باب الحاء والفاء، القاف، الكاف

حفأ

الحَفَأُ: البَرْدِيُّ. وقيل: هو البَرْدِيُّ الأَخْضَرُ ما دام في مَنْبِته، وقيل ما كان في منبته كثيراً دائماً، وقيل: هو أَصله الأَبيض الرَّطْب الذي يؤكل. قال:

أَوْ ناشِئ البَرْدِيِّ تَحْتَ الحَفا وقال:

 

كذَوائِبِ الحَفإِ الرّطِيبِ، غَطا بهِ

 

غَيْلٌ، ومَدَّ، بجانِبَيْه، الطُّـحْـلُـبُ

غَطا بهِ: ارْتَفَعَ، والغَيْلُ: الماء الجاري على وجهِ الأَرضِ؛ وقوله ومَدَّ بجانِبَيْه الطُحْلُبُ، قيل: ان الطحلب هُنا ارْتَفَع بفعله؛ وقيل معناه مَدَّ الغَيْلُ ثم استأْنف جملة أُخرى يُخبر أَنَّ الطحلب بجانبيه كما تقول قامَ زيد أُبُوه يَضْربه؛ ومَدَّ: امْتَدَّ؛ الواحدة منه حَفَأَةٌ. واحْتَفأَ الحَفَأَ: اقْتَلَعَه من مَنْبِته. وحَفَأَ به الأَرضَ: ضرَبها به، والجيم لغة.

حفا

الحَفا: رِقَّة القَدم والخُفِّ والحافر، حَفِيَ حَفاً فهو حافٍ وحَفٍ، والاسم الحِفْوة والحُفْوة. وقال بعضهم: حافٍ بيِّنُ الحُفْوة والحِفْوة والحِفْية والحِفَاية، وهو الذي لا شيء في رِجْله من خُفٍّ ولا نَعْل، فأَما الذي رقَّت قَدماه من كثرة المَشْي فإنه حافٍ بيّن الحَفَا. والحَفَا: المَشْيُ بغير خُفٍّ ولا نَعْلٍ. الجوهري: قال الكسائي رجل حافٍ بيّنُ الحُفْوة والحِفْية والحِفاية والحفاءِ، بالمد؛ قال ابن بري: صوابه والحَفَاء، بفتح الحاء، قال: كذلك ذكره ابن السكيت وغيره، وقد حَفِيَ يَحْفَى وأَحفاه غيره. والحِفْوة والحَفا: مصدر الحَافي. يقال: حَفِيَ يَحْفَى حَفاً إذا كان بغير خفّ ولا نَعْل، وإذا انْسَحَجَتِ القدم أَو فِرْسِنُ البعير أَو الحافرُ من المَشْيِ حتى رَقَّت قيل حَفِيَ يَحْفَى حَفاً، فهو حَفٍ؛ وأَنشد:

وهو منَ الأَيْنِ حَفٍ نَحِيتُ

وحَفِيَ من نَعْليه وخُفِّه حِفْوة وحِفْية وحَفاوة، ومَشَى حتى حَفِيَ حَفاً شديداً وأَحْفاه الله، وتَوَجَّى من الحَفَا وَوَجِيَ وَجىً شديداً. والاحْتِفاء: أَن تَمْشِيَ حافياً فلا يُصيبَك الحَفَا. وفي حديث الانتعال: ليُحْفِهِما جميعاً أَو لِيَنْعَلْهما جميعاً؛ قال ابن الأَثير: أَي ليمشِ حافيَ الرِّجلين أَو مُنْتَعِلَهما لأَنه قد يشق عليه المشي بنعل واحدة، فإنَّ وضْعَ إحْدى القدمين حافية إنما يكون مع التَّوَقِّي من أَذىً يُصيبها، ويكون وضع القدم المُنْتَعِلة على خلاف ذلك فيختلف حينئذ مشيه الذي اعتاده فلا يأْمَنُ العِثارَ، وقد يتَصَوَّر فاعلُه عند الناس بصورة مَنْ إحْدى رجليه أَقصرُ من الأُخرى. الجوهري: أَما الذي حَفِيَ من كثرة المشي أَي رَقَّت قدَمُه أَو حافِره فإنه حَفٍ بَيِّنُ الحَفَا، مقصور، والذي يمشي بلا خُفٍّ ولا نَعْل: حافٍ بيّن الحَفَاءِ، بالمد. الزجاج: الحَفَا، مقصور، أَن يكثر عليه المشي حتى يُؤلِمَه المَشْيُ، قال:والحَفاءُ، ممدود، أَن يمشي الرجل بغير نَعْل، حافٍ بَيِّن الحفاء، ممدود، وحَفٍ بيّن الحَفَا، مقصور، إذا رَقَّ حافره. وأَحْفَى الرجلُ: حَفِيت دابته.وحَفِيَ بالرجُل حَفَاوة وحِفاوة وحِفاية وتَحَفَّى به واحْتَفَى:بالَغَ في إكْرامه. وتَحَفَّى إليه في الوَصِيَّة: بالغَ. الأَصمعي: حَفِيتُ إليه في الوصية وتَحَفَّيْت به تَحَفِّياً، وهو المبالغة في إكْرامه.وحَفِيت إليه بالوصية أَي بالغت. وحَفِيَ اللهُ بك: في معنى أَكرمك الله.
وأَنا به حَفِيٌّ أَي بَرٌّ مبالغ في الكرامة. والتَّحَفِّي: الكلامُ واللِّقاءُ الحَسَن. وقال الزجاج في قوله تعالى: إنَّه كان بِي حَفِيّاً؛ معناه لطيفاً. ويقال: قد حَفِيَ فلان بفلان حِفْوة إذا بَرَّه وأَلْطَفه. وقال الليث: الحَفِيُّ هو اللطيف بك يَبَرُّكَ ويُلْطِفك ويَحْتَفِي بك. وقال الأَصمعي: حَفِيَ فلان بفلان يَحْفَى به حَفاوة إذا قام في حاجته وأَحْسَن مَثْواه. وحَفا الله به حَفْواً: أَكرمه. وحَفَا شارِبَه حَفْواً وأَحْفاه: بالَغَ في أَخْذه وألْزَقَ حَزَّه. وفي الحديث: أَنه، عليه الصلاة والسلام، أَمر أَن تُحْفَى الشواربُ وتُعْفَى اللِّحَى أَي يُبالَغ في قَصِّها. وفي التهذيب: أَنه أَمر بإحْفاءِ الشوارب وإعْفاء اللِّحَى.الأَصمعي: أَحْفَى شارِبَه ورأْسَه إذا أَلزق حَزَّه، قال: ويقال في قولِ فلانٍ إحْفاءٌ، وذلك إذا أَلْزَق بِك ما تكره وأَلَحَّ في مَسَاءَتِك كما يُحْفَى الشيءُ أَي يُنْتَقَص. وفي الحديث: إن الله يقول لآدم، عليه السلام:أَخْرِجْ نَصِيبَ جَهَنَّمَ منْ ذُرِّيَّتِكَ، فيقولُ: يَا رَبّ كَمْ؟ فيقول: مِن كلِّ مائة تسْعَةً وتسعينَ، فقالوا: يا رسول الله احْتُفِينا إذا فَماذا يَبْقى؟ أي اسْتُؤْصِلْنَا، من إحْفَاءِ الشعر. وكلُّ شيءٍ اسْتُؤْصِلَ فَقَد احْتُفِيَ. ومنه حديث الفتح: أَنْ يَحْصُدُوهم حَصْداً، وأَحْفَى بيَدِه أَي أَمالَها وصْفاً للحَصْدِ والمُبالَغة في القَتْل.وحَفاهُ من كل خَيْر يَحْفُوه حَفْواً: مَنَعَه. وحَفَاه حَفْواً: أَعطاه.وأَحْفاه: أَلَحَّ عليه في المَسْأَلة. وأَحْفَى السُّؤالَ: رَدَّده. الليث: أَحْفَى فلان فلاناً إذا بَرَّح به في الإلْحاف عليه أَو سَأَلَه فأَكْثَر عليه في الطلب. الأَزهري: الإحْفاء في المسأَلة مثلُ الإلْحاف سَواءً وهو الإلْحاحُ. ابن الأَعرابي: الحَفْوُ المَنْعُ، يقال: أَتاني فحَفَوْته أَي حَرَمْتُه، ويقال: حَفَا فلان فلاناً من كلّ خير يَحْفُوه إذا مَنَعه من كلّ خير. وعَطَس رجلٌ عند النبي، صلى الله عليه وسلم، فَوْقَ ثلاثٍ فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم: حَفَوْتَ، يقول مَنَعْتَنا أن نُشمِّتَكَ بعدَ الثلاثِ لأَنَّه إنما يُشَمِّتُ في الأُولى والثَّانية، ومن رواه حَقَوْتَ فمعناه سَدَدْت علينا الأَمْرَ حتى قَطَعْتَنا، مأْخوذٌ من الحَقْوِ لأَنه يقطع البطنَ ويَشُدُّ الظهر. وفي حديث خَلِيفَةَ:كتبتُ إلى ابن عباس أَن يَكْتُب إليَّ ويُحْفِيَ عَنِّي أَي يُمْسِكَ عَنِّي بعضَ ما عنده مِمَّا لا أَحْتَمِلُه، وإن حمل الإحفاء بمعنى المبالغة فيكون عَنِّي بمعنى عليَّ، وقيل: هو بمعنى المبالغة في البِرِّ بِهِ والنصيحةِ له، وروي بالخاء المعجمة.
وفي الحديث: أَن رجلاً سلَّم على بعض السلف فقال وعليكم السلامُ ورحمةُ الله وبَرَكاتُه الزَّاكِيات، فقال: أَراك قد حَفَوْتَنا ثَوابَها أَي مَنَعتَنا ثواب السلام حيث استَوْفَيت علينا في الردِّ، وقيل: أَراد تَقَصَّيْتَ ثوابَها واستوفيته علينا.
وحَافَى الرجلَ مُحافاةً: مارَاه ونازَعه في الكلام. وحَفِيَ به حِفَايةً، فهو حَافٍ وحَفِيٌّ، وتَحَفَّى واحْتَفَى: لَطَفَ بِهِ وأَظهر السرورَ والفَرَحَ به وأَكثر السؤال عن حاله. وفي الحديث: أَنَّ عجوزاً دخلَت عليه فسَأَلها فأَحْفَى وقال: إنَّها كانت تَأْتِينا في زَمَن خَدِيجَة وإنَّ كَرَم العَهْدِ من الإيمان. يقال: أَحْفَى فلان بصاحبه وحَفِيَ به وتَحَفَّى به أَي بالَغَ في بِرِّهِ والسؤال عن حاله. وفي حديث عمر:فَأَنْزَلَ أُوَيْساً القَرَنيَّ فَاحْتَفَاهُ وأَكْرَمَه. وحديث علي: إنَّ الأَشْعَثَ سَلَّم عليه فَرَدَّ عليه بغَيْر تَحَفٍّ أَي غيرَ مُبالِغٍ في الردّ والسُّؤَالِ. والحَفاوة، بالفتح: المُبالَغةُ في السؤَال عن الرجل والعنايةُ في أَمرهِ. وفي المثل: مَأْرُبَةٌ لا حَفاوةٌ؛ تقول منه: حَفِيت، بالكسر، حَفاوةً. وتَحَفَّيْت به أَي بالَغْت في إكْرامِه وإلْطافِه وحفِيَ الفرسُ: انْسَحَجَ حافِرهُ. والإحْفاء: الاسْتِقْصاء في الكلام والمُنازَعَةُ؛ ومنه قول الحرث بن حِلِّزة:

إن إخْوانَنَا الأَراقِمَ يَعْلُـو

 

نَ عَلَيْنا، فِي قيلِهِم إخْفاءُ

أَي يَقَعون فينا. وحافَى الرجلَ: نازَعَه في الكلام وماراه. الفراء في قوله عز وجل: إن يَسْأَلْكُمُوها فيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا؛ أَي يُجْهِدْكُم. وأَحْفَيْتُ الرجلَ إذا أَجْهَدْتَه. وأَحْفاه: بَرَّحَ به في الإلحاحِ عليه، أَو سأَله فأَكْثَر عليه في الطلب، وأَحْفى السؤالَ كذلك. وفي حديث أَنس: أَنهم سأَلوا النبي، صلى الله عليه وسلم، حتى أَحْفَوْه أَي اسْتَقْصَوْا في السؤالِ. وفي حديث السِّواكِ: لَزِمْتُ السِّواكَ حتى كدت أُحْفِي فَمِي أَي أَسْتَقْصِي على أَسناني فأُذْهِبُها بالتَّسَوُّكِ.
وقوله تعالى: يسأَلونك كأَنك حَفِيٌّ عنها؛ قال الزجاج: يسأَلونك عن أَمر القيمة كأَنك فرحٌ بسؤالهم، وقيل: معناه كأَنك أَكثرت المسأَلة عنها، وقال الفراء: فيه تقديم وتأْخير، معناه يسأَلونك عنها كأَنك حفِيٌّ بها؛ قال:ويقال في التفسير كأَنك حَفِيٌّ عنها كأَنك عالم بها، معناه حافٍ عالمٍ.
ويقال: تحافَيْنا إلى السلطان فَرَفَعَنَا إلى القاضي، والقاضي يسمى الحافيَ. ويقال: تَحَفَّيْتُ بفلان في المسأَلة إذا سأَلت به سؤالاً أَظهرت فيه المحَبَّةَ والبِرَّ، قال: وقيل كأَنك حفِيٌّ عنها كأَنك أَكثرت المسأَلة عنها، وقيل: كأَنك حَفِيٌّ عنها كأَنك مَعْنِيٌّ بها، ويقال: المعنى يسأَلونك كأَنك سائل عنها. وقوله: إنه كان بي حَفِيّاً؛ معناه كان بي مَعْنِيّاً؛ وقال الفراء: معناه كان بي عالماً لطيفاً يجيب دعوتي إذا دعوته. ويقال: تحَفَّى فلان بفلان معناه أَنه أَظهر العِناية في سؤَاله إياه.
يقال: فلان بي حَفِيٌّ إذا كان مَعْنِيّاً؛ وأَنشد للأَعشى:

فإن تَسْأَلي عنِّي، فـيا رُبَّ سـائِلٍ

 

حَفِيٍّ عن الأَعْشى به حيث أَصعَدا

معناه: مَعْنِيٌّ بالأَعْشى وبالسؤَال عنه. ابن الأَعرابي: يقال لقيت فلاناً فَحفِيَ بي حَفاوة وتَحَفَّى بي تَحَفِّياً.الجوهري: الحَفِيُّ العالم الذي يَتَعَلَّم الشيءَ باسْتِقْصاء.
والحَفِيُّ: المُسْتَقْصي في السؤال.واحْتَفى البَقْلَ: اقْتَلعَه من وجه الأرض. وقال أَبو حنيفة: الاحْتِفاء أَخذُ البقلِ بالأَظافير من الأَرض. وفي حديث المضْطَرّّ الذي سأَل النبيَّ، صلى الله عليه وسلم: مَتى تَحِلُّ لنا المَيْتَةُ؟ فقال: ما لم تَصْطَبِحُوا أَو تَغْتَبِقُوا أو تَحْتَفِيُوا بها بَقْلاً فشَأْنَكُم بها؛ قال أَبو عبيد: هو من الحَفا، مهموز مقصور، وهو أَصل البَرْدي الأَبيض الرَّطبِ منه، وهو يُؤْكَل، فتأَوَّله في قوله تَحْتَفِيُوا، يقول: ما لم تَقْتَلِعُوا هذا بعَيْنه فتأْكلوه، وقيل: أَي إذا لم تجدوا في الأَرض من البقل شيئاً، ولو بأَن تَحْتَفُوه فتَنْتِفُوه لِصغَرِه؛ قال ابن سيده: وإنما قَضَينا على أَنّ اللام في هذه الكلمات ياء لا واو لما قيل من أَن اللام ياء أَكثر منها واواً. الأَزهري: وقال أَبو سعيد في قوله أَو تَحْتَفِيُوا بَقْلاً فشَأْنَكُم بها؛ صوابه تَحْتَفُوا، بتخفيف الفاء من غير همز. وكلُّ شيء اسْتُؤْصل فقد احْتُفِيَ، ومنه إحْفاءً الشَّعَرِ. قال: واحْتَفى البَقْلَ إذا أَخَذَه من وجه الأَرض بأَطراف أَصابعه من قصره وقِلَّته؛ قال: ومن قال تَحْتَفِئُوا بالهمز من الحَفإ البَرْدِيّ فهو باطل لأَن البَرْدِيَّ ليس من البقل، والبُقُول ما نبت من العُشْب على وجه الأَرض مما لا عِرْق له، قال: ولا بَرْدِيَّ في بلاد العرب، ويروى: ما لم تَجْتَفِئُوا، بالجيم، قال: والاجْتِفاء أَيضاً بالجيم باطل في هذا الحديث لأَن الاجْتِفاء كبُّكَ الآنِيَةَ إذا جَفَأْتَها، ويروى: ما لم تَحْتَفُّوا، بتشديد الفاء، من احْتَفَفْت الشيء إذا أَخذتَه كلّه كما تَحُفُّ المرأَة وجهها من الشعر، ويروى بالخاء المعجمة، وقال خالد ابن كلثوم:احْتَفى القومُ المَرْعى إذا رَعَوْهُ فلم يتركوا منه شيئاً؛ وقال في قول الكميت:

وشُبِّه بالْحِفْوة المُنْقَلُ

قال: المُنْقَلُ أَن يَنْتَقِلَ القومُ من مَرْعىً احْتَفَوْه إلى مَرْعىً آخر. الأَزهري: وتكون الِحَفْوَة من الحافي الذي لا نَعْلَ له ولا خُفَّ؛ ومنه قوله:

وشُبِّه بالِحفْوة المُنْقَلُ

وفي حديث السِّباق ذكر الحَفْياء، بالمد والقصر؛ قال ابن الأَثير: هو موضع بالمدينة على أَميال، وبعضهم يقدم الياء على الفاء، والله أَعلم.

حفأل

ابن سيده: حُفَائل موضع، وقد ذكر في حفل لأَن همزته تحتمل أَن تكون زائدة وأَصلاً، فمثال ما هي فيه زائدة حُطائط وجُرَائض، ومثال ما هي فيه أَصل عتائل وبُرَائل، قال: وهذا كله قول سيبويه، وقد تقدم ذكره في حفل.

حفت

الحَفْتُ: الاهْلاكُ.
حَفَته اللَّهُ حَفْتاً: أَهْلَكَه، ودَقَّ عُنُقَه؛ قال الأَزهري: لم أَسمع حَفَتَه بمعنى دَقَّ عُنُقَه لغير الليث؛ قال: والذي سمعناه حَفَتَه ولَفَتَهُ إذا لَوَى عُنُقَه وكسره؛ فإِن جاء عن العرب حَفَتَه بمعنى عَفَتَه، فهو صحيح، ويُشْبِه أَن يكون صحيحاً لِتَعاقُبِ الحاء والعين في حروف كثيرة. ونقل عن الأَصمعي: إذا كان مع قِصَرِ الرِّجْل سِمَنٌ، قيل: رَجلٌ حَفَيْتَأٌ، مهموز مقصور، ومثله حَفَيسَأٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

لا تَجْعَلِيني وعُقَـيلاً عِـدْلَـيْن،

 

حَفَيسَأَ الشَّخْصِ، قَّصِيرَ الرِّجْلَين

الجوهري: الحَفْتُ الدَّقّ، والحَفِتُ: لغة في الفَحِثِ. ورجل حَفَيْتَأٌ، مهموز غير ممدود، وحَفَيْتَى: قصير لئيم الخِلْقة، وقيل: ضَخْم.

حفتن

حَفَيْتَنٌ: اسم موضع؛ قال كُثيِّر عَزَّةَ:

فقد فُتْنَني لمَّا وَرَدْنَ حَفَيْتَنـاً،

 

وهُنَّ على ماءِ الحُراضَةِ أَبْعَدُ

حفث

الحَفِثَة والحِفْثُ والحَفِثُ: ذاتُ الطرائق من الكَرش؛ زاد الأَزهري: كأَنها أَطْباقُ الفَرْثِ؛ وأَنشد الليث:

لا تُكْرِبَنَّ بعدها خُرْسِـيَّا،

إِنَّا وجَدْنا لحمـهـا رَدِيّا:

الكِرْشَ، والخِفْثَةَ، والمَرِيَّا

 وقيل: هي هَنةٌ ذاتُ أَطْباقٍ، أَسْفَلَ الكَرِشِ إِلى جَنْبها، لا يَخْرُجُ منها الفَرْثُ أَبداً، يكون للإِبل والشاء والبقر؛ وخَصَّ ابنُ الأَعرابي به الشاء وَحْدَها، دون سائر هذه الأَنواع، والجمعُ أَحْفاثٌ: الجوهري: الحَفِثُ، بكسر الفاء، الكَرِشُ، وهي القِبَةُ؛ وفي التهذيب: الحَفِثُ والفَحِثُ الذي يكون مع الكرش، وهو يُشْبهها؛ وقال أَبو عمرو: الفَحِثُ ذات الطرائق، والقِبَة الأُخرَى إِلى جَنْبه وليس فيها طَرائق؛ قال: وفيها لغات: حَفِثٌ، وحَثِفٌ، وحِفْثٌ، وحِثْفٌ؛ وقيل: فِثْحٌ وثِحْف، ويُجْمَعُ الأَحْثافَ، والأَفْثاحَ، والأَثْحافَ، كلٌّ قد قيل. والحَفِثُ: حَيَّة عظيمة كالحِرابِ.
والحُفَّاثُ: حَيَّة كأَعْظَم ما يكون من الحَيَّات، أَرْقَشُ أَبْرَشُ، يأْكل الحشيشَ، يَتَهَدَّدُ ولا يَضُرُّ أَحداً؛ الجوهري: الحُفَّاثُ حَيَّة تَنفُخُ ولا تُؤْذِي؛ قال جَرِير:

أَيُفايِشُونَ، وقد رَأَوْا حُفَّـاثَـهـم

 

قد عَضَّه، فقَضَى عليه الأَشْجَعُ؟

الأَزهري، شَمِرٌ: الحُفَّاثُ حَيَّة ضَّخْمٌ، عظيمُ الرأْس، أَرْقَشُ أَخْمَرُ أَكْدَرُ، يُشْبهُ الأَسْودَ وليس به، إذا حَرَّبْتَه انْتَفَخَ وَريدُه؛ قال: وقال ابن شميل هو أَكْبَرُ من الأَرْقَم، ورَقَشُه مثلُ رَقَش الأَرْقَم، لا يَضُرُّ أَحداً، وجمعُه حَفافِيثُ؛ وقال جرير:

إِنَّ الحَفافِيثَ عِندي، يا بني لَجَـإٍ،

 

يُطْرِقْنَ، حينَ يَصُولُ الحَيَّةُ الذَّكَرُ

ويقال للغَضْبان إذا انْتَفَخَتْ أَوْداجُه: قد احْرَنفشَ حُفَّاثُه، على المثل.
وفي النوادر: افْتَحَثْتُ ما عند فلان، وابْتَحَثْتُ، بمعنى واحد.

حفج

الحَفَنْجى: الرِّخْوُ الذي لا غَناءَ عنده.

حفد

حَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً وحَفَداناً واحتفد: خفَّ في العمل وأَسرع.
وحَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً: خَدَم. الأَزهري: الحَفْدُ في الخدمة والعمل الخفة؛ وأَنشد:

حَفَدَ الولائدُ حولهن، وأَسلمتْ

 

بأَكُفِّهِـنَّ أَزمَّةَ الأَجْـمـالِ

وروي عن عمر أَنه قرأَ في قنوت الفجر: وإِليك نسعى ونَحْفِدُ أَي نسرع في العمل والخدمة. قال أَبو عبيد: أَصل الحَفْد الخدمة والعمل؛ وقيل: معنى وإِليك نسعى ونحفد نعمل لله بطاعته. الليث: الاحتفاد السرعة في كل شيء؛ قال الأَعشى يصف السيف:

ومُحْتَفِدُ الوقعِ ذو هَبَّةٍ،

 

أَجاد جِلاه يَدُ الصَّيْقَل

قال الأَزهري: رواه غيره ومحتفل الوقع، باللام، قال: وهو الصواب. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، وذكر له عثمان للخلافة قال: أَخشى حفْدَه أَي إِسراعه في مرضاة أَقاربه. والحَفْدُ: السرعة. يقال: حَفَدَ البعيرُ والظليم حَفْداً وحَفَداناً، وهو تدارك السير، وبعير حَفَّادٌ. قال أَبو عبيد: وفي الحفد لغة أُخرى أَحْفَدَ إِحْفاداً. وأَحفدته: حملته على الحَفْدِ والإِسراع؛ قال الراعي:

مَزايدُ خَرْقاءِ اليَدَينِ مُسِيفَةٍ،

 

أَخَبَّ بهن المُخْلِفانِ وأَحْفَدا

أَي أَحفدا بعيريهما. وقال بعضهم: أَي أَسرعا، وجعل حَفَدَ وأَحفد بمعنى. وفي التهذيب: أَحفدا خدما، قال: وقد يكون أَحفدا غيرهما.
والحَفَدُ والحَفَدَة: الأَعوان والخدَمة، واحدهم حافد. وحفَدة الرجل: بناته، وقيل: أَولاد أَولاده، وقيل: الأَصهار.
والحفيد: ولد الولد، والجمع حُفَداءُ. وروي عن مجاهد في قوله بنين وحفدة أَنهم الخدم، وروي عن عبد الله أَنهم الأَصهار، وقال الفرّاء: الحَفَدة الأَختان ويقال الأَعوان، ولو قيل الحَفَدُ كان صواباً، لأَن الواحد حافد مثل القاعد والقَعَد. وقال الحسن: البنون بنوك وبنو بينك، وأَما الحفدة فما حفدك من شيء وعمل لك وأَعانك. وروى أَبو حمزة عن ابن عباس، رضي الله عنهما، في قوله تعالى: بنين وحفدة، قال: من أَعانك فقد حفدك؛ أَما سمعت قوله:

حَفَدَ الولائدُ حولهنَّ وأَسلمت

وقال الضحاك: الحفدة بنو المرأَة من زوجها الأَوَّل. وقال عكرمة: الحفدة من خدمك من ولدك وولد ولدك. وقال الليث: الحفدة ولد الولد. وقيل: الحفدة البنات وهنَّ خدم الأَبوين في البيت. وقال ابن عرفة: الحفَدُ عند العرب الأَعوان، فكل من عمل عملاً أَطاع فيه وسارع فهو حافد؛ قال: ومنه قوله وإِليك نسعى ونحفد. قال: والحَفَدانُ السرعة. وروى عاصم عن زرّ قال: قال عبدالله: يا زرّ هل تدري ما الحفدة؟ قال: نعم، حُفَّادُ الرجل من ولده وولد ولده، قال: لا ولكنهم الأَصهار؛ قال عاصم: وزعم الكلبي أَن زرّاً قد أَصاب؛ قال سفيان: قالوا وكذب الكلبي. وقال ابن شميل: قال الحفدة الأَعوان فهو أَتبع لكلام العرب ممن قال الأَصهار؛ قال:

فلو أَن نفسي طاوعتني، لأَصبحت

 

لها حَفَدٌ مـمـا يُعَـدُّ كـثـير

أَي خَدَم حافد وحَفَدٌ وحَفَدَةٌ جميعاً.
ورجل محفود أَي مخدوم. وفي حديث أُم معبد: محفود محشود؛ المحفود: الذي يخدمه أَصحابه ويعظمونه ويسرعون في طاعته. يقال: حَفَدْتُ وأَحْفَدْتُ وأَنا حافد ومحفود. وحَفَدٌ وحَفَدة جمع حافد. ومنه حديث أُمية: بالنعم محفود. وقال: الحَفْدُ والحَفدان والإِحفاد في المشي دون الخَبَبِ؛ وقيل: الحَفَدان فوق المشي كالخبب، وقيل: هو إِبطاء الرَّكَكِ، والفعل كالفعل.
والمَحْفِدُ والمِحْفَدُ: شيء تعلف فيه الإِبل كالمِكْتَلِ؛ قال الأَعشى يصف ناقته:

بناها الغَوادي الرضِيخُ مع الخَلا،

 

وسَقْي وإِطعامي الشعيرَ بِمَحْفِدِ

الغوادي: النَّوَى. والرضيخ: المرضوخ وهو النوى يبل بالماء ثم يرضخ، وقيل: هو مكيال يكال به، وقد روي بيت الأَعشى بالوجهين معاً:

بناها السواديّ الرضيخُ مع النوى،

 

وقَتٍّ وإِعطاء الشعيرِ بِمِحْـفَـدِ

ويروى بِمَحْفِد، فمن كسر الميم عده مما يعتمل به، ومن فتحها فعلى توهم المكان أَو الزمان. ابن الأَعرابي: أَبو قيس مكيال واسمه المِحْفَدُ وهو القَنْقَلُ.
ومَحافِدُ الثوب: وشْيُهُ، واحدها مَحْفِدٌ. ابن الأَعرابي: الحَفَدَةُ صُناع الوشي والحفد الوَشْيُ. ابن شميل: يقال لطرف الثوب مِحفد، بكسر الميم، والمَحْفِد: الأَصل عامّة؛ عن ابن الأَعرابي، وهو المَحْتِدُ والمَحفِد والمَحْكِد والمَحْقِدُ: الأَصل.
ومَحْفِدُ الرجل: مَحْتِدُه وأَصله. والمحفد: السنام.
وفي المحكم: أَصل السنام؛ عن يعقوب؛ وأَنشد لزهير:

جُمالِيَّة لم يُبْقِ سيري ورِحْلَتيعلى ظهرها، من نَيَّها، غيرَ مَحْفِد وسيف مُحتفِدٌ: سريع القطع.

حفر

حَفَرَ الشيءَ يَحْفِرُه حَفْراً واحْتَفَرَهُ: نَقَّاهُ كما تُحْفَرُ الأَرض بالحديدة، واسم المُحْتَفَرِ الحُفْرَةُ. واسْتَحْفَرَ النَّهْرُ: حانَ له أَن يُحْفَرَ. والحَفُيرَةُ والحَفَرُ والحَفِيرُ: البئر المُوَسَّعَةُ فوق قدرها، والحَفَرُ، بالتحريك: التراب المُخْرَجُ من الشيء المَحْفُور، وهو مثل الهَدَمِ، ويقال: هو المكان الذي حُفِرَ؛ وقال الشاعر:

قالوا: انْتَهَيْنا، وهذا الخَنْدَقُ الحَفَرُ

والجمع من كل ذلك أَحْفارٌ، وأَحافِيرُ جمع الجمع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

جُوبَ لها من جَبلٍ هِرْشَمِّ،

 

مُسْقَى الأَحافِيرِ ثَبِيتِ الأُمِّ

وقد تكون الأَحافير جمعَ حَفِيرٍ كقَطِيعٍ وأَقاطيعَ. وفي الأَحاديث:ذِكْرُ حَفَرِ أَبي موسى، وهو بفتح الحاء والفاء، وهي رَكايا احْتَفَرها على جادَّةِ الطريق من البَصْرَةِ إِلى مكة، وفيه ذكر الحَفِيرة، بفتح الحاء وكسر الفاء، نهر بالأُردنِّ نزل عنده النعمان بنُ بَشِير، وأَما بضم الحاء وفتح الفاء فمنزل بين ذي الحُلَيْفَةِ ومِلْكٍ يَسْلُكُه الحاجُّ. والمِحْفَرُ والمِحْفَرَةُ والمِحْفَارُ: المِسْحاةُ ونحوها مما يحتفر به، ورَكِيَّةٌ حَفِيرَةٌ، وحَفَرٌ بديعٌ، وجمع الحَفَرِ أَحفار؛ وأَتى يَرْبُوعاً مُقَصِّعاً أَو مُرَهَّطاً فَحَفَرَهُ وحَفَرَ عنه واحْتَفَرَهُ. الأَزهري: قال أَبو حاتم: يقال حافِرٌ مُحافِرَةٌ، وفلان أَرْوَغُ من يَرْبُوعٍ مُحافِرٍ، وذلك أَن يَحْفِرَ في لُغْزٍ من أَلْغازِهِ فيذهبَ سُفْلاً ويَحْفِر الإِنسانُ حتى يعيا فلا يقدر عليه ويشتبه عليه الجُحْرُ فلا يعرفه من غيره فيدعه، فإِذا فعل اليَرْبُوعُ ذلك قيل لمن يطلبه؛ دَعْهُ فقد حافَرَ فلا يقدر عليه أَحد؛ ويقال إِنه إذا حافَرَ وأَبى أَن يَحْفِرَ الترابَ ولا يَنْبُثَه ولا يُذَرِّي وَجْهَ جُحْرِه يقال: قد جَثا فترى الجُحْرَ مملوءاً تراباً مستوياً مع ما سواه إذا جَثا، ويسمى ذلك الجاثِياءَ، ممدوداً؛ يقال: ما أَشدَّ اشتباهَ جَاثِيائِه. وقال ابن شميل:رجل مُحافِرٌ ليس له شيء؛ وأَنشد:

مُحافِرُ العَيْشِ أَتَى جِوارِي،

ليس له، مما أَفاءَ الشَّارِي،

غَيْرُ مُدىً وبُرْمَةٍ أَعْشَـارِ

وكانت سُورَةُ براءة تسمى الحافِرَةَ، وذلك أَنها حَفَرَتْ عن قلوب المنافقين، وذلك أَنه لما فرض القتال تبين المنافق من غيره ومن يوالي المؤمنين ممن يوالي أَعداءَهم.
والحَفْرُ والحَفَرُ: سُلاقٌ في أُصول الأَسْنانِ، وقيل: هي صُفْرة تعلو الأَسنان. الأَزهري: الحَفْرُ والحَفَرُ، جَزْمٌ وفَتْحٌ لغتان، وهو ما يَلْزَقُ بالأَسنان من ظاهر وباطن، نقول: حَفَرَتْ أَسنانُه تَحْفِرُ حَفْراً. ويقال: في أَسنانه حَفْرٌ، وبنو أَسد تقول: في أَسنانه حَفَرٌ، بالتحريك؛ وقد حَفَرَتْ تَحْفِرُ حَفْراً، مثال كَسَرَ يَكْسِرُ كَسْراً:فسدت أُصولها؛ ويقال أَيضاً: حَفِرَتْ مثال تَعِبَ تَعَباً، قال: وهي أَرادأُ اللغتين؛ وسئل شمر عن الحَفَرِ في الأَسنان فقال: هو أَن يَحْفِرَ القَلَحُ أُصولَ الأَسنان بين اللِّثَةِ وأَصلِ السِّنِّ من ظاهر وباطن، يُلِحُّ على العظم حتى ينقشر العظم إِن لم يُدْرَكْ سَرِيعاً. ويقال: أَخذ فَمَهُ حَفَرٌ وحَفْرٌ. ويقال: أَصبح فَمُ فلان مَحْفُوراً، وقد حُفِرَ فُوه، وحَفَرَ يَحْفِرُ حَفْراً، وحَفِرَ حَفَراً فيهما. وأَحْفَرَ الصبي:سقطت له الثَّنِيَّتانِ العُلْيَيان والسُّفْلَيانِ، فإِذا سقطت رَواضِعُه قيل: حَفَرَتْ. وأَحْفَرَ المُهْرَ للإِثْناء والإِرْباعِ والقُروحِ:سقطت ثناياه لذلك. وأَفَرَّتِ الإِبل للإِثناء إذا ذهبت رَواضِعُها وطلع غيرها. وقال أَبو عبيدة في كتاب الخيل: يقال أَحْفَرَ المُهْرُ إِحْفاراً، فهو مُحْفِرٌ، قال: وإِحْفارُهُ أَن تتحرك الثَّنِيَّتانِ السُّفْلَيانِ والعُلْيَيانِ من رواضعه، فإِذا تحركن قالوا: قد أَحْفَرَتْ ثنايا رواضعه فسقطن؛ قال: وأَوَّل ما يَحْفِرُ فيما بين ثلاثين شهراً أَدنى ذلك إِلى ثلاثة أَعوام ثم يسقطن فيقع عليها اسم الإِبداء، ثم تُبْدِي فيخرج له ثنيتان سفليان وثنيتان علييان مكان ثناياه الرواضع اللواتي سقطن بعد ثلاثة أَعوام، فهو مُبْدٍ؛ قال: ثم يُثْنِي فلا يزال ثَنِيّاً حتى يُحْفِرَ إِحْفاراً، وإِحْفارُه أَن تحرَّك له الرَّباعِيَتانِ السفليان والرباعيتان العلييان من رواضعه، وإِذا تحركن قيل: قد أَحْفَرَتْ رَباعِياتُ رواضعه، فيسقطن أَول ما يُحْفِرْنَ في استيفائه أَربعة أَعوام ثم يقع عليها اسم الإِبداء، ثم لا يزال رَباعِياً حتى يُحْفِرَ للقروح وهو أَن يتحرَّك قارحاه وذلك إذا استوفى خمسة أَعوام؛ ثم يقع عليه اسم الإِبداء على ما وصفناه ثم هو قارح. ابن الأَعرابي: إذا استتم المهر سنتين فهو جَذَغٌ ثم إذا استتم الثالثة فهو ثنيّ، فإِذا أَثنى أَلقى رواضعه فيقال: أَثنى وأَدْرَمَ للإِثناء؛ ثم هو رَباع إذا استتم الرابعة من السنين يقال: أَهْضَمَ للإِرباع، وإِذا دخل في الخامسة فهو قارح؛ قال الأَزهري: وصوابه إذا استتم الخامسة فيكون موافقاً لقول أَبي عبيدة قال: وكأَنه سقط شيء.
وأَحْفَرَ المُهْرُ للإِثْنَاءِ والإِرْباعِ والقُروحِ إذا ذهبت رواضعه وطلع غيرها. والْتَقَى القومُ فاقتتلوا عند الحافِرَةِ أَي عند أَوَّل ما الْتَقَوْا. والعرب تقول: أَتيت فلاناً ثم رجعتُ على حافِرَتِي أَي طريقي الذي أَصْعَدْتُ فيه خاصةً فإِن رجع على غيره لم يقل ذلك؛ وفي التهذيب: أَي رَجَعْتُ من حيثُ جئتُ. ورجع على حافرته أَي الطريق الذي جاء منه. والحافِرَةُ: الخلقة الأُولى. وفي التنزيل العزيز: أَئِنَّا لَمَرْدُودونَ في الحافِرَةِ؛ أَي في أَول أَمرنا؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

أَحافِرَةً على صَلَعٍ وشَيْبٍ؟

 

مَعاذَ اللهِ من سَفَهٍ وعارِ،

يقول: أَأَرجع إِلى ما كنت عليه في شبابي وأَمري الأَول من الغَزَلِ والصِّبَا بعدما شِبْتُ وصَلِعْتُ؟ والحافرة: العَوْدَةُ في الشيء حتى يُرَدَّ آخِره على أَوّله. وفي الحديث: إِن هذا الأَمر لا يُترك على حاله حتى يُرَدَّ على حافِرَتِه؛ أَي على أَوّل تأْسيسه. وفي حديث سُراقَةَ قال: يا رسول الله، أَرأَيتَ أَعمالنا التي نَعْمَلُ؟ أَمُؤَاخَذُونَ بها عند الحافِرَةِ خَيْرٌ فَخَيْرٌ أَو شَرٌّ فَشَرٌّ أَو شيء سبقت به المقادير وجَفَّت به الأَقلام؟ وقال الفراء في قوله تعالى: في الحافرة: معناه أَئنا لمردودون إِلى أَمرنا الأَوّل أَي الحياة. وقال ابن الأَعرابي: في الحافرة، أَي في الدنيا كما كنا؛ وقيل معنى قوله أَئنا لمردودون في الحافرة أَي في الخلق الأَول بعدما نموت. وقالوا في المثل: النَّقْدُ عند الحافِرَةِ والحافِرِ أَي عند أَول كلمة؛ وفي التهذيب: معناه إذا قال قد بعتُك رجعتَ عليه بالثمن، وهما في المعنى واحد؛ قال: وبعضهم يقول النَّقْدُ عند الحافِرِ يريد حافر الفرس، وكأَنَّ هذا المثل جرى في الخيل، وقيل:الحافِرَةُ الأَرضُ التي تُحْفَرُ فيها قبورهم فسماها الحافرة والمعنى يريد المحفورة كما قال ماء دافق يريد مدفوق؛ وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَنه قال: هذه كلمة كانوا يتكلمون بها عند السَّبْقِ، قال: والحافرة الأَرض المحفورة، يقال أَوَّل ما يقع حافر الفرس على الحافرة فقد وجب النَّقْدُ يعني في الرِّهانِ أَي كما يسبق فيقع حافره؛ يقول: هاتِ النِّقْدَ؛ وقال الليث: النَّقْدُ عند الحافر معناه إذا اشتريته لن تبرح حتى تَنْقُدَ. وفي حديث أُبيّ قال: سأَلت النبي، صلى الله عليه وسلم، عن التوبة النصوح، قال: هو الندم على الذنب حين يَفْرُطُ منك وتستغفر الله بندامتك عندَ الحافِرِ لا تعود إِليه أَبداً؛ قيل: كانوا لنفاسة الفرس عندهم ونفاستهم بها لا يبيعونها إِلا بالنقد، فقالوا: النقد عند الحافر أَي عند بيع ذات الحافر وصيروه مثلاً، ومن قال عند الحافرة فإِنه لما جعل الحافرة في معنى الدابة نفسها وكثر استعماله من غير ذكر الذات، أُلحقت به علامة التأْنيث إِشعاراً بتسمية الذات بها أَو هي فاعلة من الحَفْرِ، لأَن الفرس بشدّة دَوْسِها تَحْفِرُ الأَرض؛ قال: هذا هو الأَصل ثم كثر حتى استعمل في كل أَوَّلية فقيل: رجع إِلى حافِرِه وحافِرَته، وفعل كذا عند الحافِرَة والحافِرِ، والمعنى يتخير الندامة والاستغفار عند مواقعة الذنب من غير تأْخير لأَن التأْخير من الإِصرار، والباء في بندامته بمعنى مع أَو للاستعانة أَي تطلب مغفرة الله بأَن تندم، والواو في وتستغفر للحال أَو للعطف على معنى الندم. والحافِرُ من الدواب يكون للخيل والبغال والحمير: اسم كالكاهل والغارب، والجمع حَوافِرُ؛ قال:

أَوْلَى فَأَوْلَى يا امْرَأَ القَيْسِ، بعدما

 

خَصَفْنَ بآثار المَطِيِّ الحَوافِـرَا

أَراد: خصفن بالحوافر آثار المطيّ، يعني آثار أَخفافه فحذف الباء الموحدة من الحوافر وزاد أُخرى عوضاً منها في آثار المطيّ، هذا على قول من لم يعتقد القلب، وهو أَمثل، فما وجدت مندوحة عن القلب لم ترتكبه؛ ومن هان قال بعضهم معنى قولهم النَّقْدُ عند الحافِر أَن الخيل كانت أَعز ما يباع فكانوا لا يُبارِحُونَ مَنِ اشتراها حتى يَنْقُدَ البائِعَ، وليس ذلك بقويّ. ويقولون للقَدَمِ حافراً إذا أَرادوا تقبيحها؛ قال:

أَعُوذُ باللهِ من غُولٍ مُغَـوِّلَةٍ

 

كأَنَّ حافِرَها في... ظُنْبوُبِ

الجوهري: الحافِرُ واحد حَوَافِر الدابة وقد استعاره الشاعر في القدم؛ قال جُبَيْها الأَسدي يصف ضيفاً طارقاً أَسرع إِليه:  

فأَبْصَرَ نارِي، وهْيَ شَقْرَاءُ، أُوقِدَتْ

 

بِلَيْلٍ فَلاَحَتْ للعُيونِ الـنَّـواظِـرِ

فما رَقَدَ الوِلْدانُ، حـتـى رَأَيْتُـه

 

على البَكْرِ يَمْرِيه بساقٍ وحـافِـرِ

ومعنى يمريه يستخرج ما عنده من الجَرْيِ.
والحُفْرَةُ: واحدة الحُفَرِ. والحُفْرَةُ: ما يُحْفَرُ في الأَرض.
والحَفَرُ: اسم المكان الذي حُفِر كَخَنْدَقٍ أَو بئر.
والحَفْرُ: الهُزال؛ عن كراع. وحَفَرَ الغَرَزُ العَنْزَ يَحْفِرُها حَفْراً: أَهْزَلَها.
وهذا غيث لا يَحْفِرهُ أَحد لا يعلم أَحد أَين أَقصاه، والحِفْرَى، مثال الشِّعْرَى: نَبْتٌ، وقيل: هو شجر يَنْبُتُ في الرمل لا يزال أَخضر، وهو من نبات الربيع، وقال أَبو حنيفة: الحِفْرَى ذاتُ ورَقٍ وشَوْكٍ صغارٍ لا تكون إِلاَّ في الأَرض الغليظة ولها زهيرة بيضاء، وهي تكون مثلَ جُثَّةِ الحمامة؛ قال أَبو النجم في وصفها:

يَظَلُّ حِفْراهُ، مـن الـتَّـهَـدُّلِ،

 

في رَوْضِ ذَفْراءَ ورُعْلٍ مُخْجِلِ

الواحدة من كل ذلك حِفْراةٌ، وناسٌ من أَهل اليمن يسمون الخشبة ذات الأَصابع التي يُذَرَّى بها الكُدْسُ المَدُوسُ ويُنَقَّى بها البُرُّ من التِّبْنِ: الحِفراةَ ابن الأَعرابي: أَحْفَرَ الرجلُ إذا رعَت إِبله الحِفْرَى، وهو نبت؛ قال الأَزهري: وهو من أَردإِ المراعي. قال: وأَحْفَرَ إذا عمل بالحِفْراةِ، وهي الرَّفْشُ الذي يذرَّى به الحنطة وهي الخشبة المُصْمَتَةُ الرأْس، فأَما المُفَرَّج فهو العَضْمُ، بالضاد، والمِعْزَقَةَ؛ قال: والمِعْزَقَةُ في غير هذا: المَرُّ؛ قال: والرَّفْشُ في غير هذا: الأَكلُ الكثيرُ. ويقال: حَفَرْتُ ثرَى فلان إذا فتشت عن أَمره ووقفت عليه، وقال ابن الأَعرابي: حَفَرَ إذا جامع، وحَفِرَ إذا فَسَد. والحَفِيرُ: القبر.
وحَفَرَهُ حَفْراً: هَزَلَهُ؛ يقال: ما حامل إِلاء والحَمْلُ يَحْفِرُها إِلاَّ الناقةَ فإِنها تَسْمَنُ عليه.
وحُفْرَةُ وحُفَيْرَةُ، وحُفَيْرٌ، وحَفَرٌ، ويقالان بالأَلف واللام: مواضع، وكذلك أَحْفارٌ والأَحْفارُ؛ قال الفرزدق:

فيا ليتَ داري بالمدينةِ أَصبَحَتْ

 

بأَحْفارِ فَلْجٍ، أَو بِسيفِ الكَواظِمِ

وقال ابن جني: أَراد الحَفَرَ وكاظمة فجمعهما ضرورة. الأَزهري: حَفْرٌ وحَفِيرَةُ اسما موضعين ذكرهما الشعراء القدماء. قال الأَزهري: والأَحْفارُ المعروفة في بلاد العرب ثلاثة: فمنها حَفَرُ أَبي موسى، وهي وركايا احتفرها أَبو موسى الأَشعري على جادَّة البصرة، قال: وقد نزلت بها واستقيت من ركاياها وهي ما بين ماوِيَّةَ والمَنْجَشانِيَّاتِ، وركايا الحَفَرِ مستوية بعيدة الرِّشاءِ عذبة الماء؛ ومنها حَفَرُ ضَبَّةَ، وهي ركايا بناحية الشَّواجِنِ بعيدة القَعْرِ عذبة الماء؛ ومنها حَفَرُ سَعْدِو بن زيد مَناةَ بن تميم، وهي بحذاء العَرَمَةِ وراء الدَّهْناءِ يُسْتَقَى منها بالسَّانِيَةِ عند جبل من جبال الدهناء يقال له جبل الحاضر.

حفرد

الحِفْرِدُ حب الجوهر؛ عن كراع. والحِفْرِدُ: نبت.

حفرضض

رأَيته في المحكم بالحاء المهملة: جبل من السَّراة في شِقِّ تهامة؛ عن أَبي حنيفة.

حفز

الحَفْزُ: حَثُّك الشيء من خلفه سَوْقاً وغير سوق، حَفَزَه يَحْفِزُه حَفْزاً؛ قال الأَعشى:

لها فَخِذانِ يَحْفِـزانِ مَـحـالَةً

 

وَدَأْياً، كبُنْيان الصُّوى، مُتلاحِكا

وفي حديث البُراقِ: وفي فخذيه جناحان يَحْفِزُ بهما رجليه. ومن مسائل سيبويه: مُرْهُ يَحْفِزُها، رفع على أَنه أَراد أَن يَحْفِزَها، فلما حذف أَن رفع الفعل بعدها. ورجل مُحْفِزٌ: حافِزٌ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

ومُحْفِزَة الحِزامِ بِمِرْفَقَيْها

 

كَشاة الرَّبْلِ أَفْلَتَت الكِلابا

مُحْفزة ههنا: مُفْعِلَة من الحَفْز، يعني أَن هذه الفرس تَدْفع الحزام بمرفقيها من شدة جريها. وقوس حَفُوز: شديدة الحَفْز والدفع للسهم؛ عن أَبي حنيفة. وحَفَزَه أَي دفعه من خلفه يَحْفِزُه حَفْزاً؛ قال الراجز:

تُرِيحُ بعد النَّفَسِ المَحْفوزِ

يريد النَّفَس الشديد المتتابِع كأَنه يُحفز أَي يدفع من سياق. وقال العكلي: رأَيت فلاناً مَحْفُوزَ النَّفَس إذا اشتد به. والليلُ يَحفِز النهارَ حَفْزاً: يَحُثُّه على الليل ويسوقه؛ قال رؤبة:

حَفْز اللَّيالي أَمَدَ التَّزْيِيفِ

وفي الحديث عن أَنس، رضي الله عنه: من أَشراط الساعة حَفْزُ الموت، قيل: وما حَفْزُ الموت؟ قال: موت الفَجْأَة. والحَفْزُ: الحَثّ والإِعْجال.
والرجل يَحْتَفِزُ في جلوسه: يريد القيام والبطشَ بشيء. ابن شميل: الاحْتِفاز والاستِيفازُ والإِقْعاء واحد. وروى الأَزهري عن مجاهد قال: ذُكِرَ القَدَرُ عند ابن عباس، رضي الله عنه، فاحْتَفَزَ وقال: لو رأَيت أَحدَهم لعَضَضْت بأَنفه؛ قال النضر: احْتَفَزَ استوى جالاً على ورِكَيْه؛ وقال ابن الأَثير: قلق وشَخَص ضَجَراً، وقيل: استوى جالساً على ركبتيه كأَنه ينهض. واحْتَفَزَ في مشيه: احْتَثَّ واجتهد؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

مُجَنّب مثل تَيْسِ الرَّبل مُحْتَفِـز

 

بالقُصْرَيَيْنِ، على أُولاهُ مَصْبُوب

مُحْتَفِز أَي يجهد في مدّ يديه. وقوله: على أُولاه مصبوب، يقول: يجري على جريه الأَوّل لا يحول عنه؛ وليس مثل قوله:

إِذا أَقْبَلَتْ قلتَ دبَّاءَةٌ

ذاك إِنما يحمد من الإِناث. وكل دَفْع حَفْز. وفي حديث أَنس، رضي الله عنه: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أُتِيَ بتمر فجعل يَقْسمه وهو مُحْتَفِزٌ أَي مستعجل مُسْتَوْفِزٌ يريد القيام غير متمكن من الأَرض. وفي حديث أَبي بكرة: أَنه دَبَّ إِلى الصف راكعاً وقد حَفَزَه النَّفَس.
ويقال: حافَزْت الرجل إذا جاثيْتَه؛ وقال الشماخ:

كما بادَرَ الخَصْمُ اللَّجُوجُ المُحافِزُ

وقال الأَصمعي: معنى حافَزْته دَانَيْتُه. وقال بعض الكلابين: الحَفْزُ تقارب النَّفَس في الصدر. وقالت امرأَة منهم: حَفَزَ النَّفَس حين يدنو من الموت.
والحَوْفَزان: اسم رجل، وفي التهذيب: لقب لجَرَّارٍ من جَرَّارِي العرب، وكانت العرب تقول للرجل إذا قادَ أَلْفاً جَرَّار، وقال الجوهري: الحَوْفَزانُ اسم الحرث بن شَرِيكٍ الشيباني، لُقّب بذلك لأَن بِسْطام بن قَيْس طعنه فأَعْجَله؛ وقال ابن سيده: سمي بذلك لأَن قيس بن عاصم التميمي حَفَزَه بالرمح حين خاف أَن يفوته فَعَزَج من تلك الحَفْزَة فسمي بتلك الحَفْزَة حَوْفَزاناً؛ حكاه ابن قتيبة؛ وأَنشد جرير يفتخر بذلك:

ونحن حَفَزْنا الحَوْفَزانَ بِطَـعْـنَةٍ

 

سَقَتْهُ نَجِيعاً من دَمِ الجَوْفِ أَشْكَلا

وحَفَزْتُه بالرمح: طَعَنْتُه. والحَوْفَزانُ: فَوْعلان من الحَفْز. قال الجوهري: وأَما قَوْل من قال إِنما حَفَزه بِسطامُ بنُ قيس فَغَلَطٌ لأَنه شيباني، فكيف يفتخر جريرٌ بهف قال ابن بري: ليس البيتُ لجرير وإِنما هو لسَوّار بن حبان المِنْقَري، قاله يوم جَدُودٍ؛ وبعده:

وحُمْرانُ أَدَّتْه إِلينا رِماحُـنـا

 

يُنازِع غُلاًّ في ذِراعَيْه مُثْقَلا

يعني بحُمْران ابن حُمْرانَ بنِ عبدِ بنِ عمرو بنِ بشر ابن عمرو بنِ مَرْثَدٍ؛ قال: وأَما قول الآخر:

ونحن حفزنا الحوفزان بطعنة

 

سقته نجيعاً من دم الجوف آنيا

فهو الأَهتم بن سُمَيٍّ المِنْقَري؛ وأَول الشعر:

لما دَعَتْني للـسِّـيادة مِـنْـقَـرٌ

 

لدى مَوْطِنٍ أَضْحَى له النجمُ بادِيا

شَدَدْت لها أُزْرِي، وقد كنتُ قَبْلها

 

أَشُدُّ لأَحْـنـاءِ الأُمُـور إِزاريا

ورأَيته مُحْتفِزاً أَي مُستوفِزاً. وفي الحديث عن عليّ، رضي الله عنه: إِذا صلّى الرجلُ فَلْيُخَوّ وإِذا صلَّت المرأَة فَلْتَحْتَفِزْ أَي تتضامَّ وتَجْتمع إذا جلست وإِذا سجدت، ولا تُخَوِّي كما يُخَوِّي الرجلُ.
وفي حديث الأَحْنف: كان يُوَسِّعُ لمن أَتاه فإِذا لم يجد مُتَّسَعاً تَحَفَّزَ له تَحَفُّزاً.
والحَفَز: الأَجَل في لغة بني سعد؛ وأَنشد بعضهم هذا البيت:

واللهِ أَفْعَل ما أَرَدْتُمْ طائِعـاً

 

أَو تَضْرِبوا حَفَزاً لِعامٍ قابِلِ

أَي تضربوا أَجَلاً. يقال: جعلت بيني وبين فلان حَفَزاً أَي أَمداً، والله أَعلم.

حفس

رجل حِيَفْسٌ مثال هِزَبْرٍ وحَيْفَسٌ وحَفَيْسَأٌ، مهموز غير ممدود مثل حَفَيْتَإِ على فَعَيلَلٍ، وحَفَيْسِيٌّ: قصير سمين، وقيل: لئيم الخلقة قصير ضخم لا خير عنده؛ الأَصمعي: إذا كان مع القصر سمن قيل رجل حَيْفَسٌ وحَفَيْتَأٌ، بالتاء؛ الأَزهري: أَرى التاء مبدلة من السين، كما قالوا انْحتَّتْ أَسنانُه وانْحَسَّتْ. وقال ابن السكيت: رجل حَفَيْسَأٌ وحَفَيْتَأٌ بمعنى واحد.

حفش

حَفَشَت السماءُ تَحْفِش حَفْشاً: جاءت بمَطَرٍ شدِيدٍ ساعةً ثم أَقْلَعت. أَبو زيد: يقال حَفَشَت السماءُ تحفِشُ حَفْشاً وحشَكَت تَحْشِكُ حَشْكاً وأَغْبت تُغْبي إِغباءً فهي مُغْبِية، وهي الغَبْية والحَفْشة والحشْكة من المطر بمعنى واحد. وحفَشَ السَّيلُ الوادي يَحْفِشُه حَفْشاً: مَلأَهُ.
والحافِشة: المَسيل، صفة غالِبة وأُنّثَ على إِرادة الَّتلْعة أَو الشُّعْبة. والخافِشة: أَرضٌ مُسْتَوية لَها كَهيْئَة البَطْن يُسْتَجْمَع ماؤُها فيَسِيل إِلى الوادي.
وحفَشَت الأَرضُ بالماء من كلِّ جانبٍ: أَسالَتْه قِبَلَ الجانب. وحفَش السيلُ الأَكمةَ: أَسالَها. والخَفْش: مصدرُ قولك حفَشَ السيلَ حَفْشاً إذا جَمعَ الماءَ من كل جانب إِلى مُسْتَنْقع واحد، فتلك المَسايِل التي تَنْصَبُّ إِلى المَسيل الأَعْظم هي الحَوَافِش، واحدتها حافشة؛ وأَنشد:

عَشِيَّة رُحْنا ورَاحوا إِلَيْنـا

 

كما مَلأَ الحَافِشاتُ المَسِيلا

وحفَشَت الأَوْدِية: سالَتْ كلُّها. وحَفْشُ الإِداوة: سيَلانها.
وحَفَشَ الشيءَ يحفِشُه: أَخْرَجَه. وحفَش الحُزْنُ العَينَ: أَخرَج كلَّ ما فيها من الدمْع؛ أَنشد ابن دُريد:

يا مَنْ لِعَينٍ ثَرَّةِ المَدامِـع

 

يَحْفِشُها الوَجْدُ بماءِ هامِع

ثم فسره فقال: يحفِشها يَسْتخرج كلَّ ما فيها. وحفَشَ لك الوُدَّ: أَخرَجَ لك كلّ ما عنده. وحفَشَ المطرُ الأَرْضَ: أَظْهر نَباتَها. والحَفُوش: المُتَحَفِّي، وقيل: المُبالِغ في التحَفِّي والوُدِّ، وخصَّ بعضُهم به النِّساءَ إذا بالَغْنَ في وُدِّ البُعُولَةِ والتحفّي بهم؛ قال:

بَعْدَ احْتِضانِ الحَفْوةِ الحَفُوشِ

ويقال: حَفَشَت المرأَة لزَوْجِها الوُدَّ إذا اجْتَهَدت فيه.
وتَحَفَّشَت المرأَةُ على زَوْجِها إذا أَّقامت عليه ولَزِمَتْه وأَكَبَّت عليه.
والفرسُ يَحْفِشُ أَي يأْتي بِجَرْيٍ بَعْدَ جَرْيٍ. وحَفَش الفَرَسُ الجَرْيَ يَحْفِشُه: أَعْقَبَ جَرْياً بعد جَرْيٍ فلم يَزْدَدْ إِلاَّ جَوْدة؛ قال الكميت يصف غيثاً:

بِكُلِّ مُلِثٍّ يَحْفِشُ الأُكْمَ وَدْقُـه

 

كأَنَّ التِّجارَ استَبْضَعَتْه الطيالِسا

ويَحفِش: يَسِيل، ويُقال: يَقْشِر؛ يقول: اخْضَرَّ ونَضَرَ فشبَّهَه بالطَّيالِسة. والحَفْش: الضّرّ. والحِفْش: الشيء البالي.
ابن شميل: الحَفَشُ أَن تأْخُذَ الدَّبَرة في مُقَدَّم السَّنام فتأْكُلَه حتى يَذْهَبَ مُقَدَّمُه من أَسْفلِه إِلى أَعلاه فيَبْقى مُؤَخَّرُه مما يَلي عَجُزَه صَحيحاً قائماً، ويذهب مُقَدَّمُه مما يَلي غارِبَه.
يقال: قد حَفِشَ سَنامُ البعير، وبَعيرٌ حَفِشُ السَّنام وجمل أَحْفَش وناقة حَفْشاء وحَفِشة.
والحِفْشُ: الدُّرْج يكون فيه البَخُور، وهو أَيضاً الصغِيرُ من بُيُوت الأَعْراب، وقيل: الحِفْش والحَفْش والحَفَش البيت الذَّلِيل القريبُ السَّمْكِ من الأَرْض، سُمِّيَ به لضِيقه، وجمعه أَحْفاش وحِفَاش.
والتحَفُّشُ: الانضمام والاجتماع؛ ومنه حديث المعتدَّة: دخَلَتْ حِفْشاً ولَبِسَت شَرَّ ثِيابها. وحَفَّشَ الرجُلُ: أَقام في الحِفَش؛ قال رؤبة:

وكُنْتُ لا أُوبَنُ بالتَّحْفِيش

وتَحَفَّشت المرأَة على زَوْجها أَو ولَدِها: أَقامت، وفي بَيْتها إذا لَزِمَتْه فَلَم تَبْرَحْه. والحِفْش: وِعَاءٌ المَغازِل. الليث: الحِفْش ما كان من أَسْقاطِ الأَواني الَّتي تكُون أَوعِيَةً في البَيْت للطِّيب ونحوه. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، بعَث رجُلاً من أَصحابه ساعياً فقَدِم بمال وقال: أَمَّا كذا وكذا فهو من الصدَقات، وأَما كذا وكذا فإِنه مما أُهْدِي لي، فقال النبي، صلى اللَّه عليه وسلم: هلاَّ جَلَس في حِفْش أُمّه فيَنْظر هل يهدى له؟ قال أَبو عبيد: شبَّه بَيت أُمِّه في صِغَرِه بالدُّرْج، وذكر ابن الأَثير أَن الذي وجّهَه ساعياً على الزكاة هو ابن اللُّتْبِيَّة. والحِفْش: هو البيت الصغير. ويقال: معنى قوله هلاَّ قَعد في حِفْش أُمه أَي عند حِفْش أُمه. وحَفَشُوا عليك يَحْفِشُون حَفْشاً: اجتمعوا. وقال شجاع الأَعرابي: حَفَزُوا علينا الخيلَ والركابَ وحَفَشُوها إذا صَبُّوها عليهم. ويقال: هم يَحْفِشُون عليك أَي يجتمعون ويتأَلفون. والحِفْش: الهَنُ.

حفص

حَفَصَ الشيءَ يَحْفِصُه حَفْصاً: جَمَعَه. قال ابن بري: وحَفَضْتُ الشيء، بالضاد المعجمة، إذا أَلْقَيْتَه من يَدِك. والحُفَاصةُ: اسمُ ما حُفِصَ. وحَفَص الشيءَ: أَلْقاه، قال ابن سيده: والضاد أَعْلى، وسيأْتي ذكره.
والحَفْصُ: زَبيلٌ من جُلودٍ، وقيل: هو زَبِيلٌ صغيرٌ من أَدَمٍ، وجمعُه أَحْفاصٌ وحُفوصٌ، وهي المِحْفَصةُ أَيضاً. والحَفْصُ: البيتُ الصغيرُ.
والحَفْصُ: الشِّبْلُ. قال الأَزهري: ولَدُ الأَسد يُسمَّى حَفْصاً، وقال ابن الأَعرابي: هو السبعُ أَيضاً، وقال ابن بري: قال صاحب العين الأَسدُ يُكَنَّى أَبا حَفْصٍ ويُسمَّى شِبْلُه حَفْصاً، وقال أَبو زيد: الأَسد سَيّدُ السباع ولم تُعرف له كنْيةٌ غير أَبي الحرث، واللَّبْوةُ أُم الحرث.
وحَفْصةُ وأُم حَفْصةَ، جميعاً: الرَّخَمةُ. والحَفْصةُ: من أَسماء الضبُعِ؛ حكاه ابن دريد قال: ولا أَدري ما صحتها. وأُمُّ حَفْصةَ: الدَّجاجةُ. وحَفْصةُ: اسم امرأَة. وحَفْصٌ: اسم رجل.

حفض

الحَفْضُ: مصدر قولك حَفَضَ العُودَ يَحْفضُه حَفْضاً حَناه وعَطَفه؛ قال رؤبة:

إِمّا تَرَيْ دَهْراً حَناني حَفْضـا،

 

أَطْرَ الصَّناعَينِ العَريشَ القَعْضا

فجعله مصدراً لحناني لأَن حَناني وحَفَضَني واحد. وحَفَّضْت الشيءَ وحَفَضْته إذا أَلْقَيْته. وقال في قول رؤبة حَناني حَفْضاً أَي أَلقاني؛ ومنه قول أُمية:

وحُفِّضَت النُّذورُ وأَرْدَفَتْهُـمْ

 

فُضُولُ اللّه، وانْتَهَتِ القُسومُ

قال: القُسومُ الأَيمان، والبيت في صفة الجنة. قال: وحُفِّضَت طُومِنَت وطُرحَت، قال: وكذلك قول رؤبة حَناني حَفْضاً أَي طامَنَ مِني، قال: ورواه بعضهم حُفِّضَت البُدور، قال شمر: والصواب النذور. وحَفَضَ الشيءَ وحَفَّضَه، كلاهما: قَشَرَه وأَلْقاه. وحَفَّضْت الشيءَ: أَلْقَيْتُه من يدي وطرحته.
والحَفَضُ: البيت، والحَفَضَ متاعُ البيت، وقيل: متاعُ البيت إذا هيئ للحمل. قال ابن الأَعرابي: الحَفَضُ قُماشُ البيت ورديءُ المتاع ورُذالُه والذي يُحْمَل ذلك عليه من الإِبل حَفَضٌ، ولا يكاد يكون ذلك إِلا رُذالُ الإِبل، ومنه سمي البعير الذي يحمله حَفَضاً به؛ ومنه قول عمرو بن كلثوم:

ونَحْنُ إذا عِمادُ الحيِّ خَـرَّتْ

 

على الأَحْفاضِ، نَمْنَعُ ما يَلِينا

قال الأَزهري: وهي ههنا الإِبل وإِنما هي ما عليها من الأَحْمال، وقد روي في هذا البيت: على الأَحْفاضِ وعن الأَحْفاضِ، فمن قال عنِ الأَحْفاض عَنى الإِبلَ التي تحمل المتاع أَي خرَّت عن الإِبل التي تحمل خُرْثيَّ البيت، ومن قال على الأَحْفاض عَنى الأَمْتِعَةَ أَو أَوْعِيَتَها كالجُوالِق ونحوها؛ وقيل: الأَحْفاضُ ههنا صغارُ الإِبل أَول ما تُرْكَب وكانوا يُكِنُّونها في البيوت من البَرْد، قال ابن سيده: وليس هذا بمعروف. ومن أَمثال العرب السائرة: يَوْمٌ بيوم الحَفَضِ المُجَوَّر؛ يضرب مثلاً للمُجازاة بالسُّوء؛ والمُجَوَّرُ: المُطَوَّحُ، والأَصل في هذا المثل زعموا أَن رجلاً كان بنو أَخيه يُؤْذُونه فدخلوا بيته فقلبوا متاعَه، فلما أَدْرَكَ ولدُه صنعوا مثل ذلك بأَخيه فشكاهم فقال:

يَوْمٌ بيومِ الحَفَضِ المُجَوَّرِ

يضرب هذا للرجل صَنَع به رجلٌ شيئاً وصَنَعَ به الآخرُ مثلَه، وقيل: الحَفَضُ وعاء المتاع كالجُوالِق ونحوه، وقيل: بل الحَفَضُ كلُّ جُوالق فيه متاع القوم. قال يونس: ربيعةُ كلُّها تجعل الحَفَضَ البعيرَ وقيسٌ تجعل الحَفَضَ المتاع. والحَفَضُ أَيضاً: عمود الخباء. والحَفَضُ: البعير الذي يحمل المتاع. الأَزهري: قال ابن المظفر الحَفَضُ قالوا هو القَعُود بما عليه، وقال: الحَفَضُ البعير الذي يحمل خُرْثِيَّ المتاع، والجمع أَحْفاضٌ؛ وأَنشد لرؤبة:

يا ابن قُرومٍ لَسْنَ بالأَحْفاضِ،

 

من كلِّ أَجْأَى مِعْذَم عَضّاضِ

المِعْذَمُ: الذي يَكْدِمُ بأَسْنانه. والحَفَضُ أَيضاً: الصغيرُ من الإِبل أَول ما يركب، والجمع من كل ذلك أَحْفاضٌ وحِفاضٌ. وإِنه لَحَفَضُ عِلْمٍ أَي قَلِيله رَثه، شبَّه عِلْمَه في قِلَّتِه بالحَفَضِ الذي هو صغير الإِبل، وقيل: بالشيء المُلْقَى. ويقال: نِعْمَ حَفَضُ العِلْمِ هذا أَي حاملُه. قال شمر: وبلغني عن ابن الأَعرابي أَنه قال يوماً وقد اجتمع عنده جماعة فقال: هؤلاءِ أَحْفاضُ عِلْمٍ وإِنما أُخِذ من الإِبل الصغار.
ويقال: إِبل أَحْفاضٌ أَي ضعيفة.
وفي النوادر: حَفَّضَ اللّه عنه وحَبَّضَ عنه أَي سَنَحَ عنه وخَفَّفَ.
قال ابن بري: والحَفِيضةُ الخَلِيَّة التي يُعَسّل فيها النحل، وقال: قال ابن خالويه وليست في كلامهم إِلا في بيت الأَعشى وهو:

نَحْلاً كَدَرْداقِ الحَفِيضة مَرْ

 

هوباً، له حولَ الوَقُودِ زَجَلْ

والحَفَضُ: حجَرٌ يبنى به. والحَفَضُ: عَجَمَةُ شجرة تسمَّى الحِفْوَلَ؛ عن أَبي حنيفة، قال: وكل عَجَمةٍ من نحوها حَفَضٌ.
قال ابن دريد في الجمهرة: وقد سَمَّت العرب مُحَفِّضاً.

حفضج

الحِفْضِجُ والحَفْضَجُ والحِفْضاجُ والحُفاضِجُ: الضَّخْمُ البطن والخاصرتين المُسْتَرْخي اللَّحْمِ. رجلٌ حُفاضِجٌ وعُفاضِجٌ، والأُنثى في كل ذلك بغير هاء، والاسمُ الحَفْضَجَةُ. وإِن فلاناً لمَعْضُوبٌ ما حُفْضِجَ له، وكذلك العِفْضاجُ، والله أَعلم.

حفظ

الحفيظ: من صفات الله عز وجل لا يعزب عن حفظه الأشياء كلها مثقال ذرة في السموات والأرض، وقد حفظ على خلقه وعباده مايعملون من خير أو شر، وقد حفظ السموات والارض بقدرته ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم. وفي التنزيل العزيز: بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ، وهو من نعت قوله بل هو قرآن مجيد محفوظ في لوح. وقال عزوجل: فالله خير حفظا وهو أرحم الراحمين، وقرئ: خير حفظا نصب على التمييز، ومن قرأ حافظا جاز أن يكون حالا وجاز أن يكون تمييزا. ابن سيده: الحفظ نقسض النسيان، وهو التعاهد وقلة الغفلة. حفظ الشيء حفطا، ورجل حافظ من قوم حفاظ وحفيظ، عن اللحياني. وقد عدوه فقالوا: هو حفيظ علميك وعلم غيرك. وإنه لحافظ العين أي لا يغلبه النوم، عن اللحياني، وهو من ذلك لأن العين تحفظ صاحبها إذا لم يغلبها النوم. الأزهري: رجل حافظ وقوم حفاظ وهم الذين رزقوا حفظ ما سمعوا وقلما ينسون شيئا يعونه. غيره: والحافظ والحفيظ الموكل بالشيء يحفظه. يقال: فلان حفيظنا عليكم وحافظنا. والحفظة: الذين يحصون الأعمال ويكتبونها على بني آدم من الملائكة، وهم الحافظون. وفي التنزيل: وإن عليكم لحافظين، ولم يأت في القرآن مكسرا. وحفظ الماء والسر حفظا: رعاه. وقوله تعالى: وجعلنا السماء سقفا مفحوظا، قال الزجاج: حفظه الله من الوقوع على الأرض إلا بإذنه، وقيل: محفوظا بالكواكب كما قال تعالى: إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد.
والاحتفاظ: خصوص الحفظ، يقال: اختفظت بالشيء لنفسي، ويقال: استحفظت فلانا مالا إذا سألته أن يحفظه لك، واستحفظته سرا واستحفظه إياه: استرعاه. وفي التنزيل: في أهل الكتاب بما استحفظوا من كتاب الله، أي استودعوه وأتمنوا عليه. واحتفظ الشيء لنفسه: خصها به.
والتحفظ: قلة الغفلة في الأمور والكلام والتيقظ من السقطة كأنه على حذر من السقوط، وأنشد ثعلب:

إني لأبغض عاشقا متحفظا

 

لم تتهمه أعين وقـلـوب

والمحافظة: المواظبة على الأمر. وفي التنزيل العزيز: حافظوا على الصلوات، أي صلوها في أوقاتها، الأزهري: أي واظبوا على إقامتها في مواقيتها. ويقال: حافظ على الأمر والعمل وثابرعليه و حارص وبارك إذا داوم عليه. وحفظت الشيء حفظا أي حرسته، وحفظته أيضا بمعنى استظرته. والمحافظة: المراقبة. ويقال: إنه لذو حفاظ وذو محافظة إذا كانت له أنفة. والحفيظ: المحافظ، ومنه قوله تعالى: وما أنا عليكم بحفيظ. ويقال: احتفظ بهذا الشيء أي احفظه. والتحفظ: التيقظ. وتحفظت الكتاب أي استظهرته شيئا بعد شيء. وحفظته الكتاب أي حملته على حفظه. واستحفظته: سألته أن يحفظه، وحكى ابن بري عن القزاز قال: استحفظته الشيء جعلته عنده يحفظه، يتعدى إلى مفعولين، ومثله كتبت الكتاب واستكتبته الكتاب.
والمحافظة والحفاظ: الذب عن المحارم والمنع لهاعند الحروب، والاسم الحفيظة. والحفاظ: المحافظة على العهد والمحاماة على الحرم ومنعها من العدو. يقال: ذو حفيظة. وأهل الحفائظ: اهل الحفاظ وهم المحامون على عوراتهم الذابون عنها، قال:

إنا أناس نلزم الحفاظا

وقيل: المحافظة الوفاء بالعقد والتمسك بالود. والحفيظة: الغضب لحرمة تنتهك من حرماتك أو جار ذي قرابة يظلم من ذويك أو عهد ينكث. والحفظة والحفيظة: الغضب، والحفاظ كالحفظة، وأنشد:

إنا أناس نمنع الحفاظا

وقال زهير في الحفيظة:

يسوسون أحلاما بعيدا أنـاتـهـا

 

وإن غضبوا جاء الحفيظة والجد

والمحفظات: الأمور التي تحفظ الرجل أي تغضبه إذا وتر في حميمه أو جيرانه، قال القطامي:

أخوك الذي لا تملك الحس نفسه

 

وترفض عند المحفظات الكتائف

يقول: إذا استوحش الرجل من ذي قرابته فاضطغن عليه سخيمة لإساءة كانت منه إليه فأوحشته، ثم رآه يضام زال عن قلبه ما احتقده عليه وغض له فنصره وانتصر له من ظلمه. وحرم الرجل: محفظاته أيضا، وقد أحفظه فاحتفظ أي أغضبه فغضب، قال العجير السلولي:

بعيد من الشيء القليل احتفـاظـه

 

عليك ومنزور الرضا حين يغضب

ولا يكون الإحفاظ إلا بكلام قبيح من الذي تعرض له وإسماعه إياه مايكره. الأزهري: والحفظة اسم من الاحتفاظ عندما يرى من حفيظة الرجل يقولون أحفظته حفظة، وقال العجاج:

قد الجلا ولائح القتـير

 

وحفظة أكنها ضميري

فسر: على غضبة أجنها قلبي، وقال الآخر:

وما العفو إلا لامـرئ ذي حـفـيظة

 

متى يعف عن ذنب امرئ السوء يلجج

وفي حديث حنين: أردت أن أحفظ الناس وأن يقاتلوا عن أهليهم وأموالهم أي أغضبهم من الحفيظة الغضب. وفي الحديث أيضا: فبدرت مني كلمة أحفظته أي أغضبته. وقولهم: إن الحفائظ تذهب الأحقاد أي إذا رأيت حميمك يظلم حميت له وإن كان عليه في قلبك حقد. النظر: الحافظ: هو الطريق البين المستقيم الذي لا ينقطع، فأما الطريق الذي يبين مرة ثم ينقطع أثره ويمحي فليس بحافظ.
واحفاظت الجيفة: انتفخت، قاله ابن سيده ورواه الأزهري أيضا عن الليث ثم قال الأزهري: هذا تصحيف منكر، والصواب اجفأظت، بالجيم، وروي عن الفراء أنه قال: الجفيظ المقتول المنتفخ بالجيم، قال: وهكذا قرأت في نوادر ابن بزرج له بخط أبي الهيثم الذي عرفته له: اجفأظت، الليث هذا الحرف في كتاب الجيم أيضا، قال: فظننت أنه كان متحيرا فيه فذكره في موضعين.

حفف

حَفَّ القومُ بالشيء وحَوالَيْه يَحُفُّونَ حَفّاً وحَفُّوه وحَفَّفوه: أَحْدَقُوا به وأَطافُوا به وعَكفوا واسْتَداروا، وفي التهذيب: حَفَّ القوم بسيدهم. وفي التنزيل: وترى الملائكة حافّين من حول العرش؛ قال الزجاج: جاء في التفسير معنى حافِّين مُحدِقِين؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

كَبَيْضَةِ أُدْحِيٍّ بمَيْتِ خَمِـيلةٍ

 

يُحَفِّفُها جَوْنٌ بِجُؤْجِئِه صَعْلُ

وقوله:

إبْلُ أَبي الحَبْحابِ إبْلٌ تُعْرَفُ

 

يَزِينُها مُحَفَّـفٌ مُـوَقَّـفُ

المُحَّفَّفُ: الضَّرْعُ الممْتَلئ الذي له جوانب كأَنَّ جوانبه حَفَّفَتْه أَي حَفَّتْ به، ورواه ابن الأَعرابي مُجَفَّفٌ، يريد ضَرْعاً كأَنه جُفٌّ، وهو الوَطْبُ الخَلَقُ. وحَفَّه بالشي يَحُفُّه كما يُحَفُّ الهَوْدَجُ بالثياب، وكذلك التَّحْفِيفُ. وفي حديث أَهْلِ الذكر: فَيَحُفُّونَهم بأَجْنِحَتِهم أَي يطوفون بهم ويدُورُون حَوْلَهم. وفي حديث آخر: إلاَّ حَفَّتهم الملائكةُ. وفي الحديث: ظَلَّلَ اللّه مكانَ البيتِ غَمامةً فكانت حِفافَ البيتِ أَي مُحْدِقةً به. والمِحَفَّةُ: رَحْلٌ يُحَفُّ بثوب ثم تركب فيه المرأَة، وقيل: المِحَفَّةُ مَرْكَب كالهَوْدَجِ إلاَّ أَنَّ الهودج يُقَبَّبُ والمِحَفَّةُ لا تُقَبَّبُ؛ قال ابن دريد: سميت بها لأَن الخَشب يَحُفُّ بالقاعد فيها أَي يُحِيطُ به من جميع جوانبه، وقيل: المِحَفَّة مَركب من مراكب النساء.والحَفَفُ: الجمعُ، وقيل: قِلَّة المأْكولِ وكثرة الأَكَلَةِ، وقال ثعلب: هو أَن تكون العِيالُ مثلَ الزَّادِ، وقال ابن دريد: هو الضِّيقُ في المعاش، وقالت امرأَة: خرج زوجي ويَتِمَ وَلَدي فما أَصابهم حَفَفٌ ولا ضَفَفُّ، قال: فالحَفَفُ الضِّيق، والضَّفَف أَن يَقِلَّ الطعامُ ويَكْثُرَ آكلوه، وقيل هو مِقدار العيال، وقال اللحياني: الحفف الكَفافُ من المَعيشةِ. وأَصابهم حَفَفٌ من العيش أَي شدَّة، وما رُؤِيَ عليهم حَفَفٌ ولا ضَفَفٌ أَي أَثرُ عَوَزٍ. قال الأَصمعي: الحفَف عَيْشُ سُوء وقِلَّة مال، وأُولئك قوم مَحْفُوفُون. وفي الحديث: أَنه، عليه السلام، لم يشْبَعْ من طعام إلا على حفَف؛ الحفَف: الضيق وقلة المعيشة، أَي لم يشبع إلاّ والحالُ عنده خلافُ الرِّخاء والخِصْبِ. وطعام حَفَف: قليل. ومعيشة حَفَفٌ: ضَنْكٌ. وفي حديث عمر قال له وفد العراق: إنَّ أَمير المؤمنين بلغ سِنّاً وهو حافُّ المَطعَم أَي يابِسُه وقَحِلُه؛ ومنه حديثه الآخر أَنه سأَل رجلاً فقال: كيف وجدت أَبا عُبيْدَة؟ فقال: رأَيت حُفُوفاً أَي ضِيقَ عيش؛ ومنه الحديث: أَبْلِغْ معاويةَ أَنَّ عبد اللّهِ بن جعفر حَفَّفَ وجُهِدَ أَي قلَّ ماله. الأَصمعي: أَصابهم من العَيْشِ ضَفَفٌ وحَفَفٌ وقَشَفٌ، كل هذا من شدَّة العَيْشِ. ابن الأَعرابي: الضَّفَفُ القِلَّة والحَفَفُ الحاجةُ، ويقال: الضفَف والحفَف واحد؛ وأَنشد:

هَدِيّة كانَتْ كَفافاً حَفَفـا

 

لا تَبْلُغُ الجار ومن تَلَطَّفا

قال أَبو العباس: الضفَفُ أَن تكون الأَكَلَةُ أَكثرَ من مِقدار المالِ، والحفَفُ أَن تكون الأَكَلة بمقدار المال. قال: وكان النبي، صلى اللّه عليه وسلم، إذا أَكلَ كان من يأْكل معه أَكثر عدداً من قدر مبلغ المأَكول وكفافِه، قال: ومعنى قوله ومن تَلَطَّفا أَي من بَرَّنا لم يكن عندنا ما نَبَرُّه: وما عند فلان إلا حَفَفٌ من المَتاعِ، وهو القوتُ القليل.
وحَفَّتْهم الحاجةُ تَحُفُّهم حَفّاً شديداً إذا كانوا مَحاوِيجَ. وعنده حَفَّة من مَتاعٍ أَو مالٍ أَي قُوتٌ قليل ليس فيه فضل عن أَهله. وكان الطعام حِفافَ ما أَكلوا أَي قَدْرَه. ووُلِدَ له على حفَفٍ أَي على حاجة إليه؛ هذه عن ابن الأَعرابي. الفراء: يقال ما يَحُفُّهم إلى ذلك إلا الحاجةُ يريد ما يدْعوهم وما يُحْوِجُهم.
والاحْتِفافُ: أَكلُ جميع ما في القِدْر، والاشتِفافُ: شربُ جميع ما في الإناء.
والخُفُوفُ: اليُبْسُ من غير دَسَمٍ؛ قال رؤبة:

قالَتْ سُلَيْمى أَن رأَتْ حُفُوفـي

 

مع اضْطِرابِ اللَّحْمِ والشُّفُوفِ

قال الأَصمعي: حَفَّ رأْسُهُ يَحِفُّ حُفُوفاً وأَحْفَفْته أَنا.
وسَوِيقٌ حافٌّ: يابِسٌ غير ملتوت، وقيل: هو ما لم يُلَتَّ بسمْن ولا زيت. وحَفَّتْ أَرضُنا تَحِفُّ حُفُوفاً: يَبِسَ بَقْلُها. وحفَّ بطن الرجل: لم يأْكل دسَماً ولا لحماً فيبس. ويقال: حَفَّتِ الثَّريدة إذا يبِسَ أَعْلاها فَتَشَقَّقَتْ. وفرس قَفِرٌ حافٌّ: لا يَسْمَنُ على الضبعة. وحَفَّ رأْسَه وشارِبه يَحُفُّ حَفّاً أَي أَحْفاه. قال ابن سيده: وحَفَّ اللِّحية يَحُفُّها حَفّاً: أَخذ منها، وحَفَّه يَحُفُّه حَفّاً: قَشَره، والمرأَة تَحُفُّ وَجْهها حَفّاً وحِفافاً: تزيل عنه الشعر بالمُوسَى وتَقْشِرُهُ، مشتق من ذلك. واحْتَفَّتِ المرأَةُ وأَحَفّتْ وهي تحْتَفُّ: تأْمر من يَحُفّ شعر وجهها نَتْفاً بخيطين، وهو من القَشْر، واسم ذلك الشعر الحُفافةُ، وقيل: الحُفافةُ ما سَقَط من الشعَر المَحْفُوفِ وغيره. وحَفَّتِ اللحيةُ تَحِفُّ حُفُوفاً: شَعِثَتْ. وحَفّ رأْسُ الإنسان وغيره يَحِفّ حُفوفاً: شَعِثَ وبَعُدَ عَهْدُه بالدُّهن؛ قال الكميت يصف وَتِداً:

وأَشْعَثَ في الدَّارِ ذي لِمَّةٍ

 

يُطِيلُ الحُفُوفَ، ولا يَقْمَلُ

يعني وتداً حفّه صاحبُه تَرَك تَعَهُّدَه.
والحِفافان: ناحِيتا الرأْسِ والإناء وغيرهما، وقيل: هما جانباه، والجمع أَحِفَّةٌ. وحِفافا الجبلِ: جانباه. وحفافا كل شيء: جانباه؛ وقال طرفة يصف ناحيتي عسيب ذنب الناقة:

كأَنَّ جَناحَيْ مَضْرَحِيٍّ، تَكَنَّـفـا

 

حِفافَيْهِ، شُكّا في العَسِيبِ بِمسْرَدِ

وإناء حَفَّان: بلغ الماء وغيرُه حِفافَيْهِ. والأحِفّةُ أَيضاً: ما بقي حول الصَّلَعةِ من الشعر، الواحد حِفافٌ. الأَصمعي: يقال بقي من شعره حِفافٌ، وذلك إذا صَلِعَ فبقيت طُرَّة من شعَره حول رأْسه، قال: وجمع الحِفافِ أَحِفّة؛ قال ذو الرمة يصفُ الجِفانَ التي تُطعم فيها الضِّيفانُ:

لَهُنَّ، إذا أَصْبَحْنَ، منهم أَحِفَّةٌ

 

وحينَ يَرَوْنَ الليلَ أَقْبَلَ جائيا

أَراد بقوله لهن أَي للجِفانِ، أَحِفّة أَي قوم استداروا بها يأْكلون من الثريد الذي لُبِّقَ فيها واللُّحْمانِ التي كُلِّلَتْ بها، أَي قوم استداروا حولها؛ والجِفان تقدّم ذكرها في بيت قبله وهو:

فما مَرْتَعُ الجِيرانِ إلا جِفانُكُمْ

 

تَبارَوْن أَنتم والرِّياحُ تَبـارِيا

وفي حديث عمر: كان أَصلَعَ له حِفافٌ؛ هو أَن يَنْكَشِف الشعر عن وسط رأْسه ويَبْقى ما حولَه. والحَفَّافُ: اللحم الذي في أَسفَل الحنك إلى اللَّهاة. الأَزهري: يقال يَبِس حَفَّافُه وهو اللحم اللين أَسفل اللَّهاة.والحَافَّانِ من اللسان: عِرْقان أَخْضَران يَكْتَنِفانه من باطن، وقيل: حافُّ اللسانِ طَرَفُه. ورجل حافُّ العين بَيِّنُ الحُفُوفِ أَي شديد الإصابة بها؛ عن اللحياني، معناه أَنه يصيب الناس بالعين.
وحَفُّ الحائكِ خَشَبته العريضة يُنَسِّقُ بها اللُّحْمةَ بين السَّدَى.
والحَفُّ، بغير هاء: المِنْسَجُ. الجوهري: الحَفّةُ المِنْوالُ وهو الخشَبة التي يَلُفُّ عليها الحائِكُ الثوبَ. والحَفّةُ: القَصَباتُ الثلاث، وقيل: الحِفّةُ، بالكسر، وقيل: هي التي يَضرب بها الحائكُ كالسيف، والحَفُّ: القَصبة التي تجيء وتذهب. قال الأَزهري: كذا هو عند الأَعراب، وجمعها حُفُوفٌ، ويقال: ما أَنت بحَفّةٍ ولا نِيرةٍ؛ الحفة: ما تقدَّم، والنّيرة: الخَشَبةُ المُعْتَرِضةُ، يُضْرب هذا لمن لا يَنْفَع ولا يَضُرّ، معناه ما يَصْلُحُ لشيء.
والحَفيفُ: صوت الشيء تسْمَعُه كالرَّنَّةِ أَو طيَرانِ الطائر أَو الرَّمْيةِ أَو التهاب النار ونحو ذلك، حَفَّ يَحِفُّ حَفِيفاً. وحَفْحَفَ وحَفَّ الجُعَلُ يَحِفُّ: طار، والحَفِيفُ صوت جناحَيْه، والأُنثى من الأَساود تَحِفُّ حَفِيفاً، وهو صوت جلدها إذا دَلَكَتْ بعضَه ببعض. وحَفِيفُ الرِّيح: صوتها في كل ما مرَّت به؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

أَبْلِغْ أَبا قَيْسٍ حَفِيفَ الأَثْأَبَهْ

فسره فقال: إنه ضعيف العقل كأَنه حَفيفُ أَثْأَبةٍ تحركها الريح، وقيل: معناه أُوعِدُه وأُحَرِّكه كما تحرِّك الريحُ هذه الشجرة؛ قال ابن سيده: وهذا ليس بشيء. وحَفَّ الفرسُ يَحِفّ حفيفاً وأَحْفَفْتُه أَنا إذا حملته على أَن يكون له حَفِيفٌ، وهو دَويّ جَرْيه، وكذلك حَفِيفُ جناح الطائر.
والحَفِيفُ: صوت أَخفاف الإبل إذا اشتد؛ قال:  

يقول، والعِيسُ لها حَفِيفُ

 

 

أَكلُّ مَنْ ساقَ بكُم عَنِيفُ؟ أَ الاصمعي: حَفَّ الغيْثُ إذا اشتَدَّت غَيْثَتُه حتى تسمع له حَفيفاً.
ويقال: أَجْرى الفرسَ حتى أَحَفَّه إذا حَمَلَه على الحُضْر الشديد حتى يكون له حَفِيفٌ.
وحَفَّ سمعُه: ذهب كله فلم يبق منه شيء.
وحَفَّانُ النعام: رِيشُه. والحَفّانُ: وَلَدُ النعام؛ وأَنشد لأُسامةَ الهُذَليّ:

وإلا النَّعامَ وحَـفّـانَـه

 

وطُغْيا مع اللَّهِقِ النَّاشِطِ

الطُّغْيا: الصغير من بقر الوحش، وأَحمد بن يحيى يقول: الطَّغيا، بالفتح؛ قال ابن بري: واستعاره أَبو النجم لصغار الإبل في قوله:

والحَشْوُ من حَفّانِها كالحَنْظَلِ

فشبهها لما رَوِيت من الماء بالحَنظل في بَريقه ونَضارته، وقيل: الحَفّانُ صِغارُ النعامِ والإبل. والحَفَّانُ من الإبل أَيضاً: ما دون الحِقاق، وقيل: أَصل الحَفّان صغار النعام ثم استعمل في صغار كل جنس، والواحدة من كل ذلك حَفّانةٌ، الذكر والأُنثى فيه سواء؛ وأَنشد:

وزَفَّتِ الشَّوْلُ من بَرْدِ العَشِيّ، كما

 

زَفَّ النَّعام، إلى حَفّانِه، الـرُّوحُ

والحَفّانُ: الخَدَمُ. وفلان حَفٌّ بنفسِه أَي مَعْنيٌّ. والحَفَّةُ: الكرامةُ التامّةُ. وهو يَحُفُّنا ويَرُفُّنا أَي يُعْطِينا ويَمِيرُنا.
وفي المثل: من حَفَّنا أَو رَفَّنا فَلْيَقْتَصِدْ، يقول: مَن مَدَحَنا فلا يَغْلُوَنَّ في ذلك ولكنْ لِيَتَكَلَّمْ بالحقّ منه. وقال الجوهري: أَي مَن خَدَمَنا أَو تَعَطَّفَ علينا وحاطَنا. الأَصمعي: هو يَحِفُّ ويَرِفُّ أَي يَقُومُ ويَقْعُدُ ويَنْصَحُ ويُشْفِقُ، قال: ومعنى يَحِفُّ تَسْمَع له حَفِيفاً. ويقال: شجر يَرِفُّ إذا كان له اهْتِزازٌ من النَّضارةِ.
ويقال: ما لِفلان حافٌّ ولا رافٌّ، وذهَب من كان يَحُفُّه ويَرُفُّه.
وحُفُّ العين: شَفْرُها. وجاء على حَفِّ ذلك وحَفَفِه وحِفافِه أَي حِينِه وإبّانِه. وهو على حَفَفِ أَمْرٍ أَي ناحيةٍ منه وشَرَفٍ.
واحْتَفَّتِ الإبلُ الكَلأَ: أَكلتْه أَو نالَتْ منه، والحَفّةُ: ما احْتَفَّتْ منه.
وحِفافُ الرمل: مُنْقَطَعُه، وجمعه أَحِفَّةٌ.

حفل

الحَفْل: اجتماع الماء في مَحْفِلِه، تقول: حَفَل الماءُ يَحْفِل حَفْلاً وحُفُولاً وحَفِيلاً، وحَفَل الوادي بالسَّيْل واحْتَفَل: جاء بِملءِ جَنْبَيْه؛ وقول صخْر الغَيِّ:

أَنا المثَلَّم أَقْصِرْ قبل فـاقِـرَة

 

إِذا تُصِيبُ سَوَاءَ الأَنف تَحْتَفِل

معناه تأْخذ مُعْظَمَه. ومَحْفِل الماء: مُجْتَمَعُه. وفي الحديث في صفة عمر: ودفقت في مَحافِلِها؛ جمع مَحْفِل أَو مُحْتَفَل حيث يَحْتفل الماء أَي يجتمع. وحَفَلَ اللَّبنُ في الضَّرْع يَحْفِل حَفْلاً وحُفُولاً وتَحَفَّل واحْتَفَل: اجتمع؛ وحَفَلَه هو وحَفَّلَه. وضَرْع حافِل أَي ممتلئ لبناً. وشُعْبة حافل ووَادٍ حافِل إذا كَثُر سَيْلُهما، والجمع حُفَّل. ويقال: احْتَفَل الوادي بالسيل أَي امتلأَ. والتَّحْفيل: مثل التَّصْرِية وهو أَن لا تُحْلَب الشاة أَياماً ليجتمع اللبن في ضَرْعها للبيع، ونهى رسول الله،صلى الله عليه وسلم، عن التصرية والتحفيل. وناقة حافِلَة وحَفُول وشاة حافل وقد حَفَلَتْ حُفُولاً وحَفْلاً إذا احْتَفَل لَبَنُها في ضَرْعها، وهُنَّ حُفَّل وحوافل. وفي الحديث: من اشترى شاة مُحَفَّلة فلم يَرْضَها رَدَّها ورَدَّ معها صاعاً من تَمْر؛ قال: المُحَفَّلة الناقة أَو البقرة أَو الشاة لا يحْلُبها صاحبها أَياماً حتى يجتمع لبنها في ضَرْعها، فإِذا احتلبها المشتري وَجَدها غَزِيرة فزاد في ثمنها، فإِذا حلبها بعد ذلك وجدها ناقصة اللبن عما حلبه أَيام تَحْفِيلها، فجعل سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بَدَل لبن التحفيل صاعاً من تمر؛ قال: وهذا مذهب الشافعي وأَهل السنَّة الذين يقولون بسنة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم. والمُحَفَّلة والمُصَرَّاة واحدة، وسميت مُحَفَّلة لأَن اللبن حُفِّل في ضَرْعها أَي جُمع.
والتحفيل مثل التصرية: وهو أَن لا تحلب الشاة أَياماً ليجتمع اللبن في ضرعها للبيع، والشاة مُحَفَّلة ومُصَرَّاة؛ وأَنشد الأَزهري للقطَامي يذكر إِبلاً اشتدَّ عليها حَفْلُ اللبن في ضروعها حتى آذاها:

ذَوَارِف عَيْنَيها من الحَفْل بالضُّحَى

 

سُجُومٌ كَنَضَّاح الشِّنَانِ المُشَـرَّب

وروي عن ابن الأَعرابي قال: الحُفَال الجَمْع العظيم. والحُفَال: اللبن المجتمِع. وهذا ضَرْع حَفِيل أَي مملوء لبناً؛ قال ربيعة بن هَمّام بن عامر البكري:

أَآخُذُ بالعُلا ناباً ضَرُوسـاً

 

مُدَمَّمة، لها ضَرْع حَفِيل؟

وفي حديث عائشة تصف عمر، رضي الله عنهما: لله أُمٌّ حَفَلَتْ له ودَرَّتْ عليه، أَي جَمَعت اللبن له في ثديها. وفي حديث حليمة: فإِذا هي حافل أَي كثيرة اللبن. وفي حديث موسى وشعيب: فاستنكر أَبوهما سرعة مجيئهما بغنمهما حُفَّلاً بِطاناً، جمع حافل أَي ممتلئة الضروع. وحَفَلَت السماءُ حَفْلاً: جَدَّ وَقْعُها واشتدَّ مطرُها، وقيل: حَفَلَت السماءُ إذا جَدَّ وَقْعُها، يَعْنُون بالسماء حينئذ المطر لأَن السماء لا تَقَع. وحَفَل الدمعُ: كثُر؛ قال كثيِّر:

إِذا قلت أَسْلُو، غارَتِ العينُ بالبُكا

 

غِرَاءً، ومَدَّتْها مَدامعُ حُـفَّـلُ

وحَفَل القومُ يَحْفِلونَ حَفْلاً واحْتَفَلوا: اجتمعوا واحْتَشَدوا.
وعنده حَفْل من الناس أَي جَمْع، وهو في الأَصل مصدر. والحَفْل: الجَمْع.
والمَحْفِل: المَجْلِس والمُجْتَمَع في غير مجلس أَيضاً. ومَحْفِلُ القوم ومُحْتَفَلُهم: مُجْتَمَعُهم. وفي الحديث ذكر المَحْفِل، وهو مُجْتَمَع الناس ويجمع على المَحافِل. وتَحَفَّل المجلسُ: كثر أَهلهُ. ودَعاهم الحَفَلى والأَحْفَلى أَي بجماعتهم، والجيم أَكثر. وجَمْعٌ حَفْلٌ وحَفِيلٌ: كثير. وجاؤوا بحَفيلتهم وحَفْلَتهم أَي بأَجمعهم. قال أَبو تراب: قال بعض بني سليم فلان محافظ على حَسَبه ومُحَافِل عليه إذا صانه؛ وأَنشد شمر:

يا وَرْسُ ذاتَ الجِدِّ والحَفِيل

 

ما بَرِحَتْ وَرْسَةُ أَو نَشِيل

وَرْسَةُ: اسمُ عَنْزٍ كانت غَزِيرة. يقال: ذو حَفِيل في أَمره أَي ذو اجتهاد.
والحَفِيل: الوضوء؛ عن كراع، وقال: هو من الجمع؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف ذلك. والحَفِيل والاحْتِفال: المبالغة. ورجل ذو حَفْل وحَفْلة: مُبالغ فيما أَخذ فيه من الأُمور. وكانَ حَفِيلَةُ ما أَعطى دِرْهَماً أَي مَبْلَغُ ما أَعطى.
الأَزهري: ومُحْتَفَل الأَمر مُعْظَمُه. ومُحْتَفَل لحم الفَخِذ والساق: أَكثرُه لحماً؛ ومنه قول الهذلي يصف سيفاً:

أَبْيضُ كالرَّجْع، رَسُوبٌ إِذا

 

ما تاخَ في مُحْتَفِل يَخْتَلي

قال: ويجوز في مُحْتَفَل. أَبو عبيدة: الاحْتِفالُ من عَدْوِ الخيل أَن يَرَى الفارسُ أَن فرسه قد بلغ أَقصى حُضْره وفيه بقِيَّة. يقال: فَرَس مُحْتَفِل. والحُفَال: بَقِيَّةُ التفاريق والأَقماع من الزبيب والحَشَف.وحُفَالةُ الطعام: ما يُخْرَج منه فيُرْمى به. والحُفَالة والحُثالة: الرديءُ من كل شيء. والحُفَالة أَيضاً: بَقِيَّة الأَقماع والقُشور في التمر والحَبِّ، وقيل: الحُفالة قُشَارة التمر والشعير وما أَشبهها. وقال اللحياني: هو ما يُلْقَى منه إذا كان أَجَلَّ من التراب والدُّقاق. وفي الحديث: وتبقى حُفَالة كحُفَالة التمر أَي رُذالة من الناس كرَدِيء التمر ونُقَايَتِه، وهو مِثْل الحُثَالة، بالثاء، وقد تقدم. والحُفَالة: مِثْل الحُثالة؛ قال الأَصمعي: هو من حُفَالتهم وحُثَالتهم أَي ممن لا خير فيه منهم، قال: وهو الرَّذْل من كل شيء. ورجل ذو حَفْلة إذا كان مبالِغاً فيما أَخَذ فيه؛ وأَخَذَ للأَمر حَفْلَته إذا جَدَّ فيه. والحُفَالة: ما رَقَّ من عَكَر الدُّهن والطيب. وحُفَالة اللبن: رَغْوَته كجُفَالته؛ حكاهما يعقوب. وحَفَلَ الشيءَ يَحْفِله حَفْلاً: جَلاه؛ قال بشر بن أَبي خازم يصف جارية:

رأَى دُرَّةً بيضاءَ يَحْفِل لَوْنَـهـا

 

سُخَامٌ، كغِرْبان البَرِير، مُقَصَّبُ

يَحْفِل لَوْنَها: يَجْلُوه؛ يريد أَن شَعَرَها يَشُبُّ بَيَاضَ لَوْنِها فيَزِيده بياضاً بشدَّة سواده. قال ابن بري: أَراد بالسُّخَام شَعَرَها. وكل لَيِّنٍ من شعر أَو صُوف فهو سُخَام؛ والمُقَصَّبُ: الجَعْد.والتَّحَفُّل: التزيُّنُ. والتحفيل: التزيين؛ قال: وجاءَ في حديث رُقْيَة النَّمْلة: العَرُوس تَقْتَال وتَحْتَفِل، وكُلَّ شيءٍ تَفْتَعِل، غير أَنَّها لا تَعْصِي الرَّجُل؛ معنى تَقْتَال تَحْتَكم على زوجها، وتَحْتَفِل تتزين وتحتشد للزينة. ويقال للمرأَة: تَحَفَّلي لزوجك أَي تَزَيَّني لتَحْظَيْ عنده. وحَفَّلْت الشيءَ أَي جَلوته فَتَحَفَّل واحْتَفَل.
وطريق مُحْتَفِل أَي ظاهر مُسْتَبِين، وقد احْتَفَل أَي استبان، واحْتَفَل الطريقُ: وَضَح؛ قال لبيد يصف طريقاً:

تَرْزُم الشارِفُ من عِرْفانِه

 

كُلَّما لاح بنَجْدٍ واحْتَفَـل

وقال الراعي يصف طريقاً:

في لاحِبٍ برِقاق الأَرض مُحْتَفِل

 

هادٍ إذا غَرَّه الحُدْبُ الحَدَابِـيرُ

أَراد بالحُدْب الحَدَابير صلابة الأَرض، أَي هذا الطريق واضح مستبين في الصَّلابة أَيضاً.
وما حَفَله وما حَفل به يَحْفِل حَفْلاً وما احْتَفَل به أَي ما بالى.
والحَفْل: المُبَالاة. يقال: ما أَحْفِل بفلان أَي ما أُبالي به؛ قال لبيد:

فَمَتى أَهْلِك فلا أَحْفِـلُـه

 

بَجَلي الآنَ من العَيْش بَجَل

وحَفَلْت كذا وكذا أَي باليت به. يقال: لا يَحْفِل به؛ قال الكميت:

أَهْذِي بظَبْيَةَ، لو تُساعِفُ دَارُها

 

كَلَفاً وأَحْفِل صُرْمَها وأُبالـي

وقول مُلَيح:

وإِني لأَقْرِي الهَمَّ، حين يَنُوبُني

 

بُعَيْدَ الكَرَى منه ضَرِيرٌ مُحَافِل

أَراد مُكاثِر مُطَاوِل.
والحِفْوَل: شجر مثل شجر الرمان في القَدْر، وله ورق مُدَوَّر مُفَلْطَح رقيق كأَنها في تَحَبُّب ظاهرها تُوثَة، وليست لها رطوبتها، تكون بقدر الإِجَّاصة، والناس يأْكلونه وفيه مرارة وله عَجَمَة غير شديدة تسمى الحَفَص؛ كل هذا عن أَبي حنيفة. الأَزهري: سلمة عن الفراء: الحَوْفَلَة القَنْفاء. ابن الأَعرابي: حَوْفَل الشيءُ إذا انتفخت حَوْفَلته. وفي ترجمة حقل: الحَوْقَلة، بالقاف، الغُرْمُول اللَّيِّن؛ قال الأَزهري: هذا غَلَطٌ غَلِطَ فيه الليث في لفظه وتفسيره، والصواب الحَوْفَلة، بالفاء، وهي الكَمَرَة الضَّخْمة مأْخوذة من الحَفْل وهو الاجتماع والامتلاء. وقال أَبو عمرو: قال ابن الأَعرابي والحَوْقَلة، بالقاف، بهذا المعنى خطأٌ. وقال الجوهري: الحَوْقَلة الغُرْمُول اللَّيِّن، وفي المتأَخرين من يقوله بالفاء، ويزعم أَنه الكَمَرَة الضخمة، ويجعله مأْخوذاً من الحَفْل، قال: وما أَظنه مسموعاً.
وحَفَائل وحَفَايل وحُفَائل: موضع؛ قال أَبو ذؤيب:

تَأَبَّط نَعْـلَـيْه وشـقَّ بَـرِيرَة

 

وقال: أَلَيْسَ الناس دون حَفَائل؟

قال ابن جني: من ضم الحاء همز الياء البَتَّة كبرائل، وليس في الكلام فُعَايل غير مهموز الياء، ومن فتح الياء احتمل الهمزة والياء جميعاً، أَما الهمز فكقولك سَفَائن ورَسَائل، وأَما الياء فكقولك في جمع غِرْيَن وحِثْيَل غَرَايِن وحَثَايِل؛ وقوله:

أَلا لَيت جَيْشَ العِير لاقَوْا كَتيبةً

 

ثلاثين منا شِرْعَ ذات الحَفائل

فإِنه زاد اللام على حدّ زيادتها في قوله:

ولقد نَهَيْتك عن بنات الأَوبَر

والحَفَيْلَل: شجر، مَثَّل به سيبويه وفسره السَّيرافي.

حفلج

الحَفَلَّجُ والحُفالِجُ: الأَفْحَجُ: وهو الذي في رجله اعْوِجاجٌ.

حفلد

ابن الأَعرابي: الحَفَلَّدُ البخيل وهو الذي لا تراه إِلا وهو يُشارُّ الناس ويفحش عليهم؛ وأَنشد لزهير:

تقيّ نقيّ لم يُكَثِّر غـنـيمةً

 

بِنَكْهَةِ ذي قُرْبَى، ولا بِحَفَلَّدِ

ذكره الأَزهري في ترجمة حقلَد بالقاف، قال: ورواه بالفاء.

حفلق

ابن سيده: الحَفَلَّقُ الضعيف الأَحمق.

حفلك

رجل حَفَلْكَى وحَفَنْكى: ضعيف.

حفن

الحَفْنُ: أَخذُكَ الشيءَ براحة كَفِّكَ والأَصابعُ مضمومةٌ، وقد حَفَنَ له بيده حَفْنةً. وحَفَنْتُ لفلان حَفْنَةً: أَعطيتُه قليلاً، وملْءُ كلِّ كفٍّ حَفْنةٌ؛ ومنه قول أَبي بكر، رضي الله عنه، في حديث الشَّفاعةِ: إنما نحن حَفْنَةٌ من حَفَناتِ الله؛ أَراد إنَّا على كَثرتِنا قليلٌ يوم القيامة عند الله كالحَفْنةِ أَي يسير بالإضافة إلى مُلْكِه ورحمته، وهي مِلْءُ الكَفِّ على جهة المجاز والتمثيل، تعالى الله عز وجل عن التشبيه؛ وهو كالحديث الآخر: حَثْية من حَثَياتِ رَبِّنا. الجوهري: الحَفْنةُ مِلْءُ الكَفَّين من طعام. وحَفَنْتُ الشيء إذا جَرَفْتَه بكِلْتَا يديك، ولا يكون إلا من الشيء اليابس كالدقيق ونحوه. وحَفَن الماءَ على رأْسه: أَلقاه بحَفْنَتِه؛ عن ابن الأَعرابي. وحَفَنَ له من ماله حَفْنةً: أَعطاه إياها. ورجل مِحْفَنٌ: كثير الحَفْنِ. قال ابن سيده: يجوز أَن يكون من الأَول ومن الثاني. واحتَفَنَ الشيءَ: أَخذَه لنفسه. ويقال: حَفَنَ للقوم وحَفَا المالَ إذا أَعطى كل واحد منهم حَفْنةً وحَفْوَةً. واحْتَفَنَ الرجلَ احتِفاناً: اقْتَلَعه من الأَرض. والحُفْنةُ، بالضم: الحُفْرَةُ يَحْفِرُها السيلُ في الغَلْظِ في مَجرَى الماء، وقيل: هي الحُفْرَةُ أَينما كانت، والجمع الحُفَنُ؛ وأَنشد شمر:

هل تَعْرِفُ الدارَ تعَفَّتْ بالحُفَنْ.

قال: وهي قَلْتاتٌ يحتفرها الماء كهيئة البِرَك. وقال ابن السكيت: الحُفَنُ نُقَرٌ يكون الماء فيها، وفي أَسفلها حَصىً وترابٌ؛ قال: وأَنشدني الإياديُّ لعديّ بن الرِّقاعِ العامِليِّ:

بِكْر يُرَبِّثُها آثارُ مُنْـبَـعِـقٍ،

 

تَرَى به حُفَناً زُرْقاً وغُدْرانا.

وكان مِحْفَنٌ أَبا بَطْحاءَ، نسب إليه الدوابُّ البَطْحاوِيَّة.
والحَفّانُ: فِراخُ النعام، وهو من المضاعف وربما سَمَّوا صغارَ الإبل حَفّاناً، والواحدة حَفّانة للذكر والأُنثى جميعاً؛ وأَنشد ابن بري:

والحَشْوُ من حَفّانِها كالحَنْظَلِ

وشاهدُه لفِراخِ النعام قولُ الهُذَليِّ:

وإلاَّ النَّعامَ وحَـفَّـانَـه،

 

وطُغْياً مع اللَّهَقِ الناشِطِ

.وبنو حُفَينٍ: بطن. وفي الحديث: أَن المُقَوْقِسَ أَهدَى إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مارِيَةَ من حَفْنٍ؛ هي بفتح الحاء وسكون الفاء والنون، قرية من صعيد مصر، ولها ذكر في حديث الحسن بن عليٍّ مع معاوية.

حفنس

الحِنْفِسُ والحِفْنِس: الصغير الخَلْقِ، وهو مذكور في الصاد.
الليث: يقال للجارية البذية القليلة الحياءِ حِنْفِسٌ؛ قال الأَزهري: والمعروف عندنا بهذا المعنى عِنْفِصٌ.

حفنك

الحَفَنْكَى: الضعيف كالحَفَلْكَى.

حقا

الحَقْوُ والحِقْوُ: الكَشْحُ، وقيل: مَعْقِدُ الإزار، والجمع أَحْقٍ وأَحْقاء وحِقِيٌّ وحِقاء، وفي الصحاح: الحِقْو الخَصْرُ ومَشَدُّ الإزار من الجَنْب. يقال: أَخذت بحَقْوِ فلان. وفي حديث صِلةِ الرحم قال:قامت الرَّحِمُ فأَخَذَت بِحَقْو العَرْشِ؛ لمَّا جعلَ الرَّحِمَ شَجْنة من الرحمن استعار لها الاستمساك به كما يَستمسك القريبُ بقريبه والنَّسيب بنسيبه، والحِقْو فيه مجاز وتمثيل. وفي حديث النُّعمان يوم نِهُاوَنْدَ:تَعاهَدُوها بَيْنكم في أَحْقِيكمْ؛ الأَحْقي: جمع قلّة للحَقْو موضع الإزار. ويقال: رَمى فلانٌ بحَقْوه إذا رَمى بإزاره. وحَقاهُ حَقواً: أَضابَ حَقْوَه. والحَقْوانِ والحِقْوانِ: الخاصِرَتان. ورجلٌ حَقٍ: يَشْتَكي حَقْوَه؛ عن اللحياني. وحُقِيَ حَقْواً، فهو مَحْقُوٌّ ومَحْقِيٌّ: شَكا حَقْوه؛ قال الفراء: بُنِيَ على فُعِلَ كقوله:

ما أَنا بالجافي ولا المَجْفِيِّ

قال: بناه على جُفِيَ، وأَما سيبويه فقال: إنما فَعَلوا ذلك لأَنهم يَميلون إلى الأَخَفِّ إذ الياء أَخَفُّ عليهم من الواو، وكل واحدة منهما تدخل على الأُخْرى في الأَكثر، والعرب تقول: عُذْتُ بحَقْوِه إذا عاذ به ليَمْنَعه؛ قال:

سَماعَ اللهِ والعـلـمـاءِ أَنِّـي

 

أَعوذُ بحَقْوِ خالك، يا ابنَ عَمْرِو

وأَنشد الأَزهري:

وعُذْتُمْ بِأَحْقاءِ الزَّنادِقِ، بَعْدَما

 

عَرَكْتُكُمُ عَرْكَ الرَّحى بِثِفالِها

وقولهم: عُذْتُ بحَقْوِ فلان إذا اسْتَجَرْت به واعْتَصَمْت. والحَقْوُ والحِقْوُ والحَقْوَةُ والحِقاءُ، كله: الإزارُ، كأَنه سُمِّي بما يُلاثُ عليه، والجمع كالجمع. الجوهري: أَصل أَحْقٍ أَحْقُوٌ على أَفْعُلٍ فحذِف لأَنه ليس في الأَسماء اسم آخره حرف علة وقبلها ضمة، فإذا أَدّى قياسٌ إلى ذلك رفض فأُبْدِلت من الكسرة فصارت الآخرة ياء مكسوراً ما قبلها، فإذا صارت كذلك كان بمنزلة القاضي والغازي في سقوط الياء لاجتماع الساكنين، والكثير في الجمع حُقِيٌّ وحِقِيٌّ، وهو فُعُول، قلبت الواو الأُولى ياء لتدغم في التي بعدها. قال ابن بري في قول الجوهري فإذا أَدَّى قياسٌ إلى ذلك رُفِض فأُبدلت من الكسرة قال: صوابه عكس ما ذكر لأَن الضمير في قوله فأُبدلت يعود على الضمة أَي أُبدلت الضمة من الكسرة، والأَمر بعكس ذلك، وهو أَن يقول فأُبدلت الكسرة من الضمة. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه أَعطَى النساءَ اللاتي غَسَّلْنَ ابْنَتَه حين ماتَتْ حَقْوَهُ وقال: أَشْعِرْنها إيَّاهُ؛ الحَقْو: الإزار ههنا، وجمعه حِقِيٌّ. قال ابن بري: الأَصل في الحِقْوِ معقدُ الإزار ثم سمي الإزار حَقْواً لأَنه يشد على الحَقْوِ، كما تسمى المَزادة راوِيَة لأَنها على الراوِية، وهو الجمَل.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه، قال للنساء: لا تَزْهَدْنَ في جَفَاءِ الحَقْوِ أَي لا تزهدن في تَغْليظ الإزار وثخَانَتِه ليكون أَسْتَر لَكُنَّ.
وقال أَبو عبيد: الحِقْو والحَقْو الخاصرة. وحَقْو السهمِ: موضع الريش، وقيل: مُسْتَدَقُّه من مُؤَخَّره مما يلي الريش. وحَقْوُ الثَّنِيَّةِ:جانباها.
والحَقْوُ: موضع غليظ مرتفع على السيل، والجمع حِقَاءٌ؛ قال أَبو النجم يصف مطراً:

يَنْفِي ضِبَاعَ القُفِّ من حِقَائِه

وقال النضر: حِقِيٌّ الأَرض سُفُوحُها وأَسنادُها، واحدها حَقْوٌ، وهو السَّنَد والهَدَف. الأَصمعي: كل موضع يبلغه مَسِيلُ الماء فهو حَقْوٌ.وقال الليث: إذا نَظَرتَ على رأْس الثَّنيَّة من ثنايا الجبل رأَيت لِمَخْرِمَيْها حَقْوَيْنِ؛ قال ذو الرمة:

تَلْوي الثنايا، بأَحْقِيها حَواشِيَه

 

لَيَّ المُلاءِ بأَبْوابِ التَّفارِيجِ

يعني به السَّرابَ. والحِقاءُ: جمع حَقْوَةٍ، وهو مُرْتَفِع عن النَّجْوة، وهو منها موضع الحَقْوِ من الرجل يتحرّز فيه الضباع من السيل.والحَقْوة والحِقاءُ: وجَعٌ في البطن يصيب الرجلَ من أَنْ يأْكل اللحمَ بَحْتاً فيأْخُذَه لذلك سُلاحٌ، وفي التهذيب: يورث نَفْخَةً في الحَقْوَيْن، وقد حُقِيَ فهو مَحْقُوٌّ ومَحْقِيٌّ إذا أَصابه ذلك الداءُ؛ قال رؤبة:

من حَقْوَةِ البطْنِ ودَاءٍ الإغْدَادْ

فمَحْقُوٌّ على القياس، ومَحْقِيٌّ على ما قدمناه. وفي الحديث: إن الشيطان قال ما حَسَدْتُ ابنَ آدم إلاَّ على الطُّسْأَةِ والحَقْوَة؛ الحَقْوة: وَجَع في البطن. والحَقْوة في الإبل: نحو التَّقْطِيع يأْخذها من النُّحازِ يَتَقَطَّع له البطنُ، وأَكثر ما تقال الحَقْوة للإنسان، حَقِيَ يَحْقَى حَقاً فهو مَحْقُوٌّ. ورجل مَحْقُوٌّ: معناه إذا اشتكى حَقْوَه.
أَبو عمرو: الحِقاءُ رِباط الجُلِّ على بَطْنِ الفَرَس إذا حُنِذَ للتَّضْمِير؛ وأَنشد لطَلْقِ بنِ عديّ:

ثم حَطَطْنا الجُلَّ ذا الحِقاءِ،

 

كَمِثْلِ لونِ خالِصِ الحِنَّاءِ

أَخْبَرَ أَنه كُمَيْت. الفراء: قال الدُّبَيْرِيَّةُ يقال وَلَغَ الكلبُ في الإناءِ ولَجَنَ واحْتَقى يَحْتَقِي احْتِقاءً بمعنىً واحد.وحِقاءٌ: موضع أَو جَبَل.

حقب

الحَقَبُ، بالتحريك: الحِزامُ الذي يَلِي حَقْوَ البَعِير. وقيل: هو حَبْلٌ يُشَدُّ به الرَّحْلُ في بَطْنِ البَعِير مما يلي ثِيلَه، لِئَلاَّ يُؤْذِيَه التَّصْديرُ، أَو يَجْتَذِيَه التَّصْديرُ، فَيُقَدِّمَه؛ تقول منه: أَحْقَبْتُ البَعِيرَ.
وحَقِبَ، بالكسر، حَقَباً فهو حَقِبٌ: تَعَسَّرَ عليه البَوْلُ مِن وُقُوعِ الحَقَبِ على ثِيلِه؛ ولا يقال: ناقةٌ حَقِبةٌ لأَنَّ الناقة لَيس لها ثِيلٌ. الأَزهري: من أَدَواتِ الرَّحْلِ الغَرْضُ والحَقَبُ، فأَما الغَرْضُ فهو حِزامُ الرَّحْلِ، وأَما الحَقَبُ فهو حَبْلٌ يَلِي الثِّيلَ. ويقال: أَخْلَفْتُ عن البَعِير، وذلك إذا أَصابَ حَقَبُه ثِيلَه، فيَحْقَبُ هو حَقَباً، وهو احْتِباسُ بَوْلِه؛ ولا يقال ذلك في الناقةِ لأَنَّ بَوْلَ الناقةِ من حَيائها، ولا يَبْلُغُ الحَقَبُ الحَياءَ؛ والإخْلافُ عنه: أَن يُحَوَّلَ الحَقَبُ فيُجْعَلَ مما يَلِي خُصْيَتَي البَعِير.
ويقال: شَكَلْت عن البَعير، وهو أَن تجعل بين الحَقَب والتَّصْدير خَيْطاً، ثم تَشُدَّه لئلا يَدْنُوُ الحَقَبُ من الثِّيلِ. واسم ذلك الخَيْطِ: الشِّكالُ.
وجاءَ في الحديث: لا رَأْي لِحازِقٍ، ولا حاقِبٍ، ولا حاقِنٍ؛ الحازِقُ: الذي ضاقَ عليه خُفُّه، فَحَزَقَ قَدَمَه حَزْقاً، وكأَنه بمعنى لا رأْي لذي حَزْقٍ؛ والحاقِبُ: هو الذي احْتاجَ إلى الخَلاءِ، فلم يَتَبَرَّزْ، وحَصَرَ غائطَه، شُبِّه بالبَعِير الحَقِبِ الذي قد دَنا الحَقَبُ مِن ثِيلِه، فمنَعَه من أَن يَبُولَ. وفي الحديث: نُهِيَ عن صلاة الحاقِبِ والحَاقِنِ.
وفي حديث عُبادةَ بن أَحْمَر: فجمَعْتُ إبِلي، ورَكِبْتُ الفَحْلَ، فحَقِبَ فَتَفاجَّ يَبُولُ، فَنَزَلْتُ عنه.
حَقِبَ البعيرُ إذا احْتَبَسَ بَوْلُه. ويقال: حَقِبَ العامُ إذا احْتَبَس مَطَرُه.
والحَقَبُ والحِقابُ: شيء تُعَلِّقُ به المرأَةُ الحَلْيَ، وتَشُدُّه في وسَطِها، والجمع حُقُبٌ. والحِقابُ: شيءٌ مُحَلىًّ تَشُدُّه المرأَةُ على وَسَطِها. قال الليث: الحِقابُ شيء تتخذه المرأَة، تُعَلِّق به مَعالِيقَ الحُليِّ، تَشُدُّه على وسَطها، والجمع الحُقُبُ. قال الأَزهري: الحِقابُ هو البَرِيمُ، إلاَّ أَنَّ البَريمَ يكون فيه أَلوانٌ من الخُيُوطِ تَشُدُّه المرأَة على حَقْوَيْها. والحِقابُ: خَيْط يُشَدُّ في حَقْوِ الصبيِّ، تُدْفَعُ به العينُ.
والحَقَبُ في النَّجائبِ: لَطافةُ الحَقْوَيْنِ، وشِدَّةُ صِفاقِهما، وهي مِدْحةٌ.
والحِقابُ: البياض الظاهر في أَصل الظُّفُر.
والأَحْقَبُ: الحِمار الوَحْشِيُّ الذي في بَطْنِه بياض، وقيل: هو الأَبيضُ موضعِ الحَقَبِ؛ والأَوّل أَقْوَى؛ وقيل: إنما سُمي بذلك لبياضٍ في حَقْوَيْهِ، والأَنثى حَقْباءُ؛ قال رؤبة بن العجاج يُشَبِّه ناقَتَه بأَتانٍ حَقْباءَ:

كَأَنهَا حَقْباء بَلْقـاءُ الـزَّلَـقْ،

 

أَو جادِرُ اللِّيتَيْنِ، مَطْوِيُّ الحَنقْ

والزَّلَقُ: عَجِيزَتُها حيث تَزْلَقُ منه. والجادِرُ: حِمارُ الوَحْشِ الذي عَضَّضَتْه الفُحُول في صَفْحَتَيْ عُنُقِه، فصار فيه جَدَراتٌ.
والجَدَرةُ: كالسِّلْعة تكون في عُنُقِ البعير، وأَراد باللِّيتَيْن صَفْحَتَي العُنقِ أَي هو مَطْوِيٌّ عند الحنَقِ، كما تقول: هو جَرِيءُ المَقْدَمِ أَي جَرِيءٌ عند الإقْدامِ والعَرب تُسَمِّي الثَّعْلَبَ مُحْقَباً، لبيَاضِ بَطْنِه. وأَنشد بعضُهم لأُم الصَّريح الكِنْدِيّةِ، وكانت تحتَ جَرير، فوَقَع بينها وبين أُخت جرير لِحَاءٌ وفِخارٌ، فقالت:

أَتَعْدِلِينَ مُحْقَـبـاً بـأَوْسِ،

والخَطَفَى بأَشْعَثَ بنِ قَيْسِ،

ما ذاكِ بالحَزْمِ ولا بالكَيْسِ

عَنَتْ بذلكَ: أَنَّ رِجالَ قَوْمِها عند رِجالِها، كالثَّعْلَب عند الذِّئب. وأَوْسٌ هو الذئب، ويقال له أُوَيْسٌ.
والحَقِيبةُ كَالبَرْذَعةِ، تُتَّخَذ لِلحِلْسِ والقَتَبِ، فأَما حَقِيبةُ القَتَبِ فَمِنْ خَلْفُ، وأَما حَقِيبةُ الحِلْسِ فَمُجَوَّبةٌ عن ذِرْوةِ السَّنامِ. وقال ابن شميل: الحَقِيبةُ تكون على عَجُزِ البَعِير، تحت حِنْوَيِ القَتَبِ الآخَرَيْن.
والحَقَبُ: حَبْلُ تُشَدُّ به الحَقِيبةُ.
والحَقِيبةُ: الرَّفادةُ في مُؤَخَّر القَتَبِ، والجمع الحَقائبُ.
وكلُّ شيءٍ شُدّ في مؤَخَّر رَحْل أَو قَتَب، فقد احْتُقِبَ.
وفي حديث حنين: ثم انْتَزَع طَلَقاً مِنْ حَقِبه أَي من الحَبْلِ المَشْدُود على حَقْوِ البعير، أَو من حَقِيبتِه، وهي الزِّيادةُ التي تُجْعَل في مُؤَخَّر القَتَب، والوعاءُ الذي يَجْعَل الرجل فيه زادَه. والمُحْقِبُ: المُرْدِفُ؛ ومنه حديث زيد بن أَرْقَمَ: كنتُ يَتِيماً لابنِ رَواحةَ فَخرجَ بي إلى غَزْوةِ مُؤْتةَ، مُرْدِفي على حَقِيبةِ رَحْلِه؛ ومنه حديث عائشة: فَأَحْقَبَها عبدُ الرحمن على ناقةٍ، أَي أَرْدَفَها خَلْفَه على حَقِيبةِ الرَّحْل. وفي حديث أَبي أُمامة: أَنه أَحْقَبَ زادَه خَلْفَه على راحِلَتِه أَي جعلَه وراءه حَقِيبةً.
واحتَقَبَ حَيْراً أَو شَرّاً، واسْتَحْقَبه: ادَّخَره، على المثَل، لأَنّ الإنسان حامِلٌ لعَمَلِه ومُدَّخِرٌ له. واحْتَقَبَ فلان الإثْم: كأَنَّه جَمَعَه واحْتَقَبَه مَنْ خَلْفهِ؛ قال امْرُؤُ القيس:

فاليَوْمَ أُسْقَى، غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ،

 

إثْماً، مِنَ اللّهِ، ولا واغِـلِ

واحْتَقَبَه واسْتَحْقَبَه، بمعنى أَي احْتَمَلَه.
الأَزهري: الاحْتِقابُ شَدُّ الحَقِيبةِ من خَلْفٍ، وكذلك ما حُمِلَ مِن شيء من خَلْفٍ، يقال: احْتَقَبَ واسْتَحْقَبَ؛ قال النابغة:

مُسْتَحْقِبِي حَلَقِ الماذِيِّ، يَقْدُمُهم

 

شُمُّ العَرانِينِ، ضَرَّابُون لِلهامِ

الأَزهري: ومن أَمثالهم: اسْتَحْقَبَ الغَزْوَ أَصْحابَ البَراذِينِ؛ يقال ذلك عند ضِيق المخَارِج؛ ويقال في مثله: نَشِبَ الحَديدةُ والتَوَى المِسمارُ؛ يقال ذلك عند تأْكيد كل أَمر ليس منه مَخْرَجٌ.
والحِقْبةُ من الدَّهر: مدّة لا وَقْتَ لها. والحِقْبةُ، بالكسر: السَّنةُ؛ والجمع حِقَبٌ وحُقُوبٌ كحِلْيةٍ وحُلِيٍّ.
والحُقْبُ والحُقْبُ: ثمانون سَنةً، وقيل أَكثرُ من ذلك؛ وجمع الحُقْبِ حِقابٌ، مثل قُفٍّ وقِفافٍ، وحكى الأَزهري في الجمع أَحْقَاباً.
والحُقُبُ: الدَّهرُ، والأَحْقابُ: الدُهُور؛ وقيل: الحُقُبُ السَّنةُ، عن ثعلب.
ومنهم من خَصَّصَ به لغة قيس خاصَّة. وقوله تعالى: أَو أَمْضِيَ حُقُباً؛ قيل: معناه سنةً؛ وقيل: معناه سنين، وبسِنينَ فسره ثعلب. قال الأَزهري: وجاء في التفسير: أَنه ثمانون سنة، فالحُقُب على تفسير ثعلب، يكون أَقَلَّ من ثمانين سنة، لأَنّ موسى، عليه السلام، لم يَنْوِ أَن يَسِيرَ ثَمانين سَنةً، ولا أَكثر، وذلك أَنّ بَقِيَّةَ عُمُرِه في ذلك الوَقْت لا تَحْتَمِلُ ذلك؛ والجمع من كل ذلك أَحْقابٌ وأَحْقُبٌ؛ قال ابن هَرْمةَ:

وقد وَرِثَ العَبّاسُ، قَبْلَ مُحمدٍ،

 

نَبِيَّيْنِ حَلاَّ بَطْنَ مَكَّةَ أَحْقُـبـا

وقال الفرَّاءُ في قوله تعالى: لابِثينَ فيها أَحْقاباً؛ قال: الحُقْبُ ثمانُون سنةً، والسَّنةُ ثَلثُمائة وستون يوماً، اليومُ منها أَلفُ سنة من عَدد الدنيا، قال: وليس هذا مما يدل على غاية، كما يَظُنّ بعضُ الناس، وإنما يدُل على الغايةِ التوْقِيتُ، خمسةُ أَحْقاب أَو عشرة، والمعنى أَنهم يَلْبَثُون فيها أَحْقاباً، كُلَّما مضَى حُقْب تَبِعه حُقْب آخَر؛ وقال الزجاج: المعنى أَنهم يَلْبَثُون فيها أَحْقاباً، لا يذُوقُون في الأَحْقابِ بَرْداً ولا شَراباً، وهم خالدون في النار أَبداً، كما قال اللّه، عز وجل؛ وفي حديث قُسّ:

وأَعْبَدُ مَن تَعَبَّدَ في الحِقَبْ

هو جمع حِقْبةٍ، بالكسر، وهي السنةُ، والحُقْبُ، بالضم؛ ثَمانُون سَنةً، وقيل أَكثر، وجمعه حِقابٌ.
وقارةٌ حَقْباء: مِسْتَدِقّةٌ طَويلةٌ في السماء؛ قال امرؤُ القيس:

تَرَى القُنَّةَ الحَقْباء، مِنْها، كَأَنـهـا

 

كُمَيْتٌ، يُبارِي رَعْلةَ الخَيْلِ، فارِدُ

وهذا البيت مَنْحُول. قال الأَزهري، وقال بعضهم: لا يقال لها حَقْباء، حتى يَلْتَوِيَ السَّرابُ بِحَقْوَيْها؛ قال الأَزهري: والقارةُ الحَقْباء التي في وسَطها تُرابٌ أَعْفَرُ، وهو يَبْرُقُ ببياضِه مع بُرْقةِ سائِرِه.
وحَقِبَت السماءُ حَقَباً إذا لم تُمْطِرْ. وحَقِبَ المطَرُ حَقَباً: احْتَبَسَ. وكُلّ ما احْتَبَس فقد حَقِبَ، عن ابن الأَعرابي. وفي الحديث: حَقِبَ أَمرُ النَّاسِ أَي فَسَدَ واحْتَبَس، مِن قولهم حَقِبَ المَطَرُ أَي تأَخَّر واحْتَبَسَ.
والحُقْبَةُ: سكون الرِّيحِ، يمانيةٌ.
وحَقِبَ المَعْدِنُ، وأَحْقَبَ: لم يوجد فيه شيء، وفي الأَزهري: إذا لم يُرْكِزْ. وحَقِبَ نائِلُ فلان إذا قلَّ وانْقَطَعَ. وفي حديث ابن مسعود، رضي اللّه عنه: الإِمَّعةُ فيكم اليَوْمَ المُحْقِبُ الناسَ دِينَه؛ وفي رواية: الذي يُحْقِبُ دِينَه الرِّجالَ؛ أَراد: الذي يُقَلِّد دينَه لكل أَحد أَي يَجْعَلُ دِينَه تابعاً لدينِ غيره، بلا حُجّة ولا بُرْهانٍ ولا رَوِيَّةٍ، وهو من الإرْدافِ على الحقيبة.
وفي صفة الزبير، رضي اللّه عنه: كانَ نُفُجَ الحَقِيبةِ أَي رابِيَ العَجُز، ناتئه، وهو بضم النون والفاء؛ ومنه انْتَفَجَ جَنْبا البعير أَي ارتفعا.
والأَحْقَبُ: زعموا اسم بعض الجنْ الذين جاؤُوا يستمعون القرآن من النبي، صلى اللّه عليه وسلم. قال ابن الأَثير: وفي الحديث ذكر الأَحقب، وهو أَحَدُ النفَر الذين جاؤُوا إلى النبي، صلى اللّه عليه وسلم، من جنّ نَصِيبِينَ، قيل: كانوا خمسةً: خَسا، ومَسا، وشاصهْ، وباصهْ، والأَحقَب.
والحِقابُ: جبل بعَيْنه، مَعْروف؛ قال الراجز، يَصِفُ كَلْبةً طَلَبَتْ وَعِلاً مُسِنّاً في هذا الجَبَل:

قد قُلْتُ، لمَّا جَدَّتِ العُقابُ،

 

وضَمَّها، والبَدنَ، الحِقابُ:

جِدِّي، لكلِّ عامِلٍ ثَـوابُ،

 

الرَّأْسُ والأَكْرُعُ والإِهابُ

البَدنُ: الوَعِلُ المُسِنُّ؛ قال ابن بري: هذا الرجز ذكره الجوهري:

قد ضَمَّها، والبَدنَ، الحِقابُ

قال: والصواب: وضَمَّها، بالواو، كما أَوردناه. والعُقابُ: اسم كَلْبَتِه؛ قال لها لمَّا ضَمَّها والوَعِل الجَبَلُ: جِدِّي في لحَاق هذا الوَعِلِ لتأْكُلِي الرَّأْسَ والأَكْرُعَ والإهابَ.
حقطب: الأَزهري، أَبو عمرو: الحَقْطَبَةُ صِياحُ الحَيْقُطان، وهو ذَكَر الدُرَّاج؛ والله أَعلم.

حقد

الحِقْدُ: إِمساك العداوة في القلب والتربص لِفُرْصَتِها.
والحِقْدُ: الضِّغْنُ، والجمع أَحقاد وحُقود، وهو الحقِيدَةُ، والجمع حقائد؛ قال أَبو صخر الهذلي:

وعَدِّ إِلى قوم تَجِيشُ صُدورُهم

 

بِغِشِّيَ، لا يُخْفُونَ حَمْلَ الحَقائِدِ

وحَقَدَ عليَّ يَحْقِدُ حَقْداً وحَقِد، بالكسر، حَقَداً وحِقْداً فيهما فهو حاقد، فالحَقْدُ الفعل، والحِقْدُ الاسم. وتَحَقَّدَ كَحَقَدَ؛ قال جرير:

يا عَدْنَ، إِنَّ وِصالهنَّ خِلابَة،

 

ولقد جَمَعْنَ مع البِعادِ تَحَقُّدَا

ورجل حقود: كثير الحقد على ما يوجب هذا الضرب من الأَمثلة.
وأَحقَدَه الأَمرُ: صَيَّرَه حاقداً وأَحقده غيره. وحَقِدَ المطرُ حَقَداً وأَحقد: احتبس، وكذلك المعدن إذا انقطع فلم يُخرج شيئاً. قال ابن الأَعرابي: حَقِدَ المعدنُ وأَحقَدَ إذا لم يخرج منه شيء وذهبت مَنالته.
ومعدن حاقد إذا لم يُنل شيئاً. الجوهري: وأَحقد القومُ إذا طلبوا من المعدن شيئاً فلم يجدوا؛ قال: وهذا الحرف نقلته من كلام ولم أَسمعه.
والمَحْقِدُ: الأَصل؛ عن ابن الأَعرابي.

حقر

الحَقْرُ في كل المعاني: الذِّلَّة؛ حَقَرَ يَحْقِرُ حَقْراً وحُقْرِيَّةً، وكذلك الاحْتِقارُ. والحَقِيرُ: الصغير الذليل. وفي الحديث:عَطَسَ عنده رجل فقال له: حَقِرْتَ ونَقِرْتَ؛ حَقِرَ إذا صار حقيراً أَي ذليلاً. وتَحاقَرَتْ إِليه نفسه؛ تَصاغَرَتْ. والتَّحْقِيرُ: التصغيرُ.
والمُحَقَّراتُ: الصغائر. ويقال: هذا الأَمر مَحْقَرَةٌ بك أَي حَقارَةٌ.
والحَقِيرُ: ضد الخَطِير، ويؤكد فيقال: حَقِيرٌ نَقِيرٌ وحَقْرٌ نَقْرٌ.
وقد حَقُرَ، بالضم، حَقْراً وحَقارةً وحَقَرَ الشيءَ يَحْقِرُهُ حَقْراً ومَحْقَرَةً وحَقارَةَ وحَقَّرَهُ واحْتَقَرَهُ اسْتَحقَرهُ:اسْتَصْغَرَه ورآه حقِيراً. وحَقَّرَهُ: صيره حَقِيراً؛ قال بعض الأَغفال:

حُقِّرْتِ، أَلاَّ يَوْمَ قُدَّ سَيْرِي،

 

إِذ أَنَا مِثْلُ الفَلَتانِ العَـيْرِ

حُقِّرْتِ، أَي صيرك الله حقيرة هلاَّ تعرَّضت إِذْ أَنَا فتى. وتحقير الكلمة: تصغيرها. وحَقَّرَ الكلامَ: صَغَّرَه.
والحروف المَحْقورةُ هي: القاف والجيم والطاء والدال والباء يجمعها جَدُّ قُطْبٍ سميت بذلك لأَنها تُحَقَّرُ في الوقت وتُضْغَطُ عن مواضعها، وهي حروف القلقلة، لأَنك لا تستطيع الوقوف عليها إِلاَّ بصوت وذلك لشدَّة الحَقْر والضَّغْطِ، وذلك نحو الحَقْ واذْهَبْ واخرُج، وبعض العرب أَشدَّ تصويتاً من بعض. وفي الدعاء: حَقْراً ومَحْقَرَةً وحَقارَةً، وكله راجع إِلى معنى الصِّغَرِ. ورجل حَيْقَرٌ: ضعيف؛ وقيل: لئيم الأَصل.

حقص

الأَزهري خاصة: قال أَبو العميثل: يقال حَقَص ومَحَصَ إذا مرَّ مَرّاً سريعاً، وأَقْحَصْته وقَحّصْته إذا أَبْعَدْته عن الشيء. وقال أَبو سعيد: يقال فَحَصَ برِجْلهِ وقَحَصَ إذا رَكَضَ برجله. قال ابن الفرج: سمعت مُدْرِكاً الجعفريَّ يقول: سبَقَني فلانٌ قَبْصاً وحَقْصاً وشَدّاً بمعنى واحد.

حقط

الحَيْقَطُ والحَيْقُطانُ: ذكر الدُّرَّاج؛ قال الطرمّاح:

من الهُوذِ كَدْراء السَّراةِ، وبَطْنُها

 

خَصِيفٌ كَلَوْنِ الحَيْقُطانِ المُسَيَّحِ

المُسَيَّحُ: المُخَطَّطُ، والخَصِيفُ: لون أَبيض وأَسود كلون الرَّماد، وقال ابن خالويه: لم يفتح أَحد قاف الحَيْقطان إِلا ابن دريد، وسائر الناس الحَيْقُطانُ، والأُنثى حَيْقُطانةٌ.
والحَقَطُ: خفة الجسم وكثرة الحركة، والحَقْطةُ: المرأَة الخَفيفة الجسم النَّزِقةُ.

حقف

الحِقْفُ من الرمل: المُعْوَجُّ، وجمعه أَحْقافٌ وحُقوفٌ وحِقافٌ وحِقَفةٌ؛ ومنه قيل لما اعْوَجَّ: مُحْقَوْقِفٌ. وفي حديث قُسٍّ: في تَنائِفَ حِقافٍ، وفي رواية أُخرى: حَقائِفَ؛ الحِقافُ: جمع حِقْفٍ، وهو ما اعْوَجَّ من الرمل واستطال، ويجمع على أَحْقافٍ، فأَما حَقائِفُ فجمع الجمع، أَما جمع حِقافٍ أَو أَحقافٍ، وأَما قوله تعالى: إذ أَنذر قومَه بالأَحْقافِ، فقيل: هي من الرِّمال، أَي أَنذَرَهم هنالك. قال الجوهري: الأَحْقافُ ديار عاد. قال تعالى: واذكر أَخا عادٍ إذ أَنذر قومَه بالأَحْقافِ؛ قال الفراء: واحدها حِقْفٌ وهو المستطيل المشرف، وفي بعض التفسير في قوله بالأَحقاف فقال بالأَرض، قال: والمعروف من كلام العرب الأَول، وقال الليث: الأَحقافُ في القرآن جبل محيط بالدنيا من زَبَرْجَدةٍ خضراء تَلْتَهِبُ يوم القيامة فتَحْشُرُ الناس من كل أُفُق؛ قال الأَزهري: هذا الجبل الذي وصفه يقال له قافٌ، وأَما الأَحْقافُ فهي رمال بظاهر بلاد اليمن كانت عاد تنزل بها. والحِقْفُ: أَصْلُ الرَّمْلِ وأَصل الجبل وأَصل الحائط.
وقد احْقَوْقَفَ الرملُ إذا طالَ واعْوَجَّ. واحْقَوْقَفَ الهِلالُ: اعْوجَّ. وكلُّ ما طالَ واعْوَجَّ، فقد احْقَوْقَفَ كظهر البعير وشَخْص القَمَرِ؛ قال العجاج:

ناجٍ طَواهُ الأَيْنُ ممّا وجَفـا

طَيَّ اللَّيالي زُلَفاً فزلـفـا

سَماوةَ الهِلالِ حتى احْقَوْقَفا

وظبي حاقِفٌ فيه قولان: أَحدهما أَنَّ معناه صار في حِقْفٍ، والآخر أَنه رَبَضَ واحْقَوْقَفَ ظهرُه. الأزهري: الظبي الحاقِفُ يكون رابِضاً في حِقْفٍ من الرمل أَو منطوياً كالحِقْف. وقال ابن شميل: جمل أَحْقَفُ خَمِيصٌ. قال ابن سيده: وكل موضع دخل فيه فهو حِقْفٌ. ورجل حاقِفٌ إذا دخل في الموضع؛ كلُّ ذلك عن ثعلب. وفي الحديث: أَنه، صلى اللّه عليه وسلم، مرَّ هو وأَصحابه وهم مُحْرمُون بظبي حاقِفٍ في ظلّ شجرة؛ هو الذي نام وانحَنى وتَثَنّى في نومه، ولهذا قيل للرمل إذا كان مُنْحَنِياً حِقْفٌ، وكانت مَنازِلُ قوم عادٍ بالرِّمال.

حقق

الحَقُّ: نقيض الباطل، وجمعه حُقوقٌ وحِقاقٌ، وليس له بِناء أدنى عدَد. وفي حديث التلبية: لبَّيْك حَقّاً حقّاً أي غير باطل، وهو مصدر مؤكد لغيره أي أنه أكَّد به معنى ألزَم طاعتَك الذي دلّ عليه لبيك، كما تقول: هذا عبد الله حقّاً فتؤَكِّد به وتُكرِّرُه لزيادة التأْكيد، وتَعَبُّداً مفعول لهوحكى سيبويه: لَحَقُّ أنه ذاهب بإضافة حقّ إلى أنه كأنه قال: لَيقِينُ ذاك أمرُك، وليست في كلام كل العرب، فأمرك هو خبر يقينُ لأنه قد أضافه إلى ذاك وإذا أضافه إليه لم يجز أن يكون خبراً عنه، قال سيبويه: سمعنا فصحاء العرب يقولونه، وقال الأَخفش: لم أسمع هذا من العرب إنما وجدناه في الكتاب ووجه جوازِه، على قِلَّته، طول الكلام بما أضيف هذا المبتدأ إليه، وإذا طال الكلام جاز فيه من الحذف ما لا يجوز فيه إذا قصُر، ألا ترى إلى ما حكاه الخليل عنهم: ما أنا بالذي قائل لك شيئاً؟ ولو قلت: ما أنا بالذي قائم لقَبُح. وقوله تعالى: ولا تَلْبِسُوا الحقَّ بالباطل؛ قال أبو إسحق: الحق أمر النبي، صلى الله عليه وسلم، وما أتى به من القرآن؛ وكذلك قال في قوله تعالى: بل نَقْذِفُ بالحقِّ على الباطل. وحَقَّ الأَمرُ يَحِقُّ ويَحُقُّ حَقّاً وحُقوقاً: صار حَقّاً وثَبت؛ قال الأَزهري: معناه وجَب يَجِب وجُوباً، وحَقَّ عليه القولُ وأحْقَقْتُه أنا. وفي التنزيل: قال الذي حَقَّ عليهم القولُ؛ أي ثبت، قال الزجاج: هم الجنُّ والشياطين. وقوله تعالى:ولكن حقَّت كلمة العذاب على الكافرين؛ أي وجبت وثبتت، وكذلك: لقد حقَّ القول على أكثرهم؛ وحَقَّه يَحُقُّه حقّاً وأحَقَّه، كلاهما: أثبته وصار عنده حقّاً لا يشكُّ فيه. وأحقَّه: صيره حقّاً. وحقَّه وحَقَّقه: صدَّقه؛ وقال ابن دريد: صدَّق قائلَه. وحقَّق الرجلُ إذا قال هذا الشيء هو الحقُّ كقولك صدَّق. ويقال: أحقَقْت الأَمر إحقاقاً إذا أحكمته وصَحَّحته؛ وأنشد:

قد كنتُ أوْعَزْتُ إلى العَلاء

 

بأنْ يُحِـقَّ وذَمَ الــدِّلاء

وحَقَّ الأَمرَ يحُقُّه حقّاً وأحقَّه: كان منه على يقين؛ تقول:حَقَقْتَ الأَمر وأحْقَقْته إذا كنت على يقين منه. ويقال: ما لي فيك حقٌّ ولا حِقاقٌ أي خُصومة. وحَقَّ حَذَرَ الرجل يَحُقُّه حَقّاً وحَقَقْتُ حذَره وأحقَقْته أي فعلت ما كان يَحذَره. وحقَقْت الرجل وأحقَقْته إذا أتيتَه؛ حكاه أبو عبيد. قال الأَزهري: ولا تقل حَقَّ حذَرَك، وقال: حقَقْت الرجل وأحقَقْته إذا غلَبته على الحقّ وأثبَتَّه عليه. قال ابن سيده: وحقَّه على الحقّ وأحقَّه غلبَه عليه، واستَحقَّه طلَب منه حقَّه.
واحْتَقّ القومُ: قال كل واحد منهم: الحقُّ في يدي. وفي حديث ابن عباس في قُرَّراء القرآن: متى ما تَغْلوا في القرآن تَحْتَقُّوا، يعني المِراء في القرآن، ومعنى تحتقُّوا تختصموا فيقول كل واحد منهم: الحقُّ بيدي ومعي؛ ومنه حديث الحَضانةِ: فجاءَ رجلان يَحْتَقّانِ في ولَد أي يختصِمان ويطلُب كل واحد منهما حقّه؛ ومنه الحديث: من يحاقُّني في ولدي؟ وحديث وهْب: كان فيما كلَّم الله أيُّوبَ، عليه السلام: أتحاقُّني بِخِطْئِك؛ ومنه كتابه لحُصَين: إنَّ له كذا وكذا لا يُحاقُّه فيها أحد. وفي حديث أبي بكر، رضي الله عنه: أنه خرج في الهاجرة إلى المسجد فقيل له: ما أخرجك؟ قال: ما أخرجني إلا ما أجِدُ من حاقِّ الجُوع أي صادِقه وشدَّته، ويروى بالتخفيف من حاقَ به يَحِيقُ حَيْقاً وحاقاً إذا أحدق به، يريد من اشتمال الجوع عليه، فهو مصدر أقامه مقام الاسم، وهو مع التشديد اسم فاعل من حقَّ يَحِقُّ. وفي حديث تأخير الصلاة: وتَحْتَقُّونها إلى شَرَقِ الموتَى أي تضيِّقُون وقتَها إلى ذلك الوقت. يقال: هو في حاقٍّ من كذا أي في ضيق؛ قال ابن الأَثير: هكذا رواه بعض المتأخرين وشرَحه، قال: والرواية المعروفة بالخاء المعجمة والنون، وسيأتي ذكره.
والحق: من أسماء الله عز وجل، وقيل من صفاته؛ قال ابن الأَثير: هو الموجود حقيقةً المُتحققُ وجوده وإلَهِيَّتُه. والحَق: ضدّ الباطل. وفي التنزيل: ثم رُدُّوا إلى الله مولاهم الحَقِّ. وقوله تعالى: ولو اتبع الحقُّ أهواءَهم؛ قال ثعلب: الحق هنا الله عز وجل، وقال الزجاج: ويجوز أن يكون الحق هنا التنزيل أي لو كن القرآن بما يحِبُّونه لفَسَدت السمواتُ والأَرضُ. وقوله تعالى: وجاءت سَكْرة الموتِ بالحق؛ معناه جاءَت السكرةُ التي تدل الإنسان أنه ميت بالحقِّ بالموت الذي خُلق له. قال ابن سيده: وروي عن أبي بكر، رضي الله عنه: وجاءت سكرة الحقِّ أي بالموت، والمعنى واحد، وقيل: الحق هنا الله تعالى. وقولٌ حقٌّ: وُصِف به، كما تقول قولٌ باطل. وقال الليحاني: وقوله تعالى: ذلك عيسى بنُ مريم قول الحقِّ، إنما هو على إضافة الشيء إلى نفسه؛ قال الأَزهري: رفع الكسائي القول وجعل الحق هو الله، وقد نصَب قولَ قومٌ من القراء يريدون ذلك عيسى ابن مريم قولاً حقّاً، وقرأ من قرأ: فالحقُّ والحقَّ أقول برفع الحق الأَول فمعناه أنا الحقُّ. وقال الفراءُ في قوله تعالى: قال فالحق والحقَّ أقول، قرأ القراء الأَول بالرفع والنصب، روي الرفع عن عبد الله بن عباس، المعنى فالحقُّ مني وأقول الحقَّ، وقد نصبهما معاً كثير من القُرَّاء، منهم من يجعل الأَول على معنى الحقَّ لأَمْلأَنَّ، ونَصب الثاني بوقوع الفعل عليه ليس فيه اختلاف؛ قال ابن سيده: ومن قرأ فالحقَّ والحقّ أقول بنصب الحق الأَول، فتقديره فأحُقُّ الحقّ حقّاً؛ وقال ثعلب: تقديره فأقول الحقَّ حقّاً؛ ومن قرأ فالحقِّ، أراد فبالحق وهي قليلة لأن حروف الجر لا تضمر. وأما قول الله عز وجل: هنالك الوَلايةُ لله الحقَّ، فالنصب في الحق جائز يريد حقّاً أي أُحِقُّ الحقَّ وأحُقُّه حَقّاً، قال: وإن شئت خفضت الحق فجعلته صفة لله، وإن شئت رفعته فجعلته من صفة الولاية هنالك الولايةُ الحقُّ لله. وفي الحديث: من رآني فقد رأى الحقَّ أي رؤيا صادقةً ليست من أضْغاث الأَحْلام، وقيل: فقد رآني حقيقة غير مُشَبَّهٍ. ومنه الحديث: أمِيناً حقَّ أمِينٍ أي صِدْقاً، وقيل: واجباً ثابتاً له الأَمانةُ؛ ومنه الحديث: أتدْرِي ما حَقُّ العباد على الله أي ثوابُهم الذي وعدَهم به فهو واجبُ الإنْجازِ ثابت بوعدِه الحقِّ؛ ومنه الحديث: الحقُّ بعدي مع عمر.ويَحُقُّ عليك أن تفعل كذا: يجب، والكسر لغة، ويَحُقُّ لك أن تفعل ويَحُقُّ لك تَفْعل؛ قال:

يَحُقُّ لمن أَبُو موسَى أَبُوه

 

يُوَفِّقُه الذي نصَب الجِبالا

وأنت حَقيِقٌ عليك ذلك وحَقيِقٌ عليَّ أَن أَفعله؛ قال شمر: تقول العرب حَقَّ عليَّ أَن أَفعلَ ذلك وحُقَّ، وإِني لمَحْقُوق أَن أَفعل خيراً، وهو حَقِيق به ومَحقُوق به أَي خَلِيق له، والجمع أَحِقاء ومَحقوقون. وقال الفراء: حُقَّ لك أَن تفعل ذلك وحَقَّ، وإِني لمحقوق أَن أَفعل كذا، فإِذا قلت حُقَّ قلت لك، وإذا قلت حَقَّ قلت عليك، قال: وتقول يَحِقُّ عليك أَن تفعل كذا وحُقَّ لك، ولم يقولوا حَقَقْتَ أَن تفعل. وقوله تعالى:وأَذِنَت لربِها وحُقَّت؛ أَي وحُقَّ لها أنَ تفعل. ومعنى قول من قال حَقَّ عليك أَن تفعل وجَب عليك. وقالوا: حَقٌّ أَن تفعل وحَقِيقٌ أَن تفعل. وفي التنزيل: حَقيق عليَّ أَن لا أَقولَ على الله إِلا الحقَّ. وحَقِيقٌ في حَقَّ وحُقَّ، فَعِيل بمعنى مَفْعول، كقولك أَنت حَقِيق أَن تفعله أَي محقوق أَن تفعله، وتقول: أَنت مَحْقوق أَن تفعل ذلك؛ قال الشاعر:

قَصِّرْ فإِنَّكَ بالتَّقْصِير مَحْقوق

وفي التنزيل: فحَقَّ علينا قولُ رَبِّنا. ويقال للمرأَة: أَنت حقِيقة لذلك، يجعلونه كالاسم، وَأَنت مَحْقوقة لذلك، وأَنت مَحْقوقة أَن تفعلي ذلك؛ وأَما قول الأَعشى:

وإِنَّ امْرَأً أَسْرى إِلـيكِ، ودونَـه

 

من الأَرضِ مَوْماةٌ ويَهْماء سَمْلَقُ

لَمَحْقُوقةٌ أَن تَسْتَجِيبي لِصَـوْتِـه،

 

وأَن تَعْلَمي أَنَّ المُعانَ مُـوَفَّـقُ

فإِنه أَراد لَخُلّة محْقوقة، يعني بالخُلّة الخَلِيلَ، ولا تكون الهاء في محقوقة للمبالغة لأَن المبالغة إنما هي في أسماء الفاعلين دون المَفْعُولين، ولا يجوز أن يكون التقدير لمحقوقة أنت، لأن الصفة إذا جرت على غير موصوفها لم يكن عند أبي الحسن الأخفش بُدًّ من إبراز الضمير، وهذا كله تعليل الفارسي؛ وقول الفرزدق:

إذا قال عاوٍ من مَعَدٍّ قَصِـيدةً،

 

بها جَرَبٌ، عُدَّتْ عليَّ بِزَوْبَرا

فيَنْطِقُها غَيْري وأُرْمى بذَنبها،

 

فهذا قَضاءٌ حَقُّـه أَن يُغَـيَّرا

أي حُقَّ له. والحَقُّ واحد الحُقوق، والحَقَّةُ والحِقَّةُ أخصُّ منه، وهو في معنى الحَق؛ قال الأزهري: كأنها أوجَبُ وأخصّ، تقول هذه حَقَّتي أي حَقِّي. وفي الحديث: أنه أعطى كلَّ ذي حَقّ حقّه ولا وصيّة لوارث أي حظَّه ونَصِيبَه الذي فُرِضَ له. ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: لما طُعِنَ أُوقِظَ للصلاة فقال: الصلاةُ والله إِذَنْ ولا حقَّ أي ولا حَظَّ في الإسلام لِمَن تركَها، وقيل: أراد الصلاةُ مقْضِيّة إذن ولا حَقَّ مَقْضِيٌّ غيرها، يعني أن في عُنقه حُقوقاً جَمَّةً يجب عليه الخروج عن عُهْدتها وهو غير قادر عليه، فهَبْ أنه قضى حَقَّ الصلاة فما بالُ الحُقوق الأُخر؟ وفي الحديث: ليلةُ الضَّيْفِ حَقٌّ فمن أصبح بفِنائه ضَيْف فهو عليه دَيْن؛ جعلها حَقّاً من طريق المعروف والمُروءة ولم يزل قِرى الضَّيفِ من شِيَم الكِرام ومَنْع القِرى مذموم؛ ومنه الحديث: أَيُّما رجُل ضافَ قوماً فأصبح مَحْرُوماً فإِن نَصْرَه حَقٌّ على كل مسلم حتى يأْخذ قِرى ليلته من زَرعه وماله؛ وقال الخطابي: يشبه أن يكون هذا في الذي يخاف التّلف على نفسه ولا يجد ما يأْكل فله أن يَتناول من مال أخيه ما يُقيم نفسه، وقد اختلف الفقهاء في حكم ما يأْكله هل يلزمه في مقابلته شيء أم لا. قال ابن سيده: قال سيبويه وقالوا هذا العالم حَقُّ العالم؛ يريدون بذلك التَّناهي وأنه قد بلغ الغاية فيما يصفه من الخِصال، قال: وقالوا هذا عبد الله الحَقَّ لا الباطل، دخلت فيه اللام كدخولها في قولهم أَرْسَلَها العِراكَ، إلا أنه قد تسقط منه فتقول حقّاً لا باطلاً.وحُقَّ لك أن تفعل وحُقِقْتَ أنتفعل وما كان يَحُقُّك أن تفعله في معنى ما حُقَّ لك. وأُحِقَّ عليك القَضاء فحَقَّ أي أُثْبِتَ فثبت، والعرب تقول: حَقَقْت عليه القضاء أحُقُّه حَقّاً وأحقَقْتُه أُحِقُّه إحْقاقاً أي أوجبته. قال الأزهري: قال أبو عبيد ولا أعرف ما قال الكسائي في حَقَقْت الرجلَ وأحْقَقْته أي غلبته على الحق.
وقوله تعالى: حَقّاً على المُحسنين، منصوب على معنى حَقَّ ذلك عليهم حقّاً؛ هذا قول أبي إسحق النحوي؛ وقال الفراء في نصب قوله حقّاً على المحسنين وما أشبهه في الكتاب: إنه نَصْب من جهة الخبر لا أنه من نعت قوله مَتاعاً بالمعروف حقّاً، قال: وهو كقولك عبدُ اللهِ في الدار حقْاً، إنما نَصْبُ حقّاً من نية كلام المُخبِر كأنه قال: أُخْبِركم بذلك حقّاً؛ قال الأزهري: هذا القول يقرب مما قاله أبو إسحق لأنه جعله مصدراً مؤكِّداً كأنه قال أُخبركم بذلك أحُقُّه حَقّاً؛ قال أبو زكريا الفراء: وكلُّ ما كان في القرآن من نَكِرات الحق أو معرفته أو ما كان في معناه مصدراً، فوجه الكلام فيه النصب كقول الله تعالى: وَعْدَ الحقِّ ووعدَ الصِّدْقِ؛ والحَقِيقَةُ ما يصير إليه حَقُّ الأمر ووجُوبُه.
وبلغ حقيقةَ الأمر أي يَقِينَ شأْنه. وفي الحديث: لا يبلُغ المؤمن حقيقةَ الإيمان حتى لا يَعِيب مسلماً بِعَيْب هو فيه؛ يعني خالِصَ الإيمان ومَحْضَه وكُنْهَه. وحقيقةُ الرجل: ما يلزمه حِفظه ومَنْعُه ويَحِقُّ عليه الدِّفاعُ عنه من أهل بيته؛ والعرب تقول: فلان يَسُوق الوَسِيقة ويَنْسِلُ الوَدِيقةَ ويَحْمي الحقيقة، فالوَسيقةُ الطريدةُ من الإبل، سميت وسيقة لأن طاردها يَسِقُها إذا ساقَها أي يَقْبِضها، والوَديقةُ شدّة الحر، والحقيقةُ ما يَحِقّ عليه أن يَحْمِيه، وجمعها الحَقائقُ. والحقيقةُ في اللغة: ما أُقِرّ في الاستعمال على أصل وضْعِه، والمَجازُ ما كان بضد ذلك، وإنما يقع المجاز ويُعدَل إليه عن الحقيقة لمعانٍ ثلاثة: وهي الإتِّساع والتوكيد والتشبيه، فإن عُدِم هذه الأوصافُ كانت الحقيقة البتَّةَ، وقيل:الحقيقة الرّاية؛ قال عامر بن الطفيل:

لقد عَلِمَتْ عَليْنا هَوازِنَ أَنَّـنـي

 

أَنا الفارِسُ الحامي حَقِيقةَ جَعْفَرِ

وقيل: الحقيقة الحُرْمة، والحَقيقة الفِناء.وحَقَّ الشئُ يَحِقُّ، بالكسر، حقّاً أي وجب. وفي حديث حذيفة: ما حَقَّ القولُ على بني إسرائيل حتى استغْنى الرِّجالُ بالرجالِ والنساءُ بالنساءِ أي وجَب ولَزِم. وفي التنزيل: ولكن حَقَّ القولُ مني. وأحقَقْت الشئ أي أوجبته. وتحقق عنده الخَبَرُ أي صحَّ. وحقَّقَ قوله وظنَّه تحقيقاً أي صدَّقَ. وكلامٌ مُحَقَّقٌ أي رَصِين؛ قال الراجز:

دَعْ ذا وحَبِّرْ مَنْطِقاً مُحَقَّقا

والحَقُّ: صِدْق الحديثِ. والحَقُّ: اليَقين بعد الشكِّ.
وأحقِّ الرجالُ: قال شيئاً أو ادَّعَى شيئاً فوجب له.
واستحقَّ الشيءَ: استوجبه. وفي التنزيل: فإن عُثِرَ على أنَّهُمَا اسْتَحقّا إثْماً، أي استوجباه بالخِيانةِ، وقيل: معناه فإن اطُّلِعَ على أنهما استوجبا إثماً أي خيانةً باليمين الكاذبة التي أقْدما عليها، فآخرانِ يَقُومانِ مَقامها من ورثة المُتوفَّى الذين استُحِقَّ عليهم أي مُلِك عليهم حقٌ من حقوقهم بتلك اليمين الكاذبة، وقيل: معنى عليهم منهم، وإذا اشتَرَى رجل داراً من رجل فادّعاها رجل آخر وأقامَ بيِّنةً عادلةً على دعواه وحكم له الحاكمُ ببينة فقد استحقها على المشتري الذي اشتراها أي مَلَكَها عليه، وأخرجها الحاكم من يد المشتري إلى يد مَن استحقَّها، ورجع المشتري على البائع بالثمن الذي أدَّاه إليه، والاستِحْقاقُ والاسْتِيجابُ قريبان من السواء. وأما قوله تعالى: لَشَهادَتُنا أحَقُّ من شهادتهما، فيجوز أن يكون معناه أشدُّ اسْتِحْقاقاً للقَبول، ويكون إذ ذاك على طرح الزائد من اسْتَحقَّ أعني السين والتاء، ويجوز أن يكون أراد أثْبَتُ من شهادتهما مشتق من قولهم حَقَّ الشيءُ إذا ثبت. وفي حديث ابن عمر أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: ما حقُّ امرئٍ أن يَبِيتَ ليلتين إلا ووَصِيَّتُه عنده؛ قال الشافعي: معناه ما الحَزْمُ لامرئٍ وما المعروف في الأخلاق الحسَنة لامرئٍ ولا الأحْوطُ إلا هذا، لا أنه واجب ولا هو من جهة الفرض، وقيل: معناه أن الله حكم على عباده بوجوب الوصية مطلقاً ثم نَسخ الوصيّة للوارث فبقي حَقُّ الرجل في ماله أن يُوصي لغير الوارث، وهو ما قدَّره الشارع بثلث ماله.
وحاقَّهُ في الأمر مُحَاقَّةً وحِقاقاً: ادَّعَى أنه أولى بالحق منه، وأكثر ما استعملوا هذا في قولهم حاقَّني أي أكثر ما يستعملونه في فعل الغائب. وحاقَّهُ فحَقَّه يَحُقُّه: غَلبه، وذلك في الخصومة واستيجاب الحق.
وحاقَّهُ أي خاصَمه وادَّعَى كل واحد منهما الحق، فإذا غلبه قيل حَقَّه.
والتَّحَاقُّ: التخاصمُ. والاحْتِقاقُ: الاختصام. ويقال: احْتَقَّ فلان وفلان، ولا يقال للواحد كما لا يقال اختصم للواحد دون الآخر. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: إذا بلغ النساءُ نَصَّ الحِقاقِ، ورواه بعضهم: نَصُّ الحَقائِقِ، فالعَصَبة أوْلى؛ قال أبو عبيدة: نَصَّ كل شيء مُنتهاه ومَبْلَغ أقصاه. والحِقاقُ: المُحاقَّةُ وهو أن تُحاقَّ الأُمُّ العَصبَة في الجارية فتقول أنا أحَقُّ بها، ويقولون بل نحن أحَقُّ، وأراد بِنَصِّ الحِقاق الإدْراكَ لأن وقت الصغر ينتهي فتخرج الجارية من حد الصغر إلى الكبر؛ يقول: ما دامت الجاريةُ صغيرةً فأُمُّها أوْلى بها، فإذا بَلَغَت فالعصبة أوْلى بأمرها من أُمها وبتزويجها وحَضانتها إذا كانو مَحْرَماً لها مثل الآباء والإخْوة والأعمام؛ وقال ابن المبارك: نَصُّ الحِقاق بلوغ العقل، وهو مثل الإدراك لأنه إنما أراد منتهى الأمر الذي تجب به الحقوق والأحكام فهو العقل والإدراك. وقيل: المراد بلوغ المرأة إلى الحد الذي يجوز فيه تزويجها وتصَرُّفها في أمرها، تشبيهاً بالحِقاقِ من الإبل جمع حِقٍّ وحِقَّةٍ، وهو الذي دخل في السنة الرابعة، وعند ذلك يُتمكَّن من ركوبه وتحميله، ومن رواه نَصَّ الحَقائِقِ فإنه أراد جمع الحَقيقة، وهو ما يصير إليه حَقُّ الأمر ووجوبُه، أو جمع الحِقَّة من الإبل؛ ومنه قولهم: فلان حَامي الحَقِيقة إذا حَمَى ما يجب عليه حمايتُه. ورجل نَزِقُ الحِقاقِ إذا خاصم في صغار الأشياء. والحاقَّةُ: النازلة وهي الداهية أيضاً. وفي التهذيب: الحَقَّةُ الداهية والحاقَّةُ القيامة، وقد حَقَّتْ تَحُقُّ. وفي التنزيل: الحاقَّةُ ما الحاقَّة وما أدراك ما الحاقَّةُ؛ الحاقة: الساعة والقيامة، سميت حاقَّةً لأنها تَحُقُّ كلَّ إنسان من خير أو شر؛ قال ذلك الزجاج، وقال الفراء: سميت حاقَّةً لأن فيها حَواقَّ الأُمور والثوابَ. والحَقَّةُ: حقيقة الأمر، قال: والعرب تقول لمّاعرفتَ الحَقَّةَ مِني هربْتَ، والحَقَّةُ والحاقَّةُ بمعنى واحد؛ وقيل: سميت القيامة حاقَّةً لأنها تَحُقُّ كلَّ مُحاقٍّ في دِين الله بالباطل أي كل مُجادِلٍ ومُخاصم فتحُقُّه أي تَغُلِبه وتَخُصِمه، من قولك حاقَقْتُه أُحاقُّه حِقاقاً ومُحاقَّةً فحَقَقْتُه أحُقُّه أي غلبته وفَلَجْتُ عليه. وقال أبو إسحق في قوله الحاقَّةُ: رفعت بالابتداء، وما رَفْعٌ بالابتداء أيضاً، والحاقَّةُ الثانية خبر ما، والمعنى تفخيم شأنها كأنه قال الحاقَّةُ أي شيءٍ الحاقَّةُ. وقوله عز وجل: وما أدراكَ ما الحاقَّةُ، معناه أيُّ شيءٍ أعْلَمَكَ ما الحاقَّةُ، وما موضعُها رَفْعٌ وإن كانت بعد أدْراكَ؛ المعنى ما أعْلَمَكَ أيُّ شيءٍ الحاقَّةُ.
ومن أيمانهم: لَحَقُّ لأَفْعَلَنّ، مبنية على الضم؛ قال الجوهري: وقولهم لَحَقُّ لا آتِيكَ هو يمين للعرب يرفعونها بغير تنوين إذا جاءت بعد اللام، وإذا أزالوا عنها اللام قالوا حَقّاً لا آتِيك؛ قال ابن بري: يريد لَحَقُّ الله فنَزَّلَه منزلة لَعَمْرُ اللهِ، ولقد أُوجِبَ رفعُه لدخول اللام كما وَجب في قولك لَعَمْرُ الله إذا كان باللام. والحَقُّ:المِلْك.والحُقُقُ: القريبو العهد بالأُمور خيرها وشرها، قال: والحُقُقُ المُحِقُّون لما ادّعَوْا أيضاً.
والحِقُّ من أولاد الإبل: الذي بلغ أن يُرْكب ويُحمَل عليه ويَضْرِب، يعني أن يضرب الناقةَ، بيِّنُ الإحقاقِ والاسْتحقاق، وقيل: إذا بلغت أمُّه أوَانَ الحَمْل من العام المُقْبِل فهو حِقُّ بيِّنُ الحِقَّةِ. قال الأَزهري: ويقال بعير حِقٌّ بيِّنُ الحِقِّ بغير هاء، وقيل: إذا بلغ هو وأُخته أن يُحْمَل عليهما ويُركبا فهو حِقٌّ؛ الجوهري: سمي حِقّاً لاستحقاقه أن يُحْمل عليه وأن يُنتفع به؛ تقول: هو حِقٌّ بيِّنُ الحِقَّةِ، وهو مصدر، وقيل: الحِقُّ الذي استكمل ثلاث سنين ودخل في الرابعة؛ قال:

إذا سُهَيْلٌ مَغْرِبَ الشمس طَلَعْ،

 

فابْنُ اللَّبونِ الـحِـقُّ جَـذَعْ

والجمع أحُقٌّ وحِقاقٌ، والأُنثى حِقَّة وحِقٌّ أيضاً؛ قال ابن سيده: والأُنثى من كل ذلك حِقَّةٌ بَيِّنَةُ الحِقَّةِ، وإنما حكمه بَيِّنة الحَقاقةِ والحُقُوقةِ أو غير ذلك من الأَبنية المخالفة للصفة لأَن المصدر في مثل هذا يخالف الصفة، ونظيره في موافقة هذا الضرب من المصادر للاسم في البناء قولهم أسَدٌ بَيِّنُ الأَسد. قال أبو مالك: أحَقَّت البَكْرَة إذا استوفت ثلاث سنين، وإذا لَقِحَت حين تُحِقّ قيل لَقِحت عليَّ كرهاً.
والحِقَّةُ أيضاً: الناقة التي تؤخذ في الصدقة إذا جازت عِدَّتُها خمساً وأربعين. وفي حديث الزكاة ذكر الحِقِّ والحِقَّة، والجمع من كل ذلك حُقُقٌ وحَقائق؛ ومنه قول المُسَيَّب بن عَلَس:

قد نالَني منه عـلـى عَـدَمٍ

 

مثلُ الفَسِيل، صِغارُها الحُقُقُ

قال ابن بري: الضمير في منه يعود على الممدوح وهو حسان بن المنذر أخو النعمان؛ قال الجوهري: وربما تجمع على حَقائقَ مثل إفَالٍ وأفائل، قال ابن سيده: وهو نادر؛ وأنشد لعُمارةَ بن طارق:

ومَسَدٍ أُمِرَّ من أَيانِـقِ،

 

لَسْنَ بأَنْيابٍ ولا حَقائِقِ

وهذا مثل جَمْعهم امرأَة غِرَّة على غَرائر، وكجمعهم ضَرَّة على ضَرائر، وليس ذلك بِقياس مُطَّرِد. والحِقُّ والحِقَّة في حديث صدقات الإبل والديات، قال أَبو عبيد: البعير إذا اسْتَكْمَلَ السنة الثالثة ودخل في الرابعة فهو حينئذ حِقُّ، والأُنثى حِقَّة. والحِقَّة: نَبْرُ أُم جَرِير بن الخَطَفَى، وذلك لأَن سُوَيْدَ بن كراع خطبها إلى أَبيها فقال له: إِنها لصغيرة صُرْعةٌ، قال سويد: لقد رأَيتُها وهي حِقَّةٌ أَي كالحِقَّة من الإِبل في عِظَمها؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: ومن وَراء حِقاقِ العُرْفُطِ أَي صغارها وشَوابِّها، تشبيهاً بِحقاق الإبل. وحَقَّتِ الحِقَّةُ تَحِقُّ وأَحَقَّت، كلاهما: صارت حِقَّةً؛ قال الأَعشى:

بِحِقَّتِها حبِسَتْ في اللَّـجـي

 

نِ، حتى السَّديِسُ لها قد أَسَنّْ

قال ابن بري: يقال أَسَنَّ سدِيسُ الناقة إذا نبَت وذلك في الثامنة، يقول: قِيمَ عليها من لدن كانت حِقَّة إِلى أَن أَسْدَسَت، والجمع حِقاقٌ وحُقُقٌ؛ قال الجوهري: ولم يُرد بحقَّتها صفة لها لأَنه لا يقال ذلك كما لا يقال بجَذَعَتها فُعِلَ بها كذا ولا بثنيَّتها ولا ببازلها، ولا أَراد بقوله أَسَنَّ كَبِرَ لأَنه لا يقال أَسَنَّ السِّنُّ، وإِنما يقال أَسنَّ الرجل وأَسَّت المرأَة، وإِنما أَراد أَنها رُبِطَت في اللَّجين وقتاً كانت حقة إِلى أَن نَجَمَ سَدِيسُها أَي نبَت، وجمع الحِقاق حُقُق مثل كِتاب وكتُب؛ قال ابن سيده: وبعضهم يجعل الحِقَّة هنا الوقت، وأَتت الناقةُ على حِقَّتها أَي على وقتها الذي ضَربها الفحل فيه من قابل، وهو إذا تَمَّ حَملها وزادت على السنة أَياماً من اليوم الذي ضُربت فيه عاماً أَوّل حتى يستوفي الجَنين السنةَ، وقيل:حِقُّ الناقة واسْتِحقاقُها تَمام حَمِلها؛ قال ذو الرمة:

أَفانين مَكْتوب لها دُون حِقِّـهـا،

 

إِذا حَمْلُها راشَ الحِجَاجَينِ بالثُّكْلِ

أَي إذا نبَت الشعر على ولدها ألقته ميِّتاً، وقيل: معنى البيت أَنه كتب لهذه النجائب إِسقاطُ أَولادها قبل أَناء نِتاجها، وذلك أَنها رُكبت في سفَر أَتعبها فيه شدة السير حتى أَجْهَضَتْ أَولادها؛ وقال بعضهم: سميت الحِقَّة لأَنها استحقَّت أَن يَطْرُقها الفحلُ، وقولهم: كان ذلك عند حَقِّ لَقاحها وحِقِّ لَقاحها أَيضاً، بالكسر، أَي حين ثبت ذلك فيها.
الأَصمعي: إذا جازت الناقة السنة ولم تلد قيل قد جازت الحِقَّ؛ وقولُ عَدِيّ:

أَي قومي إذا عزّت الخمر

 

وقامت رفاقهم بالحقـاق

ويروى: وقامت حقاقهم بالرفاق، قال: وحِقاقُ الشجر صغارها شبهت بحقاق الإِبل.
ويقال: عَذر الرَّجلُ وأَعْذَر واسْتَحقَّ واستوْجَب إذا أَذنب ذنباً استوْجب به عُقوبة؛ ومنه حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: لا يَهْلِكُ الناسُ حتى يُعْذِرُوا من أَنفسهم.
وصبَغْتُ الثوبَ صَبْغاً تَحْقِيقاً أَي مُشْبَعاً. وثوب مُحقَّق: عليه وَشْيٌ على صورة الحُقَق، كما يقال بُرْدٌ مُرَجَّلٌ. وثوب مُحَقَّقٌ إذا كان مُحْكَمَ النَّسْجِ؛ قال الشاعر:

تَسَرْبَلْ جِلْدَ وجْهِ أَبِيك، إِنّا

 

كَفَيْناكَ المُحَقَّقَةَ الرَّقاقا

وأَنا حَقِيقٌ على كذا أَي حَريصٌ عليه؛ عن أَبي عليّ، وبه فسر قوله تعالى: حَقِيقٌ على أَن لا أَقول على الله إلاَّ الحَقَّ، في قراءة من قرأَ به، وقرئ حقيق عليّ أَن لا أَقول، ومعناه واجب عليّ ترك القول على الله إِلاَّ بالحق.
والحُقُّ والحُقَّةُ، بالضم: معروفة، هذا المَنْحوت من الخشب والعاج وغير ذلك مما يصلح أَن يُنحت منه، عربيٌّ معروف قد جاء في الشعر الفصيح؛ قال الأَزهري: وقد تُسوّى الحُقة من العاج وغيره؛ ومنه قول عَمرو بن كُلْثُوم:

وثَدْياً مثلَ حُقِّ العاجِ رَخْصاً،

 

حَصاناً من أَكُفِّ اللاَّمِسِينـا

قال الجوهري: والجمع حُقُّ وحُقَقٌ وحِقاقٌ؛ قال ابن سيده: وجمع الحُقّ أَحْقاقٌ وحِقاقٌ، وجمع الحُقَّة حُقَقٌ؛ قال رؤبة:

سَوَّى مَساحِيهنَّ تَقْطِيطَ الحُقَقْ

وصَفَ حَوافِرَ حُمُر الوَحْشِ أَي أَنَّ الحِجارة سوَّت حَوافِرها كأَنما قُطِّطَتْ تَقْطِيطَ الحُقَقِ، وقد قالوا في جمع حُقَّةٍ حُقّ، فجعلوه من باب سِدْرة وسِدْر، وهذا أَكثره إِنما هو في المخلوق دون المصنوع، ونظيره من المصنوع دَواةٌ ودَوىً وسَفِينة وسَفِين. والحُقُّ من الورك: مَغْرِزُ رأْس الفخذ فيها عصَبة إِلى رأْس الفخذ إذا انقطعت حَرِقَ الرجل، وقيل: الحُق أَصل الورك الذي فيه عظم رأْس الفخذ. والحُق أَيضاً: النُّقْرة التي في رأْس الكتف. والحُقُّ: رأْس العَضُد الذي فيه الوابِلةُ وما أَشْبهها.
ويقال: أَصبت حاقّ عينه وسقط فلان على حاقِّ رأْسه أَي وسَط رأْسه، وجئته في حاقِّ الشتاء أَي في وسطه. قال الأَزهري: وسمعت أَعرابيّآً يقول لنُقْبة من الجرَب ظهَرت ببعير فشكُّوا فيها فقال: هذا حاقُّ صُمادِحِ الجَرَبِ.
وفي الحديث: ليس للنساء أَن يَحقُقْنَ الطَّريقَ؛ هو أَن يَركبن حُقَّها وهو وسَطها من قولكم سقَط على حاقِّ القَفا وحُقَّه. وفي حديث يوسف بن عمر: إِنَّ عامِلاً من عُمالي يذكُر أَنه زَرَعَ كلَّ حُقٍّ ولُقٍّ؛ الحُق: الأَرض المطمئنة، واللُّق: المرتفعة. وحُقُّ الكَهْوَل: بيت العنكبوت؛ ومنه حديث عَمرو بن العاص أَنه قال لمعاوية في مُحاوَراتٍ كانت بينهما: لقد رأَيْتك بالعراق وإِنَّ أَمْرَك كحُقِّ الكَهول وكالحَجاةِ في الضَّعْف فما زِلت أَرُمُّه حتى اسْتَحكم، في حديث فيه طول، قال: أَي واهٍ.
وحُقُّ الكَهول: بيت العنكبوت. قال الأَزهري: وقد روى ابن قتيبة هذا الحرف بعينه فصحَّفه وقال: مثل حُق الكَهْدَلِ، بالدال بدل الواو، قال: وخبَطَ في تفسيره خَبْط العَشْواء، والصواب مثل حُق الكَهول، والكَهول العنكبوت، وحُقَّه بيته. وحاقُّ وسَطِ الرأْس: حَلاوةُ القفا.
ويقال: استحقَّت إِبلُنا ربيعاً وأَحَقَّت ربيعاً إذا كان الربيع تاماً فرعَتْه. وأَحقَّ القومُ إِحْقاقاً إذا سَمِنَ مالُهم. واحتقَّ القوم احْتقاقاً إذا سَمِنَ وانتهى سِمَنُه. قال ابن سيده: وأَحقَّ القومُ من الربيع إِحْقاقاً إذا أَسْمَنُوا؛ عن أَبي حنيفة، يريد سَمِنت مَواشِيهم. وحقَّت الناقة وأَحقَّت واستحقَّت: سمنت. وحكى ابن السكيت عن ابن عطاء أَنه قال: أَتيت أَبا صَفْوانَ أَيام قَسمَ المَهْدِيُّ الأَعراب فقال أَبو صفوان؛: ممن أَنت؟ وكان أَعرابيّاً فأَراد أَن يمتحنه، قلت: من بني تميم، قال: من أَيّ تميم؟ قلت: رباني، قال: وما صنعتُك؟ قلت: الإِبل، قال: فأَخبرني عن حِقَّة حَقَّت على ثلاث حِقاق، فقلت: سأَلت خبيراً: هذه بَكْرة كان معها بَكْرتان في ربيع واحد فارْتَبَعْنَ فسَمِنَت قبل أَن تسمنا فقد حقَّت واحدةً، ثم ضَبَعَت ولم تَضْبَعا فقد حقَّت عليهما حِقَّة أُخرى، ثم لَقِحَت ولم تَلْقَحا فهذه ثلاث حِقَّات، فقال لي: لعَمْري أَنت منهم، واسْتَحَقَّت الناقة لَقاحاً إذا لَقِحت واستحقّ لَقاحُها، يُجْعَل الفعل مرة للناقة ومرة للِّقاح.
قال أَبو حاتم: مَحاقُّ المالِ يكون الحَلْبة الأُولى، والثانية منها لِبَأٌ. والمَحاقُّ: اللاتي لم يُنْتَجْن في العام الماضي ولم يُحلَبن فيه.
واحْتقَّ الفرسُ أَي ضَمُر. ويقال: لا يحقُّ ما في هذا الوِعاء رطلاً، معناه أَنه لا يَزِنُ رطلاً. وطعْنة مُحْتَقَّة أَي لا زَيْغَ فيها وقد نَفَذَت. ويقال: رمَى فلان الصيدَ فاحتقَّ بعضاً وشَرَم بعضاً أَي قتَل بعضاً وأُفْلِتَ بعض جَريحاً؛ والمُحْتقُّ من الطعْن: النافِذُ إِلى الجوف؛ ومنه قول أَبي كبير الهذلي:

هَلاَّ وقد شَرَعَ الأَسنَّة نَحْوها،

 

ما بينَ مُحْتَـقٍّ ومُـشَـرِّمِ

أَراد من بين طَعْن نافذٍ في جوفها وآخَرَ قد شرَّمَ جلدَها ولم ينفُذ إِلى الجوف.
والأَحقُّ من الخيل: الذي لا يَعْرَق، وهو أَيضاً الذي يضع حافر رجله موضع حافر يده، وهما عيب؛ قال عديّ بن خَرَشةَ الخَطْمِيّ:

بأَجْرَدَ من عِتاقِ الخَيلِ نَهْدٍ

 

جَوادِ، لا أَحقُّ ولا شئيتُ

قال ابن سيده: هذه رواية ابن دريد، ورواية أَبي عبيد:

وأَقْدَرُ مُشْرِفُ الصَّهواتِ ساطٍ،

 

كُمَيْتٌ، لا أَحـقُّ ولا شـئيت

الأَقدرُ: الذي يجوز حافرا رجليه حافِريْ يديه، والأَحقُّ: الذي يُطَبِّقُ حافرا رجليه حافريْ يديه، والشَّئيتُ: الذي يقْصُر موقِعُ حافر رجله عن موقع حافر يده، وذلك أَيضاً عيب، والاسم الحَقَق.
وبنات الحُقَيْقِ: ضرْب من رَدِيء التمر، وقيل: هو الشِّيص، قال الأَزهري: قال الليث بنات الحقيق ضرب من التمر، والصواب لَوْن الحُبَيق ضرب من التمر رديء. وبنات الحقيق في صفة التمر تغيير، ولَوْنُ الحُبيق معروف.
قال: وقد روينا عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه نَهى عن لوْنين من التمر في الصدقة: أَحدهما الجُعْرُور، والآخر لون الحبيق، ويقال لنخلته عَذْقُ ابن حبيق وليس بشِيص ولكنه رديء من الدَّقَلِ؛ وروى الأَزهري حديثاً آخر عن جعفر بن محمد عن أَبيه قال: لا يُخرَج في الصدقة الجُعرور ولا لون حُبيْق؛ قال الشافعي: وهذا تمر رديء والسس تمر وتؤخذ الصدقة من وسط التمر.
والحَقْحقةُ: شدَّة السير. حَقْحقَ القومُ إذا اشتدّوا في السير. وقَرَبٌ مُحَقْحَقٌ: جادٌّ منه. وتعَبَّدَ عبد الله بن مُطَرِّف بن الشِّخيِّر فلم يَقتصِد فقال له أَبوه: يا عبد الله، العلمُ أَفضلُ من العمل، والحسَنةُ بين السَّيِّئتين، وخيرُ الأُمور أَوساطُها، وشرُّ السير الحَقْحقةُ؛ هو إِشارة إلى الرِّفق في العبادة، يعني عليك بالقَصْد في العبادة ولا تَحْمِل على نفسك فتَسأَم؛ وخيرُ العمل ما دِيمَ وإِن قلَّ، وإِذا حملت على نفسك من العبادة ما لا تُطيِقُه انْقَطَعْتَ به عن الدَّوام على العبادة وبَقِيت حَسيراً، فتكلَّفْ من العبادة ما تُطيقُه ولا يَحْسِرُك. والحَقحقةُ: أَرفع السير وأَتْعَبُه للظَّهر. وقال الليث: الحقحقة سير الليل في أَوّله، وقد نهي عنه، قال:وقال بعضهم الحقحقة في السير إِتعابُ ساعة وكفُّ ساعة؛ قال الأَزهري: فسر الليث الحقحقة تفسيرين مختلفين لم يصب الصواب في واحد منهما، والحقحقة عند العرب أَن يُسار البعيرُ ويُحمل على ما يتعبه وما لا يطيقه حتى يُبْدِعَ براكبه، وقيل: هو المُتعِب من السير، قال: وأَما قول الليث إِنّ الحقحقة سير أَول الليل فهو باطل ما قاله أَحد، ولكن يقال فَحِّمُوا عن الليل أَي لا تسيروا فيه. وقال ابن الأَعرابي: الحَقحقةُ أَن يُجْهِد الضعيفَ شدَّةُ السير. قال ابن سيده: وسَيرٌ حَقْحَاقٌ شديد، وقد حَقْحَقَ وهَقْهَقَ على البدل، وقَهْقَهَ على القلب بعد البدل. وقَرَبٌ حَقْحاق وهَقْهاق وقَهْقاه ومُقَهْقَه ومُهَقْهَقٌ إذا كان السير فيه شديداً مُتعِباً.وأُمّ حِقّة: اسم امرأَة؛ قال مَعْنُ بن أَوْس:

فقد أَنْكَرَتْه أُمُّ حِقّـه حـادِثـاً،

 

وأَنْكَرها ما شئت، والودُّ خادِعُ

حقل

الحَقْل: قَرَاح طَيّب، وقيل: قَرَاح طيب يُزْرَع فيه، وحكى بعضهم فيه الحَقْلة. أَبو عمرو: الحَقْل الموضع الجادِس وهو الموضع البِكْرُ الذي لم يُزْرَع فيه قط. وقال أَبو عبيد: الحَقْل القَرَاح من الأَرض. ومن أَمثالهم: لا يُنْبِت البَقْلة إِلا الحَقْلة، وليست الحَقْلة بمعروفة.
قال ابن سيده: وأُراهم أَنَّثُوا الحَقْلة في هذا المثل لتأْنيث البَقْلة أَو عَنَوا بها الطائفة منه، وهو يضرب مثلاً للكلمة الخسيسة تخرج من الرجل الخسيس. والحَقْل: الزرع إذا اسْتَجْمَع خروجُ نباته، وقيل: هو إذا ظهر ورقه واخْضَرَّ؛ وقيل: هو إذا كثر ورقه، وقيل: هو الزرع ما دام أَخضر، وقد أَحْقَل الزرعُ، وقيل: الحَقْل الزَّرع إذا تَشَعَّب ورقُه من قبل أَن تَغْلُظ سوقه، ويقال منها كُلِّها: أَحْقَل الزرعُ وأَحْقَلَت الأَرضُ؛ قال ابن بري: شاهده قول الأَخطل:

يَخْطُر بالمِنْجَل وَسْطَ الحَقْلِ

 

يَوْم الحَصَاد، خَطَرَانَ الفَحْلِ

وفي الحديث: ما تصنعون بمحَاقِلِكم أَي مَزَارعكم، واحدتها مَحْقَلة من الحَقْل الزرعِ، كالمَبْقَلة من البَقْل. قال ابن الأَثير: ومنه الحديث كانت فينا امرأَة تَحْقِل على أَرْبعاءَ لها سِلْقاً، وقال: هكذا رواه بعض المتأخرين وصوّبه أَي تَزْرع، قال: والرواية تَزْرَع وتَحْقِل؛ وقال شمر: قال خالد بن جَنْبَة الحَقْل المَزْرَعة التي يُزْرَع فيها البُرُّ؛ وأَنشد:

لَمُنْداحٌ من الدَّهْنَا خَصِيبٌ

 

لِتَنْفَاح الجَنوبِ به نَسـيم

أَحَبُّ إِليَّ من قُرْيان حِسْمَى

 

ومن حَقْلَيْن بينهما تُخُـوم

وقال شمر: الحَقْلُ الروضة، وقالوا: موضع الزرْع. والحاقِلُ: الأَكَّار.
والمَحاقِل: المَزَارع.
والمُحاقَلة: بيع الزرع قبل بدوّ صلاحه، وقيل: بيع الزرع في سُنْبُله بالحِنْطة، وقيل: المزارعة على نصيب معلوم بالثلث والربع أَو أَقل من ذلك أَو أَكثر وهو مثل المُخابَرة، وقيل: المُحاقلة اكتراء الأَرض بالحِنْطة وهو الذي يسميه الزَّرّاعون المُجارَبة؛ ونهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن المُحاقَلة وهو بيع الزرع في سنبله بالبُرّ مأْخوذ من الحقل القَراحِ.
وروي عن ابن جريج قال: قلت لعطاء ما المُحاقَلة؟ قال: المُحاقَلة بيع الزرع بالقَمْح؛ قال الأَزهري: فإِن كان مأْخوذاً من إِحْقال الزرع إذا تَشَعَّب فهو بيع الزرع قبل صلاحه، وهو غَرَر، وإِن كان مأْخوذاً من الحَقْل وهو القَرَاح وباع زرعاً في سنبله نابتاً في قَراح بالبُرّ، فهو بيع بُرٍّ مجهول بِبُرٍّ معلوم، ويدخله الربا لأَنه لا يؤمن التفاضل، ويدخله الغَرَر لأَنه مُغَيَّب في أَكمامه. وروى أَبو العباس عن ابن الأَعرابي قال: الحَقْل بالحَقْل أَن يبيع زرعاً في قَرَاح بزرع في قَراح؛ قال ابن الأَثير: وإِنما نهى عن المُحَاقَلة لأَنهما من المَكِيل ولا يجوز فيه إذا كانا من جنس واحد إِلا مِثْلاً بمثل، ويداً بيد، وهذا مجهول لا يدري أَيهما أَكثر، وفيه النسيئة. والمُحَاقَلة، مُفَاعلة من الحَقْل: وهو الزرع الذي يزرع إذا تَشَعَّب قبل أَن تَغْلُظ سُوقُه، وقيل: هو من الحَقْل وهي الأَرض التي تُزْرَع، وتسميه أَهل العراق القَرَاح.
والحَقْلة والحِقْلة؛ الكسر عن اللحياني: ما يبقى من الماء الصافي في الحوض ولا ترى أَرضه من ورائه. والحَقْلة: من أَدواء الإِبل؛ قال ابن سيده: ولا أَدري أَيّ داء هو، وقد حَقِلَت تَحْقَل حَقْلة وحَقَلاً؛ قال رؤبة يمدح بلالاً ونسبه الجوهري للعجاج:

يَبْرُق بَرْق العارِضِ النَّغَّاص

 

ذَاكَ، وتَشْفي حَقْلة الأَمْراض

وقال رؤبة:

في بطنه أَحْقاله وبَشَمُه

وهو أَن يشرب الماء مع التراب فيَبْشمَ. وقال أَبو عبيد: مِنْ أَكلِ التراب مع البَقْل، وقد حَقِلَت الإِبِلُ حَقْلة مثل رَحِمَ رَحْمة، والجمع أَحْقال. قال ابن بري: يقال الحَقْلة والحُقال، قال: ودواؤه أَن يوضع على الدابة عدة أَكسية حتى تَعْرَق، وحَقِل الفرسُ حَقَلاً: أَصابه وَجَع في بطنه من أَكل التراب وهي الحَقْلة. والحِقْل: داء يكون في البطن.
والحِقْل والحُقال والحَقِيلة: ماء الرُّطْب في الأَمعاء، والجمع حقائل؛ قال:

إِذا العَرُوض اضْطَمَّت الحَقائلا

وربما صيره الشاعر حقلاً؛ قال الأَزهري: أَراد بالرُّطْب البقول الرَّطْبة من العُشْب الأَخضر قبل هَيْج الأَرض، ويَجْزَأُ المالُ حينئذ بالرُّطْب عن الماء، وذلك الماء الذي تَجْزَأُ به النَّعَم من البُقول يقال له الحَقْل والحَقِيلة، وهذا يدل على أَن الحَقْل من الزرع ما كان رَطْباً غَضّاً. والحَقِيلة: حُشافة التَّمْر وما بَقِيَ من نُفاياته؛ قال الأَزهري: لا أَعرف هذا الحرف وهو مُريب.
والحَقِيل: نبْتٌ؛ حكاه ابن دريد وقال: لا أَعرف صحته. وحَقِيل: موضع بالبادية؛ أَنشد سيبويه:

لها بحَقِيلٍ فالنُّمَـيْرةِ مَـنْـزِلٌ

 

تَرَى الوَحْشَ عُوذاتٍ به ومَتالِيا

وحَقْل: واد بالحجاز. والحَقْل، بالأَلف واللام: موضع؛ قال ابن سيده: ولا أَدري أَين هو.
والحَوْقَلة: سرعة المَشْي ومقارَبةُ الخَطْو، وقال اللحياني: هو الإِعْياء والضعف؛ وفي الصحاح: حَوْقَلَ حَوْقَلة وحِيقالاً إذا كَبِر وفَتَر عن الجماع. وحَوْقَل الرجلُ إذا مشى فأَعْيا وضَعُف. وقال أَبو زيد: رَجُل حَوْقَل مُعْيٍ، وحَوْقَل إذا أَعْيا؛ وأَنشد:

مُحَوْقِلٌ وما به من باس

 

إِلاَّ بَقايا غَيْطَل النُّعَاس

وفي النوادر: أَحْقَل الرجلُ في الركوب إذا لزِم ظهر الراحلة. وحَوْقَل الرجلُ: أَدْبَر، وحَوْقَل: نام، وحَوْقَل الرجلُ: عَجَز عن امرأَته عند العُرْس. والحَوْقَل: الشيخ إذا فَتَر عن النكاح، وقيل: هو الشيخ المُسِنُّ من غير أَن يُخَصَّ به الفاتر عن النكاح. وقال أَبو الهيثم: الحَوْقَل الذي لا يقدر على مجامعة النساء من الكِبَر والضعف؛ وأَنشد:

أَقولُ: قَطْباً ونِعِمّاً، إِنْ سَلَق

 

لِحَوْقَلٍ، ذِراعُه قد امَّلَـق

والحَوْقَل: ذَكَر الرَّجُل. الليث: الحَوْقَلة الغُرْمول اللَّيِّن، وهو الدَّوْقَلة أَيضاً. قال الأَزهري: هذا غَلَطٌ غَلِطَ فيه الليث في لفظه وتفسيره: والصواب الحَوْفَلة، بالفاء، وهي الكَمَرة الضَّخْمة مأْخوذة من الحَقْل، وهو الاجتماع والامتلاء، وقال: قال أَبو عمرو وابن الأَعرابي قال: والحَوْقَلة: بالقاف، بهذا المعنى خطأٌ. الجوهري: الحَوْقَلة الغُرْمول اللَّيِّن، وفي المتأَخرين من يقوله بالفاء، ويزعم أَنه الكَمَرة الضَّخْمة ويجعله مأْخوذاً من الحَفْل وما أَظنه مسموعاً، قال: وقلت لأَبي الغوث ما الحَوْقَلة؟ قال: هَنُ الشيخ المُحَوْقِل. وحَوْقَل الشيخُ: اعتمد بيديه على خَصْرَيْه؛ قال:

يا قومِ، قد حَوْقَلْتُ أَو دَنَوْتُ

 

وبَعْدَ حِيقالِ الرِّجالِ المَوْتُ

ويروى: وبَعْدَ حَوْقال، وأَراد المصدر فلما استوحش من أَن تصير الواو ياء فَتَحه. وحَوْقَله: دَفَعَه. والحَوْقَلة: القارورة الطويلة العُنُق تكون مع السَّقَّاء.
والحَيْقَل: الذي لا خير فيه، وقيل: هو اسم؛ وأَما قول الراعي:

وأَفَضْنَ بعد كُظومِهِنَّ بـحَـرّة

 

من ذي الأَبارق، إِذ رَعَيْن حَقِيلا

فهو اسم موضع؛ قال ابن بري: كُظومهن إِمساكهن عن الحَرَّة، وقيل: حَقِيلاً نَبْتٌ، وقيل: إِنه جَبَل من ذي الأَبارق كما تقول خرج من بغداد فتزوّد من المُخَرِّم، والمُخَرِّم من بغداد، ومثله ما أَنشده سيبويه في باب جمع الجمع:

لها بحَقِيل فالنُّمَـيرة مـنـزِلٌ

 

ترى الوَحْشَ عُوذاتٍ به ومتاليا

وقد تقدم.
ويقال: احْقلْ لي من الشراب، وذلك من الحِقْلة والحُقْلة، وهو ما دون مِلْءِ القَدَح. وقال أَبو عبيد: الحِقْلة الماء القليل. وقال أَبو زيد: الحِقْلة البَقِيَّة من اللبن وليست بالقَلِيلة.

حقلد

الحَقَلَّدُ: عَمَلٌ فيه إِثم، وقيل: هو الآثم بعينه؛ قال زهير؛

تقيّ نقيّ لم يُكَثِّر غـنـيمة

 

بنَكْهَةِ ذي قُرْبَى، ولا بِحَقَلَّدِ

والحقلَّد: البخيل السيّء الخلق، وقيل: السيّء الخلق من غير أَن يقيد بالبخل؛ الجوهري: هو الضيق الخُلُق البخيل؛ غيره: هو الضيق الخلق ويقال للصغير. قال الأَصمعي: الحَقَلَّد الحِقْدُ والعداوة في قول زهير، والقول من قال إِنه الآثم، وقول الأَصمعي ضعيف، ورواه ابن الأَعرابي: ولا بِحَفَلَّد، بالفاء، وفسره أَنه البخيل وهو الذي لا تراه إِلا وهو يُشارُّ الناس ويفحش عليهم.

حقم

الحَقْمُ: ضَرْبٌ من الطير يشبه الحمام، وقيل: هو الحمام يمانية.
والحَقِيمانِ: مؤخر العينين مما يلي الصدْغَيْنِ.

حقن

حَقَنَ الشَّيءَ يَحْقُنُه ويَحْقِنُه حَقْناً، فهو مَحْقُونٌ وحَقِينٌ: حَبَسه. وفي المثل: أَبَى الحَقِينُ العِذْرةَ أَي العُذْر، يضرب مثلاً للرجل يَعْتَذِر ولا عذر له، وقال أَبو عبيد: أَصل ذلك أَن رجلاً ضافَ قوماً فاستَسْقاهم لبَناً، وعندهم لبنٌ قد حَقَنُوه في وَطْبٍ، فاعْتَلُّوا عليه واعْتَذَروا، فقال أَبَى الحَقينُ العِذْرةَ أَي أَن هذا الحقينَ يُكَذِّبُكم؛ وأَنشد ابن بري في الحَقين للمُخبَّل:

وفي إبلٍ ستِّينَ حَسْبُ ظَعِـينة،

 

يَرُوحُ عليها مَخْضُها وحَقينُها.

وحَقَنَ اللبنَ في القِرْبة والماءَ في السقاء كذلك. وحقَنَ البَوْلَ يَحقُنُه ويَحْقِنُه: حَبَسه حَقْناً، ولا يقال أَحْقَنه ولا حَقَنَني هو. وأَحْقَنَ الرجلُ إذا جمع أَنواع اللبن حتى يَطِيب. وأَحْقَنَ بولَه إذا حَبَسه. وبعيرٌ مِحْقانٌ: يَحْقِنُ البولَ، فإذا بالَ أَكثرَ، وقد عَمَّ به الجوهريُّ فقال: والمِحْقانُ الذي يَحْقِنُ بوله، فإِذا بالَ أَكثرَ منه. واحْتَقَنَ المريضُ: احتبَسَ بَوْله. وفي الحديث: لا رأْيَ لحاقِبٍ ولا حاقِن، فالحاقِنُ في البول، والحاقِبُ في الغائط، والحاقنُ الذي له بولٌ شديد. وفي الحديث: لا يُصَلِّيَنَّ أَحدُكم وهو حاقِنٌ، وفي رواية: وهو حَقِنٌ، حتى يتخفَّفَ الحاقِنُ والحَقِنُ سواءٌ. والحُقْنةُ: دواءٌ يُحْقَنُ به المريضُ المُحْتَقِنُ، واحْتَقَنَ المريضُ بالحُقْنةِ؛ ومنه الحديث: أَنه كَرِه الحُقْنةَ؛ هي أَن يُعطى المريضُ الدواءَ من أَسفلِه وهي معروفة عند الأَطِبّاء. والحاقِنةُ: المَعِدة صفة غالبة لأَنها تحْقِنُ الطعامَ. قال المفضل: كلَّما مَلأْتَ شيئاً أَو دَسَسْتَه فيه فقد حقَنْتَه؛ ومنه سمِّيت الحُقْنة. والحاقِنةُ: ما بين التَّرْقُوة والعُنُق، وقيل: الحاقِنتانِ ما بين التَّرْقُوَتين وحَبْلَي العاتِق، وفي التهذيب: نُقْرَتا التَّرْقُوتين، والجمع الحواقِنُ، وفي الصحاح: الحاقِنةُ النُّقْرَةُ التي بين الترقوة وحبل العاتِق، وهما حاقِنتان. وفي المثل: لأُلْزِقَنَّ حَواقِنَكَ بذَواقِنِك؛ حَواقِنُه: ما حَقَن الطعامَ من بَطْنِه، وذواقِنُه: أَسفَل بَطْنه ورُكْبَتاه. وقال بعضهم: الحَواقِنُ ما سَفُلَ من البطن، والذَّواقِنُ ما عَلا. قال ابن بري: ويقال الحاقِنَتان الهَزْمَتانِ تحت الترقوتين، وقال الأَزهري في هذا المثل: لأُلْحِقَنَّ حواقِنَك بذواقِنِك، وروي عن ابن الأَعرابي الحاقِنةُ المَعِدة، والذاقِنةُ الذَّقَنُ، وقيل: الذاقِنةُ طَرَفُ الحُلْقوم. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: تُوفِّي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بين سَحْرِي ونَحْري، وبين حاقنتي وذاقنتي وبين شَجْري، وهو ما بين اللَّحْيَين. الأَزهري: الحاقِنةُ الوَهْدة المنخفضة بين التَّرْقُوتين من الحَلْق. ابن الأَعرابي: الحَقْلَةُ والحَقْنةُ وجعٌ يكون في البطن، والجمع أَحْقالٌ وأَحْقانٌ. وحَقَنَ دَمَ الرجلِ: حَلَّ به القتلُ فأَنْقذَه. واحْتَقَنَ الدَّمُ: اجتمع في الجوف.
قال المفضل: وحقَنَ اللهُ دمَه حَبَسه في جلده ومَلأَه به؛ وأَنشد في نعتِ إبل امتلأَتْ أَجوافُها:

جُرْداً تَحَقَّنَتْ النَّجِيلَ، كأَنما

 

بجلُودِهِنَّ مدارجُ الأَنْبار.

قال الليث: إذا اجتمع الدمُ في الجوف من طَعْنةٍ جائفةٍ تقول احْتَقَنَ الدمُ في جوفه؛ ومنه الحديث: فحَقَنَ له دَمَه. يقال: حَقَنْتُ له دَمَه إذا مَنَعْتَ من قَتْلِه وإراقَتِه أَي جَمعْتَه له وحبَسْتَه عليه.
وحقَنْتُ دَمه: منعتُ أَن يُسْفَك. ابن شميل: المُحْتقِنُ من الضُّروع الواسع الفَسيحُ، وهو أَحسنُها قدراً، كأَنما هو قَلْتٌ مجتمع مُتَصعِّد حسنٌ، وإنها لمُحْتقِنةُ الضرعِ. ابن سيده: وحقَن اللبنَ في السِّقاء يَحْقُنُه حَقْناً صبَّه فيه ليُخرج زُبْدَتَه. والحَقينُ: اللبنُ الذي قد حُقِنَ في السِّقاء، حَقنْتُه أَحْقُنُه، بالضم: جمعته في السقاء وصببت حليبَه على رائِبه، واسم هذا اللبن الحَقينُ. والمِحْقَنُ: الذي يُجعل في فمِ السِّقاءِ والزِّقّ ثم يُصب فيه الشراب أَو الماء. قال الأَزهري: المِحْقن القِمَعُ الذي يُحْقَن به اللبنُ في السقاء، ويجوز أَن يقال للسقاء نفسه مِحْقَن، كما يقال له مِصْرَب ومِجزَم، قال: وكل ذلك محفوظ عن العرب.
واحْتَقنَتِ الرَّوْضةُ: أَشرفت جوانبُها على سَرارِها؛ عن أَبي حنيفة.

حكأ

حَكَأَ العُقْدةَ حَكْأً وأَحْكَأَها إِحكاءً وأَحْكأَها: شَدَّها وأَحْكَمَها؛ قال عَدِيُّ بن زَيْدٍ العِبادِيُّ يَصِفُ جارِيةً:

أَجلَ انَّ اللّه قد فَضَّلَـكُـمْ،

 

فَوقَ منْ أَحْكَأَ صُلْباً، بإزار

أراد فَوْقَ مَن أَحْكأَ إزاراً بصُلْبٍ، معناه فَضَّلَكم على مَنِ ائْتزر، فَشَدَّ صُلْبَه بإِزار أَي فوق الناس أَجمعين، لأَنَّ الناسَ كلَّهم يُحْكِئُونَ أُزُرَهم بأَصلابهم؛ ويروى:

فوق ما أَحْكِي بصُلْبٍ وإِزار

أَي بحَسَبٍ وعِفَّةٍ، أَراد بالصُّلب ههنا الحَسَبَ وبالإِزار العِفَّةَ عن المَحارِم أَي فَضَّلكم اللّهُ بحسَب وعفَاف فوق ما أَحْكِي أَي ما أَقُول. وقال شمر: هو من أَحْكَأْتُ العُقْدة أَي أَحكمتها. واحتَكَأَت هي: اشتْدَّتْ. واحْتَكَأَ العَقْدُ في عُنُقِه: نَشِبَ. واحْتَكَأَ الشيءُ في صَدْرِه: ثَبتَ؛ ابن السكيت يقال: احْتَكَأَ ذلك الأَمْرُ في نَفْسي أَي ثبت، فلم أَشك فيه؛ ومنه: احتكأَتِ العُقدة. يقال: سمعت أَحاديثَ فما احْتَكأَ في صدري منها شيءٌ، أَي ما تَخالَجَ. وفي النوادر يقال: لو احْتَكَأَ لي أَمْري لفَعَلْت كذا، أَي لو بانَ لي أَمرِي في أَوّله. والحُكَأَةُ: دُوَيْبَّة؛ وقيل: هي العَظايةُ الضَّخْمَةُ، يهمز ولا يهمز، والجميع الحُكَأُ، مقصور. ابن الاثير: وفي حديث عطاء أَنه سئل عن الحُكَأَة فقال: ما أُحِبُّ قَتْلَها؛ الحُكَأَةُ: العَظاءَة، بلغة أَهل مكة، وجمعها حُكَاءٌ، وقد يقال بغير همز ويجمع على حُكاً، مقصور. قال أَبو حاتم: قالت أُمّ الهَيْثَمِ: الحُكاءةُ، ممدودة مهموزة؛ قال ابن الأَثير: وهو كما قالت؛ قال: والحُكاء، ممدود: ذكر الخنافس، وإِنما لم يُحِبّ قتلها لأَنها لا تؤذي، قال: هكذا قال أَبو موسى؛ وروي عن الأَزهري أَنه قال: أَهل مكة يُسمُّون العَظاءة الحُكأَةَ، والجمع الحُكَأُ، مقصورة.

حكد

المَحْكِدُ: الأَصل؛ وفي المثل: حُبَّبَ إِلى عبد سَوْء مَحْكِدُه؛ يضرب له ذلك عند حرصه على ما يهينه ويسوءه. ورجع إِلى مَحكِدِه إذا فعل شيئاً من المعروف ثم رجع عنه. والمَحْكِدُ: الملجأُ، حكاه ثعلب؛ وأَنشد:

ليس الإِمامُ بالشحيح المُلْحِـدِ،

 

ولا بِوَبْرٍ بالحجـازِ مُـقْـرِدِ

إِنْ يُرَ يوماً بالفضاء يُصْطَـدِ،

 

أَو يَنْجَحِرْ، فالجُحْرُ شَرُّ مَحْكِدِ

ابن الأَعرابي: هو في محكِد صِدْق ومَحتِد صِدْقٍ.

حكر

الحَكْرُ: ادِّخارُ الطعام للتَّرَبُّضِ، وصاحبُه مُحْتَكِرٌ. ابن سيده: الاحْتِكارُ جمع الطعام ونحوه مما يؤكل واحتباسُه انْتِظارِ وقت الغَلاء بِه؛ وأَنشد:

نَعَّمَتْها أُم صِدْقٍ بَـرَّةٌ،

 

وأَبٌ يُكْرِمُها غَيْرُ حَكرْ

والحَكَرُ والحُكَرُ جميعاً: ما احْتُكِرَ. ابن شميل: إِنهم ليَتَحَكَّرونَ في بيعهم ينظرون ويتربصون، وإِنه لحَكِرٌ لا يزال يَحْبِسُ سِلْعَتَهُ والسُّوقُ مادَّةٌ حتى يبيع بالكثير من شِدَّة حَكْرِه أَي من شدة احتباسه وتَرَبُّصِه؛ قال: والسوق مادَّة أَي مَلأُى رجالاً وبُيوعاً، وقد مَدَّتِ السوقُ تَمُدُّ مدّاً. وفي الحديث: من احْتَكَرَ طعاماً فهو كذا؛ أَي اشتراه وحبسه ليَقِلَّ فَيَغْلُوَ، والحُكْرُ والحُكْرَةُ الاسم منه؛ ومنه الحديث: أَنه نهى عن الحُكْرَةِ؛ ومنه حديث عثمان: أَنه كان يشتري حُكْرَةً أَي جملة؛ وقيل: جِزافاً. وأَصل الحُكْرَةِ: الجمعُ والإِمساك.
وحَكَرَهَ يَحْكِرهُ حَكْراً: ظلمه وتَنَقَّصَه وأَساء معاشرته؛ قال الأَزهري: الحَكْرُ الظلم والتنقُّضُ وسُوءُ العِشْرَةِ؛ ويقال: فلان يَحْكِرُ فلاناً إذا أَدخل عليه مشقةً ومَضَرَّة في مُعاشَرَته ومُعايَشَتِه، والنَّعْتُ حَكِرٌ، ورجل حَكِرٌ على النَّسَب؛ قال الشاعر وأَورد البيت المتقدم:

وأَب يكرمها غير حكر

والحَكْرُ: اللَّجاجَةُ. وفي حديث أَبي هريرة قال في الكلاب: إذا وردت الحَكَرَ القليلَ فلا تَطعَمُه؛ الحكر، بالتحريك: الماء القليل المجتمع، وكذلك القليل من الطعام واللبن، وهو فَعَلٌ بمعنى مفعول أَي مجموع، ولا تطعمه أَي لا تشر

حكش

ابن سيده: الحَكْشُ الظُّلْم. ورجل حاكِشٌ: ظالم، أُراه على النسب.
وحَوْكَشٌ: اسم. الأَزهري: رجل حَكِشٌ مثل قولهم حَكَر، وهو اللَّجُوج.
والحَكِشُ والعَكِش: الذي فيه التواء على خَصْمه.

حكص

الأَزهري خاصة: الحَكِيصُ المَرْمِيُّ بالرِّيبة؛ وأَنشد:

فلن تَراني أَبداً حَكيصـا،

 

مع المُرِيبِين، ولن أَلُوصا

قال الأَزهري: لا أَعرفُ الحَكِيصَ ولم أَسمعه لغير الليث.

حكف

الأَزهري خاصّة: ابن الأَعرابي الحُكُوفُ الاسْتِرْخاء في العَمَل.

حكك

الحَكُّ: إِمْرار جِرْم على جرم صَكّاً، حَكَّ الشيء بيده وغيرها يَحُكُّه حَكّاً؛ قال الأَصمعي: دخل أَعرابي البصرة فآذاه البراغيث فأَنشأَ يقول:

ليلة حَكٍّ ليس فيها شَكُّ،

أَحُكُّ حتى ساعِدِي مُنْفَكُّ،

أَسْهَرَني الأُسَيْوِدُ الأَسَكُّ

وتَحَاكَّ الشيئَان: اصْطَكَّ جرماهما فَحَكَّ أَحدهما الآخر؛ وحَكَكْتُ الرأْس؛ وإِذا جعلت الفعل للرأْس قلت: احْتَكّ رأْسي احْتِكاكاً.وحَكَّني وأَحَكَّني واسْتَحَكَّني: دعاني إِلى حَكِّه، وكذلك سائر الأَعضاء، والاسم الحِكَّةُ والحُكاكُ. قال ابن بري: وقول الناس حَكَّني رأْسي غلط لأَن الرأْس لا يقع منه الحَكّ. واحْتَكَّ بالشيء أَي حَكّ نفسه عليه.
والحِكَّة، بالكسر: الجَرَب.والحُكاكة: ما تَحاكّ بين حجرين إذا حُكّ أَحدهما بالآخر لدواء ونحوه.
وقال اللحياني: الحُكاكة ما حُكَّ بين حجرين ثم اكتحل به من رَمَدٍ.
وقال ابن دريد: الحُكاك ما حكَّ من شيء على شيء فخرجت منه حُكاكة. والحية تَحُكّ بعضَها ببعض وتَحَكَّكُ، والجِذلُ المُحَكَّك: الذي ينصب في العَطَن لتَحْتَكّ به الإِبل الجَرْبى؛ ومنه قول الحباب بن المنذر الأَنصاري يوم سقيفة بني ساعدة: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجَّب؛ ومعناه أَنه مَثَّل نفسه بالجِذْل، وهو أَصل الشجرة، وذلك أَن الجَرِبةَ من الإِبل تَحْتَكّ إِلى الجِذل فتشتفي به، فعنى أَنه يُشْتَفى برأْيه كما تشتفي الإِبل بهذا الجِذْل الذي تَحْتَكّ إِليه؛ وقيل: هو عود ينصب للإِبل الجَرْبى لتَحْتَكّ به من الجرب؛ قال الأزهري: وفيه معنى آخر، وهو أَحب إِليّ، وهو أَنه أَراد أَنه مُنَجَّذٌ قد جَرَّب الأُمور وعرفها وجُرِّب، فوجد صُلْبَ المَكْسَر غير رِخْو ثَبْتَ الغَدَر لا يَفِرّ عن قِرْنه، وقيل: معناه أَنا دون الأَنصار جِذْلِ حكاكٍ لمن عاداهم ونواهم فبي تقرن الصَّعْبةُ، والتصغير فيه للتعظيم، ويقول الرجل لصاحبه: اجْذُلْ للقوم أَي انتصب لهم وكن مخاصما مقاتلاً. والعرب تقول: فلان جِذْلُ حِكاكٍ خشعت عنه الأُبَنُ؛ يعنون أَنه مُنَقِّح لا يرمى بشيء إِلا زَلّ عنه ونَبا.
والحَكِيكُ: الكعب المَحْكوك، وهو أَيضاً الحافر النَّحِيتُ؛ وأَنشد الأَزهري هنا:

وفي كل عام لنا غزوة،

 

تَحُكُّ الدَّوابرَ حَكَّ السَّفَنْ

وقيل: كل خفيٍّ نحيتٍ حَكِيكٌ. والأَحَكُّ من الحوافر: كالحَكِيك، والاسم منها الحَكَكُ. وحَكِكَت الدابةُ، بإِظهار التضعيف، عن كراع: وقع في حافرها الحَكَكُ، وهو أَحد الحروف الشاذة، كلَحِحَتْ عينه وأَخواتها. وفرس حَكِيك: مُنْحَت الحوافر، والذي ورد في حديث أَبي جهل: حتى إذا تحاكَّت الرُّكَبُ قالوا مِنَّا نبي، والله لا أَفعل، أَي تماست واصطَكَّت، يريد تساويهم في الشرف والمنزلة، وقيل: أَراد تَجاثِيَهُمْ على الرُّكَب للتفاخر. وفي حديث عمرو بن العاص: إذا حَكَكْتُ قُرْحةً دَمَّيْتُها أَي إذا أَمَّمْتُ غايةً تقصيتها وبلغتُها.
والحاكَّةُ: السِّنّ لأَنها تُحكّ صاحبتها أَو تَحُكّ ما تأْكله، صفة غالبة. ورجل أَحَكّ: لا حاكَّة في فمه كأَنه على السلب. ويقال: ما في فيه حاكَّة أَي سِن. والتَّحَكُّك: التَّحرّش والتعرض. و إِنه لَيَتَحكَّكُ بِك بل أَي يتعرض لشرِّك. وهو حِكُّ شَرٍّ وحِكاكُهُ أَي يُحاكُّه كثيراً.والمُحاكَّةُ: كالمُباراة. وحَكَّ الشيءُ في صدري وأَحَكَّ واحتَكَّ:عَمِلَ، والأَول أَجود، حكاه ابن دريد جَحْداً فقال: ما حَكَّ هذا الأَمرُ في صدري ولا يقال: ما أَحاكَ.، وما أَحاكَ فيه السلاحُ: لم يعمل فيه؛ قال ابن سيده: وإِنما ذكرته هنا لأفرق بينَ حكَّ وأَحاكَ، فإِن العوام يستعملون أَحاكَ في موضع حَكَّ فيقولون: ما أَحاكَ ذلك في صدري وما حَكَّ في صدري منه شيء أَي ما تَخالَجَ. ويقال: حَكَّ في صدري واحْتَكّ، وهو ما يقع في خَلَدِك من وساوس الشيطان.والحَكَّاكاتُ: ما يقع في قلبك من وساوس الشيطان. وفي الحديث: إِياكم والحَكَّاكات فإِنها المآثم وهي التي تَحُكّ في القلب فتشتبه على الإِنسان؛ قال ابن الأَثير: هو جمع حَكَّاكَةٍ وهي المؤثّرة في القلب. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن النواس بن سمعان سأَله عن البِرِّ والإِثم فقال: البِرُّ حُسْن الخلق والإِثم ما حَكَّ في نفسكَ وكرهت أَن يطلع الناس عليه؛ قوله ما حَكّ في نفسك إذا لم تكن منشرح الصدر به وكان في قلبك منه شيء من الشك والريب وأَوهمك أَنه ذنب وخطيئة؛ ومنه الحديث الآخر: ما حَكَّ في صدرك وإِن أَفتاك المُفْتُون؛ قال الأَزهري: ومنه حديث عبد الله بن مسعود: الإثم حَوازُّ القلوب، يعني ما حزَّ في نفسك وحَكَّ فاجتنبه فإِنه الإِثم وإِن أَفتاك فيه الناس بغيره. قال الأَزهري: وهذا أعصح مما قيل في الحَكَّاكات إِنها الوساوس. وروى الأَزهري بسنده قال: سأَل رجل النبي، صلى الله عليه وسلم: ما الإِثْمُ؟ فقال: ما حَكَّ في صدرك فدَعْه، قال: ما الإِيمان؟ قال: إذا ساءتْك سيئتُك وسرتْك حَسنتك فأَنت مؤمن؛ قال الأَزهري: قوله، صلى الله عليه وسلم: ما حَكَّ في صدرك أَي شككت فيه أَنه حلال أَو حرام فالاحتياط أَن تتركه. أَبو عمرو: الحِكّة الشك في الدين وغيره.
والحَكَكُ: مشية فيها تَحَرُّك شبيه بمشية المرأَة القصيرة إذا تَحَرَّكت وهزت مَنْكِبيها.
والحَكَكُ: حجر رخْو أَبيض أَرخى من الرُّخام وأَصلب من الجصّ، واحدته حَكَكَةٌ؛ قال الجوهري: إِنما ظهر فيه التضعيف للفرق بين فَعْل وفَعَل.
وقال ابن شميل: الحَكَكَةُ أَرض ذات حجارة مثل الرخام رِخْوةٍ. وقال أَبو الدقيش: الحَكَكات هي أَرض ذات حجارة بيض كأَنها الأَقِطُ تتكسر تكسراً، وإِنما تكون في بطن الأَرض. ويقال: جاء فلان بالحُكَيْكاتِ وبالأَحاجِي وبالأَلغاز بمعنى واحد، واحدتها حُكَيْكةٌ. ابن الأَعرابي: الحُكُكُ الملِحُّون في طلب الحوائج.والحُكُك: أَصحاب الشر. والحُكاكُ: البورَقُ.
وفي حديث ابن عمر: أَنه مر بغلمان يلعبون بالحِكَّة فأَمر بها فدُفنت؛ هي لعبة لهم يأْخذون عظماً فيَحُكُّونه حتى يَبْيَضّ ثم يرمونه بعيداً فمن أَخذه فهو الغالب.
والحُكَكاتُ: موضع معروف بالبادية؛ قال أَبو النجم:

عَرَفْتُ رَسْماً لسُعاد مـائِلا،

 

بحيث نامِي الحُكَكاتِ عاقلا

حكل

الحُكْلة كالعُجْمة لا يُبين صاحبُها الكلام. والحُكْلة والحَكِيلة: اللُّثْغة. ابن الأَعرابي: في لسانه حُكْلة أَي عُجْمة لا يُبين الكلام. والحُكْلُ العُجْم من الطيور والبهائم؛ قال رؤبة:

لو أَنَّني أُعْطِيتُ عِلْم الحُكْل

 

عِلْمَ سليمان كلامَ النَّمْـل

هكذا أَورده الجوهري والأَزهري، ونسبه الأَزهري لرؤبة؛ قال ابن بري: الرجز للعجاج، وصوابه: أَو كنت، وقبله:

فقُلْتُ: لو عُمِّرْتُ عُمْرَ الحِسْل،

وقد أَتاه زَمَنُ الفِطَحْل،

والصَّخْرُ مُبْتَلٌّ كطِين الوَحْل،

أَو كنت قد أُوتِيتُ علْمَ الحُكْل،

كنتُ رَهِينَ هَرَمٍ أَو قَتْل

قال ابن سيده: والحُكْل من الحيوان ما لا يُسْمع له صوت كالذَّرّ والنَّمْل؛ قال:

ويَفْهَم قول الحُكْل، لو أَنَّ ذَرَّةً

 

تُساوِدُ أُخْرَى، لم يَفُتْه سِوادُها

وكلامُ الحُكْل: كلامٌ لا يُفْهَم؛ حكاه ثعلب.
وحَكَل عليه الأَمرُ وأَحْكَل واحْتَكَل: التَبَس واشتبه كعَكَل.
وأَحْكَل على القوم إذا أَبَرَّ عليهم شرّاً؛ وأَنشد:

أَبَوْا على الناس أَبَوْا فأَحكلوا،

تأْبى لهم أُرُومة وأَوَّلُ،

يَبْلى الحَدِيدُ قبلها والجَنْدَل

الفراء: أَشْكَلَتْ عليّ الأَخبار وأَحْكَلَت وأَعلكت واحْتَكَلت أَي أَشكلت. وقال ابن الأَعرابي: حَكَل وأَحْكَل وأَعْكَل واعْتَكَل بمعنى واحد. والحَكَل في الفرس: امِّساحُ نَساه ورَخاوة كعبه. والحَوْكل: القَصير، وقيل البخيل؛ قال ابن دريد: ولا أُحِقُّه. والحاكِل: المُخَمِّن.

حكم

الله سبحانه وتعالى أَحْكَمُ الحاكمِينَ، وهو الحَكِيمُ له الحُكْمُ، سبحانه وتعالى. قال الليث: الحَكَمُ الله تعالى. الأَزهري: من صفات الله الحَكَمُ والحَكِيمُ والحاكِمُ، ومعاني هذه الأَسماء متقارِبة، والله أعلم بما أَراد بها، وعلينا الإيمانُ بأَنها من أَسمائه. ابن الأَثير: في أَسماء الله تعالى الحَكَمُ والحَكِيمُ وهما بمعنى الحاكِم، وهو القاضي، فَهو فعِيلٌ بمعنى فاعَلٍ، أو هو الذي يُحْكِمُ الأَشياءَ ويتقنها، فهو فَعِيلٌ بمعنى مُفْعِلٍ، وقيل: الحَكِيمُ ذو الحِكمة، والحَكْمَةُ عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم. ويقال لمَنْ يُحْسِنُ دقائق الصِّناعات ويُتقنها: حَكِيمٌ، والحَكِيمُ يجوز أن يكون بمعنى الحاكِمِ مثل قَدِير بمعنى قادر وعَلِيمٍ بمعنى عالِمٍ. الجوهري: الحُكْم الحِكْمَةُ من العلم، والحَكِيمُ العالِم وصاحب الحِكْمَة. وقد حَكُمَ أي صار حَكِيماً؛ قال النَّمِرُ بن تَوْلَب:

وأَبْغِض بَغِيضَكَ بُغْضاً رُوَيْداً،

 

إذا أنتَ حاوَلْتَ أن تَحْكُـمـا

أي إذا حاوَلتَ أن تكون حَكيِماً. والحُكْمُ: العِلْمُ والفقه؛ قال الله تعالى: وآتيناه الحُكْمَ صَبِيّاً، أي علماف وفقهاً، هذا لِيَحْيَى بن زَكَرِيَّا؛ وكذلك قوله:

الصَّمْتُ حُكْمٌ وقليلٌ فاعِلُهْ

وفي الحديث: إنَّ من الشعر لحُكْماً أي إِن في الشعر كلاماً نافعاً يمنع من الجهل والسَّفَهِ ويَنهى عنهما، قيل: أراد بها المواعظ والأمثال التي ينتفع الناس بها. والحُكْمُ: العِلْمُ والفقه والقضاء بالعدل، وهو مصدر حَكَمَ يَحْكُمُ، ويروى: إن من الشعر لحِكْمَةً، وهو بمعنى الحُكم؛ ومنه الحديث: الخِلافةُ في قُرَيش والحُكْمُ في الأنصار؛ خَصَّهُم بالحُكْمِ لأن أكثر فقهاء الصحابة فيهم، منهم مُعاذُ ابن جَبَلٍ وأُبَيّ بن كَعْبٍ وزيد بن ثابت وغيرهم. قال الليث: بلغني أنه نهى أن يُسَمَّى الرجلُ حكِيماً قال الأزهري: وقد سَمَّى الناسُ حَكيماً وحَكَماً، قال: وما علمتُ النَّهي عن التسمية بهما صَحيحاً. ابن الأثير: وفي حديث أبي شُرَيْحٍ أنه كان يكنى أبا الحَكَمِ فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم: إن الله هو الحَكَمُ، وكناه بأَبي شُرَيْحٍ، وإنما كَرِه له ذلك لئلا يُشارِكَ الله في صفته؛ وقد سَمّى الأَعشى القصيدة المُحْكمَةَ حَكِيمَةً فقال:

وغَريبَةٍ، تأْتي المُلوكَ، حَكِيمَةٍ،

 

قد قُلْتُها ليُقالَ: من ذا قالَهـا؟

وفي الحديث في صفة القرآن: وهو الذِّكْرُ الحَكِيمُ أي الحاكِمُ لكم وعليكم، أو هو المُحْكَمُ الذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب، فَعِيلٌ بمعنى مُفْعَلٍ، أُحْكِمَ فهو مُحْكَمٌ. وفي حديث ابن عباس: قرأْت المُحْكَمَ على عَهْدِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ يريد المُفَصَّلَ من القرآن لأنه لم يُنْسَخْ منه شيء، وقيل: هو ما لم يكن متشابهاً لأنه أُحْكِمَ بيانُه بنفسه ولم يفتقر إلى غيره، والعرب تقول: حَكَمْتُ وأَحْكَمْتُ وحَكَّمْتُ بمعنى مَنَعْتُ ورددت، ومن هذا قيل للحاكم بين الناس حاكِمٌ، لأنه يَمْنَعُ الظالم من الظلم. وروى المنذري عن أَبي طالب أنه قال في قولهم: حَكَمَ الله بيننا؛ قال الأصمعي: أصل الحكومة رد الرجل عن الظلم، قال: ومنه سميت حَكَمَةُ اللجام لأَنها تَرُدُّ الدابة؟ ومنه قول لبيد:

أَحْكَمَ الجِنْثِيُّ من عَوْراتِها

 

كلَّ حِرْباءٍ، إذا أُكْرِهَ صَلّ

والجِنْثِيُّ: السيف؛ المعنى: رَدَّ السيفُ عن عَوْراتِ الدِّرْعِ وهي فُرَجُها كلَّ حِرْباءٍ، وقيل: المعنى أَحْرَزَ الجِنثيُّ وهو الزَّرَّادُ مساميرها، ومعنى الإحْكامِ حينئذ الإحْرازُ. قال ابن سيده: الحُكْمُ القَضاء، وجمعه أَحْكامٌ، لا يكَسَّر على غير ذلك، وقد حَكَمَ عليه بالأمر يَحْكُمُ حُكْماً وحُكومةً وحكم بينهم كذلك. والحُكْمُ: مصدر قولك حَكَمَ بينهم يَحْكُمُ أي قضى، وحَكَمَ له وحكم عليه. الأزهري: الحُكْمُ القضاء بالعدل؛ قال النابغة:

واحْكمْ كحكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ، إذ نَظَرَتْ

 

إلى حَمامٍ سِراعٍ وارد الـثَّـمَـدِ

وحكى يعقوب عن الرُّواةِ أن معنى هذا البيت: كُنْ حَكِيماً كفتاة الحي أي إذا قلت فأَصِبْ كما أصابت هذه المرأَة، إذ نظَرَتْ إلى الحمامِ فأَحْصَتْها ولم تُخْطِئ عددها؛ قال: ويَدُلُّكَ على أن معنى احْكُمْ كُنْ حَكِيماً قولُ النَّمر بن تَوْلَب:

إذا أنتَ حاوَلْتَ أن تَحْكُما

يريد إذا أَردت أن تكون حَكِيماً فكن كذا، وليس من الحُكْمِ في القضاء في شيء. والحاكِم: مُنَفّذُ الحُكْمِ، والجمع حُكّامٌ، وهو الحَكَمُ.
وحاكَمَهُ إلى الحَكَمِ: دعاه. وفي الحديث: وبكَ حاكَمْتُ أي رَفَعْتُ الحُكمَ إليك ولا حُكْمَ إلا لك، وقيل: بكَ خاصمْتُ في طلب الحُكْمِ وإبطالِ من نازَعَني في الدِّين، وهي مفاعلة من الحُكْمِ.
وحَكَّمُوهُ بينهم: أمروه أن يَحكمَ. ويقال: حَكَّمْنا فلاناً فيما بيننا أي أَجَزْنا حُكْمَهُ بيننا. وحَكَّمَهُ في الأمر فاحْتَكَمَ: جاز فيه حُكْمُه، جاء فيه المطاوع على غير بابه والقياس فَتَحَكَّمَ، والاسم الأُحْكُومَةُ والحُكُومَةُ؛ قال:

ولَمِثْلُ الذي جَمَعْتَ لرَيْبِ ال

 

دَّهْرِ يَأْبى حُكومةَ المُقْتـالِ

يعني لا يَنْفُذُ حُكومةُ من يَحْتَكِمُ عليك من الأَعداء، ومعناه يأْبى حُكومةَ المُحْتَكِم عليك، وهو المُقْتال، فجعل المُحْتَكِمَ المُقْتالَ، وهو المُفْتَعِلُ من القول حاجة منه إلى القافية، ويقال: هو كلام مستعمَلٌ، يقال: اقْتَلْ عليَّ أي احْتَكِمْ، ويقال: حَكَّمْتُه في مالي إذا جعلتَ إليه الحُكْمَ فيه فاحْتَكَمَ عليّ في ذلك. واحْتَكَمَ فلانٌ في مال فلان إذا جاز فيه حُكْمُهُ. والمُحاكَمَةُ: المخاصمة إلى الحاكِمِ.
واحْتَكَمُوا إلى الحاكِمِ وتَحاكَمُوا بمعنى. وقولهم في المثل: في بيته يُؤْتَى الحَكَمُ؛ الحَكَمُ، بالتحريك: الحاكم؛ وأَنشد ابن بري:

أَقادَتْ بَنُو مَرْوانَ قَيْساً دِمـاءَنـا،

 

وفي الله، إن لم يَحْكُمُوا، حَكَمٌ عَدْلُ

والحَكَمَةُ: القضاة. والحَكَمَةُ: المستهزئون. ويقال: حَكَّمْتُ فلاناً أي أطلقت يده فيما شاء. وحاكَمْنا فلاناً إلى الله أي دعوناه إلى حُكْمِ الله. والمُحَكَّمُ: الشاري. والمُحَكَّمُ: الذي يُحَكَّمُ في نفسه. قال الجوهري: والخَوارِج يُسَمَّوْنَ المُحَكِّمَةَ لإنكارهم أمر الحَكَمَيْن وقولِهِمْ: لا حُكْم إلا لله. قال ابن سيده: وتحْكِيمُ الحَرُوريَّةِ قولهم لا حُكْمَ إلا الله ولا حَكَمَ إلا اللهُ، وكأَن هذا على السَّلْبِ لأَنهم ينفون الحُكْمَ؛ قال:

فكأَني، وما أُزَيِّنُ منها،

 

قَعَدِيٌّ يُزَيِّنُ التَّحْكيمـا

وقيل: إنما بدءُ ذلك في أمر عليّ، عليه السلام، ومعاوِيةَ. والحَكَمان: أَبو موسى الأَشعريُّ وعمرو ابن العاص. وفي الحديث: إن الجنة للمُحَكّمين، ويروى بفتح الكاف وكسرها، فالفتح هم الذين يَقَعُون في يد العدو فيُنَحيَّرُونَ بين الشِّرْك والقتل فيختارون القتل؛ قال الجوهري: هم قوم من أَصحاب الأُخْدودِ فُعِل بهم ذلك، حُكِّمُوا وخُيِّروا بين القتل والكفر، فاختاروا الثَّبات على الإسلام مع القتل، قال: وأما الكسر فهو المُنْصِفُ من نفسه؛ قال ابن الأَثير: والأَول الوجه؛ ومنه حديث كعب: إن في الجنة داراً، ووصفها ثم قال: لا يَنْزِلُها إلا نبي أو صِدِّيق أو شَهيد أو مُحَكَّمٌّ في نفسه. ومُحَكَّم اليَمامَةِ رجل قتله خالد بن الوليد يوم مُسَيْلِمَةَ. والمْحَكَّمُ، بفتح الكاف الذي في شعر طَرَفَةَ إذ يقول:

ليت المُحَكَّمَ والمَوْعُوظَ صوتَكُمـا

 

تحتَ التُّرابِ، إذا ما الباطِلُ انْكشفا

هو الشيخ المُجَرّبُ المنسوب إلى الحِكْمة. والحِكْمَةُ: العدل. ورجل حَكِيمٌ: عدل حكيم. وأَحْكَمَ الأَمر: أتقنه، وأَحْكَمَتْه التجاربُ على المَثَل، وهو من ذلك. ويقال للرجل إذا كان حكيماً: قد أَحْكَمَتْه التجارِبُ. والحكيم: المتقن للأُمور، واستعمل ثعلب هذا في فرج المرأَة فقال: المكَثَّفَة من النساء المحكمة الفرج، وهذا طريف جدّاً.
الأزهري: وحَكَمَ الرجلُ يَحْكُمُ حُكْماً إذا بلغ النهاية في معناه مدحاً لازماً؛ وقال مرقش:

يأْتي الشَّبابُ الأَقْوَرينَ، ولا

 

تَغْبِطْ أَخاك أن يُقالَ حَكَمْ

أي بلغ النهاية في معناه.
أبو عدنان: اسْتَحْكَمَ الرجلُ إذا تناهى عما يضره في دِينه أو دُنْياه؛ قال ذو الرمة:

لمُسْتَحْكِمٌ جَزْل المُرُوءَةِ مـؤمِـنٌ

 

من القوم، لا يَهْوى الكلام اللَّواغِيا

وأَحْكَمْتُ الشيء فاسْتَحْكَمَ: صار مُحْكَماً. واحْتَكَمَ الأمرُ واسْتَحْكَمَ: وثُقَ. الأَزهري: وقوله تعالى: كتاب أُحْكِمَتْ آياته فُصِّلَتْ من لَدُنْ حَكيم خبير؛ فإن التفسير جاء: أُحْكِمَتْ آياته بالأمر والنهي والحلالِ والحرامِ ثم فُصِّلَتْ بالوعد والوعيد، قال: والمعنى، والله أعلم، أن آياته أُحْكِمَتْ وفُصِّلَتْ بجميع ما يحتاج إليه من الدلالة على توحيد الله وتثبيت نبوة الأنبياء وشرائع الإسلام، والدليل على ذلك قول الله عز وجل: ما فرَّطنا في الكتاب من شيء؛ وقال بعضهم في قول الله تعالى: الر تلك آيات الكتاب الحَكِيم؛ إنه فَعِيل بمعنى مُفْعَلٍ، واستدل بقوله عز وجل: الر كتاب أُحْكِمَتْ آياته؛ قال الأزهري: وهذا إن شاء الله كما قِيل، والقرآنُ يوضح بعضُه بعضاً، قال: وإنما جوزنا ذلك وصوبناه لأَن حَكَمْت يكون بمعنى أَحْكَمْتُ فَرُدَّ إلى الأصل، والله أعلم. وحَكَمَ الشيء وأَحْكَمَهُ، كلاهما: منعه من الفساد. قال الأزهري: وروينا عن إبراهيم النخعي أنه قال: حَكِّم اليَتيم كما تُحكِّمُ ولدك أي امنعه من الفساد وأصلحه كما تصلح ولدك وكما تمنعه من الفساد، قال: وكل من منعته من شيء فقد حَكَّمْتَه وأحْكَمْتَهُ، قال: ونرى أن حَكَمَة الدابة سميت بهذا المعنى لأنها تمنع الدابة من كثير من الجَهْل. وروى شمرٌ عن أبي سعيد الضّرير أنه قال في قول النخعي: حَكِّمِ اليَتيم كما تُحكِّمُ ولدك؛ معناه حَكِّمْهُ في ماله ومِلْكِه إذا صلح كما تُحكِّمُ ولدك في مِلْكِه، ولا يكون حَكَّمَ بمعنى أَحْكَمَ لأنهما ضدان؛ قال الأَزهري: وقول أبي سعيد الضرير ليس بالمرضي. ابن الأَعرابي: حَكَمَ فلانٌ عن الأمر والشيء أي رجع، وأَحْكَمْتُه أنا أي رَجَعْتُه، وأَحْكَمه هو عنه رَجَعَهُ؛ قال جرير:

أَبَني حنيفةَ، أَحْكِمُوا سُفَهاءَكم،

 

إني أَخافُ عليكمُ أَن أَغْضَبا،

أي رُدُّوهم وكُفُّوهُمْ وامنعوهم من التعرّض لي. قال الأَزهري: جعل ابن الأعرابي حَكَمَ لازماً كما ترى، كما يقال رَجَعْتُه فرَجَع ونَقَصْتُه فنَقَص، قال: وما سمعت حَكَمَ بمعنى رَجَعَ لغير ابن الأَعرابي، قال: وهو الثقة المأْمون. وحَكَمَ الرجلَ وحَكَّمَه وأَحْكَمَهُ: منعه مما يريد.
وفي حديث ابن عباس: كان الرجل يَرِثُ امرأَةً ذاتَ قاربة فيَعْضُلُها حتى تموتَ أو تَرُدَّ إليه صداقها، فأَحْكَمَ الله عن ذلك ونهى عنه أي مَنَعَ منه. يقال: أَحْكَمْتُ فلاناً أي منعته، وبه سُمِّيَ الحاكمُ لأنه يمنع الظالم، وقيل: هو من حَكَمْتُ الفَرسَ وأَحْكَمْتُه وحَكَّمْتُه إذا قَدَعْتَهُ وكَفَفْتَه. وحَكَمْتُ السَّفِيه وأَحْكَمْتُه إذا أَخذت على يده؛ ومنه قول جرير:

أَبَني حنيفة، أحْكِمُوا سُفهاءكم

وحَكَمَةُ اللجام: ما أَحاط بحَنَكَي الدابة، وفي الصحاح: بالحَنَك، وفيها العِذاران، سميت بذلك لأنها تمنعه من الجري الشديد، مشتق من ذلك، وجمعه حَكَمٌ. وفي الحديث: وأَنا آخذ بحَكَمَة فرسه أي بلجامه. وفي الحديث: ما من آدميّ إلا وفي رأْسه حَكَمَةٌ، وفي رواية: في رأْس كل عبد حَكَمَةٌ إذا هَمَّ بسيئةٍ، فإن شاء الله تعالى أن يَقْدَعَه بها قَدَعَه؛ والحَكَمَةُ: حديدة في اللجام تكون على أنف الفرس وحَنَكِهِ تمنعه عن مخالفة راكبه، ولما كانت الحَكَمَة تأْخذ بفم الدابة وكان الحَنَكُ متَّصلاً بارأْس جعلها تمنع من هي في رأْسه كما تمنع الحَكَمَةُ الدابة. وحَكَمَ الفرسَ حَكْماً وأَحْكَمَهُ بالحَكَمَةِ: جعل للجامه حَكَمَةً، وكانت العرب تتخذها من القِدِّ والأَبَقِ لأن قصدهم الشجاعةُ لا الزينة؛ قال زهير:

القائد الخَيْلَ مَنْكوباً دوائرُهـا،

 

قد أُحْكِمَتْ حَكَمات القِدِّ والأَبَقا

يريد: قد أُحْكِمَتْ بحَكَماتِ القِدِّ وبحَكَماتِ الأَبَقِ، فحذف الحَكَمات وأَقامَ الأَبَقَ مكانها؛ ويروى:

مَحْكومَةً حَكَماتِ القِدِّ والأبَقا

على اللغتين جميعاً؛ قال أبو الحسن: عَدَّى قد أُحْكِمَتْ لأن فيه معنى قُلِّدَتْ وقُلِّدَتْ متعدّية إلى مفعولين. الأزهري: وفرس مَحْكومةٌ في رأْسها حَكَمَةٌ؛ وأنشد:

مَحْكومة حَكَمات القِدِّ والأبقا

وقد رواه غيره: قد أُحْكِمَتْ، قال: وهذا يدل على جواز حَكَمْتُ الفرس وأَحْكَمْتُه بمعنى واحد. ابن شميل: الحَكَمَةُ حَلْقَةٌ تكون في فم الفرس. وحَكَمَةُ الإنسان: مقدم وجهه. ورفع الله حَكَمَتَةُ أي رأْسه وشأْنه.
وفي حديث عمر: إن العبد إذا تواضع رفع اللهُ حَكَمَتَهُ أي قدره ومنزلته. يقال: له عندنا حَكَمَةٌ أي قدر، وفلان عالي الحَكَمَةِ، وقيل: الحَكَمَةُ من الإنسان أسفل وجهه، مستعار من موضع حَكَمَةِ اللجام، ورَفْعُها كناية عن الإعزاز لأَن من صفة الذَّليل تنكيسَ رأْسه. وحَكَمة الضائنة: ذَقَنُها.
الأزهري: وفي الحديث: في أَرْش الجِراحات الحُكومَةُ؛ ومعنى الحُكومة في أَرش الجراحات التي ليس فيها دِيَةٌ معلومة: أن يُجْرَحَ الإنسانُ في موضع في بَدَنه يُبْقِي شَيْنَهُ ولا يُبْطِلُ العُضْوَ، فيَقْتاس الحاكم أَرْشَهُ بأن يقول: هذا المَجْروح لو كان عبداً غير مَشينٍ هذا الشَّيْنَ بهذه الجِراحة كانت قيمتُه ألفَ دِرْهمٍ، وهو مع هذا الشين قيمتُه تِسْعُمائة درهم فقد نقصه الشَّيْنُ عُشْرَ قيمته، فيجب على الجارح عُشْرُ دِيَتِه في الحُرِّ لأن المجروح حُرٌّ، وهذا وما أَشبهه بمعنى الحكومة التي يستعملها الفقهاء في أَرش الجراحات، فاعْلَمْه.
وقد سَمَّوْا حَكَماً وحُكَيْماً وحَكِيماً وحَكّاماً وحُكْمان.
وحَكَمٌ: أبو حَيٍّ من اليمن. وفي الحديث: شَفاعَتي لأهل الكبائر من أُمتي حتى حَكَم وحاءَ؛ وهما قبيلتان جافِيتان من وراء رمل يَبرين.

حكنش

حَكْنَش: اسم.

حكي

الحِكايةُ: كقولك حكَيْت فلاناً وحاكَيْتُه فَعلْتُ مثل فِعْله أَو قُلْتُ مثل قَوْله سواءً لم أُجاوزه، وحكيت عنه الحديث حكاية. ابن سيده:وحَكَوْت عنه حديثاً في معنى حَكَيته. وفي الحديث: ما سَرَّني أَنِّي حَكَيْت إنساناً وأَنَّ لي كذا وكذا أَي فعلت مثل فعله. يقال: حَكَاه وحاكَاه، وأَكثر ما يستعمل في القبيح المُحاكاةُ، والمحاكاة المشابهة، تقول: فلان يَحْكي الشمسَ حُسناً ويُحاكِيها بمعنىً. وحَكَيْت عنه الكلام حِكاية وحَكَوت لغة؛ حكاها أَبو عبيدة. وأَحْكَيْت العُقْدة أَي شدَدتها كأَحْكَأْتُها؛ وروى ثعلب بيت عديّ:

أَجْلِ أَنَّ اللهَ قد فَـضَّـلَـكـمْ

 

فوقَ مَن أَحْكَى بِصُلْبٍ وإزارْ

أَي فوق من شدَّ إزاره عليه؛ قال ويروى:

فوق ما أَحكي بصلب وإزار

 أَي فوق ما أَقول من الحكاية. ابن القطاع: أَحْكَيْتُها وحَكَيْتُها لغة في أَحْكَأْتُها وحَكَأْتُها. وما احْتَكى ذلك في صَدْري أَي ما وقع فيه.والحُكاةُ، مقصور: العَظاية الضخمة، وقيل: هي دابة تشبه العَظاية وليست بها، روى ذلك ثعلب، والجمع حُكىً من باب طَلْحَةٍ وطَلْحٍ. وفي حديث عطاء: أَنه سئل عن الحُكَأَةِ فقال ما أُحِبُّ قَتْلَها؛ الحُكَأَةُ:العَظَاةُ بلغة أَهل مكة، وجمعها حُكىً، قال: وقد يقال بغير همز ويجمع على حُكىً، مقصور. والحُكاءُ، ممدود: ذَكَر الخَنافِس، وإنما لم يُحِبَّ قَتْلَها لأَنها لا تؤذي. وقالت أُم الهيثم: الحُكاءَةُ ممدودة مهموزةٌ، وهو كما قالت.
الفراء: الحاكِيَة الشَّادَّة، يقال: حَكَتْ أَي شَدَّت، قال:والحايِكَةُ المُتَبَخْتِرة.