ذكر القاضي محمد بن حسن بن صاحب الصلاة

ومن القضاة في المائة السابعة، محمد بن حسن بن محمد بن صاحب الصلاة الأنصاري المالقي، من أهل العلم، والعدل، والدين، والفضل؛ له رحلة إلى المشرق، روى فيها عن أعلام أهل العلم؛ ثم عاد إلى الأندلس، فاستقضى بالحصون الغربية من بلده؛ فحمدت سيرته، وشكرت طريقته. ثم ولي الصلاة والخطبة بالمسجد الجامع داخل مالقة، عن رغبة فيه، واجتماع عليه. وكان رجلاً صالحاً، مزهداً، كثير الحياء؛ فاتفق له، في أول عيد خطب فيه، أن افتتح التحميد؛ فلما رمق الناس ببصره، غلب عليه الخجل، وضعفت قواه، وخانته رجلاه، فقعد؛ وأقيم غيره. وكان فقيهاً حافظاً، مقرئاً، متفنناً. واستشهد في وقعة العقاب، الكائنة على المسلمين في أيام محمد بن يعقوب من الموحدين؛ وذلك يوم الاثنين الخامس عشر من شهر صفر سنة 609. وذكر عنه من الثبات، والحضّ على حصول الشهادة، والرغبة في المجاهدة، ما دل على حسن نيته، وصدق بغيته. وفي تلك الكائنة، التي أفضت إلى خراب الأندلس، واستيلاء الروم على كثير من بلادها، فقد الزاهد أبو عمر بن هارون بن أحمد الشاطبى ابن عات، صاحب كتاب الطرر على الوثائق المجموعة، مع طائفة كثيرة، يطول تعدادهم، من العلماء الفضلاء تغمدنا الله وإياهم برحمته!