ذكر القاضي محمد بن سليمان الأنصاري المالقي

ومن القضاة، أبو عبد الله محمد بن سليمان بن خليفة بن عبد الواحد الأنصاري، ومن أهل مالقة، وجلة علمائها. ولي القضاء ببلده مدة طويلة؛ فسار فيه بأجمل سيرة من العدالة والنزاهة؛ وكان في مذهبه صلباً، ورعاً، زاهداً، متفنناً، أدبياً؛ وله على كتاب الموطأ شرح كبير حسن فقيد، روى على القاضي أبي الوليد الباجي، وابن عتاب، وابن شماخ وغيرهم. ذكره ابن عسكر في كتابه؛ ثم قال: ومن شعره:  

كان الزمان وكان الناس أشبهـه

 

فاليوم فوضى فلا دهر ولا ناس

أسافل قد علت لم تعل من كـرم

 

ومشرقات الأعالي منه أنكـاس

ومعنى هذين البيتين ينظر إلى قول لبيد بن ربيعة في بيتيه أيضاً:  

ذهب الذين يعاش في أكنافهـم

 

وبقيت في خلف كجلد الأجرب

يتـأكـلـون مـذمة وخـيانة

 

ويعاب قاتلهم وإن لم يشغـب

وكان قعود القاضي أبي عبد الله المذكور، لتنفيذ الأحكام، بالمسجد المذكور له من داخل مالقة، بإزاء قبر كان قد حفره بالزيادة هنالك، وأعده لنفسه؛ وفيه دفن. وذلك صدر جمادى الأولى من سنة 500 رحمه الله وأرضاه! وذكره خلف بن عبد الملك ابن بشكوال في صلته؛ وأثنى عليه هو وغيره.