ذكر القاضي حمدين بن حمدين

ومنهم حمدين بن محمد بن حمدين التغلبي. قال عنه صاحب الذيل: ولى القضاء ببلده، بعد أبي عبد الله بن الحاج الشهيد، في شعبان سنة 529. وكان مقتل ابن الحاج في الركعة الأولى من صلاة الجمعة. ثم صرف ابن حمدين بأبي القاسم بن رشد سنة 532. واستعفى ابن رشد، فأعفى، وأعيد هو ثانية. ثم صرفت إليه الرياسة، عند اختلال أمر المرابطين، وقيام ابن قسي عليهم بغرب الأندلس، وهو على قضاء قرطبة. ودعى له بالإمارة، يوم الخميس الخامس من رمضان سنة 539، وتسمى بأمير المسلمين المنصور بالله. ويقال إن ولايته كانت أربعة عشر شهراً. وتعاورته المحن. فخرج إلى العدوة الغريبة، في قصص طويلة. وأقام هنالك وقتاً. ثم رحل إلى الأندلس؛ فاستقر منها بمالقة. ومن أسباب انحياشه إليها، المواصلة القديمة التي كانت بين سلفه، وبين بني الحسن من أهلها؛ فأقام بها إلى أن توفي عفا الله عنا وعنه! وذكره ابن الزبير، في باب أحمد من حرف الألف، وقال فيه ما حاصله: روى عن سلفه، وأهل بلده؛ وولي قضاء الجماعة. وكان ذا رواية، ودراية، وعناية بالعلم. وبويع له. فما استقامت له حال، ولا رضى منه ذلك الانتحال، إلى أن استقر بمالقة تحت إيالة غيره؛ فتوفي بها سنة 547. وبعد وفاته أخرج من قبره، وصلب في اثنى عشر رجلاً من أصحابه.


وسماه أبو عبد الله بن عسكر في تأريخه، وذكر نبذاً من أخباره، وأنه كان يحدث في صغره، بما يؤول إليه أمره في كبره. ووصف كيفية إخراجه من قبره، وصلبه بمالقة، إثر الاستيلاء على رئيسها أبي الحكم بن حسون وقتله، وإنه لم يكن له عقب، وبقي عقب أخيه. قال المؤلف أبقى الله بركته! وعند الفتنة الأشقيلولية، انتقل من بقى من بني حمدين من مالقة، فاستقروا بمدينة سلا من العدوة الغربية حاطها الله تعالى! وأعقابهم بها حتى الآن، تحت عناية ورعاية. فسبحان مدبر الأمور، ومداول الأيام والشهور!