، وأَنشد:

حَتَّى تَرَى الحِنْصَأْوةَ الفَرُوقا،

 

مُتَّكِئاً، يَقْتَمِـحُ الـسَّـوِيقـا

حصب

الحَصْبةُ والحَصَبةُ والحَصِبةُ، بسكون الصاد وفتحها وكسرها: البَثْر الذي يَخْرُج بالبَدَن ويظهر في الجِلْد، تقول منه: حَصِبَ جِلدُه، بالكسر، يَحْصَبُ، وحُصِبَ فهو مَحْصُوبٌ. وفي حديث مَسْرُوقٍ: أَتَيْنا عبدَ اللّهِ في مُجَدَّرِينَ ومُحَّصَبِينَ، هم الذين أَصابَهم الجُدَرِيُّ والحَصْبةُ.
والحَصَبُ والحَصْبةُ: الحجارةُ والحصى، واحدته حَصَبةٌ، وهو نادر.
والحَصْباء: الحَصى، واحدته حَصَبة، كقَصَبةٍ وقَصَباءَ؛ وهو عند سيبويه اسم للجمع. وفي حديث الكَوْثَرِ: فأَخرج من حَصْبائه، فإذا ياقُوتٌ أَحمرُ، أَي حَصاه الذي في قَعْره.
وأَرضٌ حَصِبةٌ ومَحْصَبةٌ، بالفتح: كثيرة الحَصباءِ. قال الأَزهري: أَرض مَحْصَبةُ: ذاتُ حَصْباء، ومَحْصاةٌ: ذاتُ حَصى. قال أَبو عبيد: وأَرضٌ مَحْصَبةٌ: ذاتُ حَصْبةٍ، ومَجْدَرةٌ: ذاتُ جُدَرِيٍّ، ومكانٌ حاصِبٌ: ذُو حَصْباء. وفي الحديث: أَنه نَهى عن مَسِّ الحَصْباءِ في الصلاةِ، كانوا يُصَلُون على حَصْباءِ المسجد، ولا حائلَ بين وجوههم وبَيْنَها، فكانوا إذا سجدوا، سَوَّوْها بأَيديهم، فنُهُوا عن ذلك، لأَنه فِعْلٌ من غير أَفعالِ الصلاة، والعَبَثُ فيها لا يجوز، وتَبْطُلُ به إذا تكرَّر؛ومنه الحديث: إن كان لا بدّ من مَسِّ الحَصْباءِ فواحدةً، أَي مَرَّةً واحدة، رُخِّصَ له فيها، لأَنها غير مكرّرة.
ومكانٌ حَصِبٌ: ذُو حَصباء على النَّسَب، لأَنا لم نَسْمع له فِعْلاً؛ قال أَبو ذُؤَيْب.

فكَرَعْنَ في حَجَراتِ عَذْبٍ بـارِدٍ،

 

حَصِبِ البِطاحِ، تَغِيبُ فيه الأَكْرُعُ

والحَصْبُ: رَمْيُكَ بالحَصْباءِ.
حَصَبَهُ يَحْصِبُه حَصْباً: رماه بالحَصْباءِ وتحاصَبُوا: تَرامَوْا بالحَصْباءِ، والحَصْباءُ: صِغارُها وكِبارُها.
وفي الحديث الذي جاءَ في مَقْتَل عثمان، رضي اللّه عنه، قال: إنهم تَحاصَبُوا في المسجد، حتى ما أُبْصِرَ أَدِيمُ السماءِ، أَي تَرامَوْا بالحَصْباءِ. وفي حديث ابن عمر: أَنه رأَى رَجلين يَتَحدّثان، والإمامُ يَخْطُب، فَحَصَبَهما أَي رَجَمَهُما بالحَصْباءِ ليُسَكّتَهُما.
والإحْصابُ: أَن يُثِيرَ الحَصى في عَدْوِه. وقال اللحياني: يكون ذلك في الفَرَس وغيره مما يَعْدُو؛ تقول منه: أَحْصَبَ الفرسُ وغيره.
وحَصَّبَ الموضعَ: أَلقَى فيه الحَصى الصِّغار، وفَرَشَه بالحَصْباءِ. وفي الحديث: أَن عُمر، رضي اللّه عنه، أَمَرَ بتَحْصِيبِ المسجد، وذلك أَن يُلقَى فيه الحَصى الصغارُ، ليكون أَوْثرَ للمُصَلِّي، وأَغْفَرَ لِما يُلْقى فيه من الأَقْشابِ والخَراشِيِّ والأَقْذارِ. والحَصْباءُ: هو الحَصى الصغار؛ ومنه الحديث الآخَرُ: أَنه حَصَّبَ المسجدَ وقال هو أَغْفَرُ للنُّخَامةِ، أَي أَسْتَرُ للبُزاقة، إذا سقَطَت فيه؛ والأَقْشابُ: ما يَسْقُط من خُيوطِ خِرَقٍ، وأَشياء تُسْتَقْذَر.
والمُحصَّب: موضع رَمْيِ الجِمار بِمِنىً، وقيل: هو الشَّعْبُ الذي مَخْرَجُه إلى الأَبْطَحِ، بين مكة ومِنى، يُنامُ فيه ساعةً من الليل، ثم يُخرج إلى مكة، سُمَيا بذلك للحَصى الذي فيهما. ويقال لموضع الجمار أَيضاً: حِصاب، بكسر الحاءِ. قال الأَزهري: التَّحْصِيبُ النَّوْمُ بالشِّعْبِ، الذي مَخْرَجُه إلى الأَبْطَحِ ساعةً مِن الليلِ، ثم يُخْرَجُ إلى مكةَ، وكان موضعاً نَزَلَ به رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، مِن غير أَن سَنَّه للناسِ، فَمَن شاءَ حَصَّبَ، ومن شاءَ لم يُحَصِّبْ؛ ومنه حديث عائشةَ، رضي اللّه عنها: ليس التَّحْصِيبُ بشيءٍ، أَرادت به النومَ بالمُحَصَّبِ، عند الخُروجِ من مَكةَ، ساعةً والنُّزُولَ به. ورُوِي عن عمر، رضي اللّه عنه، أَنه قال: يَنْفِرُ الناسُ كُلُّهم إلاَّ بَنِي خُزَيْمَةَ، يعني قريشاً لا يَنْفِرُون في النَّفْرِ الأَوّل. قال وقال: يا آلَ خُزَيْمَةَ حَصِّبُوا أَي أَقِيموُا بالمُحَصَّبِ. قال أَبو عبيد: التَّحْصِيبُ إذا نَفَر الرَّجلُ مِن مِنى إلى مكة، للتّوْدِيعِ، أَقامَ بالأَبْطَحِ حتى يَهْجَعَ بها ساعةَ مِنَ الليل، ثم يَدْخُل مكة. قال: وهذا شيءٌ كان يُفْعَل، ثم تُرِكَ؛ وخُزَيْمَةُ هم قُرَيْش وكَنانةُ، وليس فيهم أَسَدٌ. وقال القعنبي: التَّحْصِيبُ: نُزولُ المُحَصَّب بمكة. وأَنشد:

فَلِلّهَ عَيْنا مَن رَأَى مِنْ تَـفَـرُّقٍ

 

أَشَتَّ، وأَنْأَى مِنْ فِراقِ المُحَصَّبِ

وقال الأَصمعي: المُحَصَّبُ: حيث يُرْمَى الجمارُ؛ وأَنشد:

أَقامَ ثلاثاً بالمُحَصَّبِ مِن مِنىً،

 

ولَمَّا يَبِنْ، للنَّاعِجاتِ، طَرِيقُ

وقال الراعي:

أَلم تَعْلَمي، يا أَلأَمَ النَّاسِ، أَنَّنـي

 

بِمَكَّةَ مَعْرُوفٌ، وعِندَ المُحَصَّبِ

يريد موضع الجِمار.
والحاصِبُ: رِيحٌ شَدِيدة تَحْمِل التُّرابَ والحَصْباءَ؛ وقيل: هو ما تَناثَر من دُقاقِ البَرَد والثَّلْجِ. وفي التنزيل: إنَّا أَرْسَلْنا عليهم حاصِباً؛ وكذلك الحَصِبةُ؛ قال لبيد:

جَرَّتْ عَلَيها، أَنْ خَوَتْ مِنْ أَهْلِها،

 

أَذْيالَها، كلُّ عَصُوفٍ حَصِـبَـهْ

وقوله تعالى: إنَّا أَرْسَلْنا عليهم حاصِباً؛ أَي عَذاباً يَحْصِبُهم أَي يَرْمِيهم بحجارة مِن سِجِّيل؛ وقيل: حاصِباً أَي ريحاً تَقْلَعُ الحَصْباء لقوّتها، وهي صغارها وكبارها. وفي حديث علي، رضي اللّه عنه، قال للخَوارج: أَصابَكم حاصِبٌ أَي عَذابٌ من اللّه، وأَصله رُميتم بالحَصْباءِ من السماءِ. ويقال للرِّيحِ التي تَحْمِل الترابَ والحَصى: حاصِبٌ، وللسَّحابِ يَرْمِي بالبَرَد والثَّلْج: حاصِبٌ، لأَنه يَرْمِي بهما رَمْياً؛ قال الأَعشى:

لنا حاصِبٌ مِثْلُ رِجْلِ الدَّبَى،

 

وجَأْواءُ تُبْرقُ عنها الهَيُوبا

أَراد بالحاصِب: الرُّماةَ. وقال الأَزهري: الحاصِبُ: العَدَدُ الكَثِيرُ من الرَّجَّالةِ، وهو معنى قوله:

لنا حاصِبٌ مِثْلُ رِجْلِ الدَّبَى

ابن الأَعرابي: الحاصِبُ مِن التّراب ما كان فيه الحَصْباء. وقال ابن شميل: الحاصِبُ: الحَصْباء في الرِّيح، كان يَوْمُنا ذا حاصِبٍ. ورِيحٌ حاصِبٌ، وقد حصَبَتْنا تَحْصِبُنا. وريحٌ حَصِبةٌ: فيها حَصباء. قال ذو الرمة:

حَفِيفُ نافِجةٍ، عُثْنُونُها حَصِب

والحَصَبُ: كُلُّ ما أَلقَيْتَه في النَّار من حَطَب وغيره. وفي التنزيل: إنَّكم وما تَعْبُدُون مِن دُونِ اللّه حَصَبُ جَهَنَّم. قال الفرَّاءُ: ذكر أَن الحَصَبَ في لغة أَهل اليمن الحَطَبُ. ورُوِي عن علي، كرّم اللّه وجهه: أَنه قرأَ حَطَبُ جَهَنَّمَ. وكلُّ ما أَلْقَيْتَه في النار، فقد حَصَبْتَها به، ولا يكون الحَصَبُ حَصَباً، حتى يُسْجَر به. وقيل: الحَصَبُ: الحَطَبُ عامّةً. وحَصَبَ النارَ بالحَصَبِ يَحْصُبها حَصْباً: أَضْرَمَها.
الأَزهري: الحَصَبُ: الحَطَبُ الذي يُلْقَى في تَنُّور، أَو في وَقُودٍ، فأَما ما دام غير مستعمل للسُّجُورِ، فلا يسمى حَصَباً.
وحَصَبْتُه أَحْصِبُه: رمَيْته بالحَصْباءِ. والحَجرُ المَرْمِيُّ به: حَصَبٌ، كما يقال: نَفَضْتُ الشيءَ نَفْضاً، والمنفوضُ نَفَضٌ، فمعنى قوله حَصَبُ جهنم أَي يُلْقَوْن فيها، كما يُلْقَى الحَطَبُ في النارِ. وقال الفرّاءُ: الحَصَبُ في لغة أَهل نجد: ما رَمَيْتَ به في النار. وقال عكرمة: حَصَبُ جهنم: هو حَطَبُ جهنم بالحَبَشية. وقال ابن عرفة: إن كان أَراد أَن العرب تكملت به فصار عَرَبيةَ، والإ فليس في القرآن غيرُ العربيةِ. وحَصَبَ في الأَرض: ذَهَبَ فيها. وحَصَبةُ: اسم رجل، عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

أَلَسْتَ عَبْدَ عامِرِ بنِ حَصَبَهْ

ويَحْصَبُ: قبيلةٌ، وقيل: هي يَحْصُبُ، نقلت من قولك حَصَبَه بالحصى، يَحْصُبُه، وليس بقويّ. وفي الصحاح: ويَحْصِبُ، بالكسر: حَيٌّ من اليمن، وإذا نسبت إليه قلت: يَحْصَبِيٌّ، بالفتح، مثل تَغْلِبَ وتَغْلَبِيٍّ.

حصد

الحَصْدُ: جزك البر ونحوه من النبات.
حَصَدَ الزرع وغيره من النبات يَحْصِدُه ويَحْصُدُه حَصْداً وحَصاداً وحِصاداً؛ عن اللحياني: قطعه بالمِنْجَلِ؛ وحَصَده واحتصده بمعنى واحد.
والزرع محصود وحَصِيدٌ وحَصِيدَةٌ وحَصَدٌ، بالتحريك؛ ورجل حاصد من قوم حَصَدةٍ وحُصَّاد.
والحَصَاد والحِصاد: أَوانُ الحَصْد. والحَصَادُ والحَصِيدُ والحَصَد: الزرع والبر المحصود بعد ما يحصد؛ وأَنشد:

إِلى مُقْعَدات تَطْرَحُ الريحُ بالضحى،

 

عليهنَّ رَفْضاً من حَصَادِ القُلاقـل

وحَصاد كل شجرة: ثمرتها. وحَصاد البقول البرية: ما تناثر من حبتها عند هَيْجها. والقلاقل: بقلة برية يشبه حبها حب السمسم ولها أَكمام كأَكمامها؛ وأَراد بحصاد القلاقل ما تناثر منه بعد هيجه. وفي حديث ظبيانَ: يأْكلون حَصِيدَها؛ الحصيد المحصود فعيل بمعنى مفعول. وأَحْصَدَ البر والزرع: حان له أَن يُحصد؛ واسْتَحْصَد: دعا إِلى ذلك من نفسه. وقال ابن الأَعرابي: أَحصد الزرع واستحصد سواء.
والحَصِيد: أَسافل الزرع التي تبقى لا يتمكن منها المِنْجل. والحَصِيد: المَزْرَعَة لأَنها تُحْصَد؛ الأَزهري: الحصيدة المزرعة إذا حصدت كلها، والجمع الحصائد. والحصيدُ: الذي حَصَدَتْه الأَيدي؛ قاله أَبو حنيفة، وقيل هو الذي انتزعته الرياح فطارت به.
والمُحْصدُ: الذي قد جف وهو قائم.
والحَصَدُ: ما أَحصَدَ من النبات وجف؛ قال النابغة:

يَمُدُّهُ كلُّ وادٍ مُتْرَعٍ لَـجِـبٍ،

 

فيه رُكام من اليَنْبوتِ والحَصَدِ

وقوله عز وجل: وآتوا حقه يوم حَصاده؛ يريد، والله أَعلم، يوم حَصْده وجزازه.
يقال: حِصاد وحَصاد وجِزاز وجَزاز وجِداد وجَداد وقِطاف وقَطاف، وهذان من الحِصاد والحَصاد.
وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، نهى عن حَصاد الليل وعن جداده؛ الحَصاد، بالفتح والكسر: قَطْعُ الزرع؛ قال أَبو عبيد: إِنما نهى عن ذلك ليلاً من أَجل المساكين لأَنهم كانوا يحضرونه فيتصدق عليهم؛ ومنه قوله تعالى: وآتوا حقه يوم حصاده؛ وإِذا فعل ذلك ليلاً فهو فرار من الصدقة؛ ويقال: بل نهى عن ذلك لأَجل الهوام أَن تصيب الناس إذا حَصَدوا ليلاً. قال أَبو عبيد: والقول الأَول أَحبُّ إِليّ.
وقول الله تعالى: وحَبَّ الحصيد؛ قال الفراء: هذا مما أُضيف إِلى نفسه وهو مثل قوله تعالى: إِن هذا لهو حق اليقين؛ ومثله قوله تعالى: ونحن أَقرب إِليه من حبل الوريد؛ والحبل: هو الوريد فأُضيف إِلى نفسه لاختلاف لفظ الاسمين. وقال الزجاج: نصب قوله وحبَّ الحصيد أَي وأَنبتنا فيها حب الحصيد فجمع بذلك جميع ما يقتات من حب الحنطة والشعير وكل ما حصد، كأَنه قال: وحب النبت الحصيد؛ وقال الليث: أَراد حب البر المحصود، قال الأَزهري: وقول الزجاج أَصح لأَنه أَعم.
والمِحْصَدُ، بالكسر: المنجل. وحَصَدَهم يَحْصِدُهم حَصْداً: قتلهم؛ قال الأَعشى:

قالوا البَقِيَّةَ، والهنْدِيُّ يَحْصُدُهم،

 

ولا بَقِيَّةَ إِلاَّ الثَّارُ، وانكَشَفـوا

وقيل للناس: حَصَدٌ، وقوله تعالى: حتى جعلناهم حصيداً خامدين، مِن هذا؛ هؤلاء قوم قتلوا نبيّاً بعث إِليهم فعاقبهم الله وقتلهم ملك من ملوك الأَعاجم فقال الله تعالى: حتى جعلناهم حصيداً خامدين؛ أَي كالزرع المحصود.
وفي حديث الفتح: فإِذا لقيتموهم غداً أَن تحْصُدوهم حَصْداً أَي تقتلوهم وتبالغوا في قتلهم واستئصالهم، مأْخوذ من حَصْدِ الزرع؛ وكذلك قوله:

يزرعها اللَّهُ من جَنْبٍ ويَحْصُدُها،

 

فلا تقوم لما يأْتي به الـصُّـرَمُ

كأَنه يخلقها ويميتها، وحَصَدَ الرجلُ حَصْداً؛ حكاه اللحياني عن أَبي طيبة وقال: هي لغتنا، قال: وإِنما قال هذا لأَن لغة الأَكثر إِنما هو عَصَدَ.
والحَصَدُ: اشتداد الفتل واستحكام الصناعة في الأَوتار والحبال والدروع؛ حبل أَحْصَدُ وحَصِدٌ ومُحْصَدٌ ومُسْتَحْصِدٌ؛ وقال الليث: الحَصَدُ مصدرُ الشيء الأَحْصَدِ، وهو المحكم فتله وصنعته من الحبال والأَوتار والدروع. وحبل مُحْصَدٌ أَي محكم مفتول. وحَصِد، بكسر الصاد، وأَحصدت الحبل: فتلته. ورجل مُحْصَدُ الرأْي: محكمه سديده، على التشبيه بذلك، ورأْي مُسْتَحْصَدٌ: محكم؛ قال لبيد:

وخَصْمٍ كنادي الجنِّ، أَسقطت شَأْوَهم

 

بمُسْتَحْصَـدٍ ذي مِـرَّة وضُـروع

أَي برأْي محكم وثيق. والصُّروع والضُّروع: الضُّروب والقُوَى. واستحصد أَمر القوم واستحصف إذا استحكم. واستَحْصَل الحبل أَي استحكم. ويقال للخَلْقِ الشديد: أَحْصَدُ مُحْصَدٌ حَصِدٌ مُسْتَحْصِد؛ وكذلك وتَرٌ أَحصد: شديد الفتل؛ قال الجعدي: مِنْ نَزِعٍ أَحْصَدَ مُسْتأْرِب أَي شديد محكم؛ وقال آخر:

خُلِقْتَ مشروراً مُمَرّاً مُحْصَدا

واسْتَحْصَدَ حَبْله: اشتدّ غضبه. ودرع حَصداء: صلبة شديدة محكمة.
واستحصد القوم أَي اجتمعوا وتضافروا.
والحَصَادُ: نبات ينبت في البَرَّاق على نِبْتَة الخافورِ يُخْبَطُ للغَنَم. وقال أَبو حنيفة: الحَصادُ يشبه السَّبَطَ؛ قال ذو الرمة في وصف ثور وحشي:

قاظَ الحَصادَ والنَّصِيَّ الأَغْيَدا

والحَصَدُ: نبات أَو شجر؛ قال الأَخطل:

تَظَلُّ فيه بناتُ الماءِ أَنْجِـيَةً،

 

وفي جَوانبه اليَنْبوتُ والحَصَدُ

الأَزهري: وحَصاد البَرْوَق حبة سوداء؛ ومنه قول ابن فَسْوَة:

كأَنَّ حَصادَ البَرْوَق الجَعْدِ حائلٌ

 

بِذِفْرَى عِفِرْناةٍ، خلافَ المُعَذَّرِ

شبه ما يقطر من ذفراها إذا عرقت بحب البروَق الذي جعله حصاده، لأَن ذلك العرق يتحبب فيقطر أَسود. وروي عن الأَصمعي: الحصاد نبت له قصب ينبسط في الأَرض وُرَيْقُه على طَرَف قَصَبه؛ وأَنشد بيت ذي الرمة في وصف ثور الوحش. وقال شمر: الحَصَدُ شجر؛ وأَنشد:

فيه حُطام من اليَنْبُوت والحَصَد

ويروى: والخَضَد وهو ما تثنى وتكسر وخُضِدَ.
الجوهري: الحَصادُ والحَصَدُ نبتان، فالحصاد كالنَّصِيِّ والحصد شجر، واحدته حَصَدَةٌ. وحصائد الأَلسنة التي في الحديث: هو ما قيل في الناس باللسان وقطع به عليهم. قال الأَزهري: وفي الحديث: وهل يكبّ الناس على مناخرهم في النار إِلاَّ حصائد أَلسنتهم؟ أَي ما قالته الأَلسنة وهو ما يقتطعونه من الكلام الذي لا خير فيه، واحدتها حَصيدَةٌ تشبيهاً بما يُحْصَدُ من الزرع إذا جذ، وتشبيهاً للسان وما يقتطعه من القول بحد المنجل الذي يحصد به.
وحكى ابن جني عن أَحمد بن يحيى: حاصود وحواصيد ولم يفسره، قال ابن سيده: ولا أَدري ما هو.

حصر

الحَصَرُ: ضربٌ من العِيِّ. حَصِرَ الرجلُ حَصَراً مثل تَعِبَ تَعَباً، فهو حَصِرٌ: عَيِيَ في منطقه؛ وقيل: حَصِرَ لم يقدر على الكلام. وحَصِرَ صدرُه: ضاق. والحَصَرُ: ضيق الصدر. وإِذا ضاق المرء عن أَمر قيل: حَصِرَ صدر المرء عن أَهله يَحْصَرُ حَصَراً؛ قال الله عز وجل: إِلاَّ الذين يَصِلُون إِلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أَو جاؤوكم حَصِرَتْ صُدورُهُم أَن يقاتلوكم؛ معناه ضاقت صدورهم عن قتالكم وقتال قومهم؛ قال ابن سيده:وقيل تقديره وقد حَصِرَتْ صدورهم؛ وقيل: تقديره أَو جاؤوكم رجالاً أَو قوماً فَحَصِرَتْ صدورهم الآن، في موضع نصب لأَنه صفة حلت محل موصوف منصوب على الحال، وفيه بعض صَنْعَةٍ لإِقامتك الصفة مقام الموصوف وها مما وموضع الإِضطرار أَولى به من النثر وحال الاختيار. وكل من بَعِلَ بشيءٍ أَو ضاق صدره بأَمر، فقد حَصِرَ؛ ومنه قول لبيد يصف نخلة طالت، فحَصِرَ صدرُ صارِمِ ثمرها حين نظر إِلى أَعاليها، وضاق صدره أَن رَقِيَ إِليها لطولها:

أَعْرَضْتُ وانْتَصَبَتْ كَجِذْع مُنِيفةٍ

 

جَرْداءَ يَحْصَرُ دونَها صُرَّامُها

أَي تضيق صدورهم بطول هذه النخلة؛ وقال الفراء في قوله تعالى: أَو جاؤوكم حَصِرَتْ صدورهم؛ العرب تقول: أَتاني فلان ذَهَبَ عَقْلُهُ؛ يريدون قد ذهب عقله؛ قال: وسمع الكسائي رجلاً يقول فأَصبحتُ نظرتُ إِلى ذات التنانير؛ وقال الزجاج: جعل الفراء قوله حَصِرَتْ حالاً ولا يكون حالاً إِلاَّ بقد؛ قال: وقال بعضهم حَصِرَتْ صدورهم خبر بعد خبر كأَنه قال أَو جاؤوكم ثم أَخبر بعدُ، قال: حَصِرَتْ صدورهم أَن يقاتلوكم؛ وقال أَحمد بن يحيى: إِذا أَضمرت قد قرّبت من الحال وصارت كالاسم، وبها قرأَ من قرأَ حَصِرَةً صُدورُهُمْ؛ قال أَبو زيد: ولا يكون جاءني القوم ضاقت صدورهم إِلاَّ أَن تصله بواو أَو بقد، كأَنك قلت: جاءني القوم وضاقت صدورهم أَو قد ضاقت صدورهم؛ قال الجوهري: وأَما قوله أَو جاؤوكم حصرت صدورهم، فأَجاز الأَخفش والكوفيون أَن يكون الماضي حالاً، ولم يجزه سيبويه إِلاَّ مع قد، وجعل حَصِرَتْ صدورهم على جهة الدعاء عليهم. وفي حديث زواج فاطمة، رضوان الله عليه: فلما رأَت عليّاً جالساً إِلى جنب النبي، صلى الله عليه وسلم، حَصِرَتْ وبكت؛ أَي استحت وانقطعت كأَن الأَمر ضاق بها كما يضيق الحبس على المحبوس.
والحَصُورُ من الإِبل: الضَّيِّقَةُ الأَحاليل، وقد حَصَرَتْ، بالفتح، وأَحْصَرَتْ؛ ويقال للناقة: إِنها لِحَصِرَةُ الشَّخْب نَشِبَةُ الدَّرِّ؛ والحَصَرُ: نَشَبُ الدِّرَّةِ في العروق من خبث النفس وكراهة الدَّرَّةِ، وحَصَرَهُ يَحْصُرُهُ حَصْراً، فهو مَحْصُورٌ وحَصِيرٌ، وأَحْصَرَهُ.
كلاهما: حبسه عن السفر. وأَحْصَرَهُ المرض: منعه من السفر أَو من حاجة يريدها؛ قال الله عز وجل: فإِن أُحْصِرْتُمْ. وأَحْصَرَني بَوْلي وأَحْصَرني مرضي أَي جعلني أَحْصُرُ نفسي؛ وقيل: حَصَرَني الشيء وأَحْصَرَني أَي حبسني. وحَصَرَهُ يَحصِرهُ حَصْراً: ضيق عليه وأَحاط به. والحَصِيرُ:الملِكُ، سمي بذلك لأَنه مَحصُورٌ أَي محجوب؛ قال لبيد:

وقَماقِمٍ غُلْبِ الرِّقاب كأَنَّهُـمْ

 

جِنُّ، على باب الحَصِير، قِيامُ

الجوهري: ويروى ومَقامَةٍ غُلْبِ الرقابِ على أَن يكون غُلْبُ الرقاب بدلاً من مَقامَةٍ كأَنه قال ورُبَّ غُلْبِ الرقاب، وروي لَدى طَرَفِ الحصير قيام. والحَصِيرُ: المَحْبِسُ. وفي التنزيل: وجعلنا جهنم للكافرين حَصِيراً؛ وقال القتيبي: هو من حَصَرْته أَي حبسته، فهو محصور. وهذا حَصِيرُه أَي مَحْبِسُه، وحَصَرَهُ المرض: حبسه، على المثل. وحَصِيرَةُ التمر:الموضع الذي يُحْصَرُ فيه وهو الجَرِينُ، وذكره الأَزهري بالضاد المعجمة، وسيأْتي ذكره. والحِصارُ: المَحْبِس كالحَصِيرِ. والحُصْرُ والحُصُرُ:احتباس البطن. وقد حُصِرَ غائطه، على ما لم يسمَّ فاعله، وأُحْصِرَ.
الأَصمعي واليزيدي: الحُصْرُ من الغائط، والأُسْرُ من البول. الكسائي: حُصِرَ بغائطه وأُحْصِرَ، بضم الأَلف. ابن بُزُرج: يقال للذي به الحُصْرُ: محصور:وقد حُصِرَ عليه بولُه يُحْصَرُ حَصْراً أَشَدَّ الحصْرِ؛ وقد أَخذه الحُصْرُ وأَخذه الأُسْرُ شيء واحد، وهو أَن يمسك ببوله يَحْصُرُ حَصْراً فلا يبول؛ قال: ويقولون حُصِرَ عليه بولُه وخلاؤُه.
ورجل حَصِرٌ: كَتُومٌ للسر حابس له لا يبوح به؛ قال جرير:

ولقد تَسَقَّطني الوُشاةُ فَصادفوا

 

حَصِراً بِسرِّكِ، يا أُمَيْم، ضَنِينا

وهم ممن يفضلون الحَصُورَ الذي يكتم السر في نفسه، وهو الحَصِرُ.
والحَصِيرُ والحَصورُ: المُمْسِكُ البخيل الضيق؛ ورجل حَصِرٌ بالعطاء؛ وروي بيت الأَخطل باللغتين جميعاً:

وشارب مُرْبِحٍ بالكاس نادَمَنيِ،

 

لا بالحَصُورِ ولا فيها بِسَوَّارِ

وحَصِرَ: بمعنى بخل. والحَصُور: الذي لا ينفق على النَّدامَى. وفي حديث ابن عباس: ما رأَيت أَحداً أَخْلَقَ للمُلْكِ من معاوية، كان الناس يَرِدُونَ منه أَرْجاءَ وادٍ رَحْبٍ، ليس مثلَ الحَصِرِ العَقِصِ؛ يعني ابن الزبير. الحَصِرُ: البخيل، والعَقِصُ: الملتوي الصَّعْبُ الأَخلاق. ويقال: شرب القوم فَحَصِرَ عليهم فلان أَي بخل. وكل من امتنع من شيء لم يقدر عليه، فقد حَصِرَ عنه؛ ولهذا قيل: حَصِرَ في القراءة وحَصِر عن أَهله.
والحَصُورُ: الهَيُوبُ المُحْجِمُ عن الشيء، وعلى هذا فسر بعضهم بيت الأَخطل: وشارب مربح. والحَصُور أَيضاً: الذي لا إِرْبَةَ له في النساء، وكلاهما من ذلك أَي من الإِمساك والمنع. وفي التنزيل: وسَيِّداً وحَصُوراً؛ قال ابن الأَعرابي: هو الذي لا يشتهي النساء ولا يقربهنّ. الأَزهري: رجل حَصُورٌ إذا حُصِرَ عن النساء فلا يستطيعهنّ والحَصُورُ: الذي لا يأْتي النساء. وامرأَة حَصْراءُ أَي رَتْقاء. وفي حديث القِبْطِيِّ الذي أَمر النبي، صلى الله عليه وسلم، عليّاً بقتله، قال: فرفعت الريحُ ثوبَهُ فإِذا هو حَصُورٌ؛ هو الذي لا يأْتي النساء لأَنه حبس عن النكاح ومنع، وهو فَعُول بمعنى مَفْعُول، وهو في هذا الحديث المحبوب الذكر والانثيين، وذلك أَبلغ في الحَصَرِ لعدم آلة النكاح، وأَما العاقر فهو الذي يأْتيهنّ ولا يولد له، وكله من الحَبْسِ والاحتباس. ويقال: قوم مُحَصْرُون إذا حُوصِرُوا في حِصْنٍ، وكذلك هم مُحْصَرُون في الحج. قال الله عز وجل: فإِن أُحْصِرْتم.
والحِصارُ: الموضع الذي يُحْصَرُ فيه الإِنسان؛ تقول: حَصَرُوه حَصْراً وحاصَرُوه؛ وكذلك قول رؤبة:

مِدْحَةَ مَحْصُورٍ تَشَكَّى الحَصْرَا

قال يعني بالمحصور المحبوس. والإِحصارُ: أَن يُحْصَر الحاج عن بلوغ المناسك بمرض أَو نحوه. وفي حديث الحج: المُحْصَرُ بمرض لا يُحِلُّ حتى يطوف بالبيت؛ هو ذلك الإِحْصارُ المنع والحبس. قال الفرّاء: العرب تقول للذي يمنعه خوف أَو مرض من الوصول إِلى تمام حجه أَو عمرته، وكل ما لم يكن مقهوراً كالحبس والسحر وأَشباه ذلك، يقال في المرض: قد أُحْصِرَ، وفي الحبس إذا حبسه سلطان أَو قاهر مانع: حُصِرَ، فهذا فرق بينهما؛ ولو نويت بقهر السلطان أَنها علة مانعة ولم تذهب إِلى فعل الفاعل جاز لك أَن تقول قد أُحْصِرَ الرجل، ولو قلت في أُحْصِرَ من الوجع والمرض إِن المرض خَصَره أَو الخوف جاز أَن تقول حُصِرَ. قوله عز وجل: وسيداً وحصوراً: يقال: إِنه المُحْصَرُ عن النساء لأَنها علة قيس بمحبوس فعلى هذا فابْنِ، وقيل: سمي حصوراً لأَنه حبس عما يكون من الرجال.
وحَصَرَني الشيء وأَحْصَرَني: حبسني؛ وأَنشد لابن ميادة:

وما هجرُ لَيْلَى أَن تكونَ تَباعَدَتْ

 

عليكَ، ولا أَنْ أَحْصَرَتْكَ شُغُولُ

في باب فَعَلَ وأَفْعَلَ. وروى الأَزهري عن يونس أَنه قال: إذا رُدَّ الرجل عن وجه يريده فقد أُحْصِرَ، وإِذا حبس فقد حُصِرَ. أَبو عبيدة:حُصِرَ الرجل في الحبس وأُحْصِرَ في السفر من مرض أَو انقطاع به. قال ابن السكيت: يقال أَحصره المرض إذا منعه من السفر أَو من حاجة يريدها وأَحصره العدوّ إذا ضيق عليه فَحصِرَ أَي ضاق صدره. الجوهري: وحَصَرَهُ العدوّ يَحْصُرُونه إذا ضيقوا عليه وأَحاطوا به وحاصَرُوه مُحاصَرَةً وحِصاراً. وقال أَبو إِسحق: النحوي: الروية عن أَهل اللغة أَن يقال للذي يمنعه الخوف والمرض أُحْصِرَ، قال: ويقال للمحبوس حُصِرَ؛ وإِنما كان ذلك كذلك لأَن الرجل إذا امتنع من التصرف فقد حَصَرَ نَفْسَه فكَأَنَّ المرض أَحبسه أَي جعله يحبس نفسه، وقولك حَصَرْتُه حبسته لا أَنه أَحبس نفسه فلا يجوز فيه أَحصر؛ قال الأَزهري: وقد صحت الرواية عن ابن عباس أَنه قال: لا حَصْرَ إِلاَّ حَصْرُ العدوّ، فجعله بغير أَلف جائزاً بمعنى قول الله عز وجل:فإِن أُحْصِرْتُمْ فما اسْتَيْسَرَ من الهَدْيِ؛ قال: وقال الله عز وجل:وجعلنا جهنم للكافرين حَصِيراً؛ أَي مَحْبِساً ومَحْصِراً. ويقا: حَصَرْتُ القومَ في مدينة، بغير أَلف، وقد أَحْصَرَه المرض أَي منعه من السفر.
وأَصلُ الخَصْرِ والإِحْصارِ: المنعُ؛ وأَحْصَرَهُ المرضُ. وحُصِرَ في الحبس: أَقوى من أُحْصِرَ لأَن القرآن جاء بها. والحَصِيرُ: الطريق، والجمع حُصُرٌ؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:

لما رأَيتُ فِجاجَ البِيدِ قد وضَحَتْ،

 

ولاحَ من نُجُدٍ عادِيَّةٌ حُـصُـرُ

نُجْدٌ: جمع نَجْدٍ كَسَحْلٍ وسُحُلٍ. وعادية: قديمة. وحَصَرَ الشيءَ يَحْصُرُه حَصْراً: استوعبه. والحَصِيرُ: وجه الأَرض، والجمع أَحْصِرَةٌ وحُصُر. والحَصِيرُ: سَقيفَة تُصنع من بَرْديٍّ وأَسَلٍ ثم تفرش، سمي بذلك لأَنه يلي وجه الأَرض، وقيل: الحَصِيرُ المنسوجُ، سمي حَصِيراً لأَنه حُصِرَتْ طاقته بعضها مع بعض. والحَصِيرُ أَفضلُ الجهاد وأَكملُه حجُّ مَبْرُورٌ ثم لزومُ الحَصِيرِ؛ وفي رواية أَنه قال لأَزواجه هذه ثم قال لزومُ الحُصُرِ أَي أَنكنَّ لا تَعُدْنَ تخرجن من بيوتكنّ وتلزمن الحُصُرَ؛ وهو جمع حَصِير الذي يبسط في البيوت، وتضم الصاد وتسكن تخفيفاً؛ وقول أَبي ذؤيب يصف ماء مزج به خمر:

تَحَدَّرَ عن شاهِقِ كالحَـصِـي

 

رِ، مُسْتَقْبِلَ الريحِ، والفَيْءُ قَرّ

يقول: تَنَزَّلَ الماءُ من جبل شاهق له طرائق كشُطَب الحصير.
والحَصِيرُ: البِساطُ الصغير من النبات. والحَصِيرُ: الجَنْبُ، والحَصِيرانِ:الجَنْبانِ. الأَزهري: الجَنْبُّ يقال له الحَصِيرُ لأَن بعض الأَضلاع مَحْصُورٌ مع بعض؛ وقيل: الحَصِيرُ ما بين العِرْقِ الذي يظهر في جنب البعير والفرس معترضاً فما فوقه إِلى مُنْقَطَعِ الجَنْبِ. والحَصِيرُ: لحمُ ما بين الكتف إِلى الخاصرة؛ وأَما قول الهذلي:

وقالوا: تركنا القومَ قد حَصَرُوا به،

 

ولا غَرْوَ أَنْ قد كانَ ثَـمَّ لَـحـيمُ

قالوا: معنى حصروا به أَي أَحاطوا به. وحَصِيرا السيف: جانباه.
وحَصِيرُه: فِرِنْدُه الذي تراه كَأَنه مَدَبُّ النملِ؛ قال زهير:

بِرَجْمٍ كَوَقْعِ الهُنْدُوانِيِّ، أَخْلَصَ الصَّ

 

ياقِلُ منه عن حَـصِـيرٍ ورَوْنَـقِ

وأَرض مَحْصُورة ومنصورة ومضبوطة أَي ممطورة. والحِصارُ والمِحْصَرَةُ: حَقيبَةٌ؛ وقال الجوهري:وسادَةٌ تلقى على البعير ويرفع مؤخرها فتجعل كآخِرَةِ الرجل ويحشى مقدّمها، فيكون كقادِمَةِ الرحل، وقيل: هو مَرْكَبٌ به الرَّاضَةُ؛ وقيل: هو كساء يطرح على ظهره يُكْتَفَلُ به.
وأَحْصَرْتُ الجملَ وحَصَرْتُه: جعلت له حِصاراً، وهو كساء يجعل حول سَنامِهِ. وحَصَرَ البعيرَ يَحْصُرُه ويحْصِرُه حَصْراً واحْتَصَرَهُ:شَدَّه بالحِصار.
والمِحْصَرَةُ: قَتَبٌ صغير يُحْصَرَ به البعير ويلقى غليه أَداة الراكب. وفي حديث أَبي بكر: أَن سَعْداً الأَسْلَمِيَّ قال: رأَيته بالخَذَواتِ وقد حَلَّ سُفْرَةً مُعَلَّقَةً في مؤَخَّرَةِ الحِصَارِ؛ هو من ذلك.
وفي حديث حذيفةَ: تُعْرَضُ الفِتَنُ على القلوب عَرْضَ الحصير أَي تحيط بالقلوب؛ يقال: حَصَرَ به القومُ أَي أَطافوا؛ وقيل: هو عِرْقٌ يمتدّ معترِضاً على جنب الدابة إِلى ناحية بطنها فشبه الفتن بذلك؛ وقيل: هو ثوب مزخرف منقوش إذا نشر أَخذ القلوب بحسن صنعته، وكذلك الفتنة تزين وتزخرف للناس، وعاقبة ذلك إِلى غرور.

حصرم

الحِصْرِمُ: أَولُ العِنَب، ولا يزال العنبُ ما دام أَخضر حِصْرِماً. ابن سيده: الحِصْرِمُ الثَّمر قبل النُّضج. والحِصْرِمةُ، بالهاء: حبة العِنب حين تنبت؛ عن أبي حنيفة. وقال مرة: إذا عَقَد حَبُّ العنب فهو حِصْرِمٌ. الأَزهري: الحِصْرِمُ حب العنب إذا صلب وهو حامض. أَبو زيد: الحِصْرِمُ حَشَفُ كلِّ شيء. والحِصْرِمُ: العَوْدَقُ، وهي الحديدة التي يُخْرَجُ بها الدَّلْوُ. ورَجل حِصْرِمٌ ومُحَصْرَمٌ: ضَيِّقُ الخُلُقِ بخيل، وقيل: حِصْرِم فاحش ومُحَصْرَمٌ قليل الخير. ويقال للرجل الضيق البخيل حِصْرِمٌ ومُحَصْرَمٌ. وعطاء مُحَصْرَمٌ: قليل.
وحَصْرَم قوسه: شد وتَرَها. والحَصْرَمَةُ: شدة فتل الحبل.
والحَصْرَمةُ: الشُّحُّ. وشاعر مُحَصرَمٌ: أَدرك الجاهلية والإسلام، وهي مذكورة في الضاد. وحَصْرَمَ القلمَ: بَراهُ. وحَصْرَمَ الإناءَ: ملأَه؛ عن أبي حنيفة.
الأَصمعي: حَصْرَمْتُ القِربة إذا ملأْتها حتى تضيق. وكل مُضَيَّق مُحَصْرَمٌ. وزُبْدٌ مُحَصْرَمٌ؛ وتَحَصْرَمَ الزُّبْدُ: تفرق في شدة البرد فلم يجتمع.

حصص

الحَصُّ والحُصاصُ: شِدّةُ العَدْوِ في سرعة، وقد حَصَّ يَحُصُّ حَصّاً. والحُصاصُ أَيضاً: الضُّراطُ. وفي حديث أَبي هريرة: إِن الشيطان إذا سَمِعَ الأَذانَ وَلَّى وله حُصاصٌ؛ روى هذا الحديث حماد بن سلمة عن عاصم بن أَبي النَّجُود، قال حماد: فقلت لعاصم: ما الحُصاصُ؟ قال: أَما رأَيتَ الحِمارَ إذا صَرَّ بأُذُنيه ومَصَعَ بذَنبِه وعَدا؟ فذلك الحُصاصُ؛ قال الأَزهري: وهذا هو الصواب. وحَصَّ الجَلِيدُ النَّبْتَ يَحُصُّه: أَحْرَقَه، لغة في حَسّه. والحَصُّ: حَلْقُ الشعر، حَصَّه يَحُصُّه حَصّاً فَحَصَّ حصَصاً وانْحَصَّ والحَصَّ أَيضاً: ذهابُ الشعر سَحْجاً كما تَحُصُّ البَيْضةُ رأْسَ صاحبها، والفِعل كالفعل. والحاصّةُ: الداءُ الذي يَتَناثَرُ منه الشعر؛ وفي حديث ابن عمر: أَن امرأَة أَتته فقالت إِن ابْنتي عُريّسٌ وقد تمعّطَ شعرُها وأَمَرُوني أَن أُرَجِّلَها بالخَمْر، فقال: إِنْ فعلتِ ذاك أَلْقَى اللّهُ في رأْسها الحاصّةَ؛ الحاصّةُ: هي العِلّة ما تَحُصُّ الشعر وتُذْهِبه.
وقال أَبو عبيد: الحاصّةُ ما تَحُصّ شعرها تَحْلِقه كله فتذهب به، وقد حَصّت البَيْضةُ رأْسَه؛ قال أَبو قيس بن الأَسْلت:

قد حَصَّت البيضةُ رأْسي، فما

 

أَذُوقُ نوماً غيرَ تَـهْـجـاع

وحصَّ شعَرُهُ وانْحَصَّ: انْجَرَدَ وتناثَرَ. وانْحَصَّ ورَقُ الشجر وانْحَتّ إذا تناثر. ورجل أَحَصُّ: مُنْحَصُّ الشعرِ. وذنَبٌ أَحَصُّ: لا شِعْرَ عليه؛ أَنشد:

وذنَب أَحَصّ كالمِسْواطِ

قال أَبو عبيد: ومن أَمثالهم في إِفْلات الجبان من الهلاك بعد الإِشْفاء عليه: أُفْلِت وانْحَصَّ الذنَب، قال: ويُرْوى المثل عن معاوية أَنه كان أَرسل رسولاً من غَسّان إِلى مَلكِ الروم وجعل له ثلاث دِيات على أَن يُبادِرَ بالأَذانِ إذا دخل مجلسه، ففعل الغسّانِيّ ذلك وعند الملِك بَطارِقتُه، فوَثَبُوا لِيَقْتلوه فنهاهم الملك وقال: إِنَّما أَراد معاوية أَن أَقْتُلَ هذا غَدْراً، وهو رسول، فَيَفْعَل مثل ذلك مع كل مُسْتأْمَنٍ مِنّا؛ فلم يَقْتله وجَهّزه وردّه، فلما رآه معاوية قال: أُفْلِتَ وانحصّ الذنب أَي انقطع، فقال: كلا إِنه لَبِهُلْبه أَي بشَعَره، ثم حدَّثه الحديث، فقال معاوية: لقد أَصابَ ما أَردْتُ؛ يُضْرب مثلاً لمن أَشْفى على الهلاك ثم نَجا؛ وأَنشد الكسائي:

جاؤوا من المِصْرَينِ باللُّصوصِ،

 

كل يَتِيمٍ ذي قَفاً مَحْـصـوصِ

ويقال: طائر أَحَصُّ الجناحِ؛ قال تأَبّط شرّاً:

كأَنَّما حَثْحَثُوا حُصّاً قَوادِمُـه،

 

أَو بِذي أمِّ خَشْفٍ أُشَثٍّ وطُبّاق

اليزيدي: إذا ذهب الشعر كله قيل: رجل أَحَصُّ وامرأَةَ حصّاءُ. وفي الحديث: فجاءت سنَةٌ حصّت كلَّ شيء أَي أَذْهَبَتْه. والحَصُّ: إِذهابُ الشعر عن الرأْس بحَلْقٍ أَو مرض. وسنَة حَصَّاء إذا كانت جَدْبة قليلةَ النبات، وقيل: هي التي لا نبات فيها؛ قال الحطيئة:

جاءَتْ به من بِلادِ الطُّورِ تَحْـدُره

 

حَصّاء، لم تَتَّرِكْ دُونَ العَصا شَذَبا

وهو شبيه بذلك. الجوهري: سنة حَصّاء أَي جَرْداءُ لا خيرَ فيها؛ قال جرير:

يَأْوِي إِليكمْ بلا مَنٍّ ولا جَـحَـد

 

مَنْ ساقَه السنةُ الحَصّاءُ والذِّيبُ

كأَنه أَراد أَن يقول: والضَّبُعُ وهي السنة المُجْدِبة فوضع الذئب موضعَه لأَجل القافية. وتَحَصّصَ الحِمارُ والبعيرُ سَقَط شعرهُ، والحَصِيصُ اسم ذلك الشعر، والحَصِيصةُ ما جُمِع مما حُلق أَو نُتِف وهي أَيضاً شعَرُ الأُذُن ووَبَرُها، كان مَحْلوقاً أَو غيرَ مَحْلوق، وقيل: هو الشعرُ والوبَرُ عامّة، والأَوّلُ أَعْرَفُ؛ وقولُ امرئ القيس:

فصَبَّحه عِنْـد الـشُّـروقِ، غُـدَيَّة،

 

كلابُ ابنِ مُرٍّ أَو كلابُ ابنِ سِنْبِس

مغرَّثةً حُصّـاً كـأَنَّ عُـيونَـهـا،

 

من الزجْرِ والإِيحَاء، نُوَّارُ عِضْرِسِ

حُصّاً أَي قد انْحَصَّ شعرُها. وابنُ مُرٍّ وابنُ سِنْبِس: صائدانِ مَعْروفانِ. وناقةٌ حَصّاء إذا لم يكن عليها وبَرٌ؛ قال الشاعر:

عُلُّوا على سائفٍ صَعْبٍ مراكِبُها

 

حَصَّاءَ، ليس لها هُلْبٌ ولا وبَرُ

عُلُّوا وعُولوا: واحد من عَلاّه وعالاه. وتَحَصْحَصَ الوَبَرُ والزِّئْبِرُ: انْجَرَدَ؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:

لما رأَى العبدُ مُمَرّاً مُتْرَصا؛

ومَسَداً أُجْرِدَ قد تَحَصْحَصا،

يَكادُ لولا سَيْرُه أَن يُملَصا،

جَدَّ به الكَصِيصُ ثم كَصْكَصا،

ولو رَأَى فاكَرِشٍ لبَهلَصا

والحَصِيصةُ من الفرس: ما فوق الأَشْعَرِ مما أَطاف بالحافِرِ لِقلّة ذاك الشعر.
وفرسٌ أَحَصُّ وحَصِيصٌ: قَلِيلُ شعر الثُّنَّةِ والذنَبِ، وهو عَيْبٌ، والاسم الحَصَصُ. والأَحَصُّ: الزمِنُ الذي لا يَطول شعره، والاسم الحَصَصُ أَيضاً. والحَصَصُ في اللحية: أَن يَتَكَسَّرَ شعرُها ويَقْصُر، وقد انْحَصّت. ورجل أَحَصُّ اللِّحْية، ولِحْيةٌ حَصّاءُ: مُنْحَصّة. ورجل أَحَصّ بَيّنُ الحَصَصِ أَي قليلُ شعرِ الرأْس. والأَحص من الرجال: الذي لا شعر في صَدره. ورجل أَحَصُّ: قاطعٌ للرَّحم؛ وقد حَصَّ رَحِمَه يَحُصّها حَصّاً. ورحِمٌ حَصّاءُ: مقطوعة؛ قال: ومنه يقال بَيْنَ بَني فلان رَحِمٌ حاصّة أَي قد قطعوها وحَصُّوها وحَصُّوها لا يَتواصَلُون عليها.
والأَحَصّ أَيضاً: النَّكِدُ المَشْؤُوم. ويوم أَحَصُّ: شديد البرد لا سحاب فيه؛ وقيل لرجل من العرب: أَيُّ الأَيّام أَبْرَدُ؟ فقال: الأَحَصُّ الأَزَبّ، يعني بالأَحَصِّ الذي تَصْفُو شَمالُه ويَحْمَرُّ فيه الأُفُق وتَطْلُع شَمسُه ولا يوجد لها مَسٌّ من البَرْدِ، وهو الذي لا سحاب فيه ولا يَنْكسِر خَصرُه، والأَزَبُّ يومٌ تَهُبُّه النَّكْباءُ وتَسُوق الجَهَامَ والصُّرّاد ولا تطلع له شمس ولا يكون فيه مَطَرٌ؛ قوله تَهُبُّه أَي تَهُبّ فيه. وريح حَصّاءُ: صافيةٌ لا غُبار فيها؛ قال أَبو الدُّقَيش:

كأَن أَطْرافَ ولِـيّاتِـهـا

 

في شَمْأَلٍ حَصّاءَ زَعْزاعِ

والأَحَصّانِ: العَبْدُ والعَيْرُ لأَنهما يُماشِيانِ أَثْمانَهما حتى يَهْرَما فتَنْقُص أَثْمانُهما ويَمُوتا.
والحِصّةُ: النصيب من الطعام والشراب والأَرضِ وغير ذلك، والجمع الحِصَصُ. وتَحاصّ القومُ تَحاصّاً: اقتسَموا حِصَصَهم. وحاصّه مُحاصّةً وحِصاصاً: قاسَمَه فأَخَذ كلُّ واحدٍ منهما حِصّتَه. ويقال: حاصَصْتُه الشيءَ أَي قاسَمْته فحَصّني منه كذا وكذا يَحُصُّني إذا صار ذلك حِصّتي. وأَحَصّ القومَ: أَعطاهم حِصَصَهم. وأَحَصّه المَكانَ: أَنْزلَه؛ ومنه قول بعض الخطباء: وتُحِصُّ من نَظَرِه بَسْطة حال الكَفالة والكفايةِ أَي تُنْزِل؛ وفي شعر أَبي طالب:

بِميزانِ قِسْط لا يَحُصُّ شَعِيرةً

أَي لا يَنْقُص شعيرةً.
والحُصُّ: الوَرْسُ؛ وجمعه أَحْصاصٌ وحُصوصٌ، وهو يُصْبَغ به؛ قال عمرو بن كلثوم:

مُشَعْشَعة كأَنَّ الحُصَّ فيها،

 

إِذا ما الماءُ خالَطَها سَخِينا

قال الأَزهري: الحُصُّ بمعنى الوَرْسِ معروف صحيح، ويقال هو الزَّعْفران، قال: وقال بعضهم الحُصُّ اللُّؤْلُؤ، قال: ولست أَحُقُّه ولا أَعْرِفه؛ وقال الأَعشى:

ووَلَّى عُمَيْر وهو كأْبٌ كأَنـه

 

يُطَلَّى بحُصٍّ، أَو يُغَشّى بِعظْلِمِ

ولم يذكر سيبويه تكسير فُعْلٍ من المُضاعَف على فُعُولٍ، إِنما كَسّره على فِعالٍ كخِفافٍ وعِشَاشٍ. ورجل حُصْحُصٌ وحُصْحوصٌ: يَتَتَبّع دَقائِقَ الأُمور فيَعْلمها ويُحْصِيها.
وكان حَصِيصُ القومِ وبَصِيصُهم كذا أَي عَدَدُهم. والأَحَصُّ: ماءٌ معروف؛ قال:

نَزَلُوا شُبَيْثاً والأَحَصَّ وأَصْبَحُوا،

 

نَزَلَتْ مَنازِلَهم بَـنُـو ذُبْـيانِ

قال الأَزهري: والأَحَصُّ ماء كان نزل به كُلَيب ابن وائل فاسْتَأْثَر به دُونَ بَكْر بن وائل، فَقِيل له: اسقِنا؛ فقال: ليس من فَضْلٍ عنه، فلما طَعَنه جَسّاس اسْتَسْقاهم الماء، فقال له جَسّاس: تَجاوَزْت الأَحَصَّ أَي ذهَبَ سُلْطانُك على الأَحَصِّ؛ وفيه يقول الجعدي:

وقال لِجَسّاس: أَغِثْني بِشَرْبةٍ،

 

تَدارَكْ بها طَوْلاً عَليَّ وأَنْعِمِ

فقال: تَجاوَزْتَ الأَحصَّ وماءَه، وبَطْنَ شُبَيثٍ، وهو ذُو مُتَرَسّمِ الأَصمعي: هَزِئ به في هذا. وبَنُو حَصِيصٍ: بطْنٌ من العرب.
والحَصّاءُ: فرسُ حَزْنِ بن مِرْداسٍ. والحَصْحَصةُ: الذهابُ في الأَرض، وقد حَصْحَصَ؛ قال:

لَمَّا رآني بالبِرَاز حَصْحَصا

والحَصْحَصةُ: الحركةُ في شيء حتى يَسْتَقِرّ فيه ويَسْتَمْكن منه ويثبت، وقيل، تَحْرِيك الشيء في الشيء حتى يستمكن ويستقر فيه، وكذلك البعيرُ إذا أَثْبَتَ رُكْبتيه للنُّهوض بالثِّقْل؛ قال حميد بن ثور:

وحَصْحَصَ في صُمِّ الحَصى ثَفِنَاتِه،

 

ورامَ القيامَ ساعةً ثـم صَـمَّـمـا

وفي حديث علي: لأَنْ أُحَصْحِصَ في يَدَيّ جَمْرتَيْنِ أَحَبُّ إِليَّ من أَن أُحَصْحِصَ كَعْبَيْنِ، هو من ذلك، وقيل: الحَصْحَصَةُ التحريك والتقليبُ للشيء والترديدُ. وفي حديث سمرة بن جندب: أَنه أُتي برجلِ عِنِّينٍ فكتب فيه إليه معاوية، فكتب إِليه أَن اشْتَرِ له جاريةً من بيت المال وأَدْخِلْها عليه ليلةً ثم سَلْها عنه، ففَعَل سمرةُ فلما أَصبح قال له: ما صنعت؟ فقال: فعلتُ حتى حَصْحَصَ فيها، قال: فسأَل الجارية فقالت: لم يَصْنَعْ شيذاً، فقال الرجل: خَلِّ سبِيلَها يا مُحَصْحِصُ؛ قوله: حَصْحَصَ فيها أَي حَرّكتُه حتى تمكن واستقرّ، قال الأَزهري: أَراد الرجل أَنّ ذَكَرَه انْشَامَ فيها وبالَغَ حتى قَرَّ في مَهْبِلِها. ويقال: حَصْحَصْتُ الترابَ وغيره إذا حَرَّكْته وفحَصْتَه يميناً وشمالاً. ويقال: تَحَصْحَصَ وتحزحز أَي لَزِقَ بالأَرض واسْتَوى. وحَصْحَصَ فلان ودَهْمَجَ إذا مَشَى مَشْيَ المُقَيَّدِ. وقال ابن شميل: ما تَحَصْحَصَ فلانٌ إِلاَّ حَوْلَ هذا الدرهمِ لِيأْخُذَهُ. قال: والحَصْحَصَةُ لُزوقُه بكَ وإِتْيانُه وإِلْحاحُه عليك. والحَصْحَصَةُ: بَيانُ الحَقِّ بعد كِتْمانِهِ، وقد حَصْحَصَ. ولا يقال: حُصْحِصَ. وقوله عزّ وجلّ: الآن حَصْحَصَ الحقُّ؛ لما دَعَا النِّسْوةَ فَبَرَّأْنَ يوسُفَ، قالت: لم يَبْقَ إِلا أَن يُقْبِلْنَ عليّ بالتقرير فأَقَرّت وذلك قولُها: الآن حَصْحَصَ الحقُّ. تقول: صافَ الكذبُ وتبيَّن الحقُّ، وهذا من قول امرأَة العزيز؛ وقيل: حَصْحَصَ الحقُّ أَي ظَهَرَ وبرَزَ. وقال أَبو العباس: الحَصْحَصَةُ المبالغةُ.
يقال: حَصْحصَ الرجلُ إذا بالَغ في أَمره، وقيل: اشتقاقُه من اللغة من الحِصَّة أَي بانت حِصّة الحقِّ من حِصَّةِ الباطل. والحِصْحِصُ، بالكسر: الحجارةُ، وقيل: الترابُ وهو أَيضاً الحَجر.
وحكى اللحياني: الحِصْحِصَ لِفُلانٍ أَي الترابَ له؛ قال: نُصبَ كأَنه دُعاءٌ، يذهب إِلى أَنهم شبَّهوه بالمصدر وإِن كان اسماً كما قالوا الترابَ لك فنصَبُوا. والحِصْحِصُ والكِثْكِثُ، كلاهما: الحجارة. بفيه الحِصْحِصُ أَي الترابُ.
والحَصْحَصةُ: الإِسراعُ في السير. وقَرَبٌ حَصْحاصٌ: بَعِيدٌ. وقَرَبٌ حَصْحاصٌ مثل حَثْحاث: وهو الذي لا وتِيرةَ فيه، وقيل: سيرٌ حَصْحاص أَي سريع ليس فيه فُتور. والحَصْحَاصُ: موضعٌ. وذو الحَصْحاص: موضعٌ؛ وأَنشد أَبو الغَمْر الكلابي لرجل من أَهل الحجاز يعني نساء:

أَلا ليت شِعْرِي، هل تَغَيّر بَـعْـدَنـا

 

ظِباءٌ بِذي الحَصْحاصِ، نُجْلٌ عُيونُها؟

حصف

 الحَصافةُ: ثَخانةُ العَقْل. حَصُفَ، بالضم، حَصافةً إذا كان جَيِّدَ الرأْيِ مُحْكَم العقل، وهو حَصِفٌ وحَصِيفٌ بَيِّنُ الحَصافةِ.
والحَصِيفُ: الرجل المُحْكَمُ العقل؛ قال:

حَدِيثُك في الشِّتاءِ حدِيثُ صَيْفٍ

 

وشَتْوِيُّ الحَدِيثِ إذا تَصِـيفُ

فَتَخْلِطُ فيه مِن هـذا بـهـذا

 

فَما أَدْرِي أَأَحْمَقُ أَمْ حَصِيفُ؟

فأَمّا حَصِفٌ فعلى النسَبِ، وأَما حَصِيفٌ فعلى الفِعْل. وفي كتاب عُمر إلى أَبي عُبيدة، رضي اللّه عنهما: أَن لا يُمْضِيَ أَمرَ اللّهِ إلا بَعِيدَ الغِرَّةِ حَصِيفَ العُقدة؛ الحَصِيفُ: المُحكمُ العقل، وإحْصافُ الأَمرِ: إحْكامُه، ويريد بالعُقْدة ههنا الرأْيَ والتدْبير، وكل مُحْكَم لا خَلَلَ فيه حَصِيفٌ. ومُحْصَفٌ: كثِيفٌ قويٌّ. وثوب حَصِيفٌ إذا كان محكم النسج صَفِيقَه، وأَحْصَفَ الناسِج نسْجَه.
ورأْيٌ مُسْتَحْصِفٌ، وقد اسْتَحْصَفَ رأْيهُ إذا اسْتَحْكَم، وكذلك المُسْتَحْصِدُ. واسْتَحْصَفَ الشيءُ: اسْتَحكَمَ. ويقال: اسْتَحْصَفَ القومُ واسْتَحْصَدُوا إذا اجتمعوا؛ قال الأَعشى:

تأْوِي طَوائِفُها إلى مَحْصُـوفةٍ

 

مَكْروهةٍ، يَخشَى الكُماةُ نِزالَها

قال الأَزهري: أَراد بالمَحْصُوفة كَتِيبَةً مجْمُوعة وجعلها مَحْصُوفةً من حُصِفتْ، فهي مَحْصُوفةٌ. قال الأَزهري: وفي النوادر حَصَبْتُه عن كذا وأَحْصَبْتُه وحَصَفْتُه وأَحْصَفْتُه وحَصَيته وأَحْصَيتُه إذا أَقْصَيْتَه. وإحْصافُ الأَمرِ: إحْكامُه. وإحْصاف الحبلِ: إحكامُ فَتْلِه.
والمُحْصَفُ من الحِبالِ: الشَّدِيدُ الفَتْلِ، وقد اسْتَحْصَفَ.
والمُسْتَحْصِفةُ: المرأَة الضَّيِّقةُ اليابسةُ، قيل: وهي التي تَيْبَسُ عند الغِشْيانِ وذلك مما يُسْتَحَبُّ. وفَرْجٌ مُسْتَحْصِفٌ أَي ضَيِّق.
واسْتَحْصَفَ علينا الزمانُ: اشتدّ. واسْتَحْصَفَ القومُ: اجتمعوا.
والإحْصافُ: أَن يَعْدُوَ الرجلُ عَدْواً فيه تَقارُبٌ. وأَحْصَفَ الفرسُ والرجلُ إذا عَدَا عَدْواً شديداً، وقال اللحياني: يكون ذلك في الفرس وغيره مما يعدو، وقيل: الإحْصافُ أَقْصَى الحُضْر؛ قال العجاج:

ذارٍ إذا لاقَى العَزازَ أَحْصَفَا

 

وإن تَلَقَّى غَدَراً تَخَطْرَفـا

والذَّرْوُ: المَرُّ الخَفِيفُ، والغَدَرُ: ما ارْتَفَعَ من الأَرض وانْخَفَض، ويقال: الكثيرُ الحجارة. وفرس مِحْصَفٌ وناقة مِحْصافٌ؛ شاهِدُه قول عبد اللّه بن سمعان التَّغْلَبيّ:

وسَرَيْتُ لا جَزِعاً ولا مُتَهَلِّعـاً

 

يَعْدُو برَحْلي جَسْرةٌ مِحْصافُ

والحَصَفُ: بَثْرٌ صِغار يقِيحُ ولا يَعْظُم وربما خرج في مَراقِّ البَطْنِ أَيام الحرّ، وقد حَصِفَ جِلده، بالكسر، يَحْصَفُ حَصَفاً. وقال أَبو عبيد: حَصِفَ يَحْصَفُ حَصَفاً وبَثِرَ وجهُه يَبْثَرُ بَثَراً. وقال الجوهري: الحَصَفُ الجَرَبُ اليابس، والحصيفة الحيَّةُ؛ طائيّة.

حصل

الحاصِل من كل شيء: ما بَقِي وثَبَتَ وذَهَب ما سواه، يكون من الحِساب والأَعمال ونحوها؛ حَصَل الشيءُ يَحْصُل حُصُولاً. والتحصيل: تمييز ما يَحْصُل، والاسم الحَصِيلة؛ قال لبيد:

وكُلُّ امرئ يوماً سَيُعْلَم سعـيُه

 

إِذا حُصِّلت عند الإِله الحَصائِل

والحَصائل: البَقايا، الواحدة حَصِيلة. وقد حَصَّلْتُ الشيء تحصيلاً.
وحاصِلُ الشيءِ ومَحْصُوله: بَقِيَّتُه. وقال الفراء في قوله تعالى: وحُصِّل ما في الصدور؛ أَي بُيِّن؛ وقال غيره: مُيِّز، وقال بعضهم: جُمِع.
وتَحَصَّل الشيءُ: تَجَمَّع وثبت. والمحصول: الحاصل، وهو أَحد المصادر التي جاءت على مفعول كالمَعْقُول والمَيْسُور والمَعْسور. وتحصيل الكلام: رَدُّه إِلى محصوله.
ومن أَدْواء الخَيْل الحَصَل والقَصَل، فالحَصَل سفُّ الفرس الترابَ من البَقْل فيجتمع منه تراب في بطنه فيقتله فإِن قتله الحَصَل قيل إِنه لَحَصِلٌ. قال ابن سيده: وحَصِلَت الدابةُ حَصَلاً أَكلت التراب فبقي في جوفها ثابتاً، وإِذا وقع في الكَرِش لم يضرها، وإِذا وقع في القِبَة قتَلَها. قال الجوهري: والحَصِيل نَبْتٌ. وقد حَصِل الفَرَسُ حَصَلاً إذا اشتكى بطنه من أَكل تراب النَّبْت، وقيل: الحَصَل أَن يثبت الحَصَى في لاقِطَة الحصى وهي ذوات الأَطباق من قِطْنة البعير فلا تخرج في الجِرَّة حين يَجْتَرُّ، فربما قُتِل إذا تَوَكَّأْت على جُرْدانه؛ وقال الأَزهري: الحَصَل في أَولاد الإِبل أَن تأْكل التراب ولا تخرج الجِرَّة وربما قتلها ذلك.
وحَصَّل النخلُ: استدار بَلَحُه. قال ابن سيده: والحَصَل ما تناثر من حَمْل النخلة وهو أَخضر غَضٌّ مثل الخَرَز الخُصْر الصِّغار. والحَصَل: البَلَح قبل أَن يشتد وتظهر تَفَاريقه، واحدته حَصَلة؛ قال:

مُكَمَّمٌ جَبّارُها، والـجَـعْـلُ

 

يَنْحَتُّ منهن السَّدَى، والحَصْلُ

سكن للضرورة، وقيل: هو الطَّلْع إذا اصفرَّ، وقد أَحْصَل النخلُ، وقيل: التحصيل استدارة البلح؛ وقد أَحْصَل البَلَحُ إذا خَرَجَ من تفاريقه صغاراً. وأَحْصَل القومُ، فهم مُحْصِلون إذا حَصَّل نَخْلُهم، وذلك إذا استبان البُسْر وتَدَحْرَج. والحَصَل من الطعام: ما يُخْرَج منه فيُرْمى به من دَنْقة وزؤَان ونحوهما. وقال أَبو حنيفة: الحَصَل والحُصالة ما يبقى من الشعير والبرّ في البَيْدَر إذا نُقِّي وعُزِل رديئه. وقال اللحياني: الحُصالة ما يُخْرَج منه فيُرْمى به إذا كان أَجَلَّ من التراب والدُّقاق قليلاً. ابن الأَعرابي: وفي الطعام مُرَيْراؤه وحَصَلُه وغَفَاه وفَغَاه وحُثَالته وحُفَالَته بمعنى واحد.
قال الجوهري: والحُصَالة، بالضم، ما يبقى في الأَنْدَر من الحَبّ بعدما يُرْفَع الحَبُّ وهو الكُنَاسة. والحَصِيل: ضَرْب من النبات؛ حكاه ابن دريد عن الحِرْمازي؛ قال ولا أَدري ما صحته. والحَوْصَل والحَوْصَلة والحَوْصَلَّة والحَوْصَلاء، ممدود، من الطائر والظَّلِيم: بمنزلة المَعِدة من الإِنسان وهي المَصارين لذي الظِّلْف والخُفِّ، قال: والقانِصَة من الطير تُدْعَى الجِرِّيئة، مهموز على فِعِّيلة، وقد حَوْصَل أَي مَلأَ حَوْصَلته. ويقال: حَوْصِلي وطِيري. واحْوَنْصَل الطائر: ثَنَى عنقه وأَخرج حَوْصلته. وحَوْصَلة الإِنسان وكلِّ شيء: مُجْتَمَع الثُّفْل أَسفلَ من السُّرَّة، وقيل: الحَوْصَلة المُرَيْطاء، وهو أَسفل البطن إِلى العانة، وقيل: هو ما بين السرة إِلى العانة. وناقة ضَخْمة الحَوْصَلة أَي البطن.
والمُحَوْصِل والمُحَوْصَل: الذي يَخْرج أَسفله من قِبَل سُرَّته مثل بطن الحُبْلى. والحَوْصَلة: الشاة التي عَظُم من بطنها ما فوق سُرَّتها؛ وأَنشد:

أَو ذَات أَوْنَينِ لها حَوْصَل

وحَوْصَلة الحوض: مُسْتَقَرُّ الماء في أَقصاه؛ قال أَبو النجم:

وأَصبح الروضُ لَوِيّاً حَوْصَلُه

وحَوْصَلُ الروضِ: قَرارُه وهو أَبطؤُها هَيْجاً، وبه سميت حَوْصَلة الطائر لأَنها قرار ما يأْكله. ابن الأَعرابي: زَاوِرَةُ القَطَاة ما تَحْمِل فيه الماءَ لفِراخها وهي حَوْصَلتها، قال: والغَراغِر الحَواَصِل.ابن الأَعرابي: الحاصِل ما خَلَص من الفِضَّة من حجارة المَعْدِن، ويقال للذي يُخَلِّصه مُحَصِّل.
الجوهري: والمُحَصِّلة المرأَة التي تُحصِّل تراب المَعْدِن؛ قال الشاعر:

أَلا رَجُلٌ جَزَاه افيفي خيراً

 

يَدُلُّ على مُحَصِّلة تُبِيتُ،

قال الأَزهري: أَي تُبِيتُني عندها لأُجامِعَها؛ وقال الجوهري: أَي تَبيتُ تفعل كذا، والبيت مُضَمَّن؛ قال ابن بري: رجل فاعل بإِضمار فعل يفسره يدل تقديره هَلاّ يَدُلُّ رجل على مُحَصِّلة، وأَنشده سيبويه: أَلا رَجُلاً، بالنصب، وقال: تقديره أَلا تُرُوني رجلاً، وقيل: بمعنى هات لي رَجُلاً، قال الجوهري: ويروى أَلا رجلٍ، بمعنى أَما من رَجُلٍ؛ قال ابن بري: وقيل المُحَصِّلة التي تُمَيِّز الذهب من الفضة؛ وبعد البيت:

تُرَجِّل جُمَّتي وتَقُـمُّ بَـيْتـي

 

وأُعْطِيها الإِتاوَة، إِنْ رَضِيتُ

وفي الحديث: بذَهَب لم تُحَصَّل من ترابها أَي لم تُخَلَّص، والذهب يُذَكَّر ويؤَنث. وحَصَّلْت الأَمر: حَقَّقْتُه وأَبَنْته.
وحَوْصَلاءُ والحَوْصَلاء: موضع.

حصلب

الحِصْلِبُ والحِصْلِمُ: التراب.

حصلم

الحِصْلِبُ والحِصْلِمُ: التراب.

حصم

حَصَم بها يَحْصِم حَصْماً: ضرطَ، وخَصَّ بعضهم به الفَرس؛ وأَنشد ابن بري:

فباسَتْ أَتانٌ باتَتِ الليلَ تَحْصِم

والحَصُومُ: الضَّرُوطُ. يقال: حَصَم بها ومَحَصَ بها وحَبَجَ بها وخَبَجَ بها بمعنى واحد.
والمِحْصَمَةُ: مِدَقَّةُ الحديد.
قال: والحَصْماءُ الأَتانُ الخَضَّافة، وهي الضَّرَّاطة. وانْحَصَمَ العُودُ: انكسر؛ قال ابن مقيل:

وبياضاً أَحْدثَتْـهُ لِـمّـتـي،

 

مثل عِيدانِ الحَصادِ المُنْحَصِمْ

حصن

حَصُنَ المكانُ يَحْصُنُ حَصانةً، فهو حَصِين: مَنُع، وأَحْصَنَه صاحبُه وحَصَّنه. والحِصْنُ: كلُّ موضع حَصِين لا يُوصَل إلى ما في جَوْفِه، والجمع حُصونٌ. وحِصْنٌ حَصِينٌ: من الحَصانة. وحَصَّنْتُ القرية إذا بنيتَ حولَها، وتَحَصَّنَ العَدُوُّ. وفي حديث الأَشعث: تَحَصَّنَ في مِحْصَنٍ. المِحْصَنُ: القصرُ والحِصْنُ. وتَحَصَّنَ إذا دخل الحِصْنَ واحْتَمى به. ودرْعٌ حَصِين وحَصِينة: مُحْكمَة؛ قال ابن أَحمر:

همُ كانوا اليَدَ اليُمْنى، وكانـوا

 

قِوامَ الظِّهْرِ والدِّرعَ الحَصِينا.

ويروى: اليدَ العُلْيا، ويروى: الوُثْقَى؛ قال الأَعشى:

وكلُّ دِلاصٍ، كالأَضاةِ، حَصِينةٍ،

 

ترى فَضْلَها عن رَبِّها يَتَذَبْـذَب

وقال شمر: الحَصِينة من الدروع الأَمينة المُتدانية الحِلَق التي لا يَحِيكُ فيها السِّلاح؛ قال عَنْترة العَبْسيُّ:

فَلَقَّى أَلَّتي بَدَناً حَصِـينـاً،

 

وعَطْعَطَ ما أَعَدَّ من السِّهام

وقال الله تعالى في قصة داود، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: وعَلَّمْناه صنعةَ لَبُوسٍ لكم لتُحْصِنَكم مِنْ بأْسِكم؛ قال الفراء: قُرئ لِيُحْصِنَكم ولِتُحْصِنَكم ولنحصنكم، فمن قرأَ ليُحْصِنكم فالتذكير لِلَّبُوس، ومن قرأَ لتُحْصِنَكم ذهب إلى الصنعة، وإن شئت جعلته للدرع لأَنها هي اللبوسُ وهي مؤنثة، ومعنى ليُحْصِنَكم ليمنعكم ويُحْرِزَكم، ومن قرأَ لِنُحْصِنَكم، بالنون، فمعنى لنُحْصِنَكم نحنُ، الفعلُ لله عز وجل. وامرأَة حَصانٌ، بفتح الحاء: عفيفة بَيِّنة الحَصانةِ والحُصْنِ ومتزوِّجَةٌ أَيضاً من نسوة حُصُنٍ وحَصاناتٍ، وحاصِنٌ من نِسْوَةٍ حَواصِنَ وحاصِنات، وقد حَصُنَت تَحْصُنُ حِصْناً وحُصْناً وحَصْناً إذا عَفَّتْ عن الرِّيبة، فهي حَصانٌ؛ أَنشد ابن بري:

الحُصْنُ أَدْنـى، لـو تـآيَيْتِـهِ،

 

مِنْ حَثْيِكِ التُّرْبَ على الرَّاكِبِ.

وحَصَّنَت المرأَةُ نفسَها وتَحَصَّنَتْ وأَحْصَنَها وحَصَّنها وأَحْصَنَت نفسها. وفي التنزيل العزيز: والتي أَحْصَنَتْ فَرْجَها. وقال شمر: امرأَة حَصانٌ وحاصِنٌ وهي العفيفة، وأَنشد:

وحاصِن منْ حاصِنات مُـلْـسِ

 

مِنَ الأَذَى، ومن قِرافِ الوَقْسِ.

وفي الصحاح: فهي حاصِنٌ وحَصانٌ وحَصْناء أَيضاً بَيِّنة الحَصانةِ.
والمُحْصَنةُ: التي أَحصنها زوجها، وهن المُحْصَنات، فالمعنى أَنهن أُحْصِنَّ بأَزْواجِهنَّ. والمُحْصَنات: العَفائِفُ من النساء. وروى الأَزهري عن ابن الأَعرابي أَنه قال: كلامُ العرب كلُّه على أَفْعَلَ فهو مُفْعِل إلا ثلاثة أَحرف: أَحْصَنَ فهو مُحْصَنٌ، وأَلْفَجَ فهو مُلْفَجٌ، وأَسْهَبَ في كلامِهِ فهو مُسْهَب؛ زاد ابن سيده: وأَسْهَمَ فهو مُسْهَم. وفي الحديث ذِكْرُ الإحْصان والمُحْصَناتِ في غير موضع، وأَصل الإحْصانِ المنعُ، والمرأَة تكون مُحْصَنة بالإسلام والعَفافِ والحريّة والتزويج. يقال:أَحْصَنَت المرأَة، فهي مُحْصَنة ومُحْصِنَة، وكذلك الرجل. والمُحْصَنُ، بالفتح: يكون بمعنى الفاعل والمفعول؛ وفي شعر حسَّان يُثْني على عائشة، رضي الله عنها:

حَصَانٌ رَازانٌ ما تُـزَنُّ بِـريبةٍ،

 

وتُصْبِحُ غَرْثَى من لُحومِ الغَوافِل.

وكلُّ امرأَةٍ عفيفةٍ مُحْصَنةٌ ومُحْصِنَةٌ، وكلُّّ امرأَة متزوِّجة مُحْصَنةٌ، بالفتح لا غير؛ وقال:

أَحْصَنُوا أُمَّهُمُ مِنْ عَبْدِهم،

 

تلك أَفْعالُ القِزام الوَكَعهْ

أَي زَوَّجُوا. والوَكَعة: جمع أَوْكَعَ. يقال: عبدٌ أَوْكَعُ، وكان قياسُهُ وُكع، فشُبِّه بفاعِل فجُمِع جَمْعَه، كما قالوا أَعْزَل وعُزَّل كأَنه جمع عازِل؛ وقال أَبو عبيد: أَجمع القرَّاء على نصب الصاد في الحرف الأَول من النساء، فلم يختلفوا في فتح هذه لأَن تأْويلها ذوات الأَزواج يُسْبَيْنَ فيُحِلُّهنَّ السِّباء لِمَنْ وطئِها من المالِكين لها، وتنقطع العِصْمةُ بينهنَّ وبين أَزواجهن بأَن يَحِضْنَ حيضة ويَطْهُرْنَ منها، فأَما سوى الحرف الأول فالقُرَّاءُ مختلفون: فمنهم من يكسر الصاد، ومنهم من يفتحها، فمَنْ نَصَبَ ذَهَبَ إلى ذوات الأَزواج اللاتي قد أَحْصَنَهُنَّ أَزواجُهن، ومَنْ كسَر ذهبَ إلى أَنهن أَسْلَمْنَ فأَحْصَنْ أَنفسهن فهنَّ مُحْصِنات. قال الفراء: والمُحْصَنات من النساء، بِنَصْب الصاد، أَكثر في كلام العرب. وأَحْصَنَتْ المرأَةُ: عَفَّت، وأَحْصَنَها زَوْجُها، فهي مُحْصَنة ومُحْصِنة. ورجل مُحْصَنٌ: متزوِّج، وقد أَحْصَنَه التزوّجُ. وحكى ابن الأَعرابي: أَحْصَنَ الرجلُ تزوجَ، فهو مُحصَن، بفتح الصاد فيهما نادر. قال الأَزهري: وأَما قوله تعالى: فإِذا أُحْصِنَّ فإِن أَتَيْنَ بفاحشةٍ فعليهنَّ نِصْفُ ما على المُحْصَناتِ من العذاب؛ فإن ابن مسعود قرأَ: فإذا أَحْصَنَّ، وقال: إِحْصانُ الأَمةِ إسلامُها، وكان ابن عباس يقرؤها: فإِذا أُحْصِنَّ، على ما لم يسمَّ فاعله، ويفسره: فإِذا أُحْصِنَّ بِزَوْجٍ، وكان لا يرَى على الأَمة حدّاً ما لم تزوّج، وكان ابن مسعود يرى عليها نِصْفَ حدّ الحرَّة إذا أَسلمت وإن لم تزوّج، وبقوله يقولُ فقهاء الأَمصار، وهو الصواب. وقرأَ ابن كثير ونافع وأَبو عمرو وعبد الله بن عامر ويعقوب: فإِذا أُحْصِنّ، بضم الأَلف، وقرأَ حفص عن عاصم مثلَه، وأَما أَبو بكر عن عاصم فقد فتح الأَلف، وقرأَ حمزة والكسائي فإِذا أُحْصَنَّ، بفتح الألف، وقالَ شمر: أَصلُ الحَصانةِ المنعُ، ولذلك قيل: مَدِينةَ حَصينة ودِرْعٌ حَصِينة؛ وأَنشد يونس:

زَوْجٌ حصان حُصْنُها لم يُعْقَم.

وقال: حُصْنُها تَحْصِينُها نفسَها. وقال الزجاج في قوله تعالى: مُحْصِنينَ غيرَ مُسافحِين؛ قال: مُتَزَوِّجين غير زُناةٍ، قال: والإحْصانُ إِحْصانُ الفرج وهو إِعْفافُه؛ ومنه قوله تعالى: أَحْصَنَتْ فَرْجَها؛ أَي أَعفَّتْه. قال الأَزهري: والأَمة إذا زُوِّجَتْ جازَ أَن يقال قد أُحْصِنَت لأَن تزويجها قد أَحْصَنَها، وكذلك إذا أُعْتِقَتْ فهي مُحْصَنة، لأَن عِتْقَها قد أَعَفَّها، وكذلك إذا أَسْلَمت فإِن إسْلامَها إِحْصانٌ لها.
قال سيبويه: وقالوا بناءٌ حَصِينٌ وامرأَة حَصَان، فَرقوا بين البِنَاء والمرأَةِ حين أَرادُوا أَن يخبروا أَن البناء مُحْرِز لمن لجأَ إليه، وأَن المرأَة مُحْرِزة لفَرْجها. والحِصَانُ: الفحلُ من الخيل، والجمع حُصُنٌ. قال ابن جني: قولهم فرَسٌ حِصانٌ بَيِّنُ التحصُّن هو مُشْتَقٌّ من الحَصانةِ لأَنه مُحْرِز لفارسه، كما قالوا في الأُنثى حِجْر، وهو من حَجَر عليه أَي منعه. وتَحَصَّنَ الفَرسُ: صارَ حِصاناً. وقال الأَزهري: تَحَصَّنَ إذا تَكَلَّف ذلك، وخَيْلُ العرب حُصونها. قال الأَزهري: وهُمْ إلى اليوم يُسَمُّونها حُصوناً ذُكورَها وإناثَها، وسئل بعض الحُكَّام عن رجلٍ جعل مالاً له في الحُصونِ فقال: اشْتَرُوا خَيْلاً واحْمِلوا عليها في سبيل الله؛ ذهب إلى قول الجعفي:

ولقد عَلِمْتُ على تَـوَقِّـي الـرَّدَى

 

أَن الحُصونَ الخَيْلُ، لا مَدَرُ القُرى.

وقيل: سُمِّيَ الفرسُ حِصاناً لأَنه ضُنَّ بمائه فلم يُنْزَ إلا على كريمة، ثم كثُر ذلك حتى سَمَّوا كلَّ ذَكَر من الخيل حِصاناً، والعرب تسمي السِّلاحَ كلَّه حِصْناً؛ وجعل ساعِدةُ الهذليّ النّصالَ أَحْصِنة فقال:

وأَحْصِنةٌ ثُجْرُ الظُّباتِ كأَنَّها،

 

إذا لم يُغَيِّبْها الجفيرُ، جَحِيمُ.

الثُّجْرُ: العراضُ، ويروى: وأَحصَنه ثجرُ الظبات أَي أَحْرَزَه؛ وقول زهير:

وما أَدْرِي، وسَوْفَ إِخالُ أَدْرِي،

 

أَقومٌ آلُ حِـصْـنٍ أَم نِـسـاءُ

يريد حِصْنَ بنَ حُذَيْفَةَ الفزاريَّ. والحَواصِنُ من النساء:الحَبالى؛ قال:

تُبِيل الحَواصِنُ أَبْوالَها والمِحْصَنُ

القُفْلُ. والمِحْصَنُ أَيضاً: المِكْتلةُ التي هي الزَّبيلُ، ولا يقال مِحْصَنة. والحِصْنُ: الهِلالُ. وحُصَيْنٌ: موضع؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

أَقول، إذا ما أَقلعَ الغَيْثُ عَنْهُمُ:

 

أَمَا عَيْشُنا يومَ الحُصَيْن بعائد؟

والثعلبُ يُكْنى أَبا الحِصْنِ. قال الجوهري: وأَبو الحُصَيْن كنية الثعلب؛ وأَنشد ابن بري:

لله دَرُّ أَبي الحُصَيْنِ، لقدْ بَدَتْ

 

منه مَكايِدُ حُوَّلِيٍّ قُـلَّـبِ.

قال: ويقال له أَبو الهِجْرِس وأَبو الحِنْبِص. والحِصْنانِ: موضعٌ، النسب إليه حِصْنيٌّ كراهية اجتماع إعرابين، وهو قول سيبويه، وقال بعضهم: كراهية اجتماع النونين، قال الجوهري: وحِصْنانِ بلد. قال اليَزِيديُّ: سأَلني والكسائيَّ المهديُّ عن النِّسْبة إلى البحرين وإلى حِصْنَين لِمَ قالوا حِصْنِيٌّ وبَحْرانِيٌّ فقال الكسائي: كرهوا أَن يقولوا حِصْنانيٌّ لاجتماع النونين، وقلتُ أَنا: كرهوا أن يقولوا بَحْرِيٌّ فيُشْبه النِّسبةَ إلى البَحْر. وبنو حِصْنٍ: حَيٌّ. والحِصْنُ: ثَعْلبة بن عُكابَة وتَيْم اللاتِ وذُهْل. ومِحْصَن: اسمٌ. ودارةُ مِحْصَن: موضعٌ؛ عن كراع.
وحُصَيْنٌ: أَبو الراعي عُبَيْدُ بنُ حُصَيْنٍ النُّمَيْريّ الشاعر. وقد سمَّت العربُ حِصْناً وحَصِيناً.

حصي

الحَصَى: صِغارُ الحجارة، الواحدةُ منه حَصاة. ابن سيده: الحَصَاة من الحجارة معروفة، وجمعها حَصَياتٌ وحَصىً وحُصِيٌّ وحِصِيٌّ؛ وقول أَبي ذؤَيب يصف طَعْنَةً:

مُصَحْصِحَة تَنْفِي الحَصَى عن طَرِيقِها،

 

يُطَيِّر أَحْشاء الرَّعـيبِ انْـثِـرَارُهـا

يقول: هي شديدة السَّيَلان حتى إنه لو كان هنالك حَصىً لدفعته.
وحَصَيْتُه بالحَصَى أَحْصِيه أَي رميته. وحَصَيْتُه ضربته بالحَصَى. ابن شميل:الحَصَى ما حَذَفْتَ به حَذْفاً، وهو ما كان مثلَ بعر الغنم. وقال أَبو أَسلم: العظيمُ مثلُ بَعَرِ البعير من الحَصَى، قال: وقال أَبو زيد حَصَاةٌ وحُصِيّ وحِصِيّ مثل قَناة وقُنِيّ وقِنِيّ ونَواة ونُوِيّ ودَواة ودُوِيّ، قال: هكذا قيده شمر بخطه، قال: وقال غيره تقول حَصَاة وحَصىً بفتح أَوله، وكذلك قَناةٌ وقَنىً ونَواةٌ ونَوىً مثل ثَمَرة وثَمَر؛ قال: وقال غيره تقول نَهَرٌ حَصَوِيٌّ أَي كثير الحَصَى، وأَرض مَحْصَاة وحَصِيَةٌ كثيرة الحَصَى، وقد حَصِيَتْ تَحْصَى. وفي الحديث: نَهَى عن بَيْعِ الحَصَاة، قال: هو أَن يقول المشتري أَو البائع إذا نَبَذْتُ الحَصاةَ إليك فقد وَجَب البيعُ، وقيل: هو أَن يقول بِعْتُك من السِّلَع ما تَقَعُ عليه حَصاتُك إذا رميت بها، أَو بِعْتُك من الأَرض إلى حيثُ تَنْتَهي حَصاتُك، والكُلُّ فاسد لأَنه من بيوع الجاهلية، وكلها غَرَرٌ لما فيها من الجَهالة.والحَصَاةُ: داءٌ يَقع بالمَثانة وهو أَن يَخْثُرَ البولُ فيشتدَّ حتى يصير كالحَصاة، وقد حُصِيَ الرجلُ فهو مَحْصِيٌّ. وحَصاةُ القَسْمِ: الحِجارةُ التي يَتَصافَنُون عليها الماء. والحَصَى: العددُ الكثير، تشبيهاً بالحَصَى من الحجارة في الكثرة؛ قال الأَعشى يُفَضِّلُ عامراً على عَلْقمة:

ولَسْتَ بالأَكثرِ منهم حصىً،

 

وإنما العِزَّةُ لـلْـكَـاثِـرِ

وأَنشد ابن بري:

وقد عَلِمَ الأَقْوامُ أَنك سَـيِّدٌ،

 

وأَنك منْ دارٍ شَديدٍ حَصاتُها

وقولهم: نحن أَكثر منهم حَصىً أَي عَدَداً.والحَصْوُ: المَنْع؛ قال بَشِيرٌ الفَرِيرِيُّ:

أَلا تَخافُ اللهَ إذ حَصَوْتَنِـي

 

حَقِّي بلا ذَنْبٍ، وإذْ عَنَّيْتَنِي؟

ابن الأَعرابي: الحَصْوُ هو المَغَسُ في البَطْن. والحَصَاةُ: العَقْل والرَّزانَةُ. يقال: هو ثابت الحَصاةِ إذا كان عاقلاً. وفلان ذو حَصاةٍ وأَصاةٍ أَي عقلٍ ورَأْيٍ؛ قال كعب بن سَعْد الغَنَوي:

وأَعْلَم عِلْماً، ليس بالظَّنِّ، أَنَّـه

 

إذا ذَلَّ مَوْلَى المَرْءِ، فهُوَ ذَلِيلُ

وأَنَّ لِسانَ المَرْءِ، ما لم يَكُنْ له

 

حَصَاةٌ، على عَوْراتِهِ، لَدَلِـيلُ

ونسبه الأَزهري إلى طَرَفة، يقول: إذا لم يكن مع اللسان عقل يحجُزه عن بَسْطِه فيما لا يُحَبُّ دلَّ اللسان على عيبه بما يَلْفِظ به من عُورِ الكلام. وما له حَصَاة ولا أَصَاة أَي رأْي يُرْجَع إليه. وقال الأَصمعي في معناه: هو إذا كان حازماً كَتُوماً على نفسه يحفَظ سرَّه، قال: والحَصَاة العَقْل، وهي فَعَلة من أَحْصَيْت. وفلان حَصِيٌّ وحَصِيفٌ ومُسْتَحْصٍ إذا كان شديد العقل. وفلان ذو حَصىً أَي ذو عدَدٍ، بغير هاءٍ؛ قال: وهو من الإحْصاء لا من حَصَى الحجارة. وحَصاةُ اللِّسانِ: ذَرابَتُه. وفي الحديث: وهل يَكُبُّ الناسَ على مَناخِرِهِم في جَهَنَّم إلاَّ حَصَا أَلْسِنَتِهِمْ؟ قال الأَزهري: المعروف في الحديث والرواية الصحيحة إلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِم، وقد ذكر في موضعه، وأَما الحَصَاة فهو العقل نفسهُ.
قال ابن الأَثير: حَصَا أَلْسِنَتِهِم جمعُ حَصاةِ اللِّسانِ وهي ذَرابَتُه. والحَصَاةُ: القِطْعة من المِسْك. الجوهري: حَصاةُ المِسْك قطعة صُلْبة توجد في فأْرة المِسْك. قال الليث: يقال لكل قطعة من المِسْك حَصاة.وفي أَسماء الله تعالى: المُحْصِي؛ هو الذي أَحْصَى كلَّ شيءٍ بِعِلْمِه فلا يَفُوته دَقيق منها ولا جَليل. والإحْصاءُ: العَدُّ والحِفْظ.
وأَحْصَى الشيءَ: أَحاطَ به. وفي التنزيل: وأَحْصَى كلَّ شيءٍ عدداً؛ الأَزهري: أي أَحاط علمه سبحانه باستيفاء عدد كلِّ شيء. وأَحْصَيْت الشيءَ:عَدَدته؛ قال ساعدة بن جؤية:

فَوَرَّك لَيْثاً أَخْلَصَ القَيْنُ أَثْرَه،

 

حاشِكةً يُحْصِي الشِّمالَ نَذيرُها

قيل: يُحْصِي في الشِّمال يؤثِّر فيها. الأَزهري: وقال الفراءُ في قوله: علم أَنْ لَنْ تُحْصُوه فتاب عليكم، قال: علم أَن لَنْ تَحفَظوا مواقيت الليل، وقال غيره: علم أَن لَنْ تُحْصوه أَي لن تُطيقوه. قال الأَزهري:وأَما قول النبي، صلى الله عليه وسلم: إنَّ لله تعالى تسعة وتسعين اسماً من أَحصاها دخَل الجنةَ، فمعناه عندي، والله أَعلم، من أَحصاها علْماً وإيماناً بها ويقيناً بأَنها صفات الله عزَّ وجل، ولم يُرِد الإحْصاءَ الذي هو العَدُّ. قال: والحصاةُ العَدُّ اسم من الإحصاء؛ قال أَبو زُبَيْد:

يَبْلُغُ الجُهْد ذا الحَصاة من القَوْ

 

مِ، ومنْ يُلْفَ واهِناً فهَو مُودِ

وقال ابن الأَثير في قوله من أَحصاها دخل الجنة: قيل من أَحصاها من حَفِظَها عن ظَهْرِ قلبه، وقيل: من استخرجها من كتاب الله تعالى وأَحاديث رسوله، صلى الله عليه وسلم، لأَن النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يعدّها لهم إلاَّ ما جاء في رواية عن أَبي هريرة وتكلموا فيها، وقيل: أَراد من أَطاقَ العمل بمقتضاها مثلُ من يعلَمُ أنه سميع بصير فيَكُفُّ سَمْعَه ولسَانَه عمَّا لا يجوزُ له، وكذلك في باقي الأَسماء، وقيل: أَراد من أَخْطَرَ بِباله عند ذكرها معناها وتفكر في مدلولها معظِّماً لمسمَّاها، ومقدساً معتبراً بمعانيها ومتدبراً راغباً فيها وراهباً، قال: وبالجملة ففي كل اسم يُجْريه على لسانه يُخْطِر بباله الوصف الدالَّ عليه.
وفي الحديث: لا أُحْصِي ثَناءً عليك أي لا أُحْصِي نِعَمَك والثناءَ بها عليك ولا أَبْلغُ الواجِب منه. وفي الحديث: أَكُلَّ القرآن أَحْصَيْتَ أَي حَفِظْت. وقوله للمرأَة: أَحْصِيها أَي احْفَظِيها. وفي الحديث:اسْتَقِيمُوا ولَنْ تُحْصُوا واعْلَموا أَنَّ خيرَ أَعمالِكُم الصَّلاةُ أَي اسْتَقِيموا في كلّ شيء حتى لا تَمِيلوا ولن تُطِيقوا الاسْتقامة من قوله تعالى: علم أَنْ لَنْ تُحْصُوه؛ أَي لن تُطِيقوا عَدَّه وضَبْطَه.

حضأ

حَضَأَتِ النارُ حَضْأً: التهبت. وحَضأَها يَحْضَؤُها حَضْأً: فتحها لتَلْتَهِب، وقيل: أَوقَدَها، وأَنشد في التهذيب:

باتَتْ هُمُومي في الصَّدْرِ، تَحْضَؤُها

 

طَمْحاتُ دَهْرٍ، ما كُنْتُ أَدْرَؤُهـا

الفرّاء: حَضَأْتُ النارَ وحضَبْتُها. والمِحْضَأُ على مِفْعَلٍ: العُودُ. والمِحْضاءُ على مِفْعال: العود الذي تُحْضَأُ به النارُ؛ وفي التهذيب: وهو المِحْضَأُ والمِحْضَبُ، وقولُ أَبي ذؤَيب:

فأَطْفِئ، ولا تُوقِدْ، ولا تَكُ مِحْضَأً

 

لِنارِ الأَعَادِي، أَنْ تَطِير شَداتُهـا

إِنما أَراد مثل مِحْضَإٍ لأَن الانسان لا يكون مِحضَأً، فمِن هُنا قُدِّر فيه مِثْل. وحَضَأْتُ النارَ: سَعَّرْتُها، يُهمز ولا يهمز، واذا لم يهمز، فالعود مِحْضاء، ممدود على مِفْعال؛ قال تأَبَّط شرّاً:

ونارٍ، قد حَضَأْتُ، بُعَيْدَ هَدْءٍ،

 

بدارٍ ما أُرِيدُ بها مُقـامـا

حضا

حَضَا النارَ حَضْواً: حَرَّك الجَمْرَ بعدما يَهْمُد، وقد ذكر في الهمز.

حضب

الحِضْبُ والحُضْبُ جميعاً: صَوْتُ القَوْس، والجمع أَحْضابٌ. قال شمر: يقال حِضْبٌ وحَبْضٌ، وهو صَوْتُ القَوْسِ. والحَضْبُ والحِضْبُ: ضَرْبٌ من الحَيّاتِ؛ وقيل: هو الذكر الضَّخْمُ منها. قال: وكلُّ ذكر من الحَيَّاتِ حِضْبٌ. قال أَبو سعيد: هو بالضاد المعجمة، وهو كالأَسْوَدِ والحُفَّاثِ ونحوهما؛ وقيل: هو حَيَّة دقيقة؛ وقيل: هو الأَبْيضُ منها؛ قال رؤبة:

جاءَتْ تَصَدَّى خَوْفَ حِضْبِ الأَحْضابْ

وقول رؤبة:

وقد تَطَوَّيْتُ انْطِواءَ الحِضْبِ،

 

بَيْنَ قَتـادِ رَدْهةٍ وشِـقْـبِ

يجوز أَن يكون أراد الوَتَرَ، وأَن يكون أَراد الحَيَّةَ.
والحَضَبُ: الحَطَبُ في لغة اليمن؛ وقيل: هو كلُّ ما أَلْقَى في النار مِن حَطَبٍ وغيره، يُهَيِّجُها به. والحَضَبُ: لغة في الحَصَب، ومنه قرأَ ابن عباس: حَضَبُ جَهنمَ، منقوطة. قال الفرَّاءُ: يريد الحَصَبَ.
وحَضَبَ النارَ يَحْضِبُها: رَفَعَها. وقال الكسائي: حَضَبْتُ النارَ إذا خَبَتْ فأَلْقَيْتَ عليها الحَطَبَ، لتَقِدَ.
والمِحْضَبُ: المِسعَرُ، وهو عُود تُحَرَّكُ به النارُ عند الإيقاد؛ قال الأَعشى:

فلا تَكُ، فِي حَرْبِنا، مِحْضَباً

 

لِتَجْعَلَ قَوْمَكَ شَتَّى شُعُوبَا

وقال الفرّاءُ: هو المِحْضَبُ، والمِحْضَأُ، والمِحْضَجُ، والمِسْعَرُ، بمعنى واحد. وحكى ابن دريد عن أَبي حاتم أَنه قال: يُسمى المِقْلَى المِحْضَب.
وأَحْضابُ الجبَلِ: جَوانِبُه وسَفْحُه، واحدها حِضْبٌ، والنون أَعلى.
وروى الأَزهري عن الفرَّاءِ: الحَضْبُ، بالفتح: سُرْعةُ أَخْذِ الطَّرْقِ الرَّهْدَنَ، إذا نَقَر الحَبَّة؛ والطَّرْقُ: الفَخُّ، والرَّهْدَنُ: العُصْفُور. قال: والحَضْبُ أَيضاً: انْقِلابُ الحَبْلِ حتى يَسْقُط.
والحَضْبُ أَيضاً: دُخول الحَبْلِ بين القَعْو والبَكْرة، وهو مثل المَرَسِ، تقول: حَضِبَتِ البَكْرةُ ومَرِسَتْ، وتأْمر فتقول: أَحْضِبْ، بمعنى أَمْرِسْ، أَي رُدَّ الحَبْل إلى مَجْراهُ.

حضج

حَضَجَ النارَ حَضْجاً: أَوقدها.
وانْحَضَجَ الرجلُ: الْتَهَبَ غَضَباً واتَّقَدَ من الغيظ. وانْحَضَجَ: اتَّقَدَ من الغيظ فَلَزِقَ بالأَرض. وفي حديث أَبي الدرداء قال في الركعتين بعد العصر: أَمَّا أَنا فلا أَدَعُهما، فمن شاء أَن يَنْحَضِجَ فَلْيَنْحَضِجْ أَي يَنْقَدَّ من الغيظ ويَنْشَقَّ. وحَضَجَ به يَحْضُجُ حَضْجاً: صَرَعَهُ. وحَضَجَ البعيرُ بِحِمْلِه وحِمْلَهُ حَضْجاً: طرحه.
وحَضَجَ به الأَرضَ حَضْجاً: ضربها به. وانْحَضَجَ: ضرب بنفسه الأَرضَ غيظاً، فإِذا فعلتَ به أَنت ذلك، قلت: حَضَجْتُه. وانْحَضَجَتْ عنه أَداته انْحِضاجاً. وقال ابن شميل: يَنْحَضِجُ يضطجع. وحَضَجَه: أَدخل عليه ما يكاد يَنْشَقُّ منه ويَلْزَقُ له بالأَرض.
وكلُّ ما لَزِقَ بالأَرض: حِضْجٌ؛ والحِضْجُ: الطين اللازق بأَسفل الحوض؛ وقيل: الحِضْجُ هو الماء القليل، والطين يبقى في أَسفل الحوض؛ وقيل: هو الماء الذي فيه الطين، فهو يتلزج ويمتدّ؛ وقيل: هو الماء الكَدِرُ.
وحِضْجٌ حاضِجٌ: بالَغُوا به، كَشِعْرٍ شاعرٍ؛ قال أَبو مهدي: سمعت هِمْيانَ بن قُحافة ينشد:

فأَسْأَرَتْ في الحوضِ حِضْجاً حاضِجا،

 

قَدْ عادَ مِنْ أَنْفـاسِـهـا رَجَـارِجَـا

أَسأَرت: أَبقت. والسُّؤْرُ: بقية الماء في الحوض، وقوله حاضِجاً أَي باقياً. ورجارجاً: اختلط ماؤُه وطينه. والحِضْجُ: الحوض نفسه، والفتح في كلِّ ذلك لغة، والجمع من كل ذلك أَحْضاجٌ؛ قال رؤبة:

مِنْ ذي عُبابٍ سائلِ الأَحْضاجِ،

 

يربي على تَعاقُمِ الهَـجَـاجِ

الأَحضاجُ: الحِياضُ. والتعاقم: الوِرْدُ مرَّةً بعدَ مرَّة، كالتعاقب على البدل. ورجل حِضْجٌ: حميسٌ، والجمع أَحْضاجٌ. والحِضاجُ: الزِّقُّ الضَّخْمُ المُسْنَدُ؛ قال سلامة بن جندل:

لنا خِبَاءٌ ورَاووقٌ ومُـسْـمِـعَةٌ،

 

لدى حِضاجٍ، بِجَوْنِ النَّارِ، مَرْبوبِ

وانْحَضَجَ الرجل: اتسع بطنه، وهو مِنه. وامرأَةٌ مِحْضاجٌ: واسعة البطن؛ وقول مزاحم:

إِذا ما السَّوْطُ سَمَّرَ حالِبَيْهِ،

 

وقَلَّصَ بَدْنَهُ بَعْدَ انْحِضاجِ

يعني بعد انتفاخ وسمن.
والمِحْضَجَةُ والمِحْضاجُ: خشبة صغيرة تَضرب بها المرأَة الثوبَ إذا غسلته. وانْحَضَجَ إذا عدا.
وحَضِيجُ الوادي: ناحيته.
والمِحْضَجُ: الحائد عن السبيل.
والمِحْضَبُ والمِحْضَجُ والمِسْعَرُ: ما يحرك به النار. يقال: حَضَجْتُ النارَ وحَضَبْتُها. الفراء: حَضَجْتُ فلاناً ومَغَثْتُه ومَثْمَثْتُه وقَرْطَلْتُه، كُلُّه: بمعنى غَرَّقْتُه. وفي حديث حنين: أَن بغلة النبي، صلى الله عليه وسلم، لَمَّا تَناول الحَصَى لِيَرْمِيَ به في يوم حُنَيْنٍ، فَهِمَتْ ما أَراد فانْحَضَجَتْ أَي انْبَسَطتْ؛ قاله ابن الأَعرابي فيما روى عنه أَبو العباس؛ وأَنشد:

ومُقَتِّتٍ حَضَجَتْ به أَيامُه،

 

قَدْ قادَ بَعْدُ قَلائصاً وعِشارا

مُقَتِّتٌ: فقير. حَضَجَتْ: انبسطت أَيامه في الفقر فأَغناه الله، وصار ذا مال.

حضجر

الحِضَجْرُ: العظيم البطن الواسِعُهُ؛ قال:حِضَجْرٌ كأُمِّ التَّوْأَمَيْنِ تَوَكَّأَتْ على مِرْفَقَيْها، مُسْتَهِلَّةَ عاشِرِ وحَضاجِرُ: اسم للذكر والأُنثى من الضِّباعِ، سميت بذلك لسعة بطنها وعظمه؛ قال الحطيئة:

هَلاَّ غَضِبْتَ لِـرَحْـلِ جـا ر

 

كَ، إِذْ تَنَبَّذَهُ حَضاجِرْ وحَضاجِرُ

معرفة ولا ينصرف في معرفة ولا نكرة لأَنه اسم للواحد على بنية الجمع لأَنهم يقولون وَطْبٌ حِضَجْرٌ وأَوْطُبٌ حَضاجِرُ، يعني واسعة عظيمة؛ قال السيرافي: وإِنما جعل اسماً لها على لفظ الجمع إِرادة للمبالغة، قالوا حَضاجِرُ فجعلوها جمعاً مثل قولهم مُغَيْرِبات الشمس ومُشَيْرِقات الشمس، ومثله جاء البعيرُ يَجُرُّ عَثانِينَهُ. وإِبل حَضاجِرُ: قد شربت وأَكلت الحَمْضَ فانتفخت خواصرها؛ قال الراجز:

إِنِّي سَتَرْوِي عَيْمَتِي، يا سالِما،

 

حَضاجِرٌ لا تَقْرَبُ المَواسِما

الأَزهري: الحِضَجْرُ الوَطْبُ ثم سمي به الضبع لسعة جوفها. الأَزهري:الحِضَجْرُ السِّقاء الضَّخْمُ، والحِضَجْرَةُ: الإِبل المتفرّقة على رعائها من كثرتها.

حضجم

الحِضْجِمُ والحُضاجِمُ: الجافي الغليظ اللحم؛ وأَنشد:

ليس بمِبْطان ولا حُضاجِمِ

حضر

الحُضورُ: نقيض المَغيب والغَيْبةِ؛ حَضَرَ يَحْضُرُ حُضُوراً وحِضَارَةً؛ ويُعَدَّى فيقال: حَضَرَه وحَضِرَه يَحْضُرُه، وهو شاذ، والمصدر كالمصدر. وأَحْضَرَ الشيءَ وأَحْضَرَه إِياه، وكان ذلك بِحَضْرةِ فلان وحِضْرَتِه وحُضْرَتِه وحَضَرِه ومَحْضَرِه، وكلَّمتُه بِحَضْرَةِ فلان وبمَحَضْرٍ منه أَي بِمَشْهَدٍ منه، وكلمته أَيضاً بِحَضَرِ فلان، بالتحريك، وكلهم يقول: بِحَضَرِ فلان، بالتحريك. الجوهري: حَضْرَةُ الرجل قُرْبهُ وفِناؤّ. وفي حديث عمرو ابن سَلِمَة الجَرْمِيِّ: كنا بِحَضْرَةِ ماءٍ أَي عنده؛ ورجل خاصِرٌ وقوم حُضَّرٌ وحُضُورٌ. وإِنه لحَسنُ الحُضْرَةِ والحِضْرَةِ إذا حَضَرَ بخير. وفلان حَسَنُ المَحْضَرِ إذا كان ممن يذكر الغئبَ بخير. وأَبو زيد: هو رجل حَضِرٌ إذا حَضَرَ بخير. ويقال: إِنه لَيَعْرِفُ مَنْ بِحَضْرَتِهِ ومَنْ بِعَقْوَتِه.
الأَزهري: الحَضْرَةُ قُرْبُ الشيء، تقول: كنتُ بِحَضْرَةِ الدار؛ وأَنشد الليث:

فَشَلَّـتْ يداه يومَ يَحْـمِـلُ رايَةً

 

إِلى نَهْشَلٍ، والقومُ حَضْرَة نَهْشَلِ

ويقال: ضربت فلاناً بِحَضُرَةِ فلان وبمَحْضَرِه. الليث: يقال حَضَرَتِ الصلاة، وأَهل المدينة يقولون: حَضِرَتْ، وكلهم يقول تَحْضَرُ؛ وقال شمر:يقال حَضِرَ القاضِيَ امرأَةٌ تَحْضَرُ؛ قال: وإِنما أُنْدِرَتِ التاء لوقوع القاضي بين الفعل والمرأَة؛ قال الأَزهري: واللغة الجيدة حَضَرَتْ تَحْضُرُ، وكلهم يقول تَحْضُرُ، بالضم؛ قال الجوهري: وأَنشدنا أَبو ثَرْوانَ العُكْلِيُّ لجرير على لغة حَضِرَتْ:

ما مَنْ جَفانا إذا حاجاتُنا حَضِرَتْ،

 

كَمَنْ لنا عندَه التَّكْريمُ واللَّطَـفُ

والحَضَرُ: خلافُ البَدْوِ. والحاضِرُ: خلاف البادي. وفي الحديث: لا يَبِعْ حاضِرٌ لِبادٍ؛ الحاضر: المقيم في المُدُنِ والقُرَى، والبادي:المقيم بالبادية، والمنهي عنه أَن يأْتي البَدَوِيُّ البلدة ومعه قوت يبغي التَّسارُعَ إِلى بيعه رخيصاً، فيقول له الحَضَرِيُّ: اتركه عندي لأُغالِيَ في بيعه، فهذا الصنيع محرّم لما فيه من الإِضرار بالغير، والبيع إذا جرى مع المغالاة منعقد، وهذا إذا كانت السِّلْعَةُ مما تعم الحاجة إِليها كالأَقوات، فإِن كانت لا تعم أَو كَثُرَتِ الأَقواتُ واستغني عنها ففي التحريم تردُّد يعوّل في أَحدهما على عموم ظاهر النهي وحَسْمِ بابِ الضِّرارِ، وفي الثاني على معنى الضرورة. وقد جاء عن ابن عباس أَنه سئل لا يبع حاضر لباد قال: لا يكون له سِمْساراً؛ ويقال: فلان من أَهل الحاضرة وفلان من أَهل البادية، وفلان حَضَرِيٌّ وفلان بَدَوِيٌّ.
والحِضارَةُ: الإِقامة في الحَضَرِ؛ عن أَبي زيد. وكان الأَصمعي يقول:الحَضارَةُ، بالفتح؛ قال القطامي:

فَمَنْ تَكُنِ الحَضَارَةُ أَعْجَبَتْه،

 

فأَيَّ رجالِ بادِيَةٍ تَـرانَـا

ورجل حَضِرٌ: لا يصلح للسفر. وهم حُضُورٌ أَي حاضِرُونَ، وهو في الأَصل مصدر.
والحَضَرُ والحَضْرَةُ والحاضِرَةُ: خلاف البادية، وهي المُدُنُ والقُرَى والرِّيفُ، سميت بذلك لأَن أَهلها حَضَرُوا الأَمصارَ ومَساكِنَ الديار التي يكون لهم بها قَرارٌ، والبادية يمكن أَن يكون اشتقاقُ اسمِها من بَدا يَبْدُو أَي بَرَزَ وظهر ولكنه اسم لزم ذلك الموضعَ خاصةً دونَ ما سواه؛ وأَهل الحَضَرِ وأَهل البَدْوِ. والحاضِرَةُ والحاضِرُ: الحَيُّ العظيم أَو القومُ؛ وقال ابن سيده: الحَيُّ إذا حَضَرُوا الدارَ التي بها مُجْتَمَعُهُمْ؛ قال:

في حاضِرٍ لَجِبٍ بالليلِ سامِرُهُ،

 

فيهِ الصَّواهِلُ والرَّاياتُ والعَكَرُ

فصار الحاضر اسماً جامعاً كالحاجِّ والسَّامِرِ والجامِل ونحو ذلك. قال الجوهري: هو كما يقال حاضِرُ طَيِّءٍ، وهو جمع، كما يقال سامِرٌ للسُّمَّار وحاجٌّ للحُجَّاج؛ قال حسان:

لنا حاضِرٌ فَعْمٌ وبادٍ، كَأَنَّهُ

 

قطِينُ الإِلهِ عِزَّةً وتَكَرُّما

وفي حديث أُسامة: وقد، أَحاطوا بحاضر فَعْمٍ. الأَزهري: العرب تقول حَيٌّ حاضِرٌ، بغير هاء، إذا كانوا نازلين على ماءٍ عِدٍّ، يقال: حاضِرُ بني فلانٍ على ماءِ كذا وكذا، ويقال للمقيم على الماء: حاضرٌ، وجمعه حُضُورٌ، وهو ضدّ المسافر، وكذلك يقال للمقيم: شاهدٌ وخافِضٌ. وفلان حاضِرٌ بموضع كذا أَي مقيم به. ويقال: على الماء حاضِرٌ وهؤلاء قوم حُضَّارٌ إذا حَضَرُوا المياه، ومَحاضِرُ؛ قال لبيد:

فالوادِيانِ وكلُّ مَغْنىً مِنْهُمُ،

 

وعلى المياهِ مَحاضِرٌ وخِيامُ

قال ابن بري: هو مرفوع بالعطف على بيت قبله وهو:

أَقْوَى وعُرِّيَ واسِـطٌ فَـبِـرامُ،

 

من أَهلِهِ، فَصُوائِقٌ فَخُزامُ وبعده:

عَهْدِي بها الحَيَّ الجميعَ، وفيهـمُ،

 

قبلَ التَّفَـرُّقِ، مَـيْسِـرٌ ونِـدامُ

وهذه كلها أَسماء مواضع. وقوله: عهدي رفع بالابتداء، والحيّ مفعول بعهدي والجميع نعته، وفيهم قبل التفرّق ميسر: جملة ابتدائية في موضع نصب على الحال وقد سدّت مسدّ خبر المبتدإِ الذي هو عهدي على حد قولهم: عهدي بزيد قائماً؛ وندام: يجوز أَن يكون جمع نديم كظريف وظراف ويجوز أَن يكون جمع ندمان كغرثان وغراث. قال: وحَضَرَةٌ مثل كافر وكَفَرَةٍ. وفي حديث آكل الضب: أَنَّى تَححضُرُنِي منَ اللهِ حاضِرَةٌ؛ أَراد الملائكة الذين يحضرونه. وحاضِرَةٌ: صفة طائفة أَو جماعة. وفي حديث الصبح: فإِنها مَشْهُودَة مَحْضُورَةٌ؛ أَي يحضرها ملائكة الليل والنهار. وحاضِرُو المِياهِ وحُضَّارُها: الكائنون عليها قريباً منها لأَنهم يَحْضُرُونها أَبداً. والمَحْضَرُ: المَرْجِعُ إِلى المياه. الأَزهري: المحضَر عند العرب المرجع إِلى أَعداد المياه، والمُنْتَجَعُ: المذهبُ في طلب الكَلإِ، وكل مُنْتَجَعٍ مَبْدىً، وجمع المَبْدَى مَبادٍ، وهو البَدْوُ؛ والبادِيَةُ أَيضاً: الذين يتباعدون عن أَعداد المياه ذاهبين في النُّجَعِ إِلى مَساقِط الغيث ومنابت الكلإِ.
والحاضِرُون: الذين يرجعون إِلى المَحاضِرِ في القيظ وينزلون على الماء العِدِّ ولا يفارقونه إِلى أَن يقع ربيع بالأَرض يملأُ الغُدْرانَ فينتجعونه، وقوم ناجِعَةٌ ونواجِعُ وبادِيَةٌ وبوادٍ بمعنى واحد.
وكل من نزل على ماءٍ عِدٍّ ولم يتحوّل عنه شتاء ولا صيفاً، فهو حاضر، سواء نزلوا في القُرَى والأَرْياف والدُّورِ المَدَرِيَّة أَو بَنَوُا الأَخْبِيَةَ على المياه فَقَرُّوا بها ورَعَوْا ما حواليها من الكلإِ. وأَما الأَعراب الذين هم بادية فإِنما يحضرون الماء العِدَّ شهور القيظ لحاجة النَّعَمِ إِلى الوِرْدِ غِبّاً ورَفْهاً وافْتَلَوُا الفَلَوَاِ المُكْلِئَةَ، فإِن وقع لهم ربيع بالأَرض شربوا منه في مَبْدَاهُمْ الذي انْتَوَوْهُ، فإِن استأْخر القَطْرُ ارْتَوَوْا على ظهور الإِبل بِشِفاهِهِمْ وخيلهم من أَقرب ماءٍ عِدٍّ يليهم، ورفعوا أَظْماءَهُمْ إِلى السَّبْعِ والثِّمْنِ والعِشْرِ، فإِن كثرت فيه الأَمطار والْتَفَّ العُشْبُ وأَخْصَبَتِ الرياضُ وأَمْرَعَتِ البلادُ جَزَأَ النَّعَمُ بالرَّطْبِ واستغنى عن الماء، وإِذا عَطِشَ المالُ في هذه الحال وَرَدَتِ الغُدْرانَ والتَّناهِيَ فشربتْ كَرْعاً وربما سَقَوْها من الدُّحْلانِ. وفي حديث عَمْرِو بن سَلِمَةَ الجَرْمِيّ: كنا بحاضِرٍ يَمُرُّ بنا الناسُ؛ الحاضِرُ: القومُ النُّزُولُ على ماء يقيمون به ولا يَرْحَلُونَ عنه. ويقال للمَناهِل:المَحاضِر للاجتماع والحضور عليها. قال الخطابي: ربما جعلوا الحاضِرَ اسماً للمكان المحضور. يقال: نزلنا حاضِرَ بني فلان، فهو فاعل بمعنى مفعول. وفي الحديث: هِجْرَةُ الحاضِرِ؛ أَي المكان المحضور.
ورجل حَضِرٌ وحَضَرٌ: يَتَحَيَّنُ طعام الناس حتى يَحْضُرَهُ. الأَزهري عن الأَصمعي: العرب تقول: اللَّبَنُ مُحْتَضَرٌ ومَحْضُورٌ فَغَطِّهِ أَي كثير الآفة يعني يَحْتَضِرُه الجنّ والدواب وغيرها من أَهل الأَرض، والكُنُفُ مَحْضُورَةٌ. وفي الحديث: إِن هذه الحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ؛ أَي يحضُرها الجنّ والشياطين. وقوله تعالى: وأَعوذ بك رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ؛ أَي أَن تصيبني الشياطين بسوء.
وحُضِرَ المريض واحْتُضِرَ إذا نزل به الموتُ؛ وحَضَرَنِي الهَمُّ واحْتَضَرَ بيِ وتَحَضَّرَنِي. وفي الحديث: أَنه، عليه الصلاة والسلام، ذَكَرَ الأَيامَ وما في كل منها من الخير والشر ثم قال: والسَّبْتُ أَحْضَرُ إِلا أَن له أَشْطُراً؛ أَي هو أَكثر شرّاً، وهو أَفْعَلُ من الحُضُورِ؛ ومنه قولهم: حُضِرَ فلان واحْتُضِرَ إذا دنا موته؛ قال ابن الأَثير: وروي بالخاءِ المعجمة، وقيل: هو تصحيف، وقوله: إِلا أَن له أَشْطُراً أَي خيراً مع شره؛ ومنه: حَلَبَ الدهرَ الأَشْطُرَهُ أَي نال خَيْرَهُ وشَرَّه.
وفي الحديث: قُولُوا ما يَحْضُرُكُمْ؛ أَي ما هو حاضر عندكم موجود ولا تتكلفوا غيره.
والحَضِيرَةُ: موضع التمر، وأَهل الفَلْحِ يُسَمُّونها الصُّوبَةَ، وتسمى أَيضاً الجُرْنَ والجَرِينَ. والحَضِيرَةُ: جماعة القوم، وقيل: الحَضِيرَةُ من الرجال السبعةُ أَو الثمانيةُ؛ قال أَبو ذؤيب أَو شهاب ابنه:

رِجالُ حُرُوبٍ يَسْعَرُونَ، وحَلْـقَةٌ

 

من الدار، لا يأْتي عليها الحضائِرُ

وقيل: الحَضِيرَةُ الأَربعة والخمسة يَغْزُونَ، وقيل: هم النَّفَرُ يُغْزَى بهم، وقيل: هم العشرة فمن دونهم؛ الأَزهري: قال أَبو عبيد في قول سَلْمَى الجُهَنِيَّةِ تمدح رجلاً وقيل ترثيه:

يَرِدُ المِياهَ حَضِيرَةً ونَفِيضَةً،

 

وِرْدَ القَطاةِ إذا اسْمَأَلَّ التُّبَّعُ

اختلف في اسم الجهنية هذه فقيل: هي سلمى بنت مَخْدَعَةَ الجهنية؛ قال ابن بري: وهو الصحيح، وقال الجاحظ: هي سُعْدَى بنت الشَّمَرْدَل الجهنية.
قال أَبو عبيد: الحَضِيرَةُ ما بين سبعة رجال إِلى ثمانية، والنَّفِيضَةُ:الجماعة وهم الذين يَنْفُضُونَ. وروى سلمة عن الفراء قال: حَضِيرَةُ الناس ونَفِيضَتُهم الجماعَةُ. قال شمر في قوله حضيرةً ونفيضةً، قال: حضيرة يحضرها الناس يعني المياه ونفيضة ليس عليها أَحد؛ حكي ذلك عن ابن الأَعرابي ونصب حضيرة ونفيضة على الحال أَي خارجة من المياه؛ وروي عن الأَصمعي: الحضيرة الذين يحضرون المياه، والنفيضة الذين يتقدمون الخيل وهم الطلائع؛ قال الأَزهري: وقول ابن الأَعرابي أَحسن. قال ابن بري: النفيضة جماعة يبعثون ليكشفوا هل ثَمَّ عدوّ أَو خوف. والتُّبَّعُ: الظل. واسْمَأَلَّ:قَصُرَ، وذلك عند نصف النهار؛ وقبله:

سَبَّاقُ عادِيةٍ ورأْسُ سَرِيَّةٍ،

 

ومُقاتِلٌ بَطَلٌ وَهادٍ مِسْلَعُ

المِسْلَعُ: الذي يشق الفلاة شقّاً، واسم المَرْثِيِّ أَسْعَدُ وهو أَخو سلمى؛ ولهذا تقول بعد البيت:

أَجَعَلْتَ أَسْعَدَ لِلرِّماحِ دَرِيئَةً،

 

هَبَلَتْكَ أُمُّكَ، أَيَّ جَرْدٍ تَرْقَعُ؟

الدَّرِيئَةُ: الحَلْقَةُ التي يتعلم عليها الطعن؛ والجمع الحضائر؛ قال أَبو شهاب الهذلي:

رِجالُ حُرُوبٍ يَسْعَرُونَ، وحَـلْـقَةٌ

 

من الدار، لا تَمْضِي عليها الحضائِرُ

وقوله رجال بدل من معقل في بيت قبله وهو:

فلو أَنهمْ لم يُنْكِرُوا الحَقَّ، لم يَزَلْ

 

لهم مَعْقِلٌ مِنَّا عَزيزٌ وناصِـرُ

يقول: لو أَنهم عرفوا لنا محافظتنا لهم وذبَّنا عنهم لكان لهم منا مَعْقِلٌ يلجؤُون إِليه وعز ينتهضون به. والحَلْقَةُ: الجماعة. وقوله: لا تمضي عليها الحضائر أَي لا تجوز الحضائر على هذه الحلقة لخوفهم منها. ابن سيده: قال الفارسي حَضيرَة العسكر مقدّمتهم. والحَضِيرَةُ: ما تلقيه المرأَة من وِلادِها. وحَضِيرةُ الناقة: ما أَلقته بعد الولادة. والحَضِيرَةُ:انقطاع دمها. والحَضِيرُ: دمٌ غليظ يجتمع في السَّلَى. والحَضِيرُ: ما اجتمع في الجُرْحِ من جاسِئَةِ المادَّةِ، وفي السَّلَى من السُّخْدِ ونحو ذلك. يقال: أَلقت الشاةُ حَضِيرتَها، وهي ما تلقيه بعد الوَلَدِ من السُّخْدِ والقَذَى. وقال أَبو عبيدة: الحَضِيرَةُ الصَّاءَةُ تَتْبَعُ السَّلَى وهي لفافة الولد.
ويقال للرجل يصيبه اللَّمَمُ والجُنُونُ: فلان مُحْتَضَرٌ؛ ومنه قول الراجز:

وانْهَمْ بِدَلْوَيْكَ نَهِيمَ المُحْتَضَرْ،

 

فقد أَتتكَ زُمَراً بعد زُمَـرْ

والمُحْتَضِرُ: الذي يأْتي الحَضَرَ. ابن الأَعرابي: يقال لأُذُنِ الفيل: الحاضِرَةُ ولعينه الحفاصة وقال: الحَضْرُ التطفيل وهو الشَّوْلَقِيُّ وهو القِرْواشُ والواغِلُ، والحَضْرُ: الرجل الواغِلُ الرَّاشِنُ.
والحَضْرَةُ: الشِّدَّةُ. والمَحْضَرُ: السِّجِلُّ. والمُحاضَرَةُ: المجالدة، وهو أَن يغالبك على حقك فيغلبك عليه ويذهب به. قال الليث: المُحاضَرَةُ أَن يُحاضِرَك إِنسان بحقك فيذهب به مغالبةً أَو مكابرة. وحاضَرْتُه: جاثيته عند السلطان، وهو كالمغالبة والمكاثرة. ورجل حَضْرٌ: ذو بيان. وتقول: حَضَارِ بمعنى احْضُرْ، وحَضَارِ، مبنية مؤنثة مجرورة أَبداً: اسم كوكب؛ قال ابن سيده: هو نجم يطلع قبل سُهَيْلٍ فتظن الناس به أَنه سهيل وهو أَحد المُحْلِفَيْنِ. الأَزهري: قال أَبو عمرو بن العلاء يقال طلعت حَضَارِ والوَزْنُ، وهما كوكبان يَطْلُعانِ قبل سهيل، فإِذا طلع أَحدهما ظن أَنه سهيل للشبه، وكذلك الوزن إذا طلع، وهما مُحْلِفانِ عند العرب، سميا مُحْلِفَيْنِ لاخْتِلافِ الناظرين لهما إذا طلعا، فيحلف أَحدهما أَنه سهيل ويحلف الآخر أَنه ليس بسهيل؛ وقال ثعلب: حَضَارِ نجم خَفِيٌّ في بُعْدٍ؛ وأَنشد:

أَرَى نارَ لَيْلَى بالعَقِـيقِ كـأَنَّـهـا

 

حَضَارِ، إذا ما أَعْرَضَتْ، وفُرُودُها

الفُرُودُ: نجوم تخفى حول حَضَارِ؛ يريد أَن النار تخفى لبعدها كهذا النجم الذي يخفى في بعد. قال سيبويه: أَما ما كان آخره راء فإن أَهل الحجاز وبني تميم متفقون فيه، ويختار فيه بنو تميم لغة أَهل الحجاز، كما اتفقوا في تراك الحجازية لأَنها هي اللغة الأُولى القُدْمَى، وزعم الخليل أَن إِجْناحَ الأَلف أَخفُّ عليهم يعني الإِمالةَ ليكون العمل من وجه واحد، فكرهوا تركَ الخِفَّةِ وعلموا أَنهم إِن كسروا الراء وصلوا إِلى ذلك وأَنهم إِن رفعوا لم يصلوا؛ قال: وقد يجوز أَن ترفع وتنصب ما كان في آخره الراء، قال: فمن ذلك حَضَارِ لهذا الكوكب، وسَفَارِ اسم ماء، ولكنهما مؤنثان كماوِيَّةَ؛ وقال: فكأَنَّ تلك اسم الماءة وهذه اسم الكوكبة.
والحِضارُ من الإِبل: البيضاء، الواحد والجمع في ذلك سواء. وفي الصحاح:الحِضارُ من الإِبل الهِجانُ؛ قال أَبو ذؤيب يصف الخمر:

فما تُشْتَرَى إِلاَّ بِرِبْحٍ، سِـبـاؤُهـا

 

بَناتُ المَخاضِ: شُؤمُها وحِضارُها

شومها: سودها؛ يقول: هذه الخمر لا تشترى أَلا بالإِبل السود منها والبيض؛ قال ابن بري: والشوم بلا همز جمع أَشيم وكان قياسه أَن يقال شِيمٌ كأَبيض وبِيضٍ، وأَما أَبو عمرو الشَّيْباني فرواه شيمها على القياس وهما بمعنىً، الواحدُ أَشْيَمُ؛ وأَما الأَصمعي فقال: لا واحد له، وقال عثمان بن جني: يجوز أَن يجمع أَشْيَمُ على شُومٍ وقياسه شِيمٌ، كما قالوا ناقة عائط للتي لم تَحْمِلْ ونوق عُوط وعِيط، قال: وأَما قوله إِن الواحد من الحِضَارِ والجمعَ سواء ففيه عند النحويين شرح، وذلك أَنه قد يتفق الواحد والجمع على وزن واحد إِلا أَنك تقدّر البناء الذي يكون للجمع غير البناء الذي يكون للواحد، وعلى ذلك قالوا ناقة هِجانٌ ونوق هِجانٌ، فهجان الذي هو جمع يقدّر على فِعَالٍ الذي هو جمعٌ مثل ظِرافٍ، والذي يكون من صفة المفرد تقدره مفرداً مثل كتاب، والكسرة في أَول مفرده غير الكسرة التي في أَوَّل جمعه، وكذلك ناقة حِضار ونوق حِضار، وكذلك الضمة في الفُلْكِ إذا كان المفردَ غَيْرُ الضمة التي تكون في الفلك إذا كان جمعاً، كقوله تعالى:في الفُلْكِ المشحون؛ هذه الضمة بإِزاء ضمة القاف في قولك القُفْل لأَنه واحد، وأَما ضمة الفاء في قوله تعالى: والفُلْكِ التي تجري في البحر: فهي بإِزاء ضمة الهمزة في أُسْدٍ، فهذه تقدّرها بأَنها فُعْلٌ التي تكون جمعاً، وفي الأَوَّل تقدرها فَعْلاً التي هي للمفرد. الأَزهري: والحِضارُ من الإِبل البيض اسم جامع كالهِجانِ؛ وقال الأُمَوِيُّ: ناقة حِضارٌ إذا جمعت قوّة ورِحْلَةً يعني جَوْدَةَ المشي؛ وقال شمر: لم أَسمع الحِضارَ بهذا المعنى إِنما الحِضارُ بيض الإِبل، وأَنشد بيت أَبي ذؤيب شُومُها وحِضارُها أَي سودها وبيضها.
والحَضْراءُ من النوق وغيرها: المُبادِرَةُ في الأَكل والشرب. وحَضارٌ:اسم للثور الأَبيض.
والحَضْرُ: شَحْمَةٌ في العانة وفوقها. والحُضْرُ والإِحْضارُ: ارتفاع الفرس في عَدْوِه؛ عن الثعلبية، فالحُضْرُ الاسم والإِحْضارُ المصدر.
الأَزهري: الحُضْرُ والحِضارُ من عدو الدواب والفعل الإِحْضارُ؛ ومنه حديث وُرُودِ النار: ثم يَصْدُرُونَ عنها بأَعمالهم كلمح البرق ثم كالريح ثم كحُضْرِ الفرس؛ ومنه الحديث أَنه أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ حُضْرَ فرسه بأَرض المدينة؛ ومنه حديث كعبِ بن عُجْرَةَ: فانطلقتُ مُسْرِعاً أَو مُحْضِراً فأَخذتُ بِضَبُعِهِ. وقال كراع: أَحْضَرَ الفرسُ إِحْضَاراً وحُضْراً، وكذلك الرجل، وعندي أَن الحُضْرَ الاسم والإِحْضارَ المصدرُ. واحْتَضَرَ الفرسُ إذا عدا، واسْتَحْضَرْتُه: أَعْدَيْتُه؛ وفرس مِحْضِيرٌ، الذكر والأُنثى في ذلك سواء. وفرس مِحْضِيرٌ ومِحْضارٌ، بغير هاء للأُنثى، إذا كان شديد الحُضْرِ، وهو العَدْوُ. قال الجوهري: ولا يقال مِحْضار، وهو من النوادر، وهذا فرس مِحْضير وهذه فرس مِحْضِيرٌ. وحاضَرْتُهُ حِضاراً:عَدَوْتُ معه. وحُضَيْرُ الكتائِب: رجلٌ من سادات العرب، وقد سَمَّتْ حاضِراً ومُحاضِراً وحُضَيْراً. والحَضْرُ: موضع. الأَزهري: الحَضْرُ مدينة بنيت قديماً بين دِجْلَةَ والفُراتِ. والحَضْرُ: بلد بإِزاء مَسْكِنٍ. وحَضْرَمَوْتُ:اسم بلد؛ قال الجوهري: وقبيلة أَيضاً، وهما اسمان جعلا واحداً، إِن شئت بنيت الاسم الأَول على الفتح وأَعربت الثاني إِعراب ما لا ينصرف فقلت:هذا حَضْرَمَوْتُ، وإِن شئت أَضفت الأَول إِلى الثاني فقلت: هذا حَضْرُمَوْتٍ، أَعربت حضراً وخفضت موتاً، وكذلك القول في سامّ أَبْرَض ورَامَهُرْمُز، والنسبة إِليه حَضْرَمِيُّ، والتصغير حُضَيْرُمَوْتٍ، تصغر الصدر منهما؛ وكذلك الجمع تقول: فلان من الحَضارِمَةِ. وفي حديث مصعب بن عمير: أَنه كان يمشي في الحَضْرَمِيِّ؛ هو النعل المنسوبة إِلى حَضْرَمَوْت المتخذة بها.
وحَضُورٌ: جبل باليمن أَو بلد باليمن، بفتح الحاء؛ وقال غامد:

تَغَمَّدْتُ شَرّاً كان بين عَشِيرَتِـي،

 

فَأَسْمَانِيَ القَيْلُ الحَضُورِيُّ غامِدَا

وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كُفِّنَ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، في ثوبين حَضُورِيَّيْن؛ هما منسوبان إِلى حَضُورٍ قرية باليمن. وفي الحديث ذكر حَضِيرٍ، وهو بفتح الحاء وكسر الضاد، قاع يسيل عليه فَيْضُ النَّقِيع، بالنون.

حضرب

حَضْربَ حَبْلَه ووَتَرَه: شدَّه. وكلُّ مَمْلُوءٍ مُحَضْرَبٌ، والظاء أَعلى.

حضرم

الحَضْرَمِيَّةُ: اللُّكْنَةُ. وحَضْرَمَ في كلامه حَضْرَمةً: لحن، بالحاء، وخالف بالإعراب عن وجه الصواب. والحَضْرَمَةُ: الخلط، وشاعر مُحَضْرَمٌ.
وحَضْرَمَوْت: موضع باليمن معروف. ونعل حَضْرَمِيُّ إذا كان مُلَسَّناً.
ويقال لأَهل حَضْرَمَوْتَ: الحَضارِمَةُ، ويقال للعرب الذي يسكنون حَضْرَمَوْتَ من أهل اليمن: الحَضارِمَةُ؛ هكذا ينسبون كما يقولون المَهالِبَة والصَّقالِبَة. وفي حديث مُصْعَب بن عُمَيْرٍ: أنه كان يمشي في الحَضْرَمِيّ؛ هو النعل المنسوبة إلى حَضْرَمَوْتَ المتَّخَذَة بها.

حضض

الحَضُّ: ضرْبٌ من الحثّ في السير والسوق وكل شيء. والحَضُّ أَيضاً: أَن تَحُثَّه على شيءٍ لا سير فيه ولا سَوْقَ، حَضَّه يَحُضُّه حَضّاً وحَضَّضَه وهم يَتَحاضّون، والاسم الحُضّ والحِضِّيضَى كالحِثِّيثَى؛ ومنه الحديث: فأَين الحِضِّيضَى؟ والحُضِّيضَى أَيضاً، والكسر أَعلى، ولم يأْت على فُعِّيلَى، بالضم، غيرها. قال ابن دريد: الحَضُّ والحُضُّ لغتان كالضَّعْف والضعْف، قال: والصحيح ما بدأْنا به أَن الحَضّ المصدر والحُضّ الاسم. الأَزهري: الحَضُّ الحَثُّ على الخير.
ويقال: حَضَّضْت القوم على القتال تَحْضِيضاً إذا حَرَّضْتهم. وفي الحديث ذكر الحَضّ على الشيء جاء في غير موضع. وحَضَّضَه أَي حَرَّضه.
والمُحاضَّة: أَن يَحُثَّ كلُّ واحد منهما صاحبَه. والتحاضُّ: التحاثٌ، وقرئ: ولا تَحاضُّون على طعام المِسْكِين؛ قرأَها عاصم والأَعمش بالأَلف وفتح التاء، وقرأَ أَهل المدينة: ولا يَحُضُّون، وقرأَ الحسن: ولا تَحُضُّون، وقرأَ بعضهم: ولا تُحاضُّون، برفع التاء؛ قال الفراء: وكلٌّ صوابٌ، فمن قرأَ تُحاضُّون فمعناه تُحافِظون، ومن قرأَ تَحاضُّون فمعناه يَحُضُّ بعضُكم بعضاً، ومن قرأَ تَحُضُّون فمعناه تأْمرون بإِطعامه، وكذلك يحُضُّون.
ابن الفرج: يقال احْتَضَضْتُ نفسي لفلان وابْتَضَضْتُها إذا اسْتَزَدْتها. والحُضُضُ والحُضَضُ: دواءٌ يتخذ من أَبوال الإِبل، وفيه لغات أُخَر، روى أَبو عبيد عن اليزيدي: الحُضَضُ والحُضَظُ والحُظُظُ والحُظَظُ، قال شمر: ولم أَسمع الضاد مع الظاء إِلا في هذا، قال: وهو الحُدُلُ. قال ابن بري: قال ابن خالويه الحُظُظُ والحُظَظُ بالظاء، وزاد الخليل: الحُضَظُ بضاد بعدها ظاء، وقال أَبو عمر الزاهد: الحُضُذُ بالضاد والذال، وفي حديث طاووس: لا بَأْسَ بالحُضَضِ، روى ابن الأَثير فيه هذه الوجوهَ كلَّها ما خلا الضادَ والذالَ، وقال: هو دواء يُعْقَدُ من أَبوال الإِبل: وقيل: هو عَقّارٌ منه مكي ومنه هندي، قال: وهو عُصارة شجر معروف؛ وقال ابن دريد: الحُضُض والحُضَض صمغ من نحو الصَّنَوْبَرِ والمُرِّ وما أَشبههما له ثمرة كالفُلْفل وتسمى شجرته الحُضَض؛ ومنه حديث سُلَيم بن مُطَيْرٍ: إذا أَنا برجلٍ قد جاء كأَنه يطلب دواءً أَو خُضَضاً. والحُضُض: كُحْلُ الخُولانِ؛ قال ابن سيده: والحُضَضُ والحُضُضُ، بفتح الضاد الأُولى وضمِّها، داءٌ؛ وقيل: هو دواءٌ، وقيل: هو عُصارة الصَّبِرِ.
والحَضِيضُ: قَرارُ الأَرض عند سَفْح الجَبَل، وقيل: هو في أَسفله، والسَّفْحُ مِنْ وراءِ الحَضِيض، فالحَضِيض مما يلي السفح والسفح دون ذلك، والجمع أَحِضَّة وحُضُضٌ. وفي حديث عثمان: فتحرك الجبَلُ حتى تَساقَطت حِجارتُه بالحَضِيض. وقال الجوهري: الحَضيضُ القرار من الأَرض عند مُنْقَطَع الجبل؛ وأَنشد الأَزهري لبعضهم:

الشِّعْرُ صَعْبٌ وطَويلٌ سُلَّمُهْ،

إِذا ارْتَقى فيه الذي لا يَعْلَمُهْ،

زلَّتْ به إِلى الحَضِيضِ قَدَمُهْ،

يُرِيدُ أَن يُعْرِبَه فيُعْجِمُهْ،

والشِّعْرُ لا يَسْطِيعُه مَنْ يَظْلِمُهْ

وفي حديث يحيى بن يعمر: كَتَبَ عن يزيدَ بن المُهَلَّب إِلى الحجاج: إِنا لَقِينا العَدُوَّ ففَعَلْنا واضْطَرَرْناهم إِلى عُرْعُرَةِ الجَبَل ونحنُ بِحَضِيضه. وفي الحديث: أَنه أَهدى إِلى رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، هَدِيَّة فلم يَجِدْ شيئاً يضَعها عليه؛ فقال: ضَعْه بالحَضِيض فإِنما أَنا عبدٌ آكِلٌ كما يأْكل العبد، يعني بالأَرض. قال الأَصمعي: الحُضِّيُّ، بضم الحاء، الحجرُ الذي تجده بحَضِيض الجَبَل وهو منسوب كالسُّهْلِيّ والدُّهْرِيّ؛ وأَنشد لحميد الأَرقط يصف فرساً:

وَأْباً يَدُقُّ الحَجَرَ الحُضِّيَّا

وأَحمر حُضِّيٌّ: شديد الحمرة. والحُضْحُضُ: نبْتٌ.

حضظ

الحُضَظُ: لغة في الحُضَض، وهو دَواء يُتَّخذ من أَبوال الإِبل؛ قال ابن دريد: وذكروا أَن الخليل كان يقوله، قال: ولم يعرفه أَصحابنا. قال الجوهري: حكى أَبو عبيد عن اليزيدي الحُضَظ فجمع بين الضاد والظاء؛ وأَنشد شمر:

أَرْقَشَ ظَمْآنَ إذا عُصْرَ لَفَظْ،

 

أَمَرَّ مِن صَبْرٍ ومَقْرٍ وحُضَظْ

الأَزهري: قال شمر وليس في كلام العرب ضاد مع ظاء غير الحضظ.

حضل

حَضِلَت النخلةُ حَضَلاً: فَسَدَتْ أُصُولُ سَعَفِها، وصلاحُها أَن تُشْعَل النار في كَرَبَها حتى يحترق ما فسد من لِيفِها وسَعَفِها ثم تَجُود بعد ذلك. قال الأَزهري: يقال حَضِلَتْ وحَظِلَت، بالضاد والظاء، وافيفي أَعلم.

حضلج

التهذيب: من جملة أَبيات تقدّمت في ترجمة حدرج لهميان:

جِلَّتَها وعَجْمَها الحَضالِجا

قال: الحَدارِجُ والحَضالِجُ الصغار.

حضن

الحِضْنُ: ما دون الإِبْط إلى الكَشح، وقيل: هو الصدر والعَضُدان وما بينهما، والجمع أَحْضانٌ؛ ومنه الاحْتِضانُ، وهو احتمالُك الشيءَ وجعلُه في حِضْنِك كما تَحْتَضِنُ المرأَةُ ولدها فتحتمله في أَحد شِقَّيْها.
وفي الحديث: أَنه خرج مُحْتَضِناً أَحَدَ ابْنَي ابْنَتِه أَي حامِلاً له في حِضْنه. والحِضْنُ: الجَنْبُ، وهما حِضْنانِ. وفي حديث أُسيدِ بن حُضَير: أَنه قال لعامر بن الطُّفَيل اخْرُجْ بِذِمَّتِك لئلا أُنْفِذَ حِضْنَيْك. والمُحْتَضَنُ: الحِضْنُ؛ قال الأَعشى:

عَرِيضة بُوصٍ، إذا أَدْبَـرَتْ،

 

هَضِيم الحَشا، شَخْتة المُحْتَضَنْ

البُوصُ: العَجُزُ. وحِضْنُ الضبُع: وِجارُه؛ قال الكميت:

كما خَامَرَتْ في حِضْنِها أُمُّ عامِرٍ،

 

لَدَى الحَبْلِ، حتى غالَ أَوْسٌ عِيالَها.

قال ابن بري: حِضْنُها الموضعُ الذي تُصاد فيه، ولَدى الحَبْل أَي عند الحَبْل الذي تصادُ به، ويروى: لِذِي الحَبْلِ أَي لصاحب الحَبْل، ويروى عالَ، بعين غير معجمة، لأَنه يُحْكى أَن الضَّبُعَ إذا ماتَتْ أَطْعَمَ الذِّئْبُ جِراءَها، ومَنْ روى غالَ، بالغين المعجمة، فمعناه أَكَلَ جراءَها. وحَضَنَ الصبيَّ يَحْضُنُه حَضْناً وحِضانةً: جعله في حِضْنِه وحِضْنا المَفازه: شِقَّاها، والفلاة ناحيتاها؛ قال:

أَجَزْتُ حِضْنَيْها هِبَلاًّ وغْما.

وحِضْنا الليل: جانباه وحِضْنُ الجبل: ما يُطيف به، وحِضْنُه وحُضْنُه أَيضاً: أَصْلُه. الأَزهري: حِضْنا الجبل ناحيتاه. وحضْنا الرجل: جَنْباه.
وحِضْنا الشيء: جانباه. ونواحي كل شيء أَحْضانُه. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: عَلَيْكُم بالحِضْنَيْنِ؛ يريد بجَنْبَتَي العَسْكَر؛ وفي حديث سَطِيح:

كأَنَّما حَثْحَثَ مِنْ حِضْنَيْ ثَكَنْ.

وحَضَنَ الطائرُ أَيضاً بَيْضَه وعلى بيضِه يَحْضُنُ حَضْناً وحِضانةً وحِضاناً وحُضوناً: رَجَنَ عليه للتَّفْرِيخِ؛ قال الجوهري: حَضَنَ الطائرُ بَيْضَه إذا ضَمَّه إلى نفسه تحت جناحيه، وكذلك المرأَة إذا حَضَنَتْ ولدها. وحمامةٌ حاضِنٌ، بغير هاء، واسم المكان المِحْضَن. والمِحْضَنةُ: المعمولة للحمامة كالقَصْعة الرَّوْحاء من الطين. والحَضانةُ: مصدرُ الحاضِنِ والحاضنة. والمَحاضنُ: المواضعُ التي تَحْضُن فيها الحمامة على بيضها، والواحدُ مِحْضَن. وحضَنَ الصبيَّ يَحْضُنه حَضْناً: ربَّاه. والحاضِنُ والحاضِنةُ: المُوَكَّلانِ بالصبيِّ يَحْفَظانِهِ ويُرَبِّيانه. وفي حديث عروة بن الزبير: عَجِبْتُ لقومٍ طلَبُوا العلم حتى إذا نالوا منه صارُوا حُضّاناً لأَبْناء المُلوكِ أَي مُرَبِّينَ وكافِلينَ، وحُضّانٌ: جمعُ حاضِنٍ لأَن المُرَبِّي والكافِلَ يَضُمُّ الطِّفْلَ إلى حِضْنِه، وبه سميت الحاضنةُ، وهي التي تُرَبِّي الطفلَ.
والحَضانة، بالفتح: فِعلُها. ونخلةٌ حاضِنةٌ: خَرَجَتْ كَبائِسُها وفارَقتْ كَوافيرَها وقَصُرَت عَراجينُها؛ حكى ذلك أَبو حنيفة؛ وأَنشد لحبيب القشيري:

من كل بائنةٍ تُبِينُ عُذُوقَهـا

 

عنها، وحاضِنة لها مِيقار.

وقال كراع: الحاضِنةُ النخلةُ القصيرةُ العُذوقِ فهي بائِنة. الليث: احْتَجَنَ فلانٌ بأَمرٍ دوني واحْتَضَنَني منه وحَضَنَني أَي أَخْرَجَني منه في ناحية. وفي الحديث عن الأَنصارِ يوم السَّقيفة حيث أَرادوا أَن يكون لهم شركةٌ في الخلافة: فقالوا لأَبي بكر، رضي الله عنه، أَتُريدونَ أَن تَحْضُنونا من هذا الأَمرِ أَي تُخرِجونا. يقال: حَضَنْتُ الرجلَ عن هذا الأَمر حَضْناً وحَضانةً إذا نَحَّيْتَه عنه واسْتَبدَدْتَ به وانفردت به دونه كأَنه جعلَه في حِضْنٍ منه أَي جانبٍ. وحَضَنْتُه عن حاجته أَحْضُنه، بالضم، أَي حَبَسْتُه عنها، واحتَضَنته عن كذا مثله، والاسم الحَضْنُ. قال ابن سيده: وحَضَنَ الرجلَ عن الأَمرِ يَحْضُنُه حَضْناً وحَضانةً واحْتَضَنه خَزَلَه دونه ومنَعَه منه؛ ومنه حديث عمر أَيضاً يومَ أَتى سَقِيفةَ بني ساعدة للبَيْعة قال: فإذا إخواننا من الأَنصار يُريدون أَن يَخْتَزِلوا الأَمرَ دونَنا ويَحْضُنونا عنه؛ هكذا رواه ابن جَبَلَةَ وعَليُّ بن عبد العزيز عن أَبي عُبيد، بفتح الياء، وهذا خلاف ما رواه الليث، لأَن الليث جعل هذا الكلام للأَنصار، وجاء به أَبو عُبيد لعُمَر، وهو الصحيح وعليه الروايات التي دار الحديثُ عليها. الكسائي: حضَنْتُ فلاناً عما يُرِيد أَحْضُنُه حَضْناً وحَضانةً واحتَضَنْتُه إذا منَعْتَه عما يريد. قال الأَزهري: قال الليث يقال أَحْضَنَني مِنْ هذا الأَمر أَي أَخرَجني منه، والصواب حضَنَني. وفي حديث ابن مسعود حين أَوْصَى فقال: ولا تُحْضَنُ زَيْنَبُ عن ذلك، يعني امرأَتَه، أَي لا تُحْجَبُ عن النظرِ في وصِيَّتِه وإنْفاذِها، وقيل: معنى لا تُحْضَنُ لا تُحْجَبُ عنه ولا يُقطَعُ أَمرٌ دُونها. وفي الحديث: أَن امرأَة نُعَيْم أَتَتْ رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن نُعَيْماً يُريدُ أَن يَحْضُنَني أَمرَ ابنتي، فقال: لا تَحْضُنْها وشاوِرْها. وحَضَنَ عنّا هدِيَّتَه يَحْضُنها حَضْناً: كَفَّها وصَرَفها؛ وقال اللحياني: حقيقتُه صَرَفَ معروفَه وهدِيَّته عن جيرانِه ومعارِفه إلى غيرهم، وحكي: ما حُضِنَت عنه المروءةُ إلى غيره أَي ما صُرِفَت.
وأَحْضَنَ بالرَّجُلِ إحْضاناً وأَحضَنَه: أَزْرَى به. وأَحْضَنْتُ الرجلَ: أَبْذَيتُ به. والحِضانُ: أَن تَقْصُرَ إِحدى طُبْيَتَيِ العَنْزِ وتَطولَ الأُخرى جدّاً، فهي حَضُونٌ بَيِّنة الحِضان، بالكسر. والحَضُون من الإبلِ والغنم والنساء: الشَّطُورُ، وهي التي أَحدُ خِلْفَيها أَو ثَدْيَيها أَكبرُ من الآخر، وقد حَضُنَت حِضاناً. والحَضونُ من الإبلِ والمِعْزَى: التي قد ذهب أَحدُ طُبْيَيها، والاسمُ الحِضانُ؛ هذا قول أَبي عبيد، استعمل الطُّبْيَ مكان الخِلْف. والحِضانُ: أَن تكونَ إحدى الخُصْيَتَينِ أَعظَمَ من الأُخرى، ورجلٌ حَضونٌ إذا كان كذلك. والحَضون من الفروجِ: الذي أَحدُ شُفْرَيه أَعظم من الآخر. وأَخذَ فلانٌ حقَّه على حَضْنِه أَي قَسْراً. والأَعنُزُ الحضَنِيَّةُ: ضرْبٌ شديدُ السوادِ، وضربٌ شديدُ الحُمْرة.
قال الليث: كأَنها نُسِبَت إلى حَضَن، وهو جبَل بقُلَّةِ نجدٍ معروف؛ ومنه حديث عِمْرانَ بن حُصَينٍ: لأَنْ أَكونَ عبداً حَبَشِيّاً في أَعنُزٍ حضَنِيّاتٍ أَرْعاهُنَّ حتى يُدْرِكَني أَجَلي، أَحَبُّ إليَّ من أَن أَرميَ في أَحدِ الصَّفَّينِ بسهم، أَصبتُ أَم أَخطأْتُ. والحَضَنُ: العاجُ، في بعض اللغات. الأَزهري: الحضَنُ نابُ الفِيل؛ وينشد في ذلك:

تبَسَّمَت عن وَمِيضِ البَرْقِ كاشِـرةً،

 

وأَبرَزَتْ عن هِيجانِ اللَّوْنِ كالحَضَنِ.

ويقال للأَثافيِّ: سُفْعٌ حواضِنُ أَي جَواثِم؛ وقال النابغة:

وسُفْعٌ على ما بينَهُنَّ حَواضِن

يعني الأَثافيَّ والرَّمادَ. وحَضَنٌ: اسمُ جبل في أَعالي نجد. وفي المثل السائر: أَنْجَدَ منْ رأَى حَضَناً أَي مَن عايَنَ هذا الجَبَلَ فقد دَخل في ناحية نجدٍ. وحَضَنٌ: قبيلةٌ؛ أَنشد سيبويه:

فما جَمَّعْتَ مِنْ حَضَنٍ وعَمْروٍ،

 

وما حَضَنٌ وعَمروٌ والجِـيادا

وحَضَنٌ: اسم رجل؛ قال:

يا حَضَنُ بنَ حَضَنٍ ما تَبْغون

قال ابن بري: وحُضَينٌ هو الحُضَينُ بن المُنذِرِ أَحد بني عمرو بن شَيبان بن ذُهْلٍ؛ وقال أَبو اليقظان: هو حُضَيْنُ بن المنذر بن الحرث بن وَعلَة بن المُجالِدِ بن يَثْرَبيّ بن رَيّان بن الحرث بن مالك بن شَيبانَ بن ذُهل أَحد بني رَقَاشِ، وكان شاعراً؛ وهو القائل لابنه غَيّاظ:

وسُمِّيتَ غَيّاظاً، ولَسـتَ بـغـائِظٍ

 

عَدُوّاً، ولكِنَّ الصَّـدِيقَ تَـغـيظُ

عَدُوُّكَ مَسرورٌ، وذو الوُدِّ، بالـذي

 

يَرَى منكَ من غَيْظٍ، عليكَ كَظِيظُ.

وكانت معه رايةُ عليّ بن أَبي طالبٍ، رضوان الله تعالى عليه، يوم صِفِّينَ دفعها إليه وعُمْرُهُ تِسْعَ عَشْرَةَ سنة؛ وفيه يقول:

لِمَنْ رايَةٌ سَوْداءُ يَخْفِقُ ظِـلُّـهـا،

 

إذ قِيلَ: قَدِّمْها حُضَينُ، تَـقَـدَّمـا؟

ويُورِدُها للطَّعْنِ حـتـى يُزِيرَهـا

 

حِياضَ المَنايا، تَقطُر الموتَ والدَّما.